الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} 1. فكيف بما هو أعظم من ذلك وأطم من الانسلاخ الكلي، والخدمة الظاهرة لأهل الشرك. إذا عرفت هذا عرفت شيئا من جناية الفتن، وأن منها قلع قواعد الإسلام، ومحو أثره بالكلية. وعرفت حينئذ أن هذه الفتنة من أعظم ما طرق أهل نجد في الإسلام، وأنها شبيهة بأول فتنة وقعت فيه، فالله الله في الجد والاجتهاد، وبذل الوسع والطاقة في جهاد أعداء الله وأعداء رسله قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} 2، إلى أمثال ذلك في القرآن يعرفها الخبير بهذا الشأن. هذا ما عندي في هذه الحادثة قد شرحته وبسطته كما ذكرت لي ما عندك. وأسأل الله أن يهديني وإياك إلى صراطه المستقيم، وأن يمُنّ علينا وعليك بمخالفة أصحاب الجحيم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الرسالة السابعة والأربعون: [الحث على الجهاد]
وله أيضا -قدس الله روحه ونور ضريحه- رسالة إلى الشيخ حمد بن عتيق أيضا يحضه على الغلظة في معاداة من والى المشركين، وركن إليهم أو سافر إلى بلادهم، وشهد كفرياتهم ومبارزتهم لرب العالمين، لأن بعضا ممن ينتسب إلى العلم والدين ما كبر همه بهذه القضية، ولا عرف المصيبة والرزية، وبعضا أنكر وتبرأ لكن مع الهُوَينا ولين الجانب، وهذا لا يستقيم معه إسلام بل هو للهدي النبوي مجانب، وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ المكرم الشيخ حمد بن عتيق -سلمه الله تعالى وفرج له من كل هم وضيق.
1 سورة النساء آية: 141.
2 سورة آل عمران آية: 187.
_________
1 سورة النساء آية: 141.
2 سورة آل عمران آية: 187.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: أوصيك بتقوى الله، والصدق في معاملته، ونصر دينه والتوكل عليه في ذلك، وأكثر الناس استنكروا الإنكار على من والى عساكر المشركين وركن إليهم وراح إلى بلادهم، وشهد كفرياتهم ومبارزتهم لرب العالمين، بالقبائح والكفريات المتعددة. هذا مع قرب العهد بدعوة شيخنا، والقراءة في تصانيفه ورسائله وأصوله، وهذا مما يستبين به ميل النفوس إلى الباطل ومسارعتهم إليه ومحبتهم له، قال تعالى:{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} 1، ويبلغنا عنك ما يسر، ولكننا نرجو لنا ولك فوق ذلك مظهرا، وبعض الإخوان ما كبر همه بهذه القضية، ولا اشتد إنكاره ولا ظهر منه غضب لله ولا حمية لدينه، وأنفة من ذهاب الإسلام وهدم قواعده. وإن أنكر بعضهم وذم ذلك، وتبرأ منه لكنه مع الهُوَينا في ذلك ولين الجانب ومحبته للأغراض وعدم البحث. وأظن الشيطان قد بلغ مراده منهم في ذلك، واكتفى به لما فيه من الغرض ولعلمه بغائلته وغايته، وأن الدين لا يستقيم معه قال تعالى:{فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً} 2 أي: بالقرآن. وللشيطان وأعوانه غرض في المداهنة لأنها وسيلة إلى السلم، ووضع الحرب بين الطائفتين قال تعالى:{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} 3 شعرا:
وثمود لو لم يدهنوا في ربهم
…
لم تُدْم ناقتهم بسيف قدار
فعليك بالجد والحذر من خدع الشيطان. جعلنا الله وإياك من أنصار السنة والقرآن. ثم قال -رحمه الله تعالى-: ولا تدخر حض أهل الأفلاج، وحثهم على جهاد هذه الطائفة الكافرة. وأهل نجد كادهم الشيطان وبلغ مبلغا عظيما
1 سورة المؤمنون آية: 71.
2 سورة الفرقان آية: 52.
3 سورة القلم آية: 9.
