المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وفي رواية لمسلم لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٧

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(4) باب صوم المسافر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب القضاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب صيام التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب ليلة القدر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(9) باب الإعتكاف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(8) كتاب فضائل القرآن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

-

- ‌(9) كتاب الدعوات

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(1) باب ذكر الله عزوجل والتقرب إليه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب أسماء الله تعالى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب ثواب التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: وفي رواية لمسلم لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن

وفي رواية لمسلم لا تسافروا بالقرآن فإني لا آمن أن يناله العدو.

{الفصل الثاني}

2220-

(12) عن أبي سعيد الخدري، قال: ((جلست في عصابة

ــ

رواه البخاري عن القعنبي عن مالك عن نافع عن ابن عمر ومسلم من طريق يحيى بن يحيى عن مالك به وأخرجه أحمد (ج2ص7- 63) وابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وزاد مخافة أن يناله العدو ورواه ابن وهب عن مالك فقال: خشية أن يناله العدو. وأخرجه أبوداود عن القعنبي عن مالك فقال قال مالك: أراه مخافة فذكره قال أبوعمر كذا قال يحيى بن يحيى الأندلسي ويحيي بن بكير وأكثر الرواة عن مالك جعلوا التعليل من كلامه ولم يرفعوه. وأشار إلى أن ابن وهب تفرد برفعها وليس كذلك لما تقدم من رواية أحمد وابن ماجه وهذه الزيادة رفعها أيضاً عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أخرجها إسحاق بن راهوية في مسنده عن محمد بن بشر وأحمد في مسنده (ج2ص55) عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله وكذلك أخرجها مسلم والنسائي وابن ماجه من طريق الليث عن نافع ومسلم من طريق حماد عن أيوب عن نافع بلفظ: فإني لا آمن أن يناله العدو وأحمد (ج2ص6) من طريق ابن علية و (ج2ص10) من طريق سفيان عن أيوب بلفظ فإني أخاف أن يناله العدو، وكذا رواها مسلم من طريق ابن علية والثقفي عن أيوب ورفعها أيضاً عبد الله بن دينار عن ابن عمر أخرجها أحمد (ج2ص128) من طريق سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو. قال الحافظ بعد ذكر جملة من هذه الروايات: فصح أنه مرفوع وليس بمدرج ولعل مالكاً كان يجزم به ثم صار يشك في رفعه فجعله من تفسير نفسه- انتهى. قيل: ولم يذكر البخاري ومسلم التعليل المذكور في روايتهما عن مالك للاختلاف عليه في رفعه ووقفه. وقد تقدم إن الحفاظ غير مالك اثبتوا رفعه فيكون هو الراجح المعتمد (وفي رواية لمسلم) رواها من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر (لا تسافروا بالقرآن) أي المصحف لا القرآن نفسه والمراد بالمصحف ما كتب فيه القرآن كله أو بعضه متميز إلا في ضمن كلام آخر، فلا ينافيه ما كتبه صلى الله عليه وسلم في كتابه إلى هرقل من قوله (يا أهل الكتاب) الآية (فإني لا آمن أن يناله العدو) أي من أن يصيبه الكافر فلا يراعي حرمته بل يحقره أو يحرقه أو يلقيه في مكان غير لائق به وهذه الرواية أخرجها أيضاً أحمد (ج2ص6، 10) .

2220-

قوله: (جلست في عصابة) بالكسر أي جماعة. قال الجزري: العصابة الجماعة من الناس

ص: 276

من ضعفاء المهاجرين، وإن بعضهم ليستتر ببعض من العرى، وقاري يقرأ علينا إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سكت القاري فسلم، ثم قال: ما كنتم تصنعون. قلنا: كنا نستمع إلى كتاب الله فقال: الحمد لله الذي جعل من أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم قال فجلس وسطنا ليعدل بنفسه فينا. ثم قال: بيده هكذا فتحلقوا

ــ

وكذلك من الخيل والطير (من ضعفاء المهاجرين) يعني أصحاب الصفة (ليستتر) بلام التأكيد المفتوحة من الاستتار (من العرى) أي من أجله بضم العين وسكون الراء أي من كان ثوبه أقل من ثوب صاحبه كان يجلس خلف صاحبه تستراً به، والمقصود بيان فقرهم واحتياجهم وإنه لم يكن على أبدانهم ثياب تكفي للتستر ومن أجل ذلك كان يجلس بعضهم خلف بعض ليحصل الاستتار. وقيل: المراد العرى مما عدا العورة فالتستر لمكان المروءة فإنها لا تسمح بانكشاف ما لا يعتاد كشفه (وقاري يقرأ علينا) القرآن لنستمع ونتعلم (إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) إذ للمفاجأة (فقام علينا) أي وقف يعني كنا غافلين عن مجيئه فنظرنا فإذا هو قائم فوق رؤسنا يستمع إلى كتاب الله (سكت القاري) أي تأدباً لحضوره وانتظاراً لما يقع من أموره (فسلم) أي فلما سكت القاري سلم الرسول واستدل بذلك على كراهة السلام على قاري القرآن لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسلم عليهم إلا إذا سكت القاري فتأمل، (ما كنتم تصنعون) إنما سألهم مع علمه بهم ليجيبهم بما أجابهم مرتباً على حالهم (قلنا كنا نستمع إلى كتاب الله) في أبي داود. قلنا: يا رسول الله! أنه كان قاري لنا يقرأ علينا فكنا نستمع إلى كتاب الله أي إلى قراءته أو إلى قارئه (جعل من أمتي من أمرت) بصيغة المجهول (أن أصبر نفسي معهم) أي أحبس نفسي معهم إشارة إلى قوله تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه} [الكهف: 28] أراد به زمرة الفقراء الملازمين لكتاب الله المتوكلين على الله المقربين عند الله (قال) أي أبوسعيد (فجلس) رسول الله صلى الله عليه وسلم (وسطنا) بسكون السين وقد يفتح أي بيننا لا بجنب أحدنا (ليعدل) بكسر الدال أي ليسوى (بنفسه) أي نفسه الكريمة بجلوسه (فينا) أي يسوى نفسه ويجعلها عديلة مماثلة لنا بجلوسه فينا تواضعاً ورغبة فيما نحن فيه. قال الطيبي: أي ليجعل نفسه عديلاً ممن جلس إليهم ويسوى بينه وبين أولئك الزمرة رغبة فيما كانوا فيه وتواضعاً لربه سبحانه وتعالى انتهى. وقيل: معناه جلس النبي صلى الله عليه وسلم وسط الحلقة ليسوى بنفسه الشريفة جماعتنا ليكون القرب من النبي صلى الله عليه وسلم لكل رجل منا سواءً أو قريباً من السواء يقال عدل فلان بفلان سوى بينهما (ثم قال) أي أشار (بيده هكذا) أي أجلسوا حلقاً (فتحلقوا) أي قبالة وجهه عليه الصلاة والسلام دل عليه قوله

