الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الفصل الثالث}
2273-
(29) عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع)) .
2274-
(30) زاد في رواية عن ثابت البناني مرسلاً، ((حتى يسأله الملح، وحتى يسأله شسعة إذا انقطع)) . رواه الترمذي.
ــ
2273-
قوله: (حاجته) مفعول ثان (كلها) تأكيد لها أي جميع مقصوداته إشعاراً بالافتقار إلى الاستعانة في كل لحظة ولمحة، ولأن خزائن الجود بيده وأزمته إليه ولا معطي إلا هو (حتى يسأل) أي ربه وفي بعض النسخ حتى يسأله (شسع نعله) بكسر المعجمة وسكون المهملة، أي شراكها. قال في المجمع: هو من سيور النعل ما يدخل بين الإصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام سير يعقد فيه الشسع. وقال الجزري: شسع النعل سير من سيورها التي تكون على وجهها يدخل بين الإصبعين – انتهى. قال الطيبي: وهذا من باب التتميم لأن ما قبله جئ في المهمات وما بعده في المتمات.
2274-
قوله: (وزاد في رواية) حق المصنف أن يقول وفي رواية أو يقول رواه الترمذي زاد في رواية قاله القاري (عن ثابت) بن أسلم (البناني) بضم الموحدة وخفة النون الأولى وكسر الثانية منسوب إلى بنانة اسم أم سعد بن لؤي، وثابت هذا من ثقات التابعين وحكى عنه قال: صحبت أنساً أربعين سنة (مرسلاً) أي مرفوعاً بحذف الصحابي (حتى يسأله الملح) ونحوه من الأشياء التافهة وهذا هو القدر الزائد، وأما قوله "حتى يسأله شسع نعله الخ" فهو موجود في الروايتين وإنما ذكره تنبيهاً على موضع الزائد (حتى يسأله شسعة) فإنه لم ييسره لم يتيسر ودفع به وبما قبله ما قد يتوهم من أن الدقائق لا ينبغي أن تطلب منه لحقارتها (رواه الترمذي) الحديث الموصول رواه الترمذي عن أبي داود صاحب السنن عن قطن بن نسير البصري وهو صدوق يخطئ كما في التقريب عن جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس. قال الترمذي: هذا حديث غريب وروى غير واحد هذا الحديث عن جعفر بن سليمان عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا فيه عن أنس حدثنا صالح بن عبد الله نا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى يسأله الملح وحتى يسأله شسع نعله إذا انقطع، وهذا أصح من حديث قطن عن جعفر بن سليمان – انتهى. يعني إن حديث صالح بن عبد الله عن جعفر بن سليمان مرسلا أصح من حديث قطن عن جعفر متصلا، لأن صالح بن عبد الله أوثق من قطن ومع ذلك
2275-
(31) وعنه، قال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى يرى بياض إبطيه)) .
ــ
قد تابع صالح بن عبد الله غير واحد. وقال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة قطن ما لفظه. قال ابن عدي: حدثنا البغوي ثنا القواريري ثنا جعفر عن ثابت بحديث ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها فقال رجل للقواريري إن شيخا يحدث به عن جعفر عن ثابت عن أنس. فقال القواريري: باطل. قال ابن عدي: وهو كما قال – انتهى. قلت: حديث أنس نسبه السيوطي وغيره لابن حبان أيضاً ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد (ج10ص150) للبزار وفيه زيادة قوله حتى يسأله الملح. قال الهيثمي: رواه الترمذي غير قوله وحتى يسأله الملح. ورجاله أي عند البزار رجال الصحيح غير سيار بن حاتم وهو ثقة. وفي الباب عن عائشة بلفظ سلوا الله كل شيء حتى الشسع فإن الله إن لم ييسره لم يتيسره. قال الهيثمي: رواه أبويعلى ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبيد الله بن المنادي وهو ثقة.
