المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في تعليق الطلاق بالأوقات] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٤

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَأَصْحَابِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي توارث الْمُسْلِم وَالْكَافِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ إجْمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبَيَانَ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِع وِلَايَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُؤَنُ الزَّوْجَةِ إذَا أَسْلَمَتْ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِلَايَةُ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

الفصل: ‌[فصل في تعليق الطلاق بالأوقات]

وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَّا لِقَرِينَةٍ بِأَنْ خَاصَمَتْهُ وَقَالَتْ تَزَوَّجْت فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصَمَةِ.

فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ وَقَعَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ

ــ

[مغني المحتاج]

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ جُمْلَةً فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِالدُّخُولِ وَبِمَشِيئَةِ زَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ بَلْ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ فَأَثَّرَتْ فِيهِ النِّيَّةُ، وَشَبَّهُوهُ بِالْفَسْخِ لَمَّا كَانَ رَافِعًا لِلْحُكْمِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِاللَّفْظِ، وَالتَّخْصِيصُ بِالْقِيَاسِ كَمَا يَجُوزُ بِاللَّفْظِ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا يَنْفَعُهُ قَصْدُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ بَاطِنًا إذَا عَزَمَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ حَدَثَتْ لَهُ النِّيَّةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْكَلِمَةِ فَلَا حُكْمَ لَهَا، فَإِنْ أَحْدَثَهَا فِي أَثْنَاءِ الْكَلِمَةِ فَوَجْهَانِ كَمَا فِي نِيَّةِ الْكِتَابَةِ وَحْدَهَا نَقَلَاهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَمَرَّ فِي الْكِنَايَةِ أَنَّهُ يَكْفِي.

(وَلَوْ) أَتَى الزَّوْجُ بِلَفْظٍ عَامٍّ وَأَرَادَ بَعْضَ أَفْرَادِهِ كَأَنْ (قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ، أَوْ) قَالَ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ: أَرَدْت بَعْضَهُنَّ) بِالنِّيَّةِ كَفُلَانَةَ وَفُلَانَةُ دُونَ فُلَانَةَ (فَالصَّحِيحُ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ (أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ) مِنْهُ ذَلِكَ (ظَاهِرًا) لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ مُتَنَاوَلٌ لِجَمِيعِهِنَّ، فَلَا يُمْكِنُ مِنْ ظَرْفٍ مُقْتَضَاهُ بِالنِّيَّةِ (إلَّا لِقَرِينَةٍ) تُشْعِرُ بِإِرَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (خَاصَمَتْهُ) زَوْجَتُهُ (وَقَالَتْ) لَهُ (تَزَوَّجْت) عَلَيَّ (فَقَالَ) لَهَا مُنْكِرًا لِذَلِكَ (كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ) أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ (وَقَالَ: أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصَمَةِ) لِي فَيُقْبَلُ فِي ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ. وَالثَّانِي يُقْبَلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْعَامِّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ شَائِعٌ. وَالثَّالِثُ: لَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا، وَنَقَلَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَحِينَئِذٍ فَمَا رَجَّحَاهُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا الْتَزَمَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ تَصْحِيحِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَلَا يَحْسُنُ تَعْبِيرُهُ بِالصَّحِيحِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُلْنَا: إنَّهُ يُدَيَّنُ فِيهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا إذَا قَالَ: طَالِقًا مِنْ وِثَاقِي، إنْ كَانَ حَلَّهَا مِنْهُ قَبْلُ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا.

تَنْبِيهٌ: أَشْعَرَ قَوْلُهُ بَعْضَهُنَّ بِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ لَهُ غَيْرُ الْمُخَاصَمَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا طَلُقَتْ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ النِّسَاءُ طَوَالِقُ إلَّا عَمْرَةَ وَلَا امْرَأَةَ لَهُ غَيْرُهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يُضِفْ النِّسَاءَ لِنَفْسِهِ.

[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

(فَصْلٌ) فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ) أَوْ رَأْسِهِ (أَوْ أَوَّلِهِ) أَوْ دُخُولِهِ أَوْ مَجِيئِهِ أَوْ ابْتِدَائِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ أَوَّلِ آخِرِ أَوَّلِهِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِأَوَّلِ جُزْءٍ) مِنْ

ص: 504

مِنْهُ، أَوْ فِي نَهَارِهِ أَوْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ فَبِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ، أَوْ آخِرِهِ فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ، وَقِيلَ بِأَوَّلِ النِّصْفِ الْآخَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

