المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ص: باب الشرب قائما - نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار - جـ ١٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ص: باب من أوجب أضحية في أيام العشر أو عزم على أن يضحي هل له أن يقص شعره أو أظفاره

- ‌ص: باب الذبح بالسن أو الظفر

- ‌ص: باب أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام

- ‌ص: باب أكل الضبع

- ‌ص: باب صيد المدينة

- ‌ص: باب أكل الضباب

- ‌ص: باب أكل لحوم الحمر الأهلية

- ‌ص: باب أكل لحم الفرس

- ‌ص: كتاب الكراهة

- ‌ص: باب حلق الشارب

- ‌ص: باب استقبال القبلة بالفروج للغائط والبول

- ‌ص: باب أكل الثوم والبصل والكراث

- ‌ص: باب الرجل يمر بالحائط أله أن يأكل منه أم لا

- ‌ص: باب: لبس الحرير

- ‌ص: باب: الثوب يكون فيه علم الحرير أو يكون فيه من الحرير

- ‌ص: باب الرجل يتحرك سِنُّه هل يَشُدُّها بالذهب أم لا

- ‌ص: باب: التختم بالذهب

- ‌ص: باب نقش الخواتيم

- ‌ص: باب لبس الخاتم لغير ذي سلطان

- ‌ص: باب البول قائمًا

- ‌ص: باب القَسَم

- ‌ص: باب الشرب قائمًا

- ‌ص: باب: وضع إحدي الرجلين على الأخري

- ‌ص: باب: الرجل يتطرق في المسجد بالسهام

- ‌ص: باب: المعانقة

- ‌ص: باب: الصور تكون في الثياب

- ‌ص: باب: الرجل يقول: أستغفر الله وأتوب إليه

- ‌ص: باب: البكاء علي الميت

الفصل: ‌ص: باب الشرب قائما

‌ص: باب الشرب قائمًا

ش: أي هذا باب في بيان حكم الشرب حال كونه قائمًا، أراد إن شرب الماء قائمًا هل يباح أم لا؟

ص: حدثنا ابن أبي عمران ومحمد بن علي بن داود، قالا: ثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، قال: ثنا خالد بن الحارث، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن الجارود:"أن النبي عليه السلام زجر عن الشرب قائمًا".

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا خالد بن الحارث، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن الجارود بن المعلَّى، عن النبي عليه السلام مثله.

ش: هذان طريقان حسنان:

الأول: عن أحمد بن أبي عمران موسى الفقيه البغدادي أحد أصحاب أبي حنيفة، ومحمد بن علي بن داود، البغدادي، كلاهما عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني شيخ أبي داود، ثقة، عن خالد بن الحارث بن عبيد أبي عثمان البصري، عن أحمد: إليه المنتهى في التثبت بالبصرة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مسلم الجذمي، حسن الترمذي حديثه، عن الجارود بن المعلى وقيل: ابن العلاء، ويقال اسمه بشر والجارود لقبه؛ لأنه أغار في الجاهلية على بكر بن وائل فأصابهم وجردهم، فسمي جارودًا، قدم على النبي عليه السلام سنة عشر في وفد عبد القيس فأسلم، وكان نصرانيًا.

وأخرجه الترمذي (1): ثنا حميد بن سعدة، قال: ثنا خالد بن الحارث، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن الجارود بن المعلى:"أن النبي عليه السلام نهى عن الشرب قائمًا".

وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.

(1)"جامع الترمذي"(4/ 300 رقم 1881).

ص: 403

الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن محمَّد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي شيخ البخاري ومسلم، عن خالد بن الحارث .. إلى آخره.

قال الترمذي: وهذا الحديث روي من غير وجه.

ص: حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبد الرحمن بن المبارك، قال: ثنا خالد بن الحارث، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي مسلم، عن الجارود.

وعن سعيد، عن قتادة عن أنس عن النبي عليه السلام مثله.

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا همام وهشام، قالا: ثنا قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي عليه السلام مثله.

حدثنا عبد الله بن محمَّد بن خُشيش، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، فذكر بإسناده مثله.

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا هشام الدستوائي، فذكر بإسناده مثله.

حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا همام، عن قتادة، عن أنس.

وعن قتادة، عن أبي عيسى الأسواري، عن أبي سعيد، عن النبي عليه السلام مثله.

ش: هذه خمس طرق:

الأول: فيه عن جارود، وعن أنس:

أما عن جارود: فأخرجه عن أحمد بن داود، عن عبد الرحمن بن المبارك الطفاوي شيخ البخاري وأبي داود، عن خالد بن الحارث، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مسلم الجذمي، عن الجارود.

وأخرجه الطبراني (1): ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني (ح).

(1)"المعجم الكبير"(2/ 267 رقم 2124).

ص: 404

وحدثنا أبو خليفة والعباس بن الفضل، قالا: ثنا عبد الرحمن بن المبارك، قال: نا خالد بن الحارث، نا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي مسلم الجذمي، عن الجارود بن المعلى، عن النبي عليه السلام:"أنه نهى أن يشرب الرجل قائمًا".

وأما عن أنس: فأخرجه عن أحمد بن داود، عن عبد الرحمن بن المبارك، عن خالد بن الحارث، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي عليه السلام.

وأخرجه الترمذي (1): ثنا محمَّد بن بشار، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس:"أن النبي عليه السلام نهى أن يشرب الرجل قائمًا، فقيل: الأكل؟ قال ذاك أشدّ"(2).

الطريق الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن همام بن يحيى وهشام الدستوائي، كلاهما عن قتادة، عن أنس.

