المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أولا: تدوين الحديث وأثره في الفقه - منهج النقد في علوم الحديث

[نور الدين عتر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌التقريظ:

- ‌تصدير الطبعة الثالثة:

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌الباب الأول: في التعريف العام بمصطلح الحديث

- ‌الفصل الأول: تمهيد في منشأ مصطلح الحديث:

- ‌الرواية والدراية في علم الحديث:

- ‌الفصل الثاني: أدوار علوم الحديث

- ‌مدخل

- ‌الدور الأول: دور النشوء

- ‌الدور الثاني: وهو دور التكامل

- ‌الدور الثالث: دور التدوين لعلوم الحديث مفرقة

- ‌الدور الرابع: عصر التآليف الجامعة وانبثاق فن علوم الحديث مدونا

- ‌الدور الخامس: دور النضج والاكتمال في تدوين فن "علوم الحديث

- ‌الدور السادس: عصر الركود والجمود

- ‌الدور السابع: دور اليقظة والتنبه في العصر الحديث

- ‌الباب الثاني: في علوم رواة الحديث

- ‌الفصل الأول: في العلوم المعرفة بحال الراوي

- ‌الفصل الثاني: في العلوم التي تبين شخص الراوي

- ‌المبحث الأول: في علوم الرواة التاريخية

- ‌المبحث الثاني: في علوم أسماء الرواة

- ‌الباب الثالث: في علوم رواية الحديث

- ‌الفصل الأول: أنواع المصنفات في الحديث النبوي

- ‌الفصل الثاني: طرق أخذ الحديث وتحمله

- ‌نتيجة الباب

- ‌الباب الرابع: في علوم الحديث من حيث القبول أو الرد

- ‌الفصل الأول: في أنواع الحديث المقبول

- ‌الفصل الثاني: في أنواع الحديث المردود

- ‌نتائج الباب:

- ‌الباب الخامس: في علوم المتن

- ‌الفصل الأول: في علوم الحديث من حيث قائله

- ‌الفصل الثاني: في علوم متن الحديث من حيث درايته

- ‌نتيجة عامة:

- ‌الباب السادس: في علوم السند

- ‌الفصل الأول: في علوم السند من حيث الاتصال

- ‌الفصل الثاني: في علوم السند من حيث الانقطاع

- ‌نتائج مهمة:

- ‌الباب السابع: في العلوم المشتركة بين السند والمتن

- ‌الفصل الأول: في تفرد الحديث

- ‌الفصل الثاني: في تعدد رواة الحديث مع اتفاقهم

- ‌الفصل الثالث: في اختلاف رواية الحديث

- ‌نتيجة وموازنة:

- ‌الخاتمة:

- ‌مناقشات ونتائج عامة:

- ‌شبهات ومناقشات:

- ‌أولا: تدوين الحديث وأثره في الفقه

- ‌ثانيا: التدوين وأثره في صحة الحديث

- ‌ثالثا: المصطلح بين الشكل وبين المضمون

- ‌رابعا: منهج المحدثين في حقل تطبيقه

- ‌ ثبت المصادر المخطوطة مع بيان أماكن وجودها مختصرا:

- ‌ ثبت المراجع المطبوعة:

- ‌للمؤلف:

الفصل: ‌أولا: تدوين الحديث وأثره في الفقه

‌أولا: تدوين الحديث وأثره في الفقه

وهي شبهة شائعة حتى أصبحت كأنها مسلمة يلقيها بعض المتخصصين في الدراسات الفقهية على طلاب الجامعات يزعم أن تدوين الحديث تأخر عن تدوين الفقه وانتشار المذاهب الفقهية، وهو بزعمه الأمر الذي أدى إلى الخلاف بين الفقهاء، بل إن بعض من حمل هذه الفكرة من المتمجهدين قد زاد على ذلك وراح يبالغ إلى درجة توهم البعد بين بضع المذاهب الفقهية المعتمدة وبين السنة النبوية .. ! ! .

