المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرسالة الخامسة[الهجرة والإقامة بين أظهر المشركين] - مجموعة الرسائل والمسائل النجدية - ط المنار - جـ ٣

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌مقدمة جامع الكتاب

- ‌الرسالة الأولى[الإنكار على من كفر المسلمين بغير ما أجمع عليه الفقهاء]

- ‌الرسالة الثانية[التحرج عن رمي من ظاهره الإسلام بالكفر]

- ‌الرسالة الثالثة[السفر إلى بلاد الأعداء من المشركين والكفار]

- ‌الرسالة الرابعة[حكم من يسافر إلى بلاد المشركين]

- ‌الرسالة الخامسة[الهجرة والإقامة بين أظهر المشركين]

- ‌الرسالة السادسة[شدة ظهور غربة الإسلام وأهله]

- ‌الرسالة السابعة[خطر الفتنة ومضارها والسبيل لنجاة المسلم منها]

- ‌الرسالة الثامنة[التذكير بآيات الله والحث على لزوم الجماعة]

- ‌الرسالة التاسعة[تفنيد رسالة ابن عجلان وما فيها من المفاسد]

- ‌الرسالة العاشرة: [حكم الاستنصار بالكفار على البغاة من أهل الإسلام]

- ‌الرسالة الحادية عشرة[الفتنة والشقاق بين آل سعود]

- ‌الرسالة الثانية عشرة[الوصية بلزوم الكتاب والسنة والعمل بما فيهما]

- ‌الرسالة الثالثة عشرة[دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب هي دعوة إلى التوحيد الخالص]

- ‌الرسالة الرابعة عشرة

- ‌الرسالة الخامسة عشرة

- ‌الرسالة السادسة عشرة[رؤية الله سبحانه وتعالى في الجنة، والفرق بين صفات المعاني والمعنوية]

- ‌الرسالة السابعة عشرة[تفسير السبحات بالنور]

- ‌الرسالة الثامنة عشرة

- ‌الرسالة التاسعة عشرة[الطعن في كتاب الإحياء]

- ‌الرسالة العشرون[السمت والتؤدة والاقتصاد في الأمور]

- ‌الرسالة الحادية والعشرون[مؤاخذة أنصار الجاني وأقاربه بجريرة فعله]

- ‌الرسالة الثانية والعشرون[إسكان النبي عليه السلام المهاجرات دور أزواجهن ميراثا]

- ‌الرسالة الثالثة والعشرون[نصيحة الشيخ للإمام فيصل بن تركي]

- ‌الرسالة الرابعة والعشرون[رسالة الشيخ محمد بن عجلان ورد الشيخ حمد بن عتيق عليها]

- ‌الرسالة الخامسة والعشرون[حال فتنة الأمراء بنجد وأحوالها ومآلها]

- ‌الرسالة السادسة والعشرون[الفتن الحاصلة بسبب الإمارة]

- ‌الرسالة السابعة والعشرون[مداهنة المشركين والسفر إلى بلادهم وعقاب فاعله]

- ‌الرسالة الثامنة والعشرون: [تكفير الترك للنجديين والتقاتل بينهم]

- ‌الرسالة التاسعة والعشرون[شروط السفر إلى بلد الشرك وحكم الهجرة]

- ‌الرسالة الثلاثون[الحاجة إلى العلم في حال الفتن]

- ‌الرسالة الحادية والثلاثون[التمسك بالميراث النبوي والحث على مذاكرة العلم]

- ‌الرسالة الثانية والثلاثون[الغلظة على الكفار ومتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها]

- ‌الرسالة الثالثة والثلاثون

- ‌الرسالة الرابعة والثلاثون[الأمر بالاعتصام والنهي عن التفرق والاختلاف]

- ‌الرسالة الخامسة والثلاثون[تفسير قوله عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}]

- ‌الرسالة السادسة والثلاثون

- ‌الرسالة السابعة والثلاثون[الرهن وشروطه]

- ‌الرسالة الثامنة والثلاثون

- ‌الرسالة التاسعة والثلاثون

- ‌الرسالة الأربعون[شبهات الجهمية ونفاة الصفات]

- ‌الرسالة الحادية والأربعون[ما جرى من مفاسد العساكر التركية]

- ‌الرسالة الثانية والأربعون[حكم نهب الأعراب]

- ‌الرسالة الثالثة والأربعون[بيان مضار الفتنة ومفاسد العسكر]

- ‌الرسالة الرابعة والأربعون[الظهار وتعليقه بالمشيئة]

- ‌الرسالة الخامسة والأربعون[التحريض على لزوم الجماعة]

- ‌الرسالة السادسة والأربعون[بيان خطبة الشيخ عبد اللطيف في الفتنة بين سعود وأخيه]

- ‌الرسالة السابعة والأربعون[الحث على الجهاد]

- ‌الرسالة الثامنة والأربعون[الحث على الدعوة إلى الله ونشر العلم بين الناس]

- ‌الرسالة التاسعة والأربعون[غربة الدين وقلة الأنصار]

- ‌الرسالة الخمسون[جواب عن سؤال في حديث جابر بن عبد الله والدَين الذي كان عليه لليهودي]