وصل بهم إلى عدم الوحشة من أكفر خلق الله، فأضلهم عن سواء السبيل الذين جمعوا بين الشرك في الإلهية والشرك في الربوبية وتعطيل صفات الله، ومعهم جملة من عساكر الإنكليز، المعطلة لنفس وجود الباري القائلين بالطبائع والعلل وقدم العالم وأبديته، وبلغنا أنهم كتبوا خطوط الجهات بنجد مضمونها: إنا مسلمون نشهد أن لا إله إلا الله ونحو هذا الكلام، وبسطوا القول في أمر الدولة والترهيب منهم والترغيب فيهم. إذا عرفت هذا، فاعلم أن الله قد استخلفكم في الأرض بعد ذلك القرن الصالح لينظر كيف تعملون، فاحذر أن تلقاه مداهنا في دينه، أو مقصرا في جهاد أعدائه، وفي النصح له ولكتابه ولرسوله، واجعل أكثر درسك في هذا، ولو اقتصدت في التعليم، والقلوبُ أوعية يعطى كل وعاء بحسبه. (يقول جامع الرسائل:) وقد اختصر هذه الرسالة من نقلها لنا، فقال: هذا منقول، وما بعده من كلام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله وعفا عنه-. ثم قال الناقل: قال رحمه الله: وأما مسألة دعوى المودع انتقال الوديعة إليه بالبيع فهذا مما لا يقبل قوله فيه، بل حكمه حكم سائر المودعين، وكلام الفقهاء صريح في أنه لا يقبل قوله مطلقا، بل فيه مسائل مخصوصة بعضهم اكتفى بعدها عن حدها، وما عداها فهو باق على أصله. وقد أشار بعضهم إلى ذلك في الكلام على قبول قول الأمين في المضاربة وغيرها من مسائل هذا الباب، وعموم قولهم في باب الدعاوي والبينات داخل فيه ما لم ينص على استثنائه. وإن وقفت على كلام
خاص في هذه المسألة رفعته إليك إن شاء الله، وذكر ابن رجب في شرح الأربعين في شرح حديث:"لو يعطى الناس بدعواهم" 1 شيئا من تعريف المدعي، فراجعه إن شئت. وأما الفرق بين الفلاسفة الإلهيين والفلاسفة المشائين فذكر شارح رسالة ابن زيدون أن المشائين أفلاطون ومن اتبعه؛ وأنهم أول من قال بالطبائع، وتكلم فيها وأمر بالرياضة والمشي لمعاونة قوة الطبيعة، وتحليل ما يضادها من الأخلاط، وأمر بالمشي والرياضة عند المذاكرة في مسائل الطبيعة فسموا مشائين لهذا. وأما الإلهيون فهم قدماؤهم من أهل النظر والكلام في الأفلاك العلوية وحركاتها، وما يزعمونه وينتحلونه من إفاضتها وتأثيرها، وفي اللغة إطلاق الإله على المدبر والمؤثر كما يطلق على المعبود، وقد عرفت أن جمهورهم وقدماءهم ليسوا مما جاءت به الرسل في شيء، ومذهبهم أكفر المذاهب وأبطلها وأضلها عن سواء السبيل 2، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
1 البخاري: تفسير القرآن (4552)، ومسلم: الأقضية (1711)، والنسائي: آداب القضاة (5425)، وابن ماجه: الأحكام (2321) ، وأحمد (1/342 ،1/351 ،1/363) .
2 إن شارح قصيدة ابن زيدون أديب قليل البضاعة في الفلسفة فهو لم يبين حقيقة هؤلاء الفلاسفة المعروفة في كتب الفلسفة وتاريخ الفلاسفة، ومن هؤلاء الفلاسفة الذين ذكرهم من يؤمنون بالبرهان العقلي بأن للعالم ربا عليما حكيما قديرا متصفا بالكمال منزها عن النقص، ويدعون إلى الفضائل، وينفرون من الرذائل بحسب ما وصل إليه علمهم واجتهادهم، ولكن توحيدهم وعلمهم بالإلهيات والآداب لا يتفق مع كل ما جاء به الرسل -عليهم الصلاة والسلام- وأنّى لهم ذلك، وهو يتوقف على الوحي ولا يستقل به العقل. وهم على مذاهب أكفرها وأبطلها وأضلها مذهب الماديين الذين ينكرون كل ما وراء المادة التي تعرف بالحواس وقواها.