الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دخل الجنة، وفي رواية وهو وتر يحب الوتر)) . متفق عليه.
{الفصل الثاني}
2310-
(2) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً،
ــ
المرجو من كرم الله تعالى إن من حصل له إحصاء هذه الأسماء على أحد هذه المراتب مع صحة النية أنه يدخل الجنة. قال السندي: كأنه مبني على إرادة المعاني كلها من المشترك لا بشرط الاجتماع بل على البدلية والله اعلم والمحققون على أن معنى أحصاها حفظها. قلت: وهذا هو الراجح (دخل الجنة) ذكر الجزاء بلفظ الماضي تحقيقاً لوقوعه وتنبيهاً على أنه وإن لم يقع فهو في حكم الواقع لأنه كائن لا محالة (وفي رواية) للبخاري في الدعوات (وهو) أي ذاته تعالى (وتر) ولمسلم والله وتر، وفي أخرى له أنه وتر، والوتر بفتح الواو وكسرها الفرد ومعناه في حق الله تعالى أنه الواحد الذي لا شريك له في ذاته ولا نظير ولا انقسام (يحب الوتر) من كل شيء وقيل: هو منصرف إلى من يعبد الله بالوحدانية والتفرد على سبيل الإخلاص. وقيل: المراد يحب من الأذكار والطاعات ما هو على عدد الوتر ويثيب عليه لاشتماله على الفردية. وقيل: يحب الوتر لأنه أمر بالوتر في كثير من الأعمال والطاعات كما في الصلوات الخمس ووتر الليل وإعداد الطهارة وتكفين الميت والطواف والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار في الحج ونصاب المعشرات والورق والإبل في الزكاة وفي كثير من المخلوقات كالسماوات والأرض وأيام الأسبوع – انتهى. وقال القرطبي: الظاهر أن الوتر هنا للجنس إذ لا معهود جرى ذكره حتى يحمل عليه فيكون معناه أنه وتر يحب كل وتر شرعه ومعنى محبته له أنه أمر به وأثاب عليه ويصلح ذلك لعموم ما خلقه وتراً من مخلوقاته تنبيه قد طعن أبوزيد البلخى في صحة الحديث بأن دخول الجنة ثبت في القرآن مشروطاً ببذل النفس والمال فكيف يحصل بمجرد حفظ ألفاظ تعد في اليسر مدة. وتعقب بأن الشرط المذكور ليس مطرداً ولا حصر فيه بل قد تحصل الجنة بغير ذلك كما ورد في كثير من الأعمال غير الجهاد أن فاعله يدخل الجنة. وأما دعوى إن حفظها يحصل في اليسر مدة فإنما يرد على من حمل الحفظ والإحصاء على معنى أن يسردها عن ظهر قلب. فأما من أوله على بعض الوجوه المتقدمة فإنه يكون في غاية المشقة، ويمكن الجواب عن الأول بأن الفضل واسع كذا في الفتح (متفق عليه) أخرجاه في الدعوات وأخرجه البخاري أيضاً في الشروط وفي التوحيد دون قوله "هو وتر" الخ والحديث رواه أيضاً أحمد (ج2ص258، 267، 214) والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وغيرهم.
2310-
قوله: (إن لله تسعة وتسعين اسماً) ليس الغرض الحصر بل نص على ذلك لما رتبه عليه فغيرها
من أحصاها دخل الجنة. هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، الملك القدوس
ــ
من الأسماء وإن حصل على إحصاءه ثواب عظيم إلا أنه ليس فيه هذه الخصوصية (من أحصاها) قال الجزري: الإحصاء العدد والحفظ، والمراد من حفظها على قلبه وقيل المراد من استخرجها. من كتاب الله تعالى وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعدها لهم ولهذا لم ترد مسرودة معدودة من هذه الكتب السنة إلا في كتاب الترمذي (وقد تكلموا في روايته) وقيل المراد من أخطر بباله عند ذكرها معناها وتفكر في مدلولها معتبراً متدبراً ذاكراً راغباً راهباً معظماً لمسماها مقدساً لذات الله تعالى، وبالجملة ففي كل اسم يجريه على لسانه يخطر بباله الوصف الدال عليه أقوال (دخل الجنة) قيل أي استحق دخولها. وقيل أي دخولاً أولياً أو مع المقربين السابقين أو وصل أعلى مراتب نعيمها (هو الله الذي لا إله إلا هو) الاسم المعدود في هذه الجملة من أسماءه هو الله لا غيره من هو وإله كما يدل عليه روايات أخر "هي الله الواحد" الخ عند ابن ماجه "أسأل الله الرحمن الرحيم" عند البيهقي "الله الرحمن الرحيم" عند الحاكم والجملة تفيد الحصر والتحقيق لإلهيته ونفي ما عداه عنها. قال الطيبي: الجملة مستأنفة إما لبيان كمية تلك الأعداد أنها ما هي في قوله إن لله تسعة وتسعين اسماً وذكر الضمير نظراً إلى الخبر وإما لبيان كيفية الإحصاء في قوله "من أحصاها دخل الجنة" بأنه كيف يحصى. فالضمير راجع إلى مسمى الدال عليه قوله لله كأنه لما قيل ولله الأسماء الحسنى. سأل وما تلك الأسماء فأجيب هو الله أو لما قيل من أحصاها دخل الجنة، سأل كيف أحصاها فأجاب قل هو الله أحد فعلى هذا الضمير ضمير الشأن مبتدأ والله مبتدأ ثان وقوله "الذي لا إله إلا هو" خبره والجملة خبر الأول والموصول مع الصلة صفة لله – انتهى. والله أعلم دال على المعبود بحق دلالة جامعة لجميع معاني الأسماء الآتية (الرحمن الرحيم) هما اسمان مشتقان من الرحمة مثل ندمان ونديم وهما من ابنية المبالغة، والأكثر على أن فعلان أبلغ من فعيل. ومن ثم قيل الرحمن أبلغ من الرحيم ونصره السهيلي بأنه ورد على صيغة التثنية، والتثنية تضعيف فكان البناء تضاعفت فيه الصفة. وذهب ابن الأنباري إلى أن الرحيم أبلغ من الرحمن ورجحه ابن عساكر بتقديم الرحمن عليه وبأنه جاء على صيغة الجمع كعبيد وهو أبلغ من صيغة التثنية. وذهب قطرب إلى أنهما سواء والرحمن خاص لله لا يسمى به غيره ولا يوصف والرحيم يوصف به غير الله تعالى فيقال رجل رحيم ولا يقال رحمن (الملك) أي ذو الملك التام، والمراد به القدرة على الإيجاد والاختراع من قولهم، فلان يملك الانتفاع بكذا إذا تمكن منه، فيكون من أسماء الصفات. وقيل: المتصرف في الأشياء بالإيجاد والإفناء والإماتة والإحياء فيكون من أسماء الأفعال كالخالق (القدوس) أي الطاهر من العيوب المنزه عنها، وفعول من أبنية المبالغة من القدوس وهو النزاهة عما يوجب نقصاً. وقريء بالفتح وهو لغة فيه. قال الجزري: هو مضموم الأول. وقد
السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارىء المصور
ــ
