الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟» قلنا: لا، والله! وهي تقدر على ألاتطرحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الله أرحم بعباده من هذه بولدها» .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة، ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من جنته أحد» .
وحديث الذي أوصى أولاده إذا مات أن يحرقوه، وأيضا حديث الذي قتل تسعة وتسعين نفسا، وأيضا الحديث الذي يخبر بفرح الله بتوبة عبده وغير ذلك مشهور على الألسن يتداوله الناس فرحمة الله واسعة.
الذي لا يأمن جاره بوائقه
قال تعالى: اعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً [النساء/ 36]
قال السعدي رحمه الله:
وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى أي: الجار القريب الذي له حقان، حق الجوار، وحق القرابة، فله على جاره حق وإحسان راجع إلى العرف.
وكذلك الجار الجنب أي: الذي ليس له قرابة، وكلما كان الجار أقرب بابا، كان اكد حقا.
فينبغي للجار أن يتعاهد جاره بالهدية والصدقة، والدعوة، واللطافة بالأقوال والأفعال، وعدم أذيته بقول أو فعل.
وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ قيل: الرفيق بالسفر، وقيل: الزوجة، وقيل:
الصاحب مطلقا، ولعله أولى، فإنه يشمل الصاحب في الحضر والسفر ويشمل الزوجة.
فعلى الصاحب لصاحبه حق زائد على مجرد إسلامه، من مساعدته على أمور دينه ودنياه، والنصح له، والوفاء معه في اليسر والعسر والمنشط والمكره، وأن يحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، وكلما زادت الصحبة تأكد الحق وزاد. اهـ
وليس هناك أقوى من صحبة الجار، وكلما قرب الجدار زاد الحق وثقلت المسؤولية، فإن كان ذا قرابة كان الحق اكد، والواجب أعظم.
عن أبي شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن» قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه» «1» وفي حديث اخر: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه» «2»
يهتم الإسلام بحماية الجار من أذى جاره وفي الحديث السابق يبين عليه الصلاة والسلام خطورة من لا يأمن جاره بوائقه، لأن الأصل في الجار أن يأمن جاره، ولا يتصور في يوم من الأيام أن يخونه في شيء، لذا شدد عليه الصلاة والسلام التحذير من خيانة الجار في غير ما حديث.
والمتأمل لحياة العرب في الجاهلية يجد الحرص على حفظ حقوق الجار والبعد عن خيانته، وكانوا يفتخرون بذلك دائما.
(1) البخاري: كتاب الأدب، باب: إثم من لا يأمن جاره بوانقه رقم (6016) والبوانق جمع بانقة وهي الداهية والشيء المهلك والأمر الشديد الذي يأتي بغتة.
(2)
مسلم: كتاب الإيمان، باب: التدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه رقم (169) .
قال عنترة:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي
…
حتى يواري جارتي مأواها
قال الشيخ أبو جمرة:
وهو ما كانت الجاهلية ترعاه وتحافظ عليه وتفتخر بحفظه، وتعيب تارك ذلك وتذمه. اهـ
فكيف وقد جاء الإسلام وهذّب أخلاقهم أكثر مما كانوا عليه من مروءة وحفظ للجار وعدم خيانته.
وخيانة الجار من أخطر الأمور في المجتمع، فإذا كان الرجل يتخوف من جاره أو لا يأمن جاره فإنه لا يقر له قرار، ويعيش في قلق في كل لحظة بسبب هذا الهاجس المحزن، ولا يحس بهذا إلا من ذاق مرارة سوء الجار وابتلي بجار لا يأمن بوائقه نسأل الله السلامة والعافية. «1»
(1)(فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري/ 526) د/ محمد بن عبد الله إبراهيم العيدي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1423 هـ.