المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌{الفصل الثالث} 2047- (9) عن جابر، ((أن رسول الله صلى الله - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٧

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(4) باب صوم المسافر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب القضاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب صيام التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب ليلة القدر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب الإعتكاف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(9) كتاب الدعوات

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ذكر الله عزوجل والتقرب إليه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب أسماء الله تعالى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب ثواب التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌{الفصل الثالث} 2047- (9) عن جابر، ((أن رسول الله صلى الله

{الفصل الثالث}

2047-

(9) عن جابر، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان

فصام حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه، حتى نظر الناس

إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام. فقال: أولئك العصاة أولئك

العصاة)) رواه مسلم.

ــ

والمعنى الأول هنا أظهر والثاني يحتاج إلى تقدير مضاف وهو في الرواية أكثر يعني من كان له حمولة تأويه إلى حال الشبع ورفاهية أو إلى مقام يقدر على الشبع فيه، ولم يلحقه في سفره وعثاء ومشقة وعناء (فليصم رمضان حيث أدركه) أي رمضان يعني من كان له مركب يوصله إلى منزله في حال الشبع والرفاهية ولا يلحقه في سفره جهد ومشقة فليصم، والأمر محمول على الندب، والحث على الأولى والأفضل للنصوص الدالة على جواز الإفطار في السفر مطلقا، أي وإن لم يلحقه مشقة. وقيل: المعنى من كان راكبا وسفره قصير بحيث يبلغ إلى المنزل قفي يومه فليصم رمضان، والأمر على هذا محمول على الوجوب لأنه لا يباح الفطر عند الجمهور إلا في السفر الطويل الذي يبيح القصر، وقد تقدم ذكر قدره في الصلاة. وقال داود: يجوز الإفطار في السفر أي قدر كان (رواه أبوداود) وأخرجه أحمد والبيهقي (ج4ص245) وسكت عنه أبوداود. وقال المنذري: في إسناده عبد الصمد بن حبيب الأزدي العوذي البصري. قال ابن معين: ليس به بأس. وقال أبوحاتم الرازي: يكتب حديثه بالمتروك. وقال يحول من كتاب الضعفاء. وقال البخاري: لين الحديث ضعفه أحمد وقال البخاري أيضاً: عبد الصمد بن حبيب منكر الحديث ذاهب الحديث ولم يعد البخاري هذا الحديث شيئاً. وقال أبوحاتم الرازي: لين الحديث ضعفه أحمد وذكر له أبوجعفر العقيلي هذا الحديث، وقال لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به-انتهى.

2047-

قوله: (حتى بلغ كراع الغميم) بضم الكاف والغميم بفتح الغين المعجمة واد بالحجاز منتهاه قريب من عسفان سمي ذلك المنتهى كراعا، لأنه يشبه كراع الغنم وهو ما دون الركبة من الساق، ذكره ابن حجر، وقال في النهاية: هو اسم موضع بين مكة والمدينة، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع، والغميم بالفتح واد بالحجاز-انتهى. وقال الحافظ: هو اسم واد أمام عسفان (فصام الناس) عطف على فصام أي صام هو وأصحابه (ثم دعا بقدح من ماء) أي بعد العصر كما تقدم. قال السندي: فيه دليل على جواز الفطر للمسافر بعد الشروع في الصوم، ومن يقول بخلافه فلا يخلو قوله عن أشكال-انتهى. (ثم شرب) أي ليتابعوه في الإفطار (إن بعض الناس)

ص: 17

2048-

(10) وعن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صائم

رمضان في السفر كالمفطر في الحضر)) رواه ابن ماجه.

ــ

ظنا منهم أن إفطاره كان لبيان الجواز (قد صام) أفرد الضمير للفظ البعض ثم رجع لمنعاه (فقال أولئك العصاة أولئك العصاة) جمع العاصي، كذا وقع مكررا مرتين تأكيدا أو تشديدا، ورواه الترمذي والنسائي والبيهقي والطحاوي، وقالوا: أولئك العصاة مرة واحدة، وسياق الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه، فقيل له أن الناس قد شق عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فأفطر بعضهم وصام بعضهم، فبلغه أن ناسا صاموا فقال أولئك العصاة-انتهى. وإنما نسب الصائمين إلى العصيان لأنهم خالفوا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يمتثلوا ما أراده صلى الله عليه وسلم برفع قدح الماء وشربه من إتباعه في الإفطار مع وجود المشقة. قال الحافظ: نسب الصائمين إلى العصيان لأنه عزم عليهم فخالفوا. وقال النووي: هذا محمول على من تضرر بالصوم أو أنهم أمروا بالفطر أمرا جازما لمصلحة بيان جوازه فخالفوا الواجب، وعلى التقديرين لا يكون الصائم اليوم في السفر عاصيا إذا لم يتضرر به، ويؤيد التأويل الأول قوله في الرواية الثانية إن الناس قد شق عليهم الصيام-انتهى. وقال الطيبي: التعريف في الخبر للجنس أي أولئك الكاملون في العصيان، لأنه صلى الله عليه وسلم بالغ في الإفطار حتى رفع قدح الماء بحيث يراه كل الناس ثم شرب لكي يتبعوه ويقبلوا رخصة الله فمن أبى فقد بالغ في العصيان والله أعلم-انتهى. (رواه مسلم) من طريق عبد الوهاب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، ورواه أيضاً من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن جعفر، وزاد فقيل له أن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر، ومن طريق الدراوردي رواه الترمذي والبيهقي ورواه النسائي والطحاوي من طريق ابن الهاد عن جعفر بن محمد.

