الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي التَّطْلِيقِ قَوْلٌ.
فَصْلٌ لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا، وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا بَطَلَ نِكَاحُهُ، وَلَا تَنْكِحُ مَنْ تَمْلِكُهُ أَوْ بَعْضَهُ.
ــ
[مغني المحتاج]
مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهُ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِ أُبْطِلَ إذَا أُضْمِرَ كُرِهَ، وَمِثْلُهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا بِلَا شَرْطٍ وَفِي عَزْمِهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا إذَا وَطِئَهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُحَلِّلَهَا لِلْأَوَّلِ صَحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ الْفُرْقَةَ بَلْ شَرَطَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
فَإِنْ نَكَحَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَهَا أَوْ لَا يَطَأَهَا إلَّا نَهَارًا أَوْ إلَّا مَرَّةً مَثَلًا بَطَلَ النِّكَاحُ أَيْ لَمْ يَصِحَّ إنْ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ جِهَتِهَا لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَ الْعَقْدِ، فَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ، وَالتَّمَكُّنُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا تَرْكُهُ، وَلِلرَّافِعِيِّ هُنَا إشْكَالٌ ذَكَرْتُهُ مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ (وَفِي التَّطْلِيقِ قَوْلٌ) إنْ شَرَطَهُ لَا يَبْطُلُ، وَلَكِنْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَالْمُسَمَّى، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَلِلتَّنَاقُضِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْبُضْعَ وَأَرَادَ الِاسْتِمْتَاعَ فَكَشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَهَا، وَإِنْ أَرَادَ مِلْكَ الْعَيْنِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ.
تَتِمَّةٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا فِي التَّحْلِيلِ بِيَمِينِهَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَإِنْ أَكْذَبَهَا الثَّانِي مِنْ وَطْئِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى فَرْجِهَا، وَالْوَطْءُ مِمَّا يَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ. نَعَمْ إنْ حَلَفَ الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يَطَأْ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ فَقَطْ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا أَيْضًا بِيَمِينِهَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَلِلْأَوَّلِ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا، لَكِنْ يُكْرَهُ.
فَإِنْ قَالَ: هِيَ كَاذِبَةٌ مُنِعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا إلَّا إنْ قَالَ بَعْدَهُ تَبَيَّنَ لِي صِدْقُهَا، وَلَوْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ بِإِزَالَةِ مَا يَمْلِكُهُ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ التَّحْلِيلِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ.
[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]
ِّ (لَا يَنْكِحُ) الرَّجُلُ (مَنْ يَمْلِكُهَا) كُلَّهَا (أَوْ بَعْضَهَا) وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبَةً لِتَنَاقُضِ أَحْكَامِ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ، إذْ الْمِلْكُ لَا يُوجِبُ الْقَسَمَ وَلَا يَقْتَضِي الطَّلَاقَ وَنَحْوَهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَعِنْدَ التَّنَاقُضِ يَثْبُتُ الْأَقْوَى وَيَسْقُطُ الْأَضْعَفُ، وَمِلْكُ الْيَمِينِ أَقْوَى (وَ) عَلَى هَذَا (لَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا) مِلْكًا تَامًّا (بَطَلَ نِكَاحُهُ) أَيْ انْفَسَخَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنْ مِلْكِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ، وَالنِّكَاحُ لَا يَمْلِكُ بِهِ إلَّا ضَرْبًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا ثُمَّ مَلَكَهَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَاقَضَةَ بَيْنَ مِلْكِ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ (وَلَا تَنْكِحُ) الْمَرْأَةُ (مَنْ تَمْلِكُهُ) كُلَّهُ (أَوْ بَعْضَهُ) لِتَضَادِّ الْأَحْكَامِ
وَلَا الْحُرُّ أَمَةَ غَيْرِهِ إلَّا بِشُرُوطٍ: أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ، قِيلَ وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَعْجِزَ عَنْ حُرَّةٍ تَصْلُحُ،
ــ
[مغني المحتاج]
أَيْضًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ مَلَكَتْ زَوْجَهَا أَوْ بَعْضَهُ مِلْكًا تَامًّا انْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ بِالسَّفَرِ إلَى الشَّرْقِ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهَا وَهُوَ يُطَالِبُهَا بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى الْغَرْبِ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَإِذَا دَعَاهَا إلَى الْفِرَاشِ بِحَقِّ النِّكَاحِ بَعَثَتْهُ فِي أَشْغَالِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ رَفَعَ الْأَقْوَى الْأَضْعَفَ كَمَا تَقَدَّمَ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمِلْكُ تَامًّا، بِأَنْ ابْتَاعَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ فَسَخَ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَوْلِ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ابْتَاعَتْهُ كَذَلِكَ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَيِّدَ بِالتَّامِّ كَمَا قَدَّرْتُهُ لِتَخْرُجَ هَذِهِ الصُّورَةُ.
