الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- صلى الله عليه وسلم من يوم أسلمت يعدل لي أحدًا من أصحابه فيما حزبه (1).
قصة إسلام عمرو بن العاص
أما قصة إسلام عمرو بن العاص. فقد كانت جديرة بالبحث والتأمل. لما فيها من عبر ومواعظ.
فقد روى الطبري أن عمرو بن العاص قال: (وهو يروى بنفسه قصة إسلامه): لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالًا من قريش كانوا يرون رأيي. ويسمعون منى. فقلت لهم: تعلمون والله إني لأرى أمر محمد يعلو علوًا منكرًا. وإفى قد رأيت رأيًا فما ترون فيه؟ .
قالوا وماذا رأيت؟ قلت: رأيت أن نلحق بالنجاشى. فنكون عنده. فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي. فلأن نكون تحت يديه أحب من أن نكون تحت يدي محمد وإن يظهر قومنا فنحن من قد عرفوا. فلا يأتينا منهم إلا خير. فقالوا: إن هذا لرأى. قلت: فأجمعوا لنا نهدى إليه - فكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم فجمعنا له أدمًا كثيرًا. ثم خرجنا حتى قدمنا عليه. فوالله إنا لعنده. إذ جاءه عمرو بن أمية الضمرى (2) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه - قال: فدخل عليه ثم خرج من عنده. قال: فقلت لأصحابى: هذا عمرو بن أمية الضِّمرى. لو قد دخلت على النجاشي وسألته إيّاه. فأعطانيه. فضربت عنقه! فإذا فعلت ذلك رأت قريش أنى قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد.
فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع. فقال: مرحبًا بصديقى! أهديت لي شيئًا من بلادك؟ قلت: نعم. أيها الملك. قد أهديت لك أدمًا كثيرًا. ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه. ثم قلت له: أيها الملك! إني قد رأيت رجلًا خرج من عندك. وهو رسول رجل عدو لنا. فأعطنيه لأقتله. فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا. قال: فغضب. ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة
(1) مغازي الواقدي ج 2 ص 745.
(2)
انظر ترجمة عمرو بن أمية الضمرى في كتابنا (غزوة الأحزاب ص 38).
ظننت أنه قد كسره - يعني النجاشي - فلو انشقت الأرض لي فدخلت فيها فرقًا منه. ثم قلت: والله أيها الملك لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه. قال: أتسألنى أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله؟
فقلت: أيها الملك. أكذاك هو؟ قال: ويحك يا عمرو؟ أطعنى واتبعه. فإنه والله لعلى الحق. وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده. قال: قلت: فبايعنى له على الإِسلام؟ قال: نعم فبسط يده فبايعته على الإِسلام ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيى عما كان عليه. وكتمت أصحابي إسلامي. ثم خرجت عامدًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم. فلقيت خالد بن الوليد - وذلك قبل الفتح - مقبلًا من مكة فقلت إلى أين يا أبا سليمان قال: والله لقد استقام المنسم وإن الرجل لنبي. اذهب والله أسلم فحتى متى فقلت والله ما جئت إلا لأسلم. فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع. ثم دنوت فقلت يا رسول الله إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي. ولا أذكر ما تأخر! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمرو بايع فإن الإِسلام يجب ما قبله. وإن الهجرة تجبُّ ما قبلها فبايعته ثم انصرفت (1).
وذكر بعض المؤرخين أن النبي صلى الله عليه وسلم. لا رأى خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة ليسلموا قال: لقد ألقت إليكم مكة بأفلاذ كبدها أو كما قال صلى الله عليه وسلم. يعني بذلك الزعماء الثلاثة عمرًا. وخالدا. وعثمان بن طلحة.
إسلام خزاعة (2) وإعطاؤهم الرسول صلى الله عليه وسلم عهده
في كتابنا الخامس من هذه السلسلة (صلح الحديبية) ذكرنا أن خزاعة قد رضي مسلمها وكافرها أن يكون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما رضيت كنانة أن
(1) تاريخ الطبري ج 3 ص 31.