2048-

قوله: (صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر) فيه مبالغة في المنع عن الصوم في السفر وهو محمول على حال عدم القدرة ولحوق الضرر والاستنكاف عن العمل برخصة الله. وقال ميرك: يفهم من الحديث منع الصوم في السفر كمنع الإفطار في الحضر. قلت: هذا ظاهر الحديث ومشى عليه الظاهرية كما تقدم، وإنما أولناه بما سبق جمعاً بينه وبين الأحاديث التي وردت على خلاف ذلك صريحاً، وذهب إليها جمهور العلماء. وقال السندي: قوله "كالمفطر" في الحضر أي في غير رمضان فمرجعه إلى أن الصوم خلاف الأولى، أو كالمفطر في رمضان، فمدلوله أنه حرام، والأول هو أقرب ومع ذلك لا بد عند الجمهور من حمله على حالة مخصوصة كما إذا أجهده الصوم-انتهى.

ص: 18

وقال الشوكاني: هو محمول على الحالة التي يكون الفطر فيها أولى من الصوم كحالة المشقة جمعاً بين الأدلة. وقال الحافظ: هو محمول على ما تقدم أولا حيث يكون الفطر أولى من الصوم (رواه ابن ماجه) وكذا البزار وابن حزم في المحلى (ج6ص258) كلهم من طريق أسامة بن زيد عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه. قال في الزوائد: في إسناده انقطاع، وأسامة بن زيد متفق على تضعيفه، وأبوسلمة ابن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئاً. قاله ابن معين والبخاري-انتهى. وقال ابن حزم: قد صح سماع أبي سلمة عن أبي قال، ولا نحتج بأسامة بن زيد الليثي ولا نراه حجة لنا ولا علينا. وقال البزار: أسنده أسامة وتابعه يونس، ورواه ابن أبي ذئب وغيره عن الزهري عن أبي سلمة عن أبيه موقوفا، ولو ثبت مرفوعا لكان منسوخاً بحديث الكديد. وقال الحافظ في الفتح: رواه الأثرم من طريق أبي سلمة مرفوعا، والمحفوظ عن أبي سلمة عن أبيه موقوفاً كذلك أخرجه النسائي وابن المنذر، ومع وقفه فهو منقطع. لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه. وقال في التلخيص (ص195) أخرجه ابن ماجه والبزار من حديث عبد الرحمن بن عوف (أي مرفوعا) والنسائي من حديثه بلفظ: قال كان يقال الصيام في السفر كالإفطار في الحضر، وصوب وقفه على عبد الرحمن، وأخرجه ابن عدي من وجه آخر وضعفه، وكذا صحح كونه موقوفاً ابن أبي حاتم عن أبيه في العلل (ج1ص239) والدارقطني في العلل والبيهقي (ج4ص244) -انتهى. قلت: أسامة بن زيد الليثي قد تكلم فيه يحيى القطان وأحمد وأبوحاتم والنسائي، ووثقه ابن معين والعجلي، وقال ابن عدي ليس به بأس. وقال أبوداود: صالح، وروى له مسلم استشهاداً أو مقروناً به في الإسناد فهو من الرجال الذين اختلفوا فيهم، لا ممن اتفقوا على تضعيفهم ثم أنه وإن تكلم فيه، لكن الحق إنه ثقة صالح للاحتجاج، ولذلك ذكره الذهبي في كتابه، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق حيث قال أسامة بن زيد الليثي لا العدوى صدوق، قوى الحديث أكثر مسلم في إخراج حديث ابن وهب عنه، ولكن أكثرها شواهد أو متابعات. والظاهر أنه ثقة. وقال النسائي وغيره ليس بالقوي-انتهى. فتضعيف المرفوع من جهة أسامة هذا ليس بصحيح عندي، على أنه قد تابعه يونس كما قال البزار، نعم تضعيفه من جهة كونه منقطعا حق، لا شك فيه. فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه. قال في تهذيب التهذيب (ج12ص117) قال علي بن المدني وأحمد وابن معين وأبوحاتم ويعقوب بن شيبة وأبوداود: حديثه عن أبيه مرسل، قال مات وهو صغير. وقال أبوحاتم: لا يصح عندي، وصرح الباقون بكونه لم يسمع منه. وقال ابن عبد البر: لم يسمع من أبيه، وحديث النضر بن شيبان في سماع أبي سلمة عن أبيه لا يصححونه-انتهى.