ص: 277

وبرزت وجوههم له، فقال: أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين: بالنور التام يوم القيامة تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم وذلك خمسمائة سنة)) .

ــ

(وبرزت) أي ظهرت (وجوههم له) بحيث يرى عليه الصلاة والسلام وجه كل أحد منهم قاله القاري. وقال الجزري: تحلقوا أي صاروا حلقة مستديرة (أبشروا) أمر من الابشار أي افرحوا (يا معشر صعاليك المهاجرين) بفتح الصاد المهملة أي جماعة الفقراء من المهاجرين الصابرين جمع صعلوك بضم الصاد وهو الفقير (بالنور التام يوم القيامة) تلميح إلى قوله تعالى: {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا} [التحريم: 8](تدخلون الجنة) استئناف فيه معنى التعليل (قبل أغنياء الناس) أي الشاكرين المؤدين حقوق أموالهم بعد تحصيلها مما أحل الله لهم فإنهم يوقفون في العرصات للحساب من أين حصلوا المال وفي أين صرفوه (وذلك) أي نصف يوم القيامة (خمس مائة سنة) لقوله تعالى: {وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون} [الحج: 47] وإما في قوله تعالى: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} [المعارج: 3] فمخصوص بالكافرين {فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير} [المدثر: 9] وروى أحمد ومسلم عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفاً أي سنة. ووجه الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد أن يقال المراد بكل من العددين إنما هو التكثير لا التحديد فتارة عبر به وأخرى بغيره تفنناً ومألهما واحداً أو أخبر أو لا بأربعين كما أوحى إليه ثم أخبر بخمس مائة عام زيادة من فضله على الفقراء ببركته صلى الله عليه وسلم أو التقدير بأربعين خريفاً إشارة إلى أقل المراتب وبخمسمائة عام إلى أكثرها. ويدل عليه ما رواه الطبراني عن مسلمة بن مخلد ولفظه سبق المهاجرون الناس بأربعين خريفاً إلى الجنة ثم يكون الزمرة الثانية مائة خريف، فالمعنى أن يكون الزمرة الثالثة مائتين وهلم جراً، وكأنهم محصورون في خمس زمر أو الاختلاف باختلاف مراتب أشخاص الفقراء في حال صبرهم ورضاهم وشكرهم وهو الأظهر المطابق لما في جامع الأصول (ج5ص486) حيث قال وجه الجمع بينهما إن الأربعين أراد به تقدم الفقير الحريص على الغني الحريص وأراد بخمسمائة تقدم الفقير الزاهد على الغني الرغب فكان الفقير الحريص على درجتين من خمس وعشرين درجة من الفقير الزاهد. وهذه نسبة الأربعين إلى الخمسمائة ولا تظنن إن هذا التقدير وأمثاله يجري على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم جزافاً ولا بالاتفاق بل لسر أدركه ونسبة أحاط بها علمه فإنه لا ينطق عن الهوى، فإن فطن أحد من العلماء إلى شي من هذه المناسبات وإلا فليس طعناً في صحتها- انتهى. وقال العلقمي: ويمكن الجمع بينهما بأن سباق الفقراء يسبقون سباق الأغنياء بأربعين عاماً وغير سباق الأغنياء بخمسمائة عام إذ في كل صنف من الفريقين سباق. وقال بعض المتأخرين: يجمع بأن هذا السبق يختلف بحسب أحوال الفقراء والأغنياء فمنهم من يسبق بأربع، ومنهم من يسبق بخمسمائة كما يتأخر مكث

ص: 278

رواه أبوداود.