(وَلَا) يَنْكِحُ (الْحُرُّ أَمَةَ غَيْرِهِ إلَّا بِشُرُوطٍ) أَرْبَعَةٍ: ثَلَاثَةٌ فِي النَّاكِحِ، وَوَاحِدٌ فِي الْأَمَةِ، وَهُوَ يَعُمُّ الْحُرَّ وَغَيْرَهُ، وَيَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ (أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) وَلَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُؤْمِنَةِ فِي الْآيَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، ثُمَّ وَصَفَ الْحُرَّةَ بِكَوْنِهَا (تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ) بِهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ، وَلِأَنَّ وُجُودَهَا أَعْظَمُ مِنْ اسْتِطَاعَةِ طَوْلِهَا، وَاسْتِطَاعَةُ الطَّوْلِ وَعَدَمُ خَشْيَةِ الْعَنَتِ مَانِعَانِ مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَهَذَا الشَّرْطُ مَعَ شَرْطِ خَوْفِ الزِّنَا مُتَّحِدَانِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ تَحْتَهُ مَنْ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ أَمِنَ مِنْ الْعَنَتِ، وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَمْنُ مِنْ الْعَنَتِ بِلَا وُجُودِ حُرَّةٍ مَانِعًا فَلَأَنْ يَكُونَ مَعَ وُجُودِهَا أَوْلَى، فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الشَّرْطِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ:(قِيلَ وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ) لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا كَأَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ رَتْقَاءَ لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ فِي خَبَرِ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا، وَالْأَوَّلُ يَحْمِلُهُ عَلَى حُرَّةٍ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ
تَنْبِيهٌ: جَعَلَ فِي الْمُحَرَّرِ الْوَجْهَ الثَّانِيَ أَحْوَطَ، فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ أَنَّ مُقَابِلَهُ أَصَحُّ، وَلَمْ يُصَرِّحَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِتَرْجِيحٍ، لَكِنْ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ الْجَوَازُ أَكْثَرُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: فَتَصْحِيحُ الْكِتَابِ الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ عَجِيبٌ. وَقَالَ الْغَزِّيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُحَرَّرَ إنَّمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: الْأَحْوَطَ إلَى تَرْجِيحِهِ، وَكَيْفَ يَقْتَصِرُ فِي كِتَابٍ الْتَزَمَ فِيهِ التَّنْصِيصَ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُعْظَمُ عَلَى ضَعِيفٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مُقَابِلِهِ اهـ.