روى بفتحه وليس بالكثير، ولم يجيء مضموم الأول من هذا البناء إلا قدوس وسبوح وذروح. وقال سيبويه: ليس في الكلام فعول بالضم (السلام) أي ذو السلام مما يلحق الخلق من العيب والفناء. قال الجزري: أي الذي سلم من كل عيب وبريء من كل آفة مصدر نعت به للمبالغة كرجل عدل، فكأنه عين السلامة يقال سَلِم يسلم سلامة وسلاماً، ومنه قيل للجنة دار السلام لأنها دار السلامة من الآفات. وقيل: معناه المسلم عباده عن المخاوف والمهالك (المؤمن) أي الذي يصدق عباده وعده فهو من الإيمان التصديق أو يؤمنهم في القيامة من عذابه فهو من الأمان، والأمن ضد الخوف كذا قال الجزري في النهاية وجامع الأصول وشرح المصابيح (المهيمن) الرقيب المبالغ في المراقبة والحفظ، ومنه هيمن الطائر إذا نشر جناحه على فراخه صيانة لها. وقيل: الشاهد أي العالم الذي لا ينهب عنه مثقال ذرة. وقيل الذي يشهد على كل نفس بما كسبت ومنه قوله تعالى: {ومهيمناً عليه} [المائدة: 48] أي شاهداً. وقيل القائم بأمور الخلق. وقيل أصله مؤيمن أبدلت الهاء من الهمزة فهو مفعيل من الأمانة بمعنى الأمين الصادق الوعد (العزيز) أي الغالب القاهر القوي الذي لا يغلب والعزة في الأصل القوة والشدة والغلبة تقول عز يعز بالكسر إذا صار عزيزاً وعز يعز بالفتح إذا اشتد (الجبار) معناه الذي يقهر العباد على ما أراد من أمر ونهي، يقال جبر الخلق وأجبرهم وأجبر أكثر. وقيل هو العالي فوق خلقه وفعال من أبنية المبالغة ومنه قولهم نخلة جبارة وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول (المتكبر) أي العظيم ذو الكبرياء. وقيل المتعالي عن صفات الخلق. وقيل الذي يتكبر على عتاة خلقه إذا نازعوه العظمة فيقصمهم، والتاء فيه للتفرد والتخصص لا تاء التعاطي والتكلف والكبرياء العظمة والملك قال تعالى:{وتكون لكما الكبرياء في الأرض} [يونس: 78] أي الملك. وقيل هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلا الله تعالى وهو من الكبر وهو العظمة (الخالق) أي الذي أوجد الأشياء جميعها بعد إن لم تكن موجودة. وأصل الخلق التقدير فهو باعتبار تقدير ما منه وجودها باعتبار الإيجاد على وفق التقدير خالق. وقال في المرقاة: الخالق من الخلق وأصله التقدير المستقيم ومنه قوله تعالى: {فتبارك الله أحسن الخالقين} [المؤمنون: 14] أي المقدرين ويستعمل بمعنى الإبداع وإيجاد شيء من غير أصل كقوله تعالى: {خلق السماوات والأرض} [الأنعام: 1] وبمعنى التكوين كقوله عزوجل: {خلق الإنسان من نطفة} [النحل: 4] فالله خالق كل شيء بمعنى أنه مقدره أو موجده من أصل أو من غير أصل (الباريء) بالهمزة في آخره، ويجوز إبداله ياء في الوقف وهو الذي خلق الخلق لا عن مثال إلا أن لهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات وقلما تستعمل في غير الحيوان فيقال برأ الله النسمة وخلق السماوات والأرض (المصور) بكسر الواو المشددة أي الذي صور جميع
الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم،
ــ
الموجودات ورتبها فأعطي كل شيء منها صورة خاصة وهيئة منفردة يتميز بها عن غيره على اختلاف أنواعها وكثرة أفرادها. وقال الجزري: هو أنشأ خلقه على صور مختلفة ومعنى التصوير التخطيط والتشكيل (الغفار) أي الذي يستر العيوب والذنوب في الدنيا بإسبال الستر عليها وفي العقبى بترك المعاتبة والمعاقبة لها، وهو لزيادة بناءه أبلغ من الغفور. وقيل المبالغة في الغفار باعتبار الكمية وفي الغفور باعتبار الكيفية. وأصل الغفر الستر. وقال الجزري في النهاية: في أسماء الله الغفار والغفور وهما من أبنية المبالغة ومعناهما الساتر لذنوب عباده وعيوبهم المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم، وأصل الغفر التغطية يقال غفر الله لك غفراً وغفراناً ومغفرة، والمغفرة الباس الله تعالى العفو للمذنبين. وقال في جامع الأصول: الغفار هو الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد مرة، وأصل الغفر الستر والتغطية فالله غافر لذنوب عباده ساتر لها بترك العقوبة عقوبة عليها (القهار) أي الغالب على جميع الخلائق كما قال تعالى:{وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام: 18] يقال قهره يقهره قهراً غلبه فهو قاهر وقهاراً للمبالغة (الوهاب) أي كثير الإنعام دائم العطاء بلا عوض والهبة العطية الخالية عن الأعواض والأغراض فإذا كثرت سمي صاحبها وهاباً (الرزاق) أي خالق الأرزاق ومعطيها لجميع ما يحتاج إلى الرزق من مخلوقاته. والأرزاق نوعان ظاهرة للأبدان كالأقوات، وباطنة للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم (الفتاح) أي الحاكم بين عباده يقال فتح الحاكم بين الخصمين إذا فصل بينهما. وقيل للحاكم الفاتح ومنه قوله تعالى:{ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} [الأعراف: 89] وقيل هو الذي يفتح أبواب الرزق وخزائن الرحمة والعلم والمعرفة لعباده والمنغلق عليهم من أرزاقه (العليم) أي العالم المحيط علمه بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها دقيقها وجليلها على أتم الإمكان، وفعيل من أبنية المبالغة (القابض) أي الذي يضيق ويمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته ويقبض الأرواح عند الممات (الباسط) أي الذي يبسط الرزق لعباده ويوسعه عليهم بجوده ورحمته ويبسط الأرواح وينشرها في الأجساد عند الحياة (الخافض) أي الذي يخفض الجبارين والفراعنة أي يضعهم ويهينهم ويخفض كل شيء يريد خفضه والخفض ضد الرفع (الرافع) أي الذي يرفع أولياءه ويعزهم والرفع ضد الخفض (المعز) أي الذي يهب العز لمن يشاء من عباده ويجعله عزيزاً (المذل) الذي يلحق الذل بمن يشاء من عباده وينفي عنه أنواع العز جميعها فيجعله ذليلاً (السميع) المدرك لكل مسموع (البصير) المدرك لكل مبصر (الحكم) بفتحتين مبالغة الحاكم، وحقيقته الذي سلم له الحكم ورد إليه قاله الجزري: وقيل هو الحاكم
العدل اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الجليل الكريم
ــ
