الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طريق الهُدى
حديث أذيع سنة 1971
إذا كنتم مصطافين في قرية في الجبل فأصابها الزلزال وانبعث من رأس الجبل بركان، وهرب كل من كان فيها ولكنهم لا يدرون من أين يسيرون، وصار كلُّ مَن اختار وِجهةً يدعو إلى اتّباعه فيها ويزعم أنه لا نجاة إلا بالاتجاه إليها. وتداخلت الأصوات واشتدّ الزحام والصدام، وحِرْتُم فلا تدرون أي طريق تسلكون، وإذا بشرطي يقول لكم إنه موفَد من شيخ البلد ليصحبكم ويدلّكم على طريق النجاة. هل تثقون به وتتبعونه وتمشون معه، أم تُعرضون عنه وتضيّعون الوقت في التردد بين الطرق واتباع سالكيها؟
هذا هو مثالنا في هذه الأيام.
لقد ضلّت القافلة وغاب الدليل، وتشابهت الطرق وكثر الاختلاف، كلٌّ يدعوك أن تذهب مذهبه وتتبع طريقه. وكلها مذاهب يضلّ سالكوها وطرق يضيع الذين يمشون فيها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك ليدلك على الصراط المستقيم، صراط العزيز الحكيم. فهل تتبع صراط الله أم تسلك تلك السبل التي يدعو إليها ضُلاّل البشر؟
لا أريد أن أعدّد هذه المذاهب ولا اسم الداعين إليها، لأني ما أعددت هذه الأحاديث للرد على أحد ولا للتعريض بأحد، ما أعددتها إلا لإرشاد الناس.
إن هذه المذاهب كلها من وضع أفراد من البشر، يخطئون ويصيبون ويقولون الحق ويقولون الباطل، والإسلام من عند رب البشر الذي يقول الحق ويهدي السبيل. فهل نترك شريعة الخالق لمذاهب المخلوقين؟
لقد جرّب أجدادنا اتّباع الشرع فكانوا بذلك سادة الدنيا وملوك الأرض، وكانوا بُناة الحضارة وكانوا أئمة العلم والأدب، ونالوا باتّباعه كل خير، وجرّبنا (أو جرّب ناسٌ منّا) اتّباعَ هذه النِّحَل وهذه المذاهب، فماذا كانوا؟
لقد فتحنا بالإسلام ثلث المعمور من الأرض في ثلث قرن، ورفرفت رايتنا على ما بين البحر الهادي والبحر الأطلنطي، فلما تركنا الإسلام رفرفت راية اليهود على القدس، ثالث الحرمين وأولى القبلتين.
لقد غلَبْنا بالإسلام جبابرةَ الأرض وقهَرْنا مَرَدةَ الناس وظفرنا بكسرى وقيصر وخاقان، فلما تركنا الإسلام غَلَبنا على قلب بلادنا، على قلب بلاد العروبة والإسلام، فلسطين، حُثالةُ أهل الأرض، اليهود. ولن نطهر فلسطين من رجس قوم صهيون، ولن نغسل عن الأرض المسلمة بقايا الاستعمار، ولن نستعيد ما كان لنا من عزّ ومجد، ولن نسترجع مكانتنا في الدنيا إلا باتّباع الإسلام.
* * *
هذا هو الطريق. أما تلك المذاهب وهاتيك النّحَل فليس لنا من اتّباعها إلا المزيد من التخلف والعجز والضعف والتفرق والضياع في الدنيا والخسران يوم القيامة.
إنها السبل التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يفتحها على جوانب الطريق الموصل ليَدخل الناسُ فيها فيَضِلّوا فلا يبلغوا غايتهم. فلا تسمعوا لمَن يدعوكم لسلوك سُبُل الشيطان، ولكن استمعوا لمن يناديكم لتسلكوا صراط الرحمن، لمن يدعوكم بدعوة الإسلام.
* * *