الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن للرسول شفاعة مقبولة في المؤمنين المستحقين للعقوبة، وإن الخلفاء الأربعة، ومعاوية، وطلحة، والزبير، وأم المؤمنين عائشة على هدى، وإنهم لم يختلفوا في الأصول، وإنما اختلفوا في الفروع، فأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى شيء.
والمعروف أن المالكية والشافعية على مذهب الأشعري في العقائد، ذكر هذا ابن السبكي في "طبقات الشافعية"، فقال: لا يرى مالكي إلا أشعرياً، وقال: إن غالب الشافعية أشاعرة، لا يستثنى إلا من لحق منهم بتجسيم أو اعتزال ممن لا يعبأ الله بهم.
*
الماتريدية:
منسوبون إلى أبي منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي (1)، وهو من أصحاب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، ومن المعروف أن أبا حنيفة تكلم في أصول الدين، وكان يسميه: الفقه الأكبر، وله فيها الكتاب المسمى:" الفقه الأكبر"، ولأبي منصور الماتريدي شرح على هذا الكتاب. فمذهب الماتريدية قائم على الأصول التي قررها الإمام أبو حنيفة.
وبين الماتريدية والأشاعرة خلاف في مسائل معدودة لا تتجاوز ثلاث عشرة مسألة، منها: اختلافهم في السعادة والشقاوة، فهما عند الأشعري مقدرتان في الأزل لا يتغيران ولا يتبدلان؛ لأن السعادة هي الموت على الإسلام، والشقاوة الموت على الكفر، وقال الماتريدية: إن السعادة هي
(1) نسبة إلى "ما تريد" محلة بسمر قند، وكانت وفاته رحمه الله سنة 333، ومن مؤلفاته كتاب "التوحيد"، وكتاب "رد أوائل الأدلة" للكعبي، وكتاب "بيان وهم المعتزلة"، ورد كتاب "وعيد الفساق" للكعبي.
الإسلام في الحال، والشقاوة هي الكفر كذلك، فإذا مات المسلم على الكفر، فقد انقلب شقياً، وإذا مات الكافر على الإسلام، فقد انقلب سعيدًا. ومثل هذا الخلاف يرجع إلى الخلاف في المراد من لفظ سعادة وشقاوة، مع الاتفاق في حكم الكافر إذا أسلم، والمسلم إذا ارتد.
ومما اختلف فيه الفريقان اختلافاً يرجع إلى المعنى: عذاب المطيع، أجازه الأشعري عقلاً، وقال الماتريدية: ممنوع عقلاً، وهذا الاختلاف وإن رجع إلى المعنى، فأمره هين ما دام الفريقان متفقين على أن عذاب المطيع غير جائز شرعاً (1).
ومن المعروف أن الحنفية يتبعون في العقائد مذهب أبي منصور الماتريدي، وقليل من الحنفية من انتسب في العقائد إلى الأشعري، حتى قيل: من المستظرف أن يكون حنفي أشعرياً (2).
وقال ابن السبكي في "طبقات الشافعية": إن الحنفية أكثرهم أشاعرة، وذكر أنه تأمل عقيدة الطحاوي التي ذكر منها ما كان عليه الإمام أبو حنيفة وصاحباه، فلم يجد فيها إلا ثلاث مسائل خالف فيها الأشعرية، ثم نظر في كتب الحنفية، فوجد المسائل التي يخالفون فيها الأشعرية في العقائد ثلاث عشرة مسألة، وقد عرفت أن الاختلاف في هذه المسائل من نوع الاختلاف الذي يجري بين الأشاعرة أنفسهم.
(1) انظر: "الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية" بدار الكتب، فقد ذكر المسائل التي اختلف فيها الفريقان بتفصيل.
(2)
"الفوائد البهية".