الذي لا راد لقضاه ولا معقب لحكمه (العدل) بسكون الدال المهملة وهو الذي لا يميل به الهوى فيجوز في الحكم وهو في الأصل مصدر سمي به فوضع موضع العادل وهو أبلغ منه لأنه جعل المسمى نفسه عدلاً (اللطيف) أي الذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقائق المصالح وإيصالها لمن قدرها له من خلقه يقال لطف به وله بالفتح لطفاً إذا رفق به فأما لطف بالضم يلطف فمعناه صغر ودق. وقال الشوكاني: اللطيف العالم بخفيات الأمور والملاطف لعباده. وقال الجزري: هو الذي يوضل إليك أَربك في رفق، وقيل هو الذي لطف عن أن يدرك بالكيفية (الخبير) أي العالم ببواطن الأشياء وحقائقها من الخبرة وهي العلم بالخفايا الباطنة. وقال الجزري: العالم العارف بما كان وما يكون (الحليم) أي الذي لا يستخفه شيء من عصيان العباد ولا يستفزه الغضب عليهم ولكنه جعل لكل شيء مقداراً فهو منته إليه (العظيم) أي الذي بلغ إلى أقصى مراتب العظمة وجل عن حدود العقول حتى لا تتصور الإحاطة بكنهه وحقيقته، والعظم في صفات الأجسام كبر الطول والعرض والعمق والله تعالى جل قدره عن ذلك (الغفور) تقدم معناه (الشكور) أي الذي يعطي الثواب الجزيل على العمل القليل أو المثنى على عباده المطيعين. وقال الجزري: أي الذي يجازي عباده ويثيبهم على أفعالهم الصالحة فشكر الله لعباده إنما هو مغفرته لهم وقبوله لعبادتهم (العلي) فعيل من العلو وهو البالغ في علو الرتبة بحيث لا رتبة إلا وهي منحطة عن رتبته. وقال بعضهم هو الذي علا عن الإدراك ذاته وكبر عن التصور صفاته (الكبير) هو الموصوف بالجلال وكبر الشأن قاله الجزري. وقال القاري: الكبير وضده الصغير يستعملان باعتبار مقادير الأجسام وباعتبار الرتب، وهو المراد هنا إما باعتبار أنه أكمل الموجودات وأشرفها من حيث أنه قديم أزلي غنى على الإطلاق وما سواه حادث مفتقر إليه في الإيجاد والإمداد بالاتفاق، وإما باعتبار أنه كبير عن مشاهدة الحواس وإدراك العقول (الحفيظ) أي البالغ في الحفظ يحفظ الموجودات من الزوال والاختلال مدة ما شاء أو يحفظ على العباد أعمالهم وأقوالهم (المقيت) بضم الميم وكسر القاف وسكون التحتية أي الحفيظ. وقيل المقتدر. وقيل الذي يعطي أقوات الخلائق وهو من إقاته يقيته إذا أعطاه قوته وهي لغة في قاته يقوته وإقاتة أيضاً إذا حفظه (الحسيب) أي الكافي فعيل بمعنى مفعل كالميم مؤلم من أحسبني الشيء إذا كفاني وأحسبته وحسبته بالتشديد أعطيته ما يرضيه حتى يقول حسبي. وقيل إنه مأخوذ من الحسبان أي هو المحاسب للخلائق يوم القيامة فعيل بمعنى مفاعل (الجليل) أي المنعوت بنعوت الجلال والحاوي لجميعها هو الجليل المطلق (الكريم) أي كثير الجود والعطاءه الذي لا ينفد عطاءه ولا تفنى خزائنه وهو الكريم المطلق
الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي،
ــ
(الرقيب) أي الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء فعيل بمعنى فاعل. وقيل مراقب الأشياء وملاحظها فلا يعزب عنه مثقال ذرة (المجيب) أي الذي يقابل الدعاء والسؤال بالقبول والعطاء وهو اسم فاعل من أجاب يجيب. قال الجزري: المجيب الذي يقبل دعاء عباده ويستجيب لهم (الواسع) أي الذي وسع غناه كل فقير ورحمته كل شيء يقال وسعه الشيء يسعه سعة فهو واسع ووسع بالضم وساعة فهو وسيع، والوسع والسعة الجدة والطاقة (الحكيم) أي الحاكم بمعنى القاضي فعيل بمعنى فاعل، أو هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها فهو فعيل بمعنى مفعل، وقيل الحكيم ذو الحكمة، والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء فأفضل العلوم، ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها حكيم (الودود) فعول بمعنى مفعول من الود المحبة يقال وددت الرجل أوده، وداً إذا أحببته فالله تعالى مودود أي محبوب في قلوب أوليائه أو هو فعول بمعنى فاعل أي إنه يحب عباده الصالحين. وقيل هو الذي يتودد أي يتحبب إلى عباده بنعمه الدائمة عليهم (المجيد) هو مبالغة الماجد من المجد وهو سعة الكرم فهو الذي لا تدرك سعة كرمة. قال الجزري: المجيد هو الواسع الكرم. وقيل هو الشريف (الباعث) أي الذي يبعث الخلق ويحييهم بعد الموت يوم القيامة أو باعث الرسل إلى الأمم (الشهيد) هو الذي لا يغيب عنه شيء والشاهد الحاضر من الشهود وهو الحضور أي إنه حاضر يشاهد الأشياء ويراها لا يعزب عنه شي، وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل فإذا اعتبر العلم مطلقاً فهو العليم، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد، وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم وشاهد منهم (الحق) أي الثابت الموجود حقيقة المتحقق كونه ووجوده وإلهيته والحق ضد الباطل (الوكيل) القائم بأمور عباده المتكفل بمصالحهم. وقال الجزري: الوكيل هو الكفيل بأرزاق العباد وحقيقته أنه الذي يستقل بأمر الموكول إليه ومنه قوله تعالى: {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} [آل عمران: 173](القوى) أي ذو القدرة التامة البالغة إلى الكمال الذي لا يلحقه ضعف. قال الجزري: القوى القادر. وقيل التام القدرة والقوة الذي لا يعجزه شيء (المتين) أي القوي الشديد الذي لا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة ولا تعب والمتانة الشدة والقوة، فهو من حيث إنه بالغ القدرة تامها قوى ومن حيث أنه شديد القوة متين (الولي) أي الناصر. وقيل المتولي لأمور العالم والخلائق القائم بها كولي اليتيم. وقيل المحب لأولياءه (الحميد) أي المحمود المستحق للثناء على كل حال فعيل بمعنى مفعول (المحصى) أي الذي أحصى كل شيء بعلمه وإحاطه به فلا يفوته شيء من الأشياء دق أو جل والإحصاء العد والحفظ
المبديء، المعيد، المحي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الأحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول،
ــ
