الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الخامسة والستون
[رد مطاعن على الشيخ محمد بن عبد الوهاب]
وله أيضا -رحمه الله تعالى- رسالة إلى عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد اللطيف صاحب الفرعة من بلد الوشم، لما سأله عن بعض ما يذكر الناس من إنكاره، وما نسب لعثمان بن منصور من عداوة الدين، وموالاة المشركين، ومسبة أئمة المسلمين، وجعلهم من الخوارج المارقين، فكشف له عن حاله، بما ستقف عليه مما ظهر واشتهر من حاله ومقاله، وما صرح به في مصنفاته من مسبة أهل الإسلام، ونسبتهم إلى مذهب الخوارج المارقين، ونسبة الشيخ إلى أنه أجهل من أبي جهل، وأنه ضال مضل. وهذا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى جناب الأخ المكرم عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد اللطيف -سلمه الله تعالى-.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فنحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، والخط وصل، وسرّنا سلامتك وعافيتك، جعلنا الله وإياك من أهل العافية في الدنيا والآخرة. وتذكر أن بعض الناس عندكم ينكر ما نسب إلى ابن منصور من عداوة الدين وموالاة المشركين، ومسبة أئمة المسلمين، وجعلهم من الخوارج المارقين؛ وهذا أظهر شيء وأبينه، عند من عرف حال هذا الرجل وجالسه، ونظر في كلامه، فإنه يبديه كثيرا لجلسائه، ويذكر في رسائله ومصنفاته، وهوامشه التي يعلقها. والرجل فيه رعونة تمنعه من المداراة والتقية، حتى في كتابه الذي زعم أنه شُرح على التوحيد، رأيت فيه من الدواهي والمنكرات ما لا يحصيه إلا الله، من ذلك قوله في الكلام على قوله -تعالى-:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 1 أن ابن العربي المالكي قال: العبادة هي موافقة القضاء والقدر، وابن عباس يقول: كفر الكافر تسبيح، وهذا رأيته بخط ابن نصر الله من أهل دائرته في كلامه على كتاب التوحيد؛ ولهذه نظائر وأخوات لا يعرفها إلا من وقف على كلامه من طلبة العلم، ونبرأ إلى الله أن نبهت مسلما، وأن نفتري عليه ونؤذيه بغير ما اكتسب، وإنما يظن هذا بنا حزب الشيطان وجنده من الجاهلين الذين لم يستضيئوا بنور العلم، وكتابه الذي وقفنا عليه في هذه الأيام بخط يده، نظر فيه من يعرفه يقينا من أهل سدير عبد العزيز بن عبيان وغيره وعلي بن عيسى من أهل الوشم. وكثير من طلبة العلم والعامة شهدوا بأن هذا خطه بيده، ومسبته فيه للتوحيد ومن جاء به حشو بالزنبيل، وتصريحه بتزكية أهل الأمصار ممن عبَدَ القباب والصالحين، وجعلهم:{خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 2، والشيخ وأتباعه على إفراد الله بالعبادة عنده خوارج من أهل النهروان. ويصرح بأن الشيخ ضال مضل، وأنه أجهل من أبي جهل بمعنى لا إله إلا الله، وأنه ضل في تخطئة صاحب البردة، وأن دعاء رسول الله وطلب الشفاعة منه بعد موته جائز، وأن الله ابتلى أهل نجد بهذا الرجل، بل ابتلى به جزيرة العرب، وأنه لم يتخرج على العلماء، وأن أهل الأمصار يبنون المساجد والمنارات، وأنه أخذ بلدان المسلمين بيت مال له ولعياله، وأنه أتى الأمة من الباب الضيق وهو تكفيرها، ولم يأتها من الباب الواسع. ورد مسائل في كشف الشبه ومسائل في كتاب التوحيد، ومن الستة المواضع التي تكلم الشيخ عليها من السيرة، وأتى بجهالات وضلالات، ووقاحة ومسبة لا تصدر ممن يؤمن بالله واليوم الآخر؛ ومن كذب بهذا النقل فهو مكابر معاند،
1 سورة الذاريات آية: 56.
2 سورة آل عمران آية: 110.
جاحد للحسيات والمتواترات، والغالب أن هذه المكابرة لا تقع من محب لما جاء به الشيخ من توحيد الله ودينه، وإنما يذهب إليها من في قلبه مرض يتوصل بهذه المكابرة والمباهتة إلى رد التوحيد، وبغضه وبغض أهله؛ وأكثر هذا الصنف ليس لهم التفات إلى ما جاءت به الرسل، والغالب عليهم هو الغفلة عن ذلك والإعراض عنه.
وقد قال -تعالى-: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} 1 واقرأ هذه الرسالة على من ارتاب في أمره، وماحل وجادل في دين الله:{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} 2. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم، ثم قال رحمه الله:
[مسألة في الخلع]
وأما المسألة التي سألت عنها في الخلع، فجوابها: أن الخلع يقع بائنا، لا تحل الزوجة بعده لزوجها إلا بعقد جديد، وليس له استرجاعها كما نص عليه أهل العلم، والله أعلم.
1 سورة النجم آية: 29.
2 سورة الأحزاب آية: 4.