ص: 19

2049-

(11) وعن حمزة بن عمرو الأسلمي، ((أنه قال يا رسول الله! إني أجد بي قوة على الصيام

في السفر، فهل علي جناح؟ قال: هي رخصة من الله عزوجل فمن أخ بها فحسن، ومن

أحب أن يصوم فلا جناح عليه)) رواه مسلم.

ــ

2049-

قوله: (إني أجد) كذا في جميع النسخ وهكذا في جامع الأصول (ج7ص264) وكذا وقع في رواية الدارقطني والذي في صحيح مسلم أجد أي بحذف كلمة إني وهكذا نقله المجد بن تيمية في المنتقى (بي قوة) أي زائدة (على الصيام في السفر فهل علي جناح) أي إثم أو بأس بالصوم أو الفطر (قال هي) أي الإفطار والتأنيث بإعتبار الخبر (رخصة من الله عزوجل) فإن الصوم عزيمة منه تعالى. وقال الطيبي: قوله "هي رخصة" الضمير راجع إلى معنى السؤال، أي هل على إثم إن أفطر، فأنثه بإعتبار الخبر كما في قوله من كانت أمك ويحتمل أن السائل قد سمع أن الصوم في السفر عصيان، كما في حديث جابر أولئك العصاة، فسأل هل علي جناح أن أصوم لأني قوي عليه، فقال لا، لأن الإفطار رخصة، ولفظ الحسن يقوي الوجه الأول. وقال ابن حجر: يحتمل أن مراده فهل علي جناح في الفطر. لأني قوي، والرخصة للضعيف، أو في الصوم لأن الفطر رخصة، وقد تكون واجبة. وقوله "هي" أي تلك الفعلة أو الخصلة المذكورة وهي الإفطار في السفر، وأنث ضميره وهو رخصة أي تسهيل من الله عزوجل لعباده دفعا للمشقة عليهم ما جعل عليكم في الدين من حرج، وتأنيث الضمير لتأنيث الخبر (فمن أخذ بها) أي بالرخصة (فحسن) أي فعله حسن مرضي لا جناح عليه للحديث الآخر إن الله يحب أن يؤتى رخصة كما يحب أن يؤتى عزائمه (ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه) قال القاري: كان ظاهر المقابلة أن يقول فحسن أو فأحسن بل مقتضى كون أول رخصة، والثاني عزيمة أن يعكس في الجزاء بأن يقال في الأول فلا جناح عليه، وفي الثاني فحسن لكن أريد المبالغة، لأن الرخصة إذا كانت حسنا فالعزيمة أولى بذلك، ولعله عليه السلام علم بنور النبوة إن مراد السائل بقوله فهل علي جناح أي في الصوم ويدل عليه المقدمة المتقدمة من قوله إني أجدبي قوة على الصيام، وكذا ما سبق من حديثه أول الباب-انتهى باختصار. قلت ظاهر الحديث ترجيح الإفطار في السفر مطلقاً كما هو مذهب أحمد خلافاً للجمهور لقوله فحسن. قال الشوكاني: قوله أجد بي قوة ظاهره إن الصوم لا يشق عليه ولا يفوت به حق، وفي رواية لمسلم إني أسرد الصوم وقد جعل المصنف (يعني صاحب المنتقى) هذا الحديث قوى الدلالة على فضيلة الفطر لقوله صلى الله عليه وسلم فمن أخذ بها ومن أحب أن يصوم فلا جناح. فاثبت للأخذ بالرخصة الحسن وهو أرفع من رفع الجناح. وأجاب الجمهور بأن هذا فيمن يخاف ضررا أو يجد مشقة كما هو صريح الأحاديث. وقد أسلفنا تحقيق ذلك. وقال الأبي في شرحه لمسلم: احتج بالحديث من جعل الفطر أفضل لقوله فيه فحسن، وقال في الصوم فلا جناح، ولا حجة فيه لأن قوله لا جناح إنما هو جواب لقوله هل علي جناح، ولا يدل على أن الصوم ليس بحسن وقد وصفهما معا في الآخر بالحسن.

ص: 20