(المبديء) بالهمزة وقد تبدل وقفاً أي الذي أنشأ الأشياء واخترعها ابتداء من غير مثال سبق (المعيد) أي الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات في الدنيا وبعد الممات إلى الحياة يوم القيامة (المحي) أي خالق الحياة ومعطيها لمن شاء (المميت) أي خالق الموت ومسلطه على من شاء من خلقه (الحي) أي الدائم البقاء (القيوم) القائم بنفسه والمقيم لغيره وهو فيعول للمبالغة (الواجد) بالجيم أي الغني الذي لا يفتقر. وقد وجد يجد جدة أي استغنى غنى لا فقر بعده. وقيل الذي يجد كل ما يريده ويطلبه ولا يفوته شيء (الماجد) بمعنى المجيد لكن المجيد أبلغ. وقيل الماجد المتعالي المتنزه (الواحد) أي الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر. وقيل هو المنقطع القرين والشريك (الأحد) كذا في بعض النسخ من المشكاة بزيادة الأحد بعد الواحد وهكذا في المصابيح والحصن وجامع الأصول (ج5ص25) وليست هذه الزيادة في نسخ الترمذي الموجودة عندنا، ولم تقع أيضاً في رواية الحاكم (ج1ص16) قال الطيبي في جامع الأصول: لفظ الأحد بعد الواحد ولم يوجد في جامع الترمذي والدعوات للبيهقي ولا في شرح السنة – انتهى. قال الجزري في جامع الأصول (ج5ص201) الأحد والفرد الفرق بينه وبين الواحد إن "أحدا" بنى لنفي ما يذكر معه من العدد فهو يقع على المذكر والمؤنث يقال ما جاءني أحد أي ذكر ولا أنثى، وأما الواحد فإنه وضع لمفتتح العدد تقول جاءني واحد من الناس ولا تقول جاءني أحد من الناس، والواحد بنى على انقطاع النظير والمثل، والأحد بنى على الإنفراد الوحدة عن الأصحاب، فالواحد منفرد بالذات والأحد منفرد بالمعنى _ انتهى. وقيل: إن الأحدية لتفرد الذات والواحدية لنفي المشاركة في الصفات، وبسط الطيبي في بيان الفرق بينهما من حيث اللفظ والمعنى جميعاً فارجع إليه إن شئت (الصمد) هو السيد الذي انتهى إليه السودد، وقيل هو الدائم الباقي، وقيل هو الذي لا جوف له، وقيل الذي يصمد في الحوائج إليه أي يقصد. (القادر المقتدر) معناهما ذو القدرة إلا أن المقتدر أبلغ لما في البناء من معنى التكلف والاكتساب فإن ذلك وإن امتنع في حقه تعالى حقيقة لكنه يفيد المعنى مبالغة كذا في المرقاة. وقيل: القادر المتمكن من كل ما يريده بلا معالجة ولا واسطة والمقتدر المستولى على كل من أعطاه حظاً من قدرة (المقدم) بكسر الدال أي الذي يقدم الأشياء بعضها على بعض ويضعها في مواضعها اللائقة بها (المؤخر) بكسر الخاء المعجمة أي الذي يؤخر الأشياء إلى أماكنها ومواقيتها المناسبة لها فمن استحق التقديم قدمه، ومن استحق التأخير أخره ولا مقدم لما أخره ولا مؤخر لما قدمه (الأول) أي الذي لا بداية
الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرؤف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع،
ــ
لأوليته. وقيل أي السابق على الأشياء كلها فإنه موجدها ومبدعها (الآخر) أي الباقي وحده بعد أن يفنى جميع الخلق ولا نهاية لآخريته (الظاهر) أي الذي ظهر فوق كل شيء وعلاه. وقيل هو الذي عرف بطرق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أفعاله وأوصافه (الباطن) المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم (الوالي) أي مالك الأشياء جميعها المتصرف فيها. وقيل المتولي لجميع أمور خلقه (المتعالي) البالغ في العلو المرتفع عن النقص. وقيل الذي جل عن إفك المفترين وعلا شأنه. وقيل الذي جل عن كل وصف وثناء وهو متفاعل من العلو. وقال الجزري: هو المتنزه عن صفات المخلوقين تعالى أن يوصف بها وجل ويجوز حذف يائه على ما قريء في المتواتر وقفاً ووصلاً (البر) بفتح الموحدة مشتق من البر بالكسر بمعنى الإحسان وهو مبالغة البار أي المحسن البالغ في البر والإحسان. قال الجزري: البر هو العطوف على عباده ببره ولطفه (التواب) الذي يقبل توبة عباده مرة بعد أخرى. وقيل الذي يرجع بالإنعام على كل مذنب رجع إلى التزام الطاعة بقبول توبته من التوب وهو الرجوع (المنتقم) هو المبالغ في العقوبة لمن يشاء من العصاة مفتعل من نقم ينقم إذا بلغت به الكراهية حد السخط (العفو) فعول من العفو وهو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو أبلغ من الغفور لأن الغفران ينبىء عن الستر والعفو ينبىء عن المحو والطمس وهو من أبنية المبالغة يقال عفا يعفو عفواً فهو عاف وعفو (الرؤف) ذو الرحمة البالغة من الرأفة وهي شدة الرحمة فهو أبلغ من الرحيم والراحم. قال الجزري: والفرق بين الرأفة والرحمة إن الرحمة قد تقع في الكراهة للمصلحة، والرأفة لا تكاد تكون في الكراهة. وقيل إن الرحمة إحسان مبدؤه شفقة المحسن، والرأفة إحسان مبدؤه فاقة المحسن إليه (مالك الملك) أي الذي تنفذ مشيئته في ملكه ويجري الأمور فيه على ما يشاء أو الذي له التصرف المطلق (ذو الجلال والإكرام) أي ذو العظمة والكبرياء وذو الإكرام لأولياءه بأنعامه عليهم. وقيل الذي لا شرف ولا كمال إلا هو له أي هو مستحقة ولا كرامة ولا مكرمة إلا وهي منه (المقسط) أي العادل في حكمه يقال أقسّط الرجل يُقسِط فهو مُقسط إذا عدل، ومنه {إن الله يحب المقسطين} [المائدة: 25] وقسط يقسط فهو قاسط إذا جار ومنه {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً} [الجن: 15] فكأن الهمزة في أقسط للسلب كما يقال شكا إليه فأشكاه (الجامع) أي الذي يجمع الخلائق ليوم الحساب. وقيل المؤلف بين المتماثلات والمتباينات والمتضادات في
الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور)) . رواه الترمذي، والبيهقي في "الدعوات الكبير"
ــ