اللَّيْلَةِ الْأُولَى (مِنْهُ) أَيْ مَعَهُ لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَوَجْهُهُ فِي شَهْرِ كَذَا أَنَّ الْمَعْنَى إذَا جَاءَ شَهْرُ كَذَا وَمَجِيئُهُ يَتَحَقَّقُ بِمَجِيءِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَالِاعْتِبَارُ فِي دُخُولِهِ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ، فَلَوْ عَلَّقَ بِبَلَدِهِ وَانْتَقَلَ إلَى أُخْرَى وَرَأَى فِيهَا الْهِلَالَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي تِلْكَ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَظَاهِرُهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَطَالِعُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ رَأَى الْهِلَالَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بَعْدَ غُرُوبِهَا لِأَنَّهُ لِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (فِي نَهَارِهِ) أَيْ شَهْرِ كَذَا (أَوْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ) أَيْ شَهْرِ كَذَا (فَبِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ) مِنْهُ تَطْلُقُ إذْ الْفَجْرُ أَوَّلُ النَّهَارِ وَأَوَّلُ الْيَوْمِ كَمَا حُكِيَ عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، فَإِنْ أَرَادَ وَسَطَ الشَّهْرِ أَوْ آخِرَهُ، وَقَدْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ أَرَادَ مِنْ الْأَيَّامِ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غُرَّتَهُ دِينَ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ فِيهِمَا. وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ غُرَرٌ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِغُرَّتِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ النِّصْفَ مَثَلًا لَمْ يُدَيَّنْ؛ لِأَنَّ غُرَّةَ الشَّهْرِ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَرَأْسَهُ لَا تُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ مَثَلًا وَهُوَ فِيهِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ وَهُوَ فِيهِ: إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَتَطْلُقُ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ الْقَابِلِ، إذْ التَّعْلِيقُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ فِي (آخِرِهِ) أَيْ شَهْرِ كَذَا أَوْ سَلَخَهُ (فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ) تَطْلُقُ فِي الْأَصَحِّ (وَقِيلَ) تَطْلُقُ (بِأَوَّلِ النِّصْفِ الْآخَرِ) مِنْهُ إذْ كُلُّهُ آخِرُ الشَّهْرِ فَيَقَعُ بِأَوَّلِهِ، وَرُدَّ بِسَبْقِ الْأَوَّلِ إلَى الْفَهْمِ.

فُرُوعٌ: لَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِ آخِرِهِ طَلُقَتْ أَيْضًا بِآخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ آخِرَهُ الْيَوْمُ الْأَخِيرُ وَأَوَّلَهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَآخِرُ أَوَّلِهِ الْغُرُوبُ وَهُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ هَذَا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ زَوَالِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ وَوَقْتُ الْغُرُوبِ إنَّمَا هُوَ آخِرُ الْيَوْمِ لَا آخِرُ أَوَّلِهِ، وَإِنْ عَلَّقَ بِأَوَّلِ آخِرِهِ طَلُقَتْ بِأَوَّلِ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِآخِرِ أَوَّلِهِ طَلُقَتْ بِآخِرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْهُ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوَّلِهِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ بِآخِرِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنْهُ لِأَنَّهَا أَوَّلُهُ بِالْحَقِيقَةِ. وَلَوْ عَلَّقَ بِانْتِصَافِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَإِنْ نَقَصَ الشَّهْرُ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ عَلَّقَ بِنِصْفِ نِصْفِهِ الْأَوَّلِ طَلُقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ الثَّامِنِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ نِصْفِهِ سَبْعُ لَيَالٍ وَنِصْفٌ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ وَنِصْفٌ وَاللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ فَيُقَابِلُ نِصْفَ لَيْلَةٍ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَتُجْعَلُ ثَمَانِ لَيَالٍ وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا وَسَبْعُ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ نِصْفًا، وَلَوْ عَلَّقَ بِنِصْفِ يَوْمٍ كَذَا طَلُقَتْ عِنْدَ زَوَالِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يُحْسَبُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ شَرْعًا وَنِصْفُهُ الْأَوَّلُ أَطْوَلُ، وَلَوْ عَلَّقَ بِمَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ طَلُقَتْ بِالْغُرُوبِ إنْ عَلَّقَ نَهَارًا وَإِلَّا فَبِالْفَجْرِ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ وَجُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ، إذْ لَا فَاصِلَ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ، وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَقْيَسُ أَنْ يَقَعَ

ص: 505

وَلَوْ قَالَ لَيْلًا إذَا مَضَى يَوْمٌ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ، أَوْ نَهَارًا فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ

أَوْ الْيَوْمُ، فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَإِلَّا لَغَا، وَبِهِ يُقَاسُ شَهْرٌ وَسَنَةٌ.

ــ

[مغني المحتاج]

الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا فِي زَمَنٍ

(وَلَوْ قَالَ لَيْلًا) أَيْ فِيهِ (إذَا مَضَى يَوْمٌ) بِالتَّنْكِيرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ) تَطْلُقُ إذْ يَتَحَقَّقُ بِهِ مُضِيُّ الْيَوْمِ (أَوْ) قَالَهُ (نَهَارًا) أَيْ فِيهِ (فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ) تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ حَقِيقَةٌ فِي جَمِيعِهِ مُتَوَاصِلًا كَانَ أَوْ مُتَفَرِّقًا، فَإِنْ فُرِضَ انْطِبَاقُ التَّعْلِيقِ عَلَى أَوَّلِ النَّهَارِ وَقَعَ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، إذَا تَمَّ التَّعْلِيقُ وَاسْتَعْقَبَهُ أَوَّلُ النَّهَارِ، أَمَّا لَوْ ابْتَدَأَهُ النَّهَارُ فَقَدْ مَضَى جُزْءٌ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا يَقَعُ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ.

(أَوْ) قَالَ إذَا مَضَى (الْيَوْمُ) بِالتَّعْرِيفِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ) تَطْلُقُ وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الْبَاقِي مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ فَاللَّامُ الْعَهْدِ فَانْصَرَفَ إلَى الْيَوْمِ الْحَاضِرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَالَهُ لَيْلًا (لَغَا) أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْجِنْسِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ بَقَاءُ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُ الدُّنْيَا فَكَانَتْ صِفَةً مُسْتَحِيلَةً.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ صُورَةَ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ: إذَا مَضَى الْيَوْمُ فَأَنْتِ طَالِقٌ بِرَفْعِ الْيَوْمِ، أَمَّا إذَا قَالَ: أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ بِالنَّصْبِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ النَّهَارَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ السَّنَةَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ، وَسَمَّى الزَّمَانَ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ (وَبِهِ) أَيْ الْيَوْمِ (يُقَاسُ شَهْرٌ وَسَنَةٌ) وَالشَّهْرُ وَالسَّنَةُ.

