المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْخُلْعِ هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ. ــ ‌ ‌[مغني المحتاج] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٤

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَأَصْحَابِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَجْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ انْفِرَادًا وَاجْتِمَاعًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ إرْثِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِرْثِ الْأُمِّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي توارث الْمُسْلِم وَالْكَافِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَمَا يَعُولُ مِنْهَا وَقِسْمَةِ التَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَفِي حُكْمِ إجْمَاعِ تَبَرُّعَاتٍ مَخْصُوصَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبَيَانَ مَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَنْفَعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ]

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌كِتَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يَقْتَضِي صَرْفَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا]

- ‌[فَصْلٌ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ]

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْخِطْبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ]

- ‌فَصْلٌ لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا

- ‌[فَصْلٌ مَوَانِع وِلَايَةِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَفَاءَة الْمُعْتَبَرَة فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزْوِيج الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]

- ‌بَابُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ مِنْ الرِّقِّ]

- ‌[فَصْلٌ نِكَاحُ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مِنْ الْكَافِرَاتِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُؤَنُ الزَّوْجَةِ إذَا أَسْلَمَتْ]

- ‌بَابُ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ وَنِكَاحِ الْعَبْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْفَافِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نِكَاحُ الرَّقِيقِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ]

- ‌كِتَابُ الصَّدَاقِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّدَاقُ الْفَاسِدُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَهْرُ الْمِثْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحَالُفُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْمَهْرِ الْمُسَمَّى]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمُ الشِّقَاقِ بِالتَّعَدِّي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ لِلْعِوَضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْخُلْعِ أَوْ عِوَضِهِ]

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضُ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوِلَايَةُ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْأَوْقَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةُ لِلطَّلَاقِ بِالْأَصَابِعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْخُلْعِ هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ. ــ ‌ ‌[مغني المحتاج]

‌كِتَابُ الْخُلْعِ

هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

[كِتَابُ الْخُلْعِ]

ِ بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَلْعِ بِفَتْحِهَا، وَهُوَ النَّزْعُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِبَاسُ الْآخَرِ. قَالَ تَعَالَى:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187][الْبَقَرَةُ] فَكَأَنَّهُ بِمُفَارَقَةِ الْآخَرِ نَزَعَ لِبَاسَهُ، وَ (هُوَ) فِي الشَّرْعِ (فُرْقَةٌ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (بِعِوَضٍ) مَقْصُودٍ رَاجِعٍ لِجِهَةِ الزَّوْجِ (بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ) كَقَوْلِهِ: طَلَّقْتُك، أَوْ خَالَعْتُكِ عَلَى كَذَا فَتَقْبَلُ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ لَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِهِ صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً وَلَفْظُ الْخُلْعِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَصَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ وَخَرَجَ بِمَقْصُودِ الْخُلْعِ بِدَمٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ، وَدَخَلَ بِرَاجِعٍ لِجِهَةِ الزَّوْجِ وُقُوعُ الْعِوَضِ لِلزَّوْجِ وَلِسَيِّدِهِ، وَمَا لَوْ خَالَعَتْ بِمَا ثَبَتَ لَهَا مِنْ قَوَدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ مَالِهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَصِحُّ رَجْعِيًّا. وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} [النساء: 4] النِّسَاءُ وَالْأَمْرُ بِهِ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ بِقَوْلِهِ لَهُ: اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» وَهُوَ أَوَّلُ خُلْعٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَمْلِكَ الزَّوْجُ الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ بِعِوَضٍ جَازَ أَنْ يُزِيلَ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِعِوَضٍ كَالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، فَالنِّكَاحُ كَالشِّرَاءِ وَالْخُلْعُ كَالْبَيْعِ، وَأَيْضًا فِيهِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْمَرْأَةِ غَالِبًا، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ مَطْلُوبُ الشَّرْعِ: لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 430

شَرْطُهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَلَوْ خَالَعَ

ــ

[مغني المحتاج]

«أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ» . قَالَ فِي التَّنْبِيهِ إلَّا فِي حَالَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنْ يَخَافَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ أَيْ مَا افْتَرَضَهُ فِي النِّكَاحِ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة: 229] الْآيَةَ. وَذِكْرُ الْخَوْفِ فِي الْآيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ الْخُلْعِ فِي حَالَةِ التَّشَاجُرِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ حَالَةَ الْخَوْفِ وَهِيَ مُضْطَرَّةٌ إلَى بَذْلِ الْمَالِ فَفِي حَالَةِ الرِّضَا أَوْلَى، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ. الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ أَيْ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَيَخْلَعُهَا ثُمَّ يَفْعَلُ الْأَمْرَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا فَلَا يَحْنَثُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْفِعْلَةِ الْأُولَى، إذْ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْفِعْلَةَ الْأُولَى وَقَدْ حَصَلَتْ، فَإِنْ خَالَعَهَا وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْحِنْثِ، فَإِذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ النِّكَاحِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ سَبَقَ هَذَا النِّكَاحَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ كَمَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ قَبْلَ النِّكَاحِ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ بَعْدَ النِّكَاحِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حُصُولُ الْخَلَاصِ بِالْخُلْعِ وَلَوْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَى فِعْلِهِ مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: دَخَلْت عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ فَقَالَ لِي: اسْتَفْتَيْتُ عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فِي هَذَا الشَّهْرِ فَخَالَعَ فِي الشَّهْرِ فَأَفْتَيْتُ بِتَخَلُّصِهِ مِنْ الْحِنْثِ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ خَطَأٌ وَوَافَقَنِي الْبَكْرِيُّ عَلَى التَّخَلُّصِ فَبَيَّنْت لَهُ أَنَّهُ خَطَأٌ. قَالَ السُّبْكِيُّ: ثُمَّ سَأَلْت الْبَاجِيَّ وَلَمْ أَذْكُرْ لَهُ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ فَوَافَقَهُ، قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَخَالَعَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ مِنْ اللَّيْلِ وَجَدَّدَ النِّكَاحَ وَلَمْ تَخْرُجْ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَحَلُّ الْيَمِينِ وَلَمْ يَمْضِ اللَّيْلُ وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ تُفَّاحَتَانِ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ الْأُخْرَى الْيَوْمَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَاشْتَبَهَتْ تُفَّاحَةُ الطَّلَاقِ وَتُفَّاحَةُ الْعِتْقِ، فَذَكَرَ طَرِيقَيْنِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ فِي الْخَلَاصِ، ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَبَاعَ الْأَمَةَ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ وَاشْتَرَى الْأَمَةَ خَلَصَ، وَظَاهِرُ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْبَاجِيُّ اهـ.

وَهُوَ كَمَا قَالَ فَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَذَكَرْت فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ صُوَرًا أُخْرَى، وَلَا يُكْرَهُ الْخُلْعُ فِيهَا فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَرَادَ.

وَأَرْكَانُ الْخُلْعِ خَمْسَةٌ: مُلْتَزِمٌ لِعِوَضٍ، وَبُضْعٌ، وَعِوَضٌ، وَصِيغَةٌ، وَزَوْجٌ، وَبَدَأَ بِهِ فَقَالَ:(شَرْطُهُ) أَيْ رُكْنُهُ (زَوْجٌ يَصِحُّ) أَيْ يَنْفُذُ (طَلَاقُهُ) يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ فَالزَّوْجُ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ، وَكَوْنُهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ شَرْطٌ فِي الزَّوْجِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ كَطَلَاقِهِمْ (فَلَوْ خَالَعَ

ص: 431

عَبْدٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ صَحَّ، وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ إلَى مَوْلَاهُ وَوَلِيُّهُ.

وَشَرْطُ قَابِلِهِ إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ، فَإِنْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدٍ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنِ مَالِهِ بَانَتْ،

ــ

[مغني المحتاج]

عَبْدٌ) وَلَوْ مُدَبَّرًا (أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ صَحَّ) بِإِذْنٍ وَدُونَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ، إذْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُطَلِّقَ مَجَّانًا فَبِعِوَضٍ أَوْلَى (وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ) عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا (إلَى مَوْلَاهُ) أَيْ الْعَبْدِ وَيَمْلِكُهُ مَوْلَاهُ قَهْرًا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ كَسَائِرِ أَكْسَابِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ لِاسْتِقْلَالِهِ، وَالْمُبَعَّضُ إنْ خَالَعَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَقَبَضَ فِي نَوْبَتِهِ صَحَّ، وَأَمَّا فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ فَلَا يَقْبِضُ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً قَبَضَ مَا يَخُصُّ حُرِّيَّتَهُ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي الْحَاوِي بِلَا تَرْجِيحٍ يَقْبِضُ أَيْضًا مَا خَالَعَ بِهِ (وَوَلِيُّهُ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ، فَإِنْ سَلَّمَتْ الْعِوَضَ إلَى السَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَهُوَ دَيْنٌ لَمْ تَبْرَأْ وَيَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ، نَعَمْ إنْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَأَخَذَهُ مِنْهُ بَرِئَتْ: كَمَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ رُشْدِهِ، وَهَلْ يَبْرَأُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؟ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي أَوْجَهُهُمَا لَا، أَوْ وَهُوَ عَيْنٌ وَعَلِمَ الْوَلِيُّ أَخَذَهَا مِنْهُ، فَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى تَلِفَتْ فَهَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ، أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ فَتَلِفَتْ فَهِيَ مُفَرِّطَةٌ فَتَضْمَنُ مَهْرَ الْمِثْلِ لَا قِيمَةَ الْعَيْنِ وَالتَّسْلِيمُ إلَى الْعَبْدِ كَالسَّفِيهِ، لَكِنَّ الْمُخْتَلِعَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِمَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ لَا يُطَالَبُ أَصْلًا كَمَا مَرَّ، أَمَّا قَبْضُهَا بِإِذْنٍ فَيَصِحُّ وَلَوْ عَلَّقَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَأَنْ قَالَ: إنْ دَفَعْت إلَيَّ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَهُ إلَيْهِ لَا إلَى وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا مَرَّ مَلَكَهُ قَبْلَ الدَّفْعِ، وَفِي هَذِهِ إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَعَلَى وَلِيِّهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى أَخْذِهِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ حَتَّى تَلِفَ فَلَا غُرْمَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجَةِ، كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَوْ دَفَعَتْهُ إلَى وَلِيِّهِ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ: أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُحَرَّرِ خُلْعَ الْمُفْلِسِ لِتَقَدُّمِهِ فِي بَابِهِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ فَقَالَ (وَشَرْطُ قَابِلِهِ) أَيْ الْخُلْعِ أَوْ مُلْتَمِسِهِ لِيَصِحَّ خُلْعُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ) بِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِثُبُوتِ الْمَالِ، أَمَّا الطَّلَاقُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي قَابِلِهِ ذَلِكَ بَلْ صِحَّةُ عِبَارَتِهِ فَقَطْ. وَلِلْحَجْرِ أَسْبَابٌ خَمْسَةٌ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا ثَلَاثَةً: الرِّقُّ، وَالسَّفَهُ، وَالْمَرَضُ، وَأَسْقَطَ الصِّبَا وَالْجُنُونَ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مَعَهُمَا لَغْوٌ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُخْتَلِعَةُ مُمَيِّزَةً كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْقَبُولِ فَلَا عِبْرَةَ بِعِبَارَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ وَجَعَلَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُمَيِّزَةَ كَالسَّفِيهَةِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبَبِ الْأَوَّلِ: فَقَالَ (فَإِنْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدٍ) لَهَا مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ (بِدَيْنٍ) فِي ذِمَّتِهَا (أَوْ عَيْنِ مَالِهِ) أَيْ السَّيِّدِ أَوْ عَيْنِ مَالِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَيْنٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَخَمْرٍ (بَانَتْ) فِي الْجَمِيعِ لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَجَّزَ الطَّلَاقَ، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِتَمْلِيكِ تِلْكَ الْعَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ: كَمَا قَالَهُ

ص: 432

وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا، وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى، وَفِي قَوْلٍ مَهْرُ مِثْلٍ، وَإِنْ أَذِنَ وَعَيَّنَ عَيْنًا لَهُ أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا فَامْتَثَلَتْ تُعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَبِكَسْبِهَا فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ اقْتَضَى مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ كَسْبِهَا.

وَإِنْ خَالَعَ سَفِيهَةً

ــ

[مغني المحتاج]

الْمَاوَرْدِيُّ (وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا) إذَا بَانَتْ (مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ حِينَئِذٍ (وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا) إنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً، وَإِلَّا فَمِثْلُهَا، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ لَكَانَ أَعَمَّ (وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَمَا يَصِحُّ الْتِزَامُ الرَّقِيقِ بِطَرِيقِ الضَّمَانِ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ (وَفِي قَوْلٍ مَهْرُ مِثْلٍ) وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ: كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَوَطِئَ.

