المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

2184- (56) وعن عقبة بن عامر، قال: قلت: يا رسول - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٧

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(4) باب صوم المسافر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب القضاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب صيام التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب ليلة القدر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب الإعتكاف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(9) كتاب الدعوات

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ذكر الله عزوجل والتقرب إليه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب أسماء الله تعالى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب ثواب التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: 2184- (56) وعن عقبة بن عامر، قال: قلت: يا رسول

2184-

(56) وعن عقبة بن عامر، قال: قلت: يا رسول الله! إقرأ سورة هود أو سورة يوسف قال: ((لن تقرأ شيئاً أبلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق)) . رواه أحمد والنسائي، والدارمي

{الفصل الثالث}

2185-

(57) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن،

ــ

في التاريخ والنسائي أيضاً من طريق زيد بن أسلم عن معاذ. وأورده من وجهين عن معاذ بن عبد الله عن أبيه عن عقبة بن عامر وله عن عقبة طرق أخرى عند النسائي وغيره مطولاً ومختصراً. قال الحافظ في الإصابة: (ج2ص303) ولا يبعد أن يكون الحديث محفوظاً من الوجهين فإنه جاء أيضاً من حديث ابن عابس الجهني، ومن حديث جابر ابن عبد الله الأنصاري- انتهى. والحديث صححه الترمذي ونقل المنذري في مختصر السنن والترغيب تصحيح الترمذي وأقره.

2184-

قوله: (اقرأ) بحذف همزة الاستفهام أي أأقرأ ويحتمل أن يقرأ المرسوم بالمد فيفيد الاستفهام من غير حذف (سورة هود أو سورة يوسف) أي إقرأ إحداهما لدفع السوء عني وقوله "إقرأ" كذا في النسخ الحاضرة وهكذا هو في رواية الحاكم، لكن الذي عند أحمد والنسائي والدارمي إقرئني سورة هود وسورة يوسف وكذا عند ابن حبان وابن السني وهكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج9ص370)(لن تقرأ شيئاً أبلغ عند الله) أي أتم وأعظم في باب التعوذ لدفع السوء وغيره وهذا لفظ النسائي وأحمد في رواية، وللدارمي وأحمد في رواية أخرى لن تقرأ من القرآن سورة أحب إلى الله ولا أبلغ عنده وكذا عند ابن حبان والحاكم (من قل أعوذ برب الفلق) أي من هذه السورة. وقال الطيبي: أي من هاتين السورتين على طريقة قوله تعوذ بهما الخ وقال ابن الملك: والمراد التحريض على التعوذ بهاتين السورتين- انتهى. وكأنهما أراد إن الحديث من باب الاكتفاء بإحدى القرينتين عن الأخرى وليتفق الحديثان ويطابقاً ما في حديث مسلم في المعوذتين لم ير مثلهن (روه أحمد)(ج4ص149، 155)(والنسائي) في الاستعاذة (والدارمي) وأخرجه أيضاً ابن حبان في صحيحه وابن السني (ص222) والحاكم (ج2ص540) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي والحديث عزاه في الكنز للبيهقي والطبراني أيضاً.

2185-

قوله: (أعربوا) بفتح الهمزة وسكون العين المهملة وكسر الراء (القرآن) المراد بأعراب القرآن معرفة معاني ألفاظه وتبيينها، وليس المراد الإعراب المصطلح عليه عند النحاة وهو ما يقابل اللحن. قال في اللمعات:

ص: 240

واتبعوا غرائبه، وغرائبه فرائضه وحدوده)) .

2176-

(58) وعن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير، والتسبيح أفضل من الصدقة،

ــ

أي بينوا معانيه وأظهروها، والإعراب الإبانة والإفصاح وهذا يشترك فيه جميع من يعرف لسان العرب ثم ذكر ما يخص بأهل الشريعة من المسلمين بقوله (واتبعوا غرائبه) وفسر الغرائب بالفرائض من الأحكام الواجبة والحدود الشاملة لها ولغيرها حتى السنن والآداب وسماها غرائب لاختصاصها بأهل الدين أو لأن الإيمان غريب فأحكامه تكون غرائب- انتهى. وقيل المعنى أعربوا القرآن أي بينوا ما في القرآن من غرائب اللغة وبدائع الإعراب وقوله "واتبعوا غرائبه" لم يرد به غرائب اللغة لئلا يلزم التكرار ولهذا فسره بقوله وغرائبه فرائضه وحدوده، والمراد بالفرائض المأمورات وبالحدود المنهيات. وقال الطيبي: يجوز أن يراد بالفرائض فرائض المواريث بالحدود حدود الأحكام، أو يراد بالفرائض ما يجب على المكلف إتباعه وبالحدود ما يطلع به على الأسرار الخفية والرموز الدقيقة. قال وهذا التأويل قريب من معنى خبر أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل آية منها ظهر وبطن، الحديث فقوله أعربوا القرآن إشارة إلى ما ظهر منه وفرائضه وحدوده إلى ما بطن منه- انتهى. وقال القاري: وحاصل المعنى بينوا ما دلت عليه آياته من غرائب الأحكام وبدائع الحكم وخوارق المعجزات ومحاسن الآداب وأماكن المواعظ من الوعد والوعيد وما يترتب عليه من الترغيب والترهيب، أو بينوا إعراب مشكل ألفاظه وعباراته ومحامل مجملاته ومكنونات إشاراته وما يرتبط بتلك الإعرابات من المعاني المختلفة باختلافها لأن المعنى تبع للإعراب.

2186-

قوله: (قراءة القرآن في الصلاة) فرضاً كانت أو نفلاً (أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة) لكونها منضمنة إلى عبادة أخرى ولأن الصلاة محل مناجاة الرب وأفضل عبادات البدن الظاهرة، ولكون القراءة فيها بالحضور أقرب وأحرى (وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير) أي وإن كانا في الصلاة والمراد التسبيح والتكبير وأمثالهما من سائر الأذكار لكون القرآن كلام الله وفيه حكمة وأحكامه. وقيل لأن التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل بعض القرآن، ولذلك فضلوا القيام في الصلاة على الركوع والسجود من جهة أن القيام فيها محل قراءة القرآن وهذه الأفضلية إنما هي فيما لم يرد فيه ذكر بخصوصه أي هذا الحكم إنما هو في غير الأوقات التي يطلب فيها التسبيح ونحوه فهو عقب الصلاة أفضل من قراءة القرآن، وأما ذات القرآن فهي أفضل من غيرها مطلقاً والكلام إنما هو في الاشتغال (والتسبيح) أي ونحوه وترك التكبير اكتفاء (أفضل من الصدقة) وقد اشتهر

ص: 241

والصدقة أفضل من الصوم، والصوم جنة من النار)) .

2187-

(59) وعن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي عن جده، قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ــ

إن العبادة المتعدية أفضل من اللازمة لكن ينبغي أن يخص هذا الحكم بما عدا ذكر الله فيستثنى الذكر منه قاله في اللمعات. وقال القاري: قوله "من الصدقة" أي من الصدقة المالية المجردة عن الذكر لأن المقصود من جميع العبادات والخير ذكر الله (والصدقة أفضل من الصوم) أي صوم التطوع قيل: أي في بعض الأحيان وإلا فصدقة بتمرة على غير مضطر لا تساوي صوم يوم لما يترتب عليه من المشقة. وقيل: لأن الصدقة نفع متعد والصوم قاصر. وقال في اللمعات: جعلها أفضل منه من جهة أن الصوم إمساك المال عن نفسه ثم إنفاقه عليها وفي الصدقة إنفاق على الغير وجهة أفضلية الصوم المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم (كل عمل بني آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها. إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به باقية) . ولا شك إن اختلاف الجهات يعتبر في أمثال هذه السائل وإلى هذا أشار بقوله والصوم جنة- انتهى. وقال الطيبي: قيل ما تقدم من أن كل عمل بني آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها. الحديث يدل على أن الصوم أفضل، ووجه الجمع أنه إذا نظر إلى نفس العبادة كانت الصلاة أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم. وإذا نظر إلى كل واحد منها وما يؤل إليه من الخاصة التي لم يشاركها غيره فيها كان الصوم أفضل- انتهى. (والصوم جنة) أي وقاية من النار أي مما يجر إليها في الدنيا ومن عذاب الله في العقبى، وإذا كان هذا من فوائد الصوم للفضول فما بالك بالصدقة التي هي أفضل منه.

