المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرسالة التاسعة والستون: [ما يجب الإيمان به من صفات الله] - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (الجزء الثالث)

[عبد اللطيف آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌الرسالة الأولى [الإنكار على من كفر المسلمين بغير ما أجمع عليه الفقهاء]

- ‌الرسالة الثانية: [التحرج عن رمي من ظاهره الإسلام بالكفر]

- ‌الرسالة الثالثة: [السفر إلى بلاد الأعداء من المشركين والكفار]

- ‌الرسالة الرابعة [حكم من يسافر إلى بلاد المشركين]

- ‌الرسالة الخامسة: [الهجرة والإقامة بين أظهر المشركين]

- ‌الرسالة السادسة: [شدة ظهور غربة الإسلام وأهله]

- ‌الرسالة السابعة: [خطر الفتنة ومضارها والسبيل لنجاة المسلم منها]

- ‌الرسالة الثامنة: [التذكير بآيات الله والحث على لزوم الجماعة]

- ‌الرسالة التاسعة: [تفنيد رسالة ابن عجلان وما فيها من المفاسد]

- ‌الرسالة العاشرة: [حكم الاستنصار بالكفار على البغاة من أهل الإسلام]

- ‌الرسالة الحادية عشرة: [الفتنة والشقاق بين آل سعود]

- ‌الرسالة الثانية عشرة: [الوصية بلزوم الكتاب والسنة والعمل بما فيهما]

- ‌الرسالة الثالثة عشرة: [دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب هي دعوة إلى التوحيد الخالص]

- ‌الرسالة الرابعة عشرة: [الهجرة من أركان الدين]

- ‌الرسالة الخامسة عشرة: [تفسير قوله تعالى ويعبدون من دون الله ما لايضرهم ولا ينفعهم]

- ‌الرسالة السادسة عشرة: [رؤية الله سبحانه وتعالى في الجنة]

- ‌الرسالة السابعة عشرة: [تفسير السبحات بالنور]

- ‌الرسالة الثامنة عشرة: [الإيمان بالاستواء وتأويله]

- ‌الرسالة التاسعة عشرة: [الطعن في كتاب الإحياء]

- ‌الرسالة العشرون: [السمت والتؤدة والاقتصاد في الأمور]

- ‌الرسالة الحادية والعشرون: [مؤاخذة أنصار الجاني وأقاربه بجريرة فعله]

- ‌الرسالة الثانية والعشرون: [إسكان النبي عليه السلام المهاجرات دور أزواجهن ميراثا]

- ‌الرسالة الثالثة والعشرون: [نصيحة الشيخ للأمير فيصل]

- ‌الرسالة الرابعة والعشرون: [رسالة الشيخ محمد بن عجلان ورد الشيخ حمد عليها]

- ‌الرسالة الخامسة والعشرون: [حال فتنة الأمراء بنجد وأحوالها ومآلها]

- ‌الرسالة السادسة والعشرون: [الفتن الحاصلة بسبب الإمارة]

- ‌الرسالة السابعة والعشرون: [مداهنة المشركين والسفر إلى بلادهم وعقاب فاعله]

- ‌الرسالة الثامنة والعشرون: [تكفير الترك للنجديين والتقاتل بينهم]

- ‌الرسالة التاسعة والعشرون: [شروط السفر إلى بلد الشرك وحكم الهجرة]

- ‌الرسالة الثلاثون: [الحاجة إلى العلم في حال الفتن]

- ‌الرسالة الحادية والثلاثون: [التمسك بالميراث النبوي والحث على مذاكرة العلم]

- ‌الرسالة الثانية والثلاثون: [الغلظة على الكفار ومتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها]

- ‌الرسالة الثالثة والثلاثون: [مشروعية بر الكافر غير المحارب والقسط إليه]

- ‌الرسالة الرابعة والثلاثون: [الأمر بالاعتصام والنهي عن التفرق والاختلاف]

- ‌الرسالة الخامسة والثلاثون: [تفسير قوله عزوجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} ]

- ‌الرسالة السادسة والثلاثون: [بيع دَيْن السَّلَم قبل قبضه]

- ‌الرسالة السابعة والثلاثون: [الرهن وشروطه]