الوجود (الغني) أي المستغني عن كل شيء لا يحتاج إلى أحد في شيء وكل أحد يحتاج إليه وهذا هو الغني المطلق ولا يشارك الله فيه غيره (المغني) أي الذي يغني من يشاء من عباده عن غيره يعطي من يشاء ما يشاء (المانع) الدافع لأسباب الهلاك والنقص. وقال الجزري: هو الناصر الذي يمنع أولياءه أن يؤذيهم أحد. وقيل: يمنع من يريد من خلقه ما يريد ويعطيه ما يريد (الضار) أي الذي يضر من يشاء من خلقه حيث هو خالق الأشياء كلها خيرها وشرها ونفعها وضرها (النافع) أي الذي يوصل النفع إلى من يشاء من خلقه حيث هو خالق النفع والضر والخير والشر (النور) هو الذي يبصر بنوره ذو العماية ويرشد بهداه ذو الغواية فيصل إلى تمام الهداية. وقيل هو الظاهر الذي به كل ظهور فالظاهر بنفسه المظهر لغيره يسمى نوراً (الهادي) أي الذي بصر عباده وعرفهم طريق معرفته حتى أقروا بربوبيته وهدى كل مخلوق إلى ما لا بد منه في بقاءه ودوام وجوده (البديع) أي الخالق المخترع لا عن مثال سابق، فعيل بمعنى مفعل يقال أبدع فهو مبدع (الباقي) أي الدائم الوجود الذي لا يقبل الفناء (الوارث) أي الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فناءهم (الرشيد) أي الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم أي هداهم ودلهم عليها فعيل بمعنى مفعل. وقيل: هو الذي تنساق تدابيره إلى غاياتها على سَنَن السداد من غير إشارة مشير ولا تسديد مُسَددٍ (الصبور) أي الذي لا يعاجل العصاة بالمؤاخذة والانتقام منهم بل يؤخر ذلك إلى أجل مسمى فمعنى الصبور في صفة الله تعالى قريب من معنى الحليم. والفرق بينهما أن العصاة لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور كما يأمنونها في صفة الحليم هذا، ومن أراد استقصاء معاني الأسماء الحسنى فعليه أن يرجع إلى المقصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى للغزالي وأشعة اللمعات للشيخ عبد الحق الدهلوي (رواه الترمذي والبيهقي) وأخرجه أيضاً ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم (ج1ص16) والطبراني وابن أبي الدنيا كلاهما في الدعاء، وابن أبي عاصم وأبوالشيخ وابن مردوية كلاهما في التفسير، وأبونعيم في الأسماء الحسنى، وابن مندة وجعفر الفريابي في الذكر، وفي رواياتهم اختلاف شديد في سرد الأسماء وزيادة ونقص كما أشار إليه الحافظ في الفتح والقسطلاني في إرشاد الساري (ج11ص68- 69) والشوكاني في فتح القدير (ج2ص256- 257) وكما يدل عليه ما ذكره السيوطي في الجامع الصغير وعلي المتقي في الكنز من سياق بعض الروايات، وفي الباب عن ابن عباس وابن عمر. قال الشوكاني: وقد أخرجها بهذا العدد الذي أخرجه الترمذي وابن مردوية وأبونعيم
وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
ــ
عن ابن عباس وابن عمر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكراه ولا أدري كيف إسناده – انتهى. (وقال الترمذي) أي بعد أن أخرجه عن الجوزجاني عن صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم عن شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة (هذا حديث غريب) وبعده حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث – انتهى. قال الحافظ: لم ينفرد به صفوان فقد أخرجه البيهقي (وكذا الحاكم ج1ص16) من طريق موسى بن أيوب النصيبي وهو ثقة عن الوليد أيضاً. وقد اختلف في سنده على الوليد ثم ذكر الحافظ الاختلاف وبسط الكلام في ذلك. قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعلم في كبير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث – انتهى. قال الحافظ: وقع سرد الأسماء في رواية زهير بن محمد عن موسى بن عقبة عند ابن ماجه. أي كما وقع في رواية الوليد بن مسلم عن شعيب (عند الترمذي وغيره) وهذان الطريقان يرجعان إلى رواية الأعرج وفيهما اختلاف شديد في سرد الأسماء وزيادة ونقص، ووقع سرد الأسماء أيضاً في طريق ثالث أخرجها الحاكم في المستدرك (ج1ص17) وجعفر الفريابي في الذكر من طريق عبد العزيز بن الحصين عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة – انتهى كلام الحافظ. قلت: الطرق الثلاث كلها ضعيفة. أما طريق ابن ماجه فلضعف عبد الملك بن محمد صاحب زهير بن محمد. وأما طريق الوليد وعبد العزيز بن الحصين فلما سيأتي في كلام الحافظ. واختلف العلماء في سرد الأسماء هل هو مرفوع أو مدرج في الخبر من بعض الرواة فمشي كثير منهم على الأول واستدلوا به على جواز تسمية الله تعالى بما لم يرد في القرآن بصيغة الاسم لأن كثيراً من هذه الأسماء كذلك وذهب آخرون إلى أن التعيين مدرج لخلو أكثر الروايات عنه. ونقله عبد العزيز اليخشبي عن كثير من العلماء. قال ابن كثير في تفسيره (ج4ص270) والذي عول عليه جماعة من الحفاظ إن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه. وإنما ذلك لأنه رواه عبد الملك بن محمد الصنعاني عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك أي أنهم جمعوها من القرآن كما روي عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي – انتهى. قال الشوكاني في تحفة الذاكرين (ص54) بعد ذكر كلام ابن كثير هذا: ولا يخفاك إن هذا العدد قد صححه إمامان يعني ابن حبان والحاكم وحسنه إمام يعني النووي في الأذكار فالقول بأن بعض أهل العلم جمعها من القرآن غير سديد ومجرد بلوغ واحد أنه وقع ذلك لا ينتهض لمعارضة الرواة ولا تدفع الأحاديث بمثله – انتهى. قلت قال الحاكم بعد تخريج الحديث من طريق صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم: هذا حديث قد خرجاه في الصحيحين بأسانيد صحيحة دون ذكر الأسامي والعلة فيه عندهما تفرد الوليد بن مسلم، وليس هذا بعلة فإني لا أعلم اختلافاً بين أئمة الحديث إن الوليد أوثق وأحفظ وأجل وأعلم من
2311-
(3) وعن بريدة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: ((اللهم إني أسألك بأنك أنت الله،
ــ
