المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الخطبة] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٤

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَأَصْحَابِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي توارث الْمُسْلِم وَالْكَافِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ إجْمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبَيَانَ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِع وِلَايَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُؤَنُ الزَّوْجَةِ إذَا أَسْلَمَتْ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِلَايَةُ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

الفصل: ‌[فصل في الخطبة]

فَصْلٌ تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ، لَا تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ، وَلَا تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ، وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَكَذَا لِبَائِنٍ فِي الْأَظْهَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

ِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْخَاءِ: الْتِمَاسُ الْخَاطِبِ النِّكَاحَ مِنْ جِهَةِ الْمَخْطُوبَةِ (تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ، وَ) عَنْ (عِدَّةٍ) وَكُلِّ مَانِعٍ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ غَيْرُهُ بِالْخِطْبَةِ، وَيُجَابُ تَعْرِيضًا وَتَصْرِيحًا كَمَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ مَنْكُوحَةٍ كَذَلِكَ إجْمَاعًا فِيهِمَا.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ الْقَطْعُ بِجَوَازِ خِطْبَتِهَا مِمَّنْ لَهُ الْعِدَّةُ مَعَ عَدَمِ خُلُوِّهَا عَنْ الْعِدَّةِ، وَمِنْ مَنْطُوقِهِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، فَلَا يَجُوزُ لِمُطَلِّقِهَا أَنْ يَخْطُبَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَتَعْتَدَّ مِنْهُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ الْمَخْطُوبَةِ، فَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ حَرُمَ أَنْ يَخْطِبَ خَامِسَةً وَأَنْ يَخْطِبَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَقِيَاسُهُ تَحْرِيمُ خِطْبَةِ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَكَذَا ثَانِيَةُ السَّفِيهِ، وَثَالِثَةُ الْعَبْدِ. وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ مِنْ الْحَجِّ: يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ الْخِطْبَةِ.

تَنْبِيهٌ: تَعْبِيرُهُ بِالْحِلِّ يُفْهِمُ أَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ، وَهُوَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَقِيلَ: هِيَ كَالنِّكَاحِ؛ إذْ الْوَسَائِلُ كَالْمَقَاصِدِ، وَقَدْ تُوهِمُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ خِطْبَةِ السُّرِّيَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْتَفْرَشَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرِضْ السَّيِّدُ عَنْهُمَا.

وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْمَنْكُوحَةِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إيذَاءِ السَّيِّدِ. نَعَمْ إنْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَمْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ التَّسَرِّيَ جَازَ التَّعْرِيضُ كَالْبَائِنِ إلَّا إنْ خِيفَ فَسَادُهَا عَلَى مَالِكِهَا، وَ (لَا) يَحِلُّ (تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ) بَائِنًا كَانَتْ أَوْ رَجْعِيَّةً بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: 235][الْبَقَرَةُ] الْآيَةَ. وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، وَالتَّصْرِيحُ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَأُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَكِ وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُكِ نَكَحْتُكِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (وَلَا) يَحِلُّ (تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ فِي مَعْنَى الزَّوْجَةِ، وَلِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ تَكْذِبُ انْتِقَامًا، وَالتَّعْرِيضُ مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةُ فِي النِّكَاحِ وَعَدَمَهَا، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ جَمِيلَةٌ، وَرُبَّ رَاغِبٍ فِيكِ، وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَكِ، وَلَسْتِ بِمَرْغُوبٍ عَنْكِ، وَالتَّعْرِيضُ مَأْخُوذٌ مِنْ عُرْضِ الشَّيْءِ، وَهُوَ جَانِبُهُ؛ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ بَعْضَ مَا يُرِيدُهُ، وَفُهِمَ مِنْهُ مَنْعُ التَّصْرِيحِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) وَلَوْ حَامِلًا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَالْمُوَاعَدَةُ فِيهَا سِرًّا كَالْخِطْبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَمْ يُرِدْ بِالسِّرِّ ضِدَّ الْجَهْرِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْجِمَاعَ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنْشَدُوا: الطَّوِيلَ