فَإِذَا قَالَ: لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَمِنْ لَيْلَةِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ أَوْ يَوْمِهِ بِقَدْرِ مَا سَبَقَ التَّعْلِيقُ مِنْ لَيْلَتِهِ أَوْ يَوْمِهِ؛ فَإِنْ عَلَّقَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ أَوْ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الشَّهْرِ كَفَى بَعْدَهُ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ، وَإِذَا قَالَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ مَعَ إكْمَالِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّالِثَ عَشَرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَإِذَا أَرَادَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ فَقَدْ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ؛ وَإِنْ قَالَ: إذَا مَضَى الشَّهْرُ أَوْ قَالَ: السَّنَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ تِلْكَ السَّنَةِ وَالْمُعْتَبَرُ السَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت غَيْرَهَا أَوْ أَرَدْت بِالسَّنَةِ مُعَرَّفَةً سَنَةً كَامِلَةً لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ظَاهِرًا لِتُهْمَةِ التَّأْخِيرِ، وَيُدَيَّنُ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، نَعَمْ لَوْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُ قَوْلِهِ. قَالَ: وَلَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ شُهُورٍ أَوْ الشُّهُورِ فَبِمُضِيِّ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْقَاضِي، وَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا عِنْدَ الْجِيلِيِّ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْجِيلِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمُضِيِّ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سَاعَاتٍ أَوْ السَّاعَاتِ فَبِمُضِيِّ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَاعَةً؛ لِأَنَّهَا جُمْلَةُ سَاعَاتِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ اهـ. وَكَلَامُ الْجِيلِيِّ أَوْجَهُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ شَكَّ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ التَّعْلِيقِ هَلْ تَمَّ الْعَدَدُ أَوْ لَا عَمِلَ بِالْيَقِينِ وَحَلَّ لَهُ الْوَطْءُ، حَالَ التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مُضِيِّ الْعَدَدِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَصُعُودِ السَّمَاءِ وَالطَّيَرَانِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى إذَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادَ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى عليه السلام:{وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49] أَوْ عَقْلًا كَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى عَلَى

ص: 506

أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ، وَقَصَدَ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ لَغْوٌ أَوْ قَصَدَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْسِ، وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ قَالَ طَلَّقْت فِي نِكَاحٍ آخَرَ، فَإِنْ عُرِفَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَلَا.

ــ

[مغني المحتاج]

غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ أَوْ شَرْعًا كَنَسْخِ رَمَضَانَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَجِّزْ الطَّلَاقَ، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى صِفَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ، وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلَّقُ عَلَى الْحَلِفِ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا قَالُوا فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِهَا ثَمَّ لَيْسَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ، بَلْ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِمُسْتَحِيلٍ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ يَهْتِكُ حُرْمَةَ الِاسْمِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ.

(أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ) أَوْ الشَّهْرَ الْمَاضِي أَوْ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ (وَقَصَدَ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ) عَلَى الصَّحِيحِ وَلَغَا قَصْدُ الِاسْتِنَادِ إلَى أَمْسِ لِاسْتِحَالَتِهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَصَدَ إيقَاعَهُ أَمْسِ، أَوْ قَالَ: لَمْ أُرِدْ شَيْئًا أَوْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ خَرَسٍ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ، لَكِنْ فِي صُورَةِ قَصْدِ إيقَاعِهِ أَمْسِ يَقَعُ فِي الْحَالِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ (وَقِيلَ: لَغْوٌ) لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ طَلَاقًا مُسْتَنِدًا، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ اسْتِنَادُهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَقَعَ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إنْشَاءَ طَلَاقٍ لَا حَالًّا وَلَا مَاضِيًا بَلْ (قَصَدَ) الْإِخْبَارَ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ (أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْسِ) فِي هَذَا النِّكَاحِ (وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ) مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي ذَلِكَ لِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ إلَى أَمْسِ وَتُحْسَبُ عِدَّتُهَا مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ إنْ صَدَّقَتْهُ وَإِلَّا بِأَنْ كَذَّبَتْهُ، أَوْ قَالَتْ: لَا عِلْمَ لِي كَمَا فِي الْكَافِي حِينَ الْإِقْرَارِ (أَوْ) قَصَدَ بِمَا (قَالَ: طَلَّقْت) هَذِهِ (فِي نِكَاحٍ آخَرَ) غَيْرِ نِكَاحِي هَذَا وَبَانَتْ مِنِّي ثُمَّ جَدَّدْت نِكَاحَهَا أَوْ طَلَّقَهَا زَوْجٌ آخَرُ فِي نِكَاحٍ سَابِقٍ (فَإِنْ عُرِفَ) نِكَاحٌ سَابِقٌ وَطَلَاقٌ فِيهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فِي إرَادَةِ ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ، نَعَمْ إنْ صَدَّقَتْهُ فِيهَا فَلَا يَمِينَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا ذِكْرٌ (فَلَا) يُصَدَّقُ وَيَقَعُ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ لِبُعْدِ دَعْوَاهُ.

