الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ خَلِيفَتُهُ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكَّلَ وَكِيلًا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ وَكِيلَيْنِ فِيهِمَا فِي الْأَصَحِّ.
فَصْلٌ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا أَوْ بَعْضَ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَوِينَ بِرِضَاهَا وَرِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ،
ــ
[مغني المحتاج]
الزَّوْجَةُ فِي عَمَلِ ذَلِكَ الْقَاضِي (أَوْ خَلِيفَتِهِ) لِأَنَّ حُكْمَهُ نَافِذٌ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ نُقِلَ عَنْ ابْنِ يَحْيَى الْبَلْخِيّ الْقَاضِي أَنَّهُ يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ، وَفَعَلَهُ حِينَ كَانَ قَاضِيًا بِدِمَشْقَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ مِنْ غَرَائِبِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي تَزْوِيجِ الْقَاضِي الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَمَحْجُورَهُ فَيُزَوِّجُهَا مِنْهُ الْقَاضِي بِالْوِلَايَةِ كَمَا يُزَوَّجُ خَلِيفَةُ الْقَاضِي مِنْ الْقَاضِي (وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ) غَيْرِ الْجَدِّ (تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي أَحَدِهِمَا) وَيَتَوَلَّى الطَّرَفُ الْآخَرِ (أَوْ وَكِيلَيْنِ فِيهِمَا) أَيْ وَاحِدٍ فِي الْإِيجَابِ وَآخَرَ فِي الْقَبُولِ فَيَتَوَلَّيَاهُ لَمْ يَجُزْ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ فِعْلَ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ، بِخِلَافِ تَزْوِيجِ خَلِيفَةِ الْقَاضِي لَهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْوِلَايَةِ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ لِانْعِقَادِهِ بِأَرْبَعَةٍ
تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ أَنَّ الْجَدَّ لَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ يَجُوزُ لِأَنَّ لَهُ تَعَاطِيَهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ الْمَنْعُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخِي، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ فِعْلِ الشَّخْصِ لِشَيْءٍ جَوَازُ تَوْكِيلِهِ فِيهِ. نَعَمْ لَوْ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ صَحَّ.
[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]
فَصْلٌ فِي الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي النِّكَاحِ دَفْعًا لِلْعَارِ، وَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، بَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ فَلَهُمَا إسْقَاطُهَا، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا (زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ) الْمُنْفَرِدُ كَأَبٍ أَوْ عَمٍّ (غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا أَوْ) زَوَّجَهَا (بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَوِينَ) كَإِخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ (بِرِضَاهَا وَرِضَا الْبَاقِينَ) مِمَّنْ فِي دَرَجَتِهِ غَيْرَ كُفْءٍ (صَحَّ) التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ حَقُّهَا وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ رَضُوا بِإِسْقَاطِهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمْ، وَاحْتَجَّ لَهُ فِي الْأُمِّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا أَحَدَ يُكَافِئُهُ.
وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ بِرِضَاهَا فَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ، وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا
ــ
[مغني المحتاج]
قَالَ السُّبْكِيُّ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ جَازَ لِلضَّرُورَةِ لِأَجْلِ نَسْلِهِنَّ وَمَا حَصَلَ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ كَمَا جَازَ لِآدَمَ صلى الله عليه وسلم تَزْوِيجُ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِيهِ. اهـ.
«وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ بِنِكَاحِ أُسَامَةَ وَهُوَ مَوْلًى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي الدَّارَقُطْنِيّ أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهِيَ هَالَةُ كَانَتْ تَحْتَ بِلَالٍ، وَهُوَ مَوْلًى لِلصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ:" أَنَّ الْمِقْدَادَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَزَوَّجَ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَتْ قُرَشِيَّةً " وَالْمِقْدَادُ لَيْسَ بِقُرَشِيٍّ، وَفِيهِمَا أَيْضًا:" أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ زَوَّجَ سَالِمًا مَوْلَاهُ لِابْنَةِ أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ ".
فَإِنْ قِيلَ: مَوَالِي قُرَيْشٍ أَكْفَاءٌ لَهُمْ. أُجِيب بِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى الْمَنْعِ كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ.
