المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الفرقة بلفظ الخلع] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٤

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَأَصْحَابِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي توارث الْمُسْلِم وَالْكَافِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ إجْمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبَيَانَ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِع وِلَايَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُؤَنُ الزَّوْجَةِ إذَا أَسْلَمَتْ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِلَايَةُ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

الفصل: ‌[فصل في الفرقة بلفظ الخلع]

رَجُلًا تَوَلَّى طَرَفًا، وَقِيلَ الطَّرَفَيْنِ.

فَصْلٌ الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ، وَفِي قَوْلٍ فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَفْظُ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ.

وَالْمُفَادَاةُ كَخُلْعٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

الزَّوْجَانِ مَعًا (رَجُلًا) فِي الْخُلْعِ (تَوَلَّى طَرَفًا) مِنْهُ أَيْ أَيُّهُمَا شَاءَ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ يَتَوَلَّاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ وَكِيلُهُ، وَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (وَقِيلَ) يَتَوَلَّى (الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّ الْخُلْعَ يَكْفِي فِيهِ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ يَقَعُ الطَّلَاقُ خُلْعًا ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الْخَامِسِ وَهُوَ الصِّيغَةُ، وَتَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِ " فَصْلٌ " فَقَالَ:.

[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الْخَامِسِ وَهُوَ الصِّيغَةُ، وَتَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِفَصْلٍ فَقَالَ:

فَصْلٌ

(الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ) يُنْقِصُ الْعَدَدَ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَهُ بَيْنَ طَلَاقَيْنِ فِي قَوْلِهِ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] الْآيَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِمَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسْخًا لِمَا جَازَ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ إذْ الْفَسْخُ يُوجِبُ اسْتِرْجَاعَ الْبَدَلِ كَمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ الثَّمَنِ (وَفِي قَوْلٍ: فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدًا) وَيَجُوزُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ بَعْدَ تَكَرُّرِهِ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ حَصَلَتْ بِمُعَاوَضَةٍ فَتَكُونُ فَسْخًا كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَنْسُوبٌ إلَى الْقَدِيمِ، وَفِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ شَيْءٌ، لَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ وَلَا فَسْخٌ، وَخَرَجَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا قَطْعًا، وَكَذَا إنْ قَصَدَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ الطَّلَاقَ، أَوْ اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ كَخَالَعْتُكِ عَلَى طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ. قَالَ الْفُورَانِيُّ: وَإِذَا نَوَى بِالْخُلْعِ عَدَدًا إنْ جَعَلْنَاهُ طَلَاقًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ، أَوْ فَسْخًا فَلَا لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ (لَفْظُ الْفَسْخِ) كَفَسَخْتُ نِكَاحَك بِكَذَا فَقَبِلَتْ (كِنَايَةٌ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ عُرْفًا فِيهِ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ بِلَا نِيَّةٍ.

تَنْبِيهٌ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَفْظَ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ فِي لَفْظِ الْخُلْعِ، إذْ اللَّفْظُ لَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ لَفْظٍ آخَرَ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْفُرْقَةِ بِعِوَضٍ الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا طَلَاقٌ.

(وَالْمُفَادَاةُ) كَفَادَيْتُكَ بِكَذَا حُكْمُهَا (كَخُلْعٍ) فِي صَرَاحَتِهِ الْآتِيَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِ لَفْظَةِ الْمُفَادَاةِ فِي الْقُرْآنِ. قَالَ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَالثَّانِي: أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ (وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ فَلَا يُحْتَاجُ مَعَهُ لِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَرَّرَ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ لِإِرَادَةِ الْفِرَاقِ فَكَانَ كَالتَّكَرُّرِ فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالنَّشَائِيُّ، وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا

ص: 439

وَفِي قَوْلٍ كِنَايَةٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَصَحِّ.

وَيَصِحُّ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ وَبِالْعَجَمِيَّةِ.

