الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى الميسرة عباية بن مالك الأنصاري (1).
أما القلب فقد تمركز فيه القادة الثلاثة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة الأنصاري.
حراجة موقف المسلمين بمؤتة
أما جيوش الرومان والعرب المتنصرة والمرتزقة الإغريق. فقد أخذت تتدفق على (مؤتة) حيث يتحصن الجيش الإسلامي أَخذت تتدفق في زهو وخيلاء وغرور. وكأنها أمواج بحر متلاطم. وجيش الإسلام الصغير المرابط في (مؤتة) كأنه جزيرة صغيرة مهددة بالغرق في محيط ذلك البحر المتلاطم من الكتائب الرومانية ومسانديها من غير الرومان.
حقًّا لقد كانت الحالة (بالنسبة للمسلمين) حالة مخيفة مفزعة تثير الخوف والرعب كلب وتزيغ العقول والأبصار.
ولقد عبر أبو هريرة (2) -وكان ممن حضروا معركة مؤتة- عبر عن
= قائد قوات العرب المتنصرة في جيش الرومان (مالك بن رافلة). قال ابن إسحاق: وقد كان قطبة بن قتادة العذرى، الذي كان على ميمنة المسلمين، قد حمل على مالك بن رافلة فقتله. فقال قطبة بن قتادة في ذلك (شعرًا).
طعنت ابن رافلة بن الأرا
…
ش برمح مضى فيه ثم انحطم
ضربت على جيده ضربة
…
فمال كما مال غصن المسلم
وسقنا نساء بني عمه
…
غداة رقوقين سوق النعم
(1)
لم يذكر ابن حجر في الإصابة حين ترجم له، أكثر من قوله: عباية بن مالك الأنصاري. ذكر ابن إسحاق وقال: إنه كان على ميسرة المسلمين يوم (مؤتة) وقال ابن هشام: يقال له عبادة.
(2)
أبو هريرة: اسمه عبدتهم بن عامر بن عبد ذي الشرى بن طريف بن عتاب بن أبي صعب بن منبه بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس. فهو دوسى "ودوس قبيلة عدنانية من قيس عيلان" وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة (عبد الرحمن) لأن اسمه الأول اسم جاهل وسبب تسميته أبا هريرة أنه -روى الترمذي- كان يرعى غنم أهله، وكانت له هرة صغيرة قال: فكنت أضعها بالليل في شجرة، وإذا كان النهار ذهبت بها معى فلعبت بها فكنونى بها. أسلم أبو هريرة عام سبع من الهجرة. قدم المدينة والرسول صلى الله عليه وسلم يحارب اليهود في خيبر فالتحق به، وحضر معركة خيبر. أجمع أهل الحديث على أن أبا هريرة أكثر الصحابة حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف وثلاثمائة حديث وكسر. (كذا قاله ابن حزم في جوامع السير). وقد=
هذه الحقيقة المفزعة كما ذكره المقريزى الذي قال يصف الموقف الحرج؟ (فرأوا المشركين -يعني المسلمين- ومعهم ما لا قبل لهم به من العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب. قال أبو هريرة: وقد شهدت ذلك فبرق بصرى. فقال ثابت بن أقرم (1): يا أبا هريرة ما لك؟ . كأنك ترى جموعا كثيرة! ! قلت: نعم. قال: لم تشهدنا ببدر إننا لم ننصر بالكثرة (2).
= طعن أعداء الله الحاقدون على الإسلام في أبي هريرة. وشككوا الناس في صحة أحاديثه. وتبعهم على ذلك المرضى بمركب النقص من المفتونين بهم العربي والتي (منذ قامت وأسست) وهي منبر للطعن في الإسلام والتشكيك فيه والحط من قدر رجاله (انظر العدد الأول والثاني من هذه المجلة المشبوهة).ولكن الطعن في أحاديث أبي هريرة. بل والطعن في الإسلام ذاته لا يمكن أن يكون ذا أثر فعال على جوهر هذا الدين ومسيرته الظافرة. فالإسلام رغم التجنى عليه والطعن فيه بأقلام ينتسب حاملوها إليه فإنه يشق طريقه بنفسه إلى القلوب التي يدخلها دون تبشير ولا مبشرين.
العودة إلى المنطلق:
كان أبو هريرة من العباد: أخرج أحمد في مسنده، أن أبا هريرة وامرأته وخادمه يقسمون الليل (لقيامه) أثلاثًا، يصلى هذا ثم يوقظ هذا. كان أبو هريرة من ولاة عمر بن الخطاب الموثوقين. فقد ولاه البحرين، وقدم المدينة ومعه عشرة آلاف درهم. فأجرى عمر التحقيق معه. وقال له: استأثرت بهذه الأموال. فمن أين لك؟ قال: خيل نتجت أو عطية تتابعت فتحرى الخليفة الفاروق ما قاله أبو هريرة فوجده صحيحًا. ثم دعاه الخليفة ليكون عاملًا له فأبى. فقال عمر: لقد طلب العمل من هو خير منك. قال أبو هريرة: إنه نبي الله ابن نبي الله، وأنا أبو هريرة بن أميمة، وأخشى ثلاثًا أن أقول بغير علم أو أقضى بغير حكم، ويضرب ظهرى ويشتم عرضى وينزع مالى. توفى أبو هريرة عام تسعة وخمسين وله من العمر ثمانون سنة.
(1)
هو ثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان البلوى (نسبة إلى بلى) حليف الأنصار. ذكره موسى بن عقبة في البدريين. أجمع أهل المغازي على أن ثابت بن أقرم استشهد في عهد الخليفة الصديق. قتله طليحة بن خويلد الأسدي أثناء فتنة ادعائه النبوة. قتله هو وعكاشة بن محصن. عندما كانا يقومان بالاستطلاع لخالد بن الوليد وهو زاحف بجيش الخلافة لخوض معركة بزاخة التاريخية مع حشود المرتدين التي جمعها طليحة بن خويلد. روى أن الخليفة الفاروق، قال لطليحة (بعد أن تاب وعاد إلى الإسلام) كيف أحبك وقد قتلت الصالحين، عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم؟ فقال طليحة: أكرمهما الله بيدى ولم يهنى بأيديهما.
(2)
إمتاع الأسماع ص 347. وبرق -بفتح أوله وكسر ثانيه: دهش فلم يبصر وتحير فلم يطرق من فزع وحيرة. والكراع بضم الكاف كناية عن الخيل.