الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدنيا ظاهرة يعلمها الجميع، وهي في الاخرة عداوة أكيدة طالما فرّغت من مضمونها الشرعي الذي حث عليه الحبيب صلى الله عليه وسلم.
شقيّ أو سعيد
قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً [الحج/ 5]
قال الجزائري حفظه الله:
فقال: يا أيّها النّاس إن كنتم فى ريب مّن البعث أي: في شك وحيرة وقلق نفسي من شأن بعث الناس أحياء من قبورهم بعد موتهم وفنائهم لأجل حسابهم ومجازاتهم على أعمالهم التي عملوها في دار الدنيا، فإليكم ما يزيل شككم ويقطع حيرتكم في هذه القضية العقدية وهو أن الله تعالى قد خلقكم من تراب، أي خلق أصلكم وهو أبوكم ادم من تراب وبلا شك، ثم خلقكم أنتم من نطفة أي ماء الرجل، وماء المرأة وبلا شك، ثم من علقة بعد تحول النطفة إليها، ثم
من مضغة بعد تحول العلقة إليها، وهذا بلا شك أيضا، ثم المضغة إن شاء الله تحويلها إلى طفل خلقها وجعلها طفلا، وإن لم يشأ ذلك لم يخلقها وأسقطها من الرحم كما هو معروف ومشاهد. اهـ
وفي هذا الموقف التالي يقص علينا رسول الله نبأ هذا التخليق أيضا، ثم يتطرق إلى أمر اخر غاية في الخطورة، ويحلف عليه ويؤكد ذلك بقسمه ويمينه، فإلى هذا الموقف العظيم.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.
فو الله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها» «1»
(1) البخاري: كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة (3208)
صدق الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم! لأن مثل هذه الأمور لا يمكن له صلى الله عليه وسلم أن يعلمها إلا إذا أخبره الله بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى. [النجم/ الاية 4]
وهذه الحقائق والتي فيها تقدير المدة من انتقال من طور إلى طور اخر كشف عنها النقاب في هذا العصر الذي تقدمت فيه العلوم الحديثة إلى حدّ لا يخطر ببال أحد، وأثبتت حقيقة هذا الإعجاز النبوي والذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من ألف عام.
وهذا يدل دلالة قاطعة على صدقه صلى الله عليه وسلم في جميع ما أخبر به وكذلك هذا الحديث علم من أعلام نبوته من هذا الجانب، كذلك من جانب اخر وقد جاء في رواية أخرى قصة الرجل الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة من غزواته عليه الصلاة والسلام، وكان هذا الرجل لا يدع شاذة ولا فاذة للعدو إلا قضى عليها، فتعجب الناس منه وقالوا: هذا الذي كسب المعركة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«هو من أهل النار» فعظم ذلك على الصحابة رضي الله عنهم، كيف يكون هذا الرجل من أهل النار؟