وَلَوْ قَالَ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت فَكِنَايَةُ خُلْعٍ، وَإِذَا بَدَأَ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ كَطَلَّقْتُكِ أَوْ خَالَعْتُكِ بِكَذَا، وَقُلْنَا: الْخُلْعُ طَلَاقٌ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ

ــ

[مغني المحتاج]

فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُذْكَرَ مَعَهُ مَالٌ أَمْ لَا (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ (كِنَايَةٌ) فِيهِ يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الطَّلَاقِ حَطًّا لَهُ عَنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ الْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ وَلِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ، وَلِأَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَلْفَاظٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْأُمِّ. وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُذْكَرَ مَعَهُ مَالٌ أَمْ لَا، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْخُلْعَ وَالْمُفَادَاةُ إنْ ذُكِرَ مَعَهُمَا الْمَالُ فَهُمَا صَرِيحَانِ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِالْبَيْنُونَةِ وَإِلَّا فَكِنَايَتَانِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ صَرَاحَةُ الْخُلْعِ (لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ) مَعَ زَوْجَتِهِ بِنِيَّةِ الْتِمَاسِ قَبُولِهَا وَلَمْ يَنْفِ الْعِوَضَ كَأَنْ قَالَ: خَالَعْتُكِ أَوْ فَادَيْتُكِ وَنَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا فَقَبِلَتْ بَانَتْ، وَ (وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَصَحِّ) لَاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ بِعِوَضٍ فَيُرْجَعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ كَالْخُلْعِ بِمَجْهُولٍ، فَإِنْ جَرَى مَعَ أَجْنَبِيٍّ طَلُقَتْ مَجَّانًا كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ الْعِوَضُ فَاسِدٌ، وَلَوْ نَفَى الْعِوَضَ فَقَالَ: خَالَعْتُكِ بِلَا عِوَضٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَإِنْ قَبِلَتْ وَنَوَى الْتِمَاسَ قَبُولِهَا فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ قَبِلَتْ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ جَزْمًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ كَوْنِهِ كِنَايَةً عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ صَرِيحٌ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ مَعَ وُجُودِ مُصَحِّحٍ لَهُ وَهُوَ اقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِهِ اهـ.

وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ لِأَنَّ الْجَمْعَ إذَا أَمْكَنَ كَانَ أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الْكِتَابِ لَيْسَ مُرَادًا قَطْعًا، إذْ لَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي قَيَّدْت بِهَا كَلَامَهُ.

(وَيَصِحُّ) الْخُلْعُ عَلَى قَوْلَيْ الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ (بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا وَسَيَأْتِي مُعْظَمُهَا فِي بَابِهِ (مَعَ النِّيَّةِ) لِلطَّلَاقِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعًا، فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ (وَ) يَصِحُّ الْخُلْعُ أَيْضًا بِالتَّرْجَمَةِ عَنْهُ (بِالْعَجَمِيَّةِ) وَغَيْرِهَا مِنْ اللُّغَاتِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى.

(وَلَوْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (بِعْتُك نَفْسَكِ بِكَذَا) كَأَلْفٍ (فَقَالَتْ) فَوْرًا (اشْتَرَيْت) أَوْ نَحْوَهُ كَقَبِلْتُ (فَكِنَايَةُ خُلْعٍ) سَوَاءٌ جَعَلْنَاهُ طَلَاقًا أَمْ فَسْخًا بِخِلَافِ مَا لَمْ يَذْكُرْ كَذَا أَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ: وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ اهـ.

وَهَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقَاعِدَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ نَفَاذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ، إذْ مَوْضُوعُهُ الْمَحَلُّ الْمُخَاطَبُ، وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك طَلَاقَك بِكَذَا أَوْ قَالَتْ: بِعْتُك ثَوْبِي مَثَلًا بِطَلَاقِي كَانَ كِنَايَةً أَيْضًا، ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ مِنْ شَوَائِبِ الْعُقُودِ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا بَدَأَ) الزَّوْجُ بِالْهَمْزِ بِمَعْنَى ابْتَدَأَ (بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ كَطَلَّقْتُكِ أَوْ خَالَعْتُكِ بِكَذَا) كَأَلْفٍ فَقَبِلَتْ (وَقُلْنَا الْخُلْعَ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (طَلَاقٌ) وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا مَرَّ (فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ) لِأَخْذِهِ

ص: 440

فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا.

وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا بِلَفْظٍ غَيْرِ مُنْفَصِلٍ.

فَلَوْ اخْتَلَفَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ وَعَكْسُهُ أَوْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ فَلَغْوٌ، وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّلَاثِ وَوُجُوبُ أَلْفٍ.

