الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قرر القلقشندي أن الأوس والخزرج وخزاعة كلهم في الأزد.
إذ بين بأن الأوس والخزرج هما ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقياء1، وخزاعة هم بنو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقياء. وإن الجميع يرجعون للأزد2.
وبذلك يتضح أن بني المصطلق لهم رابطة قوية بأهل المدينة المنورة هي رابطة النسب والرحم. إذ عرفنا أن بني المصطلق بطن من خزاعة بلا نزاع.
1 قلائد الجمان ص 93 ومزيقياء: بمضمومة وفتح زاي وسكون مثناة تحت وكسر قاف وفتح تحتية أخرى ومد همزة. (المغني لمحمد طاهر الهندي ص 71) .
وفي القاموس المحيط3/283 قال: ومزيقياء لقب عمرو بن عامر ملك اليمن كان يلبس كل يوم حلتين ويمزقهما بالعشي يكره العود فيهما ويأنف أن يلبسهما غيره.
2 قلائد الجمان ص 98.
المبحث الثاني: ديار بني المصطلق
أما المنطقة التي كانت تسكنها بنو المصطلق فقد عرفنا مما تقدم أن بني المصطلق بطن من خزاعة.
وبالتالي نستطيع تحديد المنطقة التي كانت تقطنها خزاعة قبل مجيء الإسلام وبعده.
ومن خلال تحديد مساكن خزاعة نعرف أماكن بني المصطلق.
وتذكر كتب التواريخ من مساكن بني المصطلق قديداً1 فقط حيث وقعت فيه غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم.
وانفرد أبو إسحاق الحربي بذكر عسفان2 على أنها من مساكن بني المصطلق3. ولكن المؤرخين وغيرهم ذكروا ديار خزاعة، وبنو المصطلق منهم، فديارها ديارهم
1 قديد: تصغير قد وانظر تحديدها ص 56.
2 عسفان، كعثمان، وانظر تحديدها ص 55.
3 كتاب المناسك للحربي ص463،والقاموس المحيط2/133،وتاج العروس 3/539.
ويتبين مما ذكرته المصادر أن منازل خزاعة تقع بمكة وما حولها. كما أنهم يشاركون بني ضمرة في جبل الأبواء. وقد سمت المصادر من منازلهم ما يأتي:
(أ) مر الظهران1:
قال الحربي: "بينها وبين مكة ثلاثة عشر ميلاً"2 وحددها ياقوت وابن منظور والفيروز آبادي والزبيدي بمرحلة3.
وقال الأسدي4 والسمهودي: "بين مكة ومر الظهران سبعة عشر ميلاً"5.
ويتضح لنا مما تقدم أن تحديد المسافة بين مر الظهران ومكة بمرحلة هو الصحيح، وأما ما ذكره الحربي من تحديد هذه المسافة بثلاثة عشر ميلاً فهو خطأ وكذلك ما نقله ياقوت عن الواقدي بأن المسافة بين مر الظهران ومكة خمسة أميال خطأ أيضاً6 إذ أن ياقوتاً نفسه حد السفر الذي تجوز فيه قصر الصلاة بثمانية وأربعين ميلاً7.
فتكون المرحلة أربعة وعشرين ميلاً. فيكون الفرق شاسعاً بين تحديد هذه المسافة بمرحلة وبين قول الحربي، وقول الواقدي من باب أولى.
والذي يظهر من هذا أن المسافة بين مكة ومر الظهران هي مرحلة إلاّ ربع مرحلة، وينطبق هذا على تحديد الأسدي والسمهودي.
1 مر الظهران هو وادي فاطمة بينه وبين مكة 30 كلم. (ومر) بفتح الميم وتشديد الراء المضمومة، (والظهران) تثنية ظهر، وهي من ديار خزاعة.
2 كتاب المناسك للحربي ص 465.
3 معجم البلدان 5/104، ولسان العرب 7/17، والأم للشافعي 5/134.
4 هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الأسدي، هكذا قال عنه السمهودي وقال لا يعرف زمنه غير أنه يعتقد أنه من أهل القرن الثالث.
انظر: مقدمة حمد الجاسر لكتاب الحربي ص 262 و267.
5 ص465 تعليق على كتاب المناسك للحربي، وخلاصة الوفاء ص 482.
6 معجم البلدان 5/104.
7 المصدر السابق 1/35.
ويؤيد هذا القول أن المسافة الآن بين مكة ومر الظهران ثلاثون كيلو متراً. والمرحلة أربعون كيلو متراً كما قرر ذلك صاحب تيسير العلام1.
والفرق يسير بين تحديدها بمرحلة أو مرحلة إلاّ ربعاً، إذا نظرنا إلى اختلاف الناس في سرعة السير، وعدمه.