وَالْأَوْجَهُ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْحُرَّةِ أَيْضًا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْحُرَّةَ وَالرَّقِيقَةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَنْكُوحَةِ لَشَمَلَهَا. وَقَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَنْكِحُ أَمَتَيْنِ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: أَمَةَ غَيْرِهِ أَمَةُ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبُهُ، وَلَيْسَ مُرَادًا، فَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْإِعْفَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مُعْسِرًا. وَأَمَّا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا مُطْلَقًا، وَكَذَا الْأَمَةُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَتِهَا، وَخَرَجَ بِالْحُرِّ: الْعَبْدُ وَلَوْ مُبَعَّضًا، فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي (وَ) ثَانِي الشُّرُوطِ (أَنْ يَعْجِزَ عَنْ حُرَّةٍ) وَلَوْ كِتَابِيَّةً (تَصْلُحُ) لِلِاسْتِمْتَاعِ لِفَقْدِهَا أَوْ فَقْدِ صَدَاقِهَا أَوْ لَمْ تَرْضَ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ لَمْ تَرْضَ بِنِكَاحِهِ لِقُصُورِ نَسَبِهِ وَنَحْوِهِ.
قِيلَ أَوْ لَا تَصْلُحُ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ حَلَّتْ لَهُ أَمَةٌ إنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّتَهُ، وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ فِي الْأُولَى، دُونَ الثَّانِيَةِ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: جُعِلَ الْعَجْزُ عَنْ الْحُرَّةِ دُونَ صَدَاقِهَا لِيَشْمَلَ مَا لَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَجِدْ خَلِيَّةً مِنْ زَوْجٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا مَا لَوْ وَجَدَ أَمَةً وَحُرَّةً وَكَانَ صَدَاقُ الْأَمَةِ الَّتِي لَا يَرْضَى سَيِّدُهَا إلَّا بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الْحُرَّةِ الْمَوْجُودَةِ وَلَمْ تَرْضَ الْحُرَّةُ أَيْضًا إلَّا بِمَا طَلَبَ سَيِّدُ الْأَمَةِ، فَمُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَنْ يَنْكِحَ بِصَدَاقِهَا حُرَّةً وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْحُرَّةِ، وَجُمْلَةُ:" تَصْلُحُ " صِفَةُ حُرَّةٍ أَيْ تَصْلُحُ تِلْكَ الْحُرَّةُ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِي الْأَصَحِّ (قِيلَ أَوْ لَا تَصْلُحُ) لَهُ كَصَغِيرَةٍ، وَأَحَالَ فِي الْمُحَرَّرِ الْخِلَافَ هُنَا عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ، لَكِنْ صَحَّحَا فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا اشْتِرَاطَ صَلَاحِيَّتِهَا (فَلَوْ قَدَرَ عَلَى) حُرَّةٍ (غَائِبَةٍ) عَنْ بَلَدِهِ (حَلَّتْ لَهُ أَمَةٌ إنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا) وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يُنْسَبَ مُتَحَمِّلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ (أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّتَهُ) أَيْ قَصْدِ الْحُرَّةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ غَائِبَةٌ وَوُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخِي، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ، وَيَجِبُ السَّفَرُ لِلْحُرَّةِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إذَا أَمْكَنَ انْتِقَالُهَا مَعَهُ إلَى وَطَنِهِ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْمَعْدُومَةِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمُقَامَ مَعَهَا هُنَاكَ مِنْ التَّغَرُّبِ، وَالرُّخَصُ لَا تَحْتَمِلُ هَذَا التَّضْيِيقَ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ بِبَيْعِ مَسْكَنِهِ أَوْ خَادِمِهِ حَلَّتْ الْأَمَةُ فِي الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ أَمَةٌ غَيْرُ مُبَاحَةٍ، فَإِنْ وَفَّتْ قِيمَتُهَا