2221-

(13) وعن البراء بن عازب، قال:((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زينوا القرآن بأصواتكم))

ــ

العصاة من الموحدين في النار بحسب جرائمهم، ولا يلزم من سبقهم في الدخول ارتفاع منازلهم بل قد يكون المتأخر أعلى منزلة وإن سبقه غيره في الدخول، فالمزية مزيتان. مزية سبق، ومزية رفعة. قد تجتمعان وقد تنفردان- انتهى. (رواه أبوداود) في أواخر العلم وفي إسناده المعلى بن زياد القردوسي البصري. قال المنذري في مختصر السنن: فيه مقال. قلت قال الحافظ في التقريب: هو صدوق قليل الحديث زاهد اختلف قول ابن معين فيه. وقال في التهذيب (ج10ص237) قال إسحاق بن منصور عن ابن معين وأبو حاتم ثقة. وقال أحمد بن سعيد بن مريم: سألت ابن معين عن معلى بن زياد فقال ليس بشي ولا يكتسب حديثه. وقال ابن عدي: هو معدود من زهاد أهل البصرة ولا أرى برواياته بأساً ولا أدري من أين. قال ابن معين: لا يكتسب حديثه- انتهى. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال أبوبكر البزار: ثقة- انتهى. والحديث أخرج الترمذي وابن ماجه منه، آخره من طريق عطية عن أبي سعيد قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام) ، وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي وابن ماجه وابن حبان يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام نصف يوم لفظ الترمذي، ولفظ ابن ماجه فقراء المؤمنين. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال المنذري في الترغيب بعد ذكر تصحيح الترمذي: رواته محتج بهم في الصحيح.

2221-

قوله (زينوا القرآن بأصواتكم) أي بتحسين أصواتكم عند القراءة فإن الكلام الحسن يزيد حسناً وزينة بالصوت الحسن، وهذا أمر مشاهد ولما رأى بعضهم إن القرآن أعظم من أن يحسن بالصوت بل لصوت أحق بأن يحسن بالقرآن قال معناه زينوا أصواتكم بالقرآن. قال الخطابي: هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث وزعموا إنه من باب المقلوب كما يقال عرضت الناقة على الحوض وإنما هو عرضت الحوض على الناقة وكقولهم إذا طلعت الشعري واستوى العود على الحرباء أي استوى الحرباء على العود. ثم روى بإسناده عن شعبة قال نهاني أيوب أن أحدث زينوا القرآن بأصواتكم، قال ورواه معمر عن منصور عن طلحة عن البراء فقدم الأصوات على القرآن وهو الصحيح ثم أسنده الخطابي من طريق عبد الرزاق عن معمر بلفظ: زينوا أصواتكم بالقرآن. وأخرج بهذا اللفظ الحاكم (ج1ص571، 572) أيضاً. قال الخطابي: والمعنى أشغلوا أصواتكم بالقرآن والهجوا به واتخذوه شعاراً وزينة، يعنى ارفعوا به أصواتكم واجعلوا ذلك هجيراكم ليكون ذلك زينة لها قلت: لا حاجة إلى حمله على القلب بل هو محمول على ظاهره لما يأتي من قوله صلى الله عليه وسلم فإن الصوت الحسن يزيد

ص: 279

رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والدارمي.

2222-

(14) وعن سعد بن عبادة، قال:((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من إمرىء يقرأ القرآن ثم ينساه إلا لقي الله يوم القيامة أجذم)) .

ــ

القرآن حسناً. قال في اللمعات: ولا محذور في ذلك لأن ما يزين الشيء يكون تابعاً له وملحقاً به كالحلي بالنسبة إلى العروس، وأيضاً المراد بالقرآن قراءته وهو فعل العبد. وفيه دليل على أن تحسين الصوت بالقرآن مستحب وذلك مقيد برعاية التجويد وعدم التغيير- انتهى. وقال المناوي: قيل معنى الحديث الحث على الترتيل الذي أمر به في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4] والمعنى زينوا القرآن بالترتيل والتجويد وتلين الصوت وتحزينه. وقيل أراد بالقرآن القراءة والمعنى زينوا قراءة القرآن بأصواتكم الحسنة ويشهد لصحة هذا وإن القلب لا وجه له حديث أبي موسى إن النبي صلى الله عليه وسلم استمع قراءته فقال لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود فقال لو علمت إنك تسمع لحبرته لك تحبيراً أي حسنت قرأته تحسيناً وزينتها، ويؤيد ذلك تأييداً لا شبهة فيه حديث ابن مسعود مرفوعاً إن حسن الصوت يزين القرآن أخرجه البزار بسند ضعيف، ورواه الطبراني بلفظ: حسن الصوت زينة القرآن ويؤيده أيضاً حديث ابن عباس عند الطبراني بسند ضعيف لكل شي حلية وحلية القرآن حسن الصوت حديث أنس لكل شي حلية وحلية القرآن الصوت الحسن أخرجه البزار بإسناد ضعيف. قال القاري: يعني كما إن الحلل والحلي يزيد الحسناء حسناً وهو أمر مشاهد فدل على أن رواية العكس محمولة على القلب لا العكس فتدبر ولا منع من الجمع- انتهى. (رواه أحمد)(ج4ص283، 285، 296، 304)(وأبو داود) والنسائي (وابن ماجه) في الصلاة (والدارمي) في فضائل القرآن كلهم من طريق طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء وعلقه البخاري في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة من كتاب التوحيد ووصله في خلق أفعال العباد وأخرجه أيضاً ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم وبسط طرقه، والبيهقي (ج2ص53) وفي الباب عن ابن عباس أخرجه الطبراني في الكبير والدارقطني في الإفراد، وعن أبي هريرة أخرجه أبونصر السخبري في الإبانة وعن عائشة عند أبي نعيم في الحلية.

