الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مقدمة]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمّي الأمين، وعلى اله الطيبين الطاهرين، ومن سلك طريقه واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن شخصية الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم مدرسة شرعية مترامية البنيان تربّى في أحضانها كل مخلص لهذا الدين. فهو صلى الله عليه وسلم قائدنا ومربينا ومعلمنا جميع المبادئ السامية، والعلوم الشرعية النافعة، والتوجيهات النبوية الرائدة.
فلقد تربى على يديه العلماء والمربون والمصلحون، وورثوا عنه العلم النافع فالأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما ولكن ورّثوا العلم، فالعلماء إذا ورثة الأنبياء.
تعلّم العلماء من المنهل العذب النديّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا العلم من أقواله وأفعاله وتقريراته وسائر أحواله وكانوا بذلك مصابيح الدجى، ومشاعل الهدى للناس كافة.
وتربّى العبّاد والزهّاد في مدرسة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فتأثروا ببكائه، وخوفه، وحزنه، وطول قيامه، وكثرة ذكره لربه وابتهاله، فزكت نفوسهم وخشعت جوارحهم، وسالت دموعهم، وباتوا لربهم سجدا وقياما يرجون رحمته ويخافون عذابه.
وتعلم منه القادة والزعماء والوجهاء من سياسته الشرعية، ووفرة عقله، وفرط ذكائه في قيادة دفّة الأمة، والتعامل مع الأعداء، وتأليفه لقلوبهم، وفقه التعامل مع الغير أيّا كان هذا الإنسان.
وأيضا نال الخلق كلهم من خلقه وسمته، وحسن معاشرته الشيء الكثير، فحياته صلى الله عليه وسلم ميدان من الميادين الثرّة، بل إن ميدان حياته صلى الله عليه وسلم يجمع كل النظم والميادين الأخلاقية والاجتماعية وقبلها الشرعية وكذا الحياتية فهو صلى الله عليه وسلم نور، وهدى، ورحمة، وبشير ونذير ويكفي قول الله الله تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا الحشر/ الاية 7
وكذا قوله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ النساء/ الاية 80
وأيضا قوله تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى.
عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى النجم/ الاية 3
ونحن هنا نقطف من حياته وأقواله صلى الله عليه وسلم قطفا وغصنا باسقا نهتدي بهديه، ونقتفي أثره، ونتعلم من توجيهاته، ونلزم تأكيداته التي وردت على لسانه، وهذا جانب مهم نتعلمه هنا في هذه الرسالة من حياة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الخلق على هداية الأمة، وهذا ما سنراه واضحا بإذن الله في هذه الرسالة والتي جمعت فيها جانبا من جوانب قسمه وتأكيداته بحلفه العظيم لأمته على أمور خلقوا من أجلها، ومهام شرعية يستحثهم عليها، ويأمرهم فيها بطاعة الله تعالى، ويقرّر لهم فيها العقيدة الصافية التي يجب على كل مسلم أن يدين بها، ويحيا من أجلها.
إن الكلام النبوي حديث عزيز على النفس، يجب على العباد امتثاله، والاستضاءة بنوره، والاهتداء بهديه، فإذا كان هذا الحديث النبوي مشفوعا بقسم محمّدي، وبيمين غضّ طري، يخرج من مشكاة
النبوة، كان امتثال هذا المقرّر، والتخلق بمقتضى ما حلف عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأكّده بقسمه اكد وأوجب.
فعلى كل مسلم أن يتنبّه لهذه الفائدة، وأن يتأمّل مليّا ما يشوّفنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب المثير للانتباه، ولا شك أن ما أولاه الحبيب صلى الله عليه وسلم اهتماما زائدا عن غيره لا بد وأن نوليه نحن كذلك اهتمامنا، وتقديرنا، وسرعة امتثالنا.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل ما جمعته وكتبته ورتبته في ميزان حسناتي وحسنة كاملة لي عنده في حياتي وبعد وفاتي، وأن يغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ولجميع المسلمين، إنه وليّ ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على سيد الخلق محمد وعلى اله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين.
واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبو محمد خميس السعيد محمد عبد الله مصر/ كفر الشيخ/ الحامول الأحد 9/ 5/ 1425 هـ 27/ 6/ 2004 م