2187-

قوله: (وعن عثمان بن عبد الله بن أوس) بن أبي أوس الثقفي الطائفي. قال في التقريب: مقبول من أوساط التابعين. وقال في تهذيب التهذيب: ذكره ابن حبان في الثقات (عن جده) أي أوس بن أبي أوس الثقفي الصحابي وهو غير أوس بن أوس الثقفي الصحابي الذي تقدم حديثه في الفصل الثاني من باب الجمعة (ج2ص280) قال في التقريب: أوس بن أبي أوس واسم أبي أوس حذيفة الثقفي صحابي وهو غير الذي قبله (يعني أوس بن أوس) على الصحيح. وقال في تهذيب التهذيب (ج1ص381) والإصابة (ج1ص89) في ترجمة أوس بن أوس الثقفي نقل عباس الدوري عن ابن معين أن أوس بن أوس الثقفي وأوس بن أبي أوس واحد. وقيل: إن ابن معين أخطأ في ذلك وإن الصواب إنهما اثنان وقد تبع ابن معين جماعة على ذلك منهم أبوداود، والتحقيق إنهما اثنان، ومن قال في أوس بن أوس، أوس بن أبي أوس أخطأ كما قيل في أوس بن أبي أوس، أوس بن أوس وهو خطأ. وأما أوس بن أبي أوس فاسم والده حذيفة كما سيأتي. وقال في (ج1ص82) من الإصابة أوس بن حذيفة بن ربيعة الثقفي هو أوس بن أبي أوس وهو والد عمر بن أوس وجد عثمان بن عبد الله بن أوس. قال أحمد في مسنده:(ج4ص8) أوس بن أبي

ص: 242

((قراءة الرجل القرآن في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف تضعف على ذلك إلى ألفي درجة)) .

2188-

(60) وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد إذا أصابه الماء. قيل يا رسول الله! وما جلاؤها؟ قال:

ــ

أوس هو أوس بن حذيفة. وقال البخاري في تاريخه: (ج1ص16، 17) أوس بن حذيفة الثقفي والد عمرو بن أوس ويقال أوس بن أبي أوس ويقال أوس بن أوس له صحبة وكذا قال ابن حبان في الصحابة. وقال أبونعيم في معرفة الصحابة: اختلف المتقدمون في أوس هذا، فمنهم من قال أوس بن حذيفة، ومنهم من قال أوس بن أبي أوس، وكنى أباه، ومنهم من قال أوس بن أوس. وأما أوس بن أوس الثقفي (الذي تقدم حديثه في الجمعة) فروى عنه الشاميون. وقيل: فيه أوس بن أبي أوس أيضاً قال، وتوفي أوس بن حذيفة سنة تسع وخمسين- انتهى. (قراءة الرجل) المراد بالرجل الشخص فيشمل الأنثى والخنثى فهو وصف طردي (القرآن في غير المصحف) أي من حفظه (ألف درجة) أي ذات ألف درجة. قال الطيبي: ألف درجة خبر لقوله قراءة الرجل على تقدير مضاف أي ذات ألف درجة ليصح الحمل كما في قوله تعالى هم درجات أي ذوو درجات (تضعف) بتشديد العين أي تزاد، وفي الجامع الصغير ومجمع الزوائد تضاعف أي تتضاعف في الثواب (على ذلك) أي على ما ذكر من القراءة في غير المصحف (إلى ألفي درجة) لحظ النظر في المصحف وحمله ومسه. قيل: ومحل ذلك إذا كانت قراءته في المصحف إخشع كما هو الغالب فإن كان عن ظهر قلب إخشع كان أفضل. قال النووي في الأذكار قال أصحابنا: قراءة القرآن في المصحف أفضل من القراءة من حفظه وهو المشهور عن السلف رضي الله عنهم، وهذا ليس على إطلاقه بل إن كان القاري من حفظه يحصل له من التدبر والتفكر وجمع القلب والبصر أكبر مما يحصل من المصحف، فالقراءة من الحفظ أفضل وإن استويا فمن المصحف أفضل أي لأنه ضم إلى عبادة القراءة عبادة النظر في المصحف فلاشتمال هذه على عبادتين كان أفضل، قال وهذا مراد السلف. وقيل: إن زاد خشوعه وتدبره وإخلاصه في أحدهما فهو الأفضل وإلا فالنظر، ويدل كلام الطيبي على أن التمكن من التفكر والتدبر واستنباط المعاني في صورة القراءة من المصحف أكثر. قال في اللمعات وفي كليته نظر.

2188-

قوله: (تصدأ) بالهمز أي يعرض لها دنس ووسخ بتراكم الغفلات وتزاحم الشهوات (كما يصدأ) أي يتوسخ من صدى الحديد كسمع وصدؤككرم علاه الصدأ، وهو مادة لونها يأخذ من الحمرة والشقرة تتكون على وجه الحديد ونحوه بسبب رطوبة الهواء (وما جلاءها) بكسر الجيم أي آلة جلاء صدأ القلوب

ص: 243

كثرة ذكر الموت، وتلاوة القرآن)) روى البيهقي الأحاديث الأربعة في شعب الإيمان.

2189-

(61) وعن أيفع بن عبد الكلاعي، قال: ((قال رجل يا رسول الله!

ــ

من وسخ العيوب (كثرة ذكر الموت) وهو الواعظ الصامت ويوافقه الحديث المشهور أكثر ذكر هادم اللذات بالمهملة والمعجمة أي قاطعها أو مزيلها من أصلها (وتلاوة القرآن) بالرفع ويجوز جره وهو الواعظ الناطق فهما بلسان الحال وبيان القال يبردان عن قلوب الرجال أوساخ محبة الغير من الجاه والمال (روى البيهقي الأحاديث الأربعة الخ) الحديث الأول أي حديث أبي هريرة أخرجه الحاكم أيضاً (ج2ص439) بلفظ: أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه، وفي سنده عبد الله بن سعيد المقبري، ونسبه السيوطي في الجامع الصغير، وعلى المتقى في كنز العمال لابن أبي شيبة أيضاً، ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد (ج7ص163) إلى أبي يعلى وقال فيه عبد الله ابن سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو متروك. وقد ذكره الثلاثة بلفظ: التمسوا غرائبه بدل قوله اتبعوا غرائبه ورواه أيضاً البيهقي في الشعب والديلمي بأطول من هذا كما في الكنز. وفي الباب عن ابن مسعود عند الطبراني في الأوسط ذكره الهيثمي وقال فيه نهشل وهو متروك. والحديث الثاني أي حديث عائشة عزاه في الجامع الصغير وكنز العمال إلى الدارقطني في الإفراد والبيهقي في الشعب، ولا يدري حال سنده. والحديث الثالث أي حديث عثمان بن عبد الله بن أوس عن جده، أخرجه أيضاً ابن عدي والطبراني في الكبير كما في الجامع الصغير والكنز ومجمع الزوائد قال الهيثمي: وفيه أبوسعيد بن عوذ وثقه ابن معين في رواية وضعفه في أخرى وبقية رجاله ثقات. قلت: قال الذهبي في الميزان (ج2ص163) والحافظ في اللسان (ج6ص383) أبوسعيد بن عوذ المكتب حدث عن بعض التابعين اسمه رجاء بن الحارث ضعيف، روى أحمد أبي مريم عن يحيى بن معين ليس به بأس وروى غيره عن ابن معين ضعيف. ثم ذكرا هذا الحديث ونقلاً عن ابن عدي أنه قال مقدار ما يرويه أبوسعيد بن عوذ غير محفوظ وفي الباب عن أبي سعيد أخرجه الحكيم الترمذي والبيهقي في الشعب بإسناد ضعيف، وعن عمرو بن أوس أخرجه ابن مردوية، وعن ابن مسعود أخرجه أبونعيم في الحلية والبيهقي في الشعب، وعن عبادة بن الصامت أخرجه الحكيم الترمذي كما في الجامع الصغير. والحديث الرابع أي حديث ابن عمر رواه أيضاً محمد بن نصر وأبونعيم في الحلية والخرائطي في اعتلال القلوب والخطيب في التاريخ كما في الكنز ولم أقف على حال سنده.