تَنْبِيهٌ: شَمَلَ قَوْلُهُ بِرِضَاهَا مَا إذَا كَانَتْ مُجْبَرَةً وَاسْتُؤْذِنَتْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَسَكَتَتْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّشِيدَةُ وَالسَّفِيهَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ، فَإِذَا رَضِيَتْ السَّفِيهَةُ بِغَيْرِ كُفْءٍ صَحَّ، وَإِنْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا هُوَ الْمَالُ خَاصَّةً فَلَا يَظْهَرُ لِسَفَهِهَا أَثَرٌ هُنَا، وَاسْتَثْنَى شَارِحُ التَّعْجِيزِ كَفَاءَةَ الْإِسْلَامِ فَلَا تَسْقُطُ بِالرِّضَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221][الْبَقَرَةُ] وَيُكْرَهُ التَّزْوِيجُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ الْفَاسِقِ بِرِضَاهَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ فَاحِشَةٍ أَوْ رِيبَةٍ، وَقَوْلُهُ: الْمُسْتَوِينَ مِنْ زِيَادَةِ بَيَانٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّ الْأَبْعَدَ لَا يَكُونُ وَلِيًّا مَعَ الْأَقْرَبِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:(وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ) غَيْرَ كُفْءٍ (بِرِضَاهَا فَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ) ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ، لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: لَوْ قِيلَ: إنَّهُ وَلِيٌّ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ إلَّا أَنَّ الْأَقْرَبَ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَبْعُدْ، وَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الْمُسْتَوِينَ لِيَخْرُجَ الْأَبْعَدُ.
فَإِنْ قِيلَ: الْأَبْعَدُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ لَكِنَّهُ يَلْحَقُهُ عَارٌ لِنَسَبِهِ فَلِمَ لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْقَرَابَةَ تَنْتَشِرُ كَثِيرًا فَيَشُقُّ اعْتِبَارُ رِضَاهُمْ، وَلَا ضَابِطَ يُوقَفُ عِنْدَهُ، فَالْوَجْهُ قَصْرُهُ عَلَى الْأَقْرَبِينَ (وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ) أَيْ الْمُسْتَوِينَ (بِهِ) أَيْ غَيْرِ الْكُفْءِ (بِرِضَاهَا
دُونَ رِضَاهُمْ لَمْ يَصِحَّ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ، وَلَهُمْ الْفَسْخُ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ بِكْرًا صَغِيرَةً أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَفِي الْأَظْهَرِ بَاطِلٌ، وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ، وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ، وَلِلصَّغِيرَةِ إذَا بَلَغَتْ، وَلَوْ طَلَبَتْ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ.
وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ: سَلَامَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ
ــ
[مغني المحتاج]
دُونَ رِضَاهُمْ) أَيْ بَاقِي الْمُسْتَوِينَ (لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ كَرِضَا الْمَرْأَةِ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ زَوَّجَهَا بِمَنْ بِهِ جَبٌّ أَوْ عُنَّةٌ بِرِضَاهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْبَاقِينَ بِذَلِكَ، وَمَا لَوْ رَضُوا بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ ثُمَّ خَالَفَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَا الْبَاقِينَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِرِضَاهُمْ بِهِ أَوَّلًا وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَفِي مَعْنَى الْمُخْتَلِعِ الْفَاسِخُ وَالْمُطَلِّقُ رَجْعِيًّا إذَا أَعَادَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالْمُطَلِّقِ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَفِي قَوْلٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ (يَصِحُّ وَلَهُمْ الْفَسْخُ) لِأَنَّ النُّقْصَانَ يَقْتَضِي الْخِيَارَ لَا الْبُطْلَانَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ) أَوْ الْجَدِّ (بِكْرًا صَغِيرَةً أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ) وَقَوْلُهُ (بِغَيْرِ رِضَاهَا) قَيْدٌ فِي الْبَالِغَةِ (فَفِي الْأَظْهَرِ) التَّزْوِيجُ الْمَذْكُورُ (بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّ الْمَالِ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ الْغِبْطَةِ فَوَلِيُّ الْبُضْعِ أَوْلَى (وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ، وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ) فِي الْحَالِ (وَلِلصَّغِيرَةِ) أَيْضًا (إذَا بَلَغَتْ) كَمَا مَرَّ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ إذَا أَذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ مُطْلَقًا (وَلَوْ طَلَبَتْ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) خَاصًّا (أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ) أَوْ نَائِبُهُ (بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) تَزْوِيجُهُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُمْ حَظٌّ فِي الْكَفَاءَةِ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ كَالْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ شَاهِدٌ لَهُ وَلَا وَجْهٌ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ: يَدُلُّ لِذَلِكَ خَبَرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ السَّابِقُ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ
فِيهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَهَا أُسَامَةَ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يَدْرِي مَنْ زَوَّجَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ بِرِضَاهَا، وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَلَكِنْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ لِغَيْبَتِهِ أَوْ عَضْلِهِ أَوْ إحْرَامِهِ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا مِنْ كُفْءٍ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي التَّصَرُّفِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ، وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ حَاضِرًا وَفِيهِ مَانِعٌ مِنْ فِسْقٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ بَعْدَهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَزَوَّجَ السُّلْطَانُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٌ بِرِضَاهَا فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ طَرْدُ الْوَجْهَيْنِ.