أَلَا زَعَمَتْ بَسَّاسَةُ الْيَوْمَ أَنَّنِي

كَبِرْتُ وَأَنْ لَا يَشْهَدَ السِّرَّ أَمْثَالِي

(وَكَذَا) يَحِلُّ تَعْرِيضٌ (لِبَائِنٍ) بِفَسْخٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ طَلَاقٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِانْقِطَاعِ

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَنْكِحَهَا فَأَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ الَّذِي يَحِلُّ نِكَاحُهَا فِيهَا. أَمَّا هُوَ فَيَحِلُّ لَهُ

ص: 220

وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ صُرِّحَ بِإِجَابَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ،

ــ

[مغني المحتاج]

التَّعْرِيضُ وَالتَّصْرِيحُ. وَأَمَّا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهُ فِيهَا كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فَوَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ تُقَدَّمُ فَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَخْطُبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ فِي الْعِدَدِ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -، وَحُكْمُ جَوَابِ الْمَرْأَةِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا حُكْمُ الْخِطْبَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهَلْ خِطْبَةُ مَنْ يَمْتَنِعُ نِكَاحُهَا فِي الْحَالِ كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ وَالْبِكْرِ فَاقِدَةِ الْمُجْبِرِ جَائِزَةٌ أَوْ لَا؟ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ وَبَحَثَ غَيْرُهُ الْمَنْعَ مِنْ التَّصْرِيحِ.

وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْخِطْبَةَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا لِعَدَمِ الْمُجِيبِ، وَيُكْرَهُ التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ لِمَخْطُوبَتِهِ لِقُبْحِهِ، وَقَدْ يَحْرُمُ بِأَنْ يَتَضَمَّنَ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ، كَقَوْلِهِ: أَنَا قَادِرٌ عَلَى جِمَاعِكِ، أَوْ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكِ مَنْ يُجَامِعُكِ، وَلَا يُكْرَهُ التَّصْرِيحُ بِهِ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ.

(وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ صُرِّحَ بِإِجَابَتِهِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (إلَّا بِإِذْنِهِ) مَعَ ظُهُورِ الرِّضَا بِالتَّرْكِ لَا لِرَغْبَةِ حَيَاءٍ وَنَحْوِهِ، لِخَبَرِ:«لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالتَّقَاطُعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ لَا، مُحْرِمًا أَوْ لَا، وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا.

نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي الْكَافِرِ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا، وَإِعْرَاضُ الْمُجِيبِ كَإِعْرَاضِ الْخَاطِبِ، وَكَذَا لَوْ طَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ إجَابَتِهِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ، أَوْ نَكَحَ مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَخْطُوبَةِ، وَسُكُوتُ

ص: 221

فَإِنْ لَمْ يُجَبْ وَلَمْ يُرَدَّ، لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ.

وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ ذَكَرَ

ــ

[مغني المحتاج]

الْبِكْرِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ أَنْ تَكُونَ الْإِجَابَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةَ الْإِذْنِ، وَمِنْ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَبَرَتِهِ، وَمِنْهَا مَعَ الْوَلِيِّ إنْ كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَمِنْ السُّلْطَانِ إنْ كَانَتْ مَجْنُونَةً بَالِغَةً فَاقِدَةَ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَمِنْ السَّيِّدِ إنْ كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مُكَاتَبَةٍ كِتَابَةً صَحِيحَةً، وَمِنْ السَّيِّدِ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَمِنْ الْمُبَعَّضَةِ مَعَ سَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ، وَمِنْ السَّيِّدِ مَعَ وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَشَرْطُ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْخِطْبَةِ وَالْإِجَابَةِ وَحُرْمَةِ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَأَنْ تَكُونَ الْخِطْبَةُ الْأُولَى جَائِزَةً، فَلَوْ رُدَّ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ أَوْ أُجِيبَ بِالتَّعْرِيضِ كَلَا رَغْبَةَ عَنْكَ أَوْ بِالتَّصْرِيحِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِهَا أَوْ بِالْحُرْمَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالصَّرِيحِ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِهِ وَحَصَلَ إعْرَاضٌ مِمَّنْ ذُكِرَ، أَوْ كَانَتْ الْخِطْبَةُ الْأُولَى مُحَرَّمَةً كَأَنْ خَطَبَ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَتُهُ، وَلَوْ خَطَبَ رَجُلٌ خَمْسًا وَلَوْ بِالتَّرْتِيبِ وَصُرِّحَ لَهُ بِالْإِجَابَةِ حَرُمَتْ خِطْبَةُ كُلٍّ مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعَ مِنْهُنَّ أَوْ يَتْرُكَهُنَّ أَوْ بَعْضَهُنَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِي الْخَامِسَةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمَنْ شَاءَ صَحَّ، وَحَلَّ لِكُلِّ أَحَدٍ خِطْبَتُهَا عَلَى خِطْبَةِ غَيْرِهِ نُصَّ عَلَيْهِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ شَيْخِي: وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ، وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَحِلُّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَهَا قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَهَا أَحَدٌ. اهـ.

وَعَلَى هَذَا لَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ (فَإِنْ لَمْ يُجَبْ وَلَمْ يُرَدَّ) بِأَنْ سُكِتَ عَنْ التَّصْرِيحِ لِلْخَاطِبِ بِإِجَابَةٍ أَوْ رَدٍّ وَالسَّاكِتُ غَيْرُ بِكْرٍ يَكْفِي سُكُوتُهَا أَوْ ذِكْرُ مَا يُشْعِرُ بِالرِّضَا، نَحْوُ: لَا رَغْبَةَ عَنْكَ (لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ)«لِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ الْعَصَا عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ أَبَا جَهْمٍ وَمُعَاوِيَةَ خَطَبَاهَا، وَخَطَبَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأُسَامَةَ بَعْدَ خِطْبَتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَجَابَتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَالثَّانِي تَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَقُطِعَ بِالْأَوَّلِ فِي السُّكُوتِ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ شَيْئًا.

تَنْبِيهٌ: قَدْ نَصُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ خِطْبَةِ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ الرِّجَالِ، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ الرَّجُلَ وَكَانَتْ الْمُجَابَةُ يُكْمَلُ بِهَا الْعَدَدُ الشَّرْعِيُّ، أَوْ كَانَ لَا يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا وَاحِدَةً امْتَنَعَ أَنْ تَخْطِبَهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى مَا يَصِحُّ إثْبَاتُهُ هُنَا مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ، فَإِنْ انْتَفَى مَا مَرَّ جَازَ إذْ جَمْعُهُ بَيْنَ أَرْبَعٍ لَا مَانِعَ مِنْهُ.

(وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ) أَوْ مَخْطُوبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ أَرَادَ الِاجْتِمَاعَ عَلَيْهِ لِنَحْوِ مُعَامَلَةٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ كَالرِّوَايَةِ عَنْهُ أَوْ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ (ذَكَرَ) الْمُسْتَشَارُ جَوَازًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَوُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْأَذْكَارِ وَالرِّيَاضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَشَارِ، بَلْ أَوْجَبُوا فِي الْبَيْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إذَا عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ الْمُشْتَرِيَ وَغَيْرَهُ، وَمِثْلُهُ الْبَقِيَّةُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ التَّعْبِيرَ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَمَفْعُولُ

ص: 222

مَسَاوِئَهُ بِصِدْقٍ.

وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ قَبْلَ الْخِطْبَةِ

ــ

[مغني المحتاج]

ذَكَرَ قَوْلُهُ (مَسَاوِئَهُ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ عُيُوبُهُ (بِصِدْقٍ) لِيَحْذَرَ، بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ لَا لِلْإِيذَاءِ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْمَارِّ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُهَا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِشَارَةِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُهَا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ اسْتِشَارَةٍ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْكُورِ فِي الْبَيْعِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ خَيَالٌ، بَلْ النَّصِيحَةُ هُنَا آكَدُ وَأَحَبُّ. اهـ.