- ‌الرسالة الثامنة والثلاثون: [رفع اليدين إذا قام من التشهد الأول]

- ‌الرسالة التاسعة والثلاثون: [تكفير من أنكر الاستواء على العرش]

- ‌الرسالة الأربعون: [شبهات الجهمية ونفاة الصفات]

- ‌الرسالة الحادية والأربعون: [ما جرى من مفاسد العساكر التركية]

- ‌الرسالة الثانية والأربعون: [حكم نهب الأعراب]

- ‌الرسالة الثالثة والأربعون: [بيان مضار الفتنة ومفاسد العسكر]

- ‌الرسالة الرابعة والأربعون: [الظهار وتعليقه بالمشيئة]

- ‌الرسالة الخامسة والأربعون: [التحريض على لزوم الجماعة]

- ‌الرسالة السادسة والأربعون: [بيان خطبة الشيخ عبد اللطيف في الفتنة بين سعود وأخيه]

- ‌الرسالة السابعة والأربعون: [الحث على الجهاد]

- ‌الرسالة الثامنة والأربعون: [الحث على الدعوة إلى الله ونشر العلم بين الناس]

- ‌الرسالة التاسعة والأربعون: [غربة الدين وقلة الأنصار]

- ‌الرسالة الخمسون: [جواب عن سؤال في حديث جابر بن عبد الله والدين الذي كان عليه لليهودي]

- ‌الرسالة الحادية والخمسون: [استعمال الماضي موضع المضارع]

- ‌الرسالة الثانية والخمسون: إخلاص العبادة لله

- ‌الرسالة الثالثة والخمسون: [إلى علماء الحرمين الشريفين]

- ‌الرسالة الرابعة والخمسون: [نصر مذهب السلف على علم الكلام]

- ‌الرسالة الخامسة والخمسون: [نصر الدين والسنة من أفضل شعب الإيمان]

- ‌الرسالة السادسة والخمسون: [الحث على التقوى]

- ‌الرسالة السابعة والخمسون: تحريم تعدد الجمعة في القرية الواحدة

- ‌الرسالة الثامنة والخمسون: [حكم الجهمية والصلاة خلفهم]

- ‌الرسالة التاسعة والخمسون: [فشو الشرك والتعطيل]

- ‌الرسالة الستون: [ذبائح المشركين وطعامهم]

- ‌الرسالة الحادية والستون: [الفتن والامتحانات التي وقعت بين آل سعود وحكمة الله فيها]

- ‌الرسالة الثانية والستون: [الإيمان بالأسماء الحسنى بلا تكييف ولا تعطيل]

- ‌الرسالة الثالثة والستون: [دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى تجديد الدين]

- ‌الرسالة الرابعة والستون: [تفسير قوله تعالى: {ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع} ]

- ‌الرسالة الخامسة والستون: [رد مطاعن على الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌الرسالة السادسة والستون: [رد على الشيخ عثمان بن منصور]

- ‌الرسالة السابعة والستون: [رسالة إلى أهل الحوطة بالاعتصام بالتوحيد الخالص]

- ‌الرسالة الثامنة والستون: [النصيحة إلى كافة المسلمين]

- ‌الرسالة التاسعة والستون: [ما يجب الإيمان به من صفات الله]

- ‌الرسالة السبعون: [فضل الدعوة إلى الله]

- ‌الرسالة الحادية والسبعون: [حال الأمة الإسلامية قبل ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌الرسالة الثانية والسبعون: [وصف رسالة من رسائل الشيخ ومدحه هو وآله]

- ‌الرسالة الثالثة والسبعون: [شبهات في تحريم القهوة]

- ‌الرسالة الرابعة والسبعون: [نفي كون ما جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب مذهبا خامس] ا

- ‌الرسالة الخامسة والسبعون: [تقديم لترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌الرسالة السادسة والسبعون: [الرد على عبد اللطيف الصحاف1]

الفصل: ‌الرسالة التاسعة والستون: [ما يجب الإيمان به من صفات الله]

‌الرسالة التاسعة والستون: [ما يجب الإيمان به من صفات الله]

