الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَيْسَ لَهُمَا فِي قُبُلِهِمَا مَخْرَجٌ، لَا ذَكَرٌ، وَلَا فَرْجٌ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَذَكَرُوا أَنَّهُ لَيْسَ فِي قُبُلِهِ إلَّا لُحْمَةٌ نَاتِئَةٌ كَالرَّبْوَةِ، يَرْشَحُ الْبَوْلُ مِنْهَا رَشْحًا عَلَى الدَّوَامِ، وَأَرْسَلَ إلَيْنَا يَسْأَلُنَا عَنْ حُكْمِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالتَّحَرُّزِ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ وَسِتُّمِائَةٍ. وَالثَّانِي، شَخْصٌ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَخْرَجٌ وَاحِدٌ فِيمَا بَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ، مِنْهُ يَتَغَوَّطُ، وَمِنْهُ يَبُولُ.
وَسَأَلْت مَنْ أَخْبَرَنِي عَنْهُ عَنْ زِيِّهِ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ إنَّمَا يَلْبَسُ لِبَاسَ النِّسَاءِ، وَيُخَالِطُهُنَّ، وَيَغْزِلُ مَعَهُنَّ، وَيَعُدُّ نَفْسَهُ امْرَأَةً. وَحُدِّثْت أَنَّ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْعَجَمِ شَخْصًا لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ أَصْلًا، لَا قُبُلٌ، وَلَا دُبُرٌ، وَإِنَّمَا يَتَقَايَأُ مَا يَأْكُلُهُ وَمَا يَشْرَبُهُ، فَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي مَعْنَى الْخُنْثَى، إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِمَبَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَامَةٌ أُخْرَى فَهُوَ مُشْكِلٌ، يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ حُكْمُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فِي مِيرَاثِهِ وَأَحْكَامِهِ كُلِّهَا. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ ابْنُ الْمُلَاعَنَة تَرِثُهُ أُمُّهُ وَعُصْبَتهَا]
(4915)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَابْنُ الْمُلَاعَنَةِ تَرِثُهُ أُمُّهُ وَعَصَبَتُهَا، فَإِنْ خَلَّفَ أُمًّا وَخَالًا فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْخَالِ) وَجُمْلَتُهُ، أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ، وَنَفَى وَلَدَهَا، وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا؛ انْتَفَى وَلَدُهَا عَنْهُ، وَانْقَطَعَ تَعْصِيبُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُلَاعِنِ، فَلَمْ يَرِثْهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ عَصَبَاتِهِ، وَتَرِثُ أُمُّهُ وَذَوُو الْفُرُوضِ مِنْهُ فُرُوضَهُمْ، وَيَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ خِلَافًا
وَأَمَّا إنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَرِثَهُ الْآخَرَانِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: إذَا أَكْمَلَ الزَّوْجُ لِعَانَهُ لَمْ يَتَوَارَثَا. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ لِعَانِهِ، فَإِنْ لَاعَنَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ تَرِثْ، وَلَمْ تُحَدَّ، وَإِنْ لَمْ تُلَاعِنْ، وَرِثَتْ، وَحُدَّتْ. وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ، وَرِثَهَا فِي قَوْلِ جَمِيعِهِمْ، إلَّا الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه. وَإِنْ تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا
فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَتَوَارَثَانِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَزُفَرَ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَدَاوُد؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي حُصُولِ الْفُرْقَةِ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، كَالرَّضَاعِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، يَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَصَاحِبَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَلَوْ حَصَلَ التَّفْرِيقُ بِاللِّعَانِ لَمْ يُحْتَجْ إلَى تَفْرِيقِهِ. وَإِنْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ، لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ التَّوَارُثُ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ: إنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَنْ تَلَاعَنَا ثَلَاثًا، وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ، وَانْقَطَعَ التَّوَارُثُ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُمَا مُعْظَمُ اللِّعَانِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ، لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ التَّوَارُثُ. وَلَنَا، أَنَّهُ تَفْرِيقٌ قَبْلَ تَمَامِ اللِّعَانِ، فَأَشْبَهَ التَّفْرِيقَ قَبْلَ الثَّلَاثِ. وَهَذَا الْخِلَافُ فِي تَوَارُثِ الزَّوْجَيْنِ. فَأَمَّا الْوَلَدُ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ الْمُلَاعِنِ إذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ.
لِأَنَّ انْتِفَاءَهُ
بِنَفْيِهِ، لَا بِقَوْلِ الْحَاكِمِ: فَرَّقْت بَيْنَكُمَا، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي اللِّعَانِ لَمْ يَنْتَفِ عَنْ الْمُلَاعِنِ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَنْتَفِي بِزَوَالِ الْفِرَاشِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَى الْوَلَدَ عَنْ الْمُلَاعِنِ، وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الرَّجُلُ فِي لِعَانِهِ. وَيُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ حَمْلًا فِي الْبَطْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَنْظِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَلَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ جَعْدًا، جَمَالِيًّا، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ» فَأَتَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ
إذَا ثَبَتَ هَذَا، عُدْنَا إلَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ، فَنَقُولُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِيرَاثِ الْوَلَدِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، أَنَّ عَصَبَتَهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ. نَقْلَهَا الْأَثْرَمُ، وَحَنْبَلٌ. يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، إلَّا أَنَّ عَلِيًّا يَجْعَلُ ذَا السَّهْمِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَحَقَّ مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ، وَقَدَّمَ الرَّدَّ عَلَى غَيْرِهِ
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، أَنَّ أُمَّهُ عَصَبَتُهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ، وَمُهَنَّا. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَمَكْحُولٍ، وَالشَّعْبِيِّ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «جَعَلَ مِيرَاثَ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ لِأُمِّهِ وَلِوَرَثَتِهَا مِنْ بَعْدِهَا» وَرَوَاهُ أَيْضًا مَكْحُولٌ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا. وَرَوَى وَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ؛ عَتِيقَهَا، وَلَقِيطَهَا، وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» . وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَقَالَ:«كَتَبْت إلَى صَدِيقٍ لِي مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ أَسْأَلُهُ عَنْ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ، لِمَنْ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَتَبَ إلَيَّ؛ إنِّي سَأَلْت فَأُخْبِرْت أَنَّهُ قَضَى بِهِ لِأُمِّهِ، هِيَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.» رَوَاهُنَّ أَبُو دَاوُد.
وَلِأَنَّهَا قَامَتْ مَقَامَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي انْتِسَابِهِ إلَيْهَا، فَقَامَتْ مَقَامَهُمَا فِي حِيَازَةِ مِيرَاثِهِ، وَلِأَنَّ عَصَبَاتِ الْأُمِّ أَدْلَوْا بِهَا، فَلَمْ يَرِثُوا مَعَهَا، كَأَقَارِبِ الْأَبِ مَعَهُ. وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُوَرِّثُ مِنْ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ، كَمَا يُوَرِّثُ مِنْ غَيْرِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ، وَلَا يَجْعَلُهَا عَصَبَةَ ابْنِهَا، وَلَا عَصَبَتَهَا عَصَبَتَهُ. فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلَاةً لَقَوْمٍ جَعَلَ الْبَاقِيَ مِنْ مِيرَاثِهَا لِمَوْلَاهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْلَاةً جَعَلَهُ