وأخرجه مسلم (3): ثنا هداب بن خالد، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن أنس:"أن النبي عليه السلام زجر عن الشرب قائمًا".

الثالث: عن عبد الله بن محمد بن خُشيش -بضم الخاء المعجمة، وشينين معجمتين- عن مسلم بن إبراهيم القصاب شيخ البخاري وأبي داود، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أنس.

وأخرجه أبو داود (4): عن مسلم بن إبراهيم القصاب، عن هشام .. إلى آخره نحوه.

(1)"جامع الترمذي"(4/ 300 رقم 1879).

(2)

كذا في "الأصل، ك"، و"مسند أحمد"(3/ 277 رقم 13973)، وعند الترمذي:"أشر" -بالراء- وعند أحمد (3/ 250 رقم 13643)، وأبي يعلى (5/ 451 رقم 3165):"أشر وأخبث".

(3)

"صحيح مسلم"(3/ 1600 رقم 2024).

(4)

"سنن ابن أبي داود"(3/ 336 رقم 3717).

ص: 405

الرابع: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن هشام الدستوائي .. إلى آخره.

وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(1).

الخامس: فيه عن أنس وأبي سعيد الخدري:

أما عن أنس: فأخرجه عن حسين بن نصر، عن يزيد بن هارون الواسطي، عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن أنس.

وأما عن أبي سعيد الخدري: فأخرجه عن حسين، عن يزيد، عن همام، عن قتادة، عن أبي عيسى الأسواري البصري، قال الطبراني: ثقة لا يحضرني اسمه. روى له مسلم، وهو يروي عن أبي سعيد الخدري، عن النبي عليه السلام.

وأخرجه مسلم (2): ثنا هداب بن خالد، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن أبي عيسى الأسواري، عن أبي سعيد الخدري:"أن النبي عليه السلام زجر عن الشرب قائمًا".

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا موسى بن إسماعيل (ح).

وحدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام مثله.

ش: هذان طريقان صحيحان:

الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن موسى بن إسماعيل المنقري التبوذكي شيخ البخاري وأبي دواد، عن حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وأخرجه مسلم (3) من وجه آخر: حدثني عبد الجبار بن العلاء، قال: نا مروان -

(1)"مسند الطيالسي"(1/ 270 رقم 2017).

(2)

"صحيح مسلم"(3/ 1601 رقم 2025).

(3)

"صحيح مسلم"(3/ 1601 رقم 2026).

ص: 406

يعني الفزاري- قال: أنا عمر بن حمزة، قال: أخبرني أبو غطفان المري، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يشربن أحد منكم قائمًا، فمن نسي فليستقيء".

الثاني: عن محمَّد بن خزيمة، عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن أبي هريرة.

وأخرجه الدارمي في "مسنده"(1) من وجه آخر: ثنا سعيد بن الربيع، ثنا شعبة، عن أبي زياد الطحان، قال: سمعت أبا هريرة، عن النبي عليه السلام:"أنه قال لرجل رآه يشرب قائمًا: قِئْ، قال: لم؟ قال: أتحب أن يشرب معك الهر؟ قال: لا، قال: لقد شرب معك شر منه؛ الشيطان".

ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم إلى كراهة الشرب قائمًا، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وقتادة؛ فإنهم قالوا: يكره الشرب قائمًا.

وروي ذلك عن أنس.

قال ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): ثنا وكيع، عن معمر، عن قتادة، عن أنس:"أنه سأله عن الشرب قائمًا، فكرهه".

ثنا (3) هشيم، عن منصور، عن الحسن:"أنه كان يكره الشرب قائمًا".

ثنا وكيع (4)، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال:"إنما كره الشرب قائمًا لداء يأخذ البطن".

(1)"سنن الدارمي"(2/ 162 رقم 2128).

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 102 رقم 24123).

(3)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 102 رقم 24124).

(4)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 102 رقم 24125).

ص: 407

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بالشرب قائمًا بأسًا.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الشعبي وسعيد بن المسيب وزاذان وطاوس بن كيسان، وسعيد بن جبير، ومجاهدًا، فإنهم قالوا: لا بأس بالشرب قائمًا، وروي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة وسعد وعمر بن الخطاب وابنه عبد الله، وعبد الله بن الزبير وعائشة رضي الله عنهم.

ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج، عن محمد بن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ائتني بوضوء، فأتيت به فتوضأ، ثم قام بفضل وضوئه فشرب قائمًا، فعجبت لذلك، فقال: أَتعجبُ يا بني؟ إني رأيت أباك رسول الله عليه السلام يصنع ذلك".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة قال:"رأيت عليًّا يشرب فضل وضوئه قائمًا، ثم قال: إن ناسًا يكرهون أن يشربوا قيامًا، وقد رأيت رسول الله عليه السلام فعل كما فعلت".

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مسعر، عن عبد الملك. . . .، فذكر بإسناد مثله.

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ورقاء بن عمر، عن عطاء بن السائب، عن زاذان وميسرة، عن علي رضي الله عنه:"أنه شرب قائمًا، فقيل له في ذلك، فقال: إن أشرب قائمًا فقد رأيتُ رسولَ الله عليه السلام يَشْربُ قائمًا، وإن أشرب جالسًا فقد رأيت رسول الله عليه السلام يفعل ذلك".

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن علي. . . . مثله.

حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد. . . .، فذكر بإسناده مثله.

ص: 408

ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه من عدم كراهة شرب الماء قائمًا بحديث علي رضي الله عنه.

وأخرجه من ستة طرق صحاح:

الأول: عن يونس عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن عبد الملك بن جريج المكي، عن محمَّد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب المعروف بالباقر، عن أبيه علي بن حسين المعروف بزين العابدين، عن جده الحسين المرتضى رضي الله عنهم.

