المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ص: باب: المعانقة - نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار - جـ ١٣

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ص: باب من أوجب أضحية في أيام العشر أو عزم على أن يضحي هل له أن يقص شعره أو أظفاره

- ‌ص: باب الذبح بالسن أو الظفر

- ‌ص: باب أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام

- ‌ص: باب أكل الضبع

- ‌ص: باب صيد المدينة

- ‌ص: باب أكل الضباب

- ‌ص: باب أكل لحوم الحمر الأهلية

- ‌ص: باب أكل لحم الفرس

- ‌ص: كتاب الكراهة

- ‌ص: باب حلق الشارب

- ‌ص: باب استقبال القبلة بالفروج للغائط والبول

- ‌ص: باب أكل الثوم والبصل والكراث

- ‌ص: باب الرجل يمر بالحائط أله أن يأكل منه أم لا

- ‌ص: باب: لبس الحرير

- ‌ص: باب: الثوب يكون فيه علم الحرير أو يكون فيه من الحرير

- ‌ص: باب الرجل يتحرك سِنُّه هل يَشُدُّها بالذهب أم لا

- ‌ص: باب: التختم بالذهب

- ‌ص: باب نقش الخواتيم

- ‌ص: باب لبس الخاتم لغير ذي سلطان

- ‌ص: باب البول قائمًا

- ‌ص: باب القَسَم

- ‌ص: باب الشرب قائمًا

- ‌ص: باب: وضع إحدي الرجلين على الأخري

- ‌ص: باب: الرجل يتطرق في المسجد بالسهام

- ‌ص: باب: المعانقة

- ‌ص: باب: الصور تكون في الثياب

- ‌ص: باب: الرجل يقول: أستغفر الله وأتوب إليه

- ‌ص: باب: البكاء علي الميت

الفصل: ‌ص: باب: المعانقة

‌ص: باب: المعانقة

ش: أي هذا باب في بيان حكم المعانقة، وهي مفاعلة من الاعتناق.

ص: حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة وحماد ابن زيد ويزيد بن زريع، عن حنظلة السدوسي، قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم قالوا: "يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض إذا التقينا؟ قال: لا، قالوا: أفيعانق بعضنا بعضًا؟ قال: لا، قالوا: أفيصافح بعضنا لبعض؟ قال: تصافحوا".

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا أبو هلال، عن حنظلة، عن أنس قال:"قلنا: يا رسول الله. . . ." ثم ذكر مثله.

ش: هذان طريقان:

الأول: رجاله كلهم ثقات، غير أن حنظلة بن عبد الله -ويقال: عبيد الله- السدوسي البصري، فيه مقال؛ فعن أحمد: ضعيف الحديث، وعنه: منكر الحديث. ووثقه ابن حبان، وروى له الترمذي (1) وحسَّن حديثه: ثنا سويد، قال: أنا عبد الله، قال: أنا حنظلة بن عبيد الله، عن أنس بن مالك قال:"قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقي أخاه أو صديقه أفينحني له؟ قال: لا، قال: أَفَيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: أفيأخذه بيده ويصافحه؟ قال: نعم" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.

الثاني: عن أبي أمية محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي، عن سليمان بن حرب الواشحي البصري، شيخ البخاري وأبي داود، عن أبي هلال الراسبي محمَّد بن سليم، عن يحيى بن معين: ليس به بأس، وعنه: صدوق، روى له الأربعة والبخاري مستشهدًا.

(1)"جامع الترمذي"(5/ 75 رقم 2728).

ص: 446

وأخرجه ابن ماجه (1): عن علي بن محمَّد، عن وكيع، عن جرير بن حازم، عن حنظلة نحوه.

قوله: "أينحني" الهمزة فيه للاستفهام، وكذلك في قوله:"أفيعانق" و"أفيصافح" وليس في أكثر النسخ همزة في "فيعانق" و"فيصافح".

قوله: "تصافحوا" أمر من تصافح يتصافح تصافحًا، وهو إلصاق صفح الكف بالكف، وإقبال الوجه على الوجه، وكذلك المصافحة.

ويفهم منه ثلاثة أحكام:

* عدم جواز انحناء الناس بعضهم لبعض عند التلاقي؛ وذلك لأنه من صنيع الأعاجم.

