الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمُّهَا. وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ تَنْزِيلُ الْعَمَّةِ أَبًا، وَالْخَالَةِ أُمًّا، لِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ؛ أَحَدُهَا، مَا رَوَى الزُّهْرِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْعَمَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا أَبٌ، وَالْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا أُمٌّ» . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
الثَّانِي، أَنَّهُ قَوْلُ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، فِي الصَّحِيحِ عَنْهُمْ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ. الثَّالِثُ، أَنَّ الْأَبَ أَقْوَى جِهَاتِ الْعَمَّةِ، وَالْأُمَّ أَقْوَى جِهَاتِ الْخَالَةِ، فَتَعَيَّنَ تَنْزِيلُهُمَا بِهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا، كَبِنْتِ الْأَخِ، وَبِنْتِ الْعَمِّ، فَإِنَّهُمَا يَنْزِلَانِ مَنْزِلَةَ أَبَوَيْهِمَا دُونَ أَخَوَيْهِمَا. وَلِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ لَهُمَا قَرَابَاتٌ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَوْرِيثُهُمَا بِجَمِيعِهِمَا، وَرِثَتَا بِأَقْوَاهُمَا، كَالْمَجُوسِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُوَرِّثْهُمْ بِجَمِيعِ قَرَابَاتِهِمْ، وَكَالْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، فَإِنَّا نُوَرِّثُهُ بِالتَّعْصِيبِ، وَهِيَ جِهَةُ أَبِيهِ، دُونَ قَرَابَةِ أُمِّهِ.
فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، فَإِنَّهُمْ وَرَّثُوهُمْ عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ، فَجَعَلُوا أَوْلَاهُمْ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الْمَيِّتِ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ وَلَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ وَلَدِ أَبَوَيْ أَبَوَيْهِ وَإِنْ سَفَلُوا كَذَلِكَ أَبَدًا، لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى، وَهُنَاكَ بَنُو أَبٍ أَقْرَبُ مِنْهُ، وَإِنْ نَزَلَتْ دَرَجَتُهُمْ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّهُ جَعَلَ أَبَا الْأُمِّ وَإِنْ عَلَا أَوْلَى مِنْ وَلَدِ الْبَنَاتِ، وَيُسَمَّى مَذْهَبُهُمْ مَذْهَبَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ. وَلَنَا، أَنَّهُمْ فَرْعٌ فِي الْمِيرَاثِ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَوَجَبَ إلْحَاقُهُمْ بِمَنْ هُمْ فَرْعٌ لَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ مِنْ الْإِنَاثِ لَا يُسْقِطُ وَلَدَ أَبِيهِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يُسْقِطَهُمْ وَلَدُهُ.
مَسَائِلُ: مِنْ ذَلِكَ؛ بِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ بِنْتِ ابْنٍ، الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتُ أَخٍ، فَالْبَاقِي لَهَا، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا خَالَةٌ، فَلِبِنْتِ الْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ، تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ، وَلِلْخَالَةِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأَخِ. فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْخَالَةِ عَمَّةٌ، حَجَبَتْ بِنْتَ الْأَخِ، وَأَخَذَتْ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّ الْعَمَّةَ كَالْأَبِ، فَتُسْقِطُ مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ، وَمَنْ نَزَّلَهَا عَمًّا جَعَلَ الْبَاقِيَ لِبِنْتِ الْأَخِ، وَأَسْقَطَ الْعَمَّةَ، وَمَنْ نَزَّلَهَا جَدًّا قَاسَمَ بِنْتَ الْأَخِ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَمَنْ نَزَّلَهَا جَدَّةً جَعَلَ لَهَا السُّدُسَ، وَلِبِنْتِ الْأَخِ الْبَاقِيَ.
وَفِي قَوْلِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ، أَنَّهُ لَا تَرِث بِنْتُ الْأَخِ مَعَ بِنْتِ الْبِنْتِ، وَلَا مَعَ بِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ شَيْئًا.
[فَصْلٌ انْفِرَاد أُحُد مِنْ ذَوِي الْأَرْحَام]
(4889)
فَصْلٌ: إذَا انْفَرَدَ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ، فِي قَوْلِ جَمِيعِ مَنْ وَرَّثَهُمْ. وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً، لَمْ يَخْلُ؛ إمَّا أَنْ يُدْلُوا بِشَخْصٍ وَاحِدٍ، أَوْ بِجَمَاعَةٍ، فَإِنْ أَدْلَوْا بِشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَكَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ. فَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَأَبِي الْأُمِّ، وَالْأَخْوَالِ، فَأَسْقِطْ الْأَخْوَالَ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ. فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ، فَالْمِيرَاثُ لِأَقْرَبِهِمْ، كَخَالَةٍ،
وَأُمِّ أَبِي أُمٍّ، أَوْ ابْنِ خَالٍ، فَالْمِيرَاثُ لِلْخَالَةِ؛ لِأَنَّهَا تَلْقَى الْأُمَّ بِأَوَّلِ دَرَجَةٍ
وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمُنَزِّلِينَ، إلَّا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَشَرِيكٍ، وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ، فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ خَاصَّةً، أَنَّهُمْ أَمَاتُوا الْأُمَّ، وَجَعَلُوا نَصِيبَهَا لِوَرَثَتِهَا. وَيُسَمَّى قَوْلُهُمْ قَوْلَ مَنْ أَمَاتَ السَّبَبَ. وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُ الْفَرْضِيِّينَ فِي جَمِيعِ ذَوِي الْأَرْحَامِ. فَعَلَى قَوْلِهِمْ، يَكُونُ لِلْخَالَةِ نِصْفُ مِيرَاثِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا أُخْتٌ، وَلِأُمِّ أَبِي الْأُمِّ السُّدُسُ؛ لِأَنَّهَا جَدَّةٌ، وَالْبَاقِي لِابْنِ الْخَالِ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ أَخٍ.
