المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النبي يحقق مع الجندي أسامة - من معارك الإسلام الفاصلة = موسوعة الغزوات الكبرى - جـ ٧

[محمد بن أحمد باشميل]

فهرس الكتاب

- ‌ 7 -غزوة مؤتة

- ‌كلمة المؤلف

- ‌أسباب غزوة مؤتة

- ‌الفصل الأوّل

- ‌الشام بلد عربي منذ آلاف السنين

- ‌المملكة العربية التي حاربت الآشوريين قبل الميلاد

- ‌بقايا العمالقة

- ‌العرب أول من ملك الشام من البشر

- ‌المدة التي ملكت عاد الشام فيها

- ‌العرب هم سكان الشام الأصليون منذ فجر التاريخ

- ‌فترات حكم العرب للشام قبل الميلاد وبعده. قبل الإِسلام

- ‌عهود الحكم العربي في الشام قبل الإِسلام

- ‌عهد ملوك عاد

- ‌عهود العمالقة

- ‌العمالقة السكان الأصليون للشام

- ‌ملوك الأنباط

- ‌محاربة الأنباط لليونان

- ‌هجوم الأنباط على اليهود واحتلالهم القدس

- ‌صلة الأنباط بالرومان

- ‌الرومان يزحفون إلى بطرا فيصالحهم ملكها العربي

- ‌الرومان يطيحون نهائيًا بمملكة الأنباط

- ‌مملكة تدمر العربية

- ‌متى بنيت ومن الذي بنى تدمر

- ‌تدمر وملك آل أذينة

- ‌شعب تدمر العربي

- ‌من الذي بنى مدينة تدمر

- ‌تدمر قبل ملوك آل أذينة

- ‌تدمر والرومان

- ‌بين البتراء وتدمر

- ‌ملوك تدمر البارزين

- ‌العصر الذهبي في تاريخ تدمر بعد الميلاد

- ‌الرومان يغتالون أول ملوك تدمر

- ‌أذينة الأصغر الملك الثاني لتدمر

- ‌أذينة الأصغر يسمى نفسه ملك الملوك ويقهر الفرس والرومان سويًا

- ‌حقد أذينة الأصغر على الرومان

- ‌أذينة الأصغر سيد المشرق وقاهر الفرس والرومان

- ‌وقوع القيصر أسيرًا

- ‌يسمى نفسه ملك الملوك

- ‌أذينة يحاصر عاصمة الفرس

- ‌الملكة الزباء سيدة المشرق

- ‌الملكة الوصية على عرش ابنها

- ‌تدمر تبلغ ذروة المجد في عهد الزباء

- ‌الملكة الزباء تحتل مصر وتعبر البوسفور

- ‌آسيا الصغرى تسقط في يد الملكة الزباء

- ‌فشل الرومان في استعادة ممتلكاتهم من الزباء

- ‌نهاية الملكة الزباء

- ‌قضاعة في الشام

- ‌مشيخة أم مملكة

- ‌مساحة مملكة أو مشيخة قضاعة في الشام

- ‌ملوك قضاعة

- ‌آثار ملوك قضاعة في الشام

- ‌قضاعة شعب محارب قوي

- ‌كيف انتهت قضاعة في الشام

- ‌الغساسنة في الشام

- ‌سبب تسميتهم بغسان

- ‌كيف ومتى جاء الغساسنة إلى الشام

- ‌مواطن الغساسنة بعد انهدام السد وقبل نزوحهم إلى الشام

- ‌الغساسنة في بلاد عدنان

- ‌كيف تواجد الغساسنة في الشام

- ‌خضوع غسان لملوك قضاعة من الحميريين

- ‌الغساسنة والرومان

- ‌الرومان يقرون الغساسنة على ما في أيديهم:

