المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الطلاق السني وغيره] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٤

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَأَصْحَابِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي توارث الْمُسْلِم وَالْكَافِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ إجْمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبَيَانَ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِع وِلَايَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُؤَنُ الزَّوْجَةِ إذَا أَسْلَمَتْ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِلَايَةُ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

الفصل: ‌[فصل في الطلاق السني وغيره]

إلَى الْبَيَانِ، فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ الْوَارِثِ عَلَى الْمَذْهَبِ، بَلْ يُقْرِعُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ، فَإِنْ قَرَعَ عَتَقَ، أَوْ قَرَعَتْ لَمْ تَطْلُقْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرِقُّ.

فَصْلٌ الطَّلَاقُ: سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ،

ــ

[مغني المحتاج]

لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا، فَأَشْبَهَ طَلَاقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ (إلَى الْبَيَانِ) لِتَوَقُّعِهِ وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَكَذَا الْعَبْدُ حَيْثُ لَا كَسْبَ لَهُ، وَلَوْ اعْتَرَفَ بِطَلَاقِ الزَّوْجَةِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَذَاكَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَادَّعَى الْعِتْقَ صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ وَالطَّلَاقِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْعِتْقِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فَلَا يَمِينَ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَحُكِمَ بِطَلَاقِهَا وَالْعِتْقِ (فَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ بَيَانِهِ (لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ الْوَارِثِ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِلتُّهْمَةِ فِي إخْبَارِهِ بِالْحِنْثِ فِي الطَّلَاقِ لِيَرِقَّ الْعَبْدُ وَيَسْقُطَ إرْثُ الزَّوْجَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَا الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ السَّرَخْسِيُّ: مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْوَارِثُ: حَنِثَ فِي الزَّوْجَةِ، فَإِنْ عَكَسَ قُبِلَ قَطْعًا لِإِضْرَارِهِ بِنَفْسِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: قَدْ قَالَ بِهِ غَيْرُ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَيْسَ مَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ مُتَعَيَّنًا فَإِنَّ الْقُرْعَةَ دَاخِلَةٌ وَلِلْعَبْدِ بِهَا حَقٌّ فِي الْعِتْقِ وَلِلْمَيِّتِ حَقٌّ فِي رِقِّهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُوَفَّى مِنْهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ تَعَيَّنَ مَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُ. ثُمَّ فَرَّعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ (بَلْ يُقْرِعُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ) فَلَعَلَّ الْقُرْعَةَ تَخْرُجُ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ (فَإِنْ قَرَعَ) الْعَبْدُ بِأَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهُ (عَتَقَ) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ، وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ إذْ هُوَ فَائِدَةُ، وَتَرِثُ الْمَرْأَةُ إلَّا إذَا ادَّعَتْ الْحِنْثَ فِيهَا وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ (أَوْ قَرَعَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ بِأَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لَهَا (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لَا تَدْخُلُ الْقُرْعَةُ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِهَا فِيهِ، وَلَكِنَّ الْوَرَعَ أَنْ يَتْرُكَ الْمِيرَاثَ لِلْوَرَثَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (لَا يَرِقُّ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ بِخَطِّهِ وَصَحَّحَ عَلَيْهِ بَلْ يَبْقَى عَلَى إبْهَامِهِ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيمَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى. وَالثَّانِي: يَرِقُّ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ تَعْمَلُ فِي الْعِتْقِ وَالرِّقِّ، فَكَمَا يَعْتِقُ إذَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ يَرِقُّ إذَا خَرَجَتْ عَلَى عَدِيلِهِ. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا لَمْ تُؤَثِّرْ فِي عَدِيلِهِ فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ.

[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

(فَصْلٌ) فِي الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ اصْطِلَاحَانِ: أَحَدُهُمَا وَهُوَ أَضْبَطُ يَنْقَسِمُ إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ (الطَّلَاقُ: سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ) وَثَانِيهِمَا، وَهُوَ أَشْهَرُ يَنْقَسِمُ إلَى سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ، وَلَا وَلَا، فَإِنَّ طَلَاقَ الصَّغِيرِ وَالْآيِسَةِ وَالْمُخْتَلِعَةِ وَاَلَّتِي اسْتَبَانَ حَمْلُهَا مِنْهُ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ.

ص: 496

وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ، وَهُوَ ضَرْبَانِ: طَلَاقٌ فِي حَيْضٍ مَمْسُوسَةٍ، وَقِيلَ إنْ سَأَلَتْهُ لَمْ يَحْرُمْ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: قَسَّمَ جَمْعٌ الطَّلَاقَ إلَى وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى وَطَلَاقِ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إذَا رَأَيَاهُ، وَمَنْدُوبٍ كَطَلَاقِ زَوْجَةٍ حَالُهَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ كَسَيِّئَةِ الْخُلُقِ، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ، وَمَكْرُوهٍ كَمُسْتَقِيمَةِ الْحَالِ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى الْمُبَاحِ بِطَلَاقِ مَنْ لَا يَهْوَاهَا وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمَؤُونَتِهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِمْتَاعٍ بِهَا، وَحَرَامٍ كَطَلَاقِ الْبِدْعِيِّ كَمَا قَالَ (وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ) لِحُصُولِ الضَّرَرِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي (وَهُوَ ضَرْبَانِ) أَحَدُهُمَا (طَلَاقٌ) مِنْ شَخْصٍ (فِي حَيْضٍ مَمْسُوسَةٍ) أَيْ مَوْطُوءَةٍ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، وَمِثْلُهَا مَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَهَذِهِ الْغَايَةُ إنَّمَا تَأْتِي عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ، هُوَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَسْتَأْنِفُ. أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَطْوِيلَ عَلَيْهَا، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبَكْرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ، وَحُرْمَةُ هَذَا لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ، وَزَمَنُ الْحَيْضِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ بَقِيَّةَ الْحَيْضِ لَا تُحْسَبُ مِنْهَا، وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ لِشُمُولِ الْمَعْنَى الْمُحَرَّمِ لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَإِنْ خَالَفَا ذَلِكَ فِي بَابِ الْحَيْضِ.

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ ابْتَدَأَ طَلَاقَهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا وَلَمْ يُكْمِلْهُ حَتَّى طَهُرَتْ فَيَكُونُ بِدْعِيًّا، وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ أَوْ فِي آخِرِ حَيْضِكِ فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ: صُوَرٌ: مِنْهَا الْحَامِلُ إذَا حَاضَتْ فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا بِالْوَضْعِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا: إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَسَأَلَتْ الزَّوْجَ الطَّلَاقَ لِأَجْلِ الْعِتْقِ فَطَلَّقَهَا لَمْ يَحْرُمْ، فَإِنَّ دَوَامَ الرِّقِّ أَضُرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتُ فَيَدُومُ أَسْرُهَا بِالرِّقِّ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا وَهُوَ حَسَنٌ. وَمِنْهَا طَلَاقُ الْمُتَحَيِّرَةِ فَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِبِدْعِيٍّ. وَمِنْهَا طَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ فِي صُورَةِ الشِّقَاقِ، وَمِنْهَا طَلَاقُ الْمَوْلَى إذَا طُولِبَ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ. وَمِنْهَا مَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ طَلْقَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ ثَانِيَةً، وَالْمُرَادُ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ الْمُنَجَّزُ، فَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ دَارٍ مَثَلًا فَلَيْسَ بِبِدْعِيٍّ، لَكِنْ يُنْظَرُ إلَى وَقْتِ الدُّخُولِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي حَالِ الطُّهْرِ فَسُنِّيٌّ وَإِلَّا فَبِدْعِيٌّ، لَكِنْ لَا إثْمَ فِيهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ كَإِنْشَائِهِ الطَّلَاقَ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ (وَقِيلَ إنْ سَأَلَتْهُ) زَوْجَتُهُ طَلَاقَهَا فِي حَيْضِهَا (لَمْ يَحْرُمْ) لِرِضَاهَا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَالْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَنْكَرَ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَسْتَفْصِلْ، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِاخْتِيَارِهَا فَأَتَتْ بِهِ فِي حَالِ الْحَيْضِ مُخْتَارَةً. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا، أَيْ فَيَحْرُمُ، وَهُوَ

