الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا أمر معلوم، يشترك فيه وفي العلم به أصحاب البصائر وغيرهم حتى إن الرجل الطيب البر لتشم منه رائحة طيبة، وإن لم يمس طيبا، فيظهر طيب رائحة روحه على بدنه وثيابه، والفاجر بالعكس، والمزكوم الذي أصابه الهواء لا يشم لا هذا ولا هذا، بل زكامه يحمله على الإنكار.
فهذا فصل الخطاب في هذه المسألة، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. اهـ
إنها لتعدل ثلث القران
قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ قال الجزائري حفظه الله:
قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الايات الأربع المباركات نزلت جوابا لمن قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم من المشركين انسب لنا ربك أو صفه لنا فقال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل أي لمن سألوك ذلك هو الله أحد، الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أي: ربي هو الإله الذي لا تنبغي الألوهية إلا له، ولا تصلح العبادة إلا له.
أحد في ذاته وصفاته وأفعاله فليس له نظير، ولا مثيل في ذلك، إذ هو خالق الكل ومالك الجميع فلن تكون المحدثات المخلوقات كخالقها ومحدثها الله، أي المعبود الذي لا معبود بحق إلا هو، الصمد أي: السيد المقصود في قضاء الحوائج الذي استغنى عن كل خلقه، وافتقر الكل إليه لم يلد أي: لم يكن له ولد لانتفاء من يجانسه، إذ الولد يجانس والده، والمجانسة منفية عنه تعالى، إذ ليس كمثله شيء ولم يولد لانتفاء الحدوث عنه تعالى.
ولم يكن لّه كفوا أحد أي: ولم يكن أحد كفوا له ولا مثيلا ولا نظيرا ولا شبيها إذ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
فلذا هو يعرف بالأحدية والصمدية فالأحدية هو أنه واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لم يكن له كفو ولا شبيه ولا نظير، والصمدية هي أنه المستغني عن كل ما سواه والمفتقر إليه في وجوده وبقائه كل ما عداه كما يعرف بأسمائه وصفاته وآياته. اهـ
هذه السورة العظيمة أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعدل ثلث القران كما في هذا الموقف.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في: قل هو الله أحد «والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القران» .
وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القران في ليلة؟» فشقّ ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق يا رسول الله؟ فقال: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ ثلث القران» .
وعنه: أن رجلا سمع رجلا يقرأ: قل هو الله أحد يرددها فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكان الرجل يتقالّها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القران» «1»
القران الكريم كما هو معلوم مائة وأربع عشرة سورة وقد تضمنت الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القران نصف هذا العدد أي سبعا وخمسين سورة من سورة المجادلة إلى سورة الناس وهذه السور القصار نسبيا معظمها من السور المكية، فقرابة أربعة أخماسها نزلت في
(1) البخاري: كتاب فضائل القران، باب: فضل: " قل هو الله أحد" رقم (5013)(5015) .
أول عهد النبوة، ومعنى هذا أن هذه السور على قصرها تضمنت أساس العقيدة الإسلامية.
ولهذا فإن من حفظ العشر الأخير من القران فقد أوتي خيرا كثيرا، لأن هذا العشر المبارك يحتوي كما أسلفنا على سبع وخمسين سورة من كتاب الله لكل واحدة منها فضلها وبركتها وإعجازها وبلاغتها.
إن سورة الإخلاص مثلا خمس عشرة كلمة، وهي على قصرها تعدل ثلث القران وإذا فما يكون للمسلم أن يتقالّ السور القصيرة، لأنها ذات شأن خطير وحسبك أنها أرست أساس الإسلام، فلقد مكث الوحي أكثر من خمس سنوات وهو لا ينزل إلا بسورة قصيرة، وفي هذا حكمة بالغة من الله- جل جلاله إذ لو بدأ بإنزال السور الطوال لشق ذلك على الناس وهم إذ ذاك في العقيدة لطلاب الصف الأول الابتدائي. «1»
(1)(من لطائف التفسير/ 3/ 523) أحمد فرح عقيلان، دار اليقين، المنصورة، مصر، ط 1، 1419، هـ.