2189-

قوله: (وعن أيفع) بفتح الهمزة وسكون التحتانية وفتح الفاء بعدها عين مهملة بوزن أحمد (ابن عبد) بالتنوين (الكلاعي) بفتح الكاف وخففة اللام وبالعين المهملة منسوب إلى ذي الكلاع قبيلة في اليمن. وقيل: موضع منه وأيفع هذا ذكره الحافظ في الإصابة في القسم الرابع من حرف الألف وهو مخصوص

ص: 244

أي سورة القرآن أعظم؟ قال: (قل هو الله أحد)

ــ

يمن ذكر في الكتب المؤلفة في الصحابة على سبيل الوهم والغلط. قال في (ج1ص135) أيفع بن عبد الكلاعي تابعي صغير استدركه أبوموسى المديني. وقال أخرجه الإسماعيلي في الصحابة. قال الإسماعيلي: حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا الحكم بن موسى عن الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو السكسكي الحمصي، قال سمعت أيفع بن عبد الكلاعي على منبر حمص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. قال: يا أهل الجنة كم لبثتم في الأرض عدد سنين - الحديث. وقد تابعه أبويعلى عن الهيثم بن خارجة عن الوليد رجال إسناده ثقات إلا أنه مرسل أو معضل ولا يصح لأيفع سماع من صحابي، وإنما ذكر ابن أبي حاتم روايته عن راشد بن سعد (المقرئي الحمصي من ثقات أوساط التابعين) وقال عبدان سمعت محمد ابن المثنى يقول مات أيفع سنة ست ومائة. وقال الدارمي في مسنده: أخبرنا يزيد بن هارون عن حريز بن عثمان عن أيفع بن عبد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل آية الكرسي وهو مرسل أيضاً أو معضل- انتهى كلام الحافظ. هذا وقد ظن المصنف والجزري وغيرهما إن أيفع بن عبد هذا هو أيفع بن ناكورا (بالنون وضم الكاف) المعرف بذي الكلاع الحميري وهذا خطأ والصواب أنه غيره الأول متأخر وهذا زمنه متقدم عليه، واختلف في اسمه واسم أبيه فقيل أسْميفع سميفع، ويقال أيفع بن ناكورا. وقيل ابن حوشب بن عمرو بن يعفر بن يزيد الحميري وكان يكنى أبا شرحبيل ويقال أبا شراحيل بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم جريراً فأسلم. قال ابن عبد البر: كان يعني أيفع بن ناكورا المعروف بذي الكلاع رئيساً في قومه مطاعاً متبوعاً نكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم في التعاون على الأسود ومسيلمة وطليحة وكان الرسول إليه جرير بن عبد الله البجلي فأسلم وخرج مع جرير (وذي عمر) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يصلا إليه. قال ابن عبد البر: ولا أعلم لذي الكلاع صحبة أكثر من إسلامه وإتباعه النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وقدم في زمن عمر فروى عنه وشهد صفين مع معاوية وقتل بها سنة سبع وثلاثين قتله الأشتر النخعي، وقيل غيره. قال ولا أعلم له رواية إلا عن عمر وعوف بن مالك، ونقل الحافظ عن معجم الشعراء للمرزباني أنه قال أسميفع بن الأكور ذو الكلاع الأصغر مخضرم له مع عمر أخبار ثم بقي إلى أيام معاوية (أي سورة القرآن أعظم) أي في شأن التوحيد فلا ينافي ما مر في الفاتحة إنها أعظم سورة القرآن. وقيل إنها أعظم بعد الفاتحة. وقال ابن حجر: حديث الفاتحة طرقه كلها صحيحة بخلاف هذا الحديث. وقال في اللمعات: قد سبق إن أعظم سورة في القرآن فاتحة الكتاب فيعتبر تعدد الجهات ففاتحة الكتاب أعظم من جهة جامعيتها المقاصد القرآن ووجوب قراءتها في الصلاة، وقل هو الله أحد لبيان توحيد الحق سبحانه وآية الكرسي لجامعية صفاته الثبوتية والسلبية وعظمته وجلالته وخواتيم سورة البقرة لاشتمالها على الدعاء

ص: 245

قال: فأي آية في القرآن أعظم؟ قال: آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قال: فبآي آية يا نبي الله! تحب أن تصيبك وأمتك؟ قال: خاتمة سورة البقرة، فإنها من خزائن رحمة الله تعالى من تحت عرشه، أعطاها هذه الأمة، لم تترك خيراً من خير الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه)) رواه الدارمي.

2190-

(62) وعن عبد الملك بن عمير مرسلاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء))

ــ

الجامع لخير الدنيا والآخرة والله تعالى أعلم (فأي آية في القرآن أعظم) أي في بيان صفاته تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) أي إلى آخرها (تحب أن تصيبك وأمتك) أي خيرها وبركتها وقيل: ثوابها وفائدتها (قال خاتمة سورة البقرة) أي من آمن الرسول أي هي التي أحب أن تنالني وأمتي فائدتها قبل بقية القرآن (من تحت عرشه) خبر بعد خبر أي نزولها من تحت عرشه أو التقدير من خزائن رحمة الله الكائنة أو كائنة من تحت عرشه وهذا بحسب الإعراب، وأما معناه فأنا على حقيقة إدراكه في حجاب (أعطاها هذه الأمة) أي بخصوصها (إلا اشتملت) أي تلك الخاتمة (عليه) أي على ذلك الخير عبارة وإشارة. قال الطيبي: أما خير الآخرة فإن قوله: {آمن الرسول} إلى قوله {لا نفرق بين أحد من رسله} إشارة إلى الإيمان والتصديق وقوله: {سمعنا وأطعنا} إلى الإسلام والانقياد والأعمال الظاهرة وقوله: {إليك المصير} إشارة إلى جزاء العمل في الآخرة وقوله: {لا يكلف الله نفساً} إلى قوله: {وانصرنا على القوم الكافرين} إشارة إلى المنافع الدنيوية والله أعلم (رواه الدارمي) في فضائل القرآن. قال حدثنا أبوالمغيرة (عبد القدوس بن الحجاج الحمصي) ثنا صفوان ابن عمرو (السكسكي) حدثني أيفع بن عبد الكلاعي قال، قال رجل يا رسول الله! الخ ورجاله ثقات إلا أنه مرسل أو معضل كما تقدم ولم أقف على من خرجه غيره.

2190-

قوله: (وعن عبد الملك بن عمير) بضم عين مهملة وفتح ميم مصغراً ابن سويد اللخمي حليف بني عدي الكوفي، ويقال الفرسي بفتح الفاء والراء ثم مهملة نسبة إلى فرس له سابق كان يقال القبطي بكسر القاف وسكون الموحدة، وربما قيل ذلك لعبد الملك ثقة فقيه تغير حفظه، وربما دلس من أوساط التابعين مات سنة ست وثلاثين وله مائة وثلاث سنين كذا في التقريب. (شفاء من كل داء) أي جسماني وروحاني بأن تقرأ وتتلى ثم يتفل في المريض أو تكتب وتمحي وتسقي وتخلف الشفاء لسوء الطوية وضعف الإيمان واليقين وعدم الإخلاص

ص: 246

رواه الدارمي، والبيهقي في شعب الإيمان.

2191-

(63) وعن عثمان بن عفان، قال:((من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة)) .

2192-

(64) وعن مكحول، قال:((من قرأ سورة آل عمران يوم الجمعة صلت عليه الملائكة إلى الليل)) . رواهما الدارمي.

