الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعثة الرسل بالمعجزات حق، وأهل بيعة الرضوان وأهل بدر في الجنة، وأنه يجب نصب الإمام، وأن الخلفاء الأربعة: أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً أئمة هدى، وأن المؤمن لا يكفر بمجرد الذنب، وإنما يكفر بما فيه نفي للصانع الحكيم، أو شرك، أو إنكار للنبوة، أو ما علم مجيئه عليه السلام به ضرورة.
وقد يجري بين هذه الفرق خلاف في بعض المسائل، ويعذر كل منها مخالفه في الاجتهاد، ولا يعده برأيه المخالفِ مبتدعاً، إلا أفراد يسرفون في القول، فيطلقون لفظ مبتدع على كل من خالف مسلكهم في علم الكلام، ولو في مسائل ليست من صلب الدين، ولم تكن من النوع الذي وردت فيه نصوص صريحة أو ظاهرة ظهوراً لا يصح العدول عنه.
*
الأشعرية:
منسوبون إلى أبي الحسن علي (1) بن إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل ابن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري.
= فلا ينافي ما دلت عليه تلك النصوص من الخلود والتأبيد. ومن الوجوه التي يحمل عليها هذا الاستثناء: أن المراد من قوله: {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 107]: مدة هذا العالم، وإلا في قوله:{إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 108]، بمعنى: سوى، والمعنى: أنهم خالدون فيها مدة دوام السموات والأرض إلا ما شاء الله أن يزيدهم إياه على مدة العالم، وهذا المزيد هو الخلود المؤبد الذي دلت عليه تلك النصوص المحكمة، ويروى في انتهاء عذاب أهل النار آثار منها ما هو موضوع. ومنها ما يكون تأويله إلى ما يوافق النصوص المحكمة أقرب وأيسر من تأويل تلك النصوص نفسها.
(1)
ولد أبو الحسن سنة 260، وتوفي سنة 324. للإمام بحث مستفيض عن حياة أبي الحسن الأشعري في كتاب "تراجم الرجال".
كان أبو الحسن على مذهب الاعتزال، ولزم أبا علي الجبائي نحو أربعين سنة، ثم أعلن رجوعه عن الاعتزال في مسجد البصرة، وكان يقصد إلى مواطن المعتزلة ليناظرهم، ويقول: هم أولو رياسة، منهم الوالي والقاضي، ولرياستهم لا ينزلون إلي، فإذا لم أسر أنا إليهم، فكيف يظهر الحق، ويعلمون أن لأهل السنة ناصراً بالحجة؟
ومذهبه قائم على ما كان عليه السلف، وصرَّح في كتاب "الإبانة" بأنه على طريقة السلف، فقال:"وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، ويما كان عليه أحمد بن حنبل- نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون".
وأخذ الأشعري السنة عن زكريا بن يحيى الساجي (1) وغيره من أهل الحديث الذين هم على طريقة أحمد بن حنبل.
وللأشعري في بعض المسائل آراء تتصل بأصول العقائد، وليست من الأصول، وهذه هي التي يجري فيها الخلاف بينه وبين بعض أهل السنة، كما قال: إن معرفة الله واجبة بالشرع، وقال الماتريدية: واجبة بالعقل، وكما قال: إن صفات التكوين؛ كالخلق والرزق، والإحياء والإماتة، حادثة، وقال الماتريدية: هي قديمة، وقد نرى بعض الأشاعرة يخالفون الأشعري في مثل هذه المسائل؛ كالباقلاني، والرازي.
قال ابن السبكي: "والإمام الرازي لا ينكر عظمة الأشعري، كيف وهو
(1) البصري الحافظ، يروي عنه: ابن عدي، والإسماعيلي، وخلق، وثقه قوم، وضعفه آخرون، توفي سنة 307.
على طريقته يمشي، وبقوله يأخذ، ولكن لم تبرح الأئمة يعترض متأخرها على متقدمها، ولا يشينه ذلك، بل يزينه" (1).
وقال القاضي أبو بكر بن العربي في مناظرة جرت بينه وبين زعماء الشيعة: "إنك إذا سمعت أني أشعري، كيف حكمت عليّ بأني مقلد للأشعري في جميع قوله؟ وهل أنا إلا ناظر من النظّار، أدين بالاختيار، وأتصرف في الأصول بمقتضى الدليل؟ ".
ولإمام الحرمين كلام عرض فيه نموذجاً من مذهب الأشعري في العقائد، فيذكر المذاهب الواقعة في جانب الإفراط أو التفريط، ويريك كيف سلك الأشعري بينها مذهباً وسطاً، وإليك ملخص ذلك المقال:
إن لله علماً لا كالعلوم، وقدرة لا كالقدرة، وسمعاً لا كالأسماع، وبصراً لا كالأبصار، وإن العبد لا يقدر على الأحداث، ويقدر على الكسب، وإن الله يرى من غير حلول ولا حدود ولا تكيف، وإنه لا يحتاج إلى مكان، وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه، وإن النزول صفة من صفاته، والاستواء صفة من صفاته، وفعل فعله في العرش، وإن القرآن كلام الله قديم غير مغير ولا مخلوق ولا حادث ولا مبتدع، فأما الحروف المقطعة والأجسام والألوان والأصوات، وكل ما في العالم من المكيفات، مخلوق مبتدع مخترع، وإن المؤمن الموحد الفاسق هو في مشيئة الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه، ثم أدخله الجنة، أما عقوبة متصلة مؤبدة، فلا يجازي بها كبيرة منفصلة منقطعة،
(1) ومن هذا القبيل قول أبي الحسن الأشعري: إن البقاء صفة زائدة على الوجود، وقول القاضي أبي بكر وامام الحرمين والرازي: هو نفس الوجود في الزمان الثاني، لا أمر زائد عليه.