المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الصداق الفاسد] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٤

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَأَصْحَابِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي توارث الْمُسْلِم وَالْكَافِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ إجْمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبَيَانَ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِع وِلَايَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُؤَنُ الزَّوْجَةِ إذَا أَسْلَمَتْ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِلَايَةُ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

الفصل: ‌[فصل الصداق الفاسد]

وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ.

فَصْلٌ نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْعَيْنِ عَلَى ضَمَانِ الْيَدِ فَافْتَرَقَ الْبَابَانِ وَشَمِلَ الْمَهْرَ الْمُسَمَّى وَمَهْرَ الْمِثْلِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِتَقْرِيرِ الْمُسَمَّى بِالْوَطْءِ أَنْ لَا يَحْصُلَ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الْوَطْءِ، فَلَوْ فُسِخَ بِعَيْبٍ سَابِقٍ عَلَى الْوَطْءِ سَقَطَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ.

فَرْعٌ: قَدْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ: كَمَا لَوْ اشْتَرَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَالصَّدَاقُ بَاقٍ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ابْتِدَاءً، لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْهُ.

(وَ) يَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ أَيْضًا (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) قَبْلَ الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَلِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ وَإِنَّمَا هُوَ نِهَايَةٌ لَهُ، وَنِهَايَةُ الْعَقْدِ كَاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ الْإِجَارَةِ.

تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا، أَوْ قَتَلَهَا سَيِّدُهَا، أَوْ قَتَلَتْ الْأَمَةُ أَوْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْتَقِرَّ الْمَهْرُ، فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ، وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ وَالْمَوْتِ غَيْرُهُمَا فَلَا يَسْتَقِرُّ بِمُبَاشَرَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلَا بِاسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ، وَلَا بِإِزَالَةِ بَكَارَةٍ بِغَيْرِ آلَةِ الْجِمَاعِ، وَ (لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237][الْبَقَرَةُ] الْآيَةَ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ الْجِمَاعُ، وَكَمَا لَا يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِالْوَطْءِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ مِنْ حَدٍّ وَغُسْلٍ وَنَحْوِهِمَا، وَالْقَدِيمُ يَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَرَتَقٍ، وَلَا شَرْعِيٍّ كَحَيْضٍ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَظِنَّةُ الْوَطْءِ. فَإِنْ قِيلَ: يَدُلُّ لِهَذَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ قَالَ: قَضَى الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَنَّ مَنْ أَغْلَقَ بَابًا وَأَرْخَى سِتْرًا فَقَدْ وَجَبَ الْمَهْرُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ. .

أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ زُرَارَةَ لَمْ يُدْرِكْ الْخُلَفَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. أَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ فَلَا يَسْتَقِرُّ بِهَا قَطْعًا.

فَرْعٌ: لَوْ أَعْتَقَ مَرِيضٌ أَمَتَهُ الَّتِي لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْعِتْقَ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ وَلَا مَهْرَ، قَالَهُ فِي الْبَيَانِ، وَبَيَّنْت وَجْهَهُ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ.

[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

فَصْلٌ فِي الصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ، لَوْ (نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ) سَوَاءٌ أَشَارَ إلَيْهِ وَلَمْ يَصِفْهُ كَأَصْدَقْتُك هَذَا أَوْ لَمْ يُشِرْ وَوَصَفَهُ بِمَا ذُكِرَ أَوْ بِغَيْرِهِ كَعَصِيرٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُ (وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) فِي الْأَظْهَرِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَفَسَادِ التَّسْمِيَةِ بِانْتِفَاءِ كَوْنِهِ مَالًا فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي،

ص: 374

وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ أَوْ بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ بَطَلَ فِيهِ، وَصَحَّ فِي الْمَمْلُوكِ فِي الْأَظْهَرِ وَتَتَخَيَّرُ، فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُمَا، وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْمَمْلُوكِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا، وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ.

وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك ثَوْبَهَا بِهَذَا الْعَبْدِ صَحَّ النِّكَاحُ وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى الثَّوْبِ وَمَهْرِ مِثْلٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَمِلْكًا لِلزَّوْجِ فِي الثَّالِثِ (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ مَا ذُكِرَ بِأَنْ يُقَدَّرَ الْخَمْرُ عَصِيرًا، لَكِنْ يَجِبُ مِثْلُهُ، وَالْحُرُّ رَقِيقًا، وَالْمَغْصُوبُ مَمْلُوكًا، لَكِنَّ الْمَغْصُوبَ الْمِثْلِيَّ يَجِبُ مِثْلُهُ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ كَانَ أَوْلَى، لَكِنَّهُ تَبِعَ الْمُحَرَّرَ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَنْكَرَ عَلَى الْغَزَالِيِّ التَّعْبِيرَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ فِي الْمُحَرَّرِ. أَمَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهِ مَعَ الْوَصْفِ كَأَصْدَقْتُك هَذَا الْحُرَّ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا فِي أَنْكِحَتِنَا. أَمَّا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَكُلُّ مَا اعْتَقَدُوا صِحَّةَ إصْدَاقِهِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ وَتَصْوِيرُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِالْخَمْرِ وَالْحُرِّ يَقْتَضِي أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُقْصَدُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُقْصَدْ كَالدَّمِ وَالْحَشَرَاتِ لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ فِيهِ، بَلْ تَكُونُ كَالْمُفَوَّضَةِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْخُلْعِ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا عَلَى ذَلِكَ يَقَعُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِحَالٍ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ، لَكِنْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الْفُرْقَةُ، وَهِيَ تَحْصُلُ غَالِبًا بِدُونِ عِوَضٍ (أَوْ) نَكَحَهَا (بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ) مَثَلًا (بَطَلَ فِيهِ، وَصَحَّ فِي الْمَمْلُوكِ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَسَبَقَ فِي الْبَيْعِ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا (وَتَتَخَيَّرُ) الزَّوْجَةُ إذَا كَانَتْ جَاهِلَةً بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِجَازَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى بِتَمَامِهِ لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا (فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ) يَجِبُ لَهَا (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُمَا) هُمَا الْقَوْلَانِ الْمَارَّانِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ " بَدَلُهُمَا " لِمَا مَرَّ (وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْمَمْلُوكِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لَهَا (بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا) عَمَلًا بِالتَّوْزِيعِ، فَلَوْ كَانَتْ مَثَلًا مِائَةً بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا أَخَذَتْ نِصْفَ مَهْرِ مِثْلٍ عَنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ (وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ وَلَا شَيْءَ لَهَا مَعَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُجِيزُ بِكُلِّ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا.

(وَلَوْ قَالَ) شَخْصٌ (زَوَّجْتُك بِنْتِي) فُلَانَةَ (وَبِعْتُك ثَوْبَهَا) هَذَا مَثَلًا وَهُوَ وَلِيُّ مَالِهَا، أَوْ أَذِنْت لَهُ (بِهَذَا الْعَبْدِ صَحَّ النِّكَاحُ) جَزْمًا، وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ (وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا الْقَوْلَانِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْعَبْدِ ثَمَنٌ وَبَعْضَهُ صَدَاقٌ. فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَرَّتْ فِي آخِرِ بَابِ الْمَنَاهِي فَهِيَ مُكَرَّرَةٌ. .

أُجِيبَ بِأَنَّهَا ذُكِرَتْ هُنَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ إفَادَةُ تَصْوِيرِ جَمْعِ الصَّفْقَةِ بَيْعًا وَنِكَاحًا (وَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ) الْمَذْكُورُ أَيْ قِيمَتُهُ (عَلَى) قِيمَةِ (الثَّوْبِ وَمَهْرِ مِثْلٍ) فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مِائَةً مَثَلًا وَقِيمَةُ الثَّوْبِ كَذَلِكَ فَنِصْفُ الْعَبْدِ صَدَاقٌ وَنِصْفُهُ ثَمَنُ الثَّوْبِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ إلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَهُوَ

ص: 375

وَلَوْ نَكَحَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَوْ أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا فَالْمَذْهَبُ فَسَادُ الصَّدَاقِ وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ.

وَلَوْ شَرَطَ خِيَارًا فِي النِّكَاحِ بَطَلَ النِّكَاحُ، أَوْ فِي الْمَهْرِ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ لَا الْمَهْرِ، وَسَائِرُ الشُّرُوطِ إنْ وَافَقَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ لَغَا، وَصَحَّ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ.

