الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الرابعة والستون
[تفسير قوله تعالى: {ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع}]
وله أيضا رحمه الله، وعفا عنه- رسالة إلى الشيخ حمد بن عتيق لما سأله عن كلام الشارح الشيخ سليمان بن عبد الله على قوله -تعالى-:{لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} 1، فقال -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ الشيخ حمد بن عتيق، سلمه الله تعالى:
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فنحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وخطك الشريف وصل -وصلك الله لما يرضيه- وما ذكرته صار معلوما؛ والله أسأل أن يصلح السريرة والعلانية، ويصلح ما بيننا وبين خلقه، وما توفيقنا إلا بالله. وما ذكرت من جهة كلام الشارح على آية الأنعام، وأن قوله-تعالى-:{لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} 2 نصب على الحال، فهذا عليه غير واحد من المفسرين: قال الجلال: وجملة النفي حال من ضمير يحشروا، وهي محل الخوف. وقال البيضاوي:{لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} 3 في موضع الحال من (يحشروا)؛ فإن المخوف هو الحشر على هذه الحالة. وقد سبقهم إلى هذا الزجاج، وابن كثير حلّ المعنى ولم يتعرض لإعرابه، ويظهر مراده من تقريره كلامه، قال: وقوله تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} 4 الآية، أي: أنذر بهذا القرآن يا محمد {الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} 5
1 سورة الأنعام آية: 51.
2 سورة الأنعام آية: 51.
3 سورة الأنعام آية: 51.
4 سورة الأنعام آية: 51.
5 سورة المؤمنون آية: 57.
الذين {وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُم وَيَخَافُونَ سُوء الْحِسَابِ} 1. {الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} 2؛ أي: يوم القيامة، {لَيْسَ لَهُمْ} أي: يومئذ، {مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ} 3 أي: في التقريب له، {وَلا شَفِيعٌ} 4 فيهم من عذابه إن أرادهم به، {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} 5 يعملون في هذه الدار عملا ينجيهم الله به يوم القيامة من عذابه، ويضاعف لهم الجزاء من ثوابه. انتهى.
وهو يشير إلى جواز جعله صفة لمحذوف دل عليه السياق، والعائد في الجملة الوصفية يكفي تقديره، كقوله -تعالى-:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} 6 والبغوي لم يتعرض لتقدير شيء. وبهذا يظهر الجواب عن قولك: ما يقال في تقريره؟ فإن الله أمر رسوله أن ينذر بالقرآن عباده المؤمنين الذين يؤمنون بلقائه، ويخافون فيه سوء الحساب، في يوم لا ولي لهم فيه ولا شفيع من دونه":{لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} ذلك بفعل ما أمروا به وترك ما نهوا عنه؛ وعلى الأول يخافون الحشر وسوء الحساب، في حال تخليهم وانفرادهم عن الأولياء والشفعاء، وخصوا بذلك لأنهم هم المتقون بالإنذار، المتقون عذاب ذلك اليوم وعقابه، بخلاف من تعلق بالأولياء والشفعاء، واعتمد عليهم في نجاته، فإنه غير خائف، ولا متق لسكون جأشه، واطمئنان قلبه بوليه وشفيعه. والله الهادي الموفق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
1 سورة الرعد آية: 21.
2 سورة الأنعام آية: 51.
3 سورة الأنعام آية: 51.
4 سورة الأنعام آية: 51.
5 سورة الأنعام آية: 51.
6 سورة البقرة آية: 48.