الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائما بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه، أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه، أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها. اهـ
*
ما يستفاد من الحديث:
الرسول صلى الله عليه وسلم يقسم على أمر عظيم:
1-
الذنوب والمعاصي شأنها خطير، فهي التي تكردس العبد في نار جهنم، وإذا تمادى العبد في المعصية ربما ختم له بما كان يألفه من المعاصي، ولكن مع ذلك على العبد المسلم أن لا ييأس من رحمة الله، ويعزف عن التوبة والاستغفار بحجة أن الذنوب صارت كثيرة وهي كفيلة بأن تطرده من رحمة الله تعالى.
وهنا يأتي قسمه صلى الله عليه وسلم على نسف هذه الأوهام، فيؤكد بحلفه أن المرء مهما قوي إيمانه فلابد له من التقصير في بعض الجوانب، بل وارتكاب بعض المعاصي، ولو لم تكن هذه الحقيقة كائنة لذهب الله بنا، ولجاء بقوم يذنبون، حتى يستغفروا ويبكوا على ما قدمت
أيديهم، وما فرطوا بجنب الله، فيتوبون، ويستغفرون ربهم بكرة وعشيا.
فعلى المرء ألاييأس ولا يحزن فيقنط من رحمة الله.
2-
كل ابن ادم خطّاء:
نعم كل ابن ادم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون، فعلى العبد أن يكثر من التوبة، ويجددها صباحا ومساء، ويعتبر بحال من مضى من هؤلاء الذين أسرفوا على أنفسهم بالذنوب والمعاصي فلما تابوا تاب الله عليه.
إن الله تعالى يقبل التوبة من جميع الذنوب والمعاصي بلا استثناء، فلا تستعظم ذنبا بجوار رحمة الله.
واعلم عبد الله، أن الله يحب التوابين، ويحب المستغفرين، ويحب المتطهرين، فأكثر من التوبة والاستغفار تطهر من الذنوب والمعاصي بإذن العزيز الرحيم الغفار.
3-
ليس في الحديث تحريض على فعل المعصية أو التهوين والتقليل من شأنها ولكن فيه تبشير بالمغفرة وإزالة لشدة الخوف واليأس من النفوس فلقد كان من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم من يفر إلى الجبال، ويعتزل الحياة ونعيمها من شدة خوفه من عقاب الله وأليم عذابه، فكان هذا الحديث وأمثاله طمأنينة ورجاء لعفو الله ورحمته ومغفرته.
4-
طائفة من الأحاديث في رحمة الله وعفوه ومغفرته: «1»
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما خلق الله الخلق، كتب في كتابه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي» .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوامّ فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخّر الله تسعا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة» .
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي، تبتغي، إذا وجدت صبيا في السبي، أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته.
(1) جميع ما ورد من الأحاديث عند مسلم: كتاب التوبة، باب: في سعة رحمة الله تعالى، وأنها سبقت غضبه رقم (6903)(6908)(6912)(6913)(6914) .