وَإِنْ خَالَفَ وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ

ــ

[مغني المحتاج]

رُبُعُ الْعَبْدِ، وَتَقَدَّمَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّوْزِيعِ كَوْنُ حِصَّةِ النِّكَاحِ مَهْرَ مِثْلٍ، فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ جَزْمًا، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ بُطْلَانُهُمَا وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ.

تَنْبِيهٌ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ: ثَوْبُهَا إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ مِلْكِ الصَّدَاقِ وَمَا مَعَهُ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ. فَإِنْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك ثَوْبِي هَذَا بِهَذَا الْعَبْدِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَا الصَّدَاقُ كَبَيْعِ عَبِيدٍ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

فَرْعٌ: قَالَ فِي الْأُمِّ: لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي وَمَلَّكْتُك هَذِهِ الْمِائَةَ مِنْ مَالِهَا بِهَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَك، فَالْبَيْعُ وَالصَّدَاقُ بَاطِلَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دَنَانِيرَ صَحَّا، إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ صَدَاقٍ وَصَرْفِهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ.

(وَلَوْ نَكَحَ) امْرَأَةً (بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا) أَلْفًا (أَوْ أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا فَالْمَذْهَبُ فَسَادُ الصَّدَاقِ) فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ مَا الْتَزَمَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ (وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ) فِيهِمَا لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فَسَادُهُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى لِلْأَبِ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا قُرِئَ يُعْطِيَهُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ أَيْ يُعْطِي الزَّوْجُ أَبَاهَا أَلْفًا. فَإِنْ قُرِئَ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ أَيْ تُعْطِي الْمَرْأَةُ أَبَاهَا أَلْفًا فَهُوَ وَعْدُ هِبَةٍ مِنْهَا لِأَبِيهَا.

(وَلَوْ شَرَطَ) أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (خِيَارًا فِي النِّكَاحِ بَطَلَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنَاهُ عَلَى اللُّزُومِ فَشَرْطُ مَا يُخَالِفُ قَضِيَّتَهُ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ عَيْبٍ مُثْبِتٍ لِلْخِيَارِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ اهـ.

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ (أَوْ) شَرَطَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ خِيَارًا (فِي الْمَهْرِ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ) لِأَنَّ فَسَادَ الصَّدَاقِ لَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ (لَا الْمَهْرِ) فَلَا يَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ بَلْ يَفْسُدُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَا يَتَمَحَّضُ عِوَضًا، بَلْ فِيهِ مَعْنَى النِّحْلَةِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ، وَالْمَرْأَةُ لَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا بِالْخِيَارِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ الْمَهْرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ كَالْبَيْعِ فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ. وَالثَّالِثُ: يَفْسُدُ النِّكَاحُ لِفَسَادِ الْمَهْرِ أَيْضًا (وَسَائِرُ) أَيْ بَاقِي (الشُّرُوطِ) الْوَاقِعَةِ فِي النِّكَاحِ (إنْ وَافَقَ) الشَّرْطُ فِيهَا (مُقْتَضَى) عَقْدِ (النِّكَاحِ) كَشَرْطِ النَّفَقَةِ وَالْقَسْمِ (أَوْ) لَمْ يُوَافِقْ مُقْتَضَى النِّكَاحِ وَلَكِنَّهُ (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ) كَشَرْطِ أَنْ لَا تَأْكُلَ إلَّا كَذَا (لَغَا) هَذَا الشَّرْطُ أَيْ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ (وَصَحَّ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ.

(وَإِنْ خَالَفَ) الشَّرْطُ مُقْتَضَى عَقْدِ النِّكَاحِ (وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ) وَهُوَ الْوَطْءُ

ص: 376

كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَفَسَدَ الشَّرْطُ، وَالْمَهْرُ.

وَإِنْ أَخَلَّ كَأَنْ لَا يَطَأَ أَوْ يُطَلِّقَ بَطَلَ النِّكَاحُ.

