الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
مراسلات الشاطبي:
ومراسلات الشاطبي، ظاهرة تستلفت قارئ "الموافقات" و"الاعتصام". فهو مرارًا يذكر أنه راسل بعض الشيوخ، أو راسل شيوخ المغرب وإفريقية "تونس" في مسألة كذا، أو مسألة كذا.
ورغم أن التنبكتي قد ذكر محاورة الشاطبي لعدد من علماء وقته، فإنه لم يصرح بأن ذلك كان -أو كان كثير منه على الأقل- عن طريق المكاتبة. بل إن عبارته توحي أن الحوار كان مباشرًا، فهو يقول:"وتكلم مع كثير من الأئمة في مشكلات المسائل، من شيوخه وغيرهم، كالقباب، وقاضي الجماعة الفشتالي، والإمام ابن عرفة، والولي الكبير أبي عبد الله بن عباد. وجرى له معهم أبحاث ومراجعات أجلت عن ظهوره فيها وقوة عارضته وإمامته"1.
وبالمتابعة والتحقيق يتبين أن التكلم مع هؤلاء وغيرهم -من أهل المغرب وإفريقية- قد تم عن طريق المراسلة، كما سيتضح ذلك من خلال الصفحات التالية.
وقد استفزني أمر هذه المراسلات، لمتابعته والنظر فيه، خصوصًا وأنها -كما يشير التنبكتي- تناولت مشكلات المسائل، وجرت فيها أبحاث ومراجعات، وكل هذا مع أئمة المذهب في زمانهم.
ومما أصفى على الموضوع أهمية خاصة، هو كون الشاطبي -كما قدمت- يتعرض كثيرًا لهذه المكاتبات، ويؤسس عليها قواعد وآراء في غاية الأهمية. ولكنه -مع هذا- لا يذكر منها أو عنها، إلا لقطات وإشارات!
ومن هنا وجدتني مدفوعًا إلى متابعة هذه المراسلات، وجمع ما تيسر من خيوطها.
1 نيل الابتهاج: 48.
وقد استفدت الفائدة العظمى -في هذا الموضوع- من كتاب "المعيار"1، لأبي العباس الونشريسي.
ولنبدأ من جزئه السادس، حيث نجد ما يلي:"هذه أسئلة كتب فيها بعض فقهاء غرناطة بمدينة تونس للسيد الفقيه الإمام العالم العلامة المفتي الخطيب المدرس المقرئ المحقق الأكمل أبي عبد الله محمد بن محمد بن عرفة رضي الله عنه"2.
غير أن هذا التقديم، قد ترك -كما هو واضح- عدة تساؤلات: هل هذه الأسئلة كتبها واحد أو أكثر؟ ومن هو أو من هم؟ وهل الأسئلة كتبت "بمدينة تونس"؟ أم أن هذا مجرد خطأ؟ 3
وتبدأ الأسئلة -أو المسائل- الثمانية وتنتهي، وتبدأ أجوبة ابن عرفة عليها4، ثم تنتهي، دون ذكر صاحب الأسئلة.
ولكن، بعد قراءة الأسئلة، وإعادة قراءتها، ومقارنتها بغيرها، تجمع لي من الأدلة والقرائن ما جعلني أجزم -بكل اطمئنان- أن صاحب الأسئلة، هو أبو إسحاق الشاطبي5.
ونظرًا لأهمية الأسئلة، فيما تكشفه لنا من اهتمامات الشاطبي، ومن شخصيته العلمية، ولأهميتها الذاتية، لأنها ليست أسئلة فحسب، بل هي وجهات نظر، مدعمة بأقوى الأدلة، في مسائل علمية هامة، "وإن كان بعضها قد نقصت أهميته اليوم" نظرًا لهذه الأهمية، أقدم فيما يلي خلاصة لها:
1 واسمه الكامل "المعيار المعرب، والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب" خرجة جماعة من الفقهاء بإشراف الدكتور محمد حجي.
2 المعيار: 6/ 364.
3 وهذا هو الظاهر، خاصة وإن الكتاب في طبعته المشار إليها مليء بالأغلاط الفادحة من كل الأنواع. وقد سبق، وسيأتي، التنبيه على بعضها.
4 من قبيل ما أشرت إليه في الهامش السابق، هذه العبارة التي تبتدئ بها أجوبة ابن عرفة:"الحمد لله، هذه أجوبة سؤالات صدر اقتراح وارد فيها عن أجوبتها".
5 توضيح ذلك، سيأتي في ثنايا الصفحات المقبلة، بحول الله.
- المسألة الأولى: أن فقهاء المذهب المالكي، يجدون في المسألة الواحدة أقوالًا متعارضة، كلها مروي عن إمام المذهب، وقد تصل هذه الأقوال إلى ثلاثة أو أربعة، وهم يفتون بجميع هذه الأقوال، ويعتمدونها على ما بينها من تعارض يقتضي أن بعضها مرجوع عنه، فلا عمل به، فهو كالدليل الشرعي المنسوخ، مع أن أهل الأصول متفقون على أنه إذا ورد من العالم قولان متضادان، ولم يعلم المتقدم من المتأخر، لم يؤخذ له بواحد منهما، لاحتمال أن يكون المأخوذ به هو المرجوع عنه.
- المسألة الثانية: وهي شبيهة بالأولى، ومبنية عليها، وهي: إذا اختلفت الروايات في المذهب، فهل يصح للقائل أن يقول: هذا مذهب مالك في المسألة، وهو إنما يعني إحدى تلك الروايات فقط؟ وهل يكون في ذلك بريء الذمة، في نسبة ما نسب إلى مالك، وهو غير متأكد منه؟
- المسألة الثالثة: كثيرًا ما يعمد الفقهاء إلى أقوال "المدونة" أو غيرها، فيستنبطون من ألفاظها ما تحتمله، ويأخذون بمفهوماتها، بل كثيرًا ما يستدلون بمفهوم كلام ابن القاسم وغيره، فضلا عن مالك. مع العلم أن الأخذ بالمفهوم -في كلام الشارع- فيه ما هو معلوم من الخلاف، فكيف بكلام البشر وفيه ما فيه من القصور والغفلة والحشو؟
- المسألة الرابعة: اشتهر عن مالك ومذهبه، مراعاة الخلاف، وأن ذلك من الأصول التي قد تبنى عليها بعض الفتاوي المالكية.
ومراعاة الخلاف، هي أن يكون المذهب في المسألة: كذا وكذا.
فإذا وقعت على خلاف ما في المذهب، ولكن على وفق ما في مذهب آخر، أو قول آخر من أقوال أهل العلم، فإن الفتوى في المذهب -بعد الوقوع- تكون بتصحيح ما وقع وإمضائه1، عملا بالمذهب المخالف الذي يصحح ذلك أصلًا.
1 هذا على القول بأن مراعاة الخلاف، إنما تكون فيما قد وقع من الأفعال والنوازل، وهو ما تؤكده أكثر الأقوال، وتؤيده أكثر الفروع التطبيقية لهذا الأصل. على أن من العلماء من يرى أن مراعاة الخلاف -في مذهب مالك- تكون فيما بعد الوقوع وفيما قبله أيضًا، بشرط واحد هو أن يكون دليل المخالف قويا. وعلى كل، فالمسألة تحتاج إلى استقصاء ودراسة، ليس لهما مكان في هذا البحث.
والإشكال الوارد هنا -من الشاطبي طبعًا- هو أن المالكي -في هذه الحالة- يتنازل عن الدليل الذي يعتقد صحته -أو رجحانه على الأقل- ويعمل بدليل يعتقد بطلانه -أو مرجوحيته على الأقل- ويجوز -بعد الوقوع- ما لم يكن جائزًا قبله!
- المسألة الخامسة: أن الغزالي وابن رشد، وغيرهما كالقرافي، جعلوا من الورع، الخروج من الخلاف، بناء على أن الأمور المختلف فيها "أي في جوازها وعدمه" هي نوع من الشبهات التي جاء في الحديث الحث على اتقائها، فيكون من الورع واتقاء الشبهات: الخروج من الخلاف، بترك ما اختلف فيه.
وهذا الرأي يؤدي إلى إشكالات وصعوبات: منها أننا سنجعل قسمًا كبيرًا من الشريعة، من المتشابهات، مع العلم أن المتشابهات إنما هي استثناءات في الشريعة؟ ومنها الحرج الكبير الذي سيقع فيه المكلفون من أجل أن يكونوا ورعين، والحرج الكبير العسير منفي عن الشريعة قطعًا؟
- المسألة السادسة: قد يعمل المكلف عملًا، بالجهل، ومجرد التخمين، من غير علم بالحكم الشرعي فيما عمل -سواء كان ذلك في العبادات أو في غيرها- ويجبيء عمله على صورة يصححها بعض العلماء، ويبطلها بعضهم. فهل يكون عمله ذاك مجزئًا تبرأ به ذمته أم لا؟، علمًا بأن ذمته مشغولة -يقينًا- بذلك العمل.
- المسألة السابعة: أن إمامًا -بغرناطة1- ترك الدعاء الجماعي في أعقاب الصلوات، على أساس أن تلك الهيئة بدعة مخالفة لما هو معروف من فعل النبي
1 بمقارنة مضمون هذا السبؤال والذي بعده، بما فيه كلام الشيخ أبي سعيد بن لب، مع ما تقدم في فقرة "محنة الشاطبي" من تولة الإمامة والخطابة، واجتنابه لما اعتراهما من بدع. وكونه أتهم بالرفض، و
…
، و
…
، بمقارنة هذا وذلك يتأكد أن الإمام المذكور في هذا السؤال والسؤال التالي هو الشاطبي نفسه.