وَإِنْ بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ كَمَتَى أَوْ مَتَى مَا أَعْطَيْتِنِي فَتَعْلِيقٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَلَا الْإِعْطَاءُ فِي الْمَجْلِسِ،

ــ

[مغني المحتاج]

عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ (فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ) لِتَوَقُّفِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ عَلَى قَبُولِ الْمَالِ، أَمَّا إذَا قُلْنَا: الْخُلْعُ فَسْخٌ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، إذْ لَا مَدْخَلَ لِلتَّعْلِيقِ فِيهَا بَلْ هُوَ كَابْتِدَاءِ الْبَيْعِ (وَ) عَلَى الْمُعَاوَضَةِ (لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا) لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْمُعَاوَضَاتِ.

(وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا) أَيْ الْمُخْتَلِعَةِ النَّاطِقَةِ (بِلَفْظٍ غَيْرِ مُنْفَصِلٍ) بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ زَمَنٍ طَوِيلٍ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، فَتَقُولُ قَبِلْت أَوْ اخْتَلَعْتُ أَوْ نَحْوَهُ، فَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ تُعْطِيَهُ الْقَدْرَ، أَمَّا الْخَرْسَاءُ فَتَكْفِي إشَارَتُهَا الْمُفْهِمَةُ.

وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَبُولِ عَلَى وَفْقِ الْإِيجَابِ (فَلَوْ اخْتَلَفَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ وَعَكْسُهُ) كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفَيْنِ فَقَبِلَتْ بِأَلْفٍ (أَوْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ فَلَغْوٌ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ لِلْمُخَالَفَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ أَلْفَيْنِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ جَوَابُ الْإِيجَابِ، فَإِذَا خَالَفَهُ فِي الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ جَوَابًا، وَالْإِعْطَاءُ لَيْسَ جَوَابًا وَإِنَّمَا هُوَ فِعْلٌ، فَإِذَا أَتَتْ بِأَلْفَيْنِ فَقَدْ أَتَتْ بِأَلْفٍ وَلَا اعْتِبَارَ بِالزِّيَادَةِ، قَالَهُ الْإِمَامُ (وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّلَاثِ وَ) الْأَصَحُّ أَيْضًا (وُجُوبُ أَلْفٍ) لِأَنَّ الزَّوْجَ مُسْتَقِلٌّ بِالطَّلَاقِ وَالزَّوْجَةُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهَا بِسَبَبِ الْمَالِ، فَإِذَا قَبِلَتْ الْمَالَ اُعْتُبِرَ فِي الطَّلَاقِ جَانِبُ الزَّوْجِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُشْتَرِي الْمِلْكُ وَلَمْ يَحْصُلْ، وَالطَّلَاقُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَرْأَةِ. وَالثَّانِي: يَقَعُ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ نَظَرًا إلَى قَبُولِهَا وَالثَّالِثُ: لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِاخْتِلَافِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ.

(وَإِنْ بَدَأَ) الزَّوْجُ (بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ) فِي الْإِثْبَاتِ (كَمَتَى أَوْ مَتَى مَا) بِزِيَادَةِ مَا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ أَيْ حِينَ أَوْ زَمَانَ أَوْ وَقْتَ (أَعْطَيْتِنِي) كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَتَعْلِيقٌ) مَحْضٌ مِنْ جَانِبِهِ وَلَا نَظَرَ فِيهِ إلَى شُبْهَةِ الْمُعَاوَضَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَرَائِحِ أَلْفَاظِ التَّعْلِيقِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الصِّفَةِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ، وَحِينَئِذٍ (فَلَا رُجُوعَ لَهُ) قَبْلَ الْإِعْطَاءِ كَالتَّعْلِيقِ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ فِي نَحْوِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِيهِ (الْقَبُولُ لَفْظًا) لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تَقْتَضِيه (وَلَا الْإِعْطَاءُ) فَوْرًا (فِي الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ، وَهُوَ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَأَهْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ مَا يَرْتَبِطُ بِهِ الْإِيجَابُ بِالْقَبُولِ دُونَ مَكَانِ الْعَقْدِ، فَمَتَى وُجِدَ الْإِعْطَاءُ طَلُقَتْ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الزَّمَانِ وَعُمُومِهِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ، وَلَوْ قَيَّدَ فِي هَذِهِ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان تَعَيَّنَ وَخَرَجَ بِالْإِثْبَاتِ مَا إذَا بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ بِمَتَى وَنَحْوِهَا فِي النَّفْيِ، كَقَوْلِهِ: مَتَى لَمْ تُعْطِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ لِلْفَوْرِ؛ لِأَنَّ مَتَى وَنَحْوَهَا فِي النَّفْيِ تَقْتَضِي الْفَوْرَ، وَبِالزَّوْجِ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا لَوْ قَالَتْ:

ص: 441

وَإِنْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا أَعْطَيْتِنِي فَكَذَلِكَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ إعْطَاءٌ عَلَى الْفَوْرِ.