2222-

قوله (ما من إمريء يقرأ القرآن) أي بالنظر أو بالغيب يعني يحفظه على ظهر قلبه (ثم ينساه) أي بالنظر أو بالغيب أو المعنى ثم يترك قراءته نسي أو ما نسي. قال في اللمعات: ظاهر الحديث نسيانه بعد حفظه فقد عد ذلك من الكبائر. وقيل: المراد به جهله بحيث لا يعرف القراءة. وقيل: النسيان يكون بمعنى الذهول وبمعنى الترك وهو ههنا بمعنى الترك أي ترك العمل وقراءته. قلت: المتبادر من النسيان الواقع في هذا الحديث وأمثاله هو النسيان بعد الحفظ عن ظهر القلب فهو المراد منه (إلا لقي الله يوم القيامة أجذم) من الجزم بمعنى القطع وذكر

ص: 280

رواه أبوداود، والدارمي.

ــ

في تفسيره أقوال. فقيل مقطوع اليد قاله أبوعبيد. وقيل الأجذم ههنا بمعنى المجذوم أي مقطوع الأعضاء يعني الذي ذهبت أعضاءه كلها إذ ليست يد القاري أولى من سائر أعضاءه يقال رجل أجذم إذا تساقطت أعضاءه من الجذام. وقيل المراد به أجذم الحجة أي لا حجة له ولا لسان يتكلم به يقال ليس له يد أي لا حجة له. وقيل: خالي اليد من الخير صفرها من الثواب كني بالنيه عما تحويه اليد. قال الحافظ: في معنى أجذم فقيل مقطوع اليد. وقيل مقطوع الحجة. وقيل مقطوع السبب من الخير. وقيل خالي اليد من الخير وهي متقاربة. وقيل: يحشر مجذوماً حقيقة ويؤيده إن في رواية زائدة بن قدامة عند عبد بن حميد أتى الله يوم القيامة وهو مجذوم- انتهى. والحديث فيه وعيد شديد لمن حفظ القرآن ثم نسيه وقد عد الرافعي وغيره نسيان القرآن من الكبائر. قال الحافظ: اختلف السلف في نسيان القرآن فمنهم من جعل ذلك من الكبائر وأخرج أبوعبيد من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفاً. قال ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه لأن الله يقول {ما أصابك من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30] ونسيان القرآن من أعظم المصائب واحتجوا أيضاً بما أخرجه أبوداود والترمذي من حديث أنس مرفوعاً عرضت على ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة القرآن أويتها رجل ثم نسيها وفي إسناده ضعف. وقد أخرج ابن أبي داود من وجه آخر مرسل نحوه ولفظه أعظم من حامل القرآن وتاركه (أي بعد ما كان حامله ثم نسيه) ومن طريق أبي العالية موقوفاً كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه وإسناده جيد ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولاً شديداً ولأبي داود عن سعد بن عبادة مرفوعاً من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم، وفي إسناده أيضاً مقال، وقد قال به من الشافعية أبوالمكارم والرؤياني. واحتج بأن الأعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره. وقال القرطبي: من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه فإذا أخل بهذه الرتبة الدينية حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب على ذلك فإن ترك معاهدة القرآن يفضي إلى الجهل والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد- انتهى. قلت: حديث أنس عند أبي داود والترمذي قد تقدم في باب المساجد. وقد بينا هناك ما فيه من الكلام وتزيد ههنا إن الدارقطني بين أن فيه انقطاعاً آخر، وهو إن ابن جريج رواية عن المطلب بن عبد الله لم يسمع من المطلب كما إن المطلب لم يسمع من أنس شيئاً فلم يثبت الحديث بسبب ذلك ذكره ابن حجر المكي في الزواجر (ج1ص111)(رواه أبوداود) في أواخر الصلاة من طريق ابن إدريس عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى ابن فائد عن سعد بن عبادة (والدارمي) في فضائل القرآن من طريق شعبة عن يزيد عن عيسى عن رجل عن سعد ابن عبادة، وكذا أخرجه أحمد (ج5ص284- 285) وقد سكت عليه أبوداود. وتقدم عن الحافظ أنه قال أن في إسناده مقالاً. وقال المنذري في إسناده. يزيد بن أبي زياد الهاشمي. مولاهم الكوفي ولا يحتج بحديثه.

ص: 281

2223-

(15) وعن عبد الله بن عمرو، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) .

ــ

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم. عيسى بن فائد رواه عن من سمع سعد بن عبادة ففي سند أبي داود انقطاع، وفي سند أحمد والدارمي جهالة لكون الواسطة بين عيسى وسعد رجلاً مبهماً لا يدري من هو وأيضاً، عيسى هذا مجهول. قال الحافظ في التقريب: عيسى بن فائد أمير الرقة مجهول وروايته عن الصحابة مرسلة وقال في تهذيب التهذيب عيسى: بن فائد عن سعد بن عبادة في الذي ينسى القرآن. وقيل عن رجل عن سعد. وقيل: عن عبادة ابن الصامت. وقيل غير ذلك. قال ابن المديني: لم يرو عنه غير يزيد بن أبي زياد وقال ابن عبد البر هذا إسناد روى في هذا المعنى وعيسى بن فائد لم يسمع من سعد بن عبادة ولا أدركه قلت (قائله الحافظ) وقال ابن المديني مجهول- انتهى. وقال في الميزان: عيسى بن فائد لا يدري من هو عن سعد بن عبادة حديث من قرأ القرآن ونسيه لقي الله وهو أجذم رواه ابن إدريس عن يزيد بن أبي زياد عنه وهذا منقطع وعيسى يتأمل حاله. ثم قد رواه شعبة وجرير وخالد بن عبد الله وابن فضيل عن يزيد فادخلوا رجلاً بين ابن فائد وبين سعد. وقيل غير ذلك- انتهى. وعلى هذا فسكوت أبي داود على هذا الحديث معترض، ورواية يزيد عن عيسى عن عبادة بن الصامت أخرجها عبد الله بن أحمد (ج5ص322- 327- 328) .

2223-

قوله (لم يفقه) بفتح القاف وهذا لفظ الترمذي وابن ماجه ورواه أبوداود والدارمي بلفظ: لا يفقه (من قرأ القرآن في أقل من ثلاث) لأن من قرأ في دون هذه المدة لا بد أن يسرع في التلاوة فيغفل عن التدبر فيه ولا يكون له هم إلا أداء الألفاظ. قال في المجمع: لم يفقه الخ أي لم يفهم ظاهر معانيه من قرأه في أقل من هذه المدة، وأما فهم مقائقة فلا يفي به الأعمار والمراد نفي الفهم لا نفي الثواب- انتهى. قال السندي: قوله "لم يفقه" أخبار بأنه لا يحصل الفهم والفقه المقصود من قراءة القرآن فيما دون ثلاث أو دعاء عليه، بأن لا يعطيه الله تعالى الفهم وعلى التقديرين فظاهر الحديث كراهة الختم في ما دون ثلاث وكثير منهم أراد ذلك في الأعم الأغلب. وأما من غلبه الشغل فيجوز له ذلك- انتهى. قلت: لا شك في أن الظاهر الحديث كراهة ختم القرآن في أقل من الثلاث، ويؤيده ما روى عن عائشة إنها قالت ولا أعلم نبي الله قرأ القرآن كله في ليلة رواه مسلم. قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يختم القرآن في أقل من ثلاث رواه أبوعبيد في فضائل القرآن، ويؤيده أيضاً ما روى ابن أبي داود وسعيد بن منصور عن عبد الله بن مسعود موقوفاً لا تقرؤا القرآن في أقل من ثلاث. ورواه الطبراني في الكبير بلفظ: لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث اقرؤه في سبع. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، وروى أبوعبيد عن معاذ بن جبل إنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث وقد اختلف السلف

ص: 282

رواه الترمذي، وأبوداود، والدارمي.

ــ

في مدة الختم. قال الترمذي قال بعض أهل العلم: لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث للحديث الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورخص فيه بعض أهل العلم وروى عن عثمان بن عفان إنه كان يقرأ القرآن في ركعة يوتر بها، وروى عن سعيد بن جبير أنه قرأ القرآن في ركعة في الكعبة- انتهى. قلت: ذهب أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة إلى كراهة ختم القرآن فيما دون الثلاث. وذهب جماعة على جواز ذلك منهم عثمان وتميم الداري وعبد الله بن الزبير وسعيد بن المسيب وثابت البناني وسعيد بن جبير وعطاء بن السائب وغيرهم ذكرهم محمد بن نصر في قيام الليل. قال الحافظ بعد ذكر حديث عبد الله بن عمر: والذي نحن في شرحه وشاهده عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن ابن مسعود اقرؤا القرآن في سبع ولا تقرؤه في أقل من ثلث، ولأبي عبيد من طريق الطيب بن سليمان عن عمرة عن عائشة إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يختم القرآن في أقل من ثلث وهذا اختيار أحمد وأبي عبيد وإسحاق ابن راهوية وغيرهم. وثبت عن كثير من السلف إقرؤا القرآن في دون ذلك قال وأغرب بعض الظاهرية فقال يحرم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث. وقال النووي: أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوة فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والله أعلم- انتهى كلام الحافظ. قلت: قال النووي في الأذكار بعد ذكر عادات السلف: المختلفة في القدر الذي كانوا يختمون فيه القرآن والمختار إن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرؤه وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم أو فصل الحكومات ما بين المسلمين أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامة للمسلمين فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له ولا فوات كماله، من لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل أو الهذرمة في القراءة. وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه ما روينا بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرها عن عبد الله ابن عمرو بن العاص مرفوعاً لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث- انتهى. وقال القاري: جرى على ظاهر الحديث جماعة من السلف فكانوا يختمون القرآن في ثلاث دائماً. وكرهوا الختم في أقل من ثلاث ولم يأخذ به آخرون نظراً إلى أن مفهوم العدد ليس بحجة فختمة جماعة في يوم وليلة مرة وآخرون مرتين وآخرون ثلاث مرات وختمه في ركعة من لا يحصون كثرة وزاد آخرون على الثلاث- انتهى. قلت: والمختار عندي ما اختاره الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية وأبو عبيد وغيرهم وذلك لحديث عبد الله بن عمرو وحديث عائشة والنبي صلى الله عليه وسلم أحق أن يتبع (رواه الترمذي) في أواخر القراءات (وأبوداود والدارمي) في الصلاة وكذا ابن ماجه وأخرجه أحمد (ج2ص164- 165- 189، 193، 195) وأبوداود الطيالسي والنسائي في فضائل القرآن وصححه الترمذي، ونقل المنذري والحافظ والنووي تصحيح الترمذي وسكتوا عليه.

ص: 283

2224-

(16) وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة. والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة)) .