* وعدم جواز المعانقة كما ذهبت إليه طائفة.

* وجواز المصافحة؛ لأن فيها تطييب القلوب.

ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم إلي هذا، فكرهوا المعانقة. منهم أبو حنيفة ومحمد -رحمهما الله-.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: محمَّد بن سيرين وعبد الله بن عون وأبا حنيفة ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: تكره المعانقة، واحتجوا علي ذلك بالحديث المذكور، وقد قال بعض أصحابنا: الخلاف فيما إذا اعتنق الرجلان عاريين عما عدا الإزار، أما إذا كان على كل منهما قميص فلا كراهة بالإجماع.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بها بأسًا، وممن ذهب إلي ذلك: أبو يوسف رحمه الله.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عامرًا الشعبي وأبا مجلز لاحق بن حميد وعمرو بن ميمون والأسود بن هلال وأبا يوسف؛ فإنهم قالوا: لا بأس بالمعانقة، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(1)"سنن ابن ماجه"(2/ 1220 رقم 3702).

ص: 447

ص: وكان مما احتجوا به في ذلك ما حدثنا فهد، قال: ثنا أبو كريب محمَّد بن العلاء، قال: ثنا أسد بن عمرو، عن مجالد بن سعيد، عن عامر، عن عبد الله بن جعفر، عن أبيه قال:"لما قدمنا على النبي عليه السلام من عند النجاشي تلقاني فاعتنقني".

ش: أي وكان من الذي احتج به هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه؛ بحديث جعفر بن أبي طالب أخي علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

أخرجه عن فهد بن سليمان، عن أبي كريب محمَّد بن العلاء شيخ الجماعة، عن أسد بن عمرو أبي المنذر البجلي أحد أصحاب أبي حنيفة، قال عباس: سمعت يحيي يقول: أسد بن عمرو القاضي ثقة. وقال أحمد بن منيع: نا أسد بن عمرو وكان صدوقًا. وقال ابن عدي: لم أر في حديثه منكرًا، وأرجو أن أحاديثه مستقيمة، وليس في أصحاب الرأي بعد أبي يوسف أكثر حديثًا منه.

وهو يروي عن مجالد -بالجيم- بن سعيد بن عمير الهمداني اختلف فيه؛ فعن أحمد: ليس بشيء. وعن ابن معين: لا يحتج بحديثه. وعن النسائي: ثقة، روى له الأربعة ومسلم مقرونًا بغيره.

وهو يروي عن عامر بن شراحيل الشعبي، عن عبد الله بن جعفر، وعبد الله هذا أيضًا صحابي ولد بأرض الحبشة، وهو أول مولد ولد بها في الإِسلام، وكان يسمى بحر الجواد وحتى قيل: لم يكن في الإِسلام أسخى منه.

وهو يروي عن أبيه جعفر بن أبي طالب، وجعفر قتل في غزوة مؤتة سنة ثمان من الهجرة.

والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1) منقطعًا: ثنا علي بن المسهر، عن الأجلح، عن الشعبي:"أن النبي عليه السلام تلقي جعفر بن أبي طالب فالتزمه وقبل ما بين عينيه".

(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 247 رقم 25729).

ص: 448

ص: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبيد الله بن محمَّد التيمي، قال: ثنا أبو عوانة، عن الأجلح، عن الشعبي قال:"وافق قدوم جعفر فتح خيبر، فقال رسول الله عليه السلام: لا أدري بأي الشيئين أنا أشد فرحًا؛ بفتح خيبر أو بقدوم جعفر؟ ثم تلقاه فاعتنقه وقبل يمينه".

ش: رجاله ثقات ولكنه منقطع.

وعبيد الله بن محمَّد التيمي المعروف بأبي عائشة، ثقة، روي عنه أبو داود وأبو عوانة الوضاح اليشكري، والأحلج بن عبد الله بن حجية الكوفي.

والشعبي هو عامر بن شراحيل.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(1) من رواية الأجلح، عن الشعبي قال:"لما قدم جعفر من الحبشة ضمه النبي عليه السلام وقبل ما بين عينيه" ثم قال: مرسل.

