الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَخَالَفُوا نَصَّ الْكِتَابِ فِي فَرْضِ الْأُخْتِ، وَوَرَّثُوا الْجَدَّةَ الَّتِي لَا نَصَّ لِلْكِتَابِ فِي فَرْضِهَا، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ طُعْمَةٌ، وَلَيْسَ بِفَرْضٍ مُسْتَحَقٍّ. وَيَلْزَمُهُمْ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا خَلَّفَ أُمَّهُ، وَأُمَّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ، أَنْ لَا يُوَرِّثُوهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْجُدُودَةَ مَحْجُوبَةٌ، وَهِيَ أَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ. وَإِنْ قَالُوا: نُوَرِّثُهَا مَعَ الْأُمِّ بِكَوْنِهَا أُخْتًا
نَقَضُوا اعْتِبَارَهُمْ بِكَوْنِهَا أَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ، وَجَعَلُوا الْأُخُوَّة تَارَةً أَقْوَى، وَتَارَةً أَضْعَفَ. وَإِنْ قَالُوا: أَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ الْأُخُوَّةُ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهَا أَوْفَرُ. لَزِمَهُمْ فِي أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ جَعْلَ الْأُخُوَّةِ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الْأُمُومَةِ، وَيَلْزَمُهُمْ فِي إسْقَاطِ مِيرَاثِهَا مَعَ الِابْنِ وَالْأَخِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ مَا لَزِمَ الْقَائِلِينَ بِتَقْدِيمِ الْجُدُودَةِ مَعَ الْأُمِّ. فَإِنْ قَالُوا: تَوْرِيثُهَا بِالْقَرَابَتَيْنِ يُفْضِي إلَى حَجْبِ الْأُمِّ بِنَفْسِهَا، إذَا كَانَتْ أُخْتًا، وَلِلْمَيِّتِ أُخْتٌ أُخْرَى. قُلْنَا: وَمَا الْمَانِعُ مِنْ هَذَا؟ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَجَبَ الْأُمَّ بِالْأُخْتَيْنِ بِقَوْلِهِ {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11]
مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِغَيْرِهَا. ثُمَّ هُمْ قَدْ حَجَبُوهَا عَنْ مِيرَاثِ الْأُخْتِ بِنَفْسِهَا، فَقَدْ دَخَلُوا فِيمَا أَنْكَرُوهُ، بَلْ هُوَ أَعْظَمُ؛ لِأَنَّهُمْ فَرُّوا مِنْ حَجْبِ التَّنْقِيصِ إلَى حَجْبِ الْإِسْقَاطِ، وَأَسْقَطُوا الْفَرْضَ الَّذِي هُوَ أَوْفَرُ بِالْكُلِّيَّةِ مُحَافَظَةً عَلَى بَعْضِ الْفَرْضِ الْأَدْنَى وَخَالَفُوا مَدْلُولَ أَرْبَعَةِ نُصُوصٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُمْ أَعْطَوْا الْأُمَّ الثُّلُثَ، وَإِنَّمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا مَعَ الْأُخْتَيْنِ السُّدُسَ. وَالثَّانِي، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا فَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُخْتَيْنِ ثُلُثًا، فَأَعْطَوْا إحْدَاهُمَا النِّصْفَ كَامِلًا
وَالثَّالِثُ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ، وَهَاتَانِ أُخْتَانِ، فَلَمْ يَجْعَلُوا لَهُمَا الثُّلُثَيْنِ الرَّابِعُ، أَنَّ مُقْتَضَى الْآيَةِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُخْتَيْنِ الثُّلُثُ، وَهَذِهِ أُخْتٌ، فَلَمْ يُعْطُوهَا بِكَوْنِهَا أُخْتًا شَيْئًا. وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ اللَّبَّانِ.
[فَصْلٌ الْمَسَائِلُ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِيهَا قَرَابَتَانِ فِي الْمِيرَاث]
(4961)
فَصْلٌ: وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِيهَا قَرَابَتَانِ، يَصِحُّ الْإِرْثُ بِهِمَا سِتٌّ؛ إحْدَاهُنَّ فِي الذُّكُورِ، وَهِيَ عَمٌّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ، وَخَمْسٌ فِي الْإِنَاثِ، وَهِيَ بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ، أَوْ بِنْتُ ابْنٍ، وَأُمٌّ هِيَ أُخْتٌ، وَأُمُّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ، وَأُمُّ أَبٍ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ، فَمَنْ وَرَّثَهُمْ بِأَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ، وَرَّثَهُمْ بِالْبُنُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ، دُونَ الْأُخُوَّةِ، وَبُنُوَّةِ الِابْنِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَدَّةِ إذَا كَانَتْ أُخْتًا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْجُدُودَةُ أَقْوَى؛ لِأَنَّهَا جِهَةُ وِلَادَةٍ لَا تَسْقُطُ بِالْوَلَدِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْأُخُوَّةُ أَقْوَى؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مِيرَاثًا. قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ. وَمَنْ وَرَّثَ بِأَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ لَمْ يَحْجُبْ الْأُمَّ بِأُخُوَّةِ نَفْسِهَا، إلَّا مَا حَكَاهُ سَحْنُونٌ، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَجَبَهَا بِذَلِكَ. وَالصَّحِيحُ عَنْهُ الْأَوَّلُ. وَمَنْ وَرَّثَ بِالْقَرَابَتَيْنِ حَجَبَهَا بِذَلِكَ. وَمَتَى كَانَتْ الْبِنْتُ أُخْتًا،
وَالْمَيِّتُ رَجُلٌ، فَهِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ
وَإِنْ قِيلَ: أُمٌّ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ، أَوْ أُمُّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأُمٍّ، أَوْ أُمُّ أَبٍ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ. فَهُوَ مُحَالٌ. مَسَائِلُ مِنْ ذَلِكَ: مَجُوسِيٌّ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ، فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا، ثُمَّ مَاتَ عَنْهُمَا، فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ؛ لِأَنَّهُمَا ابْنَتَانِ، وَلَا تَرِثُ الْكُبْرَى بِالزَّوْجِيَّةِ شَيْئًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ، فَقَدْ تَرَكَتْ بِنْتًا، هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ، فَلَهَا النِّصْفُ بِالْبُنُوَّةِ، وَالْبَاقِي بِالْأُخُوَّةِ، وَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى قَبْلَ الْكُبْرَى، فَقَدْ تَرَكَتْ أُمًّا، هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ، فَلَهَا النِّصْفُ، وَالثُّلُثُ بِالْقَرَابَتَيْنِ، وَمَنْ وَرَّثَ بِأَقْوَى الْقَرَابَتَيْنِ لَمْ يُوَرِّثْهَا بِالْأُخُوَّةِ شَيْئًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ
وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يَحْتَمِلُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه تَوْرِيثَهَا بِالْقَرَابَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ تَوْرِيثَ الشَّخْصِ بِفَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ، لِتَوْرِيثِهِ ابْنَ الْعَمِّ إذَا كَانَ زَوْجًا، أَوْ أَخًا لِأُمٍّ، وَإِنَّمَا مُنِعَ الْإِرْثُ بِفَرْضَيْنِ. فَإِنْ كَانَ الْمَجُوسِيُّ أَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ وَمَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ، فَقَدْ تَرَكَتْ بِنْتَيْنِ، هُمَا أُخْتَانِ لِأَبٍ، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ الْكُبْرَى، بَلْ مَاتَتْ إحْدَى الصَّغِيرَتَيْنِ، فَقَدْ تَرَكَتْ أُخْتًا لِأَبَوَيْنِ، وَأُمًّا هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ؛ فَلِأُمِّهَا السُّدُسُ بِكَوْنِهَا أُمًّا، وَالسُّدُسُ بِكَوْنِهَا أُخْتًا لِأَبٍ، وَانْحَجَبَتْ بِنَفْسِهَا وَأُخْتِهَا عَنْ السُّدُسِ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ
وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، لَهَا الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ، وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْأُخُوَّةِ، وَلَا تَنْحَجِبُ بِهَا، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، فَقَدْ اسْتَوَى الْحُكْمُ فِي الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ طَرِيقُهُمَا. وَعَلَى مَا حَكَاهُ سَحْنُونٌ، لَهَا السُّدُسُ وَتَنْحَجِبُ بِنَفْسِهَا، وَأُخْتِهَا. وَإِنْ أَوْلَدَهَا الْمَجُوسِيُّ ابْنًا، وَبِنْتًا، ثُمَّ مَاتَ، وَمَاتَتْ الصُّغْرَى بَعْدَهُ، فَقَدْ خَلَّفَتْ أُمًّا هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ، وَأَخًا لِأُمٍّ وَأَبٍ، فَلِأُمِّهَا السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأُمِّ بِالْأُخُوَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَخَ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُهَا. وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ؛ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ كَامِلًا
وَإِنْ تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ أُمَّهُ، فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا، ثُمَّ مَاتَ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، وَلِابْنَتِهِ النِّصْفُ، وَلَا تَرِثُ أُمُّهُ بِالزَّوْجِيَّةِ شَيْئًا، وَلَا ابْنَتُهُ بِكَوْنِهَا أُخْتًا لِأُمٍّ شَيْئًا. وَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ، فَقَدْ خَلَّفَتْ بِنْتًا هِيَ بِنْتُ ابْنٍ، فَلَهَا الثُّلُثَانِ بِالْقَرَابَتَيْنِ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ؛ لَهَا النِّصْفُ. وَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى بَعْدَهُ، فَقَدْ تَرَكَتْ أُمًّا هِيَ أُمُّ أَبٍ، فَلَهَا الثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ لَا غَيْرُ، عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا. وَإِنْ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ، فَأَوْلَدَهَا ابْنَةً، ثُمَّ تَزَوَّجَ الصُّغْرَى، فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا، ثُمَّ مَاتَ، وَمَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ، فَقَدْ تَرَكَتْ أُخْتَيْهَا لِأَبِيهَا، إحْدَاهُمَا بِنْتُهَا وَبِنْتُ أَبِيهَا، وَالْأُخْرَى بِنْتُ بِنْتِهَا، فَلِبِنْتِهَا النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا
وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، لَبِنْتِهَا النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِلصُّغْرَى. وَإِنْ مَاتَتْ الْوُسْطَى بَعْدَهُ، فَقَدْ تَرَكَتْ أُخْتَيْهَا؛ إحْدَاهُمَا أُمُّهَا، وَالْأُخْرَى بِنْتُهَا؛ فَلِأُمِّهَا السُّدُسُ، وَلِبِنْتِهَا النِّصْفُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا. وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، الْبَاقِي لِلْعَصَبَةِ. وَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى بَعْدَهُ، فَقَدْ خَلَّفَتْ أُخْتَيْهَا؛