وَلَمَّا اعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي النِّكَاحِ، وَهِيَ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزَةُ لُغَةً: التَّسَاوِي وَالتَّعَادُلُ، وَشَرْعًا أَمْرٌ يُوجِبُ عَدَمُهُ عَارًا شَرَعَ فِي بَيَانِهَا، فَقَالَ:(وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ) أَيْ الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا لِيُعْتَبَرَ مِثْلُهَا فِي الزَّوْجِ خَمْسَةٌ: أَوَّلُهَا (سَلَامَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ، فَمَنْ بِهِ بَعْضُهَا كَجُنُونٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ لَيْسَ كُفُؤًا لِلسَّلِيمَةِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ بَعْضُهَا وَيَخْتَلُّ بِهَا مَقْصُودُ النِّكَاحِ، وَلَوْ كَانَ بِهَا عَيْبٌ أَيْضًا فَلَا
وَحُرِّيَّةٌ، فَالرَّقِيقُ لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ، وَالْعَتِيقُ لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ، وَنَسَبٌ، فَالْعَجَمِيُّ لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ، وَلَا غَيْرُ قُرَشِيٍّ قُرَشِيَّةً، وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ لَهُمَا،
ــ
[مغني المحتاج]
كَفَاءَةَ اخْتَلَفَ الْعَيْبَانِ كَرَتْقَاءَ وَمَجْبُوبٍ أَوْ اتَّفَقَا كَأَبْرَصَ وَبَرْصَاءَ وَإِنْ كَانَ مَا بِهَا أَكْثَرُ وَأَفْحَشُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ.
تَنْبِيهٌ: اسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ الْعُنَّةَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهَا فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا فِي الْكَفَاءَةِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يُوَافِقُهُ. اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحَقُّقِ، وَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَرْأَةِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَلِيِّ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ لَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ، وَأَلْحَقَ الرُّويَانِيُّ بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ الْعُيُوبَ الْمُنْفَرِدَةَ كَالْعَمَى وَالْقَطْعِ وَتَشَوُّهُ الصُّورَةِ، وَقَالَ: هِيَ تَمْنَعُ الْكَفَاءَةَ عِنْدِي، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، وَاخْتَارَهُ الصَّيْمَرِيُّ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالتَّنَقِّي مِنْ الْعُيُوبِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَيْنِ خَاصَّةً دُونَ آبَائِهِمَا فَابْنُ الْأَبْرَصِ كُفْءٌ لِمَنْ أَبُوهَا سَلِيمٌ. ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُفْئًا لَهَا لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ (وَ) ثَانِيهَا (حُرِّيَّةٌ فَالرَّقِيقُ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ مُكَاتَبًا (لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ) وَلَوْ عَتِيقَةً لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ وَتَتَضَرَّرُ بِسَبَبِ النَّفَقَةِ، وَلِهَذَا خُيِّرَتْ بَرِيرَةُ لَمَّا عَتَقَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا وَكَانَ عَبْدًا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَيْسَ الرَّقِيقُ كُفْئًا لِمُبَعَّضَةٍ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ، وَهَلْ الْمُبَعَّضُ كُفْءٌ لَهَا؟ .