تَنْبِيهٌ: نُقِلَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْإِمَامِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ فِيمَا قَالَهُ بِاحْتِمَالِهِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْكَبِيرِ عَلَى بَحْثِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ إلَيْهِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالصَّوَابُ مَا فِي الْكِتَابِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ فَذَكَرَ هَذَا الْبَحْثَ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِمَا فِي الْكِتَابِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي. قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: طَلُقَتْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ، وَلَوْ قَالَ نَهَارًا: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَمْسِ، أَوْ أَمْسِ غَدٍ بِالْإِضَافَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ غَدَ

ص: 507

وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ: مَنْ

ــ

[مغني المحتاج]

أَمْسِ، وَأَمْسِ غَدٍ هُوَ الْيَوْمُ، فَإِنْ قَالَهُ لَيْلًا وَقَعَ غَدًا فِي الْأُولَى وَحَالًا فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ غَدًا أَوْ غَدًا أَمْسِ بِغَيْرِ إضَافَةٍ لَغَا ذِكْرُ أَمْسِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْغَدِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْغَدِ وَبِأَمْسِ، وَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِمَا وَلَا الْوُقُوعُ فِي أَمْسِ فَيَتَعَيَّنُ الْوُقُوعُ فِي الْغَدِ لِإِمْكَانِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا وَقَعَ طَلْقَةً فَقَطْ فِي الْحَالِ وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْغَدِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْيَوْمَ طَالِقٌ غَدًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ نِصْفَهَا الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ غَدًا وَقَعَ أَيْضًا طَلْقَةً فَقَطْ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَا أَخَّرَهُ تَعَجَّلَ، فَإِنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ غَدًا وَقَعَ طَلْقَتَانِ إلَّا أَنْ تَبِينَ بِالْأُولَى، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا الْيَوْمَ طَلُقَتْ طَلْقَةً غَدًا فَقَطْ، وَلَا تَطْلُقُ فِي الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ بِالْغَدِ، وَذِكْرُهُ الْيَوْمَ بَعْدَهُ لِتَعْجِيلِ الطَّلَاقِ بِالْمُعَلَّقِ وَهُوَ لَا يَتَعَجَّلُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ أَوْ فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ وَقَعَ فِي كُلٍّ طَلْقَتَانِ فِي الْأُولَى فِي الْيَوْمَيْنِ وَطَلْقَتَانِ فِي الثَّانِيَةِ وَاحِدَةً بِاللَّيْلِ وَأُخْرَى بِالنَّهَارِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الظَّرْفِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَيْسَ الدَّلِيلُ بِوَاضِحٍ فَقَدْ يَتَّحِدُ الْمَظْرُوفُ وَيَخْتَلِفُ الظَّرْفُ اهـ.

وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَ شَيْخُنَا تَعْلِيلُ ذَلِكَ بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا أَوْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي كُلٍّ طَلْقَةٌ فَقَطْ لِعَدَمِ إعَادَةِ الْعَامِلِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا طَلُقَتْ فِي الْغَدِ فَقَطْ لِمَا ذُكِرَ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ، فَإِنْ نَوَى طَلْقَةً تَقَعُ فِي يَوْمٍ لَا فِي تَالِيهِ وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَفَاضِلَةٍ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِوُجُودِهَا فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ، وَإِذَا وُجِدَتْ فَقَدْ مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي جَعَلَهُ مَحَلًّا لِلْإِيقَاعِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي أَوْ فِي حَيَاتِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فَإِنْ ضَمَّ الْقَافَ وَفَتَحَ الْبَاءَ مِنْ قُبَلَ، أَوْ قَالَ قُبَيْلَ بِالتَّصْغِيرِ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا ذُكِرَ مِنْ فَتْحِ بَاءِ قُبَلَ غَلَطٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا فِيهِ ضَمُّ الْبَاءِ وَإِسْكَانُهَا وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ قَبْلِ مَوْتِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَبْلِ مَوْتِهِ، وَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَا بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَأَرَادَ بِمَا بَعْدَهُ الشَّهْرُ طَلُقَتْ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ رَجَبٍ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ فَقُبَيْلَ فَجْرِ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إنْ كَانَ تَامًّا، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ فَقُبَيْلَ الْغُرُوبِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ إنْ كَانَ تَامًّا، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَمَا قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَأَرَادَ بِمَا قَبْلَهُ الشَّهْرَ طَلُقَتْ بِمُسْتَهَلِّ ذِي الْقَعْدَةِ، وَإِنْ أَرَادَ الْيَوْمَ بِاللَّيْلَةِ بَعْدَهُ فَفِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ شَوَّالٍ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ اللَّيْلَةَ فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِغُرُوبِ شَمْسِ أَوَّلِ شَوَّالٍ، وَلَوْ عَلَّقَ بِالطَّلَاقِ أَفْضَلَ الْأَوْقَاتِ طَلُقَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي الصَّوْمِ أَنَّهَا تَطْلُقُ أَوَّلَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ أَوْ بِأَفْضَلَ الْأَيَّامِ طَلُقَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ بِأَفْضَلِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ طَلُقَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ بِأَفْضَلِ الشُّهُورِ طَلُقَتْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ» .

ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ وَبَيَانِ حُكْمِهَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا. فَقَالَ (وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ) وَذَكَرَ مِنْهَا سَبْعَةً وَهِيَ (مَنْ)

ص: 508

كَمَنْ دَخَلَتْ، وَإِنْ وَإِذَا، وَمَتَى، وَمَتَى مَا وَكُلَّمَا وَأَيُّ كَأَيِّ وَقْتٍ دَخَلْت، وَلَا يَقْتَضِينَ فَوْرًا إنْ عُلِّقَ بِإِثْبَاتٍ فِي غَيْرِ خُلْعٍ إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت، وَلَا تَكْرَارًا إلَّا كُلَّمَا، وَلَوْ قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَ

أَوْ عَلَّقَ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فَطَلْقَتَانِ،

ــ

[مغني المحتاج]

