الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَأْسَهُ، وَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ، وَرَأَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ وَافَقَهُ أَوْلَى؛ لَمُوَافَقَتِهِ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا سُئِلَ عَنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى، قَالَ: إنَّا كُنَّا نَزْعُمُ أَنَّهُ لَنَا، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا. وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا. فِعْلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، فِي حَمْلِهِمَا عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ.
وَمَتَى اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ، وَكَانَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، كَانَ أَوْلَى. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافِقٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ رَوَى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَمْ يَقْسِمْ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَلَا بَنِي نَوْفَلٍ مِنْ الْخُمُسِ شَيْئًا، كَمَا كَانَ يَقْسِمُ لِبَنِي هَاشِمٍ وَلِبَنِي الْمُطَّلِبِ» وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَقْسِمُ الْخُمُسَ نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَمَا كَانَ يُعْطِيهِمْ، وَكَانَ عُمَرُ يُعْطِيهِمْ وَعُثْمَانُ مِنْ بَعْدِهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ " وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، أَنَّهُمَا حَمَلَا عَلَى سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ فَقِيلَ: إنَّهُ يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ الْكَلْبِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا.
وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ. فَإِنْ قَالُوا: فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِبَاقٍ، فَكَيْفَ يَبْقَى سَهْمُهُ؟ قُلْنَا: جِهَةُ صَرْفِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَصْلَحَةُ الْمُسْلِمِينَ، الْمَصَالِحُ بَاقِيَةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا يَحِلُّ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلَا مِثْلُ هَذِهِ، إلَّا الْخُمُسُ» ، وَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ " رَوَاهُ سَعِيدٌ.
[مَسْأَلَةٌ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْغَنِيمَة يُصْرَفُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ]
(5080)
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَسَهْمٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصْرَفُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَخْتَارُ أَنْ يَضَعَهُ الْإِمَامُ فِي كُلِّ أَمْرٍ خُصَّ بِهِ الْإِسْلَامُ وَأَهْلُهُ، مِنْ سَدِّ ثَغْرٍ، وَإِعْدَادِ كُرَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ، أَوْ إعْطَائِهِ أَهْلَ الْبَلَاءِ فِي الْإِسْلَامِ نَفْلًا عِنْدَ الْحَرْبِ وَغَيْرِ الْحَرْبِ. وَهَذَا نَحْوُ مَا قَالَ الْخِرَقِيِّ. وَهَذَا السَّهْمُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْغَنِيمَةِ، حَضَرَ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ، كَمَا أَنَّ سِهَامَ بَقِيَّةِ أَصْحَابِ الْخُمُسِ لَهُمْ، حَضَرُوا أَوْ لَمْ يَحْضُرُوا
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَلِيُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّمَا أَضَافَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، لِيُعْلَمَ أَنَّ جِهَتَهُ جِهَةُ الْمَصْلَحَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُخْتَصٍّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَسْقُطُ بِمَوْتِهِ.