بِمَهْرِ حُرَّةٍ أَوْ ثَمَنِ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا لَمْ يَنْكِحْ الْأَمَةَ وَإِلَّا فَيَنْكِحُهَا، وَحُمِلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا لِلْخِدْمَةِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَلَا يَمْنَعُ مَالُهُ الْغَائِبُ نِكَاحَهُ الْأَمَةَ كَمَا لَا يُمْنَعُ ابْنُ السَّبِيلِ الزَّكَاةَ (وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً) تَرْضَى (بِمُؤَجَّلٍ) وَلَمْ يَجِدْ الْمَهْرَ وَهُوَ يَتَوَقَّعُ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ (أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَهُوَ وَاجِدُهُ (فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ) وَاحِدَةٍ (فِي) الصُّورَةِ (الْأُولَى) لِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَصِيرُ مَشْغُولَةً فِي الْحَالِ، وَقَدْ لَا يَصْدُقُ رَجَاؤُهُ عِنْدَ تَوَجُّهِ الطَّلَبِ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: لَا لِلْقُدْرَةِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ شَيْئًا بِنَسِيئَةٍ، وَهُوَ قَدْرُ مَهْرِهَا، أَوْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ وَهُوَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ، أَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ، أَوْ مَنْ يَهَبُ لَهُ مَالًا أَوْ أَمَةً. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّيَمُّمِ وُجُوبَ شِرَاءِ الْمَاءِ بِمُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ يَمْتَدُّ إلَى وُصُولِهِ بَلَدَ مَالِهِ، وَرِضَاهَا بِالْمُؤَجَّلِ أَوْلَى مِنْ رِضَا رَبِّ الْمَاءِ بِتَأْجِيلِ ثَمَنِهِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تُمْهَرُ غَالِبًا بِالْمَهْرِ الْحَالِّ بِخِلَافِ رَبِّ الدَّيْنِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ فِي الزَّوْجَةِ كُلْفَةً أُخْرَى وَهِيَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فَإِنَّهُمَا يَجِبَانِ بِمُجَرَّدِ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَاءِ (دُونَ) الصُّورَةِ (الثَّانِيَةِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ. وَالثَّانِي: لَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمِنَّةَ فِيهِ قَلِيلَةً لِجَرَيَانِ
وَأَنْ يَخَافَ زِنًا، فَلَوْ أَمْكَنَهُ تَسَرٍّ فَلَا خَوْفَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِسْلَامُهَا وَتَحِلُّ لِحُرٍّ وَعَبْدٍ كِتَابِيَّيْنِ
ــ
[مغني المحتاج]
الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ، وَلَوْ رَضِيَتْ حُرَّةٌ بِلَا مَهْرٍ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ لِوُجُوبِ مَهْرِهَا بِالْوَطْءِ، وَلِأَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْفَرْضِ فِي الْحَالِ، فَتَشْتَغِلُ ذِمَّتُهُ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مُوسِرٌ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنٍ بِمَالِ وَلَدِهِ لِوُجُوبِ إعْفَافِهِ عَلَيْهِ (وَ) ثَالِثُ الشُّرُوطِ (أَنْ يَخَافَ زِنًا) بِأَنْ تَغْلِبَ شَهْوَتُهُ وَتَضْعُفَ تَقْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُ الزِّنَا أَوْ قَوِيَتْ شَهْوَتُهُ لَا عَلَى نُدُورٍ، فَمَنْ ضَعُفَتْ شَهْوَتُهُ وَلَهُ تَقْوَى أَوْ مُرُوءَةٌ أَوْ حَيَاءٌ يَسْتَقْبِحُ مَعَهُ الزِّنَا، أَوْ قَوِيَتْ شَهْوَتُهُ وَتَقْوَاهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ الزِّنَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرِقَّ وَلَدَهُ لِقَضَاءِ وَطَرٍ أَوْ كَسْرِ شَهْوَةٍ. وَأَصْلُ الْعَنَتِ الْمَشَقَّةُ، سُمِّيَ بِهِ الزِّنَا لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الْأُخْرَى. وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] إلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25][النِّسَاء] وَالطَّوْلُ السَّعَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَبِالْعَنَتِ عُمُومُهُ لَا خُصُوصُهُ حَتَّى لَوْ خَافَ الْعَنَتَ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا وَحُبِّهِ لَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ؛ لِأَنَّ الْعِشْقَ لَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا تَهْيِيجٌ مِنْ الْبَطَالَةِ وَإِطَالَةِ الْفِكْرِ، وَكَمْ مِنْ إنْسَانٍ اُبْتُلِيَ بِهِ وَسَلَاهُ