بِفَتْحِ الْمِيمِ (كَمَنْ دَخَلَتْ) مِنْ نِسَائِي الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ (وَإِنْ) وَهِيَ أُمُّ الْبَابِ وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَإِذَا وَمَتَى وَمَتَى مَا) بِزِيَادَةِ مَا (وَكُلَّمَا) دَخَلَتْ الدَّارَ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِي فَهِيَ طَالِقٌ (وَأَيُّ كَأَيِّ وَقْتٍ دَخَلْت) الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَيُضَافُ لِهَذِهِ السَّبْعَةَ عَشَرَ أَدَوَاتٌ أُخْرَى، وَهِيَ إذْمَا عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ وَمَهْمَا وَهِيَ بِمَعْنَى مَا وَمَا الشَّرْطِيَّةُ وَإِذْمَا وَأَيَّامَا كَلِمَةً وَأَيَّانَ وَهِيَ كَمَتَى فِي تَعْمِيمِ الْأَزْمَانِ، وَأَيْنَ وَحَيْثُمَا لِتَعْمِيمِ الْأَمْكِنَةِ، وَكَيْفَمَا لِلتَّعْلِيقِ عَلَى الْأَحْوَالِ.

تَنْبِيهٌ: فِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَكُونُ بِلَا فِي بَلَدٍ عَمَّ الْعُرْفُ فِيهَا كَقَوْلِ أَهْلِ بَغْدَاد: أَنْتِ طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ، وَيَكُونُ التَّعْلِيقُ أَيْضًا بَلْو كَأَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَ) هَذِهِ الْأَدَوَاتُ (لَا يَقْتَضِينَ) بِالْوَضْعِ (فَوْرًا) فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَلَا تَرَاخِيًا (إنْ عُلِّقَ بِإِثْبَاتٍ) أَيْ بِمُثْبَتٍ كَالدُّخُولِ فِيمَا ذُكِرَ (فِي غَيْرِ خُلْعٍ) أَمَّا فِيهِ فَإِنَّهَا تُفِيدُ الْفَوْرِيَّةَ فِي بَعْضِ صِيَغِهِ كَإِنْ وَإِذَا: كَإِنْ ضَمِنْت، أَوْ إذَا ضَمِنْت لِي مَالًا فَأَنْتِ طَالِقٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ، بِخِلَافِ مَتَى وَمَتَى مَا وَأَيْ فَلَا يَقْتَضِينَ فَوْرًا، وَلَيْسَ اقْتِضَاءُ الْفَوْرِيَّةِ فِيهِ مِنْ وَضْعِ الصِّيغَةِ بَلْ إنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَرَاخٍ عَنْ الْإِيجَابِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ اقْتِضَاءِ الْأَدَوَاتِ الْفَوْرِيَّةِ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (إلَّا) فِي التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ نَحْوُ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ) أَوْ إذَا (شِئْت) فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِي الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ عَلَى الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ مَتَى شِئْت، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَلَّقَ بِإِثْبَاتٍ عَمَّا إذَا عَلَّقَ بِنَفْيٍ وَسَيَذْكُرُهُ (وَ) الْأَدَوَاتُ الْمَذْكُورَةُ (لَا) تَقْتَضِي أَيْضًا بِالْوَضْعِ (تَكْرَارًا) فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، بَلْ إذَا وُجِدَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي غَيْرِ نِسْيَانٍ وَلَا إكْرَاهٍ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَلَمْ يُؤَثِّرْ وُجُودُهَا ثَانِيًا؛ لِأَنَّ إنْ تَدُلُّ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَهَا وَكَذَا أَسْمَاءُ الشُّرُوطِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ قَيَّدَ بِالْأَبَدِ كَقَوْلِهِ: خَرَجْت أَبَدَ الْآبِدِينَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَقَالَ: لَمْ يَلْزَمْهُ التَّكْرَارُ أَيْضًا، بَلْ مَعْنَاهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ (إلَّا) فِي (كُلَّمَا) فَإِنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَالِاسْتِعْمَالِ، وَسَيَأْتِي التَّعْلِيقُ بِالنَّفْيِ. ثُمَّ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى قَاعِدَةِ أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ جَزْمًا كَالتَّنْجِيزِ وَإِيقَاعٌ فِي الْأَصَحِّ (وَ) ذَلِكَ كَمَا (لَوْ قَالَ) . لِمَدْخُولٍ بِهَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَثَلَاثٌ فِي مَمْسُوسَةٍ، وَلَوْ ذُكِرَ التَّقْيِيدُ هُنَا لِيُفْهَمَ مِنْهُ التَّقْيِيدُ فِي الْآتِي لَكَانَ أَوْلَى (إذَا طَلَّقْتُك) أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي، أَوْ وَقَعَ مِنْ بَابِ أَوْلَى (فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ) بَعْدَ هَذَا التَّعْلِيقِ (طَلَّقَ) أَيْ نَجَّزَ طَلَاقَهَا بِنَفْسِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ مَجَّانًا بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ مَعَ نِيَّةٍ.

(أَوْ عَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِصِفَةٍ) كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَوُجِدَتْ فَطَلْقَتَانِ) وَاحِدَةٌ بِتَطْلِيقِهَا مُنَجِّزًا أَوْ

ص: 509

أَوْ كُلَّمَا وَقَعَ طَلَاقِي فَطَلَّقَ فَثَلَاثٌ فِي مَمْسُوسَةٍ وَفِي غَيْرِهَا، طَلْقَةٌ.

