المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: القضاء على فتنة المنافقين - مرويات غزوة بني المصطلق وهي غزوة المريسيع

[إبراهيم بن إبراهيم قريبي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة:

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: في التعريف ببني المصطلق وموقفهم من الإسلام

- ‌الفصل الأول: نسب عشيرة بني المصطلق وصلتهم النسبية بقبائل المدينة

- ‌المبحث الأول: نسب عشيرة بني المصطلق وصلتهم بقبائل المدينة المنورة

- ‌المبحث الثاني: ديار بني المصطلق

- ‌الفصل الثاني: موقف بني المصطلق من الدعوة الإسلامية قبل المريسيع

- ‌المبحث الأول: موقف بني المصطلق من الإسلام

- ‌المبحث الثاني: موقف بني المصطلق من الصراع بين المسلمين وقريش

- ‌الفصل الثالث: موقف المسلمين من تحركات بني المصطلق

- ‌المبحث الأول: حكم إنذار العدو قبل بدئه بالقتال

- ‌المبحث الثاني: هل كان هناك إنذار لبني المصطلق بالحرب على وجه الخصوص

- ‌الفصل الرابع: سبب وتاريخ غزوة بني المصطلق

- ‌الفصل الخامس: وصف غزوة بني المصطلق ونتائجها

- ‌المبحث الأول: وقوع القتل في بني المصطلق

- ‌المبحث الثاني: شعار المسلمين في هذه الغزوة

- ‌المبحث الثالث: ضعف مقاومة بني المصطلق

- ‌المبحث الرابع: موقف جويرية بنت الحارث رضي الله عنها

- ‌المبحث الخامس: إسلام الحارث بن أبي ضرار

- ‌المبحث السادس: إسلام بني المصطلق وأداؤهم الزكاة

- ‌المبحث السابع: التحقيق في عمر الوليد بن عقبة عام الفتح

- ‌المبحث الثامن: موقف بني المصطلق بعد الغزوة

- ‌الباب الثاني: النفاق وأثره السيء

- ‌الفصل الأول: دور المنافقين في المجتمع الإسلامي قبل غزوة المريسيع

- ‌المبحث الأول: ظهور المنافقين

- ‌المبحث الثاني: موقف المنافقين قبل بدر الكبرى

- ‌المبحث الثالث: موقف المنافقين بعد بدر الكبرى

- ‌المبحث الرابع: موقف المنافقين في أحد

- ‌المبحث الخامس: موقف المنافقين من يهود بني النضير

- ‌الفصل الثاني: إثارة المنافقين العصبية في غزوة المريسيع

- ‌المحبث الأول: مقالة عبد الله بن أبيّ

- ‌المبحث الثاني: تعيين الغزوة التي حدثت فيها مقالة ابن أبي

- ‌المبحث الثالث: القضاء على فتنة المنافقين

- ‌المبحث الرابع: معالجة آثار الفتنة

- ‌المبحث الخامس: موقف عبد الله بن عبد الله بن أبي من أبيه

- ‌المبحث السادس: هبوب العاصفة في طريق العودة من المريسيع

- ‌الفصل الثالث: اختلاق المنافقين حادثة الإفك

- ‌الباب الثالث: في مسائل متعلقة بحديث الإفك

- ‌الفصل الأول: الخائضون في الإفك وتنفيذ الحد

- ‌المبحث الأول: التحقيق فيمن تولي كبر الإفك

- ‌المبحث الثاني: إقامة الحد على القاذفين

- ‌الفصل الثاني: مواقف بعض الصحابة من حادثة الإفك

- ‌المبحث الأول: صفوان المعطل

- ‌المبحث الثاني: موقف علي بن أبي طالب

- ‌المبحث الثالث: موقف بريرة

- ‌المبحث الرابع: موقف أبي أيوب الأنصاري وزوجه

- ‌المبحث الخامس: النزاع بين الأوس والخزرج

- ‌الفصل الثالث: فوائد في المصطلح مستنبطة من حديث الإفك

- ‌المبحث الأول: الإنتقاد الوارد على الزهري في جمعه حديث الإفك والجواب عنه مع تخريج الحديث