ــ

2224-

قوله: (الجاهر بالقرآن) أي بقراءته (كالجاهر بالصدقة) أي كالمعلن بإعطاءها (والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة) وقد قال الله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} [البقرة: 271] فالظاهر من الحديث إن السر أفضل من الجهر كما أشار إليه النسائي حيث عقد على هذا الحديث باب فضل السر على الجهر لكن الذي يقتضيه أمره صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ارفع من صوتك إن الاعتدال في القراءة أفضل، فإما أن يحمل الجهر في الحديث على المبالغة والسر على الاعتدال أو على أن هذا الحديث محمول على ما إذا كان الحال تقتضي السر وإلا فالاعتدال في ذاته أفضل قاله السندي. وقال الترمذي: معنى هذا الحديث إن الذي يسر بالقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بقراءة القرآن لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية، وإنما معنى هذا عند أهل العلم لكي يأمن الرجل من العجب لأن الذي يُيسرُّ بالعمل لا يخاف عليه بالعجب ما يخاف عليه في العلانية- انتهى. قلت: وردت أحاديث تقتضي استحباب رفع الصوت بالقراءة وأحاديث تقتضي الأسرار وخفض الصوت فمن الأول ما تقدم من حديث أبي هريرة عند الشيخين ما أذن الله لشي ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به، ومن الثاني حديث عقبة هذا وحديث معاذ بن جبل أخرجه الحاكم (ج1ص555) بلفظ: حديث عقبة وصححه على شرط البخاري ووافقه الذهبي. قال النووي في الأذكار: والجمع بينهما إن الأسرار أبعد من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك، فإن لم يخف الرياء فالجهر أفضل بشرط أن لا يؤذي غيره من مصل أو نائم أو غيرهما يعني إن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء أو تأذى مصلون أو نيام بجهره، والجهر أفضل في غير ذلك لأن العمل فيه أكبر ولأنه يتعدى نفعه إلى غيره أي من استماع أو تعلم أو إقتداء أو انزجار أو كونه شعاراً للدين، ولأنه يوقظ قلب القاري ويجمع همه إلى الفكر ويصرف سمعه إليه ولأنه يطرد النوم عنه ويزيد في النشاط ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه فمتى حضره شي من هذه النيات فالجهر أفضل- انتهى. قال السيوطي: ويدل لهذا الجمع حديث أبي داود بسند صحيح عن أبي سعيد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر. وقال ألا أن كلكم مناج لربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة. قلت: ويدل له أيضاً ما روى الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عمر مرفوعاً السر أفضل من العلانية والعلانية أفضل لمن أراد الإقتداء به ذكره الذهبي في ترجمة عبد الملك بن مهران عن عثمان بن زائدة عن نافع عن ابن عمر. قال السيوطي: وقال بعضهم يستحب الجهر ببعض القراءة والأسرار وببعضها لأن المسر قد يميل فيأنس بالجهر والجاهر قد

ص: 284

رواه الترمذي، وأبوداود، والنسائي. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

2225-

(17) وعن صهيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما آمن بالقرآن من استحل محارمه)) رواه الترمذي. وقال: هذا حديث ليس إسناده بالقوي.

ــ

بكل فيستريح بالأسرار (رواه الترمذي وأبوداود والنسائي وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب) الحديث أخرجه الترمذي في فضائل القرآن وأبوداود في الصلاة كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة الحضرمي عن عقبة وحسنه الترمذي وسكت عنه أبوداود. وقال المنذري: في إسناده إسماعيل بن عياش، وفيه مقال، ومنهم من يصحح حديثه عن الشاميين وهذا الحديث شامي الإسناد- انتهى. وأخرجه النسائي في الزكاة من طريق معاوية بن صالح عن بحير بن سعد وكذا عبد الله بن أحمد (ج4ص151- 158) وأخرجه النسائي أيضاً في الصلاة من طريق زيد بن واقد عن كثير بن مرة وعبد الله بن أحمد (ج4ص201) من طريق زيد بن واقد عن سليمان بن موسى عن كثير بن مرة،، فالحديث حسن بل صحيح، وفي الباب عن معاذ بن جبل أخرجه الحاكم وصححه، وعن أبي أمامة رواه الطبراني في الكبير من طريقين في أحدهما بشير بن نمير وهو متروك وفي الأخرى إسحاق بن مالك ضعفه الأزدي كذا في مجمع الزوائد.

2225-

قوله: (وعن صهيب) بالتصغير (ما آمن بالقرآن من استحل محارمه) جمع محرم بمعنى الحرام الذي هو المحرم والضمير للقرآن والمراد فرداً من هذا الجنس يعني هو كافر لاستحلاله الحرام المنصوص عليه في القرآن وخص القرآن لعظمته وإلا فمن استحل المجمع على تحريمه المعلوم ضرورة كافر أيضاً. قال الطيبي: من استحل ما حرمه الله فقد كفر مطلقاً وخص ذكر القرآن لعظمته وجلالته (رواه الترمذي) في فضائل القرآن عن محمد بن إسماعيل الواسطي نا وكيع نا أبوفروة يزيد بن سنان عن أبي المبارك عن صهيب (وقال: هذا حديث ليس إسناده بالقوي) في نسخ الترمذي الموجودة عندنا "ليس إسناده بذاك" يعني ليس بالقوي فكأن المصنف ذكره بالمعنى. وقال الترمذي أيضاً بعد ذكر الاختلاف في سنده. وأبو المبارك رجل مجهول. قلت: ولم يدرك صهيباً فالحديث منقطع أيضاً. قال الحافظ في التقريب: أبوالمبارك عن عطاء مجهول، وروايته عن صهيب مرسلة. وقال في التهذيب: أبوالمبارك روى عن عطاء بن أبي رباح وأرسل عن صهيب. قال الترمذي: مجهول. وذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال هو شبيه بالمجهول. وقال الذهبي في الميزان في أبي المبارك: هذا لا يدري من هو وخبره منكر. وقال بعد ذكر الحديث من طريق الترمذي المذكورة هو منقطع. قال الترمذي: ليس إسناده بالقوي. قال الذهبي وأبو المبارك: لا تقوم به حجة لجهالته- انتهى. قال الترمذي: وقد خولف وكيع في روايته فروى محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه فزاد في الإسناد عن مجاهد عن سعيد المسيب عن

ص: 285

2226-

(18) وعن الليث بن سعد، عن ابن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك، أنه سأل أم سلمة عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفاً حرفاً.