وأخرجه البزار في "مسنده" من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج .. إلى آخره.

قوله: "ائتني بوضوء" بفتح الواو، وهو الماء الذي يتوضأ منه.

الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن بشر بن عمر الزهراني .. إلى آخره.

وأخرجه البخاري (1): ثنا آدم، قال: ثنا شعبة، ثنا عبد الملك بن ميسرة، سمعت النزال بن سبرة يحدث عن عليّ رضي الله عنه:"أنه صلى الظهر، ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة حتى حضرت صلاة العصر، ثم أتى بماء فشرب وغسل وجهه ويديه، وذكر رأسه ورجليه، ثم قام فشرب فضله وهو قائم، ثم قال: إن ناسًا يكرهون الشرب قيامًا، وإن النبي عليه السلام صنع مثل ما صنعت".

الثالث: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي أحمد محمَّد بن عبد الله بن الزبير الكوفي، عن مسعر بن كدام، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة.

وأخرجه أبو داود (2): عن مسدد، عن يحيى، عن مسعر بن كدام، عن عبد الملك ابن ميسرة، عن النزال بن سبرة:"أن عليًا رضي الله عنه دعا بماء، فشرب وهو قائم، ثم قال: إن رجالًا يكره أحدهم أن يفعل هذا، وقد رأيت رسول الله عليه السلام يفعل مثل ما رأيتموني فعلت".

(1)"صحيح البخاري"(5/ 2130 رقم 5293).

(2)

"سنن أبو داود"(3/ 336 رقم 3718).

ص: 409

الرابع: عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن أسد بن موسى، عن ورقاء بن عمر اليشكري روى له الجماعة، عن عطاء بن السائب بن مالك الكوفي أحد مشايخ أبي حنيفة قال العجلي: شيخ ثقة قديم. روى له الأربعة، والبخاري متابعة.

عن زاذان -بالمعجمتين- الكندي الكوفي البزاز روى له الجماعة، البخاري في غير صحيح، وعن ميسرة أبي صالح الكندي الكوفي، وثقه ابن حبان، كلاهما عن علي ابن أبي طالب.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(1): ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة قال:"رأيت عليًّا يشرب قائمًا، قال: فقلت له: تشرب قائمًا؟! فقال: إن أشرب قائمًا، فقد رأيت رسول الله عليه السلام يشرب قائمًا، وإن أشرب قاعدًا، فقد رأيت رسول الله عليه السلام يشرب قاعدًا".

الخامس: عن ربيع المؤذن، عن أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان الكندي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن عليّ:"أنه شرب قائمًا، فنظر إليه الناس فأنكروا ذلك، فقال علىّ: "ما تنكرون؟ إن أشرب قائمًا، فقد رأيت النبي عليه السلام يشرب قائمًا".

السادس: عن محمَّد بن خزيمة، عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن عليّ رضي الله عنه.

ص: حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يشرب وهو قائم".

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن الأصبهاني، قال: أنا شريك، عن الشيباني، عن عامر، عن ابن عباس قال:"ناولت النبي عليه السلام دلوًا من ماء زمزم، فشرب وهو قائم".

(1)"مسند أحمد"(1/ 114 رقم 916).

ص: 410

حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن الشعبي، عن ابن عباس. . . .، مثله.

ش: هذه ثلاث طرق صحاح:

الأول: عن يونس بن عبد الأعلى، عن سفيان بن عيينة، عن عاصم الأحول، عن عامر الشعبي.

وأخرجه البخاري (1): ثنا أبو نعيم، ثنا سفيان، عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن ابن عباس قال:"شرب النبي عليه السلام قائمًا من زمزم".

الثاني: عن فهد بن سليمان، عن محمَّد بن سعيد بن الأصبهاني شيخ البخاري، عن شريك بن عبد الله، عن سليمان الشيباني أبي إسحاق الكوفي روى له الجماعة، عن عامر الشعبي.

وأخرجه مسلم (2) من طرق متعددة.

الثالث: عن محمَّد بن خزيمة، عن الحجاج بن منهال .. إلى آخره.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(3).

ص: حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا إسحاق بن أبي فروة المدني، قال: حدثتنا عبيدة بنت نايل، عن عائشة بنت سعد، عن سعد بن أبي وقاص:"أن رسول الله عليه السلام كان يشرب قائمًا".

ش: ربيع بن سليمان الجيزي الأعرج شيخ أبي داود والنسائي.

وإسحاق بن أبي فروة هو إسحاق بن محمَّد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة، أبو يعقوب الفروي المدني، شيخ البخاري، تُكُلِّمَ فيه جدًّا.

(1)"صحيح البخاري"(5/ 2130 رقم 5294).

(2)

"صحيح مسلم"(3/ 1602 رقم 2027).

(3)

"مسند أحمد"(1/ 220 رقم 1903).

ص: 411

وعبيدة بنت نايل -بالنون، وبالياء آخر الحروف بعد الألف- الحجازية، وثقها ابن حبان.

وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص الزهرية المدنية، روى لها البخاري.

والحديث أخرجه البزار في "مسنده"(1): ثنا محمَّد بن عبد الرحيم أبو يحيى صاحب السابري، قال: ثنا إسحاق بن محمَّد الفروي، قال: حدثتني عبيدة بنت نايل، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها، قال:"رأيت رسول الله عليه السلام يشرب قائمًا".

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا حفص، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال:"كنا نشرب ونحن قيام على عهد رسول الله عليه السلام".