- ‌الرسالة الحادية والخمسون[استعمال الماضي موضع المضارع]

- ‌الرسالة الثانية والخمسون

- ‌الرسالة الثالثة والخمسون[إلى علماء الحرمين الشريفين]

- ‌الرسالة الرابعة والخمسون[نصر مذهب السلف على علم الكلام]

- ‌الرسالة الخامسة والخمسون[نصر الدين والسنة من أفضل شعب الإيمان]

- ‌الرسالة السادسة والخمسون

- ‌الرسالة السابعة والخمسون[تحريم تعدد الجمعة في القرية الواحدة]

- ‌الرسالة الثامنة والخمسون[حكم الجهمية والصلاة خلفهم]

- ‌الرسالة التاسعة والخمسون[فشو الشرك والتعطيل]

- ‌الرسالة الستون

- ‌الرسالة الحادية والستون[الفتن والامتحانات التي وقعت بين آل سعود وحكمة الله فيها]

- ‌الرسالة الثانية والستون

- ‌الرسالة الثالثة والستون

- ‌الرسالة الرابعة والستون[تفسير قوله تعالى: {ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع}]

- ‌الرسالة الخامسة والستون[رد مطاعن على الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌الرسالة السادسة والستون[رد على الشيخ عثمان بن منصور]

- ‌الرسالة السابعة والستون[رسالة إلى أهل الحوطة بالاعتصام بالتوحيد الخالص]

- ‌الرسالة الثامنة والستون[النصيحة إلى كافة المسلمين]

- ‌الرسالة التاسعة والستون

- ‌الرسالة السبعون[فضل الدعوة إلى الله]

- ‌الرسالة الحادية والسبعون[حال الأمة الإسلامية قبل ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌الرسالة الثانية والسبعون[وصف رسالة من رسائل الشيخ ومدحه هو وآله]

- ‌الرسالة الثالثة والسبعون[شبهات في تحريم القهوة]

- ‌الرسالة الرابعة والسبعون[نفي كون ما جاء به الشيخ محمد بن عبد الوهاب مذهبا خامسا]

- ‌الرسالة الخامسة والسبعونفي ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما قام به ودعا إليه

- ‌{ذيل لهذه المجموعة في فتويين للشيخ رحمه الله تعالى وجدتا في أثنائها}

- ‌(1)(سؤال عن بيع عقار الميت لوفاء دينه)

- ‌(2)(سؤال عن تركة ميت قسم ماله بين أولاده وأوصى لصغارهم)

- ‌كلمة في هذه المجموعة

الفصل: ‌الرسالة الخامسة[الهجرة والإقامة بين أظهر المشركين]

‌الرسالة الخامسة

[الهجرة والإقامة بين أظهر المشركين]

وله أيضا -قدس الله روحه ونور ضريحه- رسالة في وجوب الهجرة وتحريم الإقامة بين أظهر المشركين، وسبب ذلك أن حسن بن عبد الله آل الشيخ لما كتب إلى عبد الرحمن الوهيبي يناصحه عن الإقامة بين أظهر المشركين، ويبين له وجوب الهجرة بالدلائل والبراهين كتب إليه، واحتج بما ستقف عليه في ضمن جواب الشيخ رحمه الله. وهذا نص رسالة الشيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى ابن الأخ حسن بن عبد الله:

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: يذكر لي ما كتب إليك عبد الرحمن الوهيبي من الشبهة لما ذكرت له قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} 1 ونصحته عن الإقامة بين أظهر العساكر الشركية، وأنه احتج عليك بأن الآية فيمن قاتل المسلمين، وقال: تجعلون إخوانكم مثل من قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ وهذا جهل منه بمعنى الآية وصريحها، ومخالفة لإجماع المسلمين وما يحتجون به على تحريم الإقامة بين أظهر المشركين، مع العجز عن القدرة على الإنكار والتغيير. قال ابن كثير: هذه الآية عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكنا من إقامة الدين؛ فهو ظالم لنفسه مرتكب حراما بالإجماع وبنص هذه الآية حيث يقول -تعالى-:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} 2 أي: بترك الهجرة {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} 3 أي: لم كنتم ها هنا وتركتم الهجرة {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ} 4 أي: لا نقدر على الخروج ولا الذهاب

1 سورة النساء آية: 97.

2 سورة النساء آية: 97.

3 سورة النساء آية: 97.

4 سورة النساء آية: 97.

ص: 42

في الأرض {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} 1. وساق رحمه الله ما رواه أبو داود عن سمرة بن جندب: أما بعد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جامع المشرك 2 وسكن معه فإنه مثله".

قلت: فانظر حكاية الإجماع على تحريم ذلك، وانظر تقريره معنى الآية، وتعليق ما فيها من الأحكام والوعيد على مجرد الإقامة بين أظهر المشركين، وأن هذه الآية نص في ذلك. وانظر خطاب الملائكة لهذا الصنف، وأنه على المكث والإقامة بدار الكفر. وانظر ما أجابتهم الملائكة عن قولهم: لا نقدر على الخروج، وكل ذلك ليس فيه ذكر للقتال. فتأمل هذا يطلعك على بطلان هذه الشبهة وجهل مبديها. وتأمل حديث سمرة وما فيه من تعليق هذا الحكم بنفس المجامعة والسكنى، واعرف معنى كونه مثله.

