الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَقَعُ قَطْعًا.
فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ إلَّا بِنِيَّةٍ، فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ هَكَذَا طَلُقَتْ فِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ
ــ
[مغني المحتاج]
يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ، أَوْ كَانَ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ (فَيَقَعُ) الطَّلَاقُ بِفِعْلِهِ (قَطْعًا) وَإِنْ اتَّفَقَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ نِسْيَانٌ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ تَعْلِيقِ الْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَنْعٍ أَوْ حَثٍّ، هَذَا تَقْرِيرُ الْمَتْنِ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ فِيمَا إذَا قَصَدَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَعَزَاهُ السُّبْكِيُّ لِلْجُمْهُورِ.
تَنْبِيهٌ: هَذَا كُلُّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ. أَمَّا إذَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ، كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَيْسَ فِي الدَّارِ وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ، فَإِنْ حَلَفَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ: أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى مُعْتَقَدِهِ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ: رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ، إذْ لَا حَثَّ وَلَا مَنْعَ بَلْ تَحْقِيقٌ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَثَبَّتَ قَبْلَ الْحَلِفِ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ، وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمَ الْحِنْثِ، وَرَجَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ يَحْنَثُ فِيمَا إذَا قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعَدَمَ الْحِنْثِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهَذَا أَوْجَهُ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدُخُولِ بَهِيمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَطِفْلٍ فَدَخَلَتْ مُخْتَارَةً وَقَعَ الطَّلَاقُ، بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَتْ مُكْرَهَةً لَمْ يَقَعْ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعَلَّقُ التَّعْلِيقَ وَكَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ وَدَخَلَ مُكْرَهًا.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْآدَمِيَّ فِعْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ مُكْرَهًا. وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ، بِخِلَافِ فِعْلِ الْبَهِيمَةِ فَإِنَّهَا حِينَ الْإِكْرَاهِ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا، وَحُكْمُ الْيَمِينِ فِيمَا ذُكِرَ كَالطَّلَاقِ، وَلَا يَنْحَلُّ بِفِعْلِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ.
[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]
(فَصْلٌ) فِي الْإِشَارَةِ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ وَفِي غَيْرِهَا، إذَا (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ:(أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ) وَلَمْ يَقُلْ هَكَذَا (لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ إلَّا بِنِيَّةٍ) لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَعَدَّدُ إلَّا بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِشَارَةِ هُنَا.
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ (فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ) الْقَوْلِ أَوْ الْإِشَارَةِ (هَكَذَا طَلُقَتْ فِي) إشَارَةِ أُصْبُعٍ طَلْقَةً، وَفِي إشَارَةِ (أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ،
وَفِي ثَلَاثٍ ثَلَاثًا، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْإِشَارَةِ الْمَقْبُوضَتَيْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.
وَلَوْ قَالَ عَبْدٌ إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، وَقَالَ سَيِّدُهُ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَعَتَقَ بِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ بَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَتَجْدِيدُ قَبْلَ زَوْجٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
وَفِي) إشَارَةِ (ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَصَابِعِ (ثَلَاثًا) وَإِنْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْأَصَابِعِ فِي الْعَدَدِ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ، وَفِي الْحَدِيثِ:«الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الْكَرِيمَةِ وَخَنَسَ إبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ وَأَرَادَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ مَعَ الْإِشَارَةِ يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ بِالْعَدَدِ.