ــ

قال الطيبي: يشمل داء الجهل والكفر والمعاصي والأمراض الظاهرة. ولقد بين ابن القيم في كتابه الطب النبوي وجه كون الفاتحة شفاء من الأدواء سيما من السم فعليك أن تراجع ما كتب فيه في رقية اللديغ بالفاتحة. وأما مسألة شرب المريض ما كتب في الإناء من القرآن بعد غسله للاستشفاء فراجع لذلك (الإتقان ج2ص166)(رواه الدارمي) عن قبيصة بن عقبة السواءي عن الثوري عن عبد الملك بن عمير ورجاله ثقات إلا أنه مرسل (والبيهقي إلخ) قال السيوطي في الإتقان (ج2ص163) أخرج البيهقي وغيره من حديث عبد الله بن جابر في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء، وأخرج الخلعي في فوائده من حديث جابر بن عبد الله فاتحة الكتاب شفاء من كل شي إلا السام والسام الموت. وأخرج سعيد بن منصور في سننه والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد وأبوالشيخ في الثواب عن أبي هريرة وأبي سعيد معاً فاتحة الكتاب شفاء من السم.

2191-

قوله: (من قرأ آخر آل عمران) أي من قوله تعالى: {إن في خلق السموات والأرض} [آل عمران: 19] إلى آخر السورة (في ليلة) أي أولها أو آخرها، وقد ثبت قرائته عليه الصلاة والسلام أول ما استيقظ من نومه من الليل لصلاة التهجد (كتب له قيام ليلة) أي ثواب صلاة التهجد. وقال القاري: أي كتب من القائمين بالليل.

2192-

قوله: (وعن مكحول) الشامي التابعي المشهور (صلت عليه الملائكة) أي دعت له واستغفرت (رواهما الدارمي) أما أثر عثمان فرواه عن إسحاق بن عيسى عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عثمان وابن لهيعة قد تقدم الكلام فيه. وأما أثر مكحول فرواه عن محمد بن المبارك عن صدقة بن خالد عن يحيى بن الحارث (الِذماري الغساني الشامي) عن مكحول وهو مقطوع، والمقطوع في اصطلاحهم ما جاء عن التابعي أو من دونه من قوله أو فعله موقوفاً عليه وهو ليس بحجة كالموقوف (وهو المروي عن الصحابي قولاً له أو فعلاً أو تقريراً) إلا إذا كان ذلك مما لا مجال للاجتهاد فيه فيكون في حكم المرفوع كالأخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص مثلاً والأمر ههنا كذلك وهكذا يقال في أثر عثمان.

ص: 247

2193-

(65) وعن جبير بن نفير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن الله ختم سورة البقرة بآيتين أعطيتهما من كنزه الذي تحت العرش، فتعلموهن وعلموهن نساءكم، فإنها صلاة وقربان ودعاء)) . رواه الدارمي مرسلاً.

ــ

2193-

قوله: (وعن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة وسكون التحتية وبالراء مصغراً (بن نفير) بضم النون وفتح الفاء وسكون التحتانية وبالراء ابن مالك بن عامر الحضرمي الحمصي ثقة جليل من كبار تابعي أهل الشام مخضرم، ولأبيه صحبة فكأنه ما وفد إلا في عهد عمر مات سنة ثمانين، وقيل بعدها قاله في التقريب. وقال في التهذيب: أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه وعن أبي بكر الصديق مرسلاً وعن عمر بن الخطاب وفي سماعه منه نظر، وعن أبيه وأبي ذر وخلق وعنه ابنه عبد الرحمن ومكحول وأبوالزاهرية وغيرهم (أعطيتهما) بصيغة المجهول وفي رواية الحاكم أعطانيهما (من كنزه) أي المعنوي أو الحسي (فتعلموهن) أي كلماتهما (وعلموهن نساءكم) لعل تخصصهن لكونهن أولى بتعليمهن من غيرهن لا لأن غيرهن لا يعلمهن، وزاد في رواية الحاكم وأبناءكم (فإنها) أي كلماتهما أو كل واحدة من الآيتين وفي بعض النسخ من السنن للدارمي فإنهما أي بضمير التثنية (صلاة) أي رحمة خاصة لقائلها أو رحمة عظيمة لما فيها من النص على رفع الاصر عن هذه الأمة أو استغفار أو ما يصلي بها. قال القاري: وهو الأظهر لأن الاستغفار دعاء فيتكرر (وقربان) بضم القاف وكسرها أي ما يتقرب به إلى الله تعالى وقوله "قربان" كذا في النسخ الحاضرة من المشكاة وهكذا في بعض النسخ من سنن الدارمي، ووقع في بعضها "قرآن" بدل "قربان" وهكذا وقع في رواية الحاكم، والمعنى إنها صلاة أي جملة الآيتين يصلي بهما يعني يقرأ بهما المصلى في صلاته وقرآن أي يتلى بهما قرآناً يعني يتلو بهما التالي في تلاوته. والحاصل إنهما لفظ منزل عليه صلى الله عليه وسلم متعبد بتلاوته كغيرهما (ودعاء) أي ويدعى بهما يعني يدعو بهما الداعي في دعاءه، والمراد إنهما مشتملتان على الدعاء وهذا لا ينافي إن غيرهما منه ما هو مشتمل على الدعاء. قال الطيبي: الضمير في أنها راجع إلى معنى الجماعة من الكلمات والحروف في قوله بآيتين على طريقة قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [الحجرات:9] ولم يرد بالصلاة الأركان لأنها غيرها ولا الدعاء للتكرار بل أراد الاستغفار نحو غفرانك واغفر لنا. وأما القربان فإما إلى الله كقوله {وإليك المصير} وإما إلى الرسول كقوله {آمن الرسول} (رواه الدارمي مرسلاً) وكذا الحاكم (ج1ص562) وأبوداود فسي مراسيله، وأخرجه الحاكم أيضاً مسنداً موصولاً عن جبير بن نفير عن أبي ذر ومدار المرسل والموصول على معاوية بن صالح الراوي عن أبي الزاهرية عن جبير. قال الحاكم بعد روايته عن أبي ذر: هذا حديث

ص: 248

2194-

(66) وعن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((اقرؤا سورة هود يوم الجمعة)) . رواه الدارمي.

2195-

(67) وعن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له النور ما بين الجمعتين)) رواه البيهقي في الدعوات الكبير.

ــ

صحيح على شرط البخاري. قال الذهبي: كذا قال: ومعاوية لم يحتج به البخاري. وقال المنذري في الترغيب معاوية بن صالح لم يحتج به البخاري، إنما احتج به مسلم. قلت: قال أبوحاتم لا يحتج به، وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه. وقال أبوإسحاق الفزاري: ما كان بأهل أن يروي عنه. ووثقه أحمد وابن معين وعبد الرحمن بن مهدي وأبوزرعة والنسائي والعجلي والبزار وابن حبان، وأخرج له مسلم في صحيحه والتعديل مقدم على الجرح المبهم سيما إذا كان من متعنت فحديثه صحيح أو حسن لذاته.

2194-

قوله: (وعن كعب) هو كعب بن ماقع الحميري المعروف بكعب الأحبار من ثقات كبار التابعين مخضرم قد سبق ترجمته (إقرؤا سورة هود) يصرف ولا يصرف (يوم الجمعة) لم يذكر ثواب قراءتها لظهوره أو أشار إلى كثرته وعدم إحصاءه والله أعلم (رواه الدارمي) من طريق عبد الله بن رباح عن كعب وهو مرسل ونسبه السيوطي في الجامع الصغير إلى البيهقي في الشعب. وقال أخرجه عن كعب الأحبار مرسلاً. قال العزيزي: قال الحافظ ابن حجر مرسل صحيح الإسناد.