أبي اليمامان وبشر بن شعيب وعلي بن عياش وغيرهما من أصحاب شعيب. قال الحافظ: يشير إلى أن بشراً وعلياً وأبا اليمان رووه عن شعيب بدون سياق الأسماء فرواية أبي اليمان عند البخاري في الشروط ورواية علي عند النسائي ورواية بشر عند البيهقي. قال الحافظ: وليست العلة عند الشيخين تفرد الوليد فقط بل الاختلاف فيه والاضطراب وتدليسه واحتمال الإدراج – انتهى. قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه الأسماء وليس له إسناد صحيح – انتهى. قال الحافظ في التلخيص بعد نقل كلام الترمذي: هذا ما لفظه الطريق التي أشار إليها الترمذي رواها الحاكم (ج1ص17) من طريق عبد العزيز بن الحصين عن أيوب وهشام بن حسان جميعاً عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وفيها زيادة ونقصان. قال الحاكم: هذا حديث محفوظ عن أيوب وهشام بدون ذكر الأسامي وعبد العزيز ثقة. قال الحافظ: بل متفق على ضعفه وهاه البخاري ومسلم وابن معين. وقال البيهقي: هو ضعيف عند أهل النقل – انتهى. قلت وقال الذهبي في تلخيصه متعقباً على الحاكم قلت: بل ضعفوه – انتهى. وقال الحاكم أيضاً: إنما أخرجت رواية عبد العزيز بن الحصين شاهداً لرواية الوليد عن شعيب لأن الأسماء التي زادها على الوليد كلها في القرآن. قال الحافظ في الفتح بعد ذكر كلام الحاكم: هذا كذا قال وليس كذلك وإنما تؤخذ من القرآن بضرب من التكلف لا أن جميعها ورد فيه بصورة الأسماء. قلت: قد استضعف حديث سرد الأسماء جماعة، منهم ابن حزم والداودي وابن العربي وأبوالحسن القابسي وأبوزيد البلخي. قال ابن حزم: الأحاديث الواردة في سرد الأسماء ضعيفة لا يصح شيء منها أصلاً ومال الحافظ في الفتح إلى رجحان أن سرد الأسماء مدرج في الحديث إذ قال. وإذا تقرر رجحان أن سرد الأسماء ليس مرفوعاً فقد اعتنى جماعة بتتبعها من القرآن من غير تقييد بعدد كما روي عن محمد بن يحيى الذهلي أنه استخرج الأسماء من القرآن، وعن أبي جعفر بن محمد الصادق أنه قال هي في القرآن، وعن أبي زيد اللغوي أنه أخرجها من القرآن ووافقه سفيان على ذلك، وتقدم عن الشوكاني أنه قوي حديث السرد ورجح القول بكون سرد الأسماء مرفوعاً، وفي شرح الأذكار لابن علان ليس لهذا الاختلاف كبير جدوى، فإن الموقوف كذلك حكمه المرفوع لأن مثله لا يقال رأياً – انتهى فتأمل.
2311-
قوله: (وعن بريدة) أي ابن الحصيب الأسلمي (سمع رجلاً) الظاهر إنه أبوموسى الأشعري كما سيأتي في حديث بريدة الآتي في الفصل الثالث وكما يدل عليه رواية أحمد في مسنده (ج5ص349)(اللهم إني أسألك) لم يذكر المسئول لعدم الحاجة إليه (بأنك أنت الله) كذا في جميع النسخ من المشكاة والمصابيح
لا إله إلا أنت، الأحد، الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فقال: دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا سأل به أعطى، وإذا دعي به أجاب)) . رواه الترمذي، وأبوداود
ــ
وفي بعض نسخ أبي داود وهكذا وقع في رواية ابن ماجه والحاكم، ووقع في بعض نسخ أبي داود اللهم إني أسألك إني أشهد إنك أنت الله، ولفظ الترمذي بأني أشهد أنك أنت الله وهكذا عند أحمد. والباء للسببية أي بسبب إني أو بوسيلة إني أشهد فهذا ذكر للوسيلة، وأما المسئول فغير مذكور (الأحد) أي بالذات والصفات (الصمد) أي المقصود في الحوائج على الدوام (الذي لم يلد) لانتفاء مجانسته (ولم يولد) لانتفاء الحدوث عنه (ولم يكن له كفواً أحد) أي مكافئاً ومماثلاً فله متعلق بكفواً. وقدم عليه لأنه محط القصد بالنفي وأخر أحد وهو اسم يكن عن خبرها رعاية للفاصلة (فقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (دعا الله) لفظ الترمذي لقد سأل الله، وهكذا في ابن ماجه والمسند والمستدرك في رواية، ولأبي داود لقد سألت الله، وأما لفظ الكتاب فهو للحاكم في رواية أخرى (باسمه الأعظم) في شرح السنة في هذا الحديث دلالة على أن لله تعالى اسماً أعظم إذا دعي به أجاب، وإن ذلك هو المذكور ههنا، وهو حجة على من قال ليس الاسم الأعظم اسماً معيناً بل كل اسم ذكر بإخلاص تام مع الإعراض عما سوى الله هو الاسم الأعظم، لأن شرف الاسم بشرف المسمى لا بواسطة الحروف المخصوصة. قال الطيبي: وقد ذكر في أحاديث أخر مثل ذلك: وفيها أسماء ليست في هذا الحديث إلا أن لفظ الله مذكور في الكل فيستدل بذلك على أنه الاسم الأعظم – انتهى. وسيأتي الكلام في ذلك مفصلاً في آخر الباب (الذي إذا سأل به أعطى وإذا دعي بها أجاب) كذا في رواية أبي داود وابن ماجه وأحمد بتقديم السؤال على الدعاء. ووقع عند الترمذي بتقديم الدعاء على السؤال. قيل السؤال أن يقول العبد أعطني الشيء الفلاني فيعطي، والدعاء أن ينادي ويقول يا رب فيجيب الرب تعالى ويقول لبيك يا عبدي ففي مقابلة السؤال الإعطاء وفي مقابلة الدعاء الإجابة وهذا هو الفرق بينهما ويذكر أحدهما مقام الآخر أيضا. وقيل الفرق بينهما إن الثاني أبلغ، فإن إجابة الدعاء تدل على شرف الداعي ووجاهته عند المجيب بخلاف السؤال فإنه قد يكون مذموماً كما يكون في إثم أو قطيعة رحم. وقال الطيبي: إجابة الداعي تدل على وجاهة الداعي عند المجيب فيتضمن قضاء الحاجة بخلاف الإعطاء فالأخير أبلغ وقوله أعطي وأجاب أي بأن يعطي عين المسئول بخلاف الدعاء بغيره فإنه وإن كان لا يرد لكنه إما أن يعطاه أو يدخره للآخرة أو يعوض (رواه الترمذي) في جامع الدعوات وحسنه (وأبو داود) في أواخر الصلاة وسكت عنه وأخرجه أيضاً أحمد (ج5ص350) والنسائي في الكبرى وابن ماجه في الدعاء وابن حبان وابن أبي شيبة وابن السني (ص243) والحاكم (ج1ص504) وقال: صحيح على شرط الشيخين. ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره، وقال قال شيخنا أبوالحسن المقدسي: إسناده لا مطعن فيه ولا أعلم أنه روي في هذا الباب
2312-
(4) وعن أنس، قال: ((كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، ورجل يصلي، فقال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت الحنان، المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام! يا حي يا قيوم! أسألك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
ــ
حديث أجود إسناداً منه، وهو يدل على بطلان مذهب من ذهب إلى نفي القول بأن لله اسماً هو الاسم الأعظم وهو حديث حسن – انتهى. وقال الحافظ في الفتح: هو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك انتهى.