وَفِيهِ تَلْمِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ الْأَمْوَالِ، وَمَحَلُّ ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، فَإِنْ انْدَفَعَ بِدُونِهِ بِأَنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَى ذِكْرِهَا كَقَوْلِهِ: لَا تَصْلُحُ لَكَ مُصَاهَرَتُهُ وَنَحْوِهِ كَلَا تَصْلُحُ مُعَامَلَتُهُ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجُزْ ذِكْرُ عُيُوبِهِ، قَالَهُ فِي الْأَذْكَارِ تَبَعًا لِلْإِحْيَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِذِكْرِ بَعْضِهَا حَرُمَ عَلَيْهَا ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ. قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَالْغِيبَةُ تُبَاحُ لِسِتَّةِ أَسْبَابٍ، وَذَكَرَهَا وَجَمَعَهَا غَيْرُهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ حَيْثُ قَالَ:

لَقَبٌ وَمُسْتَفْتٍ وَفِسْقٌ ظَاهِرٌ

وَالظُّلْمُ تَحْذِيرٌ مُزِيلُ الْمُنْكَرِ

أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِذَلِكَ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُوجَدَ لِجَوَازِ ذِكْرِ غَيْرِهِ سَبَبٌ آخَرُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُظَاهِرُ بِالْمَعْصِيَةِ عَالِمًا يُقْتَدَى بِهِ فَتَمْتَنِعُ غِيبَتُهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا اطَّلَعُوا عَلَى زَلَّتِهِ تَسَاهَلُوا فِي ارْتِكَابِ الذَّنْبِ، وَغِيبَةُ الْكَافِرِ مُحَرَّمَةٌ إنْ كَانَ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّ فِيهَا تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ، وَتَرْكًا لِوَفَاءِ الذِّمَّةِ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ سَمَّعَ ذِمِّيًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.

وَمُبَاحَةٌ إنْ كَانَ حَرْبِيًّا؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ حَسَّانَ أَنْ يَهْجُوَ الْمُشْرِكِينَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغِيبَةَ، وَهِيَ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُ، وَلَوْ فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُحَرَّمَةٌ سَوَاءٌ أَذَكَرَهُ بِلَفْظٍ، أَمْ كِتَابَةٍ، أَمْ إشَارَةٍ بِيَدٍ، أَوْ رَأْسٍ، أَوْ جَفْنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُحَرَّمَةٌ، لَكِنَّهَا تُبَاحُ لِلْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ، بَلْ قَدْ تَجِبُ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ كَمَا مَرَّ. قَالَ الْبَارِزِيّ: وَلَوْ اُسْتُشِيرَ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَجَبَ ذِكْرُهُ لِلزَّوْجَةِ، إنْ كَانَ فِيهِ مَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ عَنْهُ وَلَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَسُوءِ الْخُلُقِ وَالشُّحِّ اُسْتُحِبَّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ فِي الْحَالِ وَسَتْرُ نَفْسِهِ. اهـ.

وَوُجُوبُ هَذَا التَّفْصِيلُ بَعِيدٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يَكْفِيَهُ قَوْلُهُ أَنَا لَا أَصْلُحُ لَكُمْ، وَسُمِّيَتْ عُيُوبُ الْإِنْسَانِ مَسَاوِئَ؛ لِأَنَّهُ يَسُوءُهُ ذِكْرُهَا، وَالْمُصَنِّفُ سَهَّلَ هَمْزَةُ مَسَاوِئَ بِإِبْدَالِهَا يَاءً، وَفِيهِ تَلْمِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ تَرْكَ الْهَمْزَةَ لَحْنٌ، وَمَسَاوِيَ بِوَزْنِ مَفَاعِلَ جَمْعُ مَفْعَلٍ كَمَسَاكِنَ جَمْعُ مَسْكَنٍ.