حدثنا بن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم وعثمان بن عمر، قالا: أبنا عمران بن حدير، عن أبي البزري -وهو يزيد بن عطارد- عن ابن عمر، قال:"كنا نشرب ونحن قيام، ونأكل ونحن نسعى على عهد رسول الله عليه السلام".

حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عمران بن حدير، عن يزيد بن عطارد، عن ابن عمر مثله.

ش: هذه ثلاث طرق:

الأول: صحيح، عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن يوسف بن عدي شيخ البخاري، عن حفص بن غياث النخعي قاضي الكوفة أحد أصحاب أبي حنيفة، عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، روى له الجماعة.

وأخرجه الترمذي (2): ثنا أبو السائب سلم بن جنادة الكوفي، ثنا حفص بن غياث، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال:"كنا نأكل على عهد رسول الله عليه السلام ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام".

(1)"مسند البزار"(4/ 43 رقم 1205).

(2)

"جامع الترمذي"(4/ 300 رقم 1880).

ص: 412

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب.

الثاني: حسن، عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري، عن عثمان بن عمر بن فارس شيخ أحمد، كلاهما عن عمران بن حدير السدوسي الثقة الثبت، عن أبي البزري -بتقديم الزاي المعجمة على الراء المهملة- يزيد بن عطارد السدوسي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ليس ممن يحتج بحديثه.

وأخرجه الترمذي نحوه معلقًا (1).

الثالث: نحوه، عن محمد بن خزيمة، عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة .. إلى آخره.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): نا معاذ بن معاذ، عن عمران بن حدير، عن يزيد بن عطارد أبي البزري، قال: قال ابن عمر: "كنا نشرب ونحن قيام، ونأكل ونحن نسعى على عهد رسول الله عليه السلام".

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم بن مالك، قال: أخبرني البراء بن زيد، أن أم سليم حدثته:"أن رسول الله عليه السلام شرب وهو قائم من في قربة".

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا زهير بن معاوية، قال: ثنا عبد الكريم الجزريّ، قال: حدثني البراء ابن بنت أنس -وهو ابن زيد- عن أنس بن مالك، قال: حدثتني أمي "أن رسول الله عليه السلام دخل عليها وفي بيتها قربه معلقة، فشرب من القربة قائمًا".

ش: هذان طريقان صحيحان:

الأول: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، عن

(1) "جامع الترمذي (4/ 300 رقم 1880).

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 101 رقم 24115).

ص: 413

عبد الملك بن جريج، عن عبد الكريم بن مالك الجزري الحراني، عن البراء بن زيد ابن ابنة أنس بن مالك وثقه ابن حبان، عن أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك، لها صحبة يقال لها: الغميصاء، ويقال: الرميصاء، ويقال: رميلة، ويقال: رميثة، ويقال: أنيفة، ويقال: مليكة.

وأخرجه الطبراني (1): من طريق ابن جريج، عن عبد الكريم، عن البراء بن زيد ابن بنت أنس أخبره، عن أم سليم نحوه.

الثاني: عن فهد بن سليمان، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي شيخ البخاري، عن زهير بن معاوية .. إلى آخره.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا حُميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، ثنا زهير، عن عبد الكريم، عن البراء ابن بنت أنس -وهو ابن زيد- عن أنس بن مالك، قال: حدثتني أمي: "أن رسول الله عليه السلام دخل عليها وفي بيتها قربة معلقة، قالت: فشرب من القربة قائمًا، فعمدت إلى فَمِ القربة فقطعتها".

قوله: "من في قربة" أي من فَمِ قربة.

ص: حدثنا أبو أمية، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا شريك، عن حميد، عن أنس:"أن النبي عليه السلام شرب من قربة معلقة، وهو قائم".

ش: إسناده صحيح، وأبو أمية محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي.

وأبو غسان مالك بن إسماعيل.

وهذا كما قد رأيت قد أخرج الطحاوي أحاديث هذا الباب عن ستة أنفس من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وأم سليم، وأنس بن مالك رضي الله عنهم.

(1)"المعجم الكبير"(25/ 126 رقم 307).

(2)

"مسند أحمد"(6/ 376 رقم 27159).

ص: 414

ولما أخرج الترمذي حديث عبد الله بن عباس قال: وفي الباب عن علي، وسعد، وعبد الله بن عمر، وعائشة.

قلت: أما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:

فأخرجه الترمذي (1): ثنا قتيبة، قال: نا محمَّد بن جعفر، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال:"رأيت رسول الله عليه السلام يشرب قائمًا".

وأما حديث عائشة:

فأخرجه النسائي (2) عنها، قالت:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قاعدًا وقائمًا، ويصلي حافيًا ومتنعلًا (3) ".

ص: ففي هذه الآثار إباحة الشرب قائمًا، وأولى الأشياء إذا روي حديثان عن رسول الله عليه السلام فاحتملا الاتفاق واحتملا التضاد أن نحملهما على الاتفاق لا على التضاد، وكان فيما روينا في هذا الفصل عن رسول الله عليه السلام إباحة الشرب قائمًا، وفيما روينا في الفصل الذي قبله النهي عن ذلك؛ فاحتمل أن يكون ذلك النهي لم يرد به هذه الإباحة، ولكن أريد به معنى آخر.

فنظرنا في ذلك، فإذا فهد قد حدثنا، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا خالد، عن بيان، عن الشعبي، قال:"إنما كره الشرب قائمًا لأنه داء"، فأخبر الشعبي في هذا بالمعنى الذي من أجله كان النهي، وأنه لما يُخَافُ منه من الضرر وحدوث الداء لا غير ذلك، فأراد رسول الله عليه السلام بذلك النهي الإشفاق على أمته، وأمره إياهم بما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم، كما قد قال لهم:"أما أنا فلا آكل متكئًا".