تَنْبِيهٌ: لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ مُفْهِمَةً لِلطَّلْقَتَيْنِ أَوْ الثَّلَاثِ كَالنَّظَرِ لِلْأَصَابِعِ أَوْ تَحْرِيكِهَا أَوْ تَرْدِيدُهَا وَإِلَّا فَقَدْ يَعْتَادُ الْإِنْسَانُ الْإِشَارَةَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْكَلَامِ فَلَا يَظْهَرُ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الْعَدَدِ إلَّا بِقَرِينَةٍ. قَالَهُ الْإِمَامُ، وَأَقَرَّاهُ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَرَدْت وَاحِدَةً لَمْ يُقْبَلْ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ وَلَمْ يَقُلْ طَالِقٌ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُشْعِرُ بِطَلَاقٍ (فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِالْإِشَارَةِ) بِالثَّلَاثِ الْأُصْبُعَيْنِ (الْمَقْبُوضَتَيْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَلَمْ يَقَعْ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْإِشَارَةِ بِهِمَا، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَحَدَهُمَا لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ صَرِيحَةٌ فِي الْعَدَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا يُقْبَلُ خِلَافُهَا، وَلَوْ عَكَسَ فَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ، وَقَالَ: أَرَدْت بِالْإِشَارَةِ الثَّلَاثَ الْمَقْبُوضَةَ صُدِّقَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَتْ، الْإِشَارَةُ بِيَدِ مَجْمُوعَةٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا وَقَعَ وَاحِدَةً كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ الثَّلَاثُ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت بِهَا الْأُصْبُعَ دُونَ الزَّوْجَةِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا قَطْعًا وَلَمْ يُدَنْ عَلَى الْأَصَحِّ، ثُمَّ أَشَارَ بِفُرُوعٍ مِنْ فُرُوعِ ابْنِ الْحَدَّادِ.
(وَ) هُوَ مَا (لَوْ قَالَ عَبْدٌ) لِزَوْجَتِهِ (إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، وَقَالَ) لَهُ (سَيِّدُهُ إذَا مِتُّ) أَنَا (فَأَنْتَ حُرٌّ فَعَتَقَ) كُلُّهُ (بِهِ) أَيْ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ) عَلَيْهِ الْحُرْمَةَ الْكُبْرَى (بَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ) فِي عِدَّتِهَا (وَتَجْدِيدُ) النِّكَاحِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا (قَبْلَ زَوْجٍ) آخَرَ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلْقَتَيْنِ وَعِتْقَ الْعَبْدِ مُعَلَّقَانِ مَعًا بِالْمَوْتِ فَوَقَعَا مَعًا، وَالْعِتْقُ كَمَا لَا يَتَقَدَّمُ الطَّلَاقَ لَمْ يَتَأَخَّرْ، فَإِذَا وَقَعَا مَعًا غُلِّبَ جَانِبُ الْحُرِّيَّةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهَا فَكَانَ الْعِتْقُ مُقَدَّمًا، وَالثَّانِي تَحْرُمُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَتَقَدَّمْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَخَرَجَ بِعِتْقِ جَمِيعِهِ مَا لَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ بِأَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ فَإِنَّهَا تَبِينُ بِالطَّلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُبَعَّضَ كَالْقِنِّ فِي عَدَدِ الطَّلْقَاتِ.
تَنْبِيهٌ: لَا تَخْتَصُّ الْمَسْأَلَةُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ بَلْ يَجْرِي الْخِلَافُ فِي كُلِّ صُوَرِهِ تَعَلَّقَ عِتْقُ الْعَبْدِ بِهِ، وَوُقُوعُ طَلْقَتَيْنِ عَلَى زَوْجَتِهِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ: كَمَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، وَقَالَ السَّيِّدُ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِذَا جَاءَ الْغَدُ عَتَقَ وَطَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَلَا تُحَرَّمُ
وَلَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ لَمْ تَطْلُقْ الْمُنَادَاةُ وَتَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَعَلَّقَ بِنِصْفٍ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَطَلْقَتَانِ
وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ، فَإِذَا قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي أَوْ إنْ خَرَجْت
ــ
[مغني المحتاج]
عَلَيْهِ قَطْعًا لِأَنَّ الْعِتْقَ سَبَقَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَلَوْ عَلَّقَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ بِمَوْتِهِ وَعَلَّقَ الْعَبْدُ الطَّلْقَتَيْنِ بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ سَيِّدِهِ ثُمَّ مَاتَ سَيِّدُهُ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ، وَاشْتُرِطَ الْمُحَلِّلُ قَطْعًا لِتَقَدُّمِ الطَّلَاقِ عَلَى الْعِتْقِ، وَلَوْ عَلَّقَ زَوْجُ الْأَمَةِ طَلَاقَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُدَبَّرَةٍ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَهُوَ وَارِثُهُ فَمَاتَ السَّيِّدُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَلَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ كَانَتْ، مُكَاتَبَةً أَوْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهَا بِمَوْتِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ فَلَا يُصَادِفُ الطَّلَاقُ مَحِلًّا، أَمَّا الْمُدَبَّرَةُ فَتَطْلُقُ إنْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَلَوْ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ الْعِتْقَ.
(وَلَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ) مَثَلًا كَحَفْصَةَ (فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى) كَعَمْرَةَ (فَقَالَ) لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ لَمْ تَطْلُقْ الْمُنَادَاةُ) جَزْمًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُخَاطَبْ بِالطَّلَاقِ وَظَنُّ خِطَابِهَا لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ عَلَيْهَا (وَتَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ فِي الْأَصَحِّ) لِخِطَابِهَا بِالطَّلَاقِ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهَا، وَخَرَجَ بِيَظُنُّهَا مَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُجِيبَةَ غَيْرُ الْمُنَادَاةِ، فَإِنْ قَصَدَ طَلَاقَهَا طَلُقَتْ فَقَطْ أَوْ الْمُنَادَاةُ وَحْدَهَا حُكِمَ بِطَلَاقِهَا، أَمَّا الْمُنَادَاةُ فَظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَأَمَّا الْمُخَاطَبَةُ فَظَاهِرًا وَيَدِينُ.
(وَلَوْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا بِغَيْرِ كُلَّمَا (بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ) كَإِنْ أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَعَلَّقَ) ثَانِيًا: (بِنِصْفٍ) مِنْ رُمَّانَةٍ كَإِنْ أَكَلْت نِصْفَهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَطَلْقَتَانِ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهَا أَكَلَتْ نِصْفَ رُمَّانَةٍ وَأَكَلَتْ رُمَّانَةً لَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ النَّكِرَةَ الْمُعَادَةَ غَيْرُ الْأُولَى، فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِكُلَّمَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً مَرَّةً وَنِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ فَأَكَلَتْ نِصْفَيْ رُمَّانَتَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَوْ أَكَلَتْ أَلْفَ حَبَّةٍ مَثَلًا مِنْ أَلْفِ رُمَّانَةٍ، وَإِنْ زَادَ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ رُمَّانَةٍ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ رُمَّانَةً.
فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ، وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْت نِصْفَهُ، وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلْت رُبْعَهُ، فَأَكَلَتْ الرَّغِيفَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت رَجُلًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كَلَّمْت فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ زَيْدًا وَكَانَ فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ زَوَالِ شَمْسِ الْيَوْمِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَصَلَّاهُمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ زَالَتْ الشَّمْسُ وَقَعَ الطَّلَاقُ.
(وَالْحَلِفُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بِخَطِّهِ، وَيَجُوزُ سُكُونُهَا لُغَةً: الْقَسَمُ وَهُوَ (بِالطَّلَاقِ) أَوْ غَيْرِهِ (مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ) عَلَى فِعْلٍ (أَوْ مَنْعٍ) مِنْهُ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ) ذَكَرَهُ الْحَالِفُ أَوْ غَيْرُهُ لِيُصَدَّقَ الْحَالِفُ فِيهِ (فَإِذَا قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إنْ) أَوْ إذَا (حَلَفْت بِطَلَاقٍ) مِنْك (فَأَنْتِ طَالِقٌ) هَذَا مِثَالٌ لِلتَّعْلِيقِ عَلَى الْحَلِفِ (ثُمَّ قَالَ) بَعْدَ هَذَا (إنْ لَمْ تَخْرُجِي) فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذَا مِثَالٌ لِحَثِّهَا عَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ (أَوْ إنْ خَرَجْت)
أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ، وَيَقَعُ الْآخَرُ إنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ.
وَلَوْ قَالَ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ جَاءَ الْحُجَّاجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ.
وَلَوْ قِيلَ لَهُ اسْتِخْبَارًا أَطَلَّقْتهَا فَقَالَ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت مَاضِيًا وَرَاجَعْت صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قِيلَ ذَلِكَ الْتِمَاسًا لِإِنْشَاءٍ فَقَالَ نَعَمْ فَصَرِيحٌ وَقِيلَ كِنَايَةٌ.