2195-

قوله: (أضاء له) أي في قلبه أو قبره أو يوم حشره في الجمع الأكبر قاله القاري (النور) قيل أي نور السورة أو نور أجرها. وقيل أي نور الهداية والإيمان والحمل على ظاهره أولى لعدم ما ينافيه عقلاً وشرعاً كما لا يخفى (ما بين الجمعتين) أي مقدار ما بينهما من الزمان. قال الطيبي: قوله "أضاء" له يجوز أن يكون لازماً وقوله "ما بين الجمعتين" ظرف فيكون إشراق ضوء النور فيما بين الجمعتين بمنزلة إشراق النور نفسه مبالغة ويجوز أن يكون متعدياً فيكون ما بين مفعولاً به وعلى الوجهين فسرت الآية فلما أضاءت ما حوله- انتهى. وقوله أضاء له النور كذا في النسخ الحاضرة من المشكاة ووقع عند الحاكم (ج2ص368) والبيهقي في سننه (ج3ص249) أضاء له من النور وهكذا نقله الجزري في الحصن والسيوطي في الجامع الصغير والشوكاني في تحفة الذاكرين وعلى المتقى في الكنز فالظاهر في نسخ المشكاة إن "ما بين" فاعل لأضاء على كونه لازماً ومفعول على كونه متعدياً. قال الشوكاني: معنى إضاءة النور له ما بين الجمعتين إنه لا يزال عليه أثرها وثوابها في جميع الأسبوع (رواه البيهقي في الدعوات الكبير) وأخرجه أيضاً الحاكم (ج2ص368) من رواية نعيم بن حماد الخزاعي المروزي عن

ص: 249

2196-

(68) وعن خالد بن معدان، قال: ((اقرؤا المنجية وهي ألم تنزيل، فإنه بلغني أن رجلاً كان يقرأها ما يقرأ شيئاً غيرها، وكان كثير الخطايا، فنشرت

ــ

هشيم عن أبي هاشم يحيى بن دينار الرماني عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج3ص249) قال الحاكم: صحيح الإسناد. وقال الذهبي: نعيم ذو مناكير. قلت: نعيم بن حماد هذا من الحفاظ الكبار كان أحمد يوثقه وقال ابن معين: كان من أهل الصدق إلا أنه يتوهم الشيء فيخطئ فيه. وقال العجلي: ثقة. وقال أبوحاتم: صدوق. روى عنه البخاري مقروناً، وروى له مسلم في المقدمة موضعاً واحداً، وأصحاب السنن إلا النسائي. وقال النسائي: ضعيف. ونسبه أبوبشر الدولابي إلى الوضع وتعقب ذلك ابن عدي بأن الدولابي كان متعصباً عليه لأنه كان شديداً على أهل الرأي. قال الحافظ: هذا هو الصواب. وقال في التقريب: صدوق يخطئ كثيراً فقيه عارف بالفرائض. وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه. وقال باقي حديثه مستقيم والحديث عزاه المنذري في الترغيب للنسائي أيضاً ورواه الدارمي وسعيد بن منصور عن هشيم عن أبي هاشم بإسناده موقوفاً على أبي سعيد بلفظ: من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق، ورواه البيهقي في الشعب عن أبي سعيد بهذا اللفظ مرفوعاً. وروى النسائي في اليوم والليلة والطبراني في الأوسط والحاكم أيضاً (ج1ص564) من طريق يحيى بن أبي كثير عن شعبه عن أبي هاشم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نوراً يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يسلط عليه الحديث. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الهيثمي (ج7ص53) بعد عزوه للطبراني ورجاله رجال الصحيح. قال الحاكم والبيهقي: وبمعناه رواه سفيان الثوري عن أبي هاشم فأوقفه. وقال النسائي بعد تخريجه: رفعه خطأ والصواب موقوفاً، ثم رواه من رواية الثوري وغندر عن شعبة موقوفاً ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج1ص239) وفي أسانيدهم كلها كما ترى أبوهاشم يحيى بن دينار الرماني والأكثرون بل كلهم على توثيقه. قال ابن عبد البر: اجمعوا على أنه ثقة. وروى أحمد (ج3ص439) وابن السني (ص217) والطبراني من حديث معاذ بن أنس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ أول سورة الكهف وآخرها كانت له نوراً من قدمه إلى رأسه، ومن قرأها كلها كانت له نوراً ما بين السماء والأرض وفي إسناده ابن لهيعة، وقد سبق الكلام فيه واختلف أيضاً في رفعه ووقفه.

2196-

قوله: (وعن خالد بن معدان) تقدم أنه تابعي (اقرؤا) أي في أول الليل كما يشعر به صنيع خالد وعمله (المنجية) أي من عذاب القبر وعقاب الحشر وقيل من عذاب الدنيا والآخرة (وهي ألم تنزيل) التي فيها آية السجدة (فإنه) أي الشأن (بلغني) قيل أي عن الصحابة فإنه لقي سبعين منهم (إن رجلاً) أي من هذه الأمة (كان يقرأها ما يقرأ شيئاً غيرها) أي لم يجعل لنفسه ورداً غيرها (فنشرت) أي بعد ما تصورت السورة أو

ص: 250

جناحها عليه، قالت: رب اغفر له فإنه كان يكثر قرأتي، فشفعها الرب تعالى فيه، وقال: اكتبوا له بكل خطيئة حسنة، وارفعوا له درجة.

2197-

(69) وقال أيضاً إنها تجادل عن صاحبها في القبر، تقول:((اللهم إن كنت من كتابك فشفعني فيه، وإن لم أكن من كتابك فامحني عنه، وإنها تكون كالطير تجعل جناحها عليه فتشفع له، فتمنعه من عذاب القبر. وقال في تبارك مثله. وكان خالد لا يبيت حتى يقرأهما)) .

2198-

(70) وقال طاووس: فضلتا

ــ

ثوابها على صورة طير (جناحها عليه) أي لتظله أو جناح رحمتها على الرجل القاري حماية له (قالت) بلسان القال وهو بدل بعض أو اشتمال من نشرت، لأن النشر مشتمل على الشفاعة الحاصلة بقولها رب اغفرلي (يكثر) من الإكثار (فشفعها) بالتشديد أي قبل شفاعتها (فيه) أي في حقه (بكل خطيئة) أي بدلها (حسنة) أي فضلاً وإحساناً وكرماً وإمتناناً.

2197-

قوله: (وقال) أي خالد (أيضاً) أي مثل قوله الأول موقوفاً (إنها) أي السورة ألم تنزيل (تجادل) أي تخاصم وتدفع غضب الرب وعذاب القبر (عن صاحبها) أي من يكثر قراءتها فإن صاحب الشيء ملازم له (تقول) بيان المجادلة (اللهم إن كنت) أي إذ كنت (من كتابك) أي القرآن المكتوب في اللوح المحفوظ (فشفعني فيه) بالتشديد أي فاقبل شفاعتي في حقه (وإن لم أكن من كتابك) أي على الفرض والتقدير (فامحني) بضم الحاء (عنه) أي عن كتابك فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب. قال ابن حجر: ونظير ذلك تدلل بعض خواص الملك عليه بقوله إن كنت عبدك فشفعني في كذا وإلا فبعني. وقال الطيبي: هو كما يقول الأب لابنه الذي لم يراع حقه إن كنت لك أبا فراع حقي وإن لم أكن لك أباً فلن تراعي حقي- انتهى. ومراده إن المراعاة لازمة واقعة البتة فلا ترديد في الحقيقة، ولما كانت مراعاة حق الأب ألزم من مراعاة الابن لم يقل كما يقول الابن لأبيه مع أنه كان أظهر في المناسبة قاله القاري (وإنها) أي وقال خالد إنها (تكون) أي في القبر (كالطير تجعل جناحها عليه) حماية له وقيل لتظله (فتشفع) بسكون الشين وفتح الفاء (وقال) أي خالد (في تبارك) أي في فضيلة سورته (مثله) أي مثل ما قال في سورة السجدة (وكان) في سنن الدارمي فكان (لا يبيت) أي لا يرقد.

2198-

قوله: (وقال طاووس) أي ابن كيسان التابعي المشهور (فضلتا) بالتشديد أي سورة ألم تنزل

ص: 251

على كل في سورة القرآن بستين حسنة)) . رواه الدارمي.