وَلَوْ قَالَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً فَعَبْدٌ حُرٌّ، وَإِنْ ثِنْتَيْنِ فَعَبْدَانِ، وَإِنْ ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ، وَإِنْ أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ فَطَلَّقَ أَرْبَعًا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا عَتَقَ عَشَرَةً،

ــ

[مغني المحتاج]

التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ وُجِدَتْ وَأُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ بِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّهَا تَصِيرُ مُطَلَّقَةً بِتِلْكَ الطَّلْقَةِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ، فَإِنْ وَكَّلَ فِي طَلَاقِهَا فَطَلَّقَ وَكِيلُهُ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِطَلْقَةِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا هُوَ، وَإِنْ خَالَعَهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِالْأُولَى وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: مَلَّكْتُك طَلَاقَك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَهَلْ هُوَ كَطَلَاقِ الْوَكِيلِ فَلَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا بِنَفْسِهِ، أَوْ كَطَلَاقِ نَفْسِهِ فَيَقَعُ الطَّلْقَةُ الْمُعَلَّقَةُ أَيْضًا، رَجَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ الثَّانِي. وَاسْتُشْكِلَ بِالتَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّتُهُ لِمَا وُكِّلَ فِيهِ فَكَانَ مُسْتَقِلًّا، وَالْمَرْأَةُ لَا أَهْلِيَّةَ فِيهَا فَكَانَ الْمُفَوِّضُ هُوَ الْمُطَلِّقَ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ عَلَّقَ اشْتِرَاطَ تَأْخِيرِ التَّعْلِيقِ، فَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا أَوَّلًا بِصِفَةٍ ثُمَّ قَالَ: إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ وُقُوعٌ لَا تَطْلِيقٌ وَلَا إيقَاعٌ، وَالتَّعْلِيقُ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ. أَمَّا مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ فَلَيْسَ بِتَطْلِيقٍ وَلَا إيقَاعٍ وَلَا وُقُوعٍ. ثُمَّ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوعِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ وُقُوعٌ لَا إيقَاعٌ كَمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ (أَوْ كُلَّمَا وَقَعَ) عَلَيْك (طَلَاقِي) فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَطَلَّقَ) بَعْدَ هَذَا التَّعْلِيقِ طَلْقَةً (فَثَلَاثٌ) تَقَعُ (فِي مَمْسُوسَةٍ) وَمُسْتَدْخِلَةٍ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ حِينَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ وَثِنْتَانِ بِالتَّعْلِيقِ بِكُلَّمَا وَاحِدَةٌ بِوُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وَأُخْرَى بِوُقُوعِ هَذِهِ الْوَاحِدَةِ (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ (طَلْقَةٌ) لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْمُنَجَّزَةِ فَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ بَعْدَهَا.

تَنْبِيهٌ: خَرَجَ بِقَوْلِهِ كُلَّمَا وَقَعَ مَا لَوْ قَالَ: كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَلَّقَ فَثِنْتَانِ فَقَطْ، الْمُنَجَّزَةُ، وَأُخْرَى بِحُصُولِ التَّعْلِيقِ الْمُعَلَّقِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِيقَاعِ وَالْوُقُوعِ أَنَّ الْأَوَّلَ يَرْجِعُ لِلزَّوْجِ وَالثَّانِيَ لِلشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَوْ أَرَادَ تَعْجِيلَ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ حُكْمًا ثَابِتًا بِالشَّرْعِ.

(وَلَوْ) عَلَّقَ بِإِنْ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَأَنْ (قَالَ) مَنْ لَهُ عَبِيدٌ (وَتَحْتَهُ) نِسْوَةٌ (أَرْبَعٌ: إنْ) أَوْ مَتَى أَوْ مَهْمَا أَوْ إذَا (طَلَّقْت وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (فَعَبْدٌ) مِنْهُمْ (حُرٌّ، وَإِنْ) طَلَّقْت (ثِنْتَيْنِ) مِنْهُنَّ (فَعَبْدَانِ) مِنْهُمْ حُرَّانِ (وَإِنْ) طَلَّقْت (ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ (فَثَلَاثَةٌ) مِنْهُمْ أَحْرَارٌ (وَإِنْ) طَلَّقْت (أَرْبَعًا) مِنْهُنَّ (فَأَرْبَعَةٌ) مِنْهُمْ أَحْرَارٌ (فَطَلَّقَ أَرْبَعًا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا عَتَقَ عَشَرَةٌ) مِنْهُمْ مُبْهَمَةٌ وَعَلَيْهِ تَعْيِينُهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِطَلَاقِ الْأُولَى يَعْتِقُ وَاحِدٌ وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ، وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ، وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ، وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ عَشَرَةٌ.

تَنْبِيهٌ: أَشْعَرَ تَقْرِيرُهُ الْمَسْأَلَةَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ أَنَّهُ قَيْدٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ عَطَفَ الزَّوْجُ بِثُمَّ لَمْ يَضُمَّ

