الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الفصل الأول}
2309-
(1) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً،
ــ
اختيار الصفات. قال الراغب: وما ذهب إليه أهل الحديث هو الصحيح، ولو ترك الإنسان وعقله لما جسر أن يطلق عليه عامة هذه الأسماء التي ورد الشرع بها إذ كان أكثرها على حسب تعارفنا، يقتضي إعراضاً إما كمية نحو العظيم والكبير وإما كيفية نحو الحي والقادر أو زماناً نحو القديم والباقي أو مكاناً نحو العلي والمتعالي أو انفعالاً نحو الرحيم والودود، وهذه معان لا تصح عليه سبحانه وتعالى على حسب ما هو متعارف بيننا وإن كان لها معان معقولة عند أهل الحقائق من أجلها صح إطلاقها عليه عزوجل. وقال القاضي أبوبكر الباقلاني والغزالي: الأسماء توقيفية دون الصفات. قال: هذا هو المختار، واتفقوا على أنه لا يجوز أن يطلق عليه اسم ولا صفة توهم نقصاً، ولو ورد ذلك نصاً فلا يقال ماهد ولا زارع ولا فالق ولا نحو ذلك، وإن ثبت في نحو قوله:{فنعم الماهدون} {أم نحن الزارعون} {فالق الحب والنوى} [الأنعام: 95] ونحوها ولا يقال له ماكر ولا بناء وإن ورد مكر الله {والسماء بنيناها} وقال أبوالقاسم القشيري: أسماء الله تؤخذ توقيفاً من الكتاب والسنة والإجماع فكل اسم ورد فيها وجب إطلاقه في وصفه وما لم يرد لا يجوز ولو صح معناه وقال أبوإسحاق الزجاج: لا يجوز لأحد أن يدعوا الله بما لم يصف به نفسه فيقول يا رحيم لا يا رفيق ويقول يا قوي لا يا جليد. قال الحافظ: والضابط إن كل ما أذن الشرع أن يدعى به سواء كان مشتقاً أو غير مشتق فهو من أسماء وكل ما جاز أن ينسب إليه سواء كان مما يدخله التأويل أولاً، فهو من صفاته ويطلق عليه أسماء أيضاً. وقال الحليمي: إن أسماء الله التي ورد بها الكتاب والسنة وإجماع العلماء على تسميته بها منقسمة بين عقائد خمس. الأولى: إثبات الباري رداً على المعطلين وهي الحي والباقي والوارث وما في معناها. الثانية: إثبات وحدانيته لتقع البراءة عن الشرك وهي الكافي والعلي والقادر ونحوها. والثالثة: تنزيهه رداً على المشبهة وهي القدوس والمجيد والمحيط وغيرها. والرابعة: اعتقاداً إن كل موجود من اختراعه رداً على القول بالعلة والمعلول وهي الخالق والباري والمصور وما يلحق بها. والخامسة: إثبات إنه مدبر لما اخترعه ومصرفه على ما يشاء لتقع البراءة من قول القائلين بالطبائع أو بتدبير الكواكب أو بتدبير الملائكة وهي القيوم والعليم والحكيم وشبهها.
2309-
قوله: (إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً) بالنصب على التمييز. قال الخطابي: فيه دليل على أن أشهر أسماءه تعالى الله لإضافة هذه الأسماء إليه، وقد روى إن الله هو اسمه الأعظم. وقال ابن مالك: ولكون
مائة إلا واحدة
ــ
الله اسماً علماً، وليس بصفة. قيل في كل اسم من أسماءه تعالى سواه اسم من أسماء الله، وهو من قول الطبري على ما حكاه النووي إلى الله ينسب كل اسم له فيقال الكريم من أسماء الله ولا يقال من أسماء الكريم الله. قال القسطلاني: ولما كانت معرفة أسماء الله تعالى، وصفاته توقيفية إنما تعرف من طريق الوحي والسنة ولم يكن لنا أن نتصرف فيها بما لم يهتد إليه مبلغ علمنا، ومنتهى عقولنا، وقد منعنا عن إطلاق ما يرد به التوقيف في ذلك وإن جوزه العقل، وحكم به القياس كان الخطأ في ذلك غير هين والمخطيء فيه غير معذور والنقصان عنه كالزيادة فيه غير مرضى، وكان الاحتمال في رسم الخط واقعاً باشتباه تسعة وتسعين في زلة الكاتب وهفوة القلم بسبعة وسبعين، أو سبعة وتسعين، أو تسعة وسبعين، فينشأ الاختلاف في المسموع من المسطور أكده حسماً للمادة وإرشاداً إلى الاحتياط بقوله (مائة) بالنصب على البدلية (إلا واحداً) أي إلا اسماً واحداً. وقال في فتوح الغيب: قوله "مائة إلا واحدا" تأكيد وفذلكة لئلا يزاد على ما ورد كقوله: {تلك عشرة كاملة} [البقرة: 196] وفيه رفع التصحيف، فإن تسعة تصحف بسبعة وتسعين بسبعين بالموحدة فيهما. وقيل أتى بذلك للتنصيص على العدد المقصود على وجه المبالغة. وقيل: إنما قال ذلك لئلا يتوهم العدد على التقريب وفيه فائدة رفع الاشتباه في الخط. قال السندي: وهذا مبني على معرفته صلى الله عليه وسلم رسم الخط وإن كونه أمياً لا يتأتي معرفة ذلك إلا بالإلهام من الله تعالى – انتهى. وقوله "إلا واحداً" بالتذكير في أكثر الروايات ويروي واحدة بالتأنيث. قال ابن مالك: أنث باعتبار معنى التسمية أو الصفة أو الكلمة واختلف في هذا العدد هل المراد به حصر الأسماء الحسنى في هذه العدة أو إنها أكثر من ذلك، ولكن اختصت هذه بأن من أحصاها دخل الجنة فذهب الجمهور إلى الثاني. ونقل النووي اتفاق العلماء عليه فقال ليس في الحديث حصر لأسماء الله تعالى وليس معناه إنه ليس له اسم غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث إن هذه الأسماء التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصاءها لا الإخبار بحصر الأسماء. ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود الذي أخرجه أحمد وصححه ابن حبان أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك. وعند مالك عن كعب الأحبار في دعاءه وأسالك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم. ولابن ماجه من حديث عائشة إنها دعت بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك. وقال الخطابي: في هذا الحديث إثبات هذه الأسماء المخصوصة بهذا العدد وليس فيه منع ما عداها في الزيادة وإنما التخصيص لكونها أكثر الأسماء وأبينها معاني وخبر المبتدأ في الحديث هو قوله من أحصاها لا قوله لله وهو كقولك لزيد ألف درهم أعدها للصدقة أو لعمرو ومائة ثوب من زاره ألبسه إياها. وقال القرطبي في المفهم والتوربشتي في شرح المصابيح: نحو ذلك. وبالغ بعضهم في تكثير الأسماء الحسنى حتى قال ابن العربي
من أحصاها
ــ
في شرح الترمذي حاكياً عن بعض أهل العلم: إنه جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله تعالى ألف اسم. قلت: وذهبت بعضهم إلى حصرها في التسعة والتسعين. قال ابن حزم من زاد شيئاً في الأسماء على التسعة والتسعين من عند نفسه فقد الحد في أسماءه، واحتج لذلك بالتأكيد في قوله صلى الله عليه وسلم "مائة إلا واحداً" قال لأنه لو جاز أن يكون له اسم زائد على العدد المذكور لزم أن يكون له مائة اسم فيبطل قوله "مائة إلا واحداً" وهذا الذي قاله ليس بحجة على ما تقدم لأن الحصر المذكور عند الجمهور باعتبار الوعد الحاصل لمن أحصاها فمن أدعى أن الوعد وقع لمن أحصى زائداً على ذلك أخطأ، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون هناك اسم زائد وأما الحكمة في القصر على العدد المخصوص المذكور فذكر الفخر الرازي عن الأكثر أنه تعبد لا يعقل معناه. وقيل: الحكمة فيه أنها في القرآن كما في بعض طرقه. وقال: آخرون الأسماء الحسنى مائة على درجات الجنة استأثر الله تعالى منها بواحدة وهو الاسم الأعظم فلم يطلع عليه أحداً فكأنه قال مائة ولكن واحد منها عند الله. وقال بعضهم: ليس الاسم المكمل للمائة مخفياً بل هو الجلالة وبه جزم السهيلي فقال: الأسماء الحسنى مائة على عدد درجات الجنة والذي يكمل المائة الله ويؤيده قوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف: 180] فالتسعة والتسعون لله فهي زائدة عليه وبه تكمل المائة وقيل غير ذلك (من أحصاها) وفي رواية لمسلم من حفظها وفي رواية للبخاري: لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة. قال الشوكاني: وهذا اللفظ يفسر معنى قوله "أحصاها" فالإحصاء هو الحفظ. وقيل: أحصاها قرأها كلمة كلمة كأنه يعدها. وقيل: أحصاها علمها وتدبر معانيها واطلع على حقائقها وقيل: أطاق القيام بحقها والعمل بمقتضاها والتفسير الأول هو الراجح المطابق للمعنى اللغوي وقد فسرته الرواية المصرحة بالحفظ كما عرفت. وقال النووي قال البخاري وغيره من المحققين: معناه حفظها وهذا هو الأظهر لثبوته نصاً في الخبر. وقال في الأذكار: هو قول الأكثرين. وقال الخطابي: الإحصاء في هذا يحتمل وجوهاً. أحدها: وهو أظهرها أن يعدها حتى يستوفيها يريد أنه لا يقتصر على بعضها لكن يدعو الله بها كلها ويثني عليه بجميعها فيستوجب الموعود عليها من الثواب. ثانيها: المراد بالإحصاء إلا طاقة كقوله تعالى: {علم أن لن تحصوه} [المزمل: 20] والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها وهو أن يعتبر معانيها فيلزم نفسه بواجبها فإذا قال الرزاق: وثق بالرزق وكذلك سائر الأسماء. ثالثها: المراد العقل والإحاطة بمعانيها من قول العرب فلان ذو حصاة أي ذو عقل ومعرفة. وقيل: معنى أحصاها عرفها لأن العارف بها لا يكون إلا مؤمناً والمؤمن يدخل الجنة. وقال ابن الجوزي: فيه خمسة أقوال. أحدها: من استوفاها حفظاً. والثاني: من أطاق العمل بمقتضاها مثل أن يعلم أنه سميع فيكف لسانه عن القبيح. والثالث: من عقل معانيها. والرابع: من أحصاها علماً وإيماناً. والخامس: أن المعنى من قرأ القرآن حتى يختمه لأن جميع الأسماء فيه. وقال القرطبي: