الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرسول إليه عمرو بن العاص (1).
10 -
عباد بن جلندى أحد ملوك عمان أيضًا .. والرسول إليه أيضًا عمرو بن العاص.
تنازع السيادة على العالم
وكان أعظم هؤلاء الملوك الذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإِسلام .. هما هرقل إمبراطور الرومان الذي يمتد ملكه من القسطنطينية حتى حدود الجزيرة العربية .. كسرى إبرويز إمبراطور الفرس. الذي بالإِضافة إلى اتصال مملكته بحدود الجزيرة العربية اتصالًا مباشرًا. كانت له مناطق نفوذ في اليمن حيث كان له نائبًا في صنعاء يحكمها وما حواليها باسم الإِمبراطورية الفارسية.
وكانت هاتان الإِمبراطوريتان تتنازعان السيادة على العالم. الأمر الذي أثار
(1) هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد (بالتصغير) بن سهم القرشي. يكنى أبا عبد الله وأبا محمد. أمه النابغة من عنزة بنجد. أسلم عمرو قبل الفتح. وذكر الواقدي أن إسلامه كان على يد النجاشي بالحشبة، وهو أسن من عمر بن الخطاب فقد روى عنه أنه قال: أذكر الليلة التي ولد فيها عمر بن الخطاب. كان عمرو بن العاص ممن فرح النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامهم. لأنه كان ثالث ثلاثة من سادات قريش أسلموا في يوم واحد، وصفهم النبي (صلى الله عليه وسلم) حين أقبلوا عليه بأنهم أفلاذ كبد مكة، وهم خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وعمرو بن العاص .. كان عمرو من قادة السريا في العهد النبوى قال ابن حجر في الإصابة .. كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويدنيه لمعرفته وشجاعته وولاه غزوة ذات السلاسل وأمده بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح. وقد استعمل النبي (صلى الله عليه وسلم) عمرًا على منطقة عمان. فمات (صلى الله عليه وسلم) وهو أمير عليها .. وبعد موت النبي (صلى الله عليه وسلم) سار في عهد الخلفاء الراشدين الثلاثة من قادة الفتح الإِسلامي الكبار. كان أحد قادة الجيوش الأربعة الرئيسية التي اجتازت حدود الشام في عهد الخيفة الأول. وهو الذي فتح قنسرين، وتولي مصالحة أهل حلب عند استسلامها للمسلمين ومنبج وأنطاكية. وكان عمر بن الخطاب من المعجبين بعمرو بن العاص. لذكائه وفطنته وبعد نظره. نظر إليه مرة وهو يمشى فقال: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشى على الأرض إلا أميرًا. وقال إبراهيم ابن مهاجر عن الشعبي عن قبيصة بن جابر. قال: صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلًا أبين قرآنًا ولا أكرم خلقًا وأشبه سريرة بعلانية منه. وكان الشعبي يقول: دعاة العرب في الإسلام أربعة. فعد منهم عمرًا. وقال فأما عمرو فللمعضلات. كان عمرو من رواة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه وولداه عبد الله ومحمد وقيس بن أبي حازم وأبو سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم .. وعمرو بن العاص هو الذي فتح مصر في عهد الخيفة الفاروق. وظل واليًا عليها حتى عهد عثمان. فعزله بعد فترة قصيرة .. وبعد أن اجتمع المسلمون على معاوية وبويع خليفة بعد مقتل أمير المؤمنين علي. ولى معاوية عمرًا مصر سنة 38 هـ وظل عليها واليًا حتى توفي سنة ثلاثة وأربعين. وتوفى وهو ابن تسع وتسعين سنة. قاله العجلي.
بينهما نزاعًا مسلحًا ظل قائمًا حتى جاءت الجيوش الإِسلامية وأطاحت بحكم الإمبراطوريتين المتخاصمتين في آن واحد.
ويمكن تقسيم الذين كتب إليهم النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الإِسلام من الملوك والأمراء إلى فئات أربع.
الفئة الأولى. هم ملوك وأمراء العرب المستقلين الذين ليس لأحد عليهم سلطان داحل الجزيرة العربية. وهم يدينون بالوثنية التي بها استبدلوا دين التوحيد الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل .. ومن هؤلاء ملك البحرين وملكا عمان وملك حمير في اليمن.
الفئة الثانية. وهم العرب المتنصرة الذين يرتبطون (فيما يشبه الكومنولث) بالتاج البيزنظى في القسطنطينية (اسطنبول) .. والذين يقيمون في منطقة الجولان (1) من سوريا. ويمثلهم الحارث بن شمر الغساني.
الفئة الثالثة .. هم البيزنطيون (الروم الشرقيون) الذين أدخلوا على دين عيسى صلى الله عليه وسلم الكثير من التحريفات والتبديلات التي أخرجت عن جوهره النقى الصافى جوهر التوحيد - إلى طقوس ومراسيم تتنافى كليًّا مع قواعد وأصول الدين الذي جاء به عيسى صلى الله عليه وسلم. ويمثل هؤلاء الرومان هرقل الذي جاء خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت المقدس.
الفئة الرابعة. هم الأمة الفارسية التي يمثلها كسرى أبرويز. وهؤلاء كانوا يدينون بالمجوسية فيعبدون النار إلهًا من دون الله.
أما النجاشي ملك الحبشة. فيظهر أن الكتاب الذي بعث به إليه النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لدعوته إلى الإِسلام وإنما يظهر أنها كانت رسالة تتناول مواضيع أخرى .. لأن النجاشي كان مسلمًا منذ هاجر إليه جعفر بن أبي طالب وأصحابه .. كما يدل على ذلك حديث عمرو بن العاص عن قصة إسلامه كما مضى في هذا الكتاب.
أما المقوقس حاكم مصر (فقد كان نصرانيًّا) يحكم باسم الإِمبراطورية الرومانية رغم أن أصول نصرانية القوقس وكل أقباط مصر تختلف مع أصول
(1) ذكر ذلك المسعودى في كتابه (التنبيه والإشراف ص 361).