- ‌عدد وسني ملوك الغساسنة في الشام

- ‌عودة إلى المنطلق

- ‌تاريخ الغساسنة العسكري والسياسي

- ‌قلة المعلومات عن تاريخ الغساسنة

- ‌غسان والإِسلام

- ‌الفصل الثاني

- ‌الحملات العسكرية بعد الانتصار في خيبر

- ‌تحقيق الأهداف

- ‌تأثير سقوط خيبر على معنويات الأعراب

- ‌المسلمون والانضباط العسكري

- ‌حملة إلى فدك. شعبان سنة سبع من الهجرة

- ‌بنو مرة يبيدون الدورية

- ‌حملة أبي بكر الصديق إلى بني كلاب بنجد شعبان سنة سبع من الهجرة

- ‌أسامة بن زيد يقتل رجلًا مسلمًا

- ‌قائد الحملة يجرى التحقيق مع أسامة

- ‌النبي يحقق مع الجندي أسامة

- ‌تفريق حشد الوثنيين

- ‌سيد بني مرة ينصح عيينة بن حصن ليسلم

- ‌تحريض قريش على نقض الهدنة

- ‌الحل الوسط في الصلح

- ‌كيف حقن الصلح الدماء عن أن تراق

- ‌قانون عام غير مكتوب

- ‌مكاسب صلح الحديبية

- ‌المسلمون في مكة يعتمرون

- ‌عدد المعتمرين عمرة القضاء

- ‌أمير على المدينة بالنيابة

- ‌كمية الهدى في هذه العمرة

- ‌من أي أحرم الرسول صلى الله عليه وسلم بالعمرة

- ‌حمل السلاح احتياطًا

- ‌التحرك من المدينة

- ‌من ثمرات الثبات على العقيدة

- ‌قريش تحتج على حمل المسلمين السلاح

- ‌اجتماع وفد قريش بالرسول صلى الله عليه وسلم في يأجج

- ‌تخزين السلاح قرب حدود مكة

- ‌جلاء قريش عن مكة

- ‌منظر رائع

- ‌من أين دخل النبي مكة يوم العمرة

- ‌يوم حاسم في تاريخ الإِسلام

- ‌سلوك المسلمين الذي أدهش قريشًا

- ‌اندهاش القرشيين

- ‌عمرة القضاء أول انتصار معنوى للمسلمين

- ‌إشاعة الحمى الصفراء الكاذبة

- ‌النبي يعمل على إبطال الإِشاعة

- ‌نشوب خلاف بين المهاجرين والأنصار أثناء الطواف

- ‌النحر بين الصفا والمروة

- ‌قريش تمنع النبي من دخول الكعبة

- ‌أذان بلال من على ظهر الكعبة يغيظ المشركين

- ‌ماذا قال سادات قريش عند سماع بلال يؤذن

- ‌قريش تطلب من الرسول أن يغادر مكة بعد انقضاء المدة

- ‌محاولة سفهاء المشركين التحرش بالمسلمين

- ‌تأثر المشركين بواقع المسلمين المشرف

- ‌خالد بن الوليد وأبو سفيان بن حرب

- ‌أبو سفيان يهاجم خالد غاضبًا لإِسلامه

- ‌إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص شهر صفر سنة 8 للهجرة

- ‌قصة إسلام عمرو بن العاص

- ‌اتصال الرسول صلى الله عليه وسلم بملوك وأمراء الشرق الأوسط

- ‌استقرار الأوضاع في جزيرة العرب

- ‌تحرير خيبر نقطة تحول هامة

- ‌رسل النبي إلى الملوك والأمراء

- ‌تنازع السيادة على العالم

- ‌نص الكتاب النبوى إلى الملوك والأمراء

- ‌ردود الملوك والأمراء

- ‌كيف تلقى الملك هرقل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قصة أبي سفيان مع الملك هرقل

- ‌هرقل يعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أثر كلام هرقل في نفس أبي سفيان

- ‌هرقل يتسلم الدعوة من الرسول إلى الدخول في الإِسلام

- ‌هرقل يكرم حامل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه

- ‌هرقل يستطلع رأى روما في دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الإمبراطور هرقل يدعو شعبه لاعتناق الإسلام

- ‌الاجتماع التاريخي في حراسة مشددة

- ‌البطارقة وأركان الدولة يرفضون دعوة الإِمبراطور ويحاولون التمرد

- ‌تراجع هرقل خوفًا على ملكه

- ‌الأسقف الذي قتله بطارقة هرقل لإِعلانه الإِسلام

- ‌هل أسلم الملك هرقل

- ‌قلق الملك هرقل

- ‌التناقضات المتصارعة بنفس هرقل

- ‌هرقل يدعو قومه مرة أخرى وأخيرة إلى الإِسلام أو إعطاء الجزية

- ‌هرقل يودع سوريا الوداع الأخير

- ‌تحقيق المقام حول موقف هرقل من الإِسلام

- ‌إسلام الملك المنذر بن ساوى:

- ‌جواب ملك الغساسنة التهديد بغزو الجزيرة

- ‌موقف المقوقس حاكم مصر

- ‌اعتراف المقوقس بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌كسرى يمزق كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم فيمزق الله ملكه

- ‌عامل كسرى على اليمن يعصى أمره ويسلم

- ‌استبشار المشركين وفرحهم بتهديد كسرى للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌النبي يخبر رسولى باذان بقتل شرويه لأبيه كسرى

- ‌شيرويه يأمر باذان بعدم التعرض للرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ملك اليمامة يقرب من الإِسلام ولا يسلم:

- ‌إسلام ملكى عُمان

- ‌إسلام حمير في اليمن

- ‌النجاشي الذي لم يسلم

- ‌نص الخطاب النبوى إلى النجاشي

- ‌جواب الملك النجاشي على كتاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌إسلام جبَلة بن الأيهم

- ‌مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم ملوك وأمراء الشرق الأوسط: بداية التحول في مجرى تاريخ المنطقة

- ‌سرية شجاع بن وهب إلى هوازن .. ربيع الأول سنة ثمان للهجرة

- ‌نجاح الحملة

- ‌لنبي يطلق سراح النساء

- ‌اعتقلوه تحفظًا. وهو مسلم

- ‌بعثة كعب بن عمير إلى ذات أطلاح. شهر ربيع الأول سنة ثمان للهجرة

- ‌الفصل الثالث

- ‌الكومنولث البيزنطى

- ‌اغتيال رسول النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك بصرى والجولان