وَلَوْ نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الْمَهْرِ، وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

(كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ) أَنْ (لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ) لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِهِ وَهُوَ الْوَطْءُ (وَفَسَدَ الشَّرْطُ) سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَوْ عَلَيْهَا كَالْمِثَالِ الثَّانِي لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» (وَ) فَسَدَ (الْمَهْرُ) أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إنْ كَانَ لَهَا فَلَمْ تَرْضَ بِالْمُسَمَّى وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِبَدَلِ الْمُسَمَّى إلَّا عِنْدَ سَلَامَةِ مَا شَرَطَهُ، وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةُ مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَإِنْ أَخَلَّ) الشَّرْطُ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ الْأَصْلِيِّ (كَأَنْ) شَرَطَ أَنْ (لَا يَطَأَهَا) الزَّوْجُ أَصْلًا، وَأَنْ لَا يَطَأَهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً مَثَلًا فِي السَّنَةِ أَوْ أَنْ لَا يَطَأَهَا إلَّا لَيْلًا فَقَطْ أَوْ إلَّا نَهَارًا فَقَطْ (أَوْ) أَنْ (يُطَلِّقَ) هَا وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ (بَطَلَ النِّكَاحُ) لِأَنَّهُ يُنَافِي مَقْصُودَ الْعَقْدِ فَأَبْطَلَهُ، وَمَسْأَلَةُ مَا إذَا شَرَطَ أَنْ يُطَلِّقَ مُكَرَّرَةً فَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّحْلِيلِ، وَلَوْ شَرَطَ هُوَ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا أَوْ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ أَوْ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ بَطَلَ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَصَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ وَبُطْلَانَ الشَّرْطِ.

تَنْبِيهٌ: مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا شَرَطَ عَدَمَ الْوَطْءِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ فِيمَا إذَا شَرَطَهُ الزَّوْجُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَالتَّمْكِينُ عَلَيْهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، فَإِنْ قِيلَ: إنْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا شَرْطًا، فَإِنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ صَاحِبُهُ لَمْ يَتِمَّ الْعَقْدُ، وَإِنْ سَاعَدَهُ فَالزَّوْجُ بِالْمُسَاعَدَةِ تَارِكٌ لِحَقِّهِ فَهَلَّا كَانَتْ مُسَاعَدَتُهُ كَشَرْطِهِ وَهِيَ بِالْمُسَاعَدَةِ مَانِعَةٌ حَقَّهُ فَهَلَّا كَانَتْ مُسَاعَدَتُهَا كَشَرْطِهَا؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّا إذَا جَعَلْنَاهُ كَالِابْتِدَاءِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَقَدْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَمَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ، وَرَجَحَ جَانِبُ الْمُبْتَدِئِ لِقُوَّةِ الِابْتِدَاءِ وَبِنَاءِ الْجَوَابِ عَلَيْهِ، وَأُحِيلَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فَقَطْ دَفْعًا لِلتَّعَارُضِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْبُطْلَانِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ الْمَأْنُوسِ مِنْ احْتِمَالِهَا الْجِمَاعُ، فَإِنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَنْ لَا يَطَأَهَا لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَضِيَّتِهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَحْتَمِلْهُ فِي الْحَالِ فَشَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَهَا إلَى الِاحْتِمَالِ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا رَتْقَاءُ أَوْ قَرْنَاءُ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَطْعًا، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُتَحَيِّرَةً وَحَرَّمْنَا وَطْأَهَا وَشَرَطَتْ تَرْكَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الشِّفَاءَ مُتَوَقَّعٌ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُزْمِنَةَ إذَا طَالَتْ دَامَتْ اهـ وَهَذَا أَظْهَرُ.

(وَلَوْ نَكَحَ) شَخْصٌ (نِسْوَةً) أَوْ امْرَأَتَيْنِ مَعًا (بِمَهْرٍ) كَأَنْ زَوَّجَهُ بِهِنَّ جَدُّهُنَّ أَوْ مُعْتِقُهُنَّ أَوْ وَكِيلٌ عَنْ أَوْلِيَائِهِنَّ أَوْ اخْتَلَعْنَ عَلَى عِوَضٍ وَاحِدٍ (فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الْمَهْرِ) وَالْعِوَضُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي الْحَالِ (وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ) لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَيُوَزَّعُ عَلَى مُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ أَمَّا النِّكَاحُ وَالْبَيْنُونَةُ فَيَصِحَّانِ بِلَا خِلَافٍ.

ص: 377

وَلَوْ نَكَحَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ مِثْلٍ أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى، وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ مِثْلٍ.