صلى الله عليه وسلم والأئمة بعده، وأن الأستاذ أبا سعيد بن لب قد رد على ذلك الإمام بكتاب سماه:"لسان الأذكار والدعوات مما شرع في أدبار الصلوات" ذهب فيه إلى اعتبار الدعاء الجماعي عقب الصلوات ما له أصل على الجملة، وأن عدم وجوده في عمل السلف لا يدل على منعه، وإن كان يدل على جواز تركه، وذهب إلى أنه من البدع المستحسنة المفيدة للناس.
والإشكال في هذا: أن أي بدعة تحدث في الدين يمكن أن يحتج لها صاحبها بمثل هذه الاحتجاجات، وأن يجعلها بدعة مستحسنة. وهكذا يصبح هذا التأليف حجة لكل مبتدع، وينعدم كل ضابط للتمييز بين الأفعال المشروعة والبدع المحرمة!
- المسألة الثامنة: أن خطيبًا ترك ذكر الصحابة والدعاء لهم في آخر الخطبة كما هو معتاد، واقتصر على ذكرهم حين يروي عنهم الأحاديث. كما ترك -أيضًا- ذكر السلطان في الخطبة، زاعمًا أن ذلك كله بدعة، واستشهد بكلام لابن عبد السلام الشافعي يرى فيه أن ذلك بدعة. وقد قام الطلبة يبحثون في ذلك، فتحققوا أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة لم يأتوا بشيء من ذلك، ولا أحد من ولاتهم في خلافتهم. ولكنهم قالوا: العمل مستمر على هذا، فلعل له أصلًا، وأن المسألة بلغت الأستاذ أبا سعيد بن لب، فأنكر أشد الإنكار على ذلك الإمام، ورماه بالرفض، وانتصر لما عليه الناس، وأنه يكفي إجماع المسلمين على استحسانه.
والإشكال في هذا هو: هل في كل مرة وجدنا ما عليه الناس بخلاف ما جاء في الشريعة وما جاء عن السلف الصالحين والعلماء المجتهدين صححنا ما عليه الناس، وتركنا الشريعة وعمل المتقدمين؟ فكيف يبقى للسنة -مع هذا- أثر؟ وهل الإجماع الخالي من المجتهدين -كما هو شأن الأزمان المتأخرة- يعتبر حجة؟ وحتى ولو خالف إجماع الأولين من الصحابة وغيرهم؟
هذه سؤالات الشاطبي أو مسائلة1، وهي -في الحقيقة- أجوبة أكثر منها
1 المعيار: 6/ 364-373.
أسئلة. وهي تظهر مدى تمسكه ووفائه لمقتضيات الأدلة الشرعية والمقررات الأصولية.
وبعد انتهاء أجوبة الإمام ابن عرفة1، قال المصنف:"قلت: وسئل الشيخ أبو القاسم السيوري عن ذكر السلاطين في الخطب، والدعاء لهم: هل يبطلها فأجاب"2، وبعد انتهاء جوابه قال:"وكتب بعضهم3 للشيخ أبي العباس سيدي أحمد القباب سؤالًا في مسألة مراعاة الخلاف المتقدمة الذكر"4. ومرة أخرى لم يسم السائل، ولكنه ساق السؤال مختصرا عن السؤال الرابع "المسألة الرابعة" من الأسئلة الثمانية السابقة الموجهة لابن عرفة. بل بين السؤالين عبارات متطابقة، وهي العبارات الرئيسية في السؤالين، ومنها:"فإن الذي يظهر أن الدليل هو المتبع، فحيثما صار صير إليه، ومتى ترجح للمجتهد أحد الدليلين على الآخر -ولو بأدنى وجه من وجوه الترجيح- وجب التعويل عليه، وإلغاء ما سواه، على ما هو مقرر في الأصول. فإذا، رجوعه -أعني المجتهد- إلى قوله الغير، إعمال لدليله المرجوع عنده، وإهمال للدليل الراجح عنده، الواجب عليه اتباعه"5.
ولم يورد مباشرة جواب الشيخ المسئول هنا -وهو القباب- ولكنه قال قبل ذلك: "قلت: وقد اعتمد هذه المسألة بالتحقيق، واعتنى بالسؤال عنها الشيخ الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله، فكتب فيها -ابتداء ومراجعة- لمن عاصره من علماء فاس وإفريقية بما ضمن البحث فيه كل سديد من الرأي، وأصيل من النظر.
1 المعيار: 16/ 373-385.
2 المعيار: 6/ 385.
3 لاحظ إبهام السائل!
4 المعيار: 6/ 387، ولاحظ تصريحه بأن هذه المسألة هي التي سبق ذكرها، أي في الأسئلة الثمانية المتقدمة.
5 المعيار: 6/ 387. وهذه العبارات نفسها واردة في السؤال الرابع من الأسئلة الثمانية المذكورة قارن مع: 6/ 367، من المعيار.