فقد قطع بعضهم المسافة بمرحلة، ويقطعها غيره بأقل من ذلك. لا سيما أن الفرق بين تحديدها بمرحلة أو مرحلة إلاّ ربعاً، وهو سبعة أميال أو عشرة كيلو مترات.
وعلى كل حال فأقرب تحديد لهذه المسافة هو ما بين مرحلة أو مرحلة إلاّ ربعاً، لاختلاف الناس سرعة وبطأ.
(ب) عُسْفان2:
ذكر الحربي نقلاً عن أبي3 إسحاق البكري: "أن تحديد المسافة بين عسفان ومر الظهران ثلاثة وعشرون ميلاً وهي لني المصطلق من خزاعة"4.
ونقل ياقوت عن السكري5 وغيره تحديد المسافة بين مكة وعسفان بمرحلتين6.
وهو أيضاً قول الفيروز آبادي والزبيدي7.
وبهذا تكون المسافة بين عسفان ومكة مرحلتين. وهو موافق لتحديدها
1 تيسير العلام شرح عمدة الأحكام لعبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام 1/500- 502.
2 تبعد عسفان عن مر الظهران (وادي فاطمة) 50 كيلو متراً شمالاً وعن مكة 80 كيلو متراً.
انظر: نسب حرب للبلادي ص 370.
3 أبو إسحاق البكري: هو إبراهيم بن إسحاق بن محمد بن زكريا بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق. مقدمة كتاب المناسك للحربي ص 15.
4 كتاب المناسك ص 463.
5 السكري: هو الحافظ أبو سعد علي بن موسى النيسابوري، معدود في حفاظ خرسان (ت 465) تذكرة الحفاظ للذهبي 3/1161.
6 معجم البلدان 4/121 - 122.
7 القاموس المحيط 3/175، وتاج العروس 6/198.
بالكيلومترات إذ إن بين عسفان ومكة ثمانين كيلومتراً، وتقدم1 لنا تحديد المرحلة بأربعين كيلومتراً.
(ج) خليص - كربيز -:
ذكر الزبيدي أنها تبعد عن مكة بثلاث مراحل2.
والذي يظهر أنها تبعد عن مكة بمرحلتين ونصف مرحلة؛ لأن بينها وبين مكة الآن 100 ك م، وهي تساوي مرحلتين ونصف3 مرحلة وذكر الحربي المسافة بين خليص وقديد، وأنها تبعد عن قديد من جهة مكة بثمانية أميال4.
(د) قديد5:
ذكر الحربي أن المسافة بينها وبين عسفان ثلاثة وعشرون ميلاً، وفيها هضبة يقال لها المشلل كان بها مناة الطاغية6
فعلى هذا تكون المسافة بين قديد ومكة ثلاث مراحل؛ لأن عسفان على مرحلتين من مكة7.
(هـ) الجحفة:
بينها وبين قديد أربعة وعشرون ميلاً، وبينها وبين البحر نحو من ستة8 أميال. هكذا ذكر الحربي9.
1 تقدم ص 55.
2 تاج العروس 4/389.
3 انظر: نسب حرب للبلادي ص 357.
4 كتاب المناسك ص 460.
5 قديد (يقع شمال خليص بـ1/2 13 كيلو مترات، لأن الحربي ذكر أن المسافة بين خليص وقديد ثمانية أميال، والميل يساوي 2/3 1 كيلومترات، وبقديد ماء المريسيع الذي غزاهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وكديد غير قديد وهو جنوب بـ 42 كيلو متر.
6 كتاب المناسك 458 –460.
7 انظر: ص55.
8 تقدر الستة الأميال: بـ 10 كيلو مترات، وانظر تيسير العلام شرح عمدة الأحكام 1/501.
9 كتاب المناسك ص 457 و 459.
وبهذا يتضح أن الحربي يرى أن المسافة بين الجحفة ومكة أربع مراحل وهو قول ياقوت1.
ونقل ياقوت أيضاً عن السكري: أن المسافة بينها وبين مكة ثلاث مراحل، وبهذا قال النووي2.
ونص ابن حزم على أنها تبعد عن مكة باثنين وثمانين ميلاً. وهو يساوي ثلاث مراحل ونصفاً إلاّ ميلين3. وتبعه على هذا الفيروز آبادي والزبيدي4.
وقرر ابن حجر أن بينها وبين مكة خمس مراحل أو ست5.
والصحيح أن المسافة بين الجحفة ومكة خمس مراحل، وقد نص على هذا المعاصرون من أهل هذه البلاد وهو أعرف بها من غيرهم6.
(و) الأبواء:
ومن المنازل التي استقرت فيها خزاعة قرية الأبواء التي كانت في العهد الإسلامي الأول تابعة إدارياً للفرع7 التي تتبع بدورها المدينة المنورة.
