الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقضوا له بالجزم أن متابه
…
قدهد ما اعلى من البنيان
وطلابة للامر والحرب الوبي
…
فعلى طريق العفو والغفران
هذا آخر ما وجد منها، فرحمه الله وعفا عنه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الرسالة الرابعة والأربعون: [الظهار وتعليقه بالمشيئة]
وله أيضا -قدس الله روحه ونور ضريحه- رسالة إلى الشيخ عبد الرحمن بن عدوان رحمه الله، وقد سأله عن قول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي إلا أن يشاء الله. فأجابه رحمه الله بما عليه أهل التحقيق في هذه المسألة، وبين له أن الواجب على المفتي والقاضي أن يتبصر، ويتعقل معاني الألفاظ والتراكيب قبل أن تزل قدم بعد ثبوتها، وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ المكرم عبد الرحمن بن عدوان. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (وبعد) : فاعلم أن قول الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أمي إلا أن يشاء الله، إن فعلت كذا وكذا، ظهار لا يمنع وجوب الكفارة ما ذكره من الاستثناء بغير خلاف. وقول بعضهم إنما فيه كفارة كاليمين بالله والظهار لا يحنث إن استثنى فيه، وقال: إن شاء الله، محله إذا رجع الاستثناء إلى الفعل أو الترك لا على نفس اليمين. قال ابن مفلح رحمه الله في هذا المبحث: وكلامهم يقتضي أن رده – أي الاستثناء – إلى يمينه لم ينفعه لوقوعها ولتبين مشيئة الله، وبه احتج الموقع في: أنت طالق إن شاء الله.
وقال أبو يعلى الصغير في اليمين بالله ومشيئة الله: وتحقيق مذهبنا أنها تقف على إيجاد فعل أو ترك، فالمشيئة معلقة على الفعل، فإذا وجد تبينا أن الله شاءه وإلا فلا، وفي الطلاق المشيئة انطبقت على اللفظ بحكمه الموضوع، وهو الوقوع. انتهى. وقال شيخ الإسلام: الاستثناء إذا رجع إلى فعل أو ترك محلوف عليه، إنما يفيد أن الفعل المعلق أو الترك لا يتعين فعله لتعليقه لأن الجزاء إذا وقع لا كفارة فيه. وقال –رحمه الله: الاستثناء إنما يقع لما علق به الفعل، فإن الأحكام التي هي الطلاق والعتاق ونحوها لا تعلق على مشيئة الله بعد وجود أسبابها، فإنها واجبة بوجوب أسبابها، فإذا انعقدت أسبابها فقد شاء الله تعالى، وإنما يعلق على المشيئة الحوادث قد يشاؤها الله، وقد لا يشاؤها، وقال في هذا المبحث أيضا: المشيئة تعود عند الإطلاق إلى الفعل المحلوف عليه، والمعنى إني حالف على هذا الفعل إن شاء الله فعله. فإذا لم يفعله لم يكن قد شاءه فلا يكون ملتزما له، وإلا فلو نوى عوده إلى الحلف بأن يقصد إني حالف إن شاء الله أن أكون حالفا، كان معنى هذا معنى الاستثناء في الاستثناءات كالطلاق والعتاق، وعلى مذهب الجمهور لا ينفعه، وأيضا، فإنها بفعل المحلوف عليه يتبين إن شاء الله فوقع ما علق عليه، ومن فقه هذا عرف معنى كلام الفقهاء. وأما المراد بالاستثناء المانع من الحث والواجب على المفتي والقاضي أن يتبصر ويتعقل معاني الألفاظ والتراكيب قبل أن تزل قدم بعد ثبوتها وما أحسن ما قيل:
ما لم يفد نظرا وحسن تبصر
…
والعلم ليس بنافع أربابه