(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْخَاطِبِ أَوْ نَائِبِهِ (تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ، وَهِيَ الْكَلَامُ الْمُفْتَتَحُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُخْتَتَمُ بِالْوَصِيَّةِ وَالدُّعَاءِ لِخَبَرِ:«كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ» فَيَحْمَدُ اللَّهَ الْخَاطِبُ أَوْ نَائِبُهُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ (قَبْلَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَهِيَ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ كَمَا مَرَّ،

ص: 223

وَقَبْلَ الْعَقْدِ، وَلَوْ خَطَبَ الْوَلِيُّ فَقَالَ الزَّوْجُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلْتُ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ

ــ

[مغني المحتاج]

فَيَقُولُ عَقِبَ الْخِطْبَةِ: جِئْتُ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ فُلَانَةَ، وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُ: لَسْتَ بِمَرْغُوبٍ عَنْكِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ فِي الْخِطْبَةِ الْجَائِزِ فِيهَا التَّصْرِيحُ أَمَّا الْخِطْبَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا إلَّا التَّعْرِيضُ، فَلَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْخُطْبَةُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ. اهـ.

وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ ظَاهِرٌ (وَ) يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ أُخْرَى (قَبْلَ الْعَقْدِ) وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأُولَى، وَتَبَرَّكَ الْأَئِمَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا قَالَ:«إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَخْطُبَ لِحَاجَةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلْيَقُلْ إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [النساء: 1] إلَى قَوْلِهِ: {رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْلِهِ: {عَظِيمًا} [النساء: 27] » وَتُسَمَّى هَذِهِ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْحَاجَةِ، وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ بَعْدَهَا: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيْحُكُمْ مَا يُرِيدُ، لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ، وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ، وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ، فَإِنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ وَقَدَّرَ أَنْ يَخْطِبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَاقِ كَذَا، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ (وَلَوْ خَطَبَ الْوَلِيُّ) وَأَوْجَبَ كَأَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوَّجْتُكَ إلَخْ (فَقَالَ الزَّوْجُ) قَبْلَ الْقَبُولِ (الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلْتُ) نِكَاحَهَا إلَخْ (صَحَّ النِّكَاحُ) مَعَ تَخَلُّلِ الْخُطْبَةِ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الْمُتَخَلَّلَ مِنْ مَصَالِحِ الْعَقْدِ فَلَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ كَالْإِقَامَةِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْفَاصِلَ لَيْسَ مِنْ الْعَقْدِ، وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ أَقْوَى.

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ حَذْفِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى مِنْ هَذِهِ الْخُطْبَةِ مُوَافِقٌ لِتَصْوِيرِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْمَسْأَلَةَ بِذَلِكَ لَكِنَّهُمَا بَعْدَ هَذَا ذَكَرَا اسْتِحْبَابَهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَاسْتَبْعَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَإِنَّمَا حَذَفَ الْمُصَنِّفُ مَدْخُولَ قَبِلْتُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا يَذْكُرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْقَبُولِ، وَلَوْ ذَكَرَهُ كَمَا قَدَّرْتُهُ كَانَ أَوْلَى (بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ) الذِّكْرُ بَيْنَهُمَا لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (قُلْتُ: الصَّحِيحُ) وَصَحَّحَهُ فِي