فأجاب الإمام أبو عبد الله بن عرفة رحمه الله بما تقدم نصه.
وأجاب الفقيه أبو العباس القباب بما نصه1.
فها قد ظهر إذًا أن الذي اعتنى بهذه المسألة، وكاتب فيها، هو أبو إسحاق الشاطبي، وأن المسألة هي المسألة نفسها التي وردت في الأسئلة الثمانية. فهذا دليل أول على أن صاحب السؤالين "أو السؤال" هو الشاطبي. وأقوى من هذا دلالة: تطابق السؤالين هنا وهناك، تطابقًا لفظيا، في أهم الفقرات، كما مر.
وأصرح من هذا وذاك، قول الونشريسي:"فأجاب الإمام أبو عبد الله بن عرفة رحمه الله بما تقدم نصه" والذي تقدم نصه هو جوابه لصاحب الأسئلة الثمانية وإذًا فصاحب الأسئلة الثمانية، هو نفسه صاحب هذه المسألة الموجهة لعلماء فاس "القباب" وإفريقية "ابن عرفة".
والشاطبي نفسه يذكر أنه راسل في مسألة: مراعاة الخلاف2 جماعة من الشيوخ. ففي الموافقات: ذكر الإشكال الوارد في المسألة، ثم قال:"وقد سألت عنها جماعة من الشيوخ الذين أدركتهم"3. وفي "الاعتصام" قال: "ولقد كتبت في مسألة مراعاة الخلاف إلى بلاد المغرب، وإلى بلاد إفريقية، لإشكال عرض فيها من وجهين"4. ثم أورد استشكاله، بنفس الصيغة التي أوردت نصها عن المعيار في الموضعين.
ثم قال: "فأجابني بعضهم بأجوبة منها الأقرب والأبعد"5 إلا أني راجعت بعضهم بالبحث، وهو أخي ومفيدي أبو العباس ابن القباب رحمة الله عليه، فكتب إليَّ بما نصه"6.
1 المعيار: 6/ 387.
2 اقتصر على ذكر هذه المسألة من مراسلته، لأن ذكرها جاء في سياق تعرضه لهذا الموضوع:"مراعاة الخلاف".
3 الموافقات: 1/ 151.
4 الاعتصام: 2/ 146.
5 يبدو من عباراته وقرائن أخرى أن "الأقرب"، هو جواب القباب، وأن "الأبعد" هو جواب ابن عرفة.
6 الاعتصام: 2/ 146.
ويمكن أن يفهم من كلامه هذا، ومما ذكره في "الموافقات" من كونه كتب إلى جماعة من الشيوخ، أنه لم يقتصر في مراسلته على ابن عرفة والقباب، وإنما كاتب غيرهم، من علماء فاس وتونس خاصة1.
وأرجع إلى مسألة كون الشاطبي هو صاحب الأسئلة الثمانية الموجهة لابن عرفة. وبالذات إلى السؤال الخامس "المسألة الخامسة"، حيث نجد صاحب الأسئلة في استشكاله قول الغزالي وابن رشد والقرافي بأن من الورع: الخروج من الخلاف، باجتناب ما اختلف فيه نجده يقول:"أن جمهور مسائل الفقه مختلف فيه اختلافًا مقتدي به2 فالمسائل المجتمع عليها بالنسبة إلى المختلف فيها قليلة، فلذا إذًا، قد صار جمهور مسائل الشريعة من المتشابهات، وهو خلاف وضع الشريعة. وأيضًا فقد صار الورع من أشد الحرج الذي جاءت به الشريعة، من حيث لا تخلو لأحد عبادة ولا معاملة، ولا أمر من أمور التكليف، من خلاف يطلب الخروج عنه. وفي هذا ما فيه"3.
وفي "الموافقات" نجد الشاطبي يورد ما يلي: "فإن كثيرًا من المتأخرين يعدون الخروج عنه4 -في الأعمال التكليفية- مطلوبًا، وأدخلوا في المتشابهات المسائل المختلف فيها.
ولا زالت منذ زمان أستشكله، حتى كتبت فيها إلى المغرب وإلى إفريقية، فلم يأتني جواب بما يشفي الصدر. بل كان من جملة الإشكالات الواردة5: أن
1 وللتذكير فإن التنبكتي قد سمى -في قوله المتقدم إلى جانب ابن عرفة والقباب- كلا من القاضي الفشتالي. والولي الكبير ابن عباد. فأما مكاتبته لابن عباد فسيأتي ذكرها في هذه الفقرة. وأما مراسلته للقاضي الفشتالي، فلم أقف على شيء منها، إلا أن تكون هي المشار إليها في رد الشاطبي على جواب القباب في مسألة مراعاة الخلاف، حيث قال فيه:"وقد حاول القاضي أبو عبد الله الفشتالي الجواب عن الإشكال بتقرير آخر فقال" المعيار: 6/ 391.