ص: 497

وَيَجُوزُ خُلْعُهَا فِيهِ لَا أَجْنَبِيٍّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ مَعَ آخِرِ طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فَبِدْعِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَطَلَاقٌ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ مَنْ قَدْ تَحْبَلُ وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ فَلَوْ وَطِئَ حَائِضًا فَطَلَّقَهَا فَبِدْعِيٌّ فِي الْأَصَحِّ،

ــ

[مغني المحتاج]

ظَاهِرٌ (وَيَجُوزُ خُلْعُهَا فِيهِ) أَيْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَلِحَاجَتِهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْمُفَارَقَةِ حَيْثُ افْتَدَتْ بِالْمَالِ. وَلَيْسَ هَذَا بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ كَمَا مَرَّ (لَا أَجْنَبِيٍّ) فَلَا يَجُوزُ خُلْعُهُ فِي الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فِيهِ وُجْدَانَ حَاجَتِهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْمُفَارَقَةِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ لَا وَجْهٌ مُحَقَّقٌ، إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَمَّنْ تَقَدَّمَ الْإِمَامَ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إنَّمَا بَذَلَ لِحَاجَتِهَا إلَى الْخَلَاصِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَذِنَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَخْتَلِعَهَا يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ بِمَالِهَا فَكَاخْتِلَاعِهَا وَإِلَّا فَهُوَ كَاخْتِلَاعِهِ (وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ) أَوْ فِي (آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ) لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ، وَالثَّانِي: بِدْعِيٌّ لِمُصَادَفَتِهِ الْحَيْضَ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (مَعَ) أَوْ فِي (آخِرِ طُهْرٍ) عَيَّنَهُ (لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فَبِدْعِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ الْعِدَّةَ، وَالثَّانِي: سُنِّيٌّ لِمُصَادَفَتِهِ الطُّهْرَ.

(وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي لِلْبِدْعِيِّ (طَلَاقٌ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ) فِي قُبُلٍ، وَكَذَا فِي دُبُرٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّ اسْتِدْخَالَهَا مَاءَهُ أَيْ الْمُحْتَرَمَ كَالْوَطْءِ وَنَائِبُ فَاعِلِ وَطِئَ قَوْلُهُ (مَنْ قَدْ تَحْبَلُ) لِعَدَمِ صِغَرِهَا وَيَأْسِهَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ) مِنْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَنْدَمُ لَوْ ظَهَرَ حَمْلٌ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ، وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ الْوَلَدُ، وَخَرَجَ بِمَنْ قَدْ تَحْبَلُ الصَّغِيرَةُ وَالْآيِسَةُ فَإِنَّهُ لَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهِمَا كَمَا مَرَّ، وَبِلَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ مَا لَوْ ظَهَرَ وَسَيَذْكُرُهُ، وَاسْتِدْخَالُهَا مَاءَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَالْوَطْءِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الْحَمْلِ مِنْهُ، وَكَذَا الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ عَلَى الْأَصَحِّ.

تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ضَرْبٍ ثَالِثٍ لِلْبِدْعِيِّ مَذْكُورٍ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ وَقَسَمَ لِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ طَلَّقَ الْأُخْرَى قَبْلَ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا، وَلَوْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ زِنًا ثُمَّ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا نَظَرَ إنْ لَمْ تَحِضْ فَبِدْعِيٌّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ، وَإِلَّا فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ فَسُنِّيٌّ، أَوْ فِي الْحَيْضِ فَبِدْعِيٌّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ إذَا حَبِلَتْ مِنْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَاهِرًا فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ (فَلَوْ وَطِئَ حَائِضًا فَطَلَّقَهَا فَبِدْعِيٌّ) أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ عُلُوقِهَا بِذَلِكَ، وَالثَّانِي: لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ؛ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْحَيْضِ تُشْعِرُ بِالْبَرَاءَةِ، وَدَفَعَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْبَقِيَّةُ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا وَهَيَّأَتْهُ لِلْخُرُوجِ.

تَنْبِيهٌ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فِي الطُّهْرِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا بِفَاءِ

ص: 498

وَيَحِلُّ خُلْعُهَا، وَطَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ، حَمْلُهَا.

وَمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ طُهْرٍ.

وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ أَوْ لِلسُّنَّةِ فَحِينَ تَطْهُرُ،

ــ

[مغني المحتاج]

التَّعْقِيبِ (وَ) الْمَوْطُوءَةُ فِي الطُّهْرِ (يَحِلُّ خُلْعُهَا) كَالْحَائِضِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَيُسْتَثْنَى حِينَئِذٍ مِنْ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ فِي طُهْرٍ جَامَعَ فِيهِ (وَ) يَحِلُّ (طَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا) وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ؛ لِأَنَّ بِأَخْذِ الْعِوَضِ وَظُهُورِ الْحَمْلِ يَنْعَدِمُ احْتِمَالُ النَّدَمِ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ طَلَاقُ الْبِدْعِيِّ وَطَلَاقُ غَيْرِ الْبِدْعِيِّ وَالسُّنِّيِّ. وَأَمَّا الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ فَهُوَ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ، وَلَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَلَا صَغِيرَةٍ وَلَا آيِسَةٍ، وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَذَلِكَ لِاسْتِعْقَابِهَا الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ.

(وَمَنْ طَلَّقَ) طَلَاقًا (بِدْعِيًّا) وَلَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الطَّلَاقِ (سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ) مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ. الثَّانِي: إنْ طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ. أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ فَإِلَى آخِرِ الْحَيْضَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونَ فِي تَصْحِيحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ (ثُمَّ) بَعْدَ الرَّجْعَةِ (إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ) تَمَامِ (طُهْرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا» أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا إنْ أَرَادَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِمَا.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِوُجُوبِ الرَّجْعَةِ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْهُ، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَبَاهُ أَنْ يَأْمُرَهُ، وَالْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ» كَذَا قَالُوهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: فَلْيُرَاجِعْهَا أَمْرٌ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَجْلِ أَمْرِكَ فَيَكُونُ الْوُجُوبُ لِأَجْلِ الْوَالِدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ تَرْكَ الرَّجْعَةِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ اهـ.

وَرُدَّ الِاسْتِنَادُ إلَى الْخَبَرِ لِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ، وَإِذَا رَاجَعَ فَهَلْ يَرْتَفِعُ الْإِثْمُ؟ حَكَى الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّ الْأَثِمَ يَرْتَفِعُ وَاسْتَظْهَرَهُ، وَإِذَا رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ، فَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ لِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبْنِ حَمْلُهَا وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأَهَا سُنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي؛ لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ، وَهَذَا فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ، بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا، كَذَا قِيلَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ فِي مَعْنَى النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجِبُ.

(وَلَوْ قَالَ: لِحَائِضٍ) مَمْسُوسَةٍ أَوْ نُفَسَاءَ (أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ) وَإِنْ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ الْحَيْضِ لِاتِّصَافِ طَلَاقِهَا بِهِ (أَوْ) قَالَ لِحَائِضٍ لَمْ يَطَأْهَا فِي ذَلِكَ الْحَيْضِ أَنْتِ طَالِقٌ (لِلسُّنَّةِ فَحِينَ) أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَ (تَطْهُرُ) مِنْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ بِأَنْ تَشْرَعَ فِي الطُّهْرِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاغْتِسَالِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ قَبْلَهُ.

ص: 499

أَوْ لِمَنْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ مُسَّتْ فِيهِ فَحِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ، أَوْ لِلْبِدْعَةِ فَفِي الْحَالِ إنْ مُسَّتْ فِيهِ، وَإِلَّا فَحِينَ تَحِيضُ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْمَلَهُ فَكَالسُّنَّةِ، أَوْ طَلْقَةً قَبِيحَةٍ أَوْ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ أَوْ أَفْحَشَهُ فَكَالْبِدْعَةِ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: لَا بُدَّ مِنْ الِانْقِطَاعِ مِنْ شُرُوعِهَا فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقِ، فَلَوْ وَطِئَهَا فِي آخِرِ الْحَيْضِ وَاسْتَدَامَ إلَى انْقِطَاعِهِ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِاقْتِرَانِ الطُّهْرِ بِالْجِمَاعِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْتَدِمْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ وَطِئَ حَائِضًا وَطَهُرَتْ فَطَلَّقَهَا فَبِدْعِيٌّ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فِي دَوَامِ زَوْجِيَّتِهِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ فِيهِ لِأَنَّهُ بِدْعِيٌّ بَلْ يَتَأَخَّرُ وُقُوعُهُ إلَى طُهْرٍ تَشْرَعُ فِيهِ فِي عِدَّتِهِ (أَوْ) قَالَ (لِمَنْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ) بِوَطْءٍ مِنْهُ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَإِنْ مُسَّتْ) بِوَطْءٍ مِنْهُ (فِيهِ) وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا (فَحِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ) يَقَعُ الطَّلَاقُ لِشُرُوعِهَا حِينَئِذٍ فِي حَالِ السُّنَّةِ (أَوْ) قَالَ لِمَنْ فِي طُهْرٍ: أَنْتِ طَالِقٌ (لِلْبِدْعَةِ فَفِي الْحَالِ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (إنْ مُسَّتْ فِيهِ) أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُمَسَّ فِي هَذَا الطُّهْرِ وَلَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (فَحِينَ تَحِيضُ) يَقَعُ الطَّلَاقُ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِظُهُورِ أَوَّلِ الدَّمِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي، فَإِنْ انْقَطَعَ لِدُونِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَمْ يَعُدْ تَبَيَّنَ أَنَّ طَلَاقَهَا لَمْ يَقَعْ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِصِدْقِ الصِّفَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَهَا حَالَتَا سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ، فَلَوْ قَالَ لِصَغِيرَةٍ مَمْسُوسَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ غَيْرِ مَمْسُوسَةٍ وَقَعَ فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَغَا الْوَصْفُ، وَاللَّامُ هُنَا لِلتَّعْلِيلِ لَا لِلتَّأْقِيتِ لِعَدَمِ تَعَاقُبِ الْحَالَيْنِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ لِرِضَا زَيْدٍ.

(وَلَوْ) وَصَفَ الطَّلَاقَ بِصِفَةِ مَدْحٍ كَأَنْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ) أَوْ أَفْضَلَهُ أَوْ أَعْدَلَهُ أَوْ أَكْمَلَهُ (أَوْ أَجْمَلَهُ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (فَكَالسُّنَّةِ) أَيْ فَكَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي حَيْضٍ لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَطْهُرَ، أَوْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، أَوْ مُسَّتْ فِيهِ وَقَعَ حِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ نَوَى بِذَلِكَ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا أَحْسَنُ لِسُوءِ خُلُقِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ السُّنَّةِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ (أَوْ) وَصَفَ الطَّلَاقَ بِصِفَةِ ذَمٍّ كَأَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً قَبِيحَةً أَوْ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ) أَوْ أَسْمَجَهُ أَوْ أَفْضَحَهُ أَوْ أَفْظَعَهُ أَوْ أَشَرَّهُ (أَوْ أَفْحَشَهُ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (فَكَالْبِدْعَةِ) أَيْ فَكَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ فِي حَيْضٍ أَوْ فِي طُهْرٍ مُسَّتْ فِيهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَإِلَّا فَحِينَ تَحِيضُ، وَلَوْ نَوَى بِذَلِكَ طَلَاقَ السُّنَّةِ لِقُبْحِهِ فِي حَقِّهَا لِحُسْنِ خُلُقِهَا، وَكَانَتْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ دِينَ وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا لَوْ قَالَ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا، أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا. وَقَالَ: أَرَدْتُ الْوُقُوعَ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُ اللَّفْظُ صَرِيحًا، وَإِذَا

ص: 500

أَوْ سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً وَقَعَ فِي الْحَالِ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَنَافَيَا لَغَتْ النِّيَّةُ وَعُمِلَ بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، وَلَوْ خَاطَبَ بِقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مَنْ لَيْسَ طَلَاقُهَا سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا كَالْحَامِلِ وَالْآيِسَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَيَلْغُو ذِكْرُ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ.