ــ

وسورة تبارك (على كل سورة في القرآن بستين حسنة) قال القاري: هذا لا ينافي الخبر الصحيح إن البقرة أفضل سور القرآن بعد الفاتحة، إذ قد يكون في المفضول مزية لا توجد في الفاضل أوله خصوصية بزمان أو حال كما لا يخفى على أرباب الكمال، أما ترى إن قراءة سبح والكافرون والإخلاص في الوتر أفضل من غيرها، وكذا سورة السجدة والدهر بخصوص فجر الجمعة أفضل من غيرهما، فلا يحتاج في الجواب إلى ما قاله ابن حجر إن ذاك حديث صحيح وهذا ليس كذلك انتهى كلام القاري. قال شيخنا في شرح الترمذي (ج4ص48) ما ذكره القاري من وجه الجمع بين هذين الحديثين لا ينفي الاحتياج إلى ما ذكر ابن حجر فتفكر- انتهى. وقيل: المراد تفضيلهما في الانجاء من عذاب القبر والمنع منه (رواه الدارمي) أي مقطوعاً يعني موقوفاً على التابعي من قوله ولكنه في حكم المرفوع المرسل فإن مثله لا يقال بالرأي. واعلم أن ما ذكره المصنف عن خالد بن معدان إنما هو حديثان، أحدهما قد تم على قوله درجة، ورواه الدارمي عن أبي المغيرة عن عبدة عن خالد بن معدان ورجاله لا بأس بهم، والثاني تم على قوله حتى يقرأهما، رواه الدارمي عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح الحضرمي عن أبي خالد عامر بن جشيب وبحير بن سعد عن خالد بن معدان به وعبد الله بن صالح المصري كاتب الليث صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة قاله في التقريب، وقول طاووس أثر ثالث رواه الدارمي وكذا ابن السني (ص217) من طريق ليث بن أبي سليم عن طاووس، وأخرجه الترمذي من هذا الطريق بلفظ: تفضلان على كل سورة من القرآن بسبعين حسنة. وليث بن أبي سليم. قال الحافظ: إنه صدوق اختلط أخيراً ولم يتميز حديثه فترك، وكان الأولى أن يفصل المصنف بين الآثار الثلاثة ويقول في الآخر روى الأحاديث أو الآثار الثلاثة الدارمي كعادته في مثل هذا. وأما ما وقع في رواية الترمذي بسبعين فالظاهر أنه من تصحيف الناسخ والله أعلم يدل على ذلك إنه ذكره السيوطي في الدر بلفظ: بستين كما في المشكاة وعزاه للترمذي والدارمي وابن مردوية ويدل عليه أيضاً رواية ابن السني. وفي الباب عن ابن مسعود أخرجه الحاكم (ج2ص498) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي قال يؤتي الرجل في قبره فتوتي رجلاه ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقوم يقرأ بي سورة الملك ثم يؤتي من قبل صدره أو قال بطنه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك ثم يؤتي رأسه فيقول ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ بي سورة الملك قال فهي المانعة تمنع من عذاب القبر وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة، فقد أكثر وأطاب. وأخرجه النسائي مختصراً بلفظ: من قرأ {تبارك الذي بيده الملك} [الملك:1] كل ليلة منعه الله عزوجل بها من عذاب القبر، وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة لأنها في كتاب الله عزوجل سورة المانعة من قرأها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب.

ص: 252

2199-

(71) وعن عطاء بن أبي رباح، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ يس في صدر النهار قضيت حوائجه)) . رواه الدارمي مرسلاً.

2200-

(72) وعن معقل بن يسار المزني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من قرأ يس ابتغاء وجه الله تعالى غفر له ما تقدم من ذنبه، فاقرأوها عند موتاكم)) . رواه البيهقي في شعب الإيمان.

2201-

(73) وعن عبد الله بن مسعود، أنه قال: ((إن لكل شي سناماً، وإن سنام القرآن سورة البقرة،

ــ

2199-

قوله: (وعن عطاء بن أبي رباح) بفتح الراء والموحدة وعطاء هذا من مشاهير التابعين تقدم ترجمته (من قرأ يس) بالسكون (في صدر النهار) أي أوله (قضيت حوائجه) أي دينية ودنيوية أو آخرة أو مطلقاً وهو الأظهر (رواه الدارمي مرسلاً) رجال إسناده ثقات إلا شجاع بن الوليد بن قيس السكوني وهو صدوق ورع له أوهام كذا في التقريب وفي الباب عن ابن عباس عند أبي الشيخ بلفظ: من قرأ يس ليلة ضعف على غيرها من القرآن عشراً، ومن قرأها في صدر النهار وقدمها بين يدي حاجته قضيت.

2200-

قوله: (وعن معقل) بفتح الميم وسكون المهملة وكسر القاف (بن يسار) بفتح التحتية (المزني) بضم الميم وفتح الزاي (ابتغاء وجه الله) أي طلباً لرضاه لا غرضاً سواه. وقال المناوي أي ابتغاء النظر إلى وجه الله تعالى في الآخرة أي لا للنجاة من النار ولا للفوز بالجنة، ويؤيد الأول رواية أحمد والنسائي وغيرهما بلفظ: يس قلب القرآن ولا يقرأها رجل يريد بها الله والدار الآخرة إلا غفر له فاقرؤها على موتاكم (غفر له ما تقدم من ذنبه) أي الصغائر وكذا الكبائر إن شاء قاله القاري (فاقرؤها عند موتاكم) أي من حضره الموت قال الطيبي: الفاء جواب شرط محذوف أي إذا كانت قراءة يس بالإخلاص تمحو الذنوب فاقرؤها عند من شارف الموت حتى يسمعها ويجريها على القلب فيغفر له ما قد سلف (رواه البيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه نحوه أحمد والنسائي وغيرهما كما تقدم، وفي الباب عن جندب بن عبد الله عند ابن حبان وغيره وعن أبي هريرة عند الدارمي وابن السني (ص217) والطبراني والبيهقي والعقيلي وغيرهم.

2201-

قوله: (إن لكل شي سناماً) بفتح السين أي علواً ورفعة مستعار من سنام البعير، ثم كثر استعماله فيها حتى صار مثلاً (وإن سنام القرآن سورة البقرة) إما لطولها واحتوائها على أحكام كثيرة أو لما فيها

ص: 253

وإن لكل شي لباباً، وإن لباب القرآن المفصل)) . رواه الدارمي.

2202-

(74) وعن علي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لكل شي عروس، وعروس القرآن الرحمن)) .

2203-

(75) وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً)) .

ــ

من الأمر بالجهاد وبه الرفعة الكبيرة قاله القاري. وقال الشوكاني: سنام الشيء أعلاه فالمعنى إن سورة البقرة أعلى القرآن وأرفعه قيل: والمراد بكونها سناماً للقرآن إنها جمعت من الأحكام ما لم يجمعه غيرها. وقيل لطولها طولاً يزيد على كل سورة من سور القرآن. والظاهر أن هذه الفضيلة لها ثابتة من غير نظر إلى طولها أو جمعها لكثير من الأحكام ولهذا كان أخذها بركة وكان الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه (وإن لكل شي) أي مما يصح أن يكون له لب (لباباً) بضم اللام أي خلاصة هي المقصودة منه. قال الدارمي اللباب الخالص (وإن لباب القرآن المفصل) لأنه فصل فيها ما أجمل في غيره وهو من الحجرات إلى آخر القرآن على المشهور (رواه الدارمي) أي موقوفاً وأخرجه أيضاً الطبراني وفي سندهما عاصم بن بهدلة المقريء وهو صدوق له أوهام حجة في القراءة وحديثه في الصحيحين مقرون قاله الحافظ في التقريب. وقال الهيثمي بعد عزو الحديث للطبراني: وفيه عاصم ابن بهدلة وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح- انتهى. وأخرجه الحاكم (ج1ص561) وفيه أيضاً عاصم بن بهدلة وليس فيه ذكر لباب القرآن وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي والحاكم (ج1ص560) وليس فيه أيضاً ذكر لباب القرآن وعن معقل بن يسار عند أحمد والطبراني كما في الكنز وليس فيه أيضاً ذكر تلك الجملة.

