المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل تزويج المحجور عليه] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٤

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَأَصْحَابِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي توارث الْمُسْلِم وَالْكَافِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ إجْمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبَيَانَ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِع وِلَايَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُؤَنُ الزَّوْجَةِ إذَا أَسْلَمَتْ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِلَايَةُ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

الفصل: ‌[فصل تزويج المحجور عليه]

وَأَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً، وَكَذَا مَعِيبَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَجُوزُ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ بِبَاقِي الْخِصَالِ فِي الْأَصَحِّ.

فَصْلٌ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ

ــ

[مغني المحتاج]

فَرْعٌ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ هَلْ هُوَ كُفْءٌ لِلرَّشِيدَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ غَالِبًا بِالْحَجْرِ عَلَى الزَّوْجِ، فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي.

وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ خِصَالَ الْكَفَاءَةِ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:

نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ

فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدُ

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَاءَةِ (لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ) أَيْ لَا تُجْبَرُ نَقِيصَةٌ بِفَضِيلَةٍ فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ عَجَمِيَّةٌ بِرَقِيقٍ عَرَبِيٍّ، وَلَا سَلِيمَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ دَنِيئَةٌ بِمَعِيبٍ نَسِيبٍ، وَلَا حُرَّةٌ فَاسِقَةٌ بِعَبْدٍ عَفِيفٍ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْأَبِ (تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً) لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْعَنَتِ الْمُعْتَبَرِ فِي نِكَاحِهَا بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهُ بِهَا بِشَرْطِهِ (وَكَذَا مَعِيبَةً) بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَالْبَرْصَاءِ لَا يُزَوِّجُهُ بِهَا (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ، وَفِي قَوْلٍ: يَصِحُّ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْبُطْلَانِ فِي تَزْوِيجِهِ الرَّتْقَاءَ وَالْقَرْنَاءَ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَالًا فِي بُضْعٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِخِلَافِ تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ مَجْبُوبًا، وَإِنْ زُوِّجَ الْمَجْنُونُ، أَوْ الصَّغِيرُ عَجُوزًا، أَوْ عَمْيَاءَ، أَوْ قُطَعَاءَ، أَوْ الصَّغِيرَةُ بِهَرِمٍ، أَوْ أَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ فَوَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي صُورَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَنَقَلُوهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُمَا بِالْمَصْلَحَةِ وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ فِي صُورَةِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إنَّمَا يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ مِنْ الْكُفْءِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ كُفْءٌ فَالْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مُخْتَلِفٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِهِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي شُرُوطِ الْإِجْبَارِ (وَيَجُوزُ) لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ الصَّغِيرَ (مَنْ لَا تُكَافِئُهُ بِبَاقِي الْخِصَالِ) الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَاءَةِ كَنَسَبٍ وَحِرْفَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعَيَّرُ بِافْتِرَاشِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ، نَعَمْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا، وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَدْ صَرَّحَا بِهِ أَوَّلَ الْخِيَارِ حَيْثُ قَالَا: وَلَوْ زُوِّجَ الصَّغِيرُ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ وَصَحَّحْنَاهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِيهِ غِبْطَةٌ.

[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (لَا يُزَوَّجُ) عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ (مَجْنُونٌ) وَلَا مُخْتَلٌّ وَهُوَ مَنْ فِي عَقْلِهِ خَلَلٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا مُبَرْسَمٌ (صَغِيرٌ) لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنَّ الظَّاهِرَ حَاجَتُهُ

ص: 277

وَكَذَا كَبِيرٌ إلَّا لِحَاجَةٍ فَوَاحِدَةً، وَلَهُ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَيُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ إنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ وَسَوَاءٌ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ ثَيِّبٌ وَبِكْرٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَجَدٌّ لَمْ تُزَوَّجْ فِي صِغَرِهَا، فَإِنْ بَلَغَتْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ فِي الْأَصَحِّ

ــ

[مغني المحتاج]

إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ (وَكَذَا) لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ وَمُخْتَلٌّ مُبَرْسَمٌ (كَبِيرٌ) أَطْبَقَ جُنُونُهُ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلَهُ (إلَّا لِحَاجَةٍ) لِلنِّكَاحِ حَاصِلَةٍ حَالًا كَأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ بِدَوَرَانِهِ حَوْلَهُنَّ وَتَعَلُّقِهِ بِهِنَّ أَوْ مَآلًا كَتَوَقُّعِ شِفَائِهِ بِاسْتِفْرَاغِ مَائِهِ بَعْدَ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ بِذَلِكَ أَوْ بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ وَلَا يَجِدُ فِي مَحَارِمِهِ مَنْ يَحْصُلَ بِهِ ذَلِكَ، وَتَكُونُ مُؤْنَةُ النِّكَاحِ أَخَفَّ مِنْ ثَمَنِ جَارِيَةٍ، وَتَقَدَّمَ اسْتِشْكَالُ الرَّافِعِيِّ وَالْجَوَابُ عَنْهُ (فَوَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ أَيْ يُزَوِّجُهُ الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ السُّلْطَانُ دُونَ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ كَوِلَايَةِ الْمَالِ وَاحِدَةً، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ فَوَاحِدَةٌ يَتَزَوَّجُهَا

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُهُ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُعَضِّدُهُ نَصُّ الْأُمِّ، لَكِنْ فِي الشَّامِلِ فِي الْوَصَايَا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ وَالسَّفِيهُ عِنْدَ حَاجَتِهِمَا. قَالَ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ فِي الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدَةٍ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تُعِفَّهُ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ زِيدَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْفَافُ، كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى السَّفِيهِ، وَقَدْ لَا تَكْفِي الْوَاحِدَةُ أَيْضًا لِلْخِدْمَةِ فَيُزَادُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، هَذَا إنْ بَلَغَ مَجْنُونًا، فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ جُنَّ بُنِيَ عَلَى عَوْدِ الْوِلَايَةِ إلَى الْأَبِ إنْ قُلْنَا: تَعُودُ وَهُوَ الْأَصَحُّ زَوَّجَهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ، فَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا لَمْ يُزَوَّجْ حَتَّى يُفِيقَ وَيَأْذَنَ، وَيُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْعَقْدِ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ، فَلَوْ جُنَّ قَبْلَهُ بَطَلَ إذْنُهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ مُرَاجَعَةُ الْأَقْرَبِ فِي تَزْوِيجِ السُّلْطَانِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْمَجْنُونَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجُ مَجْنُونٍ ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ مَعَ مَزِيدِ بَيَانٍ (وَلَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا ذِكْرٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ لَا وَصِيٍّ وَقَاضٍ (تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ) غَيْرِ مَمْسُوحٍ (أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) وَلَوْ أَرْبَعًا إنْ رَآهُ الْوَلِيُّ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِالْمَصْلَحَةِ وَقَدْ تَقْتَضِي ذَلِكَ.

أَمَّا الصَّغِيرُ الْمَمْسُوحُ فَفِي تَزْوِيجِهِ الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ الْمَجْنُونِ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ (وَيُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ) لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى لَهَا حَالَةٌ تُسْتَأْذَنُ فِيهَا وَلَهُمَا وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ فِي الْجُمْلَةِ (إنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ) فِي تَزْوِيجِهَا (وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ) قَطْعًا لِإِفَادَتِهَا الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ (وَسَوَاءٌ) فِي جَوَازِ التَّزْوِيجِ (صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ ثَيِّبٌ وَبِكْرٌ) جُنَّتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ لِمَا مَرَّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجُ مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ مُحْتَاجَةٍ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَجْنُونَةِ (أَبٌ أَوْ جَدٌّ لَمْ تُزَوَّجْ فِي صِغَرِهَا) ؛ إذْ لَا إجْبَارَ لِغَيْرِهِمَا وَلَا حَاجَةَ لَهُمَا فِي الْحَالِ (فَإِنْ بَلَغَتْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ كَمَا يَلِي مِنْ مَالِهَا لَكِنْ بِمُرَاجَعَةِ أَقَارِبِهَا نَدْبًا تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهَا، وَمِنْ هَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي: يُرَاجِعُ الْجَمِيعَ حَتَّى

ص: 278

لِلْحَاجَةِ، لَا لِمَصْلَحَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَعَيَّنَ امْرَأَةً لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا، وَيَنْكِحْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ النِّكَاحِ