وَلَنَا، أَنَّ الْمِيرَاثَ مِنْ الْمَيِّتِ، لَا مِنْ سَبَبِهِ؛ وَلِذَلِكَ وَرَّثْنَا أُمَّ أُمِّ الْأُمِّ، دُونَ ابْنِ عَمِّ الْأُمِّ، بِغَيْرِ خِلَافٍ أَيْضًا فِي أَبِي أُمِّ أُمٍّ، وَابْنِ عَمِّ أَبِي أُمٍّ، أَنَّ الْمَالَ لِلْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ. وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ الْمَيِّتَةَ، كَانَ وَارِثُهَا ابْنَ عَمِّ أَبِيهَا، دُونَ أَبِي أُمِّهَا. خَالَةٌ وَأُمُّ أَبِي أُمٍّ وَعَمُّ أُمٍّ، الْمَالُ لِلْخَالَةِ، وَعِنْدَهُمْ لِلْخَالَةِ النِّصْفُ، وَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلْعَمِّ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَمُّ أُمٍّ، فَالْمَالُ بَيْنَ الْخَالَةِ وَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ عَلَى أَرْبَعَةٍ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَدَّةٌ، فَالْمَالُ بَيْنَ الْخَالَةِ وَعَمِّهَا نِصْفَيْنِ. ابْنُ خَالَةٍ وَابْنُ عَمِّ أُمٍّ، الْمَالُ لِابْنِ الْخَالَةِ. وَعِنْدَهُمْ لِابْنِ عَمِّ الْأُمِّ. فَأَمَّا إنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِجَمَاعَةٍ، جَعَلْت الْمَالَ لِلْمُدْلَى بِهِمْ، كَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ، فَقَسَّمْت الْمَالَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الْفَرِيضَةُ، فَمَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَهُوَ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ، إذَا لَمْ يَسْبِقْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَإِنْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكَانُوا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَالسَّابِقُ إلَى الْوَارِثِ أَوْلَى.
وَإِنْ كَانُوا مِنْ وِجْهَتَيْنِ، نَزَلَ الْبَعِيدُ حَتَّى يَلْحَقَ بِمَنْ أَدْلَى بِهِ، فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ، سَوَاءٌ سَقَطَ بِهِ الْقَرِيبُ أَوْ لَمْ يَسْقُطْ
هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه. وَنَقَلَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي خَالَةٍ وَبِنْتِ خَالَةٍ وَبِنْتِ ابْنِ عَمٍّ، لِلْخَالَةِ الثُّلُثُ، وَلِابْنَةِ ابْنِ الْعَمِّ الثُّلُثَانِ، وَلَا تُعْطَى بِنْتُ الْخَالَةِ شَيْئًا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ قَوْلًا حَسَنًا: إذَا كَانَتْ خَالَةٌ وَبِنْتُ ابْنِ الْعَمِّ، تُعْطَى الْخَالَةُ الثُّلُثَ، وَتُعْطَى بِنْتُ ابْنِ الْعَمِّ الثُّلُثَيْنِ. وَظَاهِرُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ
وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ: إنْ كَانَ الْبَعِيدُ إذَا نُزِّلَ أَسْقَطَ الْقَرِيبَ، فَالْقَرِيبُ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُسْقِطُهُ نُزِّلَ الْبَعِيدُ حَتَّى يَلْحَقَ بِالْوَارِثِ. وَقَالَ سَائِرُ الْمُنَزِّلِينَ: الْأَسْبَقُ إلَى الْوَارِثِ أَوْلَى بِكُلِّ حَالٍ. وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيمَا عَلِمْت فِي تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ، إذَا كَانَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، إلَّا نُعَيْمًا، وَمُحَمَّدَ بْنَ سَالِمٍ، فَإِنَّهُمَا قَالَا فِي عَمَّةٍ وَبِنْتِ عَمَّةٍ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ
وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ، عَدَّ الْجِهَاتِ، وَبَيَّنَهَا، إلَّا أَبَا الْخَطَّابِ، فَإِنَّهُ عَدَّهَا خَمْسَ جِهَاتٍ، الْأُبُوَّةَ، وَالْأُمُومَةَ، وَالْبُنُوَّةَ، وَالْأُخُوَّةَ، وَالْعُمُومَةَ. وَهَذَا يُفْضِي إلَى أَنَّ ابْنَةَ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ، أَوْ بِنْتَ الْعَمَّةِ مِنْ الْأُمِّ، مُسْقِطَةٌ لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْخِرَقِيِّ هَذَا فِي ثَلَاثِ بَنَاتِ عُمُومَةٍ مُفْتَرِقِينَ، أَنَّ الْمَالَ لِبِنْتِ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ
وَبَيَانُ إفْضَائِهِ إلَى ذَلِكَ، أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ مِنْ الْأُمِّ أَبُوهَا يُدْلِي بِالْأَبِ، وَبِنْتَ الْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ تُدْلِي بِأَبِيهَا، وَالْأَبُ