وَإِنْ بَدَأَتْ بِطَلَبِ طَلَاقٍ فَأَجَابَ فَمُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ جَوَابِهِ، وَيُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهِ،

ــ

[مغني المحتاج]

مَتَى طَلَّقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ، اُخْتُصَّ الْجَوَابُ بِمَجْلِسِ التَّوَاجُبِ، وَفَرَّقَ الْغَزَالِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى جَانِبِهِ التَّعْلِيقُ وَعَلَى جَانِبِهَا الْمُعَاوَضَةُ (وَإِنْ قَالَ: إنْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (أَوْ إذَا أَعْطَيْتِنِي) كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَتَعْلِيقٌ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَلَا الْإِعْطَاءُ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيقِ كَمَتَى، وَخَرَجَ بِإِنْ الْمَكْسُورَةِ الْمَفْتُوحَةُ، فَإِنَّ بِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ بَائِنًا لِأَنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي إذْ لِأَنَّهَا لِمَاضِي الزَّمَانِ، وَلَكِنَّ قِيَاسَ مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، الْفَرْقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ (لَكِنْ يُشْتَرَطُ) فِي التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ (إعْطَاءٌ عَلَى الْفَوْرِ) فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعِوَضِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَإِنَّمَا تُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي مَتَى وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ مَعَ كَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ جَانِبِ الزَّوْجَةِ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْفَوْرِ فِي الْحُرَّةِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً وَالْمَشْرُوطُ غَيْرَ خَمْرٍ كَأَنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِعْطَاءِ إلَّا مِنْ كَسْبِهَا وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَجْلِسِ غَالِبًا، فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ كَسْبِهَا وَمَالِ السَّيِّدِ طَلُقَتْ بَائِنًا لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَرَدَّ الزَّوْجُ الْأَلْفَ لِمَالِكِهَا، وَتَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهَا تُطَالَبُ بِهِ إذَا عَتَقَتْ، فَإِنْ قِيلَ: نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ: إنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إذَا أَعْطَتْهُ ثَوْبًا لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الثَّوْبَ مُبْهَمٌ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ بِخِلَافِ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَمْلِيكُهَا فِي الْجُمْلَةِ لِغَيْرِهَا فَقَوِيَ الْإِبْهَامُ فِي الْأَوَّلِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إلْحَاقُ الْمُبَعَّضَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ بِالْحُرَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ خَمْرًا اُشْتُرِطَ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا، وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ الْخَمْرَ؛ لِأَنَّ يَدَهَا وَيَدَ الْحُرَّةِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ، وَقَدْ تَشْتَمِلُ يَدُهَا عَلَيْهِ.

(وَإِنْ بَدَأَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ (بِطَلَبِ طَلَاقٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى جِهَةِ التَّعْلِيقِ، نَحْوُ إنْ أَوْ مَتَى لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَتِهِ كَطَلِّقْنِي عَلَى كَذَا (فَأَجَابَ) الزَّوْجُ قَوْلَهَا فَوْرًا (فَمُعَاوَضَةٌ) مِنْ جَانِبِهَا لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْبُضْعَ بِمَا تَبْذُلُهُ مِنْ الْعِوَضِ (فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ) لِأَنَّهَا تَبْذُلُ الْمَالَ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ وَهُوَ الطَّلَاقُ، فَإِذَا أَتَى بِهِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَحَصَلَ غَرَضُهَا كَالْعَامِلِ فِي الْجَعَالَةِ (فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ جَوَابِهِ) لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْجَعَالَاتِ جَمِيعًا (وَيُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهِ) فِي مَحَلِّ التَّوَاجُبِ فِي الصِّيغَةِ السَّابِقَةِ الْمُقْتَضِيَةِ فَوْرًا وَغَيْرِهَا كَالتَّعْلِيقِ بِمَتَى تَغْلِيبًا لِلْمُعَاوَضَةِ مِنْ جَانِبِهَا بِخِلَافِ جَانِبِ الزَّوْجِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ طَلَّقَ مُتَرَاخِيًا كَانَ مُبْتَدِئًا لَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ رَجْعِيًّا. نَعَمْ لَوْ صَرَّحَتْ بِالتَّرَاخِي لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرُوهُ، وَنَقَلَ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ: خَالَعْتُكَ بِكَذَا، فَقَالَ: قَبِلْت لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ إلَيْهِ.