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَخَ وَالْعَمَّ لِلْأُمِّ وَالْخَالَ، وَقِيلَ: تَجِبُ الْمُرَاجَعَةُ. قَالَ: وَعَلَيْهِ يُرَاجِعُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَوْ لَمْ يَكُنْ جُنُونٌ، وَالثَّانِي: يُزَوِّجُهَا الْقَرِيبُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ إذْنِهَا وَتُزَوَّجُ (لِلْحَاجَةِ) لِلنِّكَاحِ بِظُهُورِ عَلَامَةِ شَهْوَتِهَا أَوْ تَوَقُّعِ شِفَائِهَا بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا يَقَعُ إجْبَارًا، وَغَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَمْلِكُ الْإِجْبَارَ، وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ لِلْحَاجَةِ النَّازِلَةِ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ (لَا لِمَصْلَحَةٍ) كَتَوَفُّرِ الْمُؤَنِ فَلَا يُزَوِّجُهَا لِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي: نَعَمْ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِذَا أَفَاقَتْ الْمَجْنُونَةُ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا لَا خِيَارَ لَهَا؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ لَهَا كَالْحُكْمِ لَهَا وَعَلَيْهَا (وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) حِسًّا (بِسَفَهٍ) بِأَنْ بَذَّرَ فِي مَالِهِ، أَوْ حُكْمًا كَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَهُوَ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ (لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ) لِئَلَّا يَفْنَى مَالُهُ فِي مُؤَنِ النِّكَاحِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْوَلِيِّ كَمَا قَالَ (بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ حِفْظًا لِمَالِهِ وَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ بِالْإِذْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهَلْ كَانَ نِكَاحُهُ كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَجْرِ حِفْظُ مَالِهِ دُونَ نِكَاحِهِ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ فِي الْأَمْوَالِ بِإِذْنٍ وَلَا بِغَيْرِ إذْنٍ بِالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ، وَيَصِحُّ مِنْهُ إزَالَةُ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ.

أَمَّا مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ حَجْرُ حَاكِمٍ فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ فِي الْأَصَحِّ، وَيُسَمَّى أَيْضًا سَفِيهًا مُهْمَلًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ظُهُورُ الْأَمَارَةِ لَا قَوْلُهُ أَنَا مُحْتَاجٌ (أَوْ يَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ) بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَالْإِذْنِ، وَلَا يُزَادُ عَلَى وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوَّجُ لِحَاجَةِ النِّكَاحِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِوَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ تُعِفَّهُ زِيدَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْفَافُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَجْنُونِ، وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ هُنَا الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا، وَالْقَاضِي أَوْ مَنْصُوبَهُ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ طَرَأَ السَّفَهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي زِيَادَة الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَلِي التَّزْوِيجَ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، لَكِنْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْوَصَايَا بِأَنَّهُ يَلِي التَّزْوِيجَ بَعْدَ الْجَدِّ قَبْلَ الْحَاكِمِ، وَحَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ ثَمَّ، وَصَحَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ. قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافِ نَصٍّ بَلْ نَصُّهُ عَلَى أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ مَحْمُولٌ عَلَى وَصِيٍّ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّزْوِيجُ (فَإِنْ أَذِنَ) لَهُ الْوَلِيُّ (وَعَيَّنَ امْرَأَةً) بِشَخْصِهَا أَوْ نَوْعِهَا كَتَزَوَّجْ فُلَانَةَ أَوْ مِنْ بَنِي فُلَانٍ (لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا) لِأَنَّ الْإِذْنَ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا فَلَا يَنْكِحُ غَيْرَهَا وَإِنْ سَاوَتْهَا فِي الْمَهْرِ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَحِقَهُ مَغَارِمُ فِيهَا.

أَمَّا لَوْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْ الْمُعَيَّنَةِ نَسَبًا وَجَمَالًا وَدِينًا وَدُونَهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً، فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ قَطْعًا، كَمَا لَوْ عَيَّنَ مَهْرًا فَنَكَحَ بِدُونِهِ. اهـ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ (وَ) ل (يَنْكِحُهَا) أَيْ الْمُعَيَّنَةَ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا (أَوْ أَقَلَّ) لِأَنَّهُ حَصَلَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا (فَإِنْ زَادَ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ النِّكَاحِ) لِأَنَّ خَلَلَ الصَّدَاقِ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ. وَالثَّانِي: وَهُوَ مُخْرَجٌ أَنَّهُ بَاطِلٌ لِلْمُخَالَفَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ

ص: 279

بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَلَوْ قَالَ انْكِحْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً نَكَحَ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا، وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ، وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ،

ــ

[مغني المحتاج]

(بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ (مِنْ الْمُسَمَّى) الْمُعَيَّنِ مِمَّا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَمْهِرْ مِنْ هَذَا فَأَمْهَرَ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْغُو الزَّائِدُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: الْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْمُسَمَّى وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ: أَيْ فِي الذِّمَّةِ. اهـ.

وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ الطِّفْلُ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءُ عَلَى الزَّائِدِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ (وَلَوْ قَالَ) لَهُ الْوَلِيُّ (انْكِحْ بِأَلْفٍ) فَقَطْ (وَلَمْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً) وَلَا قَبِيلَةً (نَكَحَ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ مَهْرِ الْمَنْكُوحَةِ مَمْنُوعَةٌ، فَإِذَا نَكَحَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَغَا الزَّائِدُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ وَتَبَرُّعُهُ لَا يَصِحُّ، فَإِنْ كَانَ الْأَلْفُ مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ النِّكَاحُ بِالْمُسَمَّى. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَشِيدَةٍ رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى دُونَ غَيْرِهَا، وَإِنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ بَطَلَ إنْ كَانَ الْأَلْفُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا إذْ لَا إذْنَ فِي الزَّائِدِ وَالرَّدُّ لِلْقَدْرِ يَضُرُّ بِهَا، وَالْأَصَحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ نَكَحَ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ نُظِرَتْ إنْ كَانَ الْأَلْفُ مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ صَحَّ بِالْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ فَبِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَإِلَّا فَبِالْمُسَمَّى (وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) بِأَنْ قَالَ: انْكِحْ وَلَمْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً وَلَا قَدْرًا (فَالْأَصَحُّ) الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ (صِحَّتُهُ) كَمَا لَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ.

وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَهْرِ وَالْمَرْأَةِ وَالْقَبِيلَةِ، وَإِلَّا لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَنْكِحَ شَرِيفَةً فَيَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ، وَدَفَعَ هَذَا بِقَوْلِهِ (وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) فَأَقَلَّ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ (مَنْ تَلِيقُ بِهِ) فَلَوْ نَكَحَ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهَلْ لِلْوَلِيِّ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ شَرِيفَةٍ يَسْتَغْرِقُ مَهْرُهَا مَالَهُ؟ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي أَوَائِلِ الصَّدَاقِ: وَالْقِيَاسُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. اهـ.

وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِيَاسِ مُتَّجَهٌ كَمَا قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ فِي الْمَجْنُونِ لِاسْتِوَائِهِ مَعَ السَّفِيهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُزَوَّجُ لِلْحَاجَةِ، وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِدُونِ الشَّرِيفَةِ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ الْعَاقِلُ فَغَيْرُ مُتَّجَهٍ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُزَوَّجُ الْمَصْلَحَةَ وَلِهَذَا يُزَوَّجُ ثَلَاثًا وَأَرْبَعًا، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ، فَحَيْثُ رَأَى الْوَلِيُّ الْمَصْلَحَةَ فِي تَزْوِيجِهِ الشَّرِيفَةَ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ لِحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ بِذَلِكَ لَهُ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِلْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ حَالَاتٍ، وَهِيَ مَا إذَا عَيَّنَ امْرَأَةً فَقَطْ، أَوْ مَهْرًا فَقَطْ، أَوْ أَطْلَقَ، وَأَهْمَلَ. رَابِعًا وَهُوَ مَا إذَا عَيَّنَ الْمَرْأَةَ وَقَدَّرَ الْمَهْرَ بِأَنْ قَالَ: انْكِحْ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ، وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِنْهُ بَطَلَ الْإِذْنُ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَإِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ: الْقِيَاسُ صِحَّتُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ قَبِلَ لَهُ الْوَلِيُّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَر مِنْهُ صَحَّ الْإِذْنُ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَر مِنْهُ أَيْضًا بَطَلَ النِّكَاحُ أَوْ نَكَحَ بِالْأَلْفِ صَحَّ بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ صَحَّ بِالْأَلْفِ وَسَقَطَتْ الزِّيَادَةُ، أَوْ بِمَا دُونَهُ صَحَّ النِّكَاحُ بِهِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ: انْكِحْ مَنْ شِئْت بِمَا شِئْت لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْحَجْرِ بِالْكُلِّيَّةِ،

ص: 280

فَإِنْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَقْبَلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ.

وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِلَا إذْنٍ فَبَاطِلٌ، فَإِنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَإِنْ أَذِنَ لِلسَّفِيهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ يُفِدْهُ ذَلِكَ جَوَازَ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ الْحَجْرَ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ، وَإِقْرَارُهُ بِالنِّكَاحِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلِيُّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِنْشَاءِ، وَيُفَارِقُ صِحَّةَ إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ إقْرَارَهُ يَفُوتُ مَالًا، وَإِقْرَارَهَا يُحَصِّلَهُ، وَإِذَا كَانَ كَثِيرَ الطَّلَاقِ شَرَى جَارِيَةً لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لَهُ؛ إذْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ فَإِنْ تَبَرَّمَ بِهَا أُبْدِلَتْ، وَإِكْثَارُ الطَّلَاقِ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهُنَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي، أَوْ ثِنْتَيْنِ فَيُطَلِّقُهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ، وَفَهِمَ الرُّويَانِيُّ أَنَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَةِ لَيْسَ مُرَادًا، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُطَلِّقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَالثَّانِي: وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ مِنْ وَجْهَيْهِ الْأَوَّلُ فَيَكْتَفِي بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَلَوْ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَسْرِي ابْتِدَاءً، وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي الْإِعْفَافِ وَيَتَعَيَّنُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ (فَإِنْ قَبِلَ لَهُ) أَيْ لِلسَّفِيهِ (وَلِيُّهُ) أَيْ النِّكَاحَ (اُشْتُرِطَ إذْنُهُ) أَيْ السَّفِيهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ. وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَعَلَى الْوَلِيِّ رِعَايَتُهَا، فَإِذَا عَرَفَ حَاجَتَهُ زَوَّجَهُ كَمَا يَكْسُوهُ وَيُطْعِمُهُ (وَ) إنَّمَا (يَقْبَلُ) لَهُ الْوَلِيُّ نِكَاحَ امْرَأَةٍ تَلِيقُ بِهِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ لِتَبَرُّعِهِ بِهَا (وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ.

(وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهِ، أَوْ الْحَاكِمِ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَلِيِّ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ (فَبَاطِلٌ) كَمَا لَوْ عَضَلَهُ الْوَلِيُّ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ السُّلْطَانِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى خَوْفِ الْعَنَتِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَرْأَةِ فِي الْمَفَازَةِ لَا تَجِدُ وَلِيًّا (فَإِنْ) قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ، وَ (وَطِئَ) فِيهِ رَشِيدَةً (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَمَّا الْحَدُّ فَبِلَا خِلَافٍ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ، وَأَمَّا الْمَهْرُ فَعَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ عَلَى بُضْعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهَا بِحَالِهِ لِتَمْكِينِهَا نَفْسَهَا مَعَ تَقَدُّمِ إذْنِهَا لِتَفْرِيطِهَا بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْمَهْرِ إذَا وَطِئَهَا مُخْتَارَةً كَمَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ، فَلَوْ وَطِئَهَا نَائِمَةً أَوْ مُكْرَهَةً فَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وُجُوبُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُكْرَهَةِ، وَخَرَجَ بِرَشِيدَةٍ الَّتِي قَدَّرْتُهَا فِي كَلَامِهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ إذْ لَا أَثَرَ لِتَمْكِينِهَا، كَمَا لَوْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ مِثْلِهِ وَأَتْلَفَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ، وَمِثْلُهَا الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ سَفِيهٌ لِآخَرَ: اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ لَهُ شَيْءٌ كَسَائِرِ الْإِتْلَافَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنِّي لَمْ أَرَ هَذَا التَّقْيِيدَ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ، وَأَحْسَبُهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْبُضْعَ مَحَلُّ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ، فَكَانَ

ص: 281

وَقِيلَ مَهْرُ مِثْلٍ، وَقِيلَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ.

وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ يَصِحُّ نِكَاحُهُ، وَمُؤَنُ النِّكَاحِ فِي كَسْبِهِ، لَا فِيمَا مَعَهُ.

وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ، وَبِإِذْنِهِ صَحِيحٌ، وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ، وَلَهُ تَقْيِيدُهُ بِامْرَأَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ بَلَدٍ، وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ فِيهِ

ــ

[مغني المحتاج]

إذْنُهَا فِي إتْلَافِهِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَالسَّفِيهَةِ فَإِنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ قِبَلِهَا فَإِنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ، وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا مَمْنُوعٌ؛ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ حِينَئِذٍ (وَقِيلَ) يَلْزَمُهُ (مَهْرُ مِثْلٍ) لِئَلَّا يَخْلُوَ الْوَطْءُ عَنْ عُقْرٍ أَوْ عُقُوبَةٍ (وَقِيلَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ) لِأَنَّ بِهِ يَنْدَفِعُ الْخُلُوُّ الْمَذْكُورُ.

(وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ يَصِحُّ نِكَاحُهُ) لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَذِمَّتِهِ، وَهَذَا وَإِنْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْفَلَسِ، لَكِنَّهُ قَصَدَ هُنَا بَيَانَ مُؤَنِهِ فَقَالَ:(وَمُؤَنُ النِّكَاحِ) الْمُتَجَدِّدِ عَلَى الْحَجْرِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا (فِي كَسْبِهِ) بَعْدَ الْحَجْرِ وَبَعْدَ النِّكَاحِ (لَا فِيمَا مَعَهُ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَا فِي يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ فَفِي ذِمَّتِهِ إلَى فَكِّ الْحَجْرِ، أَمَّا النِّكَاحُ السَّابِقُ عَلَى الْحَجْرِ فَمُؤَنُهُ فِيمَا مَعَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ بِالْكَسْبِ، وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَاسْتَوْلَدَهَا فَهِيَ كَالزَّوْجَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْحَجْرِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.

(وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ) وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ كَافِرًا (بَاطِلٌ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْن الْمُبَعَّضِ وَالْمُكَاتَبِ وَمُعَلَّقِ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ وَغَيْرِهِمْ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّ مَمْلُوكٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. قَالَ فِي الْأُمِّ: وَلَا أَعْلَمُ مِنْ أَحَدٍ لَقِيتُهُ وَلَا حَكَى لِي عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْعَبْدِ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ. اهـ.

وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ لَا أَعْلَمُ مَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ نِكَاحَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ السَّيِّدِ، وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفُ بَاطِلٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا وَطِئَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَالسَّفِيهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ بَلْ يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ، وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ، وَاسْتَثْنَى الْأَذْرَعِيُّ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ اسْتَأْذَنَ سَيِّدَهُ فَمَنَعَهُ فَرَفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى إجْبَارَ السَّيِّدِ فَأَمَرَهُ بِهِ فَامْتَنَعَ فَأَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ أَوْ زَوَّجَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا لَوْ عَضَلَ الْوَلِيُّ (وَبِإِذْنِهِ) أَيْ السَّيِّدِ إنْ كَانَ مُعْتَبَرَ الْإِذْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ (صَحِيحٌ) وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ امْرَأَةً أَوْ كَافِرًا كَمَا مَرَّ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ (وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (إطْلَاقُ الْإِذْنِ) لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ جَزْمًا وَيُنْكِحُ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ بَلَدِ الْعَبْدِ وَلَكِنْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهَا (وَلَهُ تَقْيِيدُهُ بِامْرَأَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ بَلَدٍ) لِأَنَّ مَا يَصِحُّ مُطْلَقًا يَصِحُّ مُقَيَّدًا (وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ) لَهُ (فِيهِ) مُرَاعَاةً لَهُ، فَإِنْ عَدَلَ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ، وَإِنْ قَدَّرَ لَهُ السَّيِّدُ مَهْرًا فَزَادَ عَلَيْهِ أَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَنْ تَعْيِينِ الْمَهْرِ، فَالزَّائِدُ فِي ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ، فَإِنْ صَرَّحَ لَهُ بِأَنْ لَا يَنْكِحَ بِأَزْيَدَ مِمَّا عَيَّنَهُ قَالَ الْإِمَامُ: فَالرَّأْيُ عَدَمُ صِحَّةِ النِّكَاحِ كَمَا فِي السَّفِيهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَمَّا عَيَّنَهُ لَهُ سَيِّدُهُ أَوْ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ جَازَ، وَلَوْ نَكَحَ صَحِيحًا ثُمَّ طَلَّقَ لَمْ يَنْكِحْ ثَانِيًا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ

ص: 282

وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجْبَارُ عَبْدِهِ عَلَى النِّكَاحِ وَلَا عَكْسُهُ، وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ،

ــ

[مغني المحتاج]

نَكَحَ فَاسِدًا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْإِذْنِ، وَلَوْ نَكَحَ بِالْمُسَمَّى مِنْ مَهْرِهَا دُونَهُ صَحَّ بِهِ وَرُجُوعُ السَّيِّدِ فِي الْإِذْنِ كَرُجُوعِ الْمُوَكِّلِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجْبَارُ عَبْدِهِ) غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ وَلَوْ صَغِيرًا وَخَالَفَهُ فِي الدِّينِ (عَلَى النِّكَاحِ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ. وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَلْزَمُهُ ذِمَّةُ الْعَبْدِ مَالًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَالْكِتَابَةِ. وَالثَّانِي: لَهُ إجْبَارُهُ كَالْأَمَةِ.

وَقِيلَ: يُجْبَرُ الصَّغِيرُ قَطْعًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ النَّصِّ وَلِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَلِاقْتِضَاءِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ التَّحْلِيلِ وَالرَّضَاعِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلِمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ إلَخْ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ فَلَا يُجْبِرُهَا قَطْعًا (وَلَا عَكْسِهِ) بِالْجَرِّ وَالرَّفْعِ أَيْ لَيْسَ لِلْعَبْدِ الْبَالِغِ إجْبَارُ سَيِّدِهِ عَلَى النِّكَاحِ إذَا طَلَبَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ وَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ مَقَاصِدَ الْمِلْكِ وَفَوَائِدَهُ كَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ. وَالثَّانِي: يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ يُوقِعُهُ فِي الْفُجُورِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِمَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ وَأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُجْبَرُ قَطْعًا، وَالْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ هَلْ لِسَيِّدَيْهِ إجْبَارُهُ وَعَلَيْهِمَا إجَابَتُهُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الطَّرَفَيْنِ، وَلَوْ أَجَابَهُ أَحَدُهُمَا إلَى النِّكَاحِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ، أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا إجَابَةَ لَهُ (وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ) غَيْرِ الْمُبَعَّضَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْبُضْعِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْعَبْدَ فَيُزَوِّجُهَا بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهَا قُرَشِيًّا كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا لَا نَسَبَ لَهَا لَا بِمَعِيبٍ كَأَجْذَمَ وَأَبْرَصَ وَمَجْنُونٍ، فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْهُ وَإِنْ كَرِهَتْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمَيْنِ جَمِيعًا وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ مِنْ الْبَيْعِ الِاسْتِمْتَاعَ غَالِبًا بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَيَلْزَمُهَا التَّمْكِينُ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي، وَلَوْ أَجْبَرَهَا السَّيِّدُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَلَى النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ، وَقَوْلُهُ (بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) تَعْمِيمٌ فِي صِفَةِ الْأَمَةِ مِنْ بَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَصِغَرٍ وَكِبَرٍ وَعَقْلٍ وَجُنُونٍ وَتَدْبِيرٍ وَاسْتِيلَادٍ، وَأَمَّا الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ فَلَا يُجْبِرُهُمَا وَلَا أَمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ الْمَرْهُونَةِ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَيُلْحِقُ بِهَا الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالًا بِلَا إذْنِ الْمُسْتَحِقِّ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ وَكَانَ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ.

وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْقِرَاضِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَلَهُ تَزْوِيجُ أَمَةِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءِ، فَإِنْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا أَوْ إذْنِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ لِتَضَرُّرِهِمَا بِهِ، فَلَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ لَزِمَهُ الْمَهْرُ، لِأَنَّهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُمْ، بِخِلَافِ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ فَإِنْ قِيلَ: قَالُوا فِي مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ إنَّ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَهْرِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَمَةِ الْمَأْذُونَةِ، وَهَذَا فِي أَمَتِهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ إنْ أَحْبَلَهَا، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ كَانَ مُعْسِرًا بَلْ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا مَلَكَهَا، وَكَذَا حُكْمُ الْأَمَةِ الْجَانِيَةِ وَالْمَوْرُوثَةِ عَنْ مَدْيُونٍ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ فِي الْحَالِ وَجَبَ قِيمَةُ وَلَدِ أَمَةِ الْعَبْدِ