قَالَ فِي الْبَحْرِ: إنْ اسْتَوَيَا أَوْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهُ كَانَ كُفْئًا لَهَا وَإِلَّا فَلَا (وَالْعَتِيقُ) كُفْءٌ لِعَتِيقَةٍ وَ (لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ) لِنَقْصِهِ عَنْهَا، وَلَيْسَ مَنْ مَسَّ الرِّقُّ أَحَدَ آبَائِهِ أَوْ أَبًا أَقْرَبَ كُفْئًا لِخِلَافِهِ، وَالرِّقُّ فِي الْأُمَّهَاتِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَيَانِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّأْثِيرِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِ الْعَتِيقِ لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ عُرْفٌ وَلَا دَلِيلٌ فَيَبْقَى التَّوَقُّفُ فِيهِ، وَقَدْ رَأَيْنَا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَكُونَ مَنْ مَسَّهُ الرِّقُّ أَوْ مَسَّ أَحَدَ آبَائِهِ أَمِيرًا كَبِيرًا أَوْ مَلِكًا كَبِيرًا وَالْمَرْأَةُ دُونَهُ بِكَثِيرٍ بِحَيْثُ تَفْتَخِرُ بِهِ وَهِيَ حُرَّةُ الْأَصْلِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَ) ثَالِثُهَا (نَسَبٌ) بِأَنْ تُنْسَبَ الْمَرْأَةُ إلَى مَنْ تَشْرُفُ بِهِ بِالنَّظَرِ إلَى مَنْ يُنْسَبُ الزَّوْجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْتَخِرُ بِأَنْسَابِهَا أَتَمَّ الِافْتِخَارِ وَالِاعْتِبَارُ فِي النَّسَبِ بِالْآبَاءِ (فَالْعَجَمِيُّ) أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةً (لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ) أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهَا أَعْجَمِيَّةً، لِأَنَّ اللَّهَ اصْطَفَى الْعَرَبَ عَلَى غَيْرِهِمْ (وَلَا) أَيْ وَلَيْسَ (غَيْرُ قُرَشِيِّ) مِنْ الْعَرَبِ مُكَافِئًا (قُرَشِيَّةً) لِخَبَرِ:«قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا (وَلَا) أَيْ وَلَيْسَ (غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ) كُفْئًا (لَهُمَا) كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ وَإِنْ كَانَا أَخَوَيْنِ لِهَاشِمٍ، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ:«إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ الْعَرَبِ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ» .
وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ، وَعِفَّةٌ فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ عَفِيفَةٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: اقْتَضَى كَلَامُهُ أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُطَّلِبِيَّ كُفْءٌ لِلْهَاشِمِيَّةِ وَعَكْسُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ:«نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ» ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ شَرِيفَةً.
أَمَّا الشَّرِيفَةُ فَلَا يُكَافِئُهَا إلَّا شَرِيفٌ، وَالشَّرَفُ مُخْتَصٌّ بِأَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَعَنْ أَبَوَيْهِمَا، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ ظَهِيرَةَ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْحُرَّةِ، فَلَوْ نَكَحَ هَاشِمِيٌّ أَوْ مُطَّلِبِيٌّ أَمَةً فَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِمَالِكِ أُمِّهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ رَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ كَمَا سَيَأْتِي. وَالْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ غَيْرَ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ. وَقَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَمُقْتَضَى اعْتِبَارِ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ اعْتِبَارُهُ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ، فَالْبَصْرِيُّونَ يَقُولُونَ بِأَنَّهُمْ أَكْفَاءُ، وَالْبَغْدَادِيُّونَ يَقُولُونَ بِالتَّفَاضُلِ فَتَفْضُلُ مُضَرُ عَلَى رَبِيعَةَ، وَعَدْنَانُ عَلَى قَحْطَانَ اعْتِبَارًا بِالْقُرْبِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ؛ إذْ أَقَلُّ مَرَاتِبِ غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ أَنْ يَكُونُوا كَمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَالْعَجَمِ. قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى بَعْضِ الْقَبَائِلِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْحَضَرِ فَمَنْ ضَبَطَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ فَكَالْعَرَبِ وَإِلَّا فَكَالْعَجَمِ (وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ) الشَّرَفِ (النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ) قِيَاسًا عَلَيْهِمْ، فَالْفُرْسُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِبْطِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ:«لَوْ كَانَ الدِّينُ مُعَلَّقًا بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ» وَبَنُو إسْرَائِيلَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِبْطِ لِسَلَفِهِمْ وَكَثْرَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ. قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالثَّانِي: لَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَنُونَ بِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَلَا يُدَوِّنُونَهَا بِخِلَافِ الْعَرَبِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ نَقْلًا وَمَعْنًى وَبَسَطَ ذَلِكَ، وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَبِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي غَيْرِ أَوْلَادِ بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا أَثَرَ لِلْأُمِّ وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً، وَلَا يُكَافِئُ مَنْ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ أَجْدَادِهِ الْأَقْرَبِينَ أَقْدَمَ مِنْهُ فِي الْإِسْلَامِ فَمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ كُفْئًا لِمَنْ لَهَا أَبٌ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فِي الْإِسْلَامِ لَيْسَ كُفْئًا لِمَنْ لَهَا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ فِيهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا يَكُونُ كُفْئًا لِبَنَاتِ التَّابِعِينَ، وَهَذَا زَلَلٌ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كُفْئًا لَهُنَّ، وَهُمْ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْآبَاءِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ غَيْرِ الشَّرِيفِ أَفْضَلَ مِنْ ابْنِ الشَّرِيفِ، وَلَيْسَ كُفْئًا لَهُ (وَ) رَابِعُهَا (عِفَّةٌ) وَهِيَ الدِّينُ وَالصَّلَاحُ وَالْكَفُّ عَمَّا لَا يَحِلُّ (فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ عَفِيفَةٍ) لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ. قَالَ تَعَالَى:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18][السَّجْدَةَ]، وَقَالَ تَعَالَى:{الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً} [النور: 3][النُّورُ] الْآيَةَ، هَكَذَا اسْتَدَلَّ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأُولَى فِي حَقِّ الْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ، وَالثَّانِيَةَ مَنْسُوخَةٌ، وَالْمُبْتَدِعُ مَعَ السُّنِّيَّةِ كَالْفَاسِقِ مَعَ الْعَفِيفَةِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ.
وَحِرْفَةٌ فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ، لَيْسَ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ، فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ وَرَاعٍ وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ، وَلَا خَيَّاطٌ بِنْتَ تَاجِرٍ أَوْ بَزَّازٍ، وَلَا هُمَا بِنْتَ عَالِمٍ وَقَاضٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أُمُورًا: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اعْتِبَارِ هَذَا الْوَصْفِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ حَتَّى لَا يَكُونَ الْكَافِرُ الْفَاسِقُ فِي دِينِهِ كُفْئًا لِلْعَفِيفَةِ فِي دِينِهَا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. ثَانِيهَا: أَنَّ الْفَاسِقَ كُفْءٌ لِلْفَاسِقَةِ مُطْلَقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الَّذِي يَتَّجِهُ عِنْدَ زِيَادَةِ الْفِسْقِ وَاخْتِلَافِ نَوْعِهِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ كَمَا فِي الْعُيُوبِ. قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الْفِسْقَ بِالْقَتْلِ وَالسُّكْرِ لَيْسَ فِي تَعَدِّي الْمَفْسَدَةِ وَالنَّفْرَةِ كَالْعُقُوقِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا. ثَالِثُهَا: أَنَّ غَيْرَ الْفَاسِقِ كُفْءٌ لَهَا سَوَاءٌ فِيهِ الْعَدْلُ وَالْمَسْتُورُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَابْنُ الصَّلَاحِ. رَابِعُهَا: أَنَّ الْفِسْقَ وَالْعَفَافَ يُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَيْنِ لَا فِي آبَائِهِمَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ (وَ) خَامِسُهَا (حِرْفَةٌ) وَهِيَ كَمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي فَائِقِهِ بِكَسْرِ الْحَاءِ: صِنَاعَةٌ يُرْتَزَقُ مِنْهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَنْحَرِفُ إلَيْهَا (فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ) بِالْهَمْزَةِ مِنْ الدَّنَاءَةِ، وَضَبَطَهَا الْإِمَامُ بِمَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهَا عَلَى انْحِطَاطِ الْمُرُوءَةِ وَسُقُوطِ النَّفْسِ كَمُلَابَسَةِ الْقَاذُورَاتِ (لَيْسَ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ) وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} [النحل: 71][النَّحْلُ] أَيْ فِي سَبَبِهِ فَبَعْضُهُمْ يَصِلُ إلَيْهِ بِعِزٍّ وَرَاحَةٍ، وَبَعْضُهُمْ بِذُلٍّ وَمَشَقَّةٍ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ} [الشعراء: 111][الشُّعَرَاء] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانُوا حَاكَةً وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ (فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ وَرَاعٍ وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ) وَنَحْوُهُمْ كَحَائِكٍ (لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَكْفَاءٌ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (وَلَا خَيَّاطٌ بِنْتَ تَاجِرٍ أَوْ) بِنْتَ (بَزَّازٍ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كُفْءٌ لِلْآخَرِ وَلَمْ أَرَ أَيْضًا مَنْ ذَكَرَهُ (وَلَا هُمَا) أَيْ التَّاجِرُ وَالْبَزَّازُ (بِنْتَ عَالِمٍ وَ) بِنْتَ (قَاضٍ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّ مَنْ أَبُوهَا بَزَّازٌ أَوْ عَطَّارٌ لَا يُكَافِئُهَا مَنْ أَبُوهُ حَجَّامٌ أَوْ بَيْطَارٌ أَوْ دَبَّاغٌ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِذَا نَظَرْت إلَى حِرْفَةِ الْأَبِ فَقِيَاسُهُ النَّظَرُ إلَى حِرْفَةِ الْأُمِّ أَيْضًا، فَإِنَّ ابْنَ الْمُغَنِّيَةِ أَوْ الْحَمَّامِيَّةِ وَنَحْوِهَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كُفْئًا لِمَنْ لَيْسَتْ أُمُّهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي الْعُرْفِ وَعَارٌ. اهـ.
وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى الْأُمِّ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّهُ تُرَاعَى الْعَادَةُ فِي الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ، فَإِنَّ الزِّرَاعَةَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَوْلَى مِنْ التِّجَارَةِ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْعَكْسِ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ نَحْوَهُ أَيْضًا، وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَخْذُ بِهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَعَلَى اعْتِبَارِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِبْرَةُ بِالْعَالِمِ الصَّالِحِ أَوْ الْمَسْتُورِ دُونَ الْفَاسِقِ. وَأَمَّا الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ أَهْلًا فَعَالِمٌ وَزِيَادَةٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ كَمَا هُوَ كَثِيرٌ وَغَالِبٌ فِي الْقُضَاةِ فِي زَمَانِنَا نَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ كَقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَفِي النَّظَرِ إلَيْهِ نَظَرٌ. اهـ.
بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَوَقَّفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَإِذَا شُكَّ فِي الشَّرَفِ وَالدَّنَاءَةِ أَوْ الشَّرِيفِ وَالْأَشْرَفِ، أَوْ الدَّنِيءِ وَالْأَدْنَى، فَالْمَرْجِعُ عَادَةُ الْبَلَدِ، وَالْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ وَالْفِسْقُ فِي الْآبَاءِ. قَالَ
وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ لَا يُعْتَبَرُ،
ــ
[مغني المحتاج]
الشَّيْخَانِ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَالُ مَنْ كَانَ أَبُوهُ صَاحِبَ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ أَوْ مَشْهُورًا بِالْفِسْقِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا عَدْلٌ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَنْ أَسْلَمَ بِنَفْسِهِ مَعَ مَنْ أَبُوهَا مُسْلِمٌ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْحَقُّ أَنْ يُجْعَلَ النَّظَرُ فِي حَقِّ الْآبَاءِ دِينًا وَسِيرَةً وَحِرْفَةً مِنْ خَيْرِ النَّسَبِ.