ش: أراد بهذه الآثار: الأحاديث التي أخرجها عن ستة من الصحابة؛ فإنها تدل على إباحة الشرب قائمًا، وما رواه في أول الباب عن الجارود وأنس يقتضي كراهة

(1)"جامع الترمذي"(4/ 301 رقم 1883).

(2)

"المجتبى"(1/ 405 رقم 1284).

(3)

كذا في "الأصل، ك"، وفي "المجتبى":"منتعلًا"، بتقديم النون على التاء المثناة من فوقها.

ص: 415

ذلك، وبينهما تعارض ظاهر، والتوفيق بينهما: أن ما روي مما فيه الكراهة محمول على نهي الإشفاق لا التحريم، وقد أخبر بذلك عامر الشعبي.

أخرجه بإسناد صحيح: عن فهد بن سليمان، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي، عن خالد بن عبد الله الطحان، عن بيان بن بشر الأحمسي البجلي الكوفي، عن الشعبي قال:"إنما كره الشرب قائمًا لأنه داء"، فأخبر الشعبي عن علة النهي ما هي؟ وهي خوف الضرر وحدوث الداء لا غير ذلك. فكان قصده عليه السلام بذلك النهي الإشفاق على أمته؛ لأنه أرحم من الأب الشفوق، ولا يأمر بشيء ولا ينهى عنه إلا لما فيه صلاح أمته في دينهم ودنياهم، ونظير ذلك ما قال لهم:"أما أنا فلا آكل متكئًا" فإن هذا الكلام ليس منه طريق التحريم عليهم أن يأكلوا كذلك، وإنما كره ذلك مخافة أن تعظم بطونهم إشفاقًا منه عليهم.

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سهيل بن بكار (ح).

وحدثنا محمَّد بن خزيمة قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا أبو عوانة عن رقية، عن علي بن الأقمر، عن أبي جُحيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أنا فلا آكل متكئًا".

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة، قال: سمعت رسول الله عليه السلام يقول. . . .، فذكر مثله.

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة، عن رسول الله عليه السلام. . . . مثله.

حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مسعر بن كدام، عن علي بن الأقمر، قال: سمعت أبا جحيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . . فذكر مثله.

فليس ذلك على طريق التحريم منه عليهم أن يأكلوا كذلك، ولكن لمعنى في الأكل متكئًا خافَهُ عليهم.

ص: 416

حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: ثنا جرير عن عبد الحميد، قال: قال الشعبي: "إنما كره أكل متكئًا؛ مخافة أن تعظم بطونهم".

فأخبر الشعبي بالمعنى الذي كره رسول الله عليه السلام من أجله الأكل متكئًا، وأنه إنما هو لما يحدث عنه من عظم البطن، فكذلك ما روي عنه من النهي عن الشرب قائمًا؛ إنما هو لمعنى يكون من ذلك كرهه من أجله، لا غير ذلك.

ش: هذا بيان لقوله: "كما قد قال لهم: أمَّا أنا فلا آكل متكئًا"

وأخرجه من خمس طرق صحاح:

الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن سهل بن بكار الدارمي شيخ البخاري، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري، عن رقية بن مصقلة الكوفي، روى له الجماعة ابن ماجه في التفسير.

عن علي بن الأقمر بن عمرو الوادعي الكوفي روى له المجماعة، عن أبي جُحيفة وهب بن عبد الله السوائي الصحابي رضي الله عنه.

وأخرجه النسائي (1): عن قتيبة، عن شريك، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة. . . . إلى آخره نحوه.

الثاني: عن محمَّد بن خزيمة، عن حجاج بن المنهال شيخ البخاري، عن أبي عوانة. . . . إلى آخره.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(2) نحوه.

الثالث: عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن أسد بن موسى، عن جرير بن عبد الحميد. . . . إلى آخره.

(1)"السنن الكبري"(4/ 171 رقم 6742).

(2)

"مسند أحمد"(4/ 308 رقم 18776).

ص: 417

وأخرجه البخاري (1): عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن منصور، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة قال:"كنت عند النبي عليه السلام، فقال لرجل عنده: لا آكل متكئًا".

الرابع: عن فهد بن سليمان، عن أبي نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري، عن سفيان الثوري .. إلى آخره.

وأخرجه أبو داود (2): عن محمَّد بن كثير، عن سفيان، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة .. إلى آخره نحوه.

الخامس: عن فهد أيضًا، عن أبي نعيم أيضًا، عن مسعر بن كدام .. إلى آخره.

وأخرجه ابن ماجه (3): عن محمَّد بن الصباح، عن سفيان بن عيينة، عن مسعر، عن علي بن الأقمر .. إلى آخره. نحوه.

وأخرجه الترمذي (4) أيضًا: عن قتيبة، عن شريك، عن علي بن الأقمر، به. وقال: حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث علي بن الأقمر.

قوله: "متكئًا" حال من الضمير الذي في "لا آكل".

قال الخطابي: يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه، لا يعرفون غيره، وكان بعضهم يتناول هذا الطعام على مذهب الطب ودفع الضرر عن البدن، إذْ كان معلومًا أن الأكل مائلًا على أحد شقيه لا يكاد يسلم من ضغط يناله في مجاري طعامه، ولا يسيغه ولا يسهل نزوله إلى معدته، قال: وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه، وإنما المتكئ هاهنا المعتمد على الوطاء الذي تحته، وكل من استوى قاعدًا على وطاء فهو متكئ.

(1)"صحيح البخاري"(5/ 2062 رقم 5084).

(2)

"سنن أبي داود"(3/ 348 رقم 3769).