ص: 442

وَلَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ طَلْقَةً بِثُلُثِهِ فَوَاحِدَةً بِثُلُثِهِ.

وَإِذَا خَالَعَ أَوْ طَلَّقَ بِعِوَضٍ فَلَا رَجْعَةَ، فَإِنْ شَرَطَهَا فَرَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ، وَفِي قَوْلٍ بَائِنٌ بِمَهْرِ مِثْلٍ.

وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِكَذَا وَارْتَدَّتْ فَأَجَابَ إنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ وَأَصَرَّتْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَانَتْ بِالرِّدَّةِ، وَلَا مَالَ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا طَلُقَتْ بِالْمَالِ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ عَنْ تَطَابُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ. وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَعَ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ سَامَحَ بِبَعْضِ مَا طَلَبَتْ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَيْهِ (وَلَوْ طَلَبَتْ) مِنْ الزَّوْجِ (ثَلَاثًا) يَمْلِكُهَا عَلَيْهَا (بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ طَلْقَةً بِثُلُثِهِ فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ (بِثُلُثِهِ) تَغْلِيبًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ رَدَدْت عَبِيدِي الثَّلَاثَ فَلَكَ أَلْفٌ فَرَدَّ وَاحِدًا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ، وَلَوْ طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَنِصْفًا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَلْفِ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَلَا نَوَاهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةً اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى.

تَنْبِيهٌ: لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ بِثُلُثِهِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ وَاحِدَةً اسْتَحَقَّ الثُّلُثَ، وَكَانَ يَعْلَمُ حُكْمَ التَّقْيِيدِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَأَيْضًا فِيهِ إيهَامُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُدَّ ذِكْرَ الْمَالِ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ.

(وَإِذَا خَالَعَ أَوْ طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ (بِعِوَضٍ) صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ، سَوَاءٌ جَعَلْنَا الْخُلْعَ طَلَاقًا أَمْ فَسْخًا (فَلَا رَجْعَةَ) لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا بَذَلَتْ الْمَالَ لِتَمْلِكَ بُضْعَهَا فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ وِلَايَةَ الرُّجُوعِ إلَيْهِ (فَإِنْ شَرَطَهَا عَلَيْهَا) كَخَالَعْتُكِ أَوْ طَلَّقْتُك بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك الرَّجْعَةَ (فَرَجْعِيٌّ) يَقَعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّجْعَةِ وَالْمَالِ مُتَنَافِيَانِ فَيَسْقُطَانِ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ الطَّلَاقِ، وَقَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ، وَلَا حَاجَةَ بَعْدَ رَجْعِيٍّ لِقَوْلِهِ (وَلَا مَالَ) وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ لَكَانَ أَوْلَى لِنَقْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ الْقَطْعَ بِهِ عَنْ الْجُمْهُورِ (وَفِي قَوْلٍ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (بَائِنٌ بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّ الْخُلْعَ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ الْعِوَضِ كَالنِّكَاحِ، وَكَلَامُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَنْصُوصٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ مَخْرَجٌ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا لَوْ خَالَعَهَا بِعِوَضٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ رَدَّهُ وَكَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِيهِ عَلَى الْبَيْنُونَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِ الرَّجْعَةِ هُنَا، وَمَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ.

(وَلَوْ قَالَتْ) لَهُ (طَلِّقْنِي بِكَذَا وَارْتَدَّتْ) عَقِبَ هَذَا الْقَوْلِ (فَأَجَابَ) قَوْلَهَا فَوْرًا نُظِرَتْ (إنْ كَانَ) الِارْتِدَادُ (قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ وَأَصَرَّتْ) عَلَى الرِّدَّةِ (حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَانَتْ بِالرِّدَّةِ وَلَا مَالَ) وَلَا طَلَاقَ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ فِي الْحَالَتَيْنِ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ بَانَ صِحَّةُ الْخُلْعِ، وَ (طَلُقَتْ بِالْمَالِ) الْمُسَمَّى وَقْتَ جَوَابِهِ لِبَيَانِ صِحَّةِ الْخُلْعِ، وَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، فَلَوْ تَرَاخَتْ الرِّدَّةُ أَوْ الْجَوَابُ اخْتَلَفَتْ الصِّيغَةُ.

ص: 443