2 الصواب "معتدا به"، أو "يعتد به" كما في نص "الموافقات" الآتي.
3 المعيار: 6/ 368-369.
4 أي عن الخلاف.
5 قارن من الآن مع نص المعيار السابق.
جمهور مسائل مختلف فيها اختلافًا يعتد به. فيصير إذا أكثر مسائل الشريعة من المتشابهات، وهو خلاف وضع الشريعة. وأيضًا، فقد صار الورع من أشد الحرج، إذ لا يخلو لأحد -في الغالب- عبادة، ولا معاملة، ولا أمر من أمور التكليف، من خلاف يطلب الخروج عنه. وفي هذا ما فيه1.
وأما الجواب الذي لم يشف صدره فقد أورد نصه وهو: "فأجاب بعضهم بأن المراد بأن المختلف فيه من المتشابه: المختلف فيه اختلافا دلائل أقواله متساوية أو متقاربة. وليس أكثر مسائل الفقه هكذا، بل الموصوف بذلك أقلها، لمن تأمل من محصلي مواد التأمل. وحنيئذ لا يكون المتشابه منها إلا الأقل. وأما الورع من حيث ذاته، ولو في هذا النوع فقط، فشديد مشق، لا يصلحه إلا من وفقه الله إلى كثرة استحضار لوازم فعل المنهي عنه. وقد قال عليه السلام "حفت الجنة بالمكاره" هذا ما أجاب به.
فكتبت إليه"2.
وبالرجوع إلى جواب ابن عرفة -في المعيار- على السؤال الخامس من الأئمة الثمانية، ومقارنته مع هذا الجواب الذي أورده الشاطبي، يتضح يقينًا أن الجواب هنا هو نفسه الجواب الوارد هناك. مثلما اتضح -بمقارنة السؤالين- أن صاحبهما واحد؛ فالسائل الشاطبي. والمجيب ابن عرفة.
ولتسهيل المقارنة أورد فيما يلي الفقرة المعنية من جواب ابن عرفة: "مرادهم3 بأن المختلف فيه من المتشابهات: هو المختلف فيه اختلافًا دلائل أقواله متساوية أو متقاربة. وليس أكثر مسائل الفقه هكذا. بل الموصوف بذلك أقلها لمن تأمل من محصلي مواد التأمل. فحينئذ يكون4 المتشابه منها إلا أقل الأقل.
1 الموافقات: 1/ 103-104.
2 الموافقات: 1/ 104. وانظر نص ما راجعه به: 104-106.
3 يعني الغزالي وابن رشد والقرافي، من أصحاب الرأي محل النزاع، وهم المذكورون في السؤال.
4 الصواب: لا يكون.
وقوله1 أيضًا: صار الورع من أشد الحرج.
جوابه: أن هذا من عيب بنائه على أن أكثر مسائل الفقه من المتشابه، وقد بينا بطلانه. وأما الورع من حيث ذاته، ولو في هذا النوع فقط، فشديد مشق، لا يحصله إلا من وفقه الله إلى كثرة استحصال لوازم فعل المنهي عنه. وقد قال صلى الله عليه وسلم:"حفت الجنة بالمكاره"2.
وقد ورد في ترجمة أحمد بابا التنبكتي للإمام ابن عرفة أنه -أي ابن عرفة- سئل من غرناطة عن قول الإمام المرجوع عنه3.
ولم يذكر صاحب هذا السؤال. وبالمقارنة يظهر أن هذا السؤال الوارد لابن عرفة من غرناطة: هو نفسه السؤال الأول من الأسئلة الثمانية. أي أن الأمر يتعلق بسؤال الشاطبي. غير أن الجواب الذي أورده التنبكتي -لابن عرفة- فيه زيادات على الجواب الذي أورده صاحب المعيار.
وهذا السؤال نفسه وجه -ومن غرناطة أيضًا- إلى الإمام أبي عبد الله الشريف التلمساني، "نيل الابتهاج: 262"، ولم يذكر صاحب السؤال، ومعلوم أن الشريف التلمساني هو أحد كبار شيوخ الشاطبي، الذين زاروا غرناطة.
وفي الجزء الأول من "المعيار" أيضًا، ما يلي:
"وسئل الشيخ الحافظ أبو العباس أحمد بن قاسم القباب، من أئمة فاس، عن حكم الدعاء إثر الصلاة"4.
1 أي السائل.
2 المعيار: 6/ 381. ويمكن أيضًا -فيما يخص صاحب هذه الأسئلة الثمانية- مقارنة السؤال الخامس، بما تناوله الشاطبي في "الموافقات" 1/ 296.
3 نيل الابتهاج: 262.
4 المعيار: 1/ 283.
ورغم أن السائل مبهم تمامًا. بل حتى السؤال نفسه مبهم. فليس هناك لا نص السؤال- مثلما في الأسئلة السابقة- ولا شيء من تفاصيله.