وَلَوْ تَوَافَقُوا عَلَى مَهْرٍ كَانَ سِرًّا وَأَعْلَنُوا زِيَادَةً فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَا عُقِدَ بِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَيْهِ مِنْ عَبْدٍ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ يَصِحُّ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ فِي نِكَاحِ أَمَتَيْنِ لِلسَّيِّدِ وَهُوَ مُتَّحِدٌ.

(وَلَوْ نَكَحَ) الْوَلِيُّ (لِطِفْلٍ) أَوْ مَجْنُونٍ (بِفَوْقِ مَهْرِ مِثْلٍ) مِنْ مَالِ الطِّفْلِ أَوْ الْمَجْنُونِ (أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا) بِمُوَحَّدَةٍ أَوَّلَهُ فَنُونٍ سَاكِنَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ بِخَطِّهِ (لَا) بِنْتًا (رَشِيدَةً) كَالْمَجْنُونَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالسَّفِيهَةِ (أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ) فِي النَّقْصِ عَنْ مَهْرٍ (بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِلَا إذْنٍ مِنْهَا لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبِكْرِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ فِي إنْكَاحِهَا إلَى إذْنٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيمَنْ يُحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فِي النِّكَاحِ (فَسَدَ) كُلُّ (الْمُسَمَّى) لِأَنَّ الْوَلِيَّ مَأْمُورٌ بِالْحَظِّ وَهُوَ مُنْتَفٍ، إذْ الزِّيَادَةُ فِي الْأُولَى وَالنَّقْصُ فِي الثَّانِيَةِ خِلَافُ الْمَصْلَحَةِ (وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ مِثْلٍ) كَمَا فِي سَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّدَاقِ، وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ لِفَسَادِ الْمَهْرِ بِمَا ذُكِرَ، وَمَحَلُّ تَصْحِيحِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا يَلِيقُ بِهِ، فَلَوْ نَكَحَ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَا لَهُ فَقِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ فِي السَّفِيهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا أَيْضًا لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ.

تَنْبِيهٌ: مَا جَزَمَا بِهِ هُنَا مِنْ فَسَادِ الْمُسَمَّى جَمِيعِهِ لَا يُنَافِي مَا رَجَّحْنَاهُ فِي نِكَاحِ السَّفِيهِ مِنْ فَسَادِ الزَّائِدِ مِنْهُ دُونَ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ مُتَصَرِّفٌ لِنَفْسِهِ فَقُصِرَ الْفَسَادُ عَلَى الزَّائِدِ، وَالْوَلِيُّ مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ فَفَسَدَ جَمِيعُهُ، أَمَّا إذَا عَقَدَ الْوَلِيُّ لِمُوَلِّيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُسَمَّى عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمَجْعُولَ صَدَاقًا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِلِابْنِ حَتَّى يَفُوتَ عَلَيْهِ، وَالتَّبَرُّعُ بِهِ إنَّمَا حَصَلَ فِي ضِمْنِ تَبَرُّعِ الْأَبِ، فَلَوْ أَلْغَى فَاتَ عَلَى الِابْنِ وَلَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلٍ فِي مَالِهِ وَهَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا رَجَّحَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ مِنْ فَسَادِهِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ، ثُمَّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ، وَلَا يَصِيرُ الْأَبُ بِالْعَقْدِ لِمُوَلِّيهِ ضَامِنًا لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، فَإِنْ قِيلَ تَرْكِيبُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَإِنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ أَنْ " لَا " إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُفْرَدٍ وَهُوَ صِفَةٌ لِسَابِقٍ وَجَبَ تَكْرَارُهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ} [البقرة: 68][الْبَقَرَةُ] وقَوْله تَعَالَى: {زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} [النور: 35][النُّورُ] .

أُجِيبَ بِأَنَّ لَا هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرِ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ، وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

(وَلَوْ تَوَافَقُوا) أَيْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً، وَقَدْ لَا يُحْتَاجُ إلَى مُوَافَقَتِهَا، أَوْ تَكُونُ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ الْوَلِيَّ وَالزَّوْجَ (عَلَى مَهْرٍ) كَمِائَةٍ (كَانَ سِرًّا) وَهُوَ لُغَةً مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ (وَأَعْلَنُوا زِيَادَةً) كَمِائَتَيْنِ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَا عُقِدَ بِهِ) اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يَجِبُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بِالْأَقَلِّ أَمْ بِالْأَكْثَرِ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حَمَلُوا نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ، وَفِي آخَرَ عَلَى

ص: 378