2275-
قوله: (وعنه) أي عن أنس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء) أي في مواضع مخصوصية قاله القاري. (حتى يرى) بصيغة المجهول أي يبصر (بياض إبطيه) قال القاري: لعل المراد بياض طرفي إبطيه ولا ينافيه حديث أبي داود المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك فإنه يحمل على الأقل في الرفع أو على أكثر الأوقات، والأول على بيان الجواز وفي الاستسقاء ونحوه من شدة البلاء والمبالغة في الدعاء - انتهى. قلت: قد ثبت في كل من الاستسقاء وغيره حتى يرى بياض إبطيه، أما الاستسقاء ففي الصحيحين من حديث أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعاء إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه، وأما غير في الاستسقاء ففي البخاري عن أبي موسى في قصة قتل عمه أبي عامر الأشعري قال: فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضع ثم رفع يديه، فقال: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ورأيت بياض إبطيه، وفي الصحيحين من حديث أبي عبيد في قصة ابن اللتبية ثم رفع يديه حتى رأيت عفرتي إبطيه يقول: اللهم هل بلغت. قال الحافظ: في ذلك رد على من قال لا يرفع كذا إلا في الاستسقاء. قلت: ويدل على رفع اليدين كذلك مطلقاً ما روى البخاري معلقاً في الاستسقاء والدعوات عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه، وما روى مسلم من وجه آخر عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى يرى بياض إبطيه ويجمع بين ذلك بأن تكون رؤية البياض في الاستسقاء أبلغ منها في غيره وفي الباب عن أبي برزة عند أبي يعلى وعن عائشة عند البزار ذكرهما الهيثمي في مجمع الزوائد (ج10ص168) مع الكلام عليهما.
2276-
(32) وعن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((كان يجعل إصبعيه حذاء منكبيه، ويدعوا)) .
2277-
(33) وعن السائب بن يزيد، عن أبيه:((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا، فرفع يديه مسح وجهه بيديه)) . رواه البيهقي الأحاديث الثلاثة في الدعوات.
ــ
2276-
قوله: (كان يجعل إصبعيه) أي أصابع يديه مرتفعة (حذاء منكبيه) دل الحديث على القصد والتوسط في رفع اليدين وهو الأكثر والحديث السابق على الزيادة وهي حالة المبالغة والإلحاح في الدعاء والمسألة قاله القاري (ويدعوا) أي بعد ذلك.
2277-
قوله: (وعن السائب بن يزيد) تقدم ترجمته في باب أحكام المياه (عن أبيه) هو يزيد بن سعيد ابن ثمامة بن الأسود الكندي والد السائب بن يزيد المعروف بابن أخت النمر صحابي أسلم يوم الفتح. قال الزهري: عن سعيد بن المسيب قال ما اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم قاضياً ولا أبوبكر ولا عمر حتى كان في وسط خلافة عمر فإنه قال ليزيد ابن أخت النمر: اكفني بعض الأمر يعني صغارها. وقال ابن سعد: استعمله عمر على السوق (فرفع يديه) عطف على دعا (مسح وجهه بيديه) قال ابن حجر: جواب "إذا" والصواب إنه خبر كان، وإذا ظرف له. قال الطيبي: دل على أنه إذا لم يرفع يديه في الدعاء لم يمسح وهو قيد حسن، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدعوا كثيراً كما في الصلاة والطواف وغيرهما من الدعوات المأثورة دبر الصلوات وعند النوم وبعد الأكل وأمثال ذلك ولم يرفع يديه لم يمسح بهما وجهه (روى البيهقي الأحاديث الثلاثة) حديث أنس قد أخرجه أيضاً البخاري ومسلم كما تقدم. وأما حديث سهل بن سعد فأخرجه أحمد (ج5ص337) والحاكم (ج1ص536) من رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن معاوية عن ابن أبي ذباب عن سهل بن سعد قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهراً يديه قط يدعوا على منبر ولا غيره ما كان يدعوا إلا يضع يديه حذو منكبيه ويشير بإصبعه إشارة لفظ أحمد، وفي رواية الحاكم كان يجعل إصبعيه بحذاء منكبيه ويدعوا. قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي: (ج10ص167) فيه عبد الرحمن بن إسحاق الزرقي المدني وثقه ابن حبان، وضعفه مالك وجمهور الأئمة، وبقية رجاله ثقات - انتهى. وأما حديث السائب بن يزيد عن أبيه فأخرجه أيضاً أبوداود في أواخر الصلاة من طريق حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد عن أبيه. وقد سكت عنه أبوداود. وقال المنذري: في إسناده عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف. وقال الحافظ في الإصابة: (ج3ص656) في ترجمة يزيد والد السائب بن يزيد بعد ذكر هذا الحديث من رواية أبي داود وفي السند ابن لهيعة
2278-
(34) وعن عكرمة، عن ابن عباس، قال:((المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو نحوهما، والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعاً)) وفي رواية قال: والابتهال هكذا ورفع يديه وجعل ظهورهما مما يلي وجهه. رواه أبوداود.