ــ
[مغني المحتاج]
فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذَا مِثَالٌ لِمَنْعِهَا مِنْ الْفِعْلِ (أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَهَذَا مِثَالٌ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ) فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ حَالًا لِأَنَّ مَا قَالَهُ حَلِفٌ بِأَقْسَامِهِ السَّابِقَةِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَيَقَعُ الْآخَرُ) مَآلًا (إنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ) وَبَقِيَتْ الْعِدَّةُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، فَإِنْ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِالْحَلِفِ.
(وَلَوْ قَالَ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْحَلِفِ (إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ جَاءَ الْحُجَّاجُ) أَوْ نَحْوُهُ كَأَنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ (فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ) إذْ لَا حَثَّ فِيهِ وَلَا مَنْعَ وَلَا تَحْقِيقَ خَبَرٍ بَلْ هُوَ مَحْضُ تَعْلِيقٍ عَلَى صِفَةٍ، فَإِذَا وُجِدَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا.
تَنْبِيهٌ: تَعْبِيرُهُ بِالْحُجَّاجِ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ انْقَطَعَ لِعُذْرٍ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَاسْتَبْعَدَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ وَهَلْ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ لِلْأَكْثَرِ أَوْ لِمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ أَوْ إلَى جَمِيعِ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ مِمَّنْ يُرِيدُ الرُّجُوعَ احْتِمَالَانِ اهـ. وَأَظْهَرُهُمَا الثَّانِي.
فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالِي بِحَلِفِهِ فَحَلَفَ، وَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِفِعْلِ مَنْ لَا يُبَالِي بِحَلِفِهِ كَالسُّلْطَانِ فَتَعْلِيقٌ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ فَأَنْكَرَهُ وَادَّعَتْهُ، فَقَالَ إنْ طَلَعَتْ: فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحَلَفَ، وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: طَلَعَتْ الشَّمْسُ، فَقَالَتْ: لَمْ تَطْلُعْ، فَقَالَ: إنْ لَمْ تَطْلُعْ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ التَّحْقِيقُ فَهُوَ حَلِفٌ، وَلَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَعَادَهُ أَرْبَعًا وَقَعَ بِالثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ الْأُولَى، وَبِالثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ الثَّانِيَةِ، وَبِالرَّابِعَةِ طَلْقَةٌ بِحُكْمِ الثَّالِثِ وَتَنْحَلُّ الثَّانِيَةُ.
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ اسْتِخْبَارًا أَطَلَّقْتهَا) أَيْ زَوْجَتَك (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يُرَادِفُهَا كَأَجَلْ وَجَيْرٍ (فَإِقْرَارٌ) صَرِيحٌ (بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ نَعَمْ طَلَّقْتُهَا، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهِيَ زَوْجَتُهُ بَاطِنًا (فَإِنْ قَالَ أَرَدْت) طَلَاقًا (مَاضِيًا وَرَاجَعْت) بَعْدَهُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي ذَلِكَ لِاحْتِمَالِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَرَاجَعْت عَمَّا إذَا قَالَ أَبَنْتهَا وَجَدَّدْت النِّكَاحَ فَإِنَّ حُكْمَهُ كَمَا مَرَّ، فِيمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَفُسِّرَ بِذَلِكَ (وَإِنْ قِيلَ) لَهُ (ذَلِكَ) الْقَوْلُ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ أَطَلَّقْت زَوْجَتَك (الْتِمَاسًا لِإِنْشَاءٍ فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا يُرَادِفُهَا (فَصَرِيحٌ) فِي الْإِيقَاعِ حَالًا؛ لِأَنَّ نَعَمْ وَنَحْوَهُ قَائِمٌ مَقَامَ طَلَّقْتُهَا الْمُرَادِ لِذِكْرِهِ فِي السُّؤَالِ (وَقِيلَ) هُوَ (كِنَايَةٌ) يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّ نَعَمْ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ قِيلَ: الْأَوَّلُ مُشْكِلٌ لِحَصْرِهِمْ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَبِقَوْلِهِمْ إنَّ الْكِنَايَةَ لَا تَصِيرُ صَرِيحًا بِالْتِمَاسِ طَلَاقٍ.
أُجِيبَ بِأَنَّ