الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإني والله! لأنظر إلى حوضي الان
قال تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر]
قال الجزائري حفظه الله:
هذه الايات الثلاث مختصة برسول الله إذ هو المخاطب بها وأنها تحمل طابع التعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روي أنه لما مات ابن النبي صلى الله عليه وسلم القاسم قال العاص بن وائل السهمي بتر محمد أو هو أبتر، أي: لا عقب له بعده فأنزل الله تعالى هذه السورة تحمل الرد على العاص والتعزية للرسول صلى الله عليه وسلم والبشرى له ولأمته بالكوثر الذي هو نهر في الجنة حافتاه من الذهب ومجراه على الدرر والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج.
ومن الكوثر يملأ الحوض الذي في عرصات القيامة ولا يرده إلا الصالحون من أمته صلى الله عليه وسلم.
فقوله تعالى: إنّا أعطينك أي: خصصناك بالكوثر الذي هو نهر في الجنة من أعظم أنهارها مع الخير الكثير الذي وهبه الله تعالى لك من النبوة والدين الحق ورفع الذكر والمقام المحمود. اهـ
والكوثر هو النهر الذي يصب في الحوض فهو مادة الحوض قاله ابن حجر في الفتح وهذا الحوض من خصائص نبينا عليه الصلاة والسلام ومكرماته في الاخرة ولقد ورد أن لكل نبي حوضا، وجاء في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بوجود الحوض الان ومن هذا ما أقسم عليه في هذا الحديث، وذلك لعظم شأن الحوض، وأهمية تعريف الأمة به، حتى يأخذوا بأسباب الورود عليه.
عن عقبة بن عامر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلّى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال:«إني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم، وإني، والله! لأنظر إلى حوضي الان، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله! ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها» «1»
عن أسماء بنت أبي بكر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني على الحوض حتى أنظر من يرد عليّ منكم، وسيؤخذ أناس دوني، فأقول: يا رب! مني ومن أمّتي، فيقال: أما شعرت ما عملوا بعدك؟ والله! ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم» .
(1) مسلم: كتاب الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته رقم (5932)(نووي/ 15/ 58) .
قال: فكان ابن مليكة يقول: اللهم! إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن نفتن عن ديننا. «1»
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بين ظهراني أصحابه: «إني على الحوض، أنتظر من يرد عليّ منكم، فوالله! ليقتطعن دوني رجال، فلأقولن: أي ربّ! مني ومن أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما عملوا بعدك، ما زالوا يرجعون على أعقابهم» «2»
وعن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! ما انية الحوض؟ قال:
(1) مسلم: كتاب الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته، رقم (5928)(5929)(5945) .
(2)
مسلم: كتاب الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته، رقم (5928)(5929)(5945) .
(3)
مسلم: كتاب الفضائل، باب: إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته، رقم (5928)(5929)(5945) .
في يوم القيامة، يوم الطامة، يوم الحاقة، يوم القارعة، يوم تشيب فيه رؤوس الولدان، يوم ترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد.
في هذا اليوم العصيب يبعث الناس من قبورهم عطاشى فالشمس فوق الرؤوس قدر ميل، والعرق قد سال من الناس حتى لو أن السفن أجريت في هذا العرق لجرت.
ففي هذا اليوم، يوم العطش والمسكنة والجوع ترى العناية الإلهية بأهل التقوى والإيمان والاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم أظهر ما تكون في هذا اليوم شديد الحرّ والزحام، حتى إن البعض من أهل الموقف يتمنى الانطراف ولو إلى النار من هول هذا الموقف الرهيب.
يظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الحوض، يرد عليه أتباعه يشربون من حوضه ماء أحلى من العسل، وأبيض من اللبن، وأعذب من كل عذب، يشربون فيرتوون، فيذهب عنهم الظمأ المحموم، وعطش المكلوم، فترى الناس تكاد تنقطع أعناقهم التي مالت من العطش، أما الذين لم يبدّلوا ولم يغيّروا ولم يرتدّوا على أعقابهم قد علتهم نضرة