تَنْبِيهٌ: لَوْ حَذَفَ الرُّويَانِيُّ: وَاجِدًا لِلطَّوْلِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطَّوْلِ فَيُفَوِّتُ اعْتِبَارَ عُمُومِ الْعَنَتِ، مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا، وَهَذَا الشَّرْطُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَجْبُوبَ ذَكَرُهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ مُطْلَقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الزِّنَا وَإِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَهُ وَلِلْخَصِيِّ ذَلِكَ عِنْدَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الْمُؤَثِّمِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَنْبَغِي جَوَازُهُ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا؛ لِانْتِفَاءِ مَحْذُورِ رِقِّ الْوَلَدِ، وَلَوْ وَجَدَتْ الْأَمَةُ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا، وَأَرَادَتْ الْفَسْخَ وَادَّعَى الزَّوْجُ حُدُوثَ الْجَبِّ بَعْدَ النِّكَاحِ، وَأَمْكَنَ حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهَا بُطْلَانُ النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُهُ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مُنْدَمِلًا وَقَدْ عُقِدَ النِّكَاحُ أَمْسِ حُكِمَ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ (فَلَوْ أَمْكَنَهُ) أَيْ مَنْ خَافَ زِنًا (تَسَرٍّ) بِأَمَةٍ صَالِحَةٍ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِأَنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ أَمْكَنَهُ شِرَاؤُهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَكَانَ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ لَا يَكْفِي لِلتَّزَوُّجِ بَلْ لِلتَّسَرِّي (فَلَا خَوْفَ) حِينَئِذٍ مِنْ الزِّنَا قَطْعًا فَلَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَمْنِهِ الْعَنَتَ مَعَ وُجُودِهَا فَلَا ضَرُورَةَ بِهِ إلَى إرْقَاقِ وَلَدِهِ. وَالثَّانِي: تَحِلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهَا دُونَ الْحُرَّةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَالْمُحَرَّرِ لَمْ يَنْكِحْ الْأَمَةَ كَمَا قَدَّرْته فِي كَلَامِهِ كَانَ أَوْلَى، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَا فِي الْخَوْفِ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَائِهِ (وَ) رَابِعُ الشُّرُوطِ (إسْلَامُهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي يَنْكِحُهَا الْحُرُّ، فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25][النِّسَاءَ] وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهَا نُقْصَانٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَثَّرَ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ وَهُمَا الْكُفْرُ وَالرِّقُّ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ لِاجْتِمَاعِ نَقْصَيْ الْكَافِرِ وَعَدَمِ الْكِتَابِ.
تَنْبِيهٌ: سُكُوتُهُ عَنْ اعْتِبَارِ إسْلَامِ سَيِّدِهَا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِحُصُولِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْكُوحَةِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِمَا فِيهِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ (وَتَحِلُّ لِحُرٍّ وَعَبْدٍ كِتَابِيَّيْنِ
أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، لَا لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ فِي الْمَشْهُورِ، وَمَنْ بَعْضُهَا رَقِيقٌ كَرَقِيقَةٍ.