2279-
(35) وعن ابن عمر، أنه يقول: ((إن رفعكم أيديكم بدعة، ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا - يعني إلى الصدر -
ــ
واختلف عليه في سنده – انتهى. قلت: ذكر الحافظ هذا الاختلاف في تهذيب التهذيب في ترجمة حفص بن هاشم بن عتبة من شاء الوقوف عليه رجع إلى تهذيبه وحفص هذا قال الحافظ: مجهول. وقال الذهبي: لا يدري من هو – انتهى. ويؤيده حديث عمر المتقدم في الفصل الثاني.
2278-
قوله: (المسألة) مصدر بمعنى السؤال والمضاف مقدر ليصح الحمل أي أدبها (أن ترفع يديك حذو منكبيك أو نحوهما) أي قريباً منهما (والاستغفار) أي أدبه (أن تشير بإصبع واحدة) وهي السبابة سباً للنفس الأمارة والشيطان والتعوذ منهما إلى الله تعالى وقيده بواحدة لأنه يكره الإشارة بالإصبعين قاله الطيبي: (والابتهال) أي التضرع والاجتهاد والمبالغة في الدعاء في دفع المكروه عن النفس أدبه (أن تمد يديك جميعاً) أي حتى يرى بياض أبطيك (وفي رواية قال والابتهال هكذا) تعليم فعلى والمشار إليه قوله: (ورفع) أي ابن عباس (يديه وجعل ظهورهما مما يلي وجهه) أي رفع يديه رفعاً كلياً حتى ظهر بياض الإبطين جميعاً وصارت كفاءة محاذيين لرأسه. قال الطيبي: ولعله أراد بالابتهال دفع ما يتصوره من مقابلة العذاب فيجعل يديه كالترس يستره من المكروه – انتهى. والفرق بين الروايتين، إن في الرواية الأولى بيان الابتهال بالقول، وفي الثانية بالفعل. (رواه أبوداود) في أواخر الصلاة وسكت عليه هو والمنذري ونسبه الحافظ في الفتح للحاكم أيضاً وسكت عنه.
2279-
قوله: (إن رفعكم أيديكم) أي مبالغتكم في الرفع في الدعاء (بدعة ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي غالباً (على هذا يعني) أي يريد بالمشار إليه (إلى الصدر) قال الطيبي: يعني تفسير لما فعله ابن عمر من رفع اليدين إلى الصدر وأنكر عليهم غالب أحوالهم في الدعاء وعدم تمييزهم بين الحالات من الرفع إلى الصدر لأمر وفوقه إلى المنكبين لأمر آخر وفوقهما لغير ذلك – انتهى. وقال في اللمعات: قوله "إن رفعكم أيديكم" بدعة يعني رفعكم فوق صدوركم دائماً أو في أكثر الأحوال من غير تمييز بين الأحوال المذكورة في الحديث السابق بدعة، لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كان حاله صلى الله عليه وسلم مختلفاً تارة، كما ذكر قوله على هذا قد رفعهما ابن عمر إلى الصدر فأراهم إياه بقوله وفعله، ولذلك فسر الراوي بقوله يعني إلى الصدر - انتهى. وقال ابن حجر:
رواه أحمد.
2280 – (36) وعن أبي بن كعب، قال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر أحداً فدعا له بدأ بنفسه)) . رواه الترمذي.
ــ
استند ابن عمر في قوله ما زاد إلى علمه فهو ناف وغيره أثبت عنه صلى الله عليه وسلم الرفع إلى حذو المنكبين تارة وإلى أعلى من ذلك أخرى والحجة للمثبت. وقال الحافظ: وما نقل عن ابن عمر من إنكار رفع اليدين في الدعاء فإنما أنكر رفعهما إلى حذو المنكبين. وقال ليجعلهما حذو صدره كذلك أسنده الطبري عنه قال: وقد صح عن ابن عمر خلاف ذلك أخرجه البخاري في الأدب المفرد من طريق القاسم بن محمد رأيت ابن عمر يدعو عند القاص يرفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه. (رواه أحمد) قال الهيثمي: (ج10:ص168) فيه بشر بن حرب وهو ضعيف وفي الباب عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً بعرفة يدعو هكذا ورفع يديه وجعل يديه حيال ثندوته وجعل بطون كفيه مما يلى الأرض، وفي رواية جعل ظهر كفيه مما يلى وجهه ورفعهما فوق ثندوته وأسفل من منكبيه، رواه أحمد وفيه أيضاً بشر بن حرب، وعن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بعرفة ويداه إلى صدره كاستطعام المسكين رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الحسين بن عبد الله بن عبيد الله وهو ضعيف كذا في مجمع الزوائد (ج10:ص167) .
