الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال تعالى:
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ال عمران/ 104] .
قال السعدي رحمه الله:
أي: وليكن منكم أيها المؤمنون الذين منّ الله عليهم بالإيمان، والاعتصام بحبله أمة أي: جماعة يدعون إلى الخير وهم اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله ويبعد من سخطه ويأمرون بالمعروف وهو ما عرف بالعقل والشرع حسنه وينهون عن المنكر وهو ما عرف بالشرع والعقل قبحه. وهذا إرشاد من الله للمؤمنين أن يكون منهم جماعة متصدية للدعوة إلى سبيله وإرشاد الخلق إلى دينه.
ويدخل في ذلك العلماء المعلمون للدين، والوعاظ الذين يدعون أهل الأديان إلى الدخول في دين الإسلام، ويدعون المنحرفين إلى الاستقامة، والمجاهدون في سبيل الله، والمتصدون لتفقد أحوال الناس
وإلزامهم بالشرع كالصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج، وغير ذلك من شرائع الإسلام، وكتفقد المكاييل والموازين، وتفقد أهل الأسواق، ومنعهم من الغش والمعاملات الباطلة، وكل هذه الأمور من فروض الكفايات كما تدل عليه الاية الكريمة في قوله: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ.. إلخ.
أي: لتكن منكم جماعة يحصل المقصود بهم في هذه الأشياء المذكورة، ومن المعلوم المتقرر أن الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به، فكل ما تتوقف هذه الأشياء عليه فهو مأمور به، كالاستعداد للجهاد بأنواع العدد التي يحصل بها نكاية الأعداء وعز الإسلام، وتعلم العلم الذي يحصل به الدعوة إلى الخير وسائلها ومقاصدها، وبناء المدارس للإرشاد والعلم ومساعدة النواب ومعاونتهم على تنفيذ الشرع في الناس بالقول والفعل والمال، وغير ذلك مما تتوقف هذه الأمور عليه، وهذه الطائفة المستعدة للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هم خواص المؤمنين ولهذا قال تعالى عنهم: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالمطلوب الناجون من المرهوب. اهـ
ومن هنا يتضح للمسلم خطورة العزوف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأنه يترتب عليه جميع الخير المذكور في هذه الاية وغيرها وعكسه كذلك، لذلك شدد النبي صلى الله عليه وسلم على إحياء هذه الشعيرة، وحذر بيمينه أننا إن لم نقم بهذه الفريضة فنحن معرضين للعذاب الشديد، وهذا ما نراه ظاهرا في هذا الموقف.
عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم» «1»
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوى بساطه وأهمل عمله، لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة، وعمّت الفترة، وفشت الضلالة وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد.
(1) حسن: رواه الترمذي، كتاب الفتن، باب: ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رقم (2169) وحسنه الألباني بالرقم السابق، طبعة بيت الأفكار.