وله أيضا -قدس الله روحه، ونور ضريحه- رسالة إلى عبد الرحمن بن محمد بن مانع، وقد سأله عبد الرحمن بن مانع عمن يرى أن أحاديث الصفات تجري على ظاهرها من غير اعتقاد حقائقها ويتستر بالتفويض، فأجابه بما كان عليه أهل السنة والجماعة في هذا الباب، وأنه لا بد من اعتقاد المعاني على حقائقها. وبيّن له أن معنى التفويض عند السلف إنما هو في العلم بالكيفية؛ لأنها دلت عليها النصوص من إثبات صفات الكمال. وكذا أجابه عن سؤاله فيما أشكل من أمر الصخرة التي كان الأنبياء يستقبلونها ببيت المقدس. وهذا نص الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد اللطيف بن عبد الرحمن: الأخ المكرم عبد الرحمن بن محمد بن مانع -سلمه الله تعالى-، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، والخط وصل -وصلك الله لما يرضيه-، وسرّنا ما ذكرت من العافية، والحمد لله على ذلك. وتسأل -أرشدك الله- عمن يرى أن أحاديث الصفات تجري على ظاهرها، وشك في معناها من غير اعتقاد حقيقته، ويتستر بالتفويض، فهل نكفره بدعواه، أو حتى يختبر؟ فاعلم -أرشدك الله- أنه لا بد من الإيمان بأن الله مستو على عرشه، بائن من خلقه، قاهر فوق عباده، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته، كما دلت على هذا الكتب السماوية والنصوص النبوية والقواطع العقلية، وأجمعت عليه الأمم التي تؤمن بوجود الله، وبربوبيته

ص: 344

العامة، ولكن لما خاض الناس في علم الكلام، وعربت كتب اليونان وقدماء الفلاسفة الذين هم من أجهل خلق الله، وأضلهم في النظريات والضروريات، فضلا عن السمعيات مما جاءت به النبوات، حدث بسبب ذلك من الخوض والجدال في صفات الله ونعوت جلاله التي جاءت بها الكتب، وأخبرت بها الرسل، ما أوجب لكثير من الناس تعطيل وجود ذاته وربوبيته كما جرى للاتحادية والحلولية. فمن باب الكلام والمنطق دخلوا في هذا الكفر الشنيع، والإفك الفظيع، ومنهم من عطل صفات كماله ونعوت جلاله، التي وصف بها نفسه، ووصفته بها رسله؛ وتمدح بها، وأثنى عليه بها صفوة خلقه وخلاصة بريته؛ حتى آل هذا القول والتعطيل بأهله إلى أن شبهوه بالعدم المحض، فلم يصفوه إلا بصفات سلبية، ولم يثبتوا له من صفات كماله ونعوت جلاله ما هو عين الكمال والتعظيم والإيمان والإجلال. واختلف هذا القسم اختلافا كثيرا في أصول المقالات وفروعها: فمنهم من طرد الباب في جميع الصفات. ومنهم من أثبت بعضا زعما منه أن العقل لا يثبت سواها، ونفى ما عاداها من الصفات كما هو المعروف عمن ينتسب إلى الأشعري والكرامي، ثم هؤلاء قد يقولون في آيات الصفات وأحاديثها: تجرى على ظاهرها، يريدون أنها تتلى ولا يتعرض لإثبات ما دلت عليه من المعنى المراد، والحقيقة المقصودة، بل يصرحون برد ذلك ونفيه. ومقصود السلف بقولهم: أمِرُّوها كما جاءت، وقول من قال: تجرى على ظاهرها، إثبات ما دلت عليه من الحقيقة، وما يليق بجلال الله وعظمته وكبريائه ومجده وقيوميته وحده، كما ذكر الوليد بن مسلم عن مالك والليث وسفيان الثوري، والأوزاعي أنهم قالوا: أمرُّوها كما جاءت بلا كيف،