(3)

"سنن ابن ماجه"(2/ 1086 رقم 3262).

(4)

"جامع الترمذي"(4/ 273 رقم 1830).

ص: 418

والاتكاء مأخوذ من الوكاء وزنه الافتعال منه، والمتكئ هو الذي أوكأ مقعدته و [شدها (1)] بالقعود على الوطاء الذي تحته، والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متكئًا على الأوطئة والوسائد فعل من يريد أن يستكثر الأطعمة ويتوسع من الألوان، ولكن آكل علقة وآخذ من الطعام بلغة، فيكون قعودي مستوفزًا له، وروي:"أنه عليه السلام كان يأكل مُقعِيا ويقول: أنا عبد آكل كما يأكل العبد".

قلت: فيما اختاره الخطابي من المعنى نظر؛ لأن معنى الاتكاء في اللغة ينافيه؛ لأن معناه: الاعتماد على الشيء.

قال الجوهري: اتكأ على الشيء فهو متكئ، والموضع متكأ وأوكأت فلانا إيكاءً إذا نصبت له متكأ، ومادته: واو، وكاف، وهمزة.

قوله: "فليس ذلك من طريق التحريم منه عليهم" أي فليس قوله عليه السلام: "أما أنا فلا آكل متكئا" على التحريم من النبي عليه السلام على أمته.

قوله: "أن يأكلوا كذلك" أي بأن يأكلوا متكئين، ولكن لأجل معنى حاصل في الأكل متكئًا خافه عليهم أي خاف النبي عليه السلام ذلك المعنى على أمته، وبين ذلك بقوله: حدثنا ابن أبي عمران -وهو بن موسى الفقيه- يروي عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني شيخ أبي داود، عن جرير بن عبد الحميد، عن عامر بن شراحيل الشعبي، والباقي ظاهر.

ص: وقد روي في هذا أيضًا عن عبد الله بن عمرو.

حدثنا محمَّد بن الحجاج، قال: ثنا أسد (ح).

وحدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن شعيب بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه قال:"ما رأيت النبي عليه السلام يأكل متكئًا [قط] (2) ".

(1) في "الأصل، ك": "شدة"، والمثبت من "لسان العرب" (1/ 201) [مادة: تكأ] و"النهاية"(1/ 193).

(2)

في "الأصل، ك": "فقط"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

ص: 419

فقد يجوز أن يكون اجتنب ذلك لما قال الشعبيّ، وقد يجوز في ذلك معنى آخر.

فإنه حدثنا يحيى بن عثمان، قال: ثنا أبي، قال: ثنا ابن لهيعة، عن عبيد الله ابن أبي جعفر، عن إسماعيل الأعور قال:"كان رسول الله عليه السلام يأكل متكئًا، فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال: انظروا إلى هذا العبد كيف يأكل متكئًا؟! قال: فجلس رسول الله عليه السلام".

فقد يجوز أن يكون هذا المعنى الذي من أجله قال: "لا آكل متكئًا" لأنه فعل الملوك والجبابرة، وفعل الأعاجم؛ فكره ذلك ورغب في فعل العرب، كما روي عن عمر رضي الله عنه.

فإنه حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، قال:"أتانا كتاب عمر رضي الله عنه: اخشوشنوا واخشوشبوا، واخلولقوا، وتمعددوا كأبيكم معد، وإياكم والتنعم وزي العجم".

أفلا ترى أنه نهاهم عن زي العجم، وأمرهم بالتمعدد وهو العيش الخشن الذي يعرفه العرب، فكذلك الأكل متكئًا نهوا عنه لأنه فعل العجم، وأما الشرب قاعدًا فأمروا به خوفًا مما يحدث عليهم في صدورهم، فليس في ذلك شيء من زي العجم.

ش: أي وقد روي في الترك الأكل متكئًا عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

أخرجه من طريقين صحيحين:

الأول: عن محمَّد بن حجاج الحضرمي، عن أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن شعيب بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبيه عبد الله بن عمرو.

اعلم أن شعيبًا هذا هو ابن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد ينسب إلى جده، وممن ينسبه إلى جده: ثابت البناني الراوي عنه، وذكر البخاري وأبو داود وغير واحد أنه سمع من جده عبد الله بن عمرو، ولم يذكر أحد أنه يروي عن أبيه محمَّد، فإذا كان سماعه عن جده صحيحًا يكون حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيحًا متصلًا، فافهم.

ص: 420

الطريق الثاني: عن محمَّد بن خزيمة، عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة .. إلى آخره.

وأخرجه أبو داود (1): ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا حماد، عن ثابت البناني، عن شعيب بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، قال:"ما رؤي رسول الله عليه السلام يأكل متكئًا قط ولا يطاء عقبه رجلان".

قوله: "فقد يجوز أن يكون اجتنب ذلك .. إلى آخره" أشار بهذا إلى بيان علة ترك الأكل متكئًا، وهي شيئان:

أحدهما: ما ذكره عامر الشعبي، وقد مرَّ بيانه.

الثاني: هو أن الأكل متكئًا من فعل الملوك والجبابرة، وفعل العجم والأكاسرة، فكره رسول الله عليه السلام ذلك لما فيه من التشبه بهم، وبين ذلك بقوله: "فإنه -أي فإن الشأن- حدثنا يحيى بن عثمان القرشي السهمي أبي زكريا المصري مولى آل قيس بن أبي العاص السهمي شيخ ابن ماجه والطبراني، عن أبيه عثمان بن صالح بن صفوان السهمي المصري شيخ البخاري، عن عبد الله بن لهيعة المصري، فيه مقال، عن عبيد الله بن أبي جعفر المصري التابعي روى له الجماعة، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي أبي محمَّد الكوفي الأعور، من التابعين الكبار، روى له الجماعة إلا البخاري، وهذا الحديث معضل.