ورغم أن الجواب لا يكشف عن شيء مما يتعلق بالسائل أو حاله، أو جهته، رغم هذا وذاك، فقد استوقفني تصديره للجواب بهذا الحكم الحاسم:"الذي عندي: ما عند أهل العلم في ذلك من أن ذلك بدعة قبيحة"1 مع أن ظاهر السؤال يتعلق بمطلق الدعاء عقب الصلاة، وهو أمر مشروع ومندوب لا شك في ذلك. فلا يمكن أن يكون هذا الحكم في مطلق الدعاء إثر الصلاة. ويساعد على هذا أن أدلة الجواب جاءت متعلقة بدعاء الإمام.
ولما كنت أعلم أن للشاطبي انشغالا كثيرًا بهذه المسألة، خصوصًا وأنه قد وقع فيها بنفسه عندما دخل "في بعض خطط الجمهور، من الخطابة والإمامة ونحوها"، وكنت أعلم أيضًا ماله من مكاتبات مع "أخيه ومفيده" أبي العباس القباب، فقد خطر لي -مجرد خطور- أن يكون صاحب هذا السؤال هو الشاطبي.
ثم ساقني الله لأقف على ذلك يقينًا. ففي بعض مراجعاتي "للاعتصام" وجدت الشاطبي يستشهد بنفس الأدلة الواردة في جواب الشيخ القباب، ويستعمل نفس عباراته2. وبعد أن أورد معظم ذلك قال:"قال بعض شيوخنا الذين استفدنا منهم"3. ثم أورد ما بقي من جواب القباب وأدلته، ثم قال: "هذا ما نقله الشيخ بعد أن جعل الدعاء بإثر الصلاة بهيئة الاجتماع، دائمًا4 بدعة قبيحة"5.
1 الموضع السابق.
2 انظر الاعتصام: 1/ 352-353.
3 الاعتصام: 1/ 343. ولاحظ أنه لم يسمه.
4 وبهذا تظهر حقيقة موضوع السؤال، وهو الدعاء الجماعي الذي يبادر به الإمام، عقب الصلاة، مع المداومة على ذلك، كما هو معروف.
5 الاعتصام: 1/ 343. والسياق هو سياق التمهيد لمناقشة موقف الشيخ أبي سعيد بن لب، في رده العنيف على "الإمام" الذي ترك الدعاء الجماعي. على ما تقدم.
وفي الجزء الحادي عشر من "المعيار" أيضًا، نجد سؤالًا آخر "مجهول المصدر" أيضًا، حيث قال المصنف: "وسئل أبو العباس القباب عن مسألة تظهر من جوابه.
فأجاب: الحمد لله.
وبعد، يا أخي حفظ الله ودك، وأدام بمنه جدك، فقد وصلني مكتوبكم متضمنًا ما جرى عندكم من المناظرة في شأن سلوك طرق الصوفية من غير شيخ، وما احتج به الفريقان من ذلك. وطلبتم مني آخر ذلك كله أن أكتب لكم بما هو الحق عندي في ذلك، مفصلًا على فصول المناظرة المذكورة، ملخصًا آخرًا، ليرجع جميعكم إلى ما أرسمه في ذلك كله، وأكدتم الطلب بالسؤال بالله تعالى، ولا يخفى عليكم ما في السؤال بالله"1.
وإذا كان واضحًا مقدار ما يكنه هذا "السائل المجهول" من تعظيم وتسليم للشيخ القباب، في حدود ما كشفه ولخصه الشيخ المسئول فقط، فقد أظهر هو أيضًا، من تعظيم السائل وتقديره ما لا مزيد عليه.
قال الشيخ القباب في ديباجة جوابه: "ولو أن غيركم كان المخاطب بهذا الخطاب، لقطعت قطعًا أنه في2 ساخر، وبما ضمنه من علوم القوم علي فاخر، لكن حسن3 بأخوتكم يصرف عندي هذا التأويل، ويجعله من قبيل المستحيل. لقد استسمنت ذا ورم ونفخت في غير ضرم.
أعيذها نظرات منك صادقة
…
أن تحسب الشيخ فيمن شحمه ورم
وبحسب ما لي في جهتكم من الحب وحسن الاعتقاد، وعلمي أن مثلكم يقيل العثرة، ويستر من أخيه الزلة. أرجع إليكم بما عندي في هذه القضية -لأنه علم لا ينشر، بل إنه شيء يقصر ويستر- لما وجب علي من إجابة عظيم القسم بالله تعالى، الذي لا يحل إهماله، ثم توفية لحق أخوتكم4.
1 المعيار: 11/ 117.
2 الظاهر أن الصواب: مني "لا يسخر قوم من قوم".
3 الظاهر أن أصلها: حسن الظن.
4 المعيار: 11/ 117-118.