- ‌اغتيال 15 من الصحابة على يد المرتزقة العرب في الشام

- ‌القرار الخطير

- ‌تعيين قادة الجيش

- ‌معارضة جعفر تقديم زيد عليه في القيادة

- ‌تحرك الجيش يوم الجمعة .. وفضل الجهاد

- ‌تاريخ تحرك الجيش إلى مؤتة وعدد قواته

- ‌عبد الله بن رواحة يستوصى من الرسول صلى الله عليه وسلم ويتمنى الشهادة

- ‌القائد عبد الله بن رواحة يبكى خوف النار

- ‌مقالة أحد أحبار اليهود في تعيين القادة

- ‌خالد بن الوليد يغزو لأول مرة مع المسلمين

- ‌النبي يخطب في الجيش ويضع أعدل وأشرف قانون حرب في التاريخ

- ‌وقفة عند دستور الحرب الرائع

- ‌تصرف المسلم حجة للإِسلام أو عليه

- ‌المسلمون يودعون الجيش

- ‌جواسيس الرومان في المدينة يبلغونهم نبأ الغزو

- ‌استخبارات الرومان في شمال الجزيرة

- ‌مقتل أخي قائد الأعداء

- ‌عدد الجيش الروماني

- ‌هل الملك هرقل هو الذي قاتل المسلمين في مؤتة

- ‌توقف المسلمين في معان للتشاور

- ‌المجلس العسكري في معان

- ‌اختلاف قادة الجيش في معان

- ‌اتفاق أركان الجيش على مصادمة الرومان

- ‌كلمة ابن رواحة في اجتماع هيئة الأركان

- ‌وصف أئمة التاريخ ما حدث في معان من اختلاف وجهات النظر

- ‌تحصن المسلمين في مؤتة

- ‌التعبئة للقتال

- ‌حراجة موقف المسلمين بمؤتة

- ‌أكبر مغامرة حربية في التاريخ

- ‌نشوب المعركة الطاحنة

- ‌كانت النتيجة مضمونة وهي النصر للرومان ولكن

- ‌مصرع قادة الجيش الإسلامي الثلاثة

- ‌معركة مؤتة تستمر سبعة أيام

- ‌متى وكيف استشهد القادة الثلاثة

- ‌مصرع زيد بن حارثة

- ‌مصرع جعفر بن أبي طالب

- ‌جعفر يعقر فرسه

- ‌الشهيد الشاب

- ‌عودة إلى المنطلق

- ‌مصرع عبد الله بن رواحة القائد الثالث

- ‌تمنى الشهادة فأعطيها

- ‌كيف استبسل ابن رواحة بعد التردد

- ‌مصرع قائد العرب المتنصرة

- ‌خالد بن الوليد يتولى قيادة الجيش في مؤتة

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يصف المعركة قبل عودة الجيش بعد أن كشف الله له ما بين المدينة والشام

- ‌حديث البخاري عن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌رواية البيهقي عن المعجزة

- ‌رواية ابن إسحاق

- ‌جناحان بدل اليدين لجعفر في الجنة

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يشيد ببطولة خالد

- ‌صعوبة المهمة الملقاة على عاتق خالد في مؤتة

- ‌خالد وخطة الانسحاب الرائعة

- ‌نجاح خطة التضليل أنقذت المسلمين في مؤتة

- ‌خالد يهاجم الرومان ويلحق بهم أعظم الخسائر ثم ينسحب

- ‌تسعة أسياف تتكسر في يد خالد بمؤتة

- ‌تنفيذ خطة الانسحاب إلى المدينة

- ‌قيادة الرومان تأمر بعدم تعقب المسلمين في انسحابهم

- ‌المظاهرة في المدينة ضد الجيش

- ‌أثر مقتل جعفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌محبة النبي الشديدة لجعفر

- ‌بكاء الرسول لموت جعفر

- ‌أولاد جعفر الصغار

- ‌فضل أمراء معركة مؤتة الثلاثة

- ‌الاستخبارات النبوية تبلغ الرسول نبأ الغزو

- ‌إسراع النبي في غزوهم قبل أن يتحركوا

- ‌عمرو بن العاص القائد

- ‌عمرو بن العاص القائد لأول مرة

- ‌الجيش يتحرك من المدينة

- ‌ابن العاص يطلب النجدة من المدينة

- ‌النجدة تتحرك من المدينة لإِسناد عمرو بن العاص

- ‌رسول عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌اختلاف أبي عبيدة وعمرو

- ‌وقفة اعتبار وتدبر

- ‌الغزوة تحقق أهدافها

- ‌عودة ابن العاص المنتصر إلى المدينة

- ‌البشر بالنصر إلى المدينة

- ‌ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على أبي عبيدة لسماحة خلقه

- ‌النبي صلى الله عليه وسلم يقر كل تصرفات القائد ولم ينكر عليه

- ‌نصيحة لا بد من سماعها

- ‌قتلى الفريقين في معركة مؤتة

- ‌عدد قتلى الأعداء في مؤتة

- ‌استدراك وتعقيب

- ‌تعقيب ابن كثير على عدد قتلى المسلمين في المعركة

- ‌هل انتصر المسلمون في مؤتة أم انهزموا

- ‌ما حدث في مؤتة هو فتح للمسلمين بدون شك:

- ‌نصر بعد هزيمة

- ‌رأي ابن كثير في هزيمة المسلمين وانتصارهم

- ‌تحقيق المقام في أن ما قام به خالد في مؤتة نصر لا مثيل له

- ‌أعلى وسام في الدولة تمنحه بريطانيا للقائد الذي نجح في الانسحاب من أدنكرك

- ‌دروس من معركة مؤتة

- ‌نظرة وتحليل

- ‌كيف انتصرت العقيدة في مؤتة

- ‌خرافة التفوق التكنولوجى

- ‌لماذا انهزم العرب وانتصر اليهود في حزيران

الفصل: ‌النبي يحقق مع الجندي أسامة

خوفًا من الموت.

فعن بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد أن غالب بن عبد الله الليثى وقف خطيبًا في رجال هذه السرية (قبيل العركة) فقال أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له وأن تطيعونى ولا تعصوني ولا تخالفوا لي أمرًا، فإنه لا رأى لمن لا يطاع، ثم ألف بينهم فقال: يا فلان أنت وفلان، يا فلان أنت وفلان -لا يفارق كل رجل زميله- وإياكم أن يرجع إلى أحدكم فأقول: أين فلان صاحبك؟ فيقول: لا أدرى، وإذا كبرت فكبروا. ثم قال: فكبر وكبروا، وأخرجوا السيوف قال: فأحطنا بالحاضر (وفي الحاضر) نعم وقد عطنوا (1) مواشيهم فخرج إلينها الرجال فقاتلوا ساعة، فوضعنا السيوف حيث شئنا منهم، ونحن نصيح بشعارنا: أمت أمت، وخرج أسامة بن زيد في أثر رجل منهم يقال له نهيك بن مرداس فأبعد، وحوينا على الحاضر وقتلنا من قتلنا، ومعنا النساء والماشية، فقال أميرنا: أين أسامة بن زيد؟ فجاء بعد ساعة من الليل. فلامه أميرنا لائمة شديدة وقال: ألم تر إلى ما عهدت إليك؟ فقال: إني خرجت في أثر رجل جعل يتهكم بي حتى إذا دنوت ولحمته بالسيف قال: لا إله إلا الله. فقال أميرنا أأغمدت سيفك؟ قال: لا والله ما فعلت حتى أوردته شعوب، قال: قلنا والله بئس ما فعلت وما جئت به تقتل امرءًا يقول: لا إله إلا الله؟ فندم وسقط (بضم السين) في يديه قال: واستقنا النعم والشاء والذرية، وكانت سهامهم عشرة أبعرة كل رجل، أو عدلها من الغنم. وكان يحسب الجذور بعشرة من الغنم. (مغازى الواقدي ج 2 ص 724).

‌النبي يحقق مع الجندي أسامة

ولم يتخذ قائد السرية غالب الليثي أي إجراء ضد أسامة بن زيد للتصرف الخاطئ الذي تصرفه. بل تركه حتى قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أجرى معه التحقيق بشأن قتله ذلك الرجل السلم.

(1) انظر معنى كلمة عطن في كتابنا صلح الحديبية.

ص: 77

فلدى اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على تفصيل الحادث وجد وجدًا شديدًا وأنب أسامة قائلًا: أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟

فقال أسامة (أثناء التحقيق): يا رسول الله إنما قالها تخوفًا من السلاح. فقال صلى الله عليه وسلم مكررًا ثانية: ألا شققت قلبه فتعلم صادق هو أم كاذب ثم قرأ قوله تعالى.: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} (1).

والواقع أن أسامة قد شعر بتأنيب الضمير وأنه قد ارتكب خطأ بقتله مرداس بن نهيك. فقد روى عنه أنه قال: لما طعنت مرداس برمحى فقتلته، وجدت من ذلك موجدة شديدة حتى ما أقدر على أكل الطعام حتى قدمت على رسول الله فقبلنى واعتنقنى. ولكنه لما علم بإقدام أسامة على قتل مرداس قال: اقتلتموه إرادة ما معه؟ ثم قرأ على أسامة قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} فقال أسامة استغفر لي يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: فكيف بلا إله إلا الله قال أسامة فما زال يكررها حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ. ثم استغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أدانه أنه قد قتل مؤمنًا خطأ وحكم عليه بأن يعتق رقبة مؤمنة كفارة عما ارتكب لأنه قتل رجلًا مؤمنًا عن إجتهاد خاطئ حيث ظنه مشركًا في حقيقة أمره وأنه إنما نطق بالشهادتين خوفًا من الموت وبعد أن أهوى إليه السيف.