وهذه الشبهة من أصلها قول من أبعد النجعة عن الحقيقة، وعمد إلى المبالغة في تضخيم الأثر المتوهم لتأخر تدوين الحديث المزعوم. والحقيقة التاريخية تثبت خلاف ما ادعاه هؤلاء، وذلك لما تقدمه فيما يلي:

1 -

أن حفظ الحديث قد توفر لدى الصحابة رضوان الله عليهم بأقوى ما يكون، وكان جماعة من الصحابة على إحاطة بجملة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وجد في كل صقع وقطر من الأقطار من يؤدي بلاغ الحديث بجملته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة ثم من التابعين وهكذا، ناهيك عن حفظهم للقرآن واعتنائهم بدرسه والتفقه فيه، وهو الأصل الأول في التشريع، فكانوا بذلك بغنى عن التدوين لما وعته صدورهم من العلم.

2 -

ما سبق أن ذكرناه من تحقق التدوين منذ عهده صلى الله عليه وسلم، وهو على كل حال يدل على أن الحديث حظي من التدوين والنشر بما لم يحظ به الفقه إلا بعد عهد.

3 -

أن تدوين الفقه بدأ في ضمن تدوين الحديث، حيث جمعت المصنفات والموطآت الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة والمقطوعة (1)

(1) كما سبق في ص 59 و 463، لكن هذا لا يعني أن القرن الثاني للهجرة لم يعرف "فرقا مذكورا بين كتب الفقه وكتب الحديث المصنف". بل عرف ذلك جيدا، فهذه كتب محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة هي كتب فقه خاصة. لكن وجدت كتب تضم الفقه والحديث، كما وجدت كتب الحديث فقط.

ص: 461

فالحقيقة أن العكس هو الصواب، وهو أن تدوين الحديث سبق تدوين الفقه، وانتشار المذاهب.

4 -

أن أسباب الخلاف بين الفقهاء ترجع في حقيقتها إلى أمور جوهرية أوسع وأبعد مدى بكثير جدا من غيبة حديث أو رواية عن الفقيه، ولو استقصينا المسائل التي وقع فيها الخلاف بسبب ذلك لكانت مسائل يسيرة من أبواب الفقه، كثير منها في الآداب والمستحبات، أما سائر المسائل الخلافية فيرجع الخلاف فيها إلى أسباب جوهرية أخرى تتصل بطبيعة تلك المسائل الاجتهادية التي من شأنها ومن سنة الله أن تختلف فيها الفقهات والأفهام، سواء في ذلك قوانين الشريعة الإسلامية، والقوانين الوضعية، كما هو معلوم لمن ألم بأوضاع التطبيقات القانونية.

وقد وقع الخلاف في عهده صلى الله عليه وسلم بين الصحابة في نص واحد وجهه إليهم جميعهم يوم بني قريظة (1)، ولم يعنف صلى الله عليه وسلم أحدا من الفريقين، وها هي ذي المصادر الإسلامية فيها الكثير مما يرويه الفقيه من حديث صحيح لا شك في صحته عنده ثم يخالف ما دل عليه ظاهر الحديث لقيام دليل آخر عنده على خلافه، أو لأن له فهما في النص غير الفهم الذي وقع لغيره، أو غير ذلك من الأسباب التي يطول شرحها، وموطأ مالك مثال ظاهر لذلك، فقد روى فيه أحاديث كثيرة، ولم يعمل بظاهرها (2).

هذا كله وغيره كثير من الوجوه تبطل ادعاء تأخر تدوين الحديث عن تدوين الفقه، وتبطل زعم أن ذلك التأخر كان منشأ تفرق المذاهب الإسلامية الفقهية.

(1) كما سبق في ص 29 من هذا الكتاب.

(2)

انظر على سبيل المثال ما سبق في ص 105.

ص: 462