وتمهيدا للوصول إلى المقصود، أذكر خلاصة جواب الشيخ القباب، وهي أن من أراد سلوك طريق الصوفية، ومعرفة المقامات والأحوال، وأخذ النفس بتلك الصفات، وملاحظة الخواطر ومدافعة العوارض. لا بد له من شيخ في ذلك، ولا تكفيه كتب القوم، فإن في هذا الطريق مخاوف ومهالك. على أن سلوك هذا الطريق ليس محتمًا، وإنما هو تطلب لمزيد من الربح "وليس شأن العقلاء المخاطرة في
طلب ربح، بسلوك طريق مخوفة بغير دليل إلا وصفًا من كتب1.
وأما الخوض في طريق معرفة ما فيه قوام المعاملة وتصفيتها من الشوائب المفسدة، ومعرفة عيوب النفس ومداواة عللها، فهو خوض متأكد لا غنى لأحد عنه. فمن وجد فيه مرشدًا فليلزمه ومن لم يجد فعليه بالكتب. لأنه فرض على كل واحد، ومن اشتغل به لم يسعه -غالبًا- التفرغ لسواه "ويا عجبا كيف يفني عمره في البحث عن المقامات والأحوال، قبل مطالبة النفس بالتخلص من التباعات المالية والعرضية، وقبل البحث عما يلزمه فرضا مجمعًا عليه، وهو ألا يقدم على فعل ولا قول ولا حركة ولا سكون، حتى يعرف حكم الله تعالى عليه في ذلك.
ثم إذا أحاط به علمًا، طالب نفسه باتباع الواجب منه حتمًا، والانكفاف عن المحرم في الاعتقادات والضمائر والحركات والسكنات، وسائر الأحوال. ويقوم بالواجب عليه من قول الحق، حيث وجب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث ما تعين، ويتفقد جوارحه في كل لحظة. ويحاسب نفسه صباح2 ومساء"3 إلى أن قال -هو بيت القصيد-: "وإذا شغله شاغل عن لحظة في صلاته فرغ سره منه، بالخروج عنه، ولو كان يساوي خمسين ألفًا، كما فعله المتقدمون4.
ثم استمر صفحات أخرى، انتهى فيها إلى الاعتذار للسائل عن تتبع فصول المسألة واحدًا واحدًا كما طلب منه ذلك، ومعترفًا -في تواضع مدهش غريب
1 المعيار: 11/ 119.
2 الخطأ ظاهر: فإما أنها: صباح مساء، أو صباحا ومساء.
3 المعيار: 11/ 120.
4 المعيار: 11/ 120.
"بالتقصير حالا ومآلا اعترافًا حقيقا، وأنا أحض الناس على الحق، ولا أقوم بواجبه، وأدعو إليه وأنا أبعد الناس منه. أسأل الله العفو بمنه"1.
وهكذا يمر السؤال والجواب، دون أي ذكر للسائل، رغم ما هو واضح من مكانته المرموقة، حتى لكأن السائل أعلم من المسئول، كما أشار إلى ذلك الشيخ القباب في أول جوابه، كما تقدم، مما كان يقتضي من المصنف رحمه الله أن يحرص على معرفة السائل وتعريفه ما أمكن ولعله قد فعل2.
والمهم أني -بتوفيق محض من الله- قد وقفت على أن السائل هو إمامنا أبو إسحاق الشاطبي. وذلك أنه قد تعرض للفقرة التي قلت إنها بيت القصيد، من جواب الشيخ القباب، فقال:
"كتب إلى بعض شيوخ المغرب3 -في فصل يتضمن ما يجب على طالب الآخرة النظر فيه، والشغل به- فقال فيه:4 وإذا شغله شاغل عن لحظة في صلاته، فرغ سره منه، بالخروج عنه، ولو كان يساوي خمسين ألفًا، كما فعله المتقون5.
وقد رد الشاطبي على القباب -في هذه المسألة- بمراسلة ثانية أورد نصها في "الموافقات"، وذكر أنه لما وصله الرد كتب إليه "أي القباب" بما يقتضي التسليم6.
ورد الشاطبي في المسألة، رد طريف مفحم7، خلاصته: أن القول بأن
1 المعيار: 11/ 123.
2 وإن كان الذي يبدو أن الونشريسي -وهو بفاس- قد أمكنه الحصول على جواب القباب "الفاسي" وحده. والجواب -كما رأينا- لا يتضمن اسم السائل.
3 لم يسمه هو أيضًا.
4 قارن من الآن، وكلمة "المتقون" في آخر النص وردت في نص "المعيار":"المتقدمون" ولعلها من تصحيف بعض الأيدي المتعاقبة عليه.
5 الموافقات: 1/ 102.
6 الموافقات: 1/ 103.
7 وشبيه به رده أيضًا على القشيري "الصوفي" في مسألة الاشتراط على المريد أن يخرج عن ماله انظر "الاعتصام" 1/ 214-215.
