الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَيِّتِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ فَالْحَيُّ رَقِيقٌ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَيِّتَ نِصْفُهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ مَعَ الْوَرَثَةِ مِثْلَيْ نِصْفِهِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْحَيِّ عَتَقَ ثُلُثُهُ، وَلَا يُحْسَبُ الْمَيِّتُ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِمْ.
[فَصْلٌ أَعْتَقَ عَبْدًا لَا مَال لَهُ سِوَاهُ قِيمَته عَشْرَة فَمَاتَ قَبْل سَيِّده وَخَلَف عِشْرِينَ]
(4712)
فَصْلٌ: رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدًا، لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، قِيمَتُهُ عَشْرَةٌ، فَمَاتَ قَبْلَ سَيِّدِهِ، وَخَلَّفَ عِشْرِينَ، فَهِيَ لِسَيِّدِهِ بِالْوَلَاءِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا، وَكَذَلِكَ إنْ خَلَّفَ أَرْبَعِينَ وَبِنْتًا. وَإِنْ خَلَّفَ عَشْرَةً، عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ، وَلِسَيِّدِهِ شَيْئَانِ، وَقَدْ حَصَلَ فِي يَدِ سَيِّدِهِ عَشْرَةٌ تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ نِصْفَهُ حُرٌّ، وَبَاقِيَهُ رَقِيقٌ، وَالْعَشَرَةُ يَسْتَحِقُّهَا السَّيِّدُ، نِصْفُهَا بِحُكْمِ الرِّقِّ، وَنِصْفُهَا بِالْوَلَاءِ. فَإِنْ خَلَّفَ الْعَبْدُ ابْنًا، فَلَهُ مِنْ رَقَبَتِهِ شَيْءٌ، وَمِنْ كَسْبِهِ شَيْءٌ، يَكُونُ لِأَبِيهِ بِالْمِيرَاثِ، وَلِسَيِّدِهِ شَيْئَانِ، فَتُقْسَمُ الْعَشَرَةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، لِلِابْنِ ثُلُثُهَا، وَلِلسَّيِّدِ ثُلُثَاهَا، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ ثُلُثُهُ
وَإِنْ خَلَّفَ بِنْتًا، فَلَهَا نِصْفُ شَيْءٍ، وَلِلسَّيِّدِ شَيْئَانِ، فَصَارَتْ الْعَشَرَةُ عَلَى خَمْسَةٍ، لِلْبِنْتِ خُمُسُهَا، وَلِلسَّيِّدِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا، تَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ خُمُسَيْ الْعَبْدِ مَاتَ حُرًّا. وَإِنْ خَلَّفَ الْعَبْدُ عِشْرِينَ وَابْنًا، فَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ شَيْئَانِ، يَكُونَانِ لِابْنِهِ، وَلِسَيِّدِهِ شَيْئَانِ، فَصَارَتْ الْعِشْرُونَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ ابْنِهِ نِصْفَيْنِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ. فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَكَانَ ابْنَ مُعْتَقِهِ، وَرِثَهُ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ حُرًّا، لِكَوْنِ السَّيِّدِ مَلَكَ عِشْرِينَ، وَهِيَ مِثْلَا قِيمَتِهِ، فَعَتَقَ، وَجَرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ إلَى سَيِّدِهِ، فَوَرِثَهُ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ابْنَ مُعْتَقِهِ، لَمْ يَنْجَرَّ وَلَاؤُهُ، وَلَمْ يَرِثْهُ سَيِّدُ أَبِيهِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ خَلَّفَ هَذَا الِابْنُ عِشْرِينَ، وَلَمْ يُخَلِّفْ أَبُوهُ شَيْئًا، أَوْ مَلَكَ السَّيِّدُ عِشْرِينَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ. وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ عِشْرِينَ، لَمْ يَنْجَرَّ وَلَاءُ الِابْنِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهُ، جَرَّ مِنْ وَلَاءِ ابْنِهِ بِقَدْرِهِ، فَلَوْ خَلَّفَ الِابْنُ عَشَرَةً، وَمَلَكَ السَّيِّدُ خَمْسَةً، فَإِنَّك تَقُولُ: عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ، وَيَجُرُّ مِنْ وَلَاءِ أَبِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ مَعَ خَمْسَتِهِ، وَهُمَا يَعْدِلَانِ شَيْئَيْنِ، وَبَاقِي الْعَشَرَةِ لِمَوْلَى أُمِّهِ.
فَيُقْسَمُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمَوْلَى الْأُمِّ نِصْفَيْنِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُهُ، وَحَصَلَ لِلسَّيِّدِ خُمُسُهُ مِنْ مِيرَاثِ ابْنِهِ، وَكَانَتْ لَهُ خَمْسَةٌ، وَذَلِكَ مِثْلَا مَا عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ. فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، وَخَلَّفَ مَالًا، وَحَكَمْنَا بِعِتْقِ الْأَبِ أَوْ عِتْقِ بَعْضِهِ، وَرِثَ مَالَ ابْنِهِ إنْ كَانَ حُرًّا، أَوْ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ إنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا، وَلَمْ يَرِثْ سَيِّدُهُ مِنْهُ شَيْئًا. وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ خِلَافٌ تَرَكْت ذِكْرَهُ كَرَاهَةَ التَّطْوِيلِ.
[فَصْل فِي الْمُحَابَاةِ فِي الْمَرَضِ]
(4713)
فَصْلٌ: فِي الْمُحَابَاةِ فِي الْمَرَضِ، وَهِيَ أَنْ يُعَاوِضَ بِمَالِهِ، وَيَسْمَحَ لِمَنْ عَاوَضَهُ بِبَعْضِ عِوَضِهِ، وَهِيَ عَلَى أَقْسَامٍ؛
الْقِسَمُ الْأَوَّلُ الْمُحَابَاةُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ الْعَقْدِ، فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: الْعَقْدُ بَاطِلٌ. وَلَنَا، عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] . وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، فَصَحَّ، كَغَيْرِ الْمَرِيضِ. فَلَوْ بَاعَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، قِيمَتُهُ ثَلَاثُونَ بِعَشَرَةٍ، فَقَدْ حَابَى الْمُشْتَرِيَ بِثُلُثَيْ مَالِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الْمُحَابَاةُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ لَزِمَ الْبَيْعُ.
وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي فَسْخَ الْبَيْعِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ، فَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ الْمَبِيعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي. وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَيْ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْقَاضِي فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ، الثُّلُثَ بِالْمُحَابَاةِ، وَالثُّلُثَ الْآخَرَ بِالثَّمَنِ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: يُقَال لَهُ: إنْ شِئْت أَدَّيْت عَشَرَةً أُخْرَى وَأَخَذْت الْمَبِيعَ، وَإِنْ شِئْت فَسَخْت وَلَا شَيْءَ لَك
وَعِنْدَ مَالِكٍ: لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَيَأْخُذَ ثُلُثَ الْمَبِيعِ بِالْمُحَابَاةِ، وَيُسَمِّيَهُ أَصْحَابُهُ خَلْعَ الثُّلُثِ. وَلَنَا أَنَّ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مُقَابَلَةَ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ تَعَذُّرِ أَخْذِ جَمْعَيْهِ بِجَمِيعِهِ، فَصَحَّ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَتَيْنِ بِثَمَنٍ، فَانْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي إحْدَاهُمَا لِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا، فَأَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ، أَوْ كَالشُّفَعَاءِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ بِقِسْطِهِ، أَوْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَفِيزًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ، بِقَفِيزٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ
وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ لَهُ الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ، فَيَأْخُذُ بَعْضَهُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ، فَلَا يَصِحُّ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِمِائَةٍ. فَقَالَ: قَبِلْت نِصْفَهُ بِهَا. وَلِأَنَّهُ إذَا فَسَخَ الْبَيْعَ فِي بَعْضِهِ، وَجَبَ أَنْ يَفْسَخَهُ فِي قَدْرِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَا يَجُوزُ فَسْخُ الْبَيْعِ فِيهِ مَعَ بَقَاءِ ثَمَنِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْجَمِيعِ مَعَ بَقَاءِ ثَمَنِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ فِيهِ إجْبَارَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي عَاوَضَ مُوَرِّثُهُمْ، وَإِذَا فَسَخَ الْبَيْعَ، لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا حَصَلَتْ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ.
فَإِذَا بَطَلَ الْبَيْعُ زَالَتْ الْوَصِيَّةُ، كَمَا لَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمِائَةٍ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ خَمْسُونَ، فَطَلَبَ الْخَمْسِينَ الْفَاضِلَةَ بِدُونِ الْحَجِّ. وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدًا يُسَاوِي عَشَرَةً بِثَلَاثِينَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدَ الَّذِي يُسَاوِي ثَلَاثِينَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، جَازَ وَالْبَيْعُ فِي ثُلُثَيْهِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ. وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، لِلْمُشْتَرِي خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَطَرِيقُ هَذَا أَنْ تَنْسُبَ الثَّمَنَ وَثُلُثَ الْمَبِيعِ إلَى قِيمَتِهِ، فَيَصِحَّ الْبَيْعُ فِي مِقْدَارِ تِلْكَ النِّسْبَةِ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ
وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، يَسْقُطُ الثَّمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَيُنْسَبُ الثُّلُثُ إلَى الْبَاقِي، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ تِلْكَ النِّسْبَةِ، وَهُوَ ثُلُثَاهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ. فَإِنْ خَلَّفَ الْبَائِعُ عَشَرَةً أُخْرَى، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي