المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل لا تزوج امرأة نفسها - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٤

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَأَصْحَابِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي توارث الْمُسْلِم وَالْكَافِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ إجْمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبَيَانَ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِع وِلَايَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُؤَنُ الزَّوْجَةِ إذَا أَسْلَمَتْ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِلَايَةُ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

الفصل: ‌فصل لا تزوج امرأة نفسها

حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ.

‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

بِإِذْنٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

بِالنِّكَاحِ بِقَوْلِهَا كَأَنْ قَالَتْ: رَضِيت أَوْ أَذِنْت فِيهِ (حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا (وَلَا يُشْتَرَطُ) الْإِشْهَادُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ وَرِضَاهَا الْكَافِي فِي الْعَقْدِ يَحْصُلُ بِإِذْنِهَا وَبِبَيِّنَةٍ، وَكَذَا بِإِخْبَارِ وَلِيِّهَا مَعَ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِمَنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ الْمَذْكُورُ حَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا كَتَزْوِيجِ الْأَبِ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُهُ صِيَانَةً لِلْعَقْدِ مِنْ أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى مَنْ يَعْتَبِرُ إذْنَهَا مِنْ الْحُكَّامِ فَيُبْطِلَهُ إذَا جَحَدَتْهُ. اهـ.

وَهُوَ بَحْثٌ حَسَنٌ، وَشَمَلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمُزَوِّجُ هُوَ الْحَاكِمَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا.

[فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا]

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ، وَهُمَا الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ، أَوْ النَّائِبُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَرْجِمًا لِذَلِكَ بِفَصْلٍ فَقَالَ: فَصْلٌ (لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا) أَيْ لَا تَمْلِكُ مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ بِحَالٍ لَا (بِإِذْنٍ) وَلَا بِغَيْرِهِ سَوَاءٌ الْإِيجَابُ

ص: 239

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

وَالْقَبُولُ؛ إذْ لَا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ دُخُولُهَا فِيهِ لِمَا قُصِدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا،

ص: 240

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34][النِّسَاءُ] . قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه:

ص: 241

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

وقَوْله تَعَالَى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232][الْبَقَرَةُ] أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ

ص: 242

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

الْوَلِيِّ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِعَضْلِهِ مَعْنًى، وَلِخَبَرِ:«لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ:«لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.

نَعَمْ لَوْ عُدِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ فَوَلَّتْ مَعَ خَاطِبِهَا أَمْرَهَا رَجُلًا مُجْتَهِدًا لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ مُحَكَّمٌ وَالْمُحَكَّمُ كَالْحَاكِمِ، وَكَذَا لَوْ وَلَّتْ مَعَهُ عَدْلًا صَحَّ عَلَى الْمُخْتَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِفَقْدِ الْحَاكِمِ، بَلْ يَجُوزُ مَعَ وُجُودِهِ سَفَرًا وَحَضَرًا بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ فِي جَوَازِ التَّحْكِيمِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ. قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَمُرَادُ الْمُهِمَّاتِ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ. وَأَمَّا الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يَكْفِي الْعَدَالَةُ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ فَشَرْطُهُ السَّفَرُ وَفَقْدُ الْقَاضِي. وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: جَوَازُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي بَعِيدٌ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالدَّلِيلُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَلِيٌّ حَاضِرٌ، وَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِمَنْعِ الصِّحَّةِ إذَا أَمْكَنَ التَّزْوِيجُ مِنْ جِهَتِهِ،

ص: 243

وَلَا غَيْرَهَا بِوَكَالَةٍ وَلَا تَقْبَلُ نِكَاحًا لِأَحَدٍ، وَالْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، لَا الْحَدَّ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ مَوْضِعَ الْجَوَازِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِ التَّزْوِيجِ مِنْ حَاكِمِ أَهْلٍ حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ وَبَسَطَ ذَلِكَ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ زَوَّجَتْ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا فِي الْكُفْرِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ (وَلَا) تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ (غَيْرَهَا بِوَكَالَةٍ) عَنْ الْوَلِيِّ وَلَا بِوِلَايَةٍ، وَلَوْ وَكَّلَ ابْنَتَهُ مَثَلًا أَنْ تُوَكِّلَ رَجُلًا فِي نِكَاحِهَا لَا عَنْهَا بَلْ عَنْهُ، أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ؛ لِأَنَّهَا سَفِيرَةٌ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَتْ عَنْهَا.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ اُبْتُلِينَا بِإِمَامَةِ امْرَأَةٍ فَإِنَّ أَحْكَامَهَا تَنْفُذُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُهُ تَصْحِيحُ تَزْوِيجِهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمَرْأَةِ فِي نِكَاحِ غَيْرِهَا إلَّا فِي مِلْكِهَا، أَوْ فِي سَفِيهٍ، أَوْ مَجْنُونٍ هِيَ وَصِيَّةٌ عَلَيْهِ (وَلَا تَقْبَلُ نِكَاحًا لِأَحَدٍ) بِوِلَايَةٍ وَلَا وَكَالَةٍ؛ إذْ لَا يَصِحُّ لَهَا فَلَا تَتَعَاطَاهُ لِلْغَيْرِ.

تَنْبِيهٌ: الْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ مُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الْخَنَاثَى وَقَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِحَثًا فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، وَقَالَ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا. اهـ.

نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ الْخُنْثَى أُخْتَهُ ثُمَّ بَانَ ذَكَرًا فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الشَّاهِدِ الصِّحَّةُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَبِهِ جَزَمَ السُّبْكِيُّ فِي كِتَابِ الْخَنَاثَى (وَالْوَطْءُ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (فِي نِكَاحٍ) بِشُهُودٍ (بِلَا وَلِيٍّ) كَتَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا، أَوْ بِوَلِيٍّ بِلَا شُهُودٍ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ وَلَا بِبُطْلَانِهِ لَا يُوجِبُ الْمُسَمَّى بَلْ (يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ النِّكَاحِ وَلِخَبَرِ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلَاثًا، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيجَابِ الْمَهْرِ مَا إذَا كَانَ النَّاكِحُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَمَا سَيَأْتِي.

تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمَهْرِ يُفْهِمُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ مَعَهُ أَرْشُ بَكَارَةٍ لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَنَّ إتْلَافَ الْبَكَارَةِ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوَطْءُ وَ (لَا) يُوجِبُ الْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ (الْحَدَّ) سَوَاءٌ أَصَدَرَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَمْ لَا لِشُبْهَةِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، لَكِنْ يُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ، وَلَوْ لَمْ يَطَأْ الزَّوْجُ فِي هَذَا النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ

ص: 244

وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ بِالنِّكَاحِ إنْ اسْتَقَلَّ بِالْإِنْشَاءِ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ بِالنِّكَاحِ عَلَى الْجَدِيدِ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا صَحَّ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ يَفْتَقِرْ صِحَّةُ نِكَاحِهِ لَهَا إلَى مُحَلِّلٍ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ أَوْ بِبُطْلَانِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ، فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِبُطْلَانِهِ حُدَّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَامْتَنَعَ عَلَى الْحَاكِمِ الْمُخَالِفِ بَعْدَ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ. أَمَّا الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْحَدَّ جَزْمًا لِانْتِفَاءِ شُبْهَةِ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله إلَى قَاعِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ غَالِبًا وَمَنْ لَا فَلَا بِقَوْلِهِ:(وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ) عَلَى مُوَلِّيَتِهِ (بِالنِّكَاحِ) بِعَدْلَيْنِ وَإِنْ لَمْ تُوَافِقْهُ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ عَلَيْهِ (إنْ اسْتَقَلَّ بِالْإِنْشَاءِ) وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِأَنْ كَانَ مُجْبِرًا وَالزَّوْجُ كُفْئًا؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ غَالِبًا كَمَا مَرَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا بِإِنْشَاءِ النِّكَاحِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُجْبِرٍ (فَلَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا لِعَجْزِهِ عَنْ الْإِنْشَاءِ إلَّا بِإِذْنِهَا.

تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَوْلَا الَّذِي قَدَّرْتُهُ مَا إذَا اسْتَقَلَّ بِالْإِنْشَاءِ وَكَانَ عِنْدَ الْإِقْرَارِ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَهَا حِينَ كَانَتْ بِكْرًا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ اسْتَقَلَّ بِالْإِنْشَاءِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ بِالنِّكَاحِ إذَا كَانَ مُسْتَقِلًّا بِالْإِنْشَاءِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ وَصْفُهُ بِذَلِكَ حِينَ الْإِقْرَارِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ عَكْسِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ:(وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ) الْحُرَّةِ وَلَوْ سَفِيهَةً فَاسِقَةً بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا (بِالنِّكَاحِ) مِنْ زَوْجٍ صَدَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ غَيْرَ كُفْءٍ (عَلَى الْجَدِيدِ) وَإِنْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالشَّاهِدَانِ إنْ عَيَّنَتْهُمَا، أَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: مَا رَضِيتُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ فَثَبَتَ بِتَصَادُقِهِمَا كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ، وَلِاحْتِمَالِ نِسْيَانِ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ وَكَذِبِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهَا الْإِقْرَارَ فَتَقُولُ: زَوَّجَنِي مِنْهُ وَلِيِّي بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ وَرِضَائِي إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا. فَإِنْ قِيلَ: سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ يَكْفِي إقْرَارُهَا الْمُطْلَقُ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ ذَاكَ مَحَلُّهُ فِي إقْرَارِهَا الْوَاقِعِ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا هُنَا فِي إقْرَارِهَا الْمُبْتَدَإِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَقِيقًا اُشْتُرِطَ مَعَ ذَلِكَ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأَمَةِ، وَمِثْلُهَا الْعَبْدُ، فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهَا الزَّوْجُ لَمْ يَحِلَّ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ فِي الْحَالِ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا، وَطَرِيقُ حِلِّهَا أَنْ يُطَلِّقَهَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ وَالْقَدِيمُ إنْ كَانَا غَرِيبَيْنِ يَثْبُتُ النِّكَاحُ وَإِلَّا طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ لِسُهُولَتِهَا، وَعَنْ الْقَدِيمِ عَدَمُ الْقَبُولِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَاهُ عَنْ الْقَدِيمِ وَحَمَلَهُ عَلَى الْحِكَايَةِ عَنْ الْغَيْرِ، وَإِنْ أَقَرَّتْ لِزَوْجٍ وَالْمُجْبِرُ لِآخَرَ فَهَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ أَوْ إقْرَارُهَا أَوْ السَّابِقُ أَوْ يَبْطُلَانِ جَمِيعًا؟ احْتِمَالَاتٌ لِلْإِمَامِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ السَّابِقِ، فَإِنْ أَقَرَّا مَعًا فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ لِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِبَدَنِهَا وَحَقِّهَا، وَلَوْ جَهِلَ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ أَوْ يَبْطُلَانِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِصَاحِبِ الْمَطْلَبِ. اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِإِقْرَارِهَا؛ لِأَنَّا

ص: 245

وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهَا،

ــ

[مغني المحتاج]

تَحَقَّقْنَا وَشَكَكْنَا فِي الْمُفْسِدِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَنُقِلَ فِي الْأَنْوَارِ عَنْ التَّلْخِيصِ تَرْجِيحُ السُّقُوطِ مُطْلَقًا، وَلَوْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَذَكَرَ شَرَائِطَ الْعَقْدِ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَدَاقُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَاسْتِدَامَتُهُ تَنْفَكُّ عَنْ الصَّدَاقِ.

فَرْعٌ: لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ مُشِيرَةٌ إلَى شَخْصٍ: هَذَا زَوْجِي فَسَكَتَ فَمَاتَتْ وَرِثَهَا وَلَوْ مَاتَ هُوَ لَمْ تَرِثْهُ، وَإِنْ قَالَ هُوَ: هَذِهِ زَوْجَتِي فَسَكَتَتْ فَمَاتَ وَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا عَلَى النَّصِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْبَابَ الْوِلَايَةِ أَرْبَعَةٌ، السَّبَبُ الْأَوَّلُ الْأُبُوَّةُ وَقَدْ شَرَعَ فِيهِ فَقَالَ (وَلِلْأَبِ) وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ وَهِيَ (تَزْوِيجُ) ابْنَتِهِ (الْبِكْرِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً) عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ (بِغَيْرِ إذْنِهَا) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ:«الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا» . وَرِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا» حُمِلَتْ عَلَى النَّدْبِ، وَلِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسُ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ فَهِيَ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ، أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَحْتَاطُ لِمُوَلِّيَتِهِ لِخَوْفِ الْعَارِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيِّ الْجَوَازَ.

تَنْبِيهٌ: لِتَزْوِيجِ الْأَبِ بِغَيْرِ إذْنِهَا شُرُوطٌ. الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ كَمَا مَرَّ. الثَّانِي: أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ كُفْءٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا بِالْمَهْرِ. السَّادِسُ: أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا بِمَنْ تَتَضَرَّرُ بِمُعَاشَرَتِهِ كَأَعْمَى وَشَيْخٍ هَرِمٍ. السَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَجُّ، فَإِنَّ الزَّوْجَ قَدْ يَمْنَعُهَا لِكَوْنِ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي وَلَهَا غَرَضٌ فِي تَعْجِيلِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهَا. قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ، وَهَلْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ شُرُوطٌ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ أَوْ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ فَقَطْ؟ فِيهِ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ لِهَذَا وَمَا هُوَ مُعْتَبَرٌ لِذَاكَ، فَالْمُعْتَبَرُ لِلصِّحَّةِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلِيِّهَا عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ وَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ كُفْئًا وَأَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِحَالِ الصَّدَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِ الْيَسَارِ مُعْتَبَرًا فِي الْكَفَاءَةِ كَمَا هُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، بَلْ لِأَنَّهُ بَخَسَهَا حَقَّهَا وَمَا عَدَا ذَلِكَ شُرُوطٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ، قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْإِجْبَارِ أَيْضًا انْتِفَاءُ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ. اهـ.

وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ هُنَا كَمَا اُعْتُبِرَ ثَمَّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا مِمَّنْ يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهَا، أَمَّا مُجَرَّدُ كَرَاهَتِهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ فَلَا تُؤَثِّرُ، لَكِنْ يُكْرَهُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ الْبِكْرِ إذَا كَانَتْ مُكَلَّفَةً لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَتَطْيِيبًا لِخَاطِرِهَا، أَمَّا غَيْرُ الْمُكَلَّفَةِ فَلَا إذْنَ لَهَا، وَيُسَنُّ اسْتِفْهَامُ الْمُرَاهِقَةِ وَأَنْ لَا يُزَوِّجَ الصَّغِيرَةَ حَتَّى تَبْلُغَ، وَالْمُسْتَحَبُّ فِي الِاسْتِئْذَانِ أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا نِسْوَةٌ ثِقَاتٌ يَنْظُرْنَ مَا فِي نَفْسِهَا وَالْأُمُّ بِذَلِكَ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَطَّلِعُ عَلَى مَا لَا

ص: 246

وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ إلَّا بِإِذْنِهَا، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَبْلُغَ، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَسَوَاءٌ زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ، وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ كَسَقْطَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا (وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ) بَالِغَةٍ وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ (إلَّا بِإِذْنِهَا) لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ السَّابِقِ وَخَبَرِ: «لَا تُنْكِحُوا الْأَيَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ،