وكذلك ما رواه ابن جرير عن عكرمة قال: كان أناس من أهل مكة قد أسلموا أفمن مات منهم بها هلك؟ قال -تعالى-: {فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} 3 الآية. وروى ابن جرير من تفسير ابن أبي حاتم: فزاد فيه: فكتب المسلمون إليهم بذلك، وخرجوا، ويئسوا من كل خير، ثم نزلت:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا} 4. فكتبوا إليهم بذلك أن قد جعل الله مخرجا لكم، فخرجوا فأدركهم المشركون فقتلوهم حتى نجا من نجا، وقتل من قتل. وروي عن ابن عباس في الآية: هم قوم تخلفوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا أن يخرجوا معه، فمن مات منهم

1 سورة النساء آية: 97.

2 جامعه: خالطه وعاشره، فالمجامعة: المشاركة في الاجتماع من سكنى ومعاشرة، هذه حقيقته، واستعماله في المخالطة الزوجية كناية.

3 سورة النساء آية: 97.

4 سورة النحل آية: 110.

ص: 43

قبل أن يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ضربت الملائكة وجهه ودبره.

وأظن هذا الجاهل رأى ما روي عن عكرمة عن ابن عباس أن قوما من أهل مكة أسلموا فاستخفوا بإسلامهم، وأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، وأصيب بعضهم وقتل بعض، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين، وأكرهوا فاستغفروا لهم فنَزلت {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} 1 الآية، فهذا القول ونحوه مما فيه ذكر من أخرج مع المشركين يوم بدر، لا يدل على أن الآية خاصة بهم بل يدل على أنها متناولة للعموم اللفظي، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

وكذلك من قال من السلف: إن هذه الآية نزلت في أناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجوا مع المشركين، فمرادهم أن هذه الآية تتناولهم بعمومها، ولم يريدوا أن هذا النفاق والقتال مع المشركين هو الذي نيط به الحكم ورتب عليه الوعيد، فإنهم أجل وأعلم من أن يفهموا ذلك. والسلف يعبرون بالنوع، ويريدون الجنس العام، ومن لم يمارس العلوم ولم يتخرج على حملة العلم وأهل الفقه عن الله، وتخبط في العلوم برأيه فلا عجب من خفاء هذه المباحث عليه وعدم الاهتداء لتلك المسالك التي لا يعرفها إلا من مارس الصناعة، وعرف ما في تلك البضاعة، وهذا الرجل من أجهل الناس بالضروريات فكيف بغيرها من حقائق العلم ودقائقه؟ وليتهم (أعني) هو وأمثاله اقتصروا على مجرد الإقامة، ولم يصدر عنهم ما اشتهر وذاع من الموالاة الصريحة وإيثار الحياة الدنيا على محبة الله ورسوله، وما أمر به وأوجبه من توحيده، والبراءة ممن أعرض عنه، وعدل به غيره وسوى به سواه.

1 سورة النساء آية: 97.

ص: 44

وتأمل كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- على هذه الآية فإنه أفاد وأجاد: وتأمل ما ذكره الفقهاء في حكم الهجرة واستدلالهم بهذه الآية على تحريم الإقامة بين ظهراني المشركين لمن عجز عن إظهار دينه، فكيف بمن أظهر لهم الموافقة على بعض أمرهم وعلى أنهم مسلمون من أهل القبلة المحمدية؟

وصاحب هذا القول الذي شبه عليكم ينزل درجة درجة: أول ذلك شراؤه المراتب الشرعية والأوقاف التي على أهل العلم، حتى صرفت له من غير استحقاق ولا أهلية، ثم لما جاءت هذه الفتنة صار يتزين عند المسلمين بحمد الله على عدم حضوره بتلك البلد، ثم جمز ولحق بأهلها، ونقض غزله، وأكذب نفسه، ثم ظهر لهم في مظهر الصديق الودود، وبالغ في الكرامة والوليمة والتحف والهدايا والمجالسة والتردد شغفا بالجاه والرياسة ولو في زمرة من حاد الله ورسوله.

(وأما): ما نقل عنه من التحريض على أهل الإسلام، فهو إن صح أقبح من هذا كله وأشنع، وحسابه على الله الذي تنكشف عنده السرائر، وتظهر مخبئات الصدور والضمائر، وروى السدي قال:"لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس: افد نفسك وابن أخيك، قال: يا رسول الله، ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك؟ قال: يا عباس إنكم خاصمتم فخصمتم، ثم تلا عليه هذه الآية: {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها} ". فتأمل هذه القصة وما فيها من التصريح بأن الخصومة في الهجرة، وأن من ادعى الإسلام والتوحيد وهو مقيم بين ظهراني أهل الشرك بالله، والكفر بآيات الله فهو مخصوم محجوج؛ وهذا يعرفه طلبة العلم والممارسون، وتأمل قوله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ

ص: 45