2022-

قوله: (لكل شي) أي مما يصح أن يكون له عروس (عروس) أي جمال وزينة وحسن وبهاء (وعروس القرآن الرحمن) وذلك لتكرر قوله {فبأي آلاء ربكما تكذبان} [الرحمن: 13] قاله في اللمعات. وقال القاري: لاشتمالها على النعماء الدنيوية والآلاء الأخروية ولاحتوائها على أوصاف الحور العين التي من عرائس أهل الجنة ونعوت حليهن وحللهن. وقال الطيبي: العروس يطلق على الرجل والمرأة عند دخول أحدهما على الآخر وأراد الزينة فإن العروس تحلى بالحلي وتزين بالثياب أو أراد الزلفى إلى المحبوب والوصول إلى المطلوب. وقال الحفني: العروس مما يستوي فيه المذكر والمؤنث فشبه سورة الرحمن بالعروس بجامع الحسن والميل والطرب بكل فإن العارف إذا قرأ سورة الرحمن وتذكر النعم المكررة فيها حصل له الطرب بقدر مقامه وصفاء باله.

2203-

قوله: (لم تصبه فاقة) أي حاجة وفقر (أبدأ) قال القاري: أي لم يضره فقر لما يعطي من

ص: 254

وكان ابن مسعود يأمر بناته يقرأن بها في كل ليلة)) رواهما البيهقي في شعب الإيمان.

2204-

(76) وعن علي، قال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة {سبح اسم ربك الأعلى} )) . رواه أحمد.

ــ

الصبر الجميل والوعد الجزيل أو لم يصبه فقر قلبي لما يعطي من سعة القلب والمعرفة بالرب والتوكل والاعتماد عليه وتسليم النفس وتفويض الأمر إليه لما يستفيد من آيات هذه السورة سيما ما يتعلق فيها بخصوص ذكر الرزق من قوله تعالى: {أفرأيتم ما تحرثون} [الواقعة: 63] وقوله عزوجل: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [الواقعة:82]- انتهى. وقال في اللمعات: قد حض الشارع على بعض العبادات المؤثرة في الأمور الدنيوية التي حصولها ممد ومعين على الدين وأمور الآخرة وليكونوا مشغولين بالعبادة على أي وجه كان فذلك يورث المحبة بها ومحبتها تفضى إلى محبة من أتى بها لأن محبة المنعم جبلية، ومن هذه الجهة إمتنانه تعالى بقوله:{أمدكم بأنعامٍ وبنين وجناتٍ وعيون} [الشعراء: 133- 134] وأمثال ذلك (في كل ليلة) وفي بعض النسخ كل ليلة أي بإسقاط في (رواهما) أي الحديثين (البيهقي) حديث على لم أقف على سنده ولا على من خرجه غير البيهقي. وقال العزيزي: إسناده حسن وحديث ابن مسعود أخرجه أيضاً ابن السني (ص218) ونسبه السيوطي في الإتقان (ج2ص165) للبيهقي والحارث ابن أبي أسامة وأبي عبيد وإسناد ابن السني حسن.

2204-

قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة) سورة {سبح اسم ربك الأعلى} قال القاري أي محبة زائدة وهي نظير ما ورد في سورة الفتح هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس رواه البخاري وغيره عن عمر مرفوعاً فزيادة المحبة في الفتح لما فيها من البشارة بالفتح والإشارة بالمغفرة، وفي هذه السورة لاشتمالها على تيسير الأمور في كل معسور بقوله {ونيسرك لليسرى} وكان صلى الله عليه وسلم يواظب على قراءتها في أول ركعات الوتر وقراءة الإخلاصين في الركعتين الأخريين، ويمكن أن يكون محبته صلى الله عليه وسلم لها لما فيها من قوله:{إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} [الأعلى: 18- 19] وهو شاهد على كون القرآن حقاً وحجة على المشركين وأهل الكتاب (رواه أحمد)(ج1ص96) من طريق ثوير بالمثلثة مصغراً ابن أبي فاختة عن أبيه عن على وثوير ضعيف متروك، فالحديث ضعيف الإسناد جداً. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج7ص36) بعد ذكره رواه أحمد وفيه ثوير بن أبي فاختة وهو متروك وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال تفرد به أحمد ولم يعله وعلى المتقى في كنز العمال ونسبه أيضاً للبزار والدورقي وابن مردويه وأعله بثوير بن أبي فاختة.

ص: 255

2205-

(77) وعن عبد الله بن عمرو، قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أقرؤني يا رسول الله! فقال: ((اقرأ ثلاثاً من ذوات (الرا) فقال: كبرت سني، واشتد قلبي، وغلظ لساني: فقال: فاقرأ ثلاثاً من ذوات (حم) فقال مثل مقالته، قال الرجل: يا رسول الله! اقرءني سورة جامعة، فاقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا زلزلت}

ــ

2205-

قوله: (أتى رجل) لم يسم وفي رواية مختصرة من حديث أنس ذكره الجزري في جامع الأصول وعزاه لرزين. قال أي أنس بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه إعرابي (أقرئني) بفتح الهمزة وكسر الراء من الإقراء أي علمني (إقرأ ثلاثاً) أي ثلاث سور (من ذوات الرا) بغير المد وهي رواية أحمد لكن بإفراد لفظه ذات بدل ذوات، وفي بعض النسخ من المشكاة من ذوات الراء بالمد والهمزة وهي رواية أبي داود والحاكم وكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج5ص366) أي من السورة التي تبدأ بهذه الحروف الثلاثة التي تقرأ مقطعة ألف، لام، را، والذي في القرآن منها خمس سور هي مع أرقام ترتيبها في المصحف 10يونس، 11هود، 12يوسف، 14إبراهيم، 15الحجر (كبرت) بضم الباء وتكسر (سني) أي كثر عمري (واشتد قلبي) أي غلب عليه قلة الحفظ وكثرة النسيان (وغلظ) بضم اللام (لساني) أي ثقل بحيث لم يطاوعني في تعلم القرآن لا تعلم السور الطوال (قال) فإن كنت لا تستطيع قراءتهن (فاقرأ ثلثاً من ذوات حم) فإن اقصر ذوات حم اقصر من ذوات الرا وفي المسند من ذات حم أي من السور التي تبدأ بهذين الحرفين حا، ميم، وهي في القرآن سبع سور، 40 غافر، 41 فصلت، 42 الشورى، 43 الزخرف، 44 الدخان، 45 الجاثية، 46 الأحقاف، (فقال) الرجل (مثل مقالته) الأولى ووقع عند أحمد وأبي داود وغيرهما بعد ذلك، فقال إقرأ ثلثاً من المسبحات فقال مثل مقالته، والمراد من المسبحات السورة التي تبدأ بمادة التسبيح وهي سبع سور، 17 الإسراء 57 الحديد 59الحشر، 61 الصف، 62 الجمعة، 64 التغابن، 87الأعلى، (أقرئني سورة جامعة) أي بين وجازة المباني وغزارة المعاني أو للمطالب الدنيوية والأخروية والثواب والعقاب على سبيل الإيجاز (فاقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زلزلت) كأنه طلبه لما يحصل به الفلاح إذا عمل به فلذلك قال سورة جامعة، وفي هذه السورة آية زائدة لا مزيد عليها {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره} [الزلزال: 8] والآية ولأجل هذا الجمع الذي لا حد له قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الحمر الأهلية لم ينزل على فيها شي إلا هذه الآية الجامعة الفاذة {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} وبيان ذلك

ص: 256

حتى فرغ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليه أبداً ثم أدبر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل مرتين)) . رواه أحمد، وأبوداود.