ــ

صهيب ولا يتابع محمد بن يزيد على روايته. وقال البخاري: يزيد بن سنان ليس بحديثه بأس إلا رواية ابنه محمد عنه فإنه يروي عنه مناكير- انتهى. قلت: رواه من هذا الطريق الذهبي في الميزان والبيهقي في شعب الإيمان. قال الذهبي: محمد بن يزيد الذي جود سنده ليس بعمدة كأبيه- انتهى. قلت: يزيد بن سنان والد محمد بن يزيد ضعفه أحمد وابن المديني وأبو داود والدارقطني والنسائي وقال ابن معين: ليس بشي. وقال أبوحاتم: محله الصدق وكان الغالب عليه الغفلة يكتب حديثه ولا يحتج به فالحديث بطريقيه ضعيف. قال في تنقيع الرواة وفي الباب عن أنس عند أبي نعيم وعن جابر عند الخطيب في تاريخه.

2226-

قوله: (وعن الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي يكنى أبا الحارث فقيه أهل مصر. قال في التقريب: ثقة ثبت فقيه إمام مشهور ولد في قرية في أسفل مصر يوم الخميس لأربع عشرة من شعبان سنة أربع وتسعين روى عن ابن أبي مليكة وعطاء والزهري وغيرهم وحدث عنه خلق كثير، منهم ابن المبارك، قدم بغداد سنة إحدى وستين ومائة وعرض عليه المنصور ولاية مصر فأبى واستعفاه. قال يحيى بن بكير: رأيت من رأيت فلم أر مثل الليث، وفي رواية ما رأيت أكمل من الليث وقال أيضاً الليث أفقه من مالك ولكن كانت الحظوة لمالك، وقال نحو ذلك الشافعي، قال ابن حبان في الثقات: كان من سادات أهل زمانه فقهاً وورعاً وعلماً وفضلاً وسخاء، كان دخله كل سنة ثمانين ألف دينار ما وجبت عليه زكاة مات في يوم الجمعة نصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة وقد أفرد الحافظ ترجمة رسالة سماها الرحمة الغيثية بالترجمة الليثية، طبعت ببولاق مصر مع الخلاصة في أسماء الرجال للخزرجي (عن ابن أبي مليكة) بالتصغير (عن يعلى) بفتح التحتية وسكون المهملة وفتح اللام والقصر كيرضى (بن مملك) بفتح الميم الأولى واللام بعدها كاف عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم) أي عن صفتها (فإذا هي تنعت) أي تصف وتبين بالقول أو بالفعل بأن تقرأ كقراءته صلى الله عليه وسلم (قراءة مفسرة) بفتح السين المشددة من الفسر وهو البيان أي مبينة (حرفاً حرفاً) أي مرتلة مجردة مميزة غير مخالطة بل كان يقرأ بحيث يمكن عد حروف ما يقرأ، والمراد حسن الترتيل والتلاوة على نعت التجويد "وحرفاً حرفاً" حال أي حال كونها مفصولة الحروف نحو أدخلتهم رجلاً رجلاً أي منفردين. قال الطيبي: نعتها لقراءته صلى الله عليه وسلم يحتمل وجهين. أحدهما أن تقول كانت قراءته كيت وكيت. والثاني أن تقرأ قراءة مرتلة مبينة وتقول كان النبي يقرأ مثل هذه القراءة. والحديث يدل على استحباب قراءة القرآن مرتلة مبينة. قال في شرح المهذب: قد اتفقوا على كراهة الإفراط في الإسراع. قالوا: وقراءة جزع بترتيل أفضل من قراء جزءين في قدر ذلك الزمان

ص: 286

رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي.

2227-

(19) وعن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة، قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع قراءته، يقول:{الحمد لله رب العالمين} ثم يقف، ثم يقول:{الرحمن الرحيم} ثم يقف.

ــ

بلا ترتيل، قالوا: واستحباب الترتيل للتدبر لأنه أقرب إلى الإجلال والتوقير وأشد تأثيراً في القلب، ولهذا يستحب للأعجمي الذي لا يفهم معناه. وقال الجزري في النشر: اختلف هل الأفضل الترتيل وقلة القراءة لو السرعة مع كثرتها وأحسن بعض أئمتنا. فقال إن ثواب قراءة الترتيل أجل قدراً وثواب الكثرة أكثر عدداً لأن بكل حرف عشر حسنات- انتهى. قال القاري: ولا شك إن اعتبار الكيفية أولى من اعتبار الكمية وقد بسط الكلام في ذلك ابن القيم في زاد المعاد (ج1ص90) فأجاد فعليك أن تراجعه (رواه الترمذي) في أواخر فضائل القرآن وأخرجه أيضاً في الشمائل (وأبو داود والنسائي) في الصلاة وأخرجه أيضاً عبد الله بن أحمد (ج6ص294-300) والحاكم (ج1ص310) والحديث سكت عنه أبوداود. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ونقل المنذري كلام الترمذي هذا وأقره. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي والحديث قطعة من حديث طويل تقدم في آخر باب صلاة الليل.

