الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة التاسعة والأربعون
[غربة الدين وقلة الأنصار]
وله أيضا رحمه الله رسالة إلى الشيخ حمد بن عتيق أيضا، وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ المكرم الشيخ حمد بن عتيق، أمده الله بالتسديد والتوفيق، وأذاقه حلاوة الإيمان والتحقيق.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على نعمه. والخط وصل مع الغزو، وما ذكرت صار معلوما، وأرجو أن الله يسدد أمر ولي المسلمين، ويمُنّ عليه بمعرفة هذا الدين، والرغبة فيه، واتباع ما منّ الله به من الهدى الذي جاءت به رسله. وأكثر الناس ما رغبوا في هذا ولا رفعوا به رأسا، ونشكو إلى الله ما نحن فيه من غربة الدين وقلة الأنصار وما ذكرت من جهة
…
1 وأنك ترى العفو والصفح، فاعلم أن الحق في ذلك لله، والواجب على المسلم تغيير المنكر بحسب الاستطاعة، وليس له العفو والصفح إلا في حق نفسه؛ وما ورد من النصوص في الصفح عن أعداء الله إنما هو في الآي المكية، وقد صرح القرآن بنسخه وجاءت السنة ببيان ذلك، ولم يرد في الآيات المدنية الأمر بالصفح عن المشركين وأعداء الدين، بل جاء الأمر بجهادهم والغلظة عليهم في غير موضع، وجاء الأمر بإعلان الإنكار على المجاهر من الفساق ولو كان مسلما، ومن جاهر بالمعاصي ونصرة
1 بياض بالأصل.
أولياء المشركين فلا حرمة لعرضه، ولا يشرع الستر عليه بترك الإنكار، وفي قصة حاطب ما يدلك على هذا، وهو صحابي بدري، وقد قال تعالى:{وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} 1. وقد ذكر ابن القيم طرَفا من الفروق في كتاب الروح، فينبغي مراجعته ومعرفة حدود ما أنزل الله على رسوله. ومثلك يقتدى به، وقد نفع الله بإنكارك وشدتك على أهل الزيغ، فلا ينبغي العدول إلى خيال لا يعرج عليه؛ وقد عرفت حال أهل وقتك من طلبة العلم، وأنهم ما بين مجاهر بإنكار الحق قد لبس عليه أمر دينه، أو مداهن مع هؤلاء ومع هؤلاء، غاية قصده سلوكه مع الناس وإرضاؤهم، أو ساكت معرض عن نصرة الحق ونصرة الباطل يرى الكف أسلم، وأن هذا الرأي أحكم.
هذا حال فقهاء زمانك فقُل لي: من يقوم بنصر الحق وبيانه وكشف الشبه عنه ونصرته إذا رأيت السكوت والصفح كما في البيتين اللذين في الخط؟ فينبغي النظر في زيادة قيد في تلك الأبيات لئلا يتوجه الإيراد، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
1 سورة النور آية: 2.