ص: 283

فَإِنْ طَلَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا، وَقِيلَ إنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ، وَإِذَا زَوَّجَهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ وَفَاسِقٌ وَمُكَاتَبٌ، وَلَا يُزَوِّجُ

ــ

[مغني المحتاج]

الْمَأْذُونِ دُونَ قِيمَةِ وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ وَالْجَانِيَةِ وَالْمَوْرُوثَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَرَبِّ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَلَدِ، وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَمَةَ الْمَوْرُوثَةَ كَأَمَةِ الْمَأْذُونِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي ذَلِكَ عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ، وَإِعْتَاقُ أَمَةِ الْمَدْيُونِ وَالْمَوْرُوثَةِ كَإِعْتَاقِ الْجَانِي (فَإِنْ طَلَبَتْ) مِنْ السَّيِّدِ التَّزْوِيجَ (لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا) وَإِنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْقِيصِ الْقِيمَةِ وَتَفْوِيتِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا عَلَيْهِ (وَقِيلَ: إنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ) تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، أَوْ كَانَتْ بَالِغَةً كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ تَائِقَةً خَائِفَةً الزِّنَا كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (لَزِمَهُ) إذْ لَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ قَضَاءُ شَهْوَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ إعْفَافِهَا.

أَمَّا إذَا كَانَ التَّحْرِيمُ لِعَارِضٍ كَأَنْ مُلِكَ لِامْرَأَةٍ. قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي إجْبَارِهَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا (وَإِذَا زَوَّجَهَا) أَيْ السَّيِّدُ أَمَتَهُ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّصَرُّفَ فِيمَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ، وَنَقْلُهُ إلَى الْغَيْرِ يَكُونُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ كَاسْتِيفَاءِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ وَنَقْلُهَا بِالْإِجَارَةِ. وَالثَّانِي: بِالْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مُرَاعَاةَ الْحَظِّ، وَلِهَذَا لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ مَعِيبٍ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَتَأَتَّى فِي تَزْوِيجِ الْعَبْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: إلَّا إذَا قُلْنَا لِلسَّيِّدِ إجْبَارُهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ) بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ، إذْ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا أَصْلًا، بَلْ وَلَا سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ فِيمَا سِوَى إزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهَا وَكِتَابَتِهَا، بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فِي الْكَافِرَةِ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ فِي الْوِلَايَةِ آكَدُ، وَلِهَذَا تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْكَافِرَاتِ بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْكِتَابِيَّةِ، فَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْكَافِرَةِ فَشَمَلَ الْمُرْتَدَّةَ وَلَا تُزَوَّجُ بِحَالٍ وَالْوَثَنِيَّةَ وَالْمَجُوسِيَّةَ وَفِيهِمَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا. وَالثَّانِي: يَجُوزُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، وَجَزَمَ بِهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ، لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا وَإِجَارَتَهَا وَعَدَمُ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِهَا الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْبَغَوِيّ جَزْمَهُ بِالْمَنْعِ فِي غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَمَتِهِ الْمَحْرَمِ كَأُخْتِهِ (وَ) يُزَوِّجُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا (فَاسِقٌ) أَمَتَهُ (وَمُكَاتَبٌ) كِتَابَةً صَحِيحَةً يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِالْمِلْكِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ وَلَيْسَ مُرَادًا لِضَعْفِ مِلْكِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُزَوِّج وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَنْ ذَكَرْت؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَلِي الْكَافِرَةَ، وَالْفِسْقَ يَسْلُبُ الْوِلَايَةَ، وَالرِّقَّ يَمْنَعُهَا كَمَا مَرَّ، وَإِذَا مَلَكَ الْمُبَعَّضُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ أَمَةً. قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ: لَا يُزَوِّجُهَا وَلَا تُزَوَّجُ بِإِذْنِهِ، وَهَذَا فَرَّعَهُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُ الْمُبَعَّضِ كَالْمُكَاتَبِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَامٌّ، وَلِهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ (وَلَا يُزَوِّجُ

ص: 284