تَنْبِيهٌ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ: فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ الْآنَ قَطْعًا، وَتَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ إلَى الْعِتْقِ وَالْيَسَارِ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ فَلَا تَضُرُّ جَهَالَةُ وَقْتِهِ، وَلَوْ خَالَعَتْ الْأَمَةُ بِمَالٍ وَشَرَطَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهَا فَسَدَ وَرَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْعِتْقِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهَذَا عَجِيبٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيُفْسِدُهُ (وَإِنْ أَذِنَ) السَّيِّدُ لَهَا فِي الِاخْتِلَاعِ وَلَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً كَمَا هُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ (وَعَيَّنَ) لَهَا مِنْ مَالِهِ (عَيْنًا لَهُ) لَهَا تَخْتَلِعُ بِهَا (أَوْ قَدَّرَ) لَهَا (دَيْنًا) فِي ذِمَّتِهَا كَالدِّينَارِ (فَامْتَثَلَتْ) تَعَلَّقَ الزَّوْجُ (بِالْعَيْنِ) فِي صُورَتِهَا (وَبِكَسْبِهَا فِي) صُورَةِ (الدَّيْنِ) وَبِمَا فِي يَدِهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَتْ مَأْذُونَةً كَمَهْرِ الْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسِبَةً وَلَا مَأْذُونَةً فَفِي ذِمَّتِهَا تُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا وَيَسَارِهَا وَلَا يَكُونُ السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي الْخُلْعِ بِالدَّيْنِ ضَامِنًا لَهُ كَمَهْرِ النِّكَاحِ فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) السَّيِّدُ (الْإِذْنَ) لِأَمَتِهِ فَلَمْ يَذْكُرْ عَيْنًا وَلَا دَيْنًا (اقْتَضَى مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ كَسْبِهَا) وَمِمَّا بِيَدِهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَتْ مَأْذُونَةً كَمَا لَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي النِّكَاحِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: فَامْتَثَلَتْ عَمَّا إذَا زَادَتْ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَالزِّيَادَةُ تُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْعَيْنِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُخَالِعَ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ بِرَقَبَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، إذْ لَوْ صَحَّ لَقَارَنَتْ الْفُرْقَةُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ يَتَسَاوَيَانِ، وَمِلْكُ الْمَنْكُوحَةِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ غَيْرُ مُدَبَّرَةٍ مَمْلُوكَةٌ لِأَبِيهِ بِمَوْتِهِ فَمَاتَ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الزَّوْجِ لَهَا حَالَةَ مَوْتِ أَبِيهِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، فَلَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً طَلُقَتْ لِعِتْقِهَا بِمَوْتِ الْأَبِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْقِنَّةِ. أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ، فَإِنْ خَالَعَتْ عَلَى مَا مَلَكَتْهُ فَهِيَ كَالْحُرَّةِ، أَوْ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ لَمْ يَصِحَّ وَكَانَتْ كَالْأَمَةِ، وَإِنْ خَالَعَتْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ صَارَتْ الصَّفْقَةُ جَامِعَةً لِأَمْرَيْنِ حُكْمُهُمَا عَلَى مَا يُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كَالْقِنَّةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِيهَا كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ كَالرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا، وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ، وَالْمَنْصُوصَ أَنَّ خُلْعَهَا بِإِذْنٍ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ لَا يُطَابِقُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ، بَلْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ غَلَطٌ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبَبِ الثَّانِي، فَقَالَ (وَإِنْ خَالَعَ) بَعْدَ الدُّخُولِ (سَفِيهَةً) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا بِسَفَهٍ بِلَفْظِ الْخُلْعِ كَأَنْ

ص: 433

أَوْ قَالَ طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا.

فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ تَطْلُقْ.

وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ.

وَرَجْعِيَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ، لَا بَائِنٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

قَالَ: خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفٍ (أَوْ قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا) وَلَغَا ذِكْرُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْتِزَامِهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا الْوَلِيُّ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا صَرْفُ مَالِهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَخَرَجَ بِبَعْدِ الدُّخُولِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا وَلَا مَالَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ: وَهُوَ وَاضِحٌ، وَبِمَحْجُورٍ عَلَيْهَا مَا إذَا سَفِهَتْ بَعْدَ رُشْدِهَا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهَا عَلَى الْأَصَحِّ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا لَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ عَلَى شَيْءٍ. أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ أَبْرَأْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ فِي الْحَالِ أَبْرَأْتُك لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْهُ وَاعْتَمَدَهُ، وَإِنْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، إذْ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا وَهِيَ الْإِبْرَاءُ لَمْ تُوجَدْ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلِلْبُلْقِينِيِّ فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ احْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا عِنْدَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِالْإِعْطَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ سَلَخَ الْإِعْطَاءَ عَنْ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ التَّمْلِيكُ إلَى مَعْنَى الْإِقْبَاضِ فَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا (فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ تَطْلُقْ) هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ تَقْتَضِي الْقَبُولَ فَأَشْبَهَتْ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَى صِفَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهَا، وَلَوْ قَالَ لِرَشِيدَةٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ خَالَعْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي الْقَبُولَ مِنْهُمَا، فَإِنْ قَبِلَتَا بَانَتْ الرَّشِيدَةُ لِصِحَّةِ الْتِزَامِهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَطَلُقَتْ السَّفِيهَةُ رَجْعِيًّا لِمَا مَرَّ،.

ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبَبِ الثَّالِثِ، فَقَالَ (وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ) أَيْ الَّتِي مَرِضَتْ (مَرَضَ الْمَوْتِ) لِأَنَّ لَهَا صَرْفَ مَالِهَا فِي أَغْرَاضِهَا وَمَلَاذِّهَا بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ كَمَا لِلْمَرِيضِ أَنْ يَنْكِحَ أَبْكَارًا بِمُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ (وَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا) قَدْرٌ (زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ) بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَأَقَلِّ مِنْهُ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ إنَّمَا هُوَ بِالزَّائِدِ فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَكُونُ كَالْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ لِخُرُوجِهِ بِالْخُلْعِ عَنْ الْإِرْثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَارِثًا بِجِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ كَابْنِ عَمٍّ أَوْ مُعْتَقٍ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ جَعَلُوا خُلْعَ الْمُكَاتَبِ تَبَرُّعًا وَإِنْ كَانَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَهَلَّا كَانَ الْمَرِيضُ كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ أَتَمُّ، وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَيَصِحُّ خُلْعُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَبْقَى لِلْوَارِثِ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْبُضْعُ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَمْلِكَهُ الزَّوْجُ فَقَالَ (وَ) يَصِحُّ اخْتِلَاعُ (رَجْعِيَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ. وَالثَّانِي: لَا؛ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الِافْتِدَاءِ لِجَرَيَانِهَا إلَى الْبَيْنُونَةِ، وَيُسْتَثْنَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا لَوْ عَاشَرَ الرَّجْعِيَّةَ مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ بِلَا وَطْءٍ وَانْقَضَتْ الْأَقْرَاءُ أَوْ الْأَشْهُرُ وَقُلْنَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُرَاجِعُهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا سَيَأْتِي، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ خُلْعُهَا لِأَنَّهَا بَائِنٌ إلَّا فِي الطَّلَاقِ (لَا بَائِنٍ) بِخُلْعٍ أَوْ

ص: 434

وَيَصِحُّ عِوَضُهُ قَلِيلًا وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً، وَلَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ أَوْ خَمْرٍ بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ بِبَدَلِ الْخَمْرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا إذْ لَا يَمْلِكُ بُضْعَهَا حَتَّى يُزِيلَهُ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ. قَالَ: وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَطَالِقٌ ثَانِيَةً، وَطَالِقٌ ثَالِثَةً، فَإِنْ أَرَادَ بِالْعِوَضِ الْأُولَى وَقَعَتْ دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ، أَوْ الثَّانِيَةَ وَقَعَتْ الْأُولَتَانِ دُونَ الثَّالِثَةِ. أَوْ الثَّالِثَةَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ، وَالْخُلْعُ فِي الرِّدَّةِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَفِي إسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ بَعْدَ الدُّخُولِ مَوْقُوفٌ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْعِوَضُ فَقَالَ (وَيَصِحُّ عِوَضُهُ) أَيْ الْخُلْعِ (قَلِيلًا وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ، فَجَازَ بِمَا ذُكِرَ كَالصَّدَاقِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ الْمَنْفَعَةَ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا الْخُلْعُ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ سُكْنَاهَا، فَفِي الْبَحْرِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَجُوزُ الْبَدَلُ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا مِنْ الْمَسْكَنِ حَرَامٌ، فَلَهَا السُّكْنَى وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. ثَانِيَتُهُمَا: الْخُلْعُ عَلَى تَعْلِيمِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ فِي الصَّدَاقِ حَيْثُ قَالُوا بِالتَّعَذُّرِ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ (وَ) يُشْتَرَطُ فِي الْعِوَضِ شُرُوطُ الثَّمَنِ مِنْ كَوْنِهِ مُتَمَوَّلًا مَعْلُومًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ فَعَلَى هَذَا (لَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ) كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ (أَوْ خَمْرٍ) مَعْلُومَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُتَمَلَّكُ (بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ (وَفِي قَوْلٍ بِبَدَلِ الْخَمْرِ) وَهُوَ قَدْرُهَا مِنْ الْعَصِيرِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي إصْدَاقِهَا.

تَنْبِيهٌ: أَشَارَ بِالتَّمْثِيلِ بِالْخَمْرِ إلَى النَّجَسِ الْمَقْصُودِ فَخَرَجَ مَا لَا يُقْصَدُ كَالدَّمِ فَإِنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا، فَإِنَّ الدَّمَ قَدْ يُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ، وَرَدَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا أَغْرَاضٌ تَافِهَةٌ فَهِيَ كَالْعَدَمِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ خُلْعَ الْكُفَّارِ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَالٍ صَحِيحٌ كَمَا فِي أَنْكِحَتِهِمْ، فَإِنْ وَقَعَ إسْلَامٌ بَعْدَ قَبْضِهِ كُلِّهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا، أَوْ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ فَالْقِسْطُ، وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَيْنٍ فَتَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ خَرَجَتْ مُسْتَحَقَّةً أَوْ مُعَيَّنَةً فَرَدَّهَا، أَوْ فَاتَتْ مِنْهَا صِفَةٌ مَشْرُوطَةٌ فَرَدَّهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْعِوَضُ فِي يَدِهَا كَالْمَهْرِ فِي يَدِهِ فِي أَنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ، وَقِيلَ: ضَمَانَ يَدٍ، وَمَحَلُّ الْبَيْنُونَةِ بِالْمَجْهُولِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعْلِيقٌ، أَوْ عُلِّقَ بِإِعْطَاءِ مَجْهُولٍ يُمْكِنُ إعْطَاؤُهُ مَعَ الْجَهَالَةِ. أَمَّا إذَا قَالَ: إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ صَدَاقِك، أَوْ مِنْ دَيْنِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ وَهِيَ جَاهِلَةٌ بِهِ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَمْ يَصِحَّ فَلَمْ يُوجَدْ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ، قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ يُوَافِقُهُ، وَفِي كَلَامِ الْقَفَّالِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ مَا يُخَالِفُهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ فَقَالَ: لَوْ قَالَ: إنْ أَبْرَأْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَبْرَأَتْهُ جَاهِلَةً بِهِ لَمْ تَطْلُقْ، بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْتِنِي، وَمَحَلُّ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الصَّدَاقِ، أَوْ الدَّيْنِ إذَا كَانَ مَعْلُومًا مَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذَلِكَ الدَّيْنِ زَكَاةٌ، فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ وَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ قَدْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ الْفُقَرَاءُ، فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ

ص: 435

وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ، فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ، فَإِنْ نَقَصَ فِيهِمَا

ــ

[مغني المحتاج]

مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَالَ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي قَدْرِهَا، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ حَسَنٌ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ.

فَائِدَةٌ: الْإِبْرَاءُ مِنْ جِهَةِ الْمُبْرِئِ تَمْلِيكٌ، وَمِنْ جِهَةِ الْمُبْرَإِ إسْقَاطٌ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، هَذَا إذَا لَمْ يَئُلْ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى مُعَاوَضَةٍ كَمَا هُنَا وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: أَمَّا فِي الْخُلْعِ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الزَّوْجِ بِمِقْدَارِ مَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ قَطْعًا لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمُعَاوَضَةِ. قَالَ: وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَمَاعَةٌ وَأَخَذُوا بِظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُبْرَأِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْبَيْنُونَةِ بِالْخَمْرِ مَا لَوْ خَالَعَ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مِنْ أَبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى هَذَا الْخَمْرِ، أَوْ الْمَغْصُوبِ، أَوْ عَبْدِهَا هَذَا، أَوْ عَلَى صَدَاقِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنِيَابَةٍ وَلَا اسْتِقْلَالٍ، بَلْ أَطْلَقَ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا، وَلَيْسَ لَنَا صُورَةٌ تَقَعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ رَجْعِيًّا وَلَا مَهْرَ سِوَاهَا.

فَرْعٌ: لَوْ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ، فَفِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الْوَسِيطِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا، وَعَنْ غَيْرِهِ وُقُوعُهُ بَائِنًا. ثُمَّ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ فِيمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ. وَالثَّانِي: فِيمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ فِي كَفِّهَا شَيْئًا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: الْمَعْرُوفُ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ وُقُوعُهُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَصَوَّبَهُ فِي فَتَاوِيهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَاهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ مِنْ تَرْجِيحِ أَنَّهَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا لَوْ خَالَعَهَا بِبَقِيَّةِ مَهْرِهَا وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَوَجَّهَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ " مَا " فِي " بِمَا " فِي كَفِّهَا نَكِرَةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ وَكِلَاهُمَا بِمَعْنَى شَيْءٍ وَإِسْنَادُهُ إلَى كَفِّهَا يُشْبِهُ إسْنَادَ الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ يَرْفَعُهُ فَيَلْغُو. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يُشْكِلُ بِوُقُوعِهِ رَجْعِيًّا فِي خُلْعٍ بِدَمٍ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الدَّمَ لَا يُقْصَدُ كَمَا مَرَّ فَذِكْرُهُ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ الْعِوَضِ بِخِلَافِ خُلْعِهَا عَلَى مَا فِي كَفِّهَا وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا شَيْء فِيهِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْنُونَةَ وَوُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ خَالَعَهَا بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ مَعْلُومٍ نَشَأَ فَاسِدُهُ مِنْ غَيْرِ الْجَهَالَةِ فَيَصِحُّ فِي الصَّحِيحِ، وَيَجِبُ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَ) يَجُوزُ (لَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (التَّوْكِيلُ) فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ تَوْطِئَةً لِبَيَانِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ (فَلَوْ قَالَ) الزَّوْجُ (لِوَكِيلِهِ: خَالِعْهَا بِمِائَةٍ) مِنْ دَرَاهِمَ مَثَلًا مَعْلُومَةٍ (لَمْ يَنْقُصْ) وَكِيلُهُ (مِنْهَا) لِأَنَّهُ دُونَ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَأَفْهَمَ جَوَازَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا قَطْعًا كَمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمِائَةٍ وَثَوْبٍ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فِيمَا إذَا زَادَ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْهُ مِنْ زَيْدٍ بِكَذَا فَبَاعَهُ بِأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ مُحَابَاتَهُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْخُلْعَ إنَّمَا يَقَعُ غَالِبًا عِنْدَ الشِّقَاقِ وَمَعَ ذَلِكَ يَبْعُدُ قَصْدُ الْمُحَابَاةِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْإِذْنَ لِوَكِيلِهِ كَخُلْعِهَا بِمَالٍ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ (لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ، وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ (فَإِنْ نَقَصَ فِيهِمَا) بِأَنْ خَالَعَ بِدُونِ الْمِائَةِ

ص: 436

لَمْ تَطْلُقْ، وَفِي قَوْلٍ يَقَعُ بِمَهْرِ مِثْلٍ، وَلَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْ بِأَلْفٍ فَامْتَثَلَ نَفَذَ، وَإِنْ زَادَ فَقَالَ اخْتَلَعْتُهَا بِأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا بَانَتْ، وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ الْأَكْثَرُ مِنْهُ وَمِمَّا سَمَّتْهُ، وَإِنْ.