2280 – قاله: (فدعا له) عطف على ذكر أي فأراد أن يدعو له (بدأ نفسه) جزاء إذا ذكر وفيه تعليم للأمة وأنه يندب للداعي أن يبدأ بنفسه ثم يثني بمن أراد الدعاء له، وقد عقد البخاري في صحيحه باب قول الله تعالى وصل عليهم، ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه، ثم ذكر فيه ثمانية أحاديث تدل على ذلك. قال الحافظ: في هذه الترجمة إشارة إلى رد ما جاء عن ابن عمر أخرجه ابن أبي شيبة والطبري من طريق سعيد بن يسار قال: ذكرت رجلاً عند ابن عمر فترحمت عليه فلهز في صدري، وقال لي: إبدأ بنفسك. وعن إبراهيم النخعي: كان يقال إذا دعوت فابدأ بنفسك فإنك لا تدري في أي دعاء يستجاب لك، وأحاديث الباب ترد على ذلك قال: وأما ما أخرجه الترمذي من حديث أبي بن كعب رفعه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحداً فدعا له بدأ بنفسه وهو عند مسلم في أول قصة موسى والخضر، ولفظه: وكان إذا ذكر أحداً من الأنبياء بدأ بنفسه، قال: ويؤيد هذا القيد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لغير نبي فلم يبدأ بنفسه كقوله في قصة هاجر يرحم الله أم إسماعيل لوتركت زمزم لكانت عيناً معيناً. وحديث أبي هريرة: اللهم أيده بروح القدس يريد حسان بن ثابت، وحديث ابن عباس: اللهم فقهه في الدين وغيره ذلك من الأمثلة مع أن الذي جاء في حديث أبي لم يطرد، فقد ثبت أنه دعا لبعض الأنبياء فلم يبدأ بنفسه كحديث أبي هريرة: يرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد – انتهى كلام الحافظ. قلت: فظهر إن بدأه صلى الله عليه وسلم بنفسه عند ذكر أحد والدعاء له لم يكن من عادته المستمرة (رواه الترمذي) في الدعوات وأخرجه
وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح.
2281 – (37) وعن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه قال:((ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطعية رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر قال: الله أكثر)) رواه أحمد.
ــ
أيضاً أحمد (ج5:ص121) وأبوداود في الحروف والنسائي، ونسبه في الجامع الصغير لابن حبان والحاكم أيضاً وفي الباب عن أبي أيوب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا بدأ بنفسه رواه الطبراني. قال الهيثمي: إسناده حسن (وقال هذا حديث حسن غريب صحيح) وسكت عنه أبوداود والمنذري، وقد تقدم أن أصل الحديث عند مسلم.
2281 – قوله: (ليس فيها إثم) أي معصية (ولا قطعية رحم) تخصيص بعد تعميم والقطيعة الهجران والصد أي ترك البر إلى الأهل والأقارب (إلا أعطاه الله بها) أي بتلك الدعوة (إحدى ثلاث) أي من الخصال (إما أن يعجل له دعوته) أي بخصوصها أو من جنسها في الدنيا في وقت إرادة إن قدر وقوعها في الدنيا يعني يعجل له دعوته في الدنيا في أحوج أوقاته وأوفقها لا على أوقات تمنيه (وإما أن يدخرها) أي تلك المطلوبة أو مثلها أو أحسن منها أو ثوابها وبدلهها يعني يجعلها ذخيرة بأن يعطيه جزيل ثوابها (له) أي للداعي (في الآخرة) إن لم يقدر وقوعها في الدنيا (وإما أن يصرف) أي يدفع (من السوء) أي البلاء النازل أو غيره في أمر دينه أو دنياه أو بدنه (مثلها) أي مثل تلك الدعوة كمية وكيفية إن لم يقدر له وقوعها في الدنيا. والحاصل إن ما لم يقدر له فيها أحد الأمرين إما الثواب المدخر وإما دفع قدرها من السوء (قالوا) أي بعض الصحابة (إذا) أي إذا كان الدعاء لا يرد منه شيء ولا يخيب الداعي في شيء منه (نكثر) أي من الدعاء لعظيم فوائده (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (الله أكثر) قال الطيبي: أي الله أكثر إجابة من دعاءكم. وقيل: إن معناه فضل الله أكثر أي ما يعطيه من فضله وسعة كرمه أكثر مما يعطيكم في مقابلة دعاءكم. وقيل: الله أغلب في الكثرة يعني فلا تعجزونه في الاستكثار فإن خزائنه لا تنفد وعطاياه لا تفنى. وقيل الله أكثر ثواباً وعطاء مما في نفوسكم فأكثروا ما شئتم فإنه تعالى يقابل أدعيتكم بما هو أكثر منها وأجل (رواه أحمد)(ج3ص18) وأخرجه أيضاً البخاري في الأدب المفرد والطحاوي في مشكل الآثار وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج10ص148) وعزاه لأحمد ثم قال: ورواه أبويعلى بنحوه والبزار والطبراني في الأوسط ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجاله
2282-
(38) وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((خمس دعوات يستجاب لهن: دعوة المظلوم حتى ينتصر، ودعوة الحاج حتى يصدر، ودعوة المجاهد حتى يفقد، ودعوة المريض حتى يبرأ، ودعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب، ثم قال: وأسرع هذه الدعوات إجابة دعوة الأخ بظهر الغيب)) . رواه البيهقي في الدعوات الكبير.
ــ
رجال الصحيح غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة – انتهى. وقال المنذري رواه أحمد وأبويعلى والبزار بأسانيد جيدة، والحاكم (ج1ص493) وقال صحيح الإسناد. قلت: ووافقه الذهبي ونسبه في الكنز (ج1ص179) لابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب أيضاً، وفي الباب عن جابر. وقد تقدم في الفصل الثاني وعن عبادة بن الصامت وأبي هريرة وقد سبق تخريجهما هناك.
2282-
قوله: (خمس دعوات يستجاب لهن) مبتدأ وخبره (دعوة المظلوم) وإن كان كافراً أو فاجراً (حتى ينتصر) أي إلى أن ينتقم من الظالم بلسانه أو يده. قال القاري: لأنه إن انتقم بمثل حقه شرعاً فقد استوفى أو انقص فواضح أولاً بمثله شرعاً أو بأزيد صار ظالماً. قال الطيبي: حتى في القرائن الأربع بمعنى إلى كقولك سرت حتى تغيب الشمس لأن ما بعدها غير داخل فيما قبلها (ودعوة الحاج) حجاً مبروراً (حتى يصدر) بضم الدال أي إلى أن يرجع إلى بلده وأهله. وقيل: أي يرجع من الحج ويدخل بيته (ودعوة المجاهد) وفي الجامع الصغير والكنز (ج1ص174) الغازي بدل المجاهد، أي الغازي في سبيل الله لإعلاء كلمة الله (حتى يفقد) بسكون الفاء وكسر القاف من الفقدان، من باب ضرب أي إلى أن يفرغ من الجهاد ويفقد أسبابه. قال الطيبي: أي يفقد ما يستتب له من مجاهدته أي حتى يفرغ منها – انتهى. واستتب له الأمر أي تهيأ واستقام على ما في الصحاح وفي بعض النسخ حتى يقعد بسكون القاف وضم العين من القعود أي عن الجهاد وفي بعضها يقفل بسكون القاف وضم الفاء من القفول بمعنى يرجع أي إلى وطنه ومنه القافلة تفاؤلاً. قلت: والظاهر هي النسخة الأخيرة، ويؤيدها إنه هكذا نقلها السيوطي في الجامع الصغير وعلى المتقي في الكنز عن الشعب للبيهقي (ودعوة المريض حتى يبرأ) من علته أو يتعافى أو يموت (ودعوة الأخ لأخيه) في الدين (بظهر الغيب) أي بحيث لا يشعر وإن كان حاضراً في المجلس (وأسرع هذه الدعوات إجابة دعوة الأخ) لأخيه (بظهر الغيب) لدلالتها على خلوص النية وصفاء الطوية والبقية لا تخلو دعوتهم عن حظوظهم النفسية وأغراضهم الطبيعية، ولذا ورد الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم كذا في المرقاة (رواه البيهقي في الدعوات الكبير) وكذا في شعب الإيمان كما في الجامع الصغير والكنز والله أعلم بحال إسناده.