وبهذه المناسبة روى الواقدي عن المقداد بن عمرو الكندى (2) أنه قال: قلت يا رسول الله أرأيت رجلًا من الكفار يقاتلنى، وضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ منى بشجرة فقال:(أسلمت لله)، أقتله بعد أن قالها؟ (يعني الشهادتين) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله. قال: فإني قتلته فماذا؟ قال: فإنه بمنزلتك التي كنت بها قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال (3).

(1) النساء آية 93.

(2)

انظر ترجمة المقداد بن الأسود في كتابنا (غزوة بدر الكبرى).

(3)

مغازى الواقدي ج 2 ص 725.

ص: 78

وقد روى ابن سعد في طبقاته الكبرى. أن أسامة بن زيد- بعد الذي سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسم أنه لن يقاتل بعدها أحدًا يشهد أن لا إله إلا الله مهما كان.

وقال في السيرة الحلبية: إن ذلك هو سبب اعتزال أسامة بن زيد الفتنة الكبرى. واعتذاره عن الاشتراك في القتال إلى جانب أمير المؤمنين على رضي الله عنهم أجمعين) أثناء الحرب الأهلية الطاحنة التي نشبت أيام الجمل وصفين. فقد كان أسامة بن زيد ضمن فئة من الصحابة التزموا الحياد من تلك الحروب الدامية المؤسفة. وقد روى عن أسامة أنه قال لأمير المؤمنين على (معتذرًا عن مقاتلة معاوية وحزبه والزبير وصحبه): لو أدخلت يا أمير المؤمنين يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها. ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قتلت ذلك الرجل الذي شهد أن لا إله إلا الله وقلت له: أعطى الله عهدًا ألا أقتل رجلًا يقول: لا إله إلا الله (1).

-5 -

حملة الجناب (2) شوال سنة سبع من الهجرة

وهي أكبر حملة عسكرية يشنها الجيش النبوى على المشركين في نجد عقب الانتصار الساحق على اليهود في معركة خيبر.

قاد هذه الحملة الكبيرة إلى ديار غطفان وفزارة والقبائل الوثنية المجاورة: بشير بن سعد (3). وكان هدف الحملة إحباط مشروع غزو كبير كان السيد الأحمق المطاع سيد فزارة عيينة بن حصن قد أعده للزحف على المدينة واحتلالها.

وقد أشرنا أكثر من مرة في مؤلفاتنا السابقة. إلى أن القبائل الواقعة شرقي المدينة (مثل غطفان وفزارة وأسد وأشجع وحنيفة) هم من أشد الناس عداوة

(1) السيرة الحلبية ج 2 ص 311.

(2)

الجناب (بكسر الجيم) قال في مراصد الاطلاع موضع بعراض خيبر ووادي القرى. قيل من منازل بني مازن، وقيل من منازل فزارة. والجناب الحنظل أيضًا موضع باليمن.

(3)

بشير بن سعد بن ثعلبة من الخزرج الأنصار. صحابى محارب فاضل. شهد بدرًا. المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو والد النعمان بن بشير الأنصاري. قتل بشير شهيدًا في معركة اليمامة.

ص: 79

للنبي صلى الله عليه وسلم مع طاقات عسكرية هائلة- سواء من الناحية البشرية أو من ناحية القدرة القتالية حيث إنه معترَف لهذه القبائل بالشراسة في القتال والصبر على النزال.

وقد دل سياق المؤرخين على أنه بإمكان هذه القبائل الوثنية الشرقية. أن تحشد في أسرع وقت جيشًا لا يقل عدده عن عشرين ألف مقاتل.

ولهذا كانت كثرة عددهم وتفوقهم في ميادين الحرب قد أغرتهم أكثر من مرة بالمسلمين حيث حاولوا عدة مرات غزو المسلمين في المدينة وإنهاء وجودهم. وهو أمر لم يجرؤ أحد عليه سوى قريش التي نقلت المعركة ضد المسلمين إلى ضواحي المدينة (أحد) ولكن دون أن تجرأ على التفكير يومها. في احتلال المدينة.

أما هؤلاء الأعراب الشرسون العتاة. فقد كان هدفهم -في كل محاولاتهم الحربية- احتلال المدينة والقضاء على المسلمين فيها قضاء تامًّا .. فعلوا ذلك منفردين. وفعلوه بالاشتراك مع غيرهم من الذين جمعتهم بهم العداوة للإِسلام.