من شغله شيء في صلاته، فعليه أن يتخلص منه ويتخلى عنه، قول لا يستقيم لا في قواعد الشرع ولا في الواقع. لأنه إذا كان الأمر كذلك، فإن على جميع الناس أن يخرجوا عن جميع ممتلكاتهم وأهليهم! وقد يكون أشد من الأول! ثم ماذا نقول فيمن كان شاغله في صلاته، هو الفقر وعدم وجدان شيء؟!
وهذا مع التسليم طبعًا أن المكلف مطالب بأن يجاهد الوساوس التي تنتابه في صلاته ما أمكنه، وأن يتخذ لذلك ما يمكنه، من الأسباب1.
وقد بني الشاطبي على هذه المسألة، وعلى مسألة الخروج عن الخلاف ورعا، وجواب ابن عرفة فيها، بنى على ذلك كله قاعدة علمية في غاية الأهمية والمتانة، وهي: "أن الأصل إذا أدى القول بحمله على عمومه، إلى الحرج أو إلى ما لا يمكن شرعًا أو عقلا، فهو غير جار على استقامة ولا اطراد. فلا يستمر الإطلاق2.
ثم قال: "فاحتفظ بهذا الأصل، فهو مفيد جدا، وعليه ينبني كثير من مسائل الورع وتمييز المتشابهات، وما يعتبر من وجوه الاشتباه وما لا يعتبر3.
ومن مراسلات الشاطبي التي تسعفنا بها موسوعة الونشريسي "المعيار"، مكاتبته لابن عباد، وهي أيضًا تتعلق بمسألة سلوك طريق التصوف، ومدى ضرورة الشيخ في ذلك4، يقول صاحب المعيار: "سؤال في علم التصوف كتب من غرناطة -قاعدة الأندلس- الشيخ العالم العارف المحقق سيدي أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله للشيخ المحقق العالم الصالح الرباني، أبي عبد الله، سيدي محمد بن إبراهيم بن محمد بن مالك بن إبراهيم بن يحيى بن عباد النفري الرندي5.
1 الموافقات: 1/ 103.
2 الموافقات: 1/ 102.
3 الموافقات: 1/ 106.
4 بمعنى أن الشاطبي قد راسل في الموضوع نفسه، كلا من القباب وابن عباد.
5 المعيار: 12/ 293.
فهذه المرة، نجد الونشريسي قد سمى السائل1، وحلاه بالشيخ العالم العارف، المحقق، سيدي.
كما أنه ترجم على السؤال بقوله: سؤال في علم التصوف. إلا أن ترجمته هذه تحتاج إلى تنبيهين:
الأول: أن الأمر لا يتعلق بسؤال واحد، ومراسلة واحدة، بل إن ابن عباد -صاحب الجواب- يشير إلى مراسلتين في الموضوع. حيث يقول في أول جوابه: "قد قرأت كتابيكم، وفهمت مضمنهما، ولا يمكنني أن أتكلم على جميع فصولها بتصحيح أو إبطال، لأن الكلام فيها قد طال وتشعب، وذهب كل مذهب2.
والثاني: يظهر -أيضًا- من قول ابن عباد هذا -كما يظهر من قبل في جواب القباب- وهو أن مراسلة الشاطبي، ليست -فحسب- عبارة عن "سؤال"، وإنما هي مراسلة مطولة، ذات مسائل وفوصل، وأنها تعرض مناظرات كانت جارية بغرناطة، وتعرض حجج الفريقين وآراءهما، وضمنهم الشابطي طبعًا. وأن هذه المراسلة -وهما اثنتان لابن عباد- قد تشعبت قضاياها إلى حد اعتذار المجيبين معًا عن متابعة فصولها، وحتى قال القباب: "فأعرضت عن تتبع الفصول، معترفًا بالتقصير حالا ومالا، اعترافًا حقيقيا3.
فمن المؤسف، غاية الأسف، أن تكون رسائل لها كل هذه القيمة العلمية والتاريخية قد ضيعت.
وبعد هذه الوقفة مع الشاطبي، وبعض معالم شخصيته وحياته واهتماماته، أنتقل إلى صميم هذا البحث، وهو: نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي.
1 الظاهر أنه استفاد اسم السائل من جواب ابن عباد، الذي جاء فيه -خلافًا لجواب القباب-:"من محمد بن عباد، لطف الله به، إلى أبي إسحاق إبراهيم الشاطبي، وصل الله حفظه" المعيار 12/ 293.
2 المعيار: 12/ 293.
3 المعيار: 1/ 123. وقد تقدم تمام النص، قريبًا.
والمدخل الطبيعي إلى هذه النظرية، هو تقديم خلاصة ميسرة لها، وهو ما خصصت له الفصل التالي، قبل أن أدخل في الدراسة والمناقشة والتتميم لبعض جوانبها وقضاياها، خلال الفصول اللاحقة.