ص: 224

لَا يُسْتَحَبُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ لَمْ يَصِحَّ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَذْكَارِ أَيْضًا (لَا يُسْتَحَبُّ) ذَلِكَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ، بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِهِ، وَتَابَعَ فِي الرَّوْضَةِ الرَّافِعِيَّ فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَجَعَلَا فِي النِّكَاحِ أَرْبَعَ خُطَبٍ: خُطْبَةٌ مِنْ الْخَاطِبِ، وَأُخْرَى مِنْ الْمُجِيبِ لِلْخِطْبَةِ، وَخُطْبَتَيْنِ لِلْعَقْدِ، وَاحِدَةٌ قَبْلَ الْإِيجَابِ وَأُخْرَى قَبْلَ الْقَبُولِ، فَمَا صَحَّحَهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِلشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ، فَإِنَّ حَاصِلَ مَا فِيهِمَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ. وَالثَّانِي: وَنَقَلَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ: اسْتِحْبَابُهُ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يُبْطِلُ خَارِجٌ عَنْهُمَا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يَبْطُلُ فَضْلًا عَنْ ضَعْفِ الْخِلَافِ، وَمَتَى قِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ اتَّجَهَ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَأَشْبَهَ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ، وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ، وَفِي كَلَامِ السُّبْكِيّ إشَارَةٌ إلَيْهِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ الْبُطْلَانُ عَلَى مَا إذَا طَالَ كَمَا قَالَ (فَإِنْ طَالَ) عُرْفَا (الذِّكْرُ الْفَاصِلُ) بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِحَيْثُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْقَبُولِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ جَزْمًا لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ، لَكِنْ لَوْ عَبَّرَ بِالْمُعْتَمَدِ بَدَلَ الصَّحِيحِ كَانَ أَوْلَى. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الذِّكْرُ مُقَدِّمَةَ الْقَبُولِ وَجَبَ أَنْ لَا تَضُرَّ إطَالَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ.

وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ مُقَدِّمَةَ الْقَبُولِ الَّتِي قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا هِيَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ لَا مَا زَادَ، وَضَبَطَ الْقَفَّالُ الطُّولَ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِقَدْرِ لَوْ كَانَا سَاكِتَيْنِ فِيهِ لِخُرُوجِ الْجَوَابِ عَنْ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا اهـ.

وَالْأَوْلَى أَنْ يُضْبَطَ بِالْعُرْفِ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ الذِّكْرَ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ كَلَامِ أَجْنَبِيٌّ يُبْطِلُ وَلَوْ يَسِيرًا وَهُوَ الْأَصَحُّ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الْخُلْعِ فَإِنَّهُمْ اغْتَفَرُوا فِيهِ الْيَسِيرَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى حَلِّ الْعِصْمَةِ، وَيُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي عَقْدِهَا. قِيلَ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا صَدَرَ الْكَلَامُ مِنْ الْقَائِلِ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ فَفِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ فِي الْجَامِعِ، وَاقْتَضَى إيرَادُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَلَامِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْكَلِمَ وَالْكَلِمَةَ، لَا الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ عِنْدَ النُّحَاةِ.

تَتِمَّةٌ: يُسَنُّ لِلْوَلِيِّ عَرْضُ مُوَلِّيَتِهِ عَلَى ذَوِي الصَّلَاحِ كَمَا فَعَلَ شُعَيْبٌ بِمُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَعُمَرُ بِعُثْمَانَ ثُمَّ بِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَيُسَنُّ أَنْ يَنْوِيَ بِالنِّكَاحِ السُّنَّةَ وَالصِّيَانَةَ لِدِينِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَأَنْ يُدْعَى لِلزَّوْجَيْنِ بِالْبَرَكَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَبِالْجَمْعِ بِخَيْرٍ فَيُقَالُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وَبَارَكَ عَلَيْكَ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ، وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمَدِّ الِالْتِئَامُ وَالِاتِّفَاقُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَفَأْتُ الثَّوْبَ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَأَنْ يُقَدِّمَ الْوَلِيُّ عَلَى الْعَقْدِ أُزَوِّجُكَ هَذِهِ أَوْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ، وَلَوْ شَرَطَهُ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ لَمْ يُبْطِلْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْمَوْعِظَةُ وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالشَّرْعِ. وَيُسَنُّ لِلزَّوْجِ أَوَّلَ مَا يَلْقَى زَوْجَتَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنَاصِيَتِهَا وَيَقُولَ: بَارَكَ اللَّهُ لِكُلٍّ مِنَّا فِي

ص: 225