الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
ما يستفاد من الحديث:
1-
قوله: «والذي نفسي بيده» كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يحلف بهذه الصيغة، وقد روى الطبراني وابن ماجه عن رفاعة بن عرابة:
«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حلف قال والذي نفسي بيده» .
فقوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده» أي روحي، وحياتي وموتي، يتصرف فيّ كيف يشاء.
2-
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنها لتعدل ثلث القران» القران أنزل على ثلاثة أقسام:
ثلث منه الأحكام وبيان الحلال من الحرام.
وثلث منه الوعد والوعيد والجزاء، وما وقع بمن كذب الله ورسله، وما سيقع بهم في الاخرة، وكذا من أطاعه.
وثلث منه في أسماء الله تعالى وصفاته، وهذه السورة خالصة في الأسماء والصفات قاله أبو العباس ابن سريج، وغيره من السلف.
3-
وفي هذا الحديث دلالة ظاهرة على تفاضل كلام الله تعالى وصفاته، وهو المأثور عن السلف، وعليه أئمة الفقهاء وغيرهم، ونصوص الكتاب والسنة تؤيد ذلك.
قال الله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها [البقرة/ 106] فأخبر تعالى أنه يأتي بخير منها أو مثلها، فدل على أن الايات تتماثل مرة وتتفاضل أخرى. وأما الأحاديث فكثيرة، من جملتها هذا الحديث، ومن تأمل كلام السلف ومن سار على نهجهم علم أن هذا من الأمور المستقرّة في نفوسهم. «1»
4-
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنها لتعدل ثلث القران» يعني: أجرها كأجر ثلث القران لكنها لا تجزئ عن القران.
ولهذا لو قرأها الإنسان مثلا ثلاث مرات بدل قراءة الفاتحة في الصلاة لا تجزئ، لأن هناك فرقا بين المعادلة في الأجر والمعادلة في الإجزاء. قد يكون الشيء معاد لغيره في الأجر ولكنه لا يعادله في إجزائه. أرأيتم مثلا إذا قال الإنسان:(لا إله إلا الله واحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل، يعني يعادل عتق أربعة رقاب، لكن لو كان عليه عتق رقبة، وقال ذلك ما نفعه ذلك.
(1)(شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري/ 1/ 50) وهناك بحث مهم في تفاضل القران ينظر عبد الله محمد الغنيمان، دار العاصمة.
فهناك فرق بين المعادلة في الثواب والمعادلة في الإجزاء، فهي تعدل ثلث القران في الثواب ولكنها لا تعدل في الإجزاء، ولهذا لو قرأها الإنسان ثلاث مرات في الصلاة لم تجزئه عن الفاتحة، والله الموفق. «1»
5-
هداية الكثيرين من علماء الأديان.
هذه السورة المكونة من أربع ايات قصار كانت سببا في هداية الكثيرين من علماء الأديان، كثيرون أولئك الذين كانوا ينشدون صفاء التوحيد لم يجدوه في عقيدة النصارى حيث يختلط عندهم الأب والابن وروح القدس، ولا وجدوه عند اليهود حيث العزير ابن الله، وحيث هم جميعا أبناء الله، فلما قرؤوا: قل هو الله أحد" إذا هم بإزاء توحيد خالص لا يشوبه شرك.
فالإله الذي يدعو محمدا إلى توحيده هو الواحد المتفرد بصفات العظمة والكبرياء والجلال، وكل من سواه عبد الله مخلوق بيديه. «2»
6-
جواز استخدام اللفظ في غير ما يتبادر للفهم، لأن المتبادر من إطلاق ثلث القران أن المراد ثلث حجمه المكتوب، وقد ظهر للصحابة رضي الله عنهم أن ذلك غير مراد. «3»
(1)(شرح رياض الصالحين/ 2/ 1253) لابن عثيمين.
(2)
(من لطائف التفسير/ 3/ 524) .
(3)
(بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين/ 2/ 237) .