ص: 345

فقولهم: أمرُّوها كما جاءت رد على المعطلة الذين لا يرون ما دلت عليه وجاءت به من الحقيقة المقصودة والمعنى المراد، وقولهم: بلا كيف، رد للممثلة الذين يعتقدون أن ظاهرها فيه تمثيل وتكييف:{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} 1. ومذهب السلف: إثبات ما دلت عليه الآيات والأحاديث على الوجه اللائق بجلال الله وعظمته وكبريائه ومجده، ومن قال: تجرى على ظاهرها وأنكر المعنى المراد كمن يقول في قوله -تعالى-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 2 أنه بمعنى استولى، وفي قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 3 أنه بمعنى القدرة، مع ذلك يقول: تجرى على ظاهرها، فهذا جاهل متناقض، لم يفهم ما أريد من قولهم: تجرى على ظاهرها، ولم يفهم أن الظاهر هو ما دلت عليه نصا أو ظاهرا في معناه المراد. ولا ينبغي في الإيمان الإتيان بقول ظاهر يوافق ما كان عليه السلف وأهل العلم، مع اعتقاد نقيضه في الباطن؛ بل هذا عين النفاق، وهو من أفحش الكفر في نصوص الكتاب والسنة. والسلف، وأهل العلم والفتوى لا يكتفون بمجرد الإيمان بألفاظ الكتاب والسنة في الصفات من غير اعتقاد لحقيقتها وما دلت عليه من المعنى؛ بل لا بد من الإيمان بذلك، وكذا الاستواء على العرش العلو والارتفاع. وحديث الجارية نص في أن اعتقاد العلو والفوقية لا بد منه في الإيمان، وكما دلت عليه النصوص المتظاهرة من الكتاب والسنة، كقوله -تعالى-:{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} 4،:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 5،:{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} 6،:{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} 7، وحديث الأوعال، وحديث الرقية، وحديث الاستسقاء، وغير ذلك مما لا يكاد يحصى. قال أبو مطيع: قال أبو حنيفة في الفقه الأكبر: من قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض، فقد كفر، لأن الله يقول:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 8.

1 سورة الإسراء آية: 43.

2 سورة طه آية: 5.

3 سورة ص آية: 75.

4 سورة الأنعام آية: 18.

5 سورة فاطر آية: 10.

6 سورة المعارج آية: 4.

7 سورة غافر آية: 2.

8 سورة طه آية: 5.

ص: 346

[حكم تعطيل الصفات]

وعرشه فوق سماواته، قلت: فإن قال: إنه على العرش استوى، ولكن لا أدري العرش في السماء أم في الأرض، فهو كافر، لأنه أنكر أن يكون الله في السماء، لأنه -تعالى- في أعلى عليين، وأنه يدعى من أعلى لا من أسفل. وهذا يدل على أن من آمن بنفس اللفظ، ونفى ما يدل عليه من العلو، فهو كافر عنده، وغيره من الأئمة لا يخالفه، وقال مالك رحمه الله: الله في السماء، وعلمه بكل مكان. وقد بسط اللالكائي رحمه الله أقوال الأئمة من السلف ومن بعدهم على تكفير هذا الضرب من الناس. وقد حبس هشام بن عبد الله الرازي -قاضي الري- رجلا في التجهم، فأظهر التوبة، فأحضر عنده، فقال: الحمد لله على التوبة، فقال هشام: اشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه، فقال: أشهد أن الله على عرشه، ولا أدري ما بائن من خلقه، فقال: ردوه فإنه لم يتب. وذكر الحكم بإسناد صحيح عن محمد بن إسحاق بن خزيمة رحمه الله أنه قال: من لم يقل: إن الله فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه، وجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ثم يلقى في مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل القبلة وأهل الذمة. وبهذا تعلم أن التفويض عند السلف إنما هو في العلم بالكيفية لا فيما دلت عليه النصوص من إثبات صفات الكمال كالعلو والارتفاع والفوقية، فإن هذا لا بد من اعتقاده والإيمان به. وقال ابن أبي زيد القيرواني في قوله:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 1 أي بذاته، وقد أنكر عليه من لا علم له، ولا اطلاع على مذهب السلف والأئمة المقلدين رضي الله عنهم أجمعين- وخبط في هذا المقام بما لا طائل تحته من فضول الكلام الدال على فساد القصد، وعدم رسوخ الأفهام، فنعوذ بالله من معرة الجهل والأوهام، ونستجير به من مزلة الأقدام.

1 سورة طه آية: 5.

ص: 347