أَضَافَ الْوَكِيلُ الْخُلْعَ إلَى نَفْسِهِ فَخُلْعُ أَجْنَبِيٍّ وَالْمَالُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ.

ــ

[مغني المحتاج]

فِي الْأُولَى وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ نَقْصًا فَاحِشًا وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا (لَمْ تَطْلُقْ) لِلْمُخَالَفَةِ كَمَا لَا يَنْفُذْ بَيْعُهُ فِي مِثْلِ هَذَا (وَفِي قَوْلِهِ يَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِمَهْرِ مِثْلٍ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِنَقْصِهِ عَنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَالْمُرَادِ، وَرَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، بِخِلَافِ الْأُولَى لِلْمُخَالَفَةِ فِيهَا لِصَرِيحِ الْإِذْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ: يَلْتَحِقُ بِنُقْصَانِهِ عَنْ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ مَا لَوْ خَالَعَ بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (وَلَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا: اخْتَلِعْ بِأَلْفٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (فَامْتَثَلَ نَفَذَ) لِوُقُوعِهِ كَمَا أَمَرَتْهُ، كَذَا إنْ اخْتَلَعَ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَفِي تَسْلِيمِ الْوَكِيلِ الْأَلْفَ بِغَيْرِ إذْنٍ جَدِيدٍ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَنْعُ (إنْ زَادَ) وَكِيلُهَا عَلَى مَا سَمَّتْهُ لَهُ (فَقَالَ: اخْتَلَعْتُهَا بِأَلْفَيْنِ) مَثَلًا (مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا بَانَتْ) عَلَى النَّصِّ (وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى بِزِيَادَتِهِ عَلَى الْمَأْذُونِ فِيهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ زَائِدًا عَلَى مَا سَمَّتْ لِلْوَكِيلِ أَمْ نَاقِصًا (وَفِي قَوْلٍ:) يَلْزَمُهَا (الْأَكْثَرُ مِنْهُ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَمِمَّا سَمَّتْهُ) لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ فَسَادِ الْمُسَمَّى، فَإِنْ كَانَ الَّذِي سَمَّتْهُ أَكْثَرَ فَقَدْ رَضِيَتْ بِهِ.

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حِكَايَةِ هَذَا الْقَوْلِ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ، وَالصَّوَابُ فِيهِ مَا جَوَّزَاهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا سَمَّتْهُ هِيَ، وَمِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَمِمَّا سَمَّاهُ الْوَكِيلُ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: مَا لَمْ يَزِدْ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى مُسَمَّى الْوَكِيلِ، فَإِنْ زَادَ وَجَبَ مَا سَمَّاهُ لَاسْتَقَامَ، فَلَوْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَلْفَيْنِ وَسَمَّتْ أَلْفًا فَسَمَّى الْوَكِيلُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ لَزِمَهَا عَلَى قَضِيَّةِ مَا فِي الْكِتَابِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَلْفَانِ، وَعَلَى مَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَلَا يُطَالِبُ وَكِيلُهَا بِمَا لَزِمَهَا إلَّا إنْ ضَمِنَ كَأَنْ يَقُولَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، فَيُطَالِبُ بِمَا سُمِّيَ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (وَإِنْ) لَمْ يَقُلْ الْوَكِيلُ فِي الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِوَكَالَتِهَا بَلْ.

(أَضَافَ الْوَكِيلُ الْخُلْعَ إلَى نَفْسِهِ فَخُلْعُ أَجْنَبِيٍّ) وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْمَالُ عَلَيْهِ) وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ إضَافَتَهُ إلَى نَفْسِهِ إعْرَاضٌ عَنْ التَّوْكِيلِ وَاسْتِبْدَادٌ بِالْخُلْعِ مَعَ الزَّوْجِ (وَإِنْ أَطْلَقَ) الْوَكِيلُ الْخُلْعَ بِأَنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَيْهِ وَلَا إلَيْهَا وَقَدْ نَوَاهَا (فَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ) لِالْتِزَامِهَا إيَّاهُ (وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ) لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّتْهُ، فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ أَلْفٌ، لَكِنْ يُطَالِبُ بِمَا سَمَّاهُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا سَمَّتْهُ إذَا غَرَّمَهُ، وَلِلزَّوْجِ مُطَالَبَتُهَا بِمَا لَزِمَهَا. وَالثَّانِي: عَلَيْهَا أَكْثَرُ

ص: 437

وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ ذِمِّيًّا.

وَعَبْدًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ.

وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً بِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقِهَا.

وَلَوْ وَكَّلَا

ــ

[مغني المحتاج]

الْأَمْرَيْنِ مِمَّا سَمَّتْهُ وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مُسَمَّى الْوَكِيلِ كَمَا مَرَّ، وَعَلَيْهِ التَّكْمِلَةُ إنْ نَقَصَ عَنْهُ، وَلَوْ أَضَافَ الْوَكِيلُ مَا سَمَّتْهُ إلَيْهَا وَالزِّيَادَةَ إلَى نَفْسِهِ ثَبَتَ الْمَالُ كَذَلِكَ، وَلَوْ أَطْلَقَتْ التَّوْكِيلَ بِالِاخْتِلَاعِ فَكَأَنَّهَا قَدَّرَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ فَلَا يَزِيدُ الْوَكِيلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ وَعَلَيْهِ مَا زَادَ، كَمَا لَوْ زَادَ عَلَى الْمُقَدَّرِ، وَلَوْ خَالَعَ وَكِيلُهَا الزَّوْجَ بِنَحْوِ خَمْرٍ كَخِنْزِيرٍ وَلَوْ بِإِذْنِهَا فِيهِ نَفَذَ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ، وَإِنْ خَالَعَ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِنَحْوِ خَمْرٍ وَكَانَ قَدْ وَكَّلَهُ بِذَلِكَ نَفَذَ أَيْضًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِمَا مَرَّ. نَعَمْ إنْ خَالَفَ وَكِيلُهُ فَأَبْدَلَ خَمْرًا وَكَّلَهُ بِالْخُلْعِ بِهَا بِخِنْزِيرٍ لَغَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ.

(وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الْخُلْعِ وَلَوْ مِنْ مُسْلِمَةٍ (ذِمِّيًّا) أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْكَافِرِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُخَالِعُ الْمُسْلِمَةَ أَوْ يُطَلِّقُهَا وَلَوْ كَانَ وَثَنِيًّا، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَتَخَلَّفَ وَخَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ.

(وَ) يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ (عَبْدًا) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ (وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ هُنَا عُهْدَةٌ (وَلَا يَجُوزُ) بِمَعْنَى لَا يَصِحُّ (تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) بِسَفَهٍ (فِي قَبْضِ الْعِوَضِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ، فَإِنْ وَكَّلَهُ وَقَبَضَ كَانَ الزَّوْجُ مُضَيِّعًا لِمَالِهِ، وَيَبْرَأُ الْمُخَالِعُ بِالدَّفْعِ، قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ، وَحَمَلَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى عِوَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَعَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ، فَإِذَا تَلِفَ كَانَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ وَبَقِيَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهِ.

تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفْهِمُ امْتِنَاعَ تَوْكِيلِ الزَّوْجَةِ لِهَؤُلَاءِ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ يَجُوزُ تَوْكِيلُهَا الْكَافِرَ وَالْعَبْدَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا فَهِيَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَأْذَنْ السَّيِّدُ فِي الْوَكَالَةِ طُولِبَ بِالْمَالِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِذَا غَرَّمَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا قَصَدَ الرُّجُوعَ، وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْوَكَالَةِ تَعَلَّقَ الْمَالُ بِكَسْبِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ، فَإِذَا أَدَّى مِنْ ذَلِكَ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا عَنْهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ إلَّا إذَا أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا فَتَبِينُ وَيَلْزَمُهَا، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ أَطْلَقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَاخْتِلَاعِ السَّفِيهَةِ.

(وَالْأَصَحُّ) الْمَنْصُوصُ (صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (امْرَأَةً بِخُلْعٍ) أَيْ فِي خُلْعِ (زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقِهَا) لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تُطَلِّقَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فِيمَا إذَا فَوَّضَ طَلَاقَ نَفْسِهَا إلَيْهَا وَهُوَ تَوْكِيلٌ أَوْ تَمْلِيكٌ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ كَانَ تَوْكِيلًا فَهُوَ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا فَمَنْ صَحَّ أَنْ يَمْلِكَ شَيْئًا صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ تَوْكِيلَ الزَّوْجَةِ امْرَأَةً فِي خُلْعِهَا صَحِيحٌ قَطْعًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعٍ، ثُمَّ وَكَّلَ امْرَأَةً فِي طَلَاقِ بَعْضِهِنَّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِتَضَمُّنِهِ الِاخْتِيَارَ لِلنِّكَاحِ، وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا لِلِاخْتِيَارِ فِي النِّكَاحِ، فَكَذَا اخْتِيَارُ الْفِرَاقِ.

(وَلَوْ وَكَّلَا) أَيْ

ص: 438