قوله: "ورغب في فعل العرب" أي رغب رسول الله عليه السلام أمته في التشبه بفعل العرب كما روي عن عمر بن الخطاب في ذلك.

أخرجه بإسناد صحيح، عن حسين بن نصر بن المعارك، عن يزيد بن هارون، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي .. إلى آخره.

(1)"سنن أبي داود"(3/ 348 رقم 3770).

ص: 421

وكلام عمر هذا قد رفعه الطبراني في "معجمه"(1): عن أبي حداد الأسلمي، عن النبي عليه السلام.

قوله: "اخشوشنوا" من اخشوشن، وهو مبالغة من خشن، يقال: اخشوشن إذا لبس الخشن.

قوله: "اخشوشبوا" من اخشوشب الرجل إذا كان صلبًا خشبا في دينه وملبسه ومطعمه وجميع أحواله، ويروى بالجيم يريد عيشوا عيش العرب الأول، ولا تعودوا أنفسكم الترفه، فيقعد بكم عن الغزو.

قوله: "واخلولقوا" قريب من معنى اخشوشنوا، وكأن المعنى البسوا الثياب الخليقة.

قوله: "وتمعددوا" من قولهم: تمعدد الرجل إذا شبَّ وغلظ، وقيل: أراد تشبهوا بعيش معد بن عدنان، وكانوا أهل غلظ وقشف، أي كونوا مثلهم، ودعوا التنعم وزي العجم، وهذا هو الصواب؛ بدليل قوله:"كأبيكم معد"، أرد به معد بن عدنان فإنه أصل العرب وجدهم الأعلى.

ص: وقد روي في إباحة الشرب قائمًا عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن عبد الأعلى، عن بشر بن غالب، قال:"دخلت على الحسين بن علي رضي الله عنهما داره، فقام إلى نجيبة له، فمسح ضرعها حتى إذا دعا دَرَّت بإناء، فحلب ثم شرب وهو قائم، ثم قال: يا بشر، إني إنما فعلت ذلك لتعلم أنا [نحن] (2) نشرب ونحن قيام. حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، قال: "رأيت أبي يشرب وهو قائم".

(1)"المعجم الكبير"(19/ 40 رقم 84).

(2)

كذا في "الأصل، ك"، وليست في "شرح معاني الآثار".

ص: 422

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن علي بن عبد الله البارقي، قال:"ناولت ابن عمر إداوة، فشرب منها قائمًا من فيها".

ش: أخرج في ذلك عن حسين بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله ابن عمر.

أما عن حسين بن علي فأخرجه بإسناد حسن جيد، عن روح بن الفرج القطان، عن يوسف بن عدي شيخ البخاري، عن أبي الأحوص سلام بن سليم الحنفي، عن عبد الأعلى (1).

عن بشر بن غالب الأسدي، وثقه ابن حبان.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): ثنا أبو الأحوص، عن عبد الله بن شريك، عن بشر بن غالب قال:"رأيت الحسين شرب وهو قائم".

وأما عن عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما فأخرجه بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن مالك بن أنس، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عبد الله بن الزبير.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": نا خالد بن مخلد، عن مالك بن أنس، عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال:"رأيت أبي يشرب وهو قائم".

وأما عن عبد اللهَ بن عمر رضي الله عنهما فأخرجه أيضًا بإسناد صحيح، عن محمد بن خزيمة، عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن علي بن عبد الله البارقي .. إلى آخره.

(1) بيض له المؤلف رحمه الله، ولعله عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، فهو الذي يروي عنه أبو الأحوص سلام بن سليم، وروايته عنه عند النسائي كما في ترجمته من "تهذيب الكمال"(16/ 353).

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 102 رقم 24120).

ص: 423

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1) من وجه آخر: ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر:"أنه شرب من قربة وهو قائم".

ص: وقد روي عن رسول الله عليه السلام أنه نهى أن يشرب مِنْ في السقاء.

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الشرب من فِي السقاء".

حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله عليه السلام مثله.

فلم يكن هذا النهي من رسول الله عليه السلام على تحريم ذلك على أمته حتى يكون مَنْ فعله منهم عاصيًا له، ولكن المعنى قد اختلف فيه، ما هو؟

فحدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن الشرب من في السقاء؛ لأنه ينتن"، فهذا معناه.

وقد روي في ذلك معنى آخر، وهو ما حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن ليث، عن مجاهد قال:"كان يكره الشرب من ثلمة القدح، وعروة الكوز، وقال: هما مقعدا الشيطان".

فلم يكن هذا النهي من رسول الله عليه السلام على طريق التحريم بل على طريق الاشفاق منه على أمته والرأفة بهم والنظر لهم، وقد قال قوم: إنما نهى عن ذلك لأنه الموضع الذي يقصده الهوام، فنهى عن ذلك خوف أذاها، فكذلك ما ذكرنا عنه في صدر هذا الباب من نهيه عن الشرب قائما ليس على التحريم الذي يكون فاعله عاصيًا، ولكن للمعنى الذي ذكرناه في ذلك، وقد روينا عن رسول الله عليه السلام فيما تقدم من هذا الباب:"أنه أتى بيت أم سليم فشرب من قربة وهو قائم من فيها". فدل ذلك على أن نهيه الذي روي عنه في ذلك ليس على النهي الذي يجب على منتهكه

(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 101 رقم 14108).

ص: 424

أن يكون عاصيًا، ولكنه على النهي من أجل الخوف، فهذا ذهب الخوف ارتفع النهي، فهذا عندنا معنى هذا الآثار.