تَنْبِيهٌ: اللَّامُ فِيمَا يُعْهَدُ انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ لِلتَّوْقِيتِ كَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ مِمَّنْ لَهَا سُنَّةٌ بِدْعَةٌ، وَفِيمَا لَا يُعْهَدُ انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ لِلتَّعْلِيلِ كَطَلَّقْتُكِ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ لِقُدُومِهِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ حَامِلٌ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَقْدَمْ، وَإِنْ نَوَى بِهَا التَّعْلِيقَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ، وَلَوْ قَالَ فِي الصَّغِيرَةِ وَنَحْوِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ أَوْ لِوَقْتِ السُّنَّةِ وَنَوَى التَّعْلِيقَ قُبِلَ لِتَصْرِيحِهِ بِالْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ تَعْلِيقٌ كَقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ أَوْ قَدِمَ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ أَنْت طَالِقٌ لَا لِسُنَّةٍ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ، وَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا لِلْبِدْعَةِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، وَقَوْلُهُ سُنَّةَ الطَّلَاقِ أَوْ طَلْقَةَ سُنَّةٍ كَقَوْلِهِ لِلسُّنَّةِ، وَقَوْلُهُ بِدْعَةَ الطَّلَاقِ، أَوْ طَلْقَةً بِدْعِيَّةً كَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ طَلَاقُهَا بِدْعِيٌّ إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ وَلَا تَعْلِيقَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا فِي حَالِ الْبِدْعَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ وَقَعَ فِي الْحَالِ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْتِ طَاهِرٌ، فَإِنْ قَدِمَ وَهِيَ طَاهِرٌ طَلُقَتْ السُّنَّةَ وَإِلَّا فَلَا تَطْلُقُ: لَا فِي الْحَالِ وَلَا إذَا طَهُرَتْ (أَوْ) جَمَعَ فِي الطَّلَاقِ بَيْنَ صِفَتَيْ مَدْحٍ وَذَمٍّ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ) طَلْقَةً (حَسَنَةً قَبِيحَةً) وَهِيَ ذَاتُ أَقْرَاءٍ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا لِلسُّنَّةِ وَلَا لِلْبِدْعَةِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ) وَيَلْغُو ذِكْرُ الصِّفَتَيْنِ لِتَضَادِّهِمَا، فَإِنْ فَسَّرَ كُلَّ صِفَةٍ بِمَعْنَى فِي قَوْلِ سُنِّيَّةٍ بِدْعِيَّةٍ أَوْ حَسَنَةٍ قَبِيحَةٍ، فَقَالَ: أَرَدْت حَسَنَةً مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَقَبِيحَةً مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ قَبْلُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الْعَدَدِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأَخُّرِ الْوُقُوعِ.

فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا سُنَّةَ لَهَا وَلَا بِدْعَةَ كَالصَّغِيرَةِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ثَلَاثًا كَمَا لَوْ وَصَفَهَا كُلَّهَا بِالسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ وَطَلْقَةً ثَالِثَةً فِي الْحَالِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَقْتَضِي التَّشْطِيرَ، ثُمَّ يَسْرِي، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت إيقَاعَ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَطَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ الثَّانِي صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَرَادَ إيقَاعَ بَعْضِ كُلِّ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ بِطَرِيقِ التَّكْمِيلِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَسَكَتَ وَهِيَ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ النِّصْفِ، وَإِنَّمَا حُمِلَ فِيمَا مَرَّ عَلَى التَّشْطِيرِ لِإِضَافَةِ الْبَعْضَيْنِ إلَى الْحَالَيْنِ فَيُسَوَّى بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا

ص: 501

وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ.

ــ

[مغني المحتاج]

فِي الْحَالِ أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ: طَلْقَةً لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةً لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ طَلْقَةٌ فِي الْحَالِ وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلْقَةٌ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَقَعَ الطَّلْقَتَانِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَصْفٌ لِلطَّلْقَتَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فَيَلْغُو لِلتَّنَافِي، وَيَبْقَى الطَّلْقَتَانِ وَقَوْلُهُ لَهَا طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنْ قَصَدَ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبَيَاضِ وَبِالنَّارِ فِي الْإِضَاءَةِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ السُّنَّةِ أَوْ التَّشْبِيهَ بِالثَّلْجِ فِي الْبُرُودَةِ وَبِالنَّارِ فِي الْحَرَارَةِ وَالْإِحْرَاقِ طَلُقَتْ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ.

(وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ)«لِأَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلَانِيَّ لَمَّا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تَبِينُ بِاللِّعَانِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَلَوْ كَانَ إيقَاعُ الثَّلَاثِ حَرَامًا لَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ لِيَعْلَمَهُ هُوَ وَمَنْ حَضَرَهُ، «وَلِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ شَكَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثَلَاثًا وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَفْتَى بِهِ آخَرُونَ اهـ.

وَكَمَا لَا يَحْرُمُ جَمْعُهَا لَا يُكْرَهُ، وَلَكِنْ يُسَنُّ الِاقْتِصَارُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ فِي الْقَرْءِ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ، وَفِي شَهْرٍ لِذَاتِ الْأَشْهُرِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ فَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُفَرِّقْ الطَّلْقَاتِ عَلَى الْأَيَّامِ وَيُفَرِّقْ عَلَى الْحَامِلِ طَلْقَةً فِي الْحَالِ وَيُرَاجِعْ، وَأُخْرَى بَعْدَ النِّفَاسِ، وَالثَّالِثَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ، وَقِيلَ: يُطَلِّقُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ طَلْقَةً.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وُقُوعَ الثَّلَاثِ عِنْدَ جَمْعِهِنَّ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَئِمَّةُ، وَحَكَى عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَطَائِفَةٍ مِنْ الشِّيعَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ مِنْهَا إلَّا وَاحِدَةٌ، وَاخْتَارَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ لَا يَعْبَأُ بِهِ فَأَفْتَى بِهِ وَاقْتَدَى بِهِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«كَانَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَاحِدَةً، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا مَا كَانُوا فِيهِ عَلَى أَنَاةٍ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ» وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ.

أُجِيبَ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ. أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعْتَادَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ كَانَ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَصَارَ النَّاسُ فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه يُوقِعُونَ الثَّلَاثَ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَنَفَّذَهُ عَلَيْهِمْ " فَيَكُونُ إخْبَارًا عَنْ اخْتِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ لَا عَنْ تَغَيُّرِ حُكْمٍ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَعْنَاهُ كَانَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ الَّذِي يُوقِعُونَهُ الْآنَ دَفْعَةً إنَّمَا كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ يُوقِعُونَهُ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَاعْتَمَدَ هَذَا الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ النَّجَّارِيُّ الْحَنَفِيُّ. وَقَالَ: إنَّ النَّصِّ مُشِيرٌ إلَى هَذَا مِنْ لَفْظِ الِاسْتِعْجَالِ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ لِلنَّاسِ أَنَاةٌ، أَيْ مُهْلَةٌ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يُوقِعُونَ إلَّا وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَاسْتَعْجَلَ النَّاسُ وَصَارُوا يُوقِعُونَ الثَّلَاثَ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِلَّا إذَا كَانَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ إيقَاعَ الثَّلَاثِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَقَعُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَهَكَذَا فِي الزَّمَنِ الثَّانِي قَبْلَ التَّنْفِيذِ فَمَا الَّذِي اسْتَعْجَلُوهُ.

الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَحْمُولٌ

ص: 502

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ، وَفَسَّرَ بِتَفْرِيقِهَا عَلَى أَقْرَاءٍ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُدَيَّنُ، وَيُدَيَّنُ

مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَى مَنْ فَرَّقَ اللَّفْظَ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، فَكَانُوا أَوَّلًا يَصْدُقُونَ فِي إرَادَةِ التَّأْكِيدِ لِقِلَّةِ الْخِيَانَةِ فِيهِمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه وَرَأَى تَغَيُّرَ الْأَحْوَالِ لَمْ يَقْبَلْ إرَادَةَ التَّأْكِيدِ وَأَمْضَاهُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهَذَا أَصَحُّ الْأَجْوِبَةِ. وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ أَحْسَنُ مَحَامِلِ الْحَدِيثِ اهـ.

وَلَا فَرْقَ فِي وُقُوعِ الثَّلَاثِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا، وَقَدْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ حَلِفًا كَانَ أَوْ غَيْرَ حَلِفٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَابْتَدَعَ بَعْضُ النَّاسِ فِي زَمَانِنَا، فَقَالَ: إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَتَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَهَذِهِ بِدْعَةٌ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ مُنْذُ بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى زَمَانِنَا هَذَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاللَّامُ فِي الطَّلْقَاتِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ، وَهِيَ الثَّلَاثُ، فَلَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا. قَالَ الرُّويَانِيُّ: عُزِّرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَأْثَمُ اهـ.

وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مُلْغَاةٌ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِالتَّلَفُّظِ بِهَا شَيْءٌ.

(وَلَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (أَوْ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَفَسَّرَ) الثَّلَاثَ فِي الصُّورَتَيْنِ (بِتَفْرِيقِهَا عَلَى أَقْرَاءٍ لَمْ يُقْبَلْ) ظَاهِرًا عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَقْتَضِي تَأْخِيرَ الطَّلَاقِ، وَيَقْتَضِي لَفْظُهُ تَنْجِيزَهُ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا، وَفِي الثَّانِيَةِ: إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ طَاهِرَةً، وَحِينَ تَطْهُرُ إنْ كَانَتْ حَائِضًا، وَلَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ (إلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ) لِلثَّلَاثِ دَفْعَةً كَالْمَالِكِيِّ فَيُقْبَلُ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنْ لَا يَقْصِدَ ارْتِكَابَ مَحْظُورٍ فِي مُعْتَقَدِهِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَتَبِعَهُ الْمُحَرَّرُ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ (وَالْأَصَحُّ) عَلَى عَدَمِ الْقَبُولِ (أَنَّهُ يُدَيَّنُ) فِيمَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ اللَّفْظُ بِمَا يَدَّعِيه لَانْتَظَمَ فَيُعْمَلُ بِهِ فِي الْبَاطِنِ إنْ كَانَ صَادِقًا بِأَنْ يُرَاجِعَهَا، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَهَا تَمْكِينُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ، فَإِنْ ظَنَّتْ كَذِبَهُ لَمْ تُمَكِّنْهُ. وَفِي ذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ، وَإِنْ اسْتَوَى عِنْدَهَا الطَّرَفَانِ كُرِهَ لَهَا تَمْكِينُهُ، وَإِذَا صَدَّقَتْهُ وَرَآهُمَا الْحَاكِمُ مُجْتَمِعَيْنِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَالتَّدَيُّنُ لُغَةً أَنْ يَكِلَهُ إلَى دِينِهِ وَقَالَ الْأَصْحَابُ: هُوَ أَنْ لَا تَطْلُقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إنْ كَانَ صَادِقًا إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي نَوَاهُ غَيْرَ أَنَّا لَا نُصَدِّقُهُ فِي الظَّاهِرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُدَيَّنُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْمُرَادَ، وَالنِّيَّةُ إنَّمَا تَعْمَلُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ (وَيُدَيَّنُ) أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ.

(مَنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت إنْ دَخَلْت) الدَّارَ (أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ) طَلَاقَك؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَانْتَظَمَ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يُوهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَرَدْت إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ يَكُونُ كَذَلِكَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ.

ص: 503