- ‌المبحث الثاني: الخلاف في سماع مسروق من أم رومان

- ‌الباب الرابع: الأحكام والعبر المستنبطة من غزوة المريسيع

- ‌الفصل الأول: الأحكام المستنبطة من غزوة المريسيع

- ‌المبحث الأول: حكم الدعوة إلى الإسلام قبل بدء القتال

- ‌المبحث الثاني: مشروعية قسمة الغنائم بين المقاتلين

- ‌المبحث الثالث: صحة جمع العتق صداقا

- ‌المبحث الرابع: مشروعية القرعة بين النساء عند إرادة السفر ببعضهن

- ‌المبحث الخامس: جواز خروج النساء في الغزوات وغيرها

- ‌المبحث السادس: ثبوت إقامة الحد على القاذفين

- ‌المبحث السابع: جواز استرقاق العرب

- ‌المبحث الثامن: حكم من قذف عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه

- ‌المبحث التاسع: حكم العزل

- ‌المبحث العاشر: متى شرع التيمم

- ‌الفصل الثاني: الدروس والعبر المستقاة من غزوة المريسيع

- ‌المبحث الأول: الحكمة في زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من جويرية

- ‌المبحث الثاني: تغلب الرسول صلى الله عليه وسلم على المشكلات التي صاحبت هذه الغزوة

- ‌المبحث الثالث: إبراز بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: الوحي بيد الله يوحيه إلى رسوله متى شاء

- ‌المبحث الخامس: الحكم في كون رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجزم ببراءة أهله كما جزم غيره من الصحابة

الفصل: ‌المبحث الثالث: القضاء على فتنة المنافقين

ومن خلال هذه الأجوبة والأدلة المتقدمة يكون الأرجح أن هذه المقالة كانت في غزوة بني المصطلق.

ويضاف إلى هذا: اتفاق أهل المغازي والسير أن عبد الله بن أبي كان ممن تخلف عن غزوة تبوك ولم يحضرها، ولولا لكان القول بالتعدد أولى من الترجيح.

ص: 183

‌المبحث الثالث: القضاء على فتنة المنافقين

قال البخاري: حدثنا محمد1 أخبرنا مخلد2 بن يزيد أخبرنا ابن جريج3، قال أخبرني عمرو بن دينار، أنه سمع جابرا رضي الله عنه يقول: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثاب4 معه ناس من المهاجرين، حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعاب5، فكسع أنصاريا، فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"ما بال دعوى الجاهلية"، ثم قال:"ما شأنهم؟ "

1 محمد هنا: المراد به ابن سلام، كما جزم بذلك أبو نعيم في المستخرج، وأبو علي الجياني، انظر فتح الباري 6/ 547، وهدي السارب مقدمة فتح الباري ص 239، وهو محمد بن سلام بن الفرج، السلمي، مولاهم، البيكندي، بكسر الموحدة وسكون التحتانية وفتح الكاف وسكون النون، أبو جعفر، مختلف في لام أبيه والراجح التخفيف، ثقة ثبت من العاشرة (ت227)، خ: التقريب 2/ 168.

2 مخلد بن يزيد القرشي، الحراني، صدوق له أوهام، من كبار التاسعة (ت193) ، خ م د س ق. المصدر السابق 2/ 235.

3 عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، مولاهم المكي، ثقة، فقيه فاضل، وكان يدلس ويرسل، من السادسة (ت150) أو بعدها، ع. المصدر السابق1/520.

4 ثاب معه: أي اجتمع.

5 رجل لعاب: أي بطال، وقيل كان يلعب بالحراب كما تصنع الحبشة، وهو جهجاه ابن قيس الغفاري، فتح الباري 6/ 546 وسماه ابن إسحاق: جهجاه بن مسعود. وكان جهجاه من المتألبين على عثمان بن عفان وأنه قام إلى عثمان وهو على المنبر فأخذ عصاه وكسرها فما حال عليه الحول حتى أرسل الله في يده الأكلة فمات منها، هكذا نقل ابن حجر في الإصابة 1/ 253.

ص: 183

فأخبر بكسعة المهاجري، الأنصاري، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوها فإنها خبيثة"، وقال عبد الله ابن أبي ابن سلول:"أقد تداعوا علينا، لئن رجعنا إلى المدينة، ليخرجن الأعز منها الأذل"، فقال عمر:"ألا نقتل يا رسول هذا الخبيث" لعبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه"1.

الحديث فيه مخلد بن يزيد، وصف بأن له أوهاما، كما في التقريب2.