وَلِأَنَّهَا عَرَفَتْ مَقْصُودَ النِّكَاحِ فَلَا تُجْبَرُ بِخِلَافِ الْبِكْرِ (فَإِنْ كَانَتْ) تِلْكَ الثَّيِّبُ (صَغِيرَةً) غَيْرَ مَجْنُونَةٍ وَغَيْرَ أَمَةٍ (لَمْ تُزَوَّجْ) سَوَاءٌ احْتَمَلَتْ الْوَطْءَ أَمْ لَا (حَتَّى تَبْلُغَ) لِأَنَّ إذْنَ الصَّغِيرَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَامْتَنَعَ تَزْوِيجُهَا إلَى الْبُلُوغِ، أَمَّا الْمَجْنُونَةُ فَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ عِنْدَ عَدَمِهِ قَبْلَ بُلُوغِهَا لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلِسَيِّدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَكَذَا لِوَلِيِّ السَّيِّدِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ (وَالْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا (كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ) أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ فِيمَا ذَكَرَ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً وَعُصُوبَةً كَالْأَبِ وَيَزِيدُ الْجَدُّ عَلَيْهِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ تَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْأَبِ، وَوَكِيلُ الْأَبِ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ، لَكِنَّ وَكِيلَ الْجَدِّ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (وَسَوَاءٌ) فِي حُصُولِ الثُّيُوبَةِ وَاعْتِبَارِ إذْنِهَا (زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ) فِي قُبُلِهَا (حَلَالٍ) كَالنِّكَاحِ (أَوْ حَرَامٍ) كَالزِّنَا أَوْ بِوَطْءٍ لَا يُوصَفُ بِهِمَا كَشُبْهَةٍ كَمَا شَمِلَهُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ: بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ (وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ) فِي الْقُبُلِ (كَسَقْطَةٍ) وَحِدَّةِ طَمْثٍ وَطُولِ تَعْنِيسٍ وَهُوَ الْكِبَرُ أَوْ بِأُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ بَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبْكَارِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ فَهِيَ عَلَى غَبَاوَتِهَا وَحَيَائِهَا، وَالثَّانِي: أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ فِيمَا ذُكِرَ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِزَوَالِ الْعُذْرَةِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْبِكْرَ لَوْ وُطِئَتْ فِي قُبُلِهَا وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ كَسَائِرِ الْأَبْكَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي التَّحْلِيلِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ بِمُمَارَسَةِ الرِّجَالِ خِلَافَهُ كَمَا أَنَّ قَضِيَّتَهُ كَذَلِكَ إذَا زَالَتْ بِذَكَرِ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ كَقِرْدٍ مَعَ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهَا كَالثَّيِّبِ، وَلَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبْكَارِ كَمَا حَكَى فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَأَقَرَّهُ وَتُصَدَّقُ الْمُكَلَّفَةُ فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً. قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: بِلَا يَمِينٍ وَكَذَا فِي دَعْوَى الثُّيُوبَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ ادَّعَتْ الثُّيُوبَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ إذْنِهَا نُطْقًا فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِمَا فِي تَصْدِيقِهَا مِنْ إبْطَالِ النِّكَاحِ بَلْ لَوْ شَهِدَتْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَبْطُلْ لِجَوَازِ إزَالَتِهَا بِأُصْبُعٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ أَنَّهَا خُلِقَتْ بِدُونِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَإِنْ أَفْتَى الْقَاضِي بِخِلَافِهِ (وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَابْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ) بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا

ص: 247

وَتُزَوَّجُ الثَّيِّبُ الْبَالِغَةُ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ، وَيَكْفِي فِي الْبِكْرِ سُكُوتُهَا فِي الْأَصَحِّ.

وَالْمُعْتِقُ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِالْإِذْنِ وَإِذْنُهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (وَتُزَوَّجُ الثَّيِّبُ) الْعَاقِلَةُ (الْبَالِغَةُ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ) لِلْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا لِحَدِيثِ: «لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَلَوْ أَذِنَتْ بِلَفْظِ التَّوْكِيلِ جَازَ عَلَى النَّصِّ كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ حِكَايَةِ صَاحِبِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَإِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: الَّذِينَ لَقِينَاهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ لَا يَعُدُّونَهُ إذْنًا؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ بَاطِلٌ، وَرُجُوعَهَا عَنْ الْإِذْنِ كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ عَنْ الْوَكَالَةِ، فَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بَعْدَ رُجُوعِهَا وَقَبْلَ عِلْمِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِذْنُ الْخَرْسَاءِ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِكَتْبِهَا. قَالَ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ هَلْ تَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَجْنُونَةِ حَتَّى يُزَوِّجَهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ لَا لِأَنَّهَا عَاقِلَةٌ؟ لَمْ أَرَ فِيهَا شَيْئًا، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ، وَمَا قَالَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِكَتْبِ مَنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ ظَاهِرٌ إنْ نَوَتْ بِهِ الْإِذْنَ كَمَا قَالُوا كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ (وَيَكْفِي فِي الْبِكْرِ) الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ إذَا اُسْتُؤْذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ كُفْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (سُكُوتُهَا فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ بَكَتْ وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ إذْنٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» فَإِنْ بَكَتْ بِصِيَاحٍ أَوْ ضَرْبِ خَدٍّ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا. وَالثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ كَمَا فِي الثَّيِّبِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمُجْبِرِ، أَمَّا هُوَ فَالسُّكُوتُ كَافٍ قَطْعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إيرَادُ الْمُصَنِّفِ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَرَجَ بِاسْتُؤْذِنَتْ مَا لَوْ زُوِّجَتْ بِحَضْرَتِهَا مَعَ سُكُوتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ اسْتِئْذَانِهَا وَبِمَنْ كُفْءٌ أَوْ غَيْرُهُ مَا لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ بِدُونِ الْمَهْرِ أَصْلًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَسَكَتَتْ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي سُكُوتُهَا لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ كَبَيْعِ مَالِهَا، وَلَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ بِرَجُلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَسَكَتَتْ كَفَى فِيهِ سُكُوتُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي الْإِذْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَيَجُوزُ أَنْ أُزَوِّجَكِ أَوْ تَأْذَنِينَ. فَقَالَتْ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَوْ لِمَ لَا آذَنُ كَفَى؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِرِضَاهَا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ الْخَاطِبُ: أَتُزَوِّجُنِي لَمْ يَكُنْ اسْتِيجَابًا، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْعَقْدَ يُعْتَبَرُ فِيهِ اللَّفْظُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْجَزْمُ وَإِذْنُ الْبِكْرِ يَكْفِي فِيهِ السُّكُوتُ فَكَفَى فِيهِ مَا ذُكِرَ مَعَ جَوَابِهَا، وَلَوْ قَالَتْ: رَضِيتُ بِمَنْ رَضِيَتْ بِهِ أُمِّي أَوْ بِمَنْ اخْتَارَتْهُ أَوْ بِمَا يَفْعَلُهُ أَبِي وَهُمْ فِي ذِكْرِ النِّكَاحِ كَفَى، لَا إنْ قَالَتْ: رَضِيتُ إنْ رَضِيَتْ أُمِّي أَوْ رَضِيتُ بِمَا تَفْعَلُهُ أُمِّي فَلَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَا تَعْقِدُ وَلِأَنَّ الصِّيغَةَ الْأُولَى صِيغَةُ تَعْلِيقٍ وَكَذَا لَا يَكْفِي رَضِيتُ إنْ رَضِيَ أَبِي إلَّا أَنْ تُرِيدَ رَضِيتُ بِمَا يَفْعَلُهُ فَيَكْفِي وَلَوْ أَذِنَتْ بِكْرٌ فِي تَزْوِيجِهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ اُسْتُؤْذِنَتْ كَذَلِكَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَسَكَتَتْ كَانَ إذْنًا إنْ كَانَ مَهْرَ مِثْلِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمُقْرِي.

ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبَبِ الثَّانِي وَهُوَ الْعِتْقُ فَقَالَ: (وَالْمُعْتِقُ) وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ فَيَشْمَلُ عَصَبَتَهُ وَهُوَ السَّبَبُ الثَّالِثُ لَا مَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ فَقَطْ.

ص: 248

وَالسُّلْطَانُ كَالْأَخِ.

وَأَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ أَبٌ ثُمَّ جَدٌّ ثُمَّ أَبُوهُ ثُمَّ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ عَمٌّ ثُمَّ سَائِرُ الْعَصَبَةِ كَالْإِرْثِ، وَيُقَدَّمُ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ عَلَى أَخٍ لِأَبٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ بِبُنُوَّةٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَالسَّبَبُ الرَّابِعُ السُّلْطَانُ، وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْقَاضِيَ وَالْمُعْتِقَ وَعَصَبَتَهُ (وَالسُّلْطَانُ كَالْأَخِ) فِيمَا ذَكَرَ قَبْلَهُ.

(وَأَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ) بِالتَّزْوِيجِ (أَبٌ) لِأَنَّ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ يُدْلُونَ بِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَمُرَادُهُ الْأَغْلَبُ وَإِلَّا فَالسُّلْطَانُ وَالْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ لَا يُدْلُونَ بِهِ (ثُمَّ جَدٌّ) أَبُو أَبٍ (ثُمَّ أَبُوهُ) وَإِنْ عَلَا لِاخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنْهُمْ عَنْ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ بِالْوِلَادَةِ مَعَ مُشَارَكَتِهِ فِي الْعُصُوبَةِ (ثُمَّ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ) لِأَنَّ الْأَخَ يُدْلِي بِالْأَبِ فَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ ابْنِهِ (ثُمَّ ابْنُهُ) أَيْ ابْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَإِنْ سَفَلَ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ الْعَمِّ (ثُمَّ عَمٌّ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ سَفَلَ (ثُمَّ سَائِرُ الْعَصَبَةِ) مِنْ الْقَرَابَةِ أَيْ بَاقِيهِمْ (كَالْإِرْثِ) لِأَنَّ الْمَأْخَذَ فِيهِمَا وَاحِدٌ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: كَالْإِرْثِ مُتَعَلِّقٌ بِسَائِرِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يُقَدَّمُ فِي الْمِيرَاثِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ هُنَا وَالْجَدُّ فِي الْإِرْثِ يُشَارِكُ الْأَخَ وَهُنَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَالشَّقِيقُ فِي الْإِرْثِ يُقَدَّمُ قَطْعًا عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَهُنَا فِيهِ خِلَافٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ:(وَيُقَدَّمُ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ عَلَى أَخٍ لِأَبٍ) وَابْنُ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ، وَعَمٌّ لِأَبَوَيْنِ عَلَى عَمٍّ لِأَبٍ، وَابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ عَمٍّ لِأَبٍ (فِي الْأَظْهَرِ) الْجَدِيدِ لِزِيَادَةِ الْقُرْبِ وَالشَّفَقَةِ كَالْإِرْثِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ غَابَ الشَّقِيقُ لَمْ يُزَوِّجْ الَّذِي لِأَبٍ بَلْ السُّلْطَانُ، وَعَلَى الْقَدِيمِ هُمَا وَلِيَّانِ؛ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي النِّكَاحِ فَلَا يُرَجَّحُ بِهَا بِخِلَافِ الْإِرْثِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا عَمَّانِ أَحَدُهُمَا خَالٌ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا لَا يُفِيدُ لَا يُرَجِّحُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَمَّ لِأَبَوَيْنِ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ لِلْأَبِ فِي الْإِرْثِ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ: يُقَدَّمُ مُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ لَشَمِلَ مَا أَدْخَلْتُهُ فِي كَلَامِهِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَبٍ لَكِنَّهُ أَخُوهَا لِأُمِّهَا، فَالثَّانِي هُوَ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِالْجَدِّ وَالْأُمِّ. وَالْأَوَّلُ يُدْلِي بِالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ، وَلَوْ كَانَ ابْنَا ابْنِ عَمٍّ. أَحَدُهُمَا ابْنُهَا. وَالْآخَرُ أَخُوهَا مِنْ الْأُمِّ، فَالِابْنُ هُوَ الْمُقَدَّمُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، وَلَوْ كَانَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا: مُعْتِقٌ قُدِّمَ الْمُعْتِقُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ ابْنَ عَمٍّ لِأَبٍ. وَالْآخَرُ: شَقِيقًا قُدِّمَ الشَّقِيقُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا خَالٌ فَهُمَا سَوَاءٌ بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَسْمِيَةُ كُلِّ مَنْ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَلِيًّا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ وَجَعَلَ الْوِلَايَةَ حَقِيقَةً لِلْأَبِ وَالْجَدِّ فَقَطْ (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ) أُمَّهُ وَإِنْ عَلَتْ (بِبُنُوَّةٍ) مَحْضَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُزَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي النَّسَبِ؛ إذْ انْتِسَابُهَا إلَى أَبِيهَا، وَانْتِسَابُ الِابْنِ إلَى أَبِيهِ فَلَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ، فَإِنْ قِيلَ يَدُلُّ لِلصِّحَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:" لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ. قَالَ لِابْنِهَا عُمَرَ: قُمْ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ ".