والأبواء جبل مرتفع ليس فيه سوى نبات الخزم والبشام، سميت به القرية وهي لأخلاط من الناس. منهم خزاعة وضمرة.
1 معجم البلدان 2/111.
2 المصدر السابق 2/111، وشرح صحيح مسلم 3/252.
3 المحلى 7/63.
4 القاموس المحيط 3/121،وتاج العروس 6/53.
5 فتح الباري 3/385.
6 انظر: تيسير العلام شرح عمدة الأحكام 1/501، وغزوة بدر لباشميل ص 132.
7 الفرع: قال حمد الجاسر والفرع: بضم الفاء وإسكان الراء وقيل بضمهما عمل واسع من أعمال المدينة لا يزال معروفاً بهذا الاسم وفيه قرى كثيرة.
انظر: التعليق على كتاب المناسك للحربي ص 341.
وذكر البلادي أن الفرع قرية نسب الوادي إليها وهو واد خصب أكثر أودية الحجاز اليوم عيوناً ويجتمع مع القاحة في وادي الأبواء. ويطلق عليه الآن (وادي النخل) وهو لنبي عمرو بن حرب، ولذا يطلق عليه أيضاً وادي بني عمرو لأنهم سكانه. وهو يبعد عن المدينة المنورة جنوباً 150 كيلو متراً. نسب حرب لعاتق البلادي ص 376 – 377.
وتقع شمال الجحفة بثلاثة وعشرين ميلاً، هكذا نص الحربي. وهو قول ياقوت1 وبهذا تكون المسافة بين الجحفة والأبواء ثلاثة وعشرين ميلاً، وهكذا أقر هذا التحديد من المعاصرين محمد أحمد باشميل وعبد الله آل بسام. وعلى هذا فتكون المسافة بينها مرحلة إلاّ ميلاً واحداً.
وذكر عبد الرحمن السعدي بأن الأبواء هي المسماة (مستورة) الآن. وتعبقه عبد الله آل بسام بقوله: "قد تحققنا من أهل تلك البلاد أن الأبواء تقع عن مستورة شرقاً بنحو ثلاث كيلومترات، وأن سيلهما واحد، ويسقيهما وادي النخل"2.
وعلى هذا فتكون المسافة بين الأبواء ومكة ست مراحل3.
لأنه تقدم لنا أن الجحفة4 تبعد عن مكة بخمس مراحل. وعرفنا أيضاً أن الأبواء ليست لخزاعة5 وحدهم.
1 كتاب المناسك ص 454،ومعجم البلدان 1/79، وانظر فتح الباري 7/279.
2 تيسير العلام شرح عمدة الأحكام 1/584،وغزوة بدر لباشميل ص 132، الأبواء: بالفتح ثم السكون وواو وألف ممدودة.
3 تقدر الست المراحل بـ 240 كيلو متراً. وقد ذكر البلادي أن الأبواء تقع شمال مكة بـ 235 كيلومتراً والأمر سهل. وذكر أيضاً أن الأبواء الآن تسمى (الخريبة) تصغير خربة وهناك قبر آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم وأن سكانها في وقتنا الحاضر بنو محمد من حرب. نسب حرب ص 29 و71 و331.
4 هي من مواقيت الحج المكانية ورد ذكرها في حديث ابن عباس وابن عمر في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة (ذا الحليفة) ولأهل الشام (الجحفة) الحديث
…
ولما خربت صار الناس يحرمون الآن من (رابغ) لأنها قبل حذائها بقليل من ناحية الشمال الغربي. وكانت الجحفة تسمى (مَهْيَعَة) بالفتح ثم السكون ثم ياء مفتوحة وعين مهملة. فجحفها السيل فسميت (الجحفة) بالضم ثم السكون والفاء (معجم البلدان لياقوت 2/111و 5/235) .
5 موجود الآن طائفة من بقايا خزاعة في وادي فاطمة من الخبث عند القنفذة وفي الشرق الجنوبي من بحرة.
انظر: قلب جزيرة العرب لفؤاد حمزة ص 156، ومعجم قبائل العرب لكحالة 1/338، ونسب حرب. وهم منتشرون بين مكة والمدينة، وأن قدوم قبيلة حرب إلى هذه المناطق كان في القرن الثاني الهجري قادمة من خولان من اليمن، وانكمشت خزاعة إلى أماكنها حالياً.
انظر: قلب جزيرة العرب لفؤاد حمزة ص 150- 151، ونسب حرب للبلادي ص 14و 119. وهذه الأماكن التي مرّت بنا تقطنها الآن قبائل من حرب، وهم منتشرون بين مكة والمدينة. نسب حرب لعاتق البلادي ص (148) .
صورة المصطلق (1)