ص: 510

وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فَخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَلَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَ بِإِنْ كَإِنْ لَمْ تَدْخُلِي وَقَعَ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الدُّخُولِ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَوَّلَ لِلثَّانِي لِلْفَصْلِ بِثُمَّ فَلَا يَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْدَ الْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَلَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَرْبَعًا، وَيَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ اثْنَانِ، فَمَجْمُوعِ الْعُتَقَاءِ ثَلَاثَةٌ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَيُتَّجَهُ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ كَثُمَّ، وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِمَا يَأْتِي فِي طَلَاقِهِنَّ مُرَتَّبًا، فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا) كَقَوْلِ مَنْ لَهُ عَبِيدٌ وَتَحْتَهُ نِسْوَةٌ: كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِي الْأَرْبَعِ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِ التَّعْلِيقَاتِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ طَلَّقَ النِّسْوَةَ الْأَرْبَعَ مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا (فَخَمْسَةَ عَشَرَ) عَبْدًا يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا مَرَّ، وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا عُدَّ مَرَّةً بِاعْتِبَارٍ لَا يُعَدُّ أُخْرَى بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ، فَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّانِيَةِ ثَانِيَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا أُخْرَى ثَانِيَةً، وَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّالِثَةِ ثَالِثَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا ثَالِثَةً فَيَعْتِقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ، وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ، وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ وَسَبْعَةٍ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ، وَطَلَاقُ اثْنَتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ، وَطَلَاقُ أَرْبَعَةٍ فَالْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ شِئْت قُلْت: إنَّمَا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ فِيهَا أَرْبَعَةَ آحَادٍ وَاثْنَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأَرْبَعَةً. وَالثَّانِي يُعْتِقُ سَبْعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ فِي طَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَرَاءَ الصِّفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ صِفَةٌ أُخْرَى وَهِيَ طَلَاقُ اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْأُولَى فَيَعْتِقُ عَبْدَانِ آخَرَانِ. وَالثَّالِثُ: يَعْتِقُ عِشْرُونَ؛ سَبْعَةَ عَشَرَ لِمَا ذُكِرَ وَثَلَاثَةٌ لِأَنَّ فِي طَلَاقِ الرَّابِعَةِ صِفَةٌ أُخْرَى وَرَاءَ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ، وَهِيَ طَلَاقُ ثَلَاثٍ بَعْدَ الْأُولَى. وَالرَّابِعُ يَعْتِقُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَسَوَاءٌ أَتَى بِكُلَّمَا فِي التَّعْلِيقَاتِ كُلِّهَا أَمْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، أَمْ فِي الْأُولَيَيْنِ، إذْ لَا تَكْرَارَ فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَإِنَّمَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا فِي الْكُلِّ لِيَتَأَتَّى مَجِيءُ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا الَّتِي مِنْهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ عِشْرُونَ. لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، لَوْ أَتَى بِهَا فِي الْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ عَتَقَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، أَوْ فِي الثَّانِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ فَاثْنَا عَشَرَ.

تَنْبِيهٌ: تَعْيِينُ الْعَبِيدِ الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِمْ إلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَطْلَقُوا ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا يُعْتِقُ بِالْوَاحِدَةِ وَبِالثِّنْتَيْنِ وَبِالثَّلَاثِ وَبِالْأَرْبَعِ فَإِنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي الْأَكْسَابِ إذَا طَلَّقَ مُرَتِّبًا لَا سِيَّمَا مَعَ التَّبَاعُدِ وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْ ذَلِكَ لِوُضُوحِهِ.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: كُلَّمَا صَلَّيْت رَكْعَةً فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، وَهَكَذَا إلَى الْعَشَرَةِ فَصَلَّى عَشْرًا عَتَقَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ عَبْدًا، وَإِنْ عَلَّقَ بِإِنْ وَنَحْوِهَا فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ، وَجَمِيعُ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ بِالنَّفْيِ مُقْتَضِيَةٌ لِلْفَوْرِ إلَّا فِي كَلِمَةِ إنْ فَلِلتَّرَاخِي كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ.

(وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِنَفْيِ فِعْلٍ) كَدُخُولٍ، أَوْ نَفْيِ تَطْلِيقٍ، أَوْ ضَرْبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَ بِإِنْ كَإِنْ لَمْ تَدْخُلِي) الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الدُّخُولِ) لِلدَّارِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَمُوتَ

ص: 511

أَوْ بِغَيْرِهَا فَعِنْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ

ــ

[مغني المحتاج]

أَحَدُهُمَا، أَوْ يُجَنَّ الزَّوْجُ جُنُونًا مُتَّصِلَا بِمَوْتِهِ فَيَقَعَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْجُنُونِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ بِمُجَرَّدِ جُنُونِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّطْلِيقِ بَعْدَهَا، وَكَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْخَرَسِ الَّذِي لَا كِنَايَةَ لِصَاحِبِهِ وَلَا إشَارَةَ مُفْهِمَةٌ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالتَّعْبِيرُ بِقُبَيْلَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ، وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، فَإِنْ فَسَخَ النِّكَاحَ أَوْ انْفَسَخَ أَوْ طَلَّقَهَا وَكِيلُهُ وَمَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ أَوْ الرَّجْعَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يُطَلِّقْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ رَجْعِيًّا، إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ بِالِانْفِسَاخِ إنْ لَمْ يُجَدَّدْ وَعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ إنْ جُدِّدَ وَلَمْ يُطَلِّقْ فَتَعَيَّنَ وُقُوعُهُ قَبْلَ الِانْفِسَاخِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَمْ يَقَعْ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ الِانْفِسَاخَ فَيَقَعُ الدَّوْرُ، إذْ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَقَعْ الِانْفِسَاخُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ، أَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ غَيْرِ التَّطْلِيقِ كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ، وَلِهَذَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ فِي تَحَقُّقِ الصِّفَةِ وَنَحْوِهَا كَضَرْبِ الْعَاقِلِ، وَالضَّرْبُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ حِينَئِذٍ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَإِنْ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ بِأَنَّهُ يَقَعُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ (أَوْ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ (بِغَيْرِهَا) أَيْ إنْ كَإِذَا (فَعِنْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَقَعَ الطَّلَاقُ، هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي صُورَتَيْ إنْ وَإِذَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهَا بِالزَّمَانِ، وَإِذَا ظَرْفُ زَمَانٍ كَمَتَى فِي التَّنَاوُلِ لِلْأَوْقَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ: مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ يَقُولَ إذَا أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ نَحْوَهُمَا، وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت، فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ إنْ فَاتَنِي تَطْلِيقُك وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ، وَقَوْلُهُ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ أَيْ وَقْتٌ فَاتَنِي فِيهِ التَّطْلِيقُ وَفَوَاتُهُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ قَوْلَانِ بِتَخْرِيجِ قَوْلٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْأُخْرَى.