2312-
قوله: (وعن أنس قال كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي فقال اللهم) لفظ الترمذي عن أنس قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ورجل قد صلى وهو يدعو وهو يقول في دعائه اللهم، ولأبي داود عن أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ورجل يصلي ثم دعا اللهم، وفي ابن ماجه عن أنس قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول اللهم والرجل المذكور هم أبوعياش الزرقي، فإن الحديث ذكره المنذري في الترغيب من رواية الإمام أحمد وفيه مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش الزرقي بن الصامت وهو يصلي وهو يقول اللهم الحديث. قال الهيثمي بعد عزوه لأحمد والطبراني في الصغير: ورجال أحمد ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس وإن كان ثقة (بأن لك الحمد) تقديم الجار للاختصاص (لا إله إلا أنت) زاد ابن ماجه وحدك لا شريك لك (الحنان) كذا في جميع النسخ الحاضرة من المشكاة والمصابيح، وسقط هذا اللفظ عن النسخ التي اعتمدها القاري وأخذها في شرحه ولم يقع أيضاً في رواية الترمذي وأبي داود وابن ماجه والحاكم، نعم وقع عند أحمد كما في الترغيب. قال القاري: وفي نسخة صحيحة يعني من المشكاة الحنان قبل المنان وهو المفهوم من المفاتيح – انتهى. قال في النهاية: الحنان الرحيم بعباده فعال للمبالغة من الحنان بالتخفيف بمعنى الرحمة (المنان) بتشديد النون أيضاً وهو المنعم المعطي من المن العطاء لا من المنة، وكثيراً ما يرد المن في كلامهم بمعنى الإحسان إلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه فالمنان من أبنية المبالغة كالسفاك والوهاب أي كثير العطاء والإنعام. قال صاحب الصحاح: من عليه مناً أي أنعم (بديع السماوات والأرض) قال القاري: يجوز فيه الرفع على أنه صفة المنان أو خبر المبتدأ محذوف أي هو أو أنت وهو أظهر والنصب على النداء ويقويه رواية الواحدي في كتاب الدعاء له يا بديع السماوات كذا في شرح الجزري على المصابيح. قلت: في رواية أحمد على ما نقله المنذري في الترغيب يا حنان يا منان يا بديع السماوات والأرض، وفي الأدب المفرد يا بديع السماوات يا حي يا قيوم إني أسألك (يا ذا الجلال والإكرام) أي ذا العظمة والكبرياء وذا الإكرام لأوليائه (يا حي يا قيوم) ليس هذا اللفظ عند الترمذي وابن ماجه، نعم وقع عند أبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم (أسألك) أي ولا أسأل غيرك ولا أطلب سواك أو أسألك كلما أسأل أو هو تأكيد للأول وليس هذا اللفظ في الحصن ولم أره في كتاب سوى
دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سأل به أعطى)) . رواه الترمذي، وأبوداود، والنسائي، وابن ماجه.
2313-
(5) وعن أسماء بنت يزيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم} ، وفاتحة آل عمران:{الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم}
ــ
المشكاة وسوى الأدب المفرد، وزاد الحاكم في رواية أسألك الجنة وأعوذ بك من النار (دعا الله باسمه الأعظم) هكذا عند الترمذي وابن ماجه وفي سنن أبي داود دعا الله باسمه العظيم (رواه الترمذي) وقال هذا حديث غريب (وأبو داود) وسكت عنه (والنسائي) في الكبرى (وابن ماجه) وأخرجه أيضاً أحمد وابن حبان والحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي والطبراني في الصغير وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد مختصراً بلفظ: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فدعا رجل فقال: يا بديع السماوات يا حي يا قيوم إني أسألك فقال أتدرون بما دعا؟ والذي نفسي بيده دعا باسمه الذي إذا دعي به أجاب، وفي الباب عن أبي طلحة عند الطبراني وفيه أبان بن عياش وهو متروك.
2313-
قوله: (وعن أسماء بنت يزيد) هن الزيادة ابن السكن بن رافع بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصارية الأوسية ثم الأشهلية أم سلمة، ويقال أم عامر وهي من المبايعات روت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث كانت من ذوات العقل والدين، وكان يقال لها خطيبة النساء وهي ابنة عمة معاذ بن جبل، وقد شهدت اليرموك وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطها وعاشت بعد ذلك دهراً روي عنها شهر بن حوشب وغيره (اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين) أي في جميعهما، أو مجموعهما يجوز أن يراد أنه في هاتين الآيتين كلتيهما على سبيل الاجتماع لا الإنفراد كما حديث أبي أمامة عند ابن ماجه وغيره كذا قال القاري في شرح الحصن. وقال السندي: قوله اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين الخ يريد أنه لا إله إلا هو وهذا هو المراد من حديث القاسم عن أبي أمامة أيضاً (وإلهكم إله واحد) أي المستحق للعبادة واحد لا شريك له (لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) المنعم بجلائل النعم ودقائقها (وفاتحة آل عمران) أي ابتداء سورة آل عمران وفاتحة بالجر على أنها وما قبلها بدلان أو عطف بيان، وجوز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي ثانيتهما أو الأخرى أو بالعكس أي ومنهما والنصب بتقدير أعني (الم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم) كذا وقع تعيين الآيتين عند من عزا له المصنف – الحديث. وهو عند الثلاثة من رواية عيسى بن يونس عن عبيد الله بن أبي زياد عن شهر عن أسماء، وعند الدارمي من رواية
رواه الترمذي، وأبوداود، وابن ماجه، والدارمي.