وفي هدي الساري قال ابن حجر: "وثقه ابن معين وغيره"، وقال أحمد:"لا بأس به"، وكان يهم، وكذا قال الساجي:"وأنكر له أبو داود حديثا وصله".

ثم عقب ابن حجر بقوله: "قلت: أخرج له البخاري أحاديث قليلة من روايته عن ابن جريج توبع عليها". وروى له مسلم والباقون سوى الترمذي، انتهى كلام ابن حجر3.

قلت: قد ورد الحديث عن جابر بعدة طرق صحاح، وليس فيها مخلد بن يزيد. فزال ما يخشى من أوهامه، وما دام أن الحديث في البخاري فإنه صحيح لاتفاق الأمة على صحة ما فيه، ولعل ما قيل عن مخلد من أوهام لم تكن تضره حين أخرج له البخاري لما نعلم من شدة تحريه ودقة شروطه فيمن يخرج عنهم.

وعند مسلم وأحمد من طريق أبي الزبير4 عن جابر "فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذا دعوى أهل الجاهلية"، فقالوا: لا، يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر، قال: "فلا بأس ولينصر الرجل

1 البخاري 4/ 146-147، كتاب المناقب، باب ما ينهى من دعوى الجاهلية.

2 / 235.

3 هدي الساري مقدمة فتح الباري، ص 443.

4 أبو الزبير هو: محمد بن مسلم بن تدرس بفتح المثناة وسكون الدال المهملة، وضم الراء الأسدي، مولاهم، أبو الزبير المكي، صدوق إلا أنه يدلس، من الرابعة، (ت126) : ع. التقريب 2/ 207. وقد صرح بالتحديث هنا عن جابر كما هو عند أحمد 3/ 323- 324.

ص: 184

أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر وإن كان مظلوما فلينصره"1.

قال النووي: "أما تسمية النبي صلى الله عليه وسلم ذلك دعوى الجاهلية، فهو كراهة منه لذلك؛ فإنه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا ومتعلقاتها، وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل، فجاء الإسلام بإبطال ذلك، وفصل القضايا بلأحكام الشرعية، فإذا اعتدى إنسان على آخر حكم القاضي بينهما وألزمه مقتضى عدوانه، كما تقرر من قواعد الإسلام.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في آخر هذه القصة "لا بأس" فمعناه لم يحصل من هذه القصة بأس مما كنت خفته، فإنه خاف أن يكون حدث أمر عظيم يوجب فتنة وفسادا، وليس هو عائدا إلى رفع كراهة الدعاء بدعوى الجاهلية2.

قال ابن حجر: "يستفاد من قوله "لا بأس" جواز القول المذكور بالقصد المذكور والتفصيل المبين، لا على ما كانوا عليه في الجاهلية من نصرة من يكون من القبيلة مطلقا"3.

قلت: كانت هذه الكلمة شعار أهل الجاهلية، وهو نصرة الأخ مطلقا ولو كان يعلم أنه على باطل، فما دام من قبيلته أو من أحلافه فتجب نصرته، فجاء الإسلام فهذب هذه الكلمة وجعل معناها غير ما تعارف عليه أهل الجاهلية، فجعل كف الظالم عن ظلمه نصرا له، ونصره حقيقة إن كان مظلوما حتى يتوصل إلى حقه، وقد تضمن الحديث المتقدم، آنفا بيان هذا المبدأ.

وقد ورد عند البخاري ما يزيد هذا المعنى وضوحاً.

وهذا نصه: حدثنا محمد بن عبد الرحيم4 ثنا سعيد5 بن سليمان حدثنا

1 مسلم 8/ 19، وأحمد 3/ 323 –324.

2 شرح النووي على مسلم 5/ 444.

3 فتح الباري 8/ 649.

4 محمد بن عبد الرحيم، ابن أبي زهير البغدادي، أبو يحيى البزاز، المعروف بصاعقة، ثقة حافظ، من الحادية عشرة (ت255) ، خ د ت س. التقريب 2/ 185.

5 سعيد بن سليمان الضبي أبو عثمان الواسطي، نزيل بغداد، البزاز، لقبه سعدويه، ثقة حافظ، من كبار العاشرة، (ت225) : ع، المصدر السابق 1/ 298.

ص: 185