أَمَّا غَيْرُ إنْ وَإِذَا مِنْ الْأَدَوَاتِ كَمَتَى وَمَتَى مَا فَلِلْفَوْرِ قَطْعًا كَمَا يُفْهِمُهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى إنْ قُبِلَ بَاطِنًا وَكَذَا ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يَقُومُ مَقَامَ الْآخَرِ، وَإِنْ أَرَادَ بِإِنْ مَعْنَى إذَا قُبِلَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِغَيْرِ إنْ وَقْتًا مُعَيَّنًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا دِينَ لِاحْتِمَالِ مَا أَرَادَ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا أَرَادَ بِإِذَا مَعْنَى إنْ أَنَّهُ يُقْبَلُ ظَاهِرًا، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ ثُمَّ أَرَادَ بِلَفْظِ مَعْنَى لَفْظَ آخَرَ بَيْنَهُمَا اجْتِمَاعٌ فِي الشَّرْطِيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ قَالَ: إنْ تَرَكْت طَلَاقَك أَوْ إنْ سَكَتُّ عَنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ اُشْتُرِطَ الْفَوْرُ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ طَلُقَتْ لِوُجُودِ، الصِّفَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَفَاهُمَا، فَقَالَ: إنْ لَمْ

ص: 512

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ أَوْ أَنْ لَمْ تَدْخُلِي بِفَتْحِ أَنْ وَقَعَ فِي الْحَالِ. قُلْت: إلَّا فِي غَيْرِ نَحْوِيٍّ فَتَعْلِيقٌ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[مغني المحتاج]

أَتْرُكْ طَلَاقَك أَوْ إنْ لَمْ أَسْكُتْ عَنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ طَلَّقَ فَوْرًا وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَ انْحَلَّتْ يَمِينُ التَّرْكِ فَلَا يَقَعُ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا، وَلَا تَنْحَلُّ يَمِينُ السُّكُوتِ فَتَقَعُ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عَلَّقَ فِي الْأُولَى عَلَى التَّرْكِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى السُّكُوتِ وَقَدْ وُجِدَ، إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ سَكَتَ عَنْ طَلَاقِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ أَوَّلًا، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: تَرَكَ طَلَاقَهَا إذَا لَمْ يَتْرُكْهُ أَوَّلًا، وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ بِصِيغَةِ كُلَّمَا فَمَضَى قَدْرُ مَا يَسَعُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ بِلَا تَطْلِيقٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَبِنْ بِالْأُولَى، وَإِلَّا فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَحِينَ أَوْ حَيْثُ أَوْ مَهْمَا أَوْ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك كَقَوْلِهِ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فِيمَا مَرَّ.

(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (أَوْ أَنْ لَمْ تَدْخُلِي) بِفَتْحِ هَمْزَةِ (أَنْ وَقَعَ فِي الْحَالِ) دَخَلَتْ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ أَنْ الْمَفْتُوحَةَ لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَأَنْ دَخَلْت، وَحَذْفُ اللَّامِ مَعَ أَنْ كَثِيرٌ، قَالَ تَعَالَى:{أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: 14] قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلتَّعْلِيلِ فِي غَيْرِ التَّوْقِيتِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَلَا كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ 78 دَخَلَتْ السُّنَّةُ أَوْ الْبِدْعَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ لَأَنْ جَاءَتْ، وَاللَّامُ فِي مِثْلِهِ لِلتَّوْقِيتِ: كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ اهـ. .

وَمَا قَالَهُ فِي لَأَنْ جَاءَتْ مَمْنُوعٌ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَئِنْ سَلِمَ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي إنْ جَاءَتْ. فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ فِي قُوَّةِ الْمَلْفُوظِ مُطْلَقًا (قُلْت: إلَّا فِي غَيْرِ نَحْوِيٍّ فَتَعْلِيقٌ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُوجَدَ الصِّفَةُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ، وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَدَوَاتِ، وَالثَّانِي يَقَعُ حَالًا؛ لِأَنَّ هَذَا مُقْتَضَى اللَّفْظِ فَلَا يُغَيَّرُ بِلَا قَصْدٍ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذْ دَخَلْت الدَّارَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إذْ وَإِذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ إنْ وَأَنْ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الشِّيرَازِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْفَتْحِ، أَوْ إذْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ فِي الْحَالِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لِلتَّعْلِيلِ، وَالْوَاحِدَةُ هِيَ الْيَقِينُ فِي الثَّالِثِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ بِتَصْحِيحِهِ هُنَا، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُقْرِي. فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ وَبَيْنَ أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنْ فِيهِمَا كَمَا قِيلَ بِهِ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ حَمْلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى التَّعْلِيقِ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ أَصْلًا، بِخِلَافِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَأَيْضًا الْمَشِيئَةُ لَا يُغَلَّبُ فِيهَا التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ تَنْصَرِفُ لِلتَّعْلِيلِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُغَلَّبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَالِمِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ نَحْوِيٌّ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ طَلَّقْتُك بِالْفَتْحِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَتَيْنِ: إحْدَاهَا بِإِقْرَارِهِ وَالْأُخْرَى بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنِّي طَلَّقْتُك، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يُطَلِّقَهَا فَتَطْلُقُ حِينَئِذٍ طَلْقَتَيْنِ، وَالتَّقْدِيرُ: إذَا صِرْت مُطَلَّقَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، هَذَا إنْ لَمْ تَبِنْ بِالطَّلْقَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ غَيْرُهَا، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ

ص: 513