ش: ذكر هذا كله تمهيدًا لبيان إباحة الشرب قائمًا وأن النهي عن ذلك لم يكن على وجه التحريم كالنهي أن يشرب من فم السقاء، ولهذا لا يكون من فعل ذلك عاصيًا، فإذا ثبت [هذا ثبت](1) أن النهي عن الشرب من فم السقاء لم يكن على التحريم.

وأخرج في ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة.

أما عن ابن عباس فأخرجه بإسناد صحيح: عن محمَّد بن خزيمة، عن حجاج ابن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس.

وأخرجه البخاري (2): نا مسدد، نا يزيد بن زريع، نا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"نهى النبي عليه السلام عن الشرب من فِي السقاء".

وأخرجه أبو داود (3) أيضًا.

وأما عن أبي هريرة فأخرجه أيضًا بإسناد صحيح، عن محمَّد بن خزيمة، عن حجاج ابن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، عن أبي هريرة.

وأخرجه البخاري (4): عن مسدد، عن إسماعيل، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة:"نهى النبي عليه السلام أن يشرب من في السقاء".

وبقي الكلام في وجه ذلك وحكمته، فللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

الأول: ما قاله عروة بن الزبير أن ذلك النهي لأن الشرب من فم السقاء ينتن

(1) ليست في "الأصل، ك"، والسياق يقتضيها.

(2)

"صحيح البخاري"(5/ 2132 رقم 5306).

(3)

"سنن أبي داود"(3/ 336 رقم 3719).

(4)

"صحيح البخاري"(5/ 2132 رقم 5305).

ص: 425

الماء، أو فم السقاء، فيستقذره غيره، وكان يكون ماء العرب غالبًا في الأسقية والأدلية.

أخرج ذلك بإسناد صحيح، عن محمَّد بن خزيمة، عن حجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.

الثاني: ما قاله مجاهد، وهو أن ذلك الموضع مقعد الشيطان.

أخرجه بإسناد صحيح عن محمَّد بن خزيمة، عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن ليث (1)، عن مجاهد.

قوله: "من ثلمة القدح" بضم الثاء المثملة وسكون اللام.

الثالث: ما قاله قوم من العلماء، وإنه إنما نهي عنه لأنه الموضع الذي يقصده الهوام، فربما يكون فيه شيء من ذلك، يؤذيه حين الشرب.

والدليل عليه ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): ثنا يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي سعيد، قال:"فشرب رجل من فم سقاء، فانساب في بطنه [حار] (3) فنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية".

ص: وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه نهى عن اختناث الأسقية، وهو أن تكسر، فيشرب من أفواهها.

حدثنا بذلك إسماعيل بن يحيى المزني، قال: ثنا الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري:"أن النبي عليه السلام نهى عن اختناث الأسقية".

(1) ليث هذا هو ابن أبي سليم، وهو ضعيف عند الجمهور، فالإسناد ليس صحيحًا، والله أعلم.

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 102 رقم 24127).

(3)

كذا في "الأصل، ك"، وفي "المصنف"، و"سنن البيهقي" (7/ 285 رقم 14439):"جَانُّ"، وعند الحاكم في "مستدركه" (4/ 156):"فخرجت عليه منه حية" وصححه علي شرط البخاري.

ص: 426

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري. . . . فذكر بإسناد مثله.

قال ابن أبي ذئب: اختناثها أن تكسر فيشرب منها.

فالوجه الذي من أجله نهى عن ذلك، هو الوجه الذي من أجله نهى عن الشرب من في السقاء.

ش: ذكر هذا أيضًا لكون النهي فيه كالنهي عن الشرب من فم السقاء.

وأخرجه من طريقين صحيحين:

الأول: عن المزني، عن محمَّد بن إدريس الشافعي .. إلى آخره.

وأخرجه البخاري (1): ثنا محمَّد بن مقاتل، أنا عبد الله، أنا يونس، عن الزهري، قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله، أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول:"سمعت رسول الله عليه السلام ينهي عن اختناث الأسقية"، قال عبد الله: قال معمر: هو الشرب من أفواهها".

وأخرجه مسلم (2): نا عمرو الناقد، قال: نا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله، عن أبي سعيد:"نهى النبي عليه السلام عن اختناث الأسقية".

وأخرجه أبو داود (3): عن مسدد، عن سفيان .. إلى آخره.

الثاني: عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن أسد بن موسي، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن محمَّد بن مسلم الزهري .. إلى آخره.

وأخرجه البخاري (4): ثنا آدم، نا ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عبد الله بن

(1)"صحيح البخاري"(5/ 2132 رقم 5303).

(2)

"صحيح مسلم"(3/ 1600 رقم 2023).

(3)

"سنن أبي داود"(3/ 336 رقم 3720).

(4)

"صحيح البخاري"(5/ 2132 رقم 5302).

ص: 427

عبد الله بن عتبة، عن أبي سعيد الخدري قال:"نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية، يعني أن تكسر أفواهها فيشرب منها". انتهى.

و"الاختناث" من خنثت السقاء إذا ثنيت فمه إلى خارج، وشربت منه، وقبعته إذا ثنيته إلى داخل.

وقال ابن الأثير: وإنما نهي عنه لأنه ينتنها، فإن إدامة الشرب هكذا مما يغير ريحها، وقيل: لا يؤمن أن يكون فيها هامة، وقيل: لئلا يترشش الماء على الشارب لِسَعَةِ فم السقاء، وقد جاء في حديث آخر إباحته، ويحتمل أن يكون النهي خاصًّا بالسقاء الكبير دون الإداوة.

ص: 428