ــ
أبي عاصم عن عبيد الله، وخالف محمد بن بكر عيسى بن يونس وأبا عاصم فروى أحمد (ج6ص461) من طريقه عن عبيد الله عن شهر عن أسماء قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين:{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [آل عمران: 2] و {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [آل عمران: 1، 2] إن فيهما اسم الله الأعظم وروي ابن ماجه والحاكم (ج1ص509) والطبراني في الكبير من طريق القاسم بن عبد الرحمن الشامي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن في سورة البقرة وآل عمران وطه. قال المناوي في شرحه الكبير على الجامع: وفيه أي عند الحاكم والطبراني هشام بن عمار مختلف فيه. وقال في المختصر: وإسناده حسن، وقيل صحيح. وقال البوصيري في الزوائد: في إسناده أي عند ابن ماجه غيلان بن أنس لم أر لأحد فيه كلاماً لا يجرح ولا توثيق وباقي رجال الإسناد ثقات – انتهى. قلت قال الحافظ في التقريب في ترجمة غيلان هذا: إنه مقبول – انتهى. قال القاسم بن عبد الرحمن الشامي المذكرر: فالتمستها فعرفت أنه الحي القيوم. وقال الجزري في الحصن: وعندي إنه الله لا إله إلا هو الحي القيوم جمعاً بين الحديثين، وبيانه إن حديث أسماء نص في أنه لا إله إلا هو الحي القيوم، وحديث أبي أمامة في ثلاث سور البقرة وآل عمران وطه {والله لا إله إلا هو الحي القيوم} في هذه السور أما البقرة وآل عمران فظاهر، وأما طه ففيها أولاً {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} [طه: 8] وآخراً وعنت الوجوه للحي القيوم. قال الحنفي: فيه نظر لجواز كون الاسم الأعظم المأخوذ في هذا المجموع، قلت:(قائله القاري) الأظهر في هذا المجمع أن يقال الله لا إله إلا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم ليكون مشتملاً على جميع ما ذكره في السور وكأن الجزري نظر إلى أن الموجود في جميعها الله لا إله إلا هو الحي القيوم كذا ذكره القاري في شرح الحصن. قلت: والأظهر عندي ما قاله الجزري لما ذكرنا من رواية أحمد وتقدم عن السندي أنه قال المراد به لا إله إلا هو والله تعالى أعلم (رواه الترمذي الخ) وأخرجه أيضاً أحمد (ج6ص461) وابن أبي شيبة كلهم من طريق عبيد الله بن أبي زياد القداح عن شهر بن حوشب عن أسماء، قال الترمذي: حديث حسن صحيح وسكت عنه أبوداود. وقال الحافظ في الفتح بعد ذكر الحديث: حسنه الترمذي، وفي نسخة صححه وفيه نظر لأنه من رواية شهر بن حوشب – انتهى. وقال المنذري في تلخيص السنن: وأخرجه الترمذي وقال حديث حسن، هذا آخر كلامه، وشهر بن حوشب وثقه أحمد وابن معين وتكلم فيه غير واحد، وعبيد الله بن أبي زياد القداح المكي قد تكلم فيه أيضاً غير واحد – انتهى. وقال في رجال الترغيب في ترجمة عبيد الله هذا قال ابن معين ضعيف. وقال أبوداود أحاديث مناكير، وقال أحمد: ليس بثقة وقال مرة صالح الحديث، وقال أبوأحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. وقال ابن عدي: لم أر له شيئاً منكراً، وقال يحيى
2314-
(6) وعن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة ذي النون، إذا دعا ربه، وهو في بطن الحوت، {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} ، لم يدع بها، رجل مسلم في شيء، إلا استجاب)) . رواه أحمد والترمذي.
ــ
ابن سعيد كان وسطاً ليس بذاك وصحح الترمذي حديثه في اسم الله الأعظم. وقال الحافظ في التقريب في عبيد الله بن أبي زياد القداح المكي: ليس بالقوي عندهم، وفي شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام.
2314-
قوله: (وعن سعد) أي ابن أبي وقاص (دعوة ذي النون) أي دعا صاحب الحوت وهو يونس عليه الصلاة والسلام (إذا دعا ربه) كذا في بعض النسخ من المشكاة وهكذا في الأذكار للنووي وفي بعضها إذا دعا أي بسقوط ربه، وفي الترمذي إذا دعا وهكذا ذكر الجزري في جامع الأصول (ج5ص110) والبغوي في المصابيح وكذا وقع عند الحاكم. قال القاري: قوله "إذا دعا" أي ربه كما في نسخة صحيحة يعني من المشكاة وهو غير موجود في الترمذي لكنه مذكور في الأذكار كذا في المفاتيح وهو ظرف دعوة. ولفظ أحمد دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت (وهو في بطن الحوت) جملة حالية {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} [الأنبياء: 87] قال القاري: بدل من الدعوة لأنها في الأصل المرة من الدعاء، ويراد بها هنا المدعو به مع التوسل فيه بما يكون سبباً لاستجابته (لم يدع بها) أي بتلك الدعوة أو بهذه الكلمات وفي الترمذي فإنه لم يدع بها وكذا نقله المنذري في الترغيب عن الترمذي وهكذا وقع في رواية أحمد. وعلى هذا فالظاهر إن قوله لا إله إلا أنت خبر لقوله دعوة ذي النون، والتقدير فعليك أن تدعو بهذه الدعوة فإنه لم يدع بها الخ (في شي) أي من الحاجات (إلا استجاب) أي الله (رواه أحمد)(ج1ص170) أي مطولاً مع قصة وكذا أبويعلى والبزار. قال الهيثمي (ج10ص159) وهو عند الترمذي طرف منه، قال ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وهو ثقة. (والترمذي) وأخرجه أيضاً النسائي في الكبرى والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم وابن مردوية، والبيهقي في الشعب كما في فتح القدير (ج3ص410) والحاكم (ج1ص505) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي، وزاد الحاكم في طريق عنده فقال رجل يا رسول الله هل كانت ليونس خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فقال رسول الله، ألا تسمع قول الله عزوجل {ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين} [الأنبياء: 88] ورواه ابن جرير بلفظ: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطي دعوة يونس بن متي، قلت يا رسول الله هل ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا به الم تسمع قول الله {وكذلك ننجي المؤمنين} فهو شرط من الله لمن دعاه.