فَإِنَّ تَفَاخُرَ الْآبَاءِ هِيَ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا أَمْرُ النَّسَبِ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْهَرَوِيُّ فِي أَشْرَافِهِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمَا ذَكَرَ كَوَلَدِ الْأَبْرَصِ، وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَلَدِ الْأَبْرَصِ أَيْضًا، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُعَدُّ الرَّعْيُ مِنْ الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِمْ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ صِفَةَ مَدْحٍ لِغَيْرِهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّ فَقْدَ الْكِتَابَةِ فِي حَقِّهِ عليه الصلاة والسلام مُعْجِزَةٌ فَتَكُونُ صِفَةَ مَدْحٍ فِي حَقِّهِ، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ مُعْتَبَرٌ فِي الْكَفَاءَةِ جَزْمًا. وَأَشَارَ لِمَا فِيهِ الْخِلَافُ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ لَا يُعْتَبَرُ) فِي خِصَالِ الْكَفَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ ظِلٌّ زَائِلٌ، وَحَالٌ حَائِلٌ، وَمَالٌ مَائِلٌ، وَلَا يَفْتَخِرُ بِهِ أَهْلُ الْمُرُوءَاتِ وَالْبَصَائِرِ. وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُنْفِقْ عَلَى الْوَلَدِ وَتَتَضَرَّرُ هِيَ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» . وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا وَنَقْلًا وَبَسَطَ ذَلِكَ، نَعَمْ عَلَى الْأَوَّلِ لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ بِالْإِجْبَارِ مُعْسِرًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَصِحَّ التَّزْوِيجُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَلَيْسَ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى اعْتِبَارِ الْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ لِأَنَّهُ بَخَسَهَا حَقَّهَا فَهُوَ كَتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا الْجَمَالُ وَالْبَلَدُ وَلَا السَّلَامَةُ مِنْ عَيْبٍ آخَرَ مُنَفِّرٍ كَالْعَمَى وَالْقَطْعِ وَتَشَوُّهُ الصُّورَةِ، وَإِنْ اعْتَبَرَهَا الرُّويَانِيُّ، وَصَحَّحَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ كَوْنَ الْجَاهِلِ كُفْئًا لِلْعَالِمَةِ، وَرَجَّحَ الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ لَهَا، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَرَدَّ عَلَى تَصْحِيحِ الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْمُصَنِّفُ يَرَى اعْتِبَارَ الْعِلْمِ فِي الْأَبِ فَاعْتِبَارُهُ فِي نَفْسِ الْمَرْأَةِ أَوْلَى. اهـ.
وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ ابْنُ الْمُقْرِي مَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ رَوْضِهِ. قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَلَيْسَ الْبُخْلُ وَالْكَرَمُ وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ مُعْتَبَرًا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِيمَا إذَا أَفْرَطَ الْقِصَرُ فِي الرَّجُلِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْأَبِ تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ بِمَنْ هُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ تُعَيَّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ. اهـ.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ: شَرَفُ النَّسَبِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ: إحْدَاهَا: الِانْتِهَاءُ إلَى شَجَرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يُعَادِلَهُ شَيْءٌ. الثَّانِيَةِ: الِانْتِمَاءُ إلَى الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ -، وَبِهِمْ رَبَطَ اللَّهُ تَعَالَى حِفْظَ الْمِلَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ. وَالثَّالِثَةُ: الِانْتِمَاءُ إلَى أَهْلِ الصَّلَاحِ الْمَشْهُورِ وَالتَّقْوَى. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82][الْكَهْفُ] قَالَا: وَلَا عِبْرَةَ بِالِانْتِسَابِ إلَى عُظَمَاءِ الدُّنْيَا وَالظَّلَمَةِ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى الرِّقَابِ، وَإِنْ تَفَاخَرَ النَّاسُ بِهِمْ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَلَامُ النَّقَلَةِ لَا يُسَاعِدُهُمَا عَلَيْهِ فِي عُظَمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَيْفُ لَا يُعْتَبَرُ الِانْتِسَابُ إلَيْهِمْ، وَأَقَلُّ مَرَاتِبِ الْإِمْرَةِ أَيْ وَنَحْوِهَا أَنْ تَكُونَ كَالْحِرْفَةِ، وَذُو الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لَا يُكَافِئُ النَّفِيسَةَ.