ــ

إنها وردت لبيان الاستقصاء في عرض الأعمال والجزاء عليها كقوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبةٍ من خردلٍ أتينا بها وكفى بنا حاسبين} [الأنبياء: 47](حتى فرغ منها) أي النبي أو الرجل (فقال الرجل) هذا لفظ أبي داود وعند أحمد حتى إذا فرغ منها قال الرجل (والذي بعثك بالحق لا أزيد عليه أبداً) أي على العمل بما دل عليه ما أقرأتينه من فعل الخير وترك الشر ولعل القصد بالحلف تأكيد العزم لا سيما بحضوره صلى الله عليه وسلم الذي بمنزلة للبايعة والعهد. قال الطيبي: فكأنه قال حسبي ما سمعت ولا أبالي أن لا أسمع غيرها وقوله: "لا أزيد عليه" كذا في النسخ الحاضرة من المشكاة والذي في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود "لا أزيد عليها" وهكذا وقع في رواية الحاكم وابن السني وكذا نقله الجزري في جامع الأصول وفي الحصن والحافظ ابن كثير في تفسيره والشوكاني في فتح القدير (ثم أدبر الرجل) أي ولى دبره وذهب (أفلح) أي فاز وظفر بالمطلوب (الرويجل) تصغير رجل. قال في اللسان: وتصغيره رجيل ورويجل على غير قياس حكاه سيبويه، وفي التهذيب تصغير الرجل رجيل وعامتهم يقولون رويجل صدق ورويجل سوء على غير قياس يرجعون أي الراجل كذا حكاه الشيخ أحمد محمد شاكر في شرح مسند الإمام أحمد. قال الطيبي: هو تصغير تعظيم لعبد غوره وقوة إدراكه وهو تصغير شاذ إذ قياسه رجيل (مرتين) إما للتأكيد أو مرة للدنيا ومرة للآخرة. وقيل: لشدة إعجابه عليه الصلاة والسلام منه وقوله: "قال أفلح الرويجل مرتين كذا في سنن أبي داود وعند أحمد وكذا ابن السني قال أفلح الرويجل أفلح الرويجل أي وقع مكرراً وهكذا ذكره الشوكاني (رواه أحمد) (ج2ص169) (وأبو داود) في أواخر الصلاة وأخرجه أيضاً الحاكم (ج2ص536) وابن السني (ص219) وابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص258- 259) وابن حبان في صحيحه كما ذكره الشيخ أحمد محمد شاكر في شرح المسند ونسبه المنذري في مختصر السنن والحافظ ابن كثير في تفسيره والجزري في الحصن والشوكاني في فتح القدير (ج5ص465) للنسائي أيضاً ونسبه أيضاً الشوكاني لمحمد بن نصر والطبراني وابن مردويه والبيهقي، والحديث إسناده صحيح سكت عليه أبوداود والمنذري. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين واستدرك عليه الذهبي فقال "بل صحيح" قال الشيخ أحمد شاكر: يريد أنه صحيح ولكن ليس على شرطهما، وهو كما قال فإن عياش بن عباس روى له مسلم فقط وعيسى بن هلال (راوي الحديث عن عبد الله بن عمرو) لم يرو له واحد منهما.

ص: 257

2206-

(78) وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم؟ قالوا: ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية في كل يوم؟ قال: أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهكم التكاثر؟)) رواه البيهقي في شعب الإيمان.

2207-

(79) وعن سعيد بن المسيب، مرسلاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ {قل هو الله أحد} عشر مرات بنى له بها قصر في الجنة، ومن قرأ عشرين مرة بنى له بها قصران في الجنة، ومن قرأها ثلثين مرة بنى له بها ثلاثة قصور في الجنة. فقال عمر بن الخطاب: والله يا رسول الله إذاً لنكثرن قصورنا.

ــ

2206-

قوله: (قالوا ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية في كل يوم) أي لا يستطيع كل أحد هذه القراءة على طريق المواظبة (قال أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهكم التكاثر) أي إلى آخرها، أو هذه السورة فإنها كقراءة ألف آية في الثواب أو في التزهيد عن الدنيا والترغيب في علم اليقين بالعقبى (رواه البيهقي في شعب الإيمان) وأخرجه أيضاً الحاكم (ج1ص566- 567) من طريق حفص بن ميسرة عن عقبة بن محمد بن عقبة عن نافع عن ابن عمر. قال الحاكم: رواة هذا الحديث كلهم ثقات وعقبة هذا غير مشهور وذكر الذهبي في تلخيص المستدرك والحافظ في اللسان (ج4ص179) كلام الحاكم، هذا وأقواه والحديث ذكره المنذري في الترغيب ونسبه للحاكم وقال رجال إسناده ثقات إلا أن عقبة لا أعرفه.

2207-

قوله: (وعن سعيد بن المسيب) التابعي الكبير المشهور (مرسلاً) بحذف الصحابي، وقد تقدم أن مراسيل سعيد بن المسيب أصح المرسلات على ما ذكره عن السيوطي الإمام أحمد. وقال الحاكم في علوم الحديث (ص25- 26) أصح المراسيل كما قال ابن معين مراسيل ابن المسيب، لأنه من أولاد الصحابة وأدرك العشرة وفقيه أهل الحجاز وأول الفقهاء السبعة الذين يعتد مالك بإجماعهم كإجماع كافة الناس، وقد تأمل الأئمة المتقدمون مراسيله فوجدوها بأسانيد صحيحة وهذه الشرائط لم توجد في مراسيل غيره. (ومن قرأها) أي السورة (ثلاثين مرة بنى له ثلاثة قصور في الجنة) لعله كور ليعلم إن كل ما زاد من الأعداد زيد له من الإمداد (إذاً) بالتنوين جواب وجزاء فيه معنى التعجب (لنكثرن) من الإكثار (قصورنا) قال الطيبي: أي إذا كان الأمر على ما ذكرت من أن جزاء عشر مرات قصر في الجنة فأنا نكثر قصورنا بكثرة قراءة هذه السورة فلا حد للقصور

ص: 258

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أوسع من ذلك)) . رواه الدارمي.

2208-

(80) وعن الحسن، مرسلاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ في ليلة مائة آية لم يحاجه القرآن تلك الليلة، ومن قرأ في ليلة مائتي آية كتب له قنوت ليلة، ومن قرأ في ليلة خمسمائة إلى الألف أصبح وله قنطار من الأجر.

ــ

حينئذٍ ولا أوسع من الجنة شي (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسع) أي أكثر عطاء (من ذلك) أو قدرته ورحمته أوسع فلا تعجب. وقال في اللمعات: الظاهر أن يكون غرض عمر رضي الله عنه إظهار الميل والرغبة في تكثير الثواب كما يظهر من قوله إذا لنكثرن مع تضمنه شيئاً من الاستبعاد فيكون الجواب إن ثواب الله وفضله ورحمته أوسع فارغبوا فيه ولا تستعبدوه. وكلام الطيبي منحصر في التعجب والاستبعاد وما ذكرنا أظهر فتدبر- انتهى. (رواه الدارمي) عن عبد الله بن يزيد عن حيوة عن أبي عقيل زهرة بن معبد. قال الدارمي: وكان من الإبدال أنه سمع سعيد بن المسيب يقول إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال من قرأ إلخ. قال الحافظ ابن كثير بعد ذكره: وهذا مرسل جيد- انتهى. وروى الإمام أحمد (ج3ص437) وابن السني (ص221) من طريق ابن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ {قل هو الله أحد} حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصراً في الجنة، فقال عمر إذا نستكثر يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر وأطيب، وابن لهيعة فيه كلام وزبان ضعيف فالحديث ضعيف ولهذا صدره المنذري في الترغيب بلفظه روى.

2208-

قوله: (وعن الحسن) أي البصري (مرسلاً) لأنه تابعي حذف الصحابي (من قرأ في ليلة مائة آية يحاجه القرآن) بتشديد الجيم من المحاجة وهي المخاصمة أي لم يخاصمه في تقصيره (تلك الليلة) أي من جهتها. وقال في اللمعات: أي لم يأخذه الله ولم يسأله عن أداء حق القرآن في تلك الليلة يعني إن قراءة هذا القدر من القرآن في ليلة تكفي في دفع مخاصمة القرآن وأداء حقه في تلك الليلة. وقيل: المراد به الحث على قيام الليل. وعليه يدل صنيع المنذري في الترغيب والهيثمي في مجمع الزوائد حيث أوردا أمثال هذا الحديث في باب صلاة الليل وتقدم حديث عبد الله بن عمرو مختصراً بنحو ذلك في الفصل الثاني من باب صلاة الليل (قنوت ليلة) أي طاعتها أو قيامها (أصبح وله قنطار) أي ثواب بعدده أو بوزنه (من الأجر) قال في اللمعات: القنطار وزن أربعين أوقية من ذهب أو ألف ومائتا دينار أو ملأ مسك الثور ذهباً أو فضة كذا في القاموس، والمقصود المبالغة في كثرة الثواب والمناسب حمله على المعنى الأخير. قلت: ويؤيده ما وقع في حديث أبي سعيد الخدري عند الدارمي من قوله

ص: 259