وَلَوْ نَكَحَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ أَوْ نَكَحَ حُرَّةً لَمْ تَنْفَسِخْ الْأَمَةُ، وَلَوْ جَمَعَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ حُرَّةً وَأَمَةً بِعَقْدٍ بَطَلَتْ الْأَمَةُ، لَا الْحُرَّةُ فِي الْأَظْهَرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدِّينِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَمَا لَا يَنْكِحُهَا الْحُرُّ الْمُسْلِمُ
تَنْبِيهٌ: لَمْ يُصَرِّحْ الشَّيْخَانِ فِي الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ بِاشْتِرَاطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَفَقْدِ طَوْلِ الْحُرَّةِ، وَاَلَّذِي فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ اشْتِرَاطُهُمَا كَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ مِثْلَهُ إلَّا فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَاَلَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْرَارِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَنِكَاحُ الْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ أَوْ الْوَثَنِيِّ الْأَمَةَ الْمَجُوسِيَّةَ أَوْ الْوَثَنِيَّةَ كَنِكَاحِ الْكِتَابِيِّ الْكِتَابِيَّةَ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا طَلَبُوا مِنْ قَاضِينَا ذَلِكَ وَإِلَّا فَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ قَالَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ (لَا) أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ (لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ (فِي الْمَشْهُورِ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا فَسَاوَى الْحُرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ. وَالثَّانِي: لَهُ نِكَاحُهَا لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّقِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ أَنْ لَا تَكُونَ مَوْقُوفَةً عَلَى النَّاكِحِ وَلَا مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا (وَمَنْ بَعْضُهَا رَقِيقٌ) وَبَاقِيهَا حُرٌّ حُكْمُهُ (كَرَقِيقَةٍ) كُلِّهَا فَلَا يَنْكِحُهَا الْحُرُّ إلَّا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ مَحْذُورٌ.
تَنْبِيهٌ: إطْلَاقُهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى مُبَعَّضَةٍ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ، وَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ، وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ اُقْتُصِرَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّ تَخْفِيفَ الرِّقِّ مَطْلُوبٌ، وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْضًا.
أَمَّا إذَا قُلْنَا يَنْعَقِدُ حُرًّا كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ امْتَنَعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَطْعًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا الْوَارِثُ أَنَّهَا كَالْأَمَةِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الشُّرُوطِ لِرِقِّ أَوْلَادِهَا. نَعَمْ الْمَمْسُوحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخِي، وَكَذَا مَنْ أَوْصَى لَهُ بِأَوْلَادِهَا فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ. وَمَنْ بَعْضُهُ رَقِيقٌ كَالرَّقِيقِ فَيَنْكِحُ الْأَمَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ، كَمَا أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ كَالْأَمَةِ كَمَا نَقَلَ الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى فَرْعٍ مِنْ قَاعِدَةِ: يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَالَ (وَلَوْ نَكَحَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ) أَيْ شُرُوطِ نِكَاحِ الْأَمَةِ (ثُمَّ أَيْسَرَ) وَلَمْ يَنْكِحْ (أَوْ نَكَحَ حُرَّةً) بَعْدَ يَسَارِهِ (لَمْ تَنْفَسِخْ الْأَمَةُ) أَيْ نِكَاحُهَا لِقُوَّةِ الدَّوَامِ وَلِهَذَا الْإِحْرَامِ الْعِدَّةُ وَالرِّدَّةُ تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ دُونَ دَوَامِهِ (وَلَوْ جَمَعَ مَنْ) أَيْ شَخْصٌ (لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ) بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ نِكَاحِهَا السَّابِقَةُ (حُرَّةً وَأَمَةً بِعَقْدٍ) كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ قَالَ لَهُ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَأَمَتِي قَبِلْت نِكَاحَهُمَا (بَطَلَتْ الْأَمَةُ) أَيْ نِكَاحُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ نِكَاحِهَا فَقْدُ الْحُرَّةِ (لَا الْحُرَّةُ فِي الْأَظْهَرِ) مِنْ قَوْلِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بِعَقْدٍ مَا لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي بِأَلْفٍ وَزَوَّجْتُك أَمَتِي بِمِائَةٍ فَقَبِلَ الْبِنْتَ ثُمَّ الْأَمَةَ، أَوْ قَبِلَ الْبِنْتَ فَقَطْ صَحَّتْ الْبِنْتُ جَزْمًا فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَوْ قُدِّمَتْ الْأَمَةُ فِي تَفْصِيلِهَا إيجَابًا وَقَبُولًا صَحَّ نِكَاحُ