(2)
خزاعة (بضم أوله) قبيلة عظيمة قحطانية من الأزد. وهم بنو خزاعة. كعب بن عمرو بن ربيعة، وهو لحى بن حارثة بن عمرو (مزيقيًا) ملك مأرب. الذي هو أبو الأنصار والغساسنة. وكانت خزاعة ممن هاجر من اليمن بعد انهدام السد في مأرب. فاستوطنت مكة وغلبت عليها. في عصر من العصور. وعمرو بن لحى (بفتح أوله كسر ثانيه) أبو خزاعة .. أول من أدخل الشرك والوثنية على دين إبراهيم (انظر سيرة ابن هشام) .. وقد كانت خزاعة حليفة بني كنانة في الجاهلية فلما تعرضت =
تكون في عهد قريش. غير أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكد يستقر بالمدينة عائدًا من الحديبية (بعد الصلح) حتى أصبحت خزاعة كلها بمختلف فخائذها مسلمة مؤمنة فأصبح لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم. بالإِضافة إلى ما يعطيهم عهد الحديبية من حقوق حتى وإن لم يكونوا مسلمين ..
وقد كتب الرسول صلى الله عليه وسلم كتابًا إلى خزاعة في شهر جمادى الآخرة سنة ثمان للهجرة. قال فيه ..
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى بديل (1)(هو ابن ورقاء) وبشر (2)(هو ابن سفيان) وسروات بني عمرو، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني لم آثم بالكم، ولم أضع في جنبكم وإن أكرم تهامة عليَّ أنتم ومن تبعكم من الطيبين، فإني قد أخذت لمن هاجر منكم مثلما أخذت لنفسى - ولو هاجر بأرضه - غير ساكن مكة إلا معتمرًا أو حاجًّا - وإني لم أضع فيكم إذ سالمت وإنكم غير خائفين من قبلي ولا محصورين. أما بعد فإنه قد أسلم علقمة بن علاثة (3) وابناه وتابعا وهاجرا
= خزاعة لغزو بني أسد، استغاثت بخزاعة حلفاءها من بني كنانة. فخذلوها. فاعتلتها بنو أسد وانتصروا عليها. ثم نشبت حروب في الجاهلية بين بني بكر بن عبد مناة وبين خزاعة. ولما جاء الإِسلام دخلت خزاعة في عهد المسلمين في صلح الحديبية.
(1)
هو بديل بن ورقاء بن عمرو بن عبد العزى بن ربيعة الخزاعي. أسلم قبل الفتح وقبل يوم الفتح قال ابن حجر في الإِصابة .. وكان سيدًا في قومه وروى البخاري في تاريخه أن بديلًا كان القيم على حظائر الأسرى والحارس بعد انتصار المسلمين في غزوة حنين. وظل كذلك حتى عاد النبي (صلى الله عليه وسلم) من غزوة الطائف. وروى أبو نعيم في الحلية. عن أم الحرث بنت عياش بن أبي ربيعة أنها رأت بديل بن ورقاء يطوف على جمل أورق بمنى ويقول .. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاكم أن تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب. دخل بديل الإسلام، وقد تخطى التسعين من عمره. ولم يكن بعارضيه مواد. فلما رآه النبيى (صلى الله عليه وسلم) قال .. زادك الله جمالًا. (الإِصابة ج 1 ص 146 - 147).
(2)
انظر ترجمة بشير بن سفيان في كتابنا (صلح الحديبية).
(3)
قال في الإِصابة مترجمًا لعلقمة - .. هو علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب. من بني عامر بن صعصعة. وجاء ذكره في البخاري. وفيه أن علي بن أبي طابى بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) بذهبية في تربتها فقسمها بين أربعة نفر. عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وعلقمة بن علاثة وزيد الخيل. وكان علقمة قد ارتد عقب موت الرسول (صلى الله عليه وسلم) فبعث إليه أبو بكر الصديق القعقاع =