وآخر محاولة خطيرة قام بها هؤلاء الأعراب للإِطاحة بالمسلمين واحتلال المدينة وانتهابها. هي تلك المحاولة التاريخية التي قاموا بها -بالاشتراك مع خيبر ويهود المدينة وقريش- في السنة الرابعة من الهجرة ضمن حلف عسكرى ثلاثي لاكتساح المدينة ونسف الوجود الإِسلامي بأكمله في السنة الرابعة الهجرية.

وقد حاولت هذه القبائل الوثنية مرة أخرى مساندة يهود خيبر لضرب القوات الإسلامية الزاحفة على خيبر وذلك في أوائل السنة السادسة من الهجرة.

ففي هذه السنة جهزت فزارة وبنو أسد وحدهما حوالي خمسة الآف مقاتل. ألف منها رابط مع اليهود في حصونهم بخيبر .. وأربعة آلاف بقيادة عيينة بن حصن تحركت من مضاربها في صحارى نجد لضرب القوات الإسلامية من الخلف. إلا أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل على النحو الذي فصلناه في كتابنا السادس من هذه السلسلة (غزوة خيبر).

ص: 80

وبالرغم من الفشل المتلاحق الذي منيت به هذه القبائل الوثنية الشرقية الشجاعة القوية في كل محاولة تقوم بها للقضاء على المسلمين أو خضد شوكتهم فإن كثرة عدد هذه القبائل الغامر وقدرتهم القتالية الممتازة، ظلا عامل غرور يدفع بهذه القبائل العظيمة المحاربة إلى استضعاف المسلمين والتفكير دائمًا في القيام بغزوهم والإِطاحة بهم وهدم كيانهم داخل عاصمتهم المدينة.

ففي شهر شوال من السنة السابعة للهجرة (أي بعد حوالي سنة كاملة من تصفية اليهود واندحار حلفائهم الوثنيين هؤلاء في خيبر) تبلغت القيادة الإِسلامية في المدينة -عن طريق رجال استخباراتها العسكريين المنتشرين بين مضارب تلك القبائل الوثنية شرقي المدينة أن القائد الفزاري الشهير. عيينة بن حصن يقوم بتحشيد قبائل غطفان وفزارة وأشجع وأسد في منطقة يقال لها "يمن (1) وجبار (2) "نحو الجناب وهو موضع يعارض خيبر ووادي القرى شمال شرقي المدينة.

وإن هدف هذه التجمعات الوثنية هو الزحف على المسلمين وأخذهم على حين غرة في المدينة نفسها.

فقد جاء في التقرير الشفوى الذي قدمه جهاز الاستخبارات النبوية (أن عيينة بن حصن الفزاري قد بعث إلى تللث القبائل يقول لهم: إما أن تسيروا إلينا وإما أن نسير إليكم. فأرسلوا إليه أن سر إلينا حتى نزحف إلى محمد).

غير أن ما جاء في تقرير الاستخبارات العسكرية النبوية لم يكن مفاجأة للقيادة في المدينة. فقد كانت المدينة تتوقع أن يعاود الغرور هذه القبائل الوثنية القوية، لما هي عليه من كثرة في العدد وخبرة بالحرب ولكونها أقرب القبائل الوثنية إلى المدينة التي طالما سال لعاب هؤلاء الأعراب الأجلاف. كلما تذكروا خيراتها الزراعية. التي طالما حاولوا اجتياحها وانتهابها كما فصلناه في عدة مواضع من بحوثنا المتعلقة بهذه القبائل في كتبنا الستة من هذه السلسلة.

(1) قال في مراصد الاطلاع: (يمن -بفتح أوله وسكون ثانيه- ماء لغطفان من بني قو وروءاف على الطريق بين تيماء وفيد.

(2)

جبار (بضم أوله وفتح ثانيه) ماء لبنى حميس بن عامر بن ثعلبة، بين المدينة وفيد.

ص: 81