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا إبراهيم بن يحيي بن محمَّد الشجري، قال: حدثني أبي يحيي، قال: أخبرني ابن إسحاق، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت:"لما قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله عليه السلام في بيتي فأتاه فقرع الباب، فقام إليه رسول الله عليه السلام عريانًا والله ما رأيته عريانًا قبله، فاعتنقه وقبله".

ش: إبراهيم بن يحيي بن محمَّد بن عباد بن هانئ الشجري -بالشين المعجمة والجيم- كان ينزل الشجرة بذي الحليفة، وهو شيخ البخاري، تكلموا فيه، ولكن الترمذي حسَّن حديثه، هو يروي عن أبيه يحيى بن محمَّد، وقوله:"يحيى" عطف بيان عن قوله: أبي.

وابن إسحاق هو محمَّد بن إسحاق المدني.

(1)"سنن البيهقي الكبرى"(7/ 101 رقم 13358).

ص: 449

وأخرجه الترمذي (1): ثنا محمَّد بن إسماعيل، قال: نا إبراهيم بن يحيي بن محمَّد بن عباد المديني، قال: حدثني أبي يحيي، عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن مسلم الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت:"قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله عليه السلام في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه رسول الله عليه السلام عريانًا فجر ثوبه -والله ما رأيته عريانًا قبله ولا بعده- فاعتنقه وقبله".

قال أبو عيسي: هذا حديث حسن غريب، لا يعرف من حديث الزهري إلا من هذا الوجه.

ص: حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا شعبة، عن غالب التمار، عن الشعبي:"أن أصحاب النبي عليه السلام كانوا إذا التقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا".

ش: رجاله ثقات.

ومسلم بن إبراهيم القصاب شيخ البخاري وأبي داود.

وغالب هو ابن مهران التمار العبدي.

والشعبي هو عامر.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): ثنا وكيع، عن شعبة، عن غالب قال:"قلت للشعبي: إن ابن سيرين كان يكره المصافحة، قال: فقال الشعبي: كان أصحاب رسول الله عليه السلام يتصافحون، وإذا قدم أحدهم من سفر عانق صاحبه".

ص: حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو الوليد (ح).

وحدثنا ابن مرزوق، قال: يحيي بن حماد، قالا: ثنا شعبة. . . . فذكر بإسناده مثله.

(1)"جامع الترمذي"(5/ 76 رقم 2732).

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 246 رقم 25720).

ص: 450

ش: هذان طريقان آخران:

الأول: عن أحمد بن داود المكي شيخ الطبراني، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري، عن شعبة، عن غالب التمار، عن الشعبي.

الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن يحيي بن حماد بن أبي زياد الشيباني شيخ البخاري عن شعبة. . . . إلى آخره.

وأخرجه البيهقي (1) من طريق شعبة، عن غالب التمار، عن الشعبي نحوه.

ص: حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا أبو غالب، عن أم الدرداء قالت:"قدم علينا سلمان رضي الله عنه فقال: أين أخي؟ قلت: في المسجد، فأتاه، فلما رآه اعتنقه".

ش: أبو غالب البصري صاحب أبي أمامة فقيل: اسمه حزور، وقيل: سعيد بن الحزور، وقيل: نافع.

وأم الدرداء اسمها خيرة بنت أبي حدرد، زوج أبي الدرداء، وهي صحابية. وأم الدرداء الصغرى اسمها هجيمة، لا صحبة لها.

ص: فهؤلاء أصحاب رسول الله عليه السلام قد كانوا يتعانقون، فدل ذلك أن ما روى عن رسول الله عليه السلام من إباحة المعانقة كان متأخرًا عما روي عنه من النهي عن ذلك؛ فبذلك نأخذ، وهو قول أبي يوسف رحمه الله.

ش: إذا كان ما روي عن النبي عليه السلام من إباحة المعانقة متأخرًا عما روي من النهي عنها يكون ناسخًا للنهي؛ لأن فعل الصحابة رضي الله عنهم يدل علي ذلك؛ لأنهم لو لم يعلموا بالنسخ لما فعلوا ذلك.

قوله: "فبذلك نأخذ" إشارة إلى أنه اختار في هذا الباب ما ذهب إليه أبو يوسف.

(1)"سنن البيهقي الكبرى"(7/ 100 رقم 13353).

ص: 451