2227-

قوله: (وعن ابن جريج) بالتصغير (يقطع) من التقطيع وهو جعل الشيء قطعاً قطعاً (قراءته) زاد في رواية أحمد وأبي داود والحاكم آية آية يقف عند رأس كل آية وإن تعلقت بما بعدها فيسن الوقف على رؤس الآي وإن تعلقت بما بعدها كما صرح به البيهقي وغيره خلافاً لبعض القراء حيث منع الوقف إذا تعلقت بما بعدها وجعله بعضهم خلاف الأولى. وقال القاري: قوله "يقطع قراءته" أي يقرأ بالوقف على رؤس الآيات (يقول الحمد لله رب العالمين ثم يقف ثم يقول الرحمن الرحيم ثم يقف) كذا في جميع النسخ الحاضرة، وهكذا وقع في الشمائل للترمذي ولفظه في جامعه "يقرأ الحمد لله رب العالمين ثم يقف الرحمن الرحيم ثم يقف" وذكر في جامع الأصول (ج3ص17) بلفظ: يقول بدل يقرأ وقوله "ثم يقف" أي يمسك عن القراءة قليلاً ثم يقرأ الآية التي بعدها وهكذا إلى آخر السورة، وهذا بيان لقوله "يقطع" بدل أو حال أو استئناف واعلم أن الوقف عند القراء عبارة عن قطع الصوت عن الكلمة زمناً يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة لا بنية الأعراض ويكون في رؤس الآي وأوسطها ولا يأتي في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسماً. ثم إنهم اختلفوا في أنواع الوقف والابتداء. فقال ابن الأنباري: الوقف على ثلاثة أوجه تام وحسن وقبيح، وقال غيره الوقف

ص: 287

ينقسم إلى أربعة أقسام تام مختار، وكاف جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك. وقال السجاوندي: الوقف على خمس مراتب. لازم، ومطلق، وجائز، ومجوز بوجه، ومرخص ضرورة. وقال ابن الجزري: أكثر ما ذكر الناس في أقسام الوقف غير منضبط ولا منحصر ثم بين ما هو أقرب إلى الضبط عنده وقال في ما ذكر لضبطه وإن كان التعلق بما بعده من جهة اللفظ أي لا من جهة المعنى فهو المسمى بالحسن لأنه في نفسه حسن مفيد يجوز الوقف عليه دون الابتداء مما بعده للتعلق اللفظي إلا أن يكون رأس آية فإنه يجوز في اختيار أكثر أهل الأداء لمجيئة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم سلمة يعني الذي نحن في شرحه. وقال القاري: الوقف المستحسن على أنواع ثلاثة، الحسن، والكافي، والتام. فيجوز الوقف على كل نوع عند القراء. وقد أشار إليها الجزري بقوله:

وهي لما تم فإن لم يوجد تعلق أو كان معنى فابتد

فالتام فالكافي ولفظاً فامنعن إلا رؤس الآي جوز فالحسن

وشرحه يطول قال. وهذا الوقف يعني المذكور في حديث أم سلمة يسمى حسناً- انتهى. ومن أحب الوقوف على تعريفات أنواع الوقف والابتداء وما فيها من الاختلاف رجع إلى الإتقان وغيره من كتب هذا الفن. قال القاري: اختلف أرباب الفن في الوقف على رأس الآية إذا كان هناك تعلق لفظي كما نحن فيه (من تعلق الصفة والموصوف) واستدل له بهذا الحديث وعليه الشافعي، وأجاب الجمهور عنه بأن وقفه كان لبيان للسامعين رؤس الآي، فالجمهور على أن الوصل أولى فيها والجزري على أنه يستحب الوقف عليها بالانفصال- انتهى. قلت: وإليه ذهب أبوعمرو من القراء. قال السيوطي في الاتقان (ص87) بعد ذكر مذاهب القراء في الوقف، والابتداء: وكان أبوعمرو يتعمد رؤس الآي ويقول هو أحب إلى فقد قال بعضهم إن الوقف عليه سنة. وقال البيهقي في الشعب وآخرون: الأفضل الوقف على رؤس الآيات وإن تعلقت بما بعدها اتباعاً لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته. ثم ذكر السيوطي حديث أم سلمة. وقال ابن القيم في زاد المعاد: (ج1ص90) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف عند كل آية وذكر الزهري إن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت آية آية وهذا هو الأفضل الوقوف على رؤس الآيات وإن تعلقت بما بعدها. وذهب بعض القراء إلى تتبع الأغراض والمقاصد والوقوف عند انتهاءها واتباع هدى النبي صلى الله عليه وسلم وسنته أولى، وممن ذكر البيهقي في شعب الإيمان وغيره. ورجح الوقوف على رؤس الآي وإن تعلقت بما بعدها- انتهى. وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي في أشعة اللمعات (ج2ص164) وعلى القواعد المقررة عند أرباب القراءة الوصل في أمثال هذه الآيات أرجح، لكن إذا كان على رؤس الآي فالوقف عليها والابتداء بما بعدها سنة- انتهى. قلت: لا شك في كون هذا سنه فيكون هو الأرجح

ص: 288