أُجِيبَ بِأَجْوِبَةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ نِكَاحَهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَحْتَاجُ إلَى وَلِيٍّ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ اسْتِطَابَةً لِخَاطِرِهِ. ثَانِيهَا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وُلِدَ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي السَّنَةِ

ص: 249

فَإِنْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ أَوْ مُعْتِقًا أَوْ قَاضِيًا زَوَّجَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَسِيبٌ زَوَّجَ الْمُعْتِقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ، كَالْإِرْثِ، وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتَقَةَ مَا دَامَتْ حَيَّةً،

ــ

[مغني المحتاج]

الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَزَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ كَانَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ، وَقِيلَ: كَانَ سِنُّ عُمَرَ يَوْمَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَ سِنِينَ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ وَكَانَ حِينَئِذٍ طِفْلًا فَكَيْفَ يُزَوِّجُ. ثَالِثُهَا: بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ أَنَّهُ زَوَّجَ وَهُوَ بَالِغٌ فَيَكُونُ بِبُنُوَّةِ الْعَمِّ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي أَعْمَامِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنْهُ (فَإِنْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ) لَهَا أَوْ ذَا قَرَابَةٍ أُخْرَى مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحِ مَجُوسٍ كَمَا إذَا كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ أَخِيهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا (أَوْ مُعْتِقًا) لَهَا أَوْ غَاصِبَ مُعْتِقٍ لَهَا (أَوْ قَاضِيًا) أَوْ مُحَكِّمًا أَوْ وَكِيلًا عَنْ وَلِيِّهَا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (زَوَّجَ بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ فَلَا تَضُرُّهُ الْبُنُوَّةُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٌ، فَإِذَا وُجِدَ مَعَهَا سَبَبٌ آخَرَ يَقْتَضِي الْوِلَايَةَ لَمْ تَمْنَعْهُ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ ابْنُ ابْنِ عَمٍّ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَمِّهَا ابْنَهَا، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يُتَصَوَّرُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَبِنِكَاحِ الْمَجُوسِ، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لَهَا بِأَنْ يَكُونَ مُكَاتَبًا، وَيَأْذَنُ لَهُ سَيِّدُهُ فَيُزَوِّجُهَا بِالْمِلْكِ (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ رَجُلٌ (نَسِيبٌ زَوَّجَ الْمُعْتِقُ) الرَّجُلُ (ثُمَّ عَصَبَتُهُ) بِحَقِّ الْوَلَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعْتِقِ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً وَالتَّرْتِيبُ هَذَا (كَالْإِرْثِ) فِي تَرْتِيبِهِ وَمَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ فَيُقَدَّمُ بَعْدَ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ مُعْتِقُ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَهَكَذَا لِحَدِيثِ:«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَلِأَنَّ الْمُعْتِقَ أَخْرَجَهَا مِنْ الرِّقِّ إلَى الْحُرِّيَّةِ فَأَشْبَهَ الْأَبَ فِي إخْرَاجِهِ لَهَا إلَى الْوُجُودِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: أَنَّ أَخَا الْمُعْتِقِ أَوْلَى مِنْ جَدِّهِ، وَفِي النَّسَبِ يُقَدَّمُ الْجَدُّ. الثَّانِيَةِ: أَنَّ ابْنَ الْمُعْتِقِ يُزَوِّجُ وَيُقَدَّمُ عَلَى أَبِي الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّ التَّعْصِيبَ لَهُ، وَفِي النَّسَبِ لَا يُزَوِّجُهَا ابْنُهَا بِالْبُنُوَّةِ. الثَّالِثَةُ: أَنَّ ابْنَ الْأَخِ يُقَدَّمُ عَلَى الْجَدِّ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيمِ وَالِدِهِ. الرَّابِعَةُ: الْعَمُّ يُقَدَّمُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ بِخِلَافِ النَّسَبِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: الْمُعْتِقُ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ فَلَوْ تَزَوَّجَ عَتِيقٌ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ وَأَتَتْ بِابْنَةٍ لَا يُزَوِّجُهَا مَوَالِي الْأَبِ، وَكَلَامُ الْكِفَايَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ التَّزْوِيجُ لِمَوَالِي الْأَبِ، ثُمَّ أَشَارَ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ ضَابِطِ مَنْ يُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ بِقَوْلِهِ:(وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ) إذَا فُقِدَ وَلِيُّ الْعَتِيقَةِ مِنْ النَّسَبِ كُلُّ (مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتِقَةَ مَا دَامَتْ حَيَّةً) بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا تَبَعًا لِلْوِلَايَةِ عَلَى الْمُعْتِقَةِ فَيُزَوِّجُهَا الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى مَا مَرَّ فِي تَرْتِيبِهِمْ بِرِضَا الْعَتِيقَةِ، وَيَكْفِي سُكُوتُ الْبِكْرِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي تَكْمِلَتِهِ وَإِنْ خَالَفَ فِي دِيبَاجِهِ.

تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعَتِيقَةَ كَافِرَةً وَالْمُعْتِقَةُ مُسْلِمَةً وَوَلِيُّهَا كَافِرٌ أَنَّهُ

ص: 250

وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتِقَةِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِذَا مَاتَتْ زَوَّجَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ، فَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ زَوَّجَ السُّلْطَانُ،

ــ

[مغني المحتاج]

لَا يُزَوِّجُهَا وَلَيْسَ مُرَادًا وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمُعْتِقَةُ وَوَلِيُّهَا كَافِرَيْنِ وَالْعَتِيقَةُ مُسْلِمَةً أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَلَيْسَ مُرَادًا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَلَوْ قَالَ يُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي حَالِ مَوْتِهَا لَاسْتَقَامَ، وَلَكِنْ هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ اخْتِلَافِ الدِّينِ الْآتِي فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ (وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتِقَةِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا وَلَا إجْبَارَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ. وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَهَا وَالْعَصَبَةُ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِدْلَائِهِمْ بِهَا فَلَا أَقَلَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهَا.

تَنْبِيهٌ: حُكْمُ أَمَةِ الْمَرْأَةِ حُكْمُ عَتِيقَتِهَا فَيُزَوِّجُهَا مَنْ يُزَوِّجُ سَيِّدَتَهَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ، لَكِنْ إذَا كَانَتْ السَّيِّدَةُ كَامِلَةً اُشْتُرِطَ إذْنُهَا وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا إذْ لَا تَسْتَحِي، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا امْتَنَعَ عَلَى الْأَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مَجْنُونَةً وَلَيْسَ لِلْأَبِ إجْبَارُ أَمَةِ الْبِكْرِ الْبَالِغِ، وَلَوْ أَعْتَقَ شَخْصٌ جَارِيَةً ثُمَّ أَعْتَقَتْ هَذِهِ الْعَتِيقَةُ جَارِيَةً وَلَلْمُعْتَقَةِ ابْنٌ فَوَلَاءُ الثَّانِيَةِ لِمُعْتِقِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ الْوَلِيِّ، حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيِّ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ (فَإِذَا مَاتَتْ) أَيْ الْمُعْتِقَةُ (زَوَّجَ) الْعَتِيقَةَ (مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ) عَلَى الْمُعْتِقَةِ مِنْ عَصَبَاتِهَا فَيُزَوِّجُهَا ابْنُهَا ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ أَبُوهَا عَلَى تَرْتِيبِ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ، إذْ تَبَعِيَّةُ الْوَلَاءِ انْقَطَعَتْ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا اثْنَانِ اُعْتُبِرَ رِضَاهُمَا فَيُوَكِّلَانِ، أَوْ يُوَكِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، أَوْ يُبَاشِرَانِ مَعًا وَيُزَوِّجُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ مَعَ السُّلْطَانِ وَإِنْ مَاتَا اُشْتُرِطَ فِي تَزْوِيجِهَا اثْنَانِ مِنْ عَصَبَتِهِمَا، وَاحِدٌ مِنْ عَصَبَةِ أَحَدِهِمَا، وَآخَرُ مِنْ عَصَبَةِ الْآخَرِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَفَى مُوَافَقَةُ أَحَدِ عَصَبَتِهِ لِلْآخَرِ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَرِثَهُ الْآخَرُ اسْتَقَلَّ بِتَزْوِيجِهَا، وَلَوْ اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِنْ عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ فِي دَرَجَةٍ كَبَنِينَ وَإِخْوَةٍ كَانُوا كَالْإِخْوَةِ فِي النَّسَبِ، فَإِذَا زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَاهَا صَحَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْآخَرِينَ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ خُنْثَى مُشْكِلًا زَوَّجَ عَتِيقَتَهُ أَبَاهُ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ بِتَرْتِيبِهِمْ لَكِنْ بِإِذْنِهِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ فَيَكُونُ قَدْ زَوَّجَهَا وَكِيلُهُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ وَوَلِيُّهَا بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي وَالْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِمَا وُجُوبُ إذْنِهِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: فَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ خُنْثَى مُشْكِلًا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ، وَالْخُنْثَى كَالْمَفْقُودِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِإِذْنِهِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ: فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا أَبُوهُ بِإِذْنِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَأَحْوَطُ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَ السُّلْطَانُ، وَلَوْ عَقَدَ الْخُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا صَحَّ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْأَمَةُ الْمُبَعَّضَةُ فَيُزَوِّجُهَا الْمَالِكُ مَعَ وَلِيِّهَا الْقَرِيبِ ثُمَّ مَعَ مُعْتِقِ الْبَعْضِ، ثُمَّ مَعَ عَصَبَتِهِ، ثُمَّ مَعَ السُّلْطَانِ. وَأَمَّا أَمَةُ السَّيِّدَةِ الْمُبَعَّضَةِ فَيُزَوِّجُهَا وَلِيُّ الْمُبَعَّضَةِ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا حُرَّةً بِإِذْنِهَا (فَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ زَوَّجَ السُّلْطَانُ) الْمَرْأَةَ الَّتِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِخَبَرِ:«السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهَا

ص: 251

وَكَذَا يُزَوِّجُ إذَا عَضَلَ الْقَرِيبُ وَالْمُعْتِقُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَضْلُ إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ إلَى كُفْءٍ

ــ

[مغني المحتاج]

وَإِنْ رَضِيَتْ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. وَقَالَ شُرَيْحٌ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ. وَقَالَ الْغَزِّيُّ: وَالْأَصَحُّ فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ بِمَا حَكَمَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، فَقِيَاسُهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ. اهـ.

وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِالْخَاطِبِ فَلَمْ يَكُنْ حُضُورُهُ مُؤَثِّرًا فِي جَوَازِ الْحُكْمِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَكَمَ لِحَاضِرٍ عَلَى غَائِبٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ حَاضِرٌ وَالْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَكَذَا يُزَوِّجُ) السُّلْطَانُ (إذَا عَضَلَ) النَّسِيبُ (الْقَرِيبُ) وَلَوْ مُجْبِرًا، أَيْ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا هُوَ (وَالْمُعْتِقُ) وَعَصَبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ وَفَائِهِ وَفَّاهُ الْحَاكِمُ، وَلَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ جَزْمًا، وَهَذَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْعَضْلُ دُونَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ.

فَإِنْ كَانَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ وِلَايَةِ الْفَاسِقِ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ، وَهَذَا فِيمَنْ لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الشَّهَادَاتِ وَإِلَّا فَلَا يُفَسَّقُ بِذَلِكَ، وَهَلْ الْمُرَادُ مَا قَالَاهُ هُنَا بِالْمَرَّاتِ الثَّلَاثِ الْأَنْكِحَةُ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَرَضِ الْحَاكِمِ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ؟ . قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: فِيهِ نَظَرٌ اهـ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي، وَوَقَعَ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعَضْلَ كَبِيرَةٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْخُطَّةِ حَاكِمٌ. وَقِيلَ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا إذَا جَوَّزْنَا التَّحْكِيمَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إذَا عَضَلَ الْوَلِيُّ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ لِشُمُولِهِ لِعَصَبَةِ الْمُعْتِقِ كَمَا زِدْتُهُ، وَهَلْ السُّلْطَانُ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَوْ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ غَابَ عَنْهَا وَلِيُّهَا إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ زَوَّجَهَا أَحَدُ نُوَّابِهِ أَوْ قَاضٍ آخَرَ أَوْ بِالنِّيَابَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا وَلِيَّانِ وَالْأَقْرَبُ غَائِبٌ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ قُدِّمَ عَلَيْهِ الْحَاضِرُ أَوْ بِالنِّيَابَةِ فَلَا، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِالْأَوَّلِ وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ، وَصَحَّحَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ لِلْغَيْبَةِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ، وَهَذَا أَوْجَهُ.

تَنْبِيهٌ: اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ عَلَى صُورَتَيْنِ وَذَكَرَ بَعْدَ أَنْ يُزَوِّجَ عِنْدَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَإِحْرَامِهِ وَإِرَادَتِهِ تَزْوِيجَ مُوَلِّيَتِهِ وَلَا مُسَاوٍ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ، وَالْمَجْنُونَةُ وَالْبَالِغَةُ عِنْدَ فَقْدِ الْمُجْبِرِ، وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا الْحَاكِمُ فِي أَبْيَاتٍ فَقَالَ:

وَتُزَوِّجُ الْحُكَّامُ فِي صُوَرٍ أَتَتْ

مَنْظُومَةً تَحْكِي عُقُودَ جَوَاهِرِ

عَدَمُ الْوَلِيِّ وَفَقْدُهُ وَنِكَاحُهُ

وَكَذَاكَ غَيْبَتُهُ مَسَافَةَ قَاصِرِ

وَكَذَاكَ إغْمَاءٌ وَحَبْسٌ مَانِعٌ

أَمَةً لِمَحْجُورٍ تَوَارِي الْقَادِرِ

إحْرَامُهُ وَتَعَزُّزٌ مَعَ عَضْلِهِ

إسْلَامُ أُمِّ الْفَرْعِ وَهِيَ لِكَافِرِ

فَأَهْمَلَ النَّاظِمُ تَزْوِيجَ الْمَجْنُونَةِ الْبَالِغَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ يُزَوِّجُ عِنْدَ إغْمَاءِ الْوَلِيِّ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَضْلُ) مِنْ الْوَلِيِّ (إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ) رَشِيدَةً